ثورة النفس

أرسل إلينا صديقنا الشاعر الجليل عبد الرحمن أفندي شكري قصيدة بهذا العنوان من القافية المزدوجة قال فيها:

هياج كما هاجت قطاة تعلقت
بأحبولة الصياد إذ ليس مهرب
أما في سكون الليل يا نفس واعظٌ
أما في سكون الروض ملهى ومطرب

فأجبناه بهذه القصيدة:

أخا ثقتي كم ثارت النفس ثورة
تكلفني ما لا أطيق من المض
وهل أنا إلا رب صدر إذا غلا
شعرت بمثل السهم من شدة النبض

•••

لبست رداء الدهر عشرين حجةً
وثنتين يا شوقي إلى خلع ذا البرد
عزوفًا عن الدنيا ومن لم يجد بها
مرادًا لآمال تعلل بالزهد

•••

تراغمني الأحداث حتى كأنني
وجدت على كره من الحدثان
فلا هي تصمي القلب منها إذا رمت
ولا ترعوي يومًا عن الشنآن
أبيت كأن القلب كهفٌ مهدمٌ
برأس منيف فيه للريح ملعب
أوَ انِّيَ في بحر الحوادث صخرةٌ
تناطحها الأمواجُ وهي تقلب

•••

أدور بعين حيَّر العيشُ لحظها
وأرجعها محمرَّة كالشقائق
كأنَّ فؤادي بين سجوٍ وترحةٍ
أديمٌ تفرِّيه أكفُّ الحوالق

•••

أكنُّ غليلي في فؤادي ولا أرى
سبيلًا إلى إطفاء حرِّ جوى الصدر
أعالج نفسًا أكبرُ الظن أنها
ستذهب أنفاسًا حرارًا على الدهر

•••

إذا اغتمضت عيناي فالقلب ساهرٌ
يظلَّ طويلَ الليل يرعى ويرصد
وما إن تنام العين لكنْ إخالها
تدير بقلبي نظرةً حين أرقد

•••

وهل نافعي أن الرياض حليَّة
منوَّرة النوار هادلةُ الطير
وما فرَحي أن الرياحَ رواقدٌ
إذا كنت سهران الفؤاد مدى الدهر

•••

نسيمٌ يردُّ النفس حينًا لناشق
وأيُّ أوام بعده وأوارِ
تطول ظلالُ النبت والشمسُ طفلةٌ
فإن هي جدَّت صرن جِد قصار

•••

سأقضي حياتي ثائرَ النفس هائجًا
ومن أين لي عن ذاك معدى ومذهبُ
على قدر إحساس الرجال شقاؤهم
وللسعد جوٌّ بالبلادة مشرب

•••

خليليَّ مهلًا بارك الله فيكما
فما في سكون الليل مسلاةُ واجد
إذا ثار ما بين الحجابين والحشا
فكلُّ سكون يستثير رواقدي

•••

وإن سكنت نفسي فليس بضائري
رياحٌ تجر الذيلَ حولي وتعصف
فليس يضير الحوتَ في البحر أنه
يهيج وأن الموج يطغى ويعنف

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤