محمد وعزوز أو الموسيان

عباس إن ابنيَ لي مفزعٌ
من وحشة العيش ومن نكرهِ
يؤنسني في وحشتي هذرُه
فلا عدمت الأنس من هذره
ووثبه بين ألاعيبه
وكلها أكبر من قدره
وضربه هذا وتقبيل ذا
وكلهم ساعٍ إلى بره
وصده طورًا وإقباله
وليس ما يدعو إلى غدره
يركب ظهري غير مستغفر
حُب به طفلًا على كبره!
مستهترٌ لا يتقي قالةً
ولا يبالي الناس من فجره
لكنه فاعلم فتًى طيِّع
يبرُّني حقِّيَ من شكره
يلثم كفي كل يوم ولا
يضنُّ بالقبلة من ثغره
أبلغ إلى عزوز أطرابه
وشكره المدفونَ في صدره
وقل له إن فتى مازن
يدعوك عزُّوزُ إلى مصره
أيهما بالله يا صاحبي
أجمل إذ يخطو إلى عثره
ومن ترى يا صاحبي منهما
بالسامري أشبه في أمره
رباه جبريل على دينه
وشب مطويًّا على غيره
ولم يفده طول تسبيحه
في سره طورًا وفي جهره
ولم يغير ذاك من نجره
ولا أحال الفرع عن جذره
لما غدا موسى إلى ربه
أضل إسرائيل من فوره
وجاءهم بالعجل مستحقرًا
أحلامهم يضحك في سره
ومن ترى موسى الكليم الذي
رباه فرعون على كفره
رباه فرعون فما راعه
إلا نبي في فتى بره
يدعو إلى الله ورضوانه
ويرعد الجبار في قصره؟

•••

لا مال أخشى منه إتلافه
عباس في المقبل من عمره
ولا أباليه إذا ما غدا
يزهد في العيش وفي وفره
يعدو على الناس بسوآته
ولا يصيب الناس من خيره
ولست أخشى أن أراه فتى
قد وسع العالم من شره
لكنما أشفق يا صاحبي
من أن يجيش الشعر في صدره
من يشتري شعري على حبه
براحة الغافل عن دهره
من يشتري تغريدتي موهنًا
بغطة الذاهل عن فجره
من يشتري دمعًا يُحس الفتى
جولته لا الفيض من قطره
من يشتري نفسًا وآلامها
بثقلة المأفوك في فكره
من يشتري هذا سوى مائق
يسعى برجليه إلى ضره؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤