الحقيقة!

ما إن هبط الليل حتى تسلَّل «عثمان» و«أحمد» باتجاه الحديقة الواسعة خلف المنزل الريفي ﻟ «أوزال» وقد ظهر على البعد قصره الكبير.

اقترب «عثمان» هامسًا: إنني هنا يا «أحمد».

أحمد: هل شاهدك أحد؟

عثمان: لا … إن الجميع مشغولون بضيف كبير سيصل الليلة.

أكمل باسمًا: لقد سارت الخطة في طريقها المرسوم جيدًا وصرنا من رجال «أوزال».

قال «أحمد» في قلق: هناك شيء يقلقني في هذه المسألة.

عثمان: وما هو؟

أحمد: لا أدري … ولكن من الضروري أن نُنهيَ وجودَنا هنا بأسرع ما يمكن.

عثمان: هذا هو رأيي أيضًا … فمن العجيب أن «أوزال» لم يسألني حتى كيف أمكنني دخول الكازينو والحصول على المليون دولار … ولو كان قد طلبها مني لكان من المستحيل إعادتها … فقد أرسلتُها إلى رقم «صفر» لتحويلها إلى لبنان للتبرع لبعض ضحايا الحرب هناك.

أحمد: هذا حسن، لقد قمت بمراقبة «أوزال» طوال اليوم، واكتشفتُ أنه يحتفظ بقبوٍ سري داخل قصره، ولا شك أن هذا القبو يحتوي على خزانة خاصة يحتفظ فيها «أوزال» بأرقام حساباته السرية في سويسرا وكذلك أسماء رجاله وكبار المتعاونين معه.

عثمان: وكيف يمكننا التسلل إلى هذا المكان؟

أحمد: إنه محاطٌ بدوائر كهربية تكشف أية محاولة للتسلل، وعلينا أولًا أن نُبِطل عمل هذه الدوائر.

عثمان: إن هذا معناه قطع الكهرباء عن المكان كله.

أحمد: هناك محطة كهرباء صغيرة تمدُّ القصر بالكهرباء من خارجه.

عثمان: حسنًا … سأقوم أنا بذلك وموعدنا منتصف الليل تمامًا في مدخل هذا القبو … وانصرف الشيطانان في خفَّة وابتلعهما الظلام.

ولكن … من الخلف كانت هناك عينٌ تراقبهما … وقد سجَّلت لقاءهما …

وما إن استمع «أوزال» لتقرير رجاله حتى اكتسى وجهُه بغضب شديد وقال: لقد كنتُ مغفلًا في الوثوق بهذين الشيطانَين، إن معرفتهما لبعضهما وهذا اللقاء السري يدل على أن وجودهما هنا لم يكن مصادفة، وأنهما ينتميان لجهاز عالي القدرة والكفاءة خطَّط لهما لكي يلتحقَا بالعمل هنا.

– هذا صحيح تمامًا يا سيدي.

التفت «أوزال» إلى مساعده قائلًا: ترى ماذا تعتقد ما الذي يسعيان إليه هنا؟

المساعد: ربما من أجل الحصول على أسماء الرجال والسياسيِّين المتعاونين معنا.

ضاقَت عينا «أوزال» وأكمل ببطء: وربما أيضًا من أجل حساباتي السرية في بنوك سويسرا، يا لهما من ماكرَين لقد جاءَا إلى حَتْفِهما بأرجلهما!

وفي نفس اللحظة دخل أحد المساعدين قائلًا: إن السيد «روبرت إكس» في انتظارك يا سيدي …

لمعَت عينَا «أوزال» وقال: الآن سنحصل على المعلومات المؤكدة.

واندفع إلى خارج الحجرة … وفي صالة الاستقبال كان السيد «روبرت» بانتظاره وفي يده ملف صغير، وهتف به «أوزال»: هل حصلت على المعلومات التي طلبتُها منك؟

– تمامًا يا سيدي … لقد جندنا كلَّ رجالنا لهذا الغرض، إن كل المعلومات المطلوبة بداخل هذا الملف.

أسرع «أوزال» يفتح الملف … وما إن ألقى نظرة بداخله حتى هتف في وحشية: ماذا … هل هم أيضًا مَن قامَا بافتعال المشاجرة مع بحَّارة «النجم المشتعل» في ميناء «نيويورك»؟

روبرت: تمامًا يا سيدي … يبدو أنها كانت حيلة لكي يحلُّوا مكانَ بعض البحارة على السفينة … فقد تعرَّف أكثر من شخص في الحانة على الصورتين … وقالوا بأن هذين الشخصين يُقاتلان مثل الشياطين.

جز «أوزال» على أسنانه قائلًا: ولقد قامَا بعملٍ لا يقوم به غير الشياطين بالفعل، فنسفَا السفينة المحمَّلة بعشرات الملايين من السلاح وتسبَّبا في خسارة فادحة لي … ولكنني لا أعرف كيف أمكنهما مغادرة السفينة قبل نسفها؟!

روبرت: إن تقاريرنا تُفيد أنه قد شُوهدت طائرة مجهولة متجهة إليهما قد هرعت إلى مكان الحادث قبل أية دولة أخرى … ولعلها هي التي انتشلَتهما من قلب الماء.

ارتسمَت ابتسامة ساخرة قاسية على شفتَي «أوزال» وقال: إنهما لم يكتفيَا بما فعلَا، والخسارة التي تسبَّبَا فيها لي … ولكنهما وبجرأة لا مثيلَ لها استطاعَا أن يقومَا بعمل مُدهش جعلني أثق فيهما، للدرجة التي جعلتُهما يعملان ضمن حرسي الخاص!

تقلَّصت أصابع المساعد نحو مسدسه قائلًا: هل أقتلهما؟

أوزال: لا، بل أريدهما أحياء … يهمني في المقام الأول أن أعرف مَن الذي أرسلهما خلفي؟ وأية جهة هي التي خططت هذا التخطيط البارع للوصول إليَّ؟

التمعَت عيناه بنظرة ساخرة وهو يقول: دعوهما يتحركان في حرية إلى أن يسقطَا بداخل شرَك الثعلب … وعندها …

ثم صمت «أوزال» … وقد التمع غضبٌ جنوني في عينيه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤