انتصار

زفرةٌ عميقة يُطلِقها، يخفِّف بها ملله، يكره هذا الإحساس الرطب، يستغيث بأربعِه، وبخطواتٍ مُتثاقلة يتحامل عليها، تتلمَّس أطرافه الأولى حرارة الحُبيبات الناعمة، فتبعث في نفسه بعض الدفء.

يُداعب الوجه السخي، فيرسم خطوطًا منحيَّة وأخرى مُتكسرة، يمنح أطرافه حدودًا لا مُتناهية، يغوي بها هذا القرص المُتلألئ في سماه، المزهوَّ بحرارته، يُطارده بنظراتٍ مُضطربة، حتى تُفاجئه موجةٌ تُزيحه خطوات، فتخفِّف من حرارة عجيزته.

على بعد ذراعَين، يتداعبان، يرشَّان المياه من مسدس بلاستيكي، فتتناثر ضحكاتهما مع حبَّاته، وبقدر صفائها. يدٌ تمتدُّ للخصر الذي امتلأ بعض الشيء، فيما تُلامس أطراف اليد الأخرى نَبْتتهما الصغرى.

على بعد موجتين، يلمحها بجسدٍ مُنتفخ، تُغْريه التواءاتها، زَهوُها السخي بألوانها، يجذبه صمودها المُنفرد، يتمطَّى مرة ومرتين، فيُخزيه ضعفه. يتنهَّد بضِيق وبرجاء، يستعطف تلك الموجة الماردة، تقرِّبه خطوة، فتُداعبه الألوان وحلم التهادي. يُطلِق النفَس عميقًا، ويشدُّ العزم، فيخبط الوجه المُتلألئ من تحت أقدامه، ويُزيح بعصبية أطرافًا تحاول منع مروره.

على وَقْع الضحكات يُداعبها. يهمس في أذنَيها: هل تتذكَّرين المرة الأولى؟ تُجيبه بنظرةٍ خَجْلى؛ تلك النظرة التي طالما سحرته وشاكسته. تتلامس الأطراف تلك المرة فتتدافع ضربات قلبها، فلا يزال يحتفظ بحقه الأزلي في دغدغة مشاعرها.

تسقط بفعل موجة غادرة فيضجَّان بالضحك، ترتسم على وجهها ملامح الغضب حينما تخطو أخرى أمامهما بملابسها التي تكشف مفاتنها، فتُقارنها بردائها الذي صار فضفاضًا ليُخفي خصرها الذي أثقل مُحيطه بضعة أرطال.

تلمح نظرةً جانبية للساق الممشوقة الخالية من الزغب، كإحدى موديلات الإعلانات، يحتدم صراعها الداخلي، فتعقد النية على مُشادَّةٍ حادَّة.

«ماما! بابا!» يلمحانه بنصف جسد، يرفعه الموج، فيحجبه عنهما، يظهر ظل كف مرفوعة كاستغاثة. وبنظرةٍ مذعورة، يبدآن العَدْو، حتى إذا ما هدأت الموجة ظهر هو بقدمين متشبِّثتين داخل عوَّامة، وعلى وجهه علامات الزَّهو والظَّفر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤