الفصل الثاني

المشهد الأول

(ساحة خارج منزل ليوناتو، وتفصلها مسافة محدودة عن مكان حفل «العشاء العظيم»، وعن بقية الصحبة الذين يدخلون للرقص والقصف في السطر ٧٥. يدخل أولًا ليوناتو، وأخوه أنطونيو، وهيرو ابنته، وبياتريس بنت أخيه، والمعتاد أن يكون ذلك في المساء.)١
ليوناتو : ألم يحضر الكونت جون حفل العشاء هنا؟
أنطونيو : لم أره.
بياتريس :
ما أشد المرارة التي تلوح في وجه ذلك الرجل! ما شاهدته مرة إلا
وأحسست بحموضة في المعدة بعد ساعة!
هيرو : طبعه الاكتئاب الشديد. (٥)
بياتريس :
لو خلق الله رجلًا وسطًا بينه وبين بينديك لكان ممتازًا! فأحدهما
يشبه التمثال الذي لا ينطق، والآخر مثل الابن الأكبر الذي لا
يكف عن الثرثرة!
ليوناتو :
فإذا وضعنا نصف لسان السنيور بينديك في فم الكونت جون، (١٠)
ونصف اكتئاب الكونت جون في وجه السنيور بينديك …
بياتريس :
وكانت لمثل هذا الوجه ساق مستقيمة، وقدم بارعة الحركة، ونقود
كافية في جيبه، فلن تستعصي عليه امرأة في الدنيا؛ إن استطاع
الفوز برضاها! (١٥)
ليوناتو :
أقسم يا بنت أخي، لن تنجحي في العثور على زوج أبدًا ما لم
تمسكي لسانك السليط!
أنطونيو : الحق إنها جد مشاكسة.
بياتريس :
جد مشاكسة٢ تعني أكثر من مشاكسة، ولن ينالني أي ضرر من هذه
المنحة الربانية! فإنه قد قيل «إن الله يمنح البقرة المشاكسة قرنين (٢٠)
قصيرين»، ولكن الله لا يمنحها قرونًا٣ إن كانت جِدَّ مشاكسة!
ليوناتو : وما دمت جد مشاكسة فلن يمنحك الله قرونًا!٤
بياتريس :
تمامًا! إن لم يرسل لي زوجًا! وأنا أحمده على هذه النعمة راكعة
صبحًا ومساءً. يا ربي! كيف أطيق زوجًا له لحية؟٥ بل أوثر خشونة (٢٥)
البطاطين الصوف!
ليوناتو : ربما تجدين زوجًا بلا لحية.
بياتريس :
وماذا أفعل به؟ أُلْبِسَهُ فساتيني٦ وأجعله وصيفتي الراقية؟ إن من له
لحية أكثر من شاب، ومن لا لحية له أقل من رجل. أما من هو أكثر (٣٠)
من شاب فليس لي، وأما من هو أقل من رجل٧ فلست له. ومن ثم
فسوف أتقاضى أجري مقدمًا من «القُرَدَاتِي» وأمتثل لعقاب العوانس
بقيادة القردة إلى الجحيم! (٣٥)
ليوناتو : وإذن تدخلين النار؟٨
بياتريس :
لا … بل أصل إلى الباب فقط حيث أقابل الشيطان في صورة
ديوث عجوز في رأسه قرنان، ويقول لي «ادخلي الجنة
يا بياتريس، فلا مكان في النار للعذارى!»٩ وهكذا أقوم بتسليمه (٤٠)
قرودي وأتجه إلى القديس بطرس،١٠ الذي يحمل مفتاح الجنة أمام
بابها! وسوف يدخلني مشيرًا إلى مكان إقامة كل من لم يتزوج،
وهناك نمرح ما شاء الله لنا أن نمرح!
أنطونيو (إلى هيرو) : أما أنتِ يا بنت أخي فأرجو ألا تعصي والدكِ! (٤٥)
بياتريس :
نعم وأقسم! واجب ابنة عمي أن تنحني إجلالًا وتقول «افعل ما
شئتَ يا أبي». ولكن اسمعي يا بنت عمي، فليكن العريس وسيمًا!
وإلا كان عليك أن تنحني من جديدٍ قائلةً «سأفعل يا أبي ما أشاء
أنا!»١١
ليوناتو : أرجو يا بنت أخي أن أراك يومًا ما وقد رُزِقت بزوج. (٥٠)
بياتريس :
لن يحدث ذلك حتى يخلق الله الرجال من معدن غير التراب.
أفلا يحزن المرأة أن تسودها١٢ قطعة من تراب الأرض؟١٣ وأن تقدم
حسابًا عن حياتها إلى مُضْغَةٍ من حَمَأٍ مسنون؟١٤ لا يا عمي لن
أتزوج! إن أبناء آدم إخوةٌ لي، وأعتقد حقًّا أن زواج المحارم (٥٥)
خطيئة!
ليوناتو :
هيرو يا ابنتي! تذكري ما قلته لك؛ إذا فاتحك الأمير في هذا
الموضوع١٥ فأنتِ تعرفين الجواب. (٦٠)
بياتريس :
سيكون الذنب ذنب الموسيقى يا بنت عمي، إذا لم يخطبك في
اللحظة المناسبة.١٦ فإذا كان الأمير شديد الإلحاح، قولي له إن
الاعتدال لازم في كل شيء، وأجيبيه برقصة وحسب! كما أريدك
أن تفهمي يا هيرو أن مراحل الخطبة والزواج والندم تشبه ثلاث
رقصات مختلفة: هي الرقصة الدوارة الاسكتلندية، والرقصة (٦٥)
المعتدلة العاقلة، والرقصة الخماسية.١٧ أما الخطبة فهي حارة متعجلة،
كالرقصة الاسكتلندية، ودوَّارة مثلها تدير الرءوس بالأوهام!١٨ وأما
الزواج فهو رقصة معتدلة مهذبة حافلة بالفخامة ومراعاة التقاليد،
وبعدها يأتي الندم،١٩ حين تتخاذل السيقان ولا تقدر إلا على الرقصة (٧٠)
الخماسية التي تزداد سرعتها حتى السقوط في القبر!
ليوناتو : إن نظرتك بالغة السخرية يا بنت أخي.
بياتريس :
عيني قادرة على البصر يا عمي! من ذا الذي لا يبصر كنيسة في
ضوء النهار؟٢٠
ليوناتو (إلى أنطونيو) : الضيوف قادمون يا أخي! أفسح الطريق! (٧٥)

(ينتحي أنطونيو جانبًا ويضع قناعًا على وجهه.)

(يدخل دون بيدرو، وكلوديو، وبينديك، وبالتازار مرتديًا قناعًا وممسكًا بطبلة، ومارجريت وأورسولا، ودون جون، وبوراكيو، وغيرهم، وكلهم مُقَنَّعُوُن، وتُعزَف الموسيقى ويبدأ الرقص.)٢١
دون بيدرو (إلى هيرو) : هل تسمحين يا آنستي برقصة مع صديق؟٢٢
هيرو :
بشرط أن تبطئ في خطوك، وتتلطف في نظرك، وتلتزم الصمت.
وأوافق أن أخطو معك، وخصوصًا حين أخطو مبتعدة!٢٣
دون بيدرو : وأنا في صحبتك؟ (٨٠)
هيرو : قد أقول ذلك إذا أحببت.
دون بيدرو : ومتى تحبين أن تقولي ذلك؟
هيرو :
عندما أحب وجهك، لا قدَّر الله أن يكون شكل العود مثل غطاء
صندوقه!٢٤
دون بيدرو : بلْ قِنَاعِي سَقْفُ كُوخٍ حَلَّ جُوفُ فيه ضَيْفًا!٢٥ (٨٥)
هيرو : ذا قِنَاعٌ إذنْ مِنَ القَشِّ حَقًّا!
دون بيدرو : أَخْفِضِيِ الصَّوْتَ عِنْدَ ذِكْرِ الغَرَامِ!٢٦

(ينتحيان جانبًا. ويتقدم بالتازار ومارجريت راقصين.)

بالتازار : ليتك كنت تميلين إليَّ!
مارجريت : بل ليتني لا أميل إليكَ، وهذا في صالحك، بسبب عيوبي الكثيرة. (٩٠)
بالتازار : وما أولها؟
مارجريت : إني أجهر بصلاتي.٢٧
بالتازار : هذا يزيدني حُبًّا لك، فقد يقول السامعون آمين! (٩٥)
مارجريت : يا رب! هَبْنِي راقصًا بارعًا!
بالتازار : آمين!
مارجريت : وليغرب عن وجهي يا رب حين ينتهي الرقص! قل آمين!
بالتازار : لن أقول شيئًا! فهمت الرسالة. (١٠٠)

(ينتحيان جانبًا. ويتقدم أنطونيو وأورسولا راقصين.)

أورسولا : أعرفك خير المعرفة … أنت السنيور أنطونيو.
أنطونيو : باختصار: لا!
أورسولا : عرفتك من هزة رأسك.٢٨
أنطونيو : الحق أنني أقلده! (١٠٥)
أورسولا :
لا يمكن أن تنجح في تقليد عيوبه بهذه البراعة إلا لو كنت الشخص
نفسه. وهذه راحة يده الجافة تمامًا، أنت هو بلا شك.
أنطونيو : قلت بإيجاز لا!
أورسولا :
«اطلع من دول!»٢٩ هل تظن أنني لا أعرفك من ذكائك البارع؟ هل (١١٠)
تستطيع الفضيلة أن تتخفَّى؟ لا تقل كلمة أخرى! إنك هو!
فالصفات الحميدة لا بد أن تظهر، وهذا كل ما هناك.

(ينتحيان جانبًا، ويتقدم بينديك وبياتريس راقصين.)

بياتريس : ألن تقول لي من قال لك ذلك؟
بينديك : لا … واصفحي عني!
بياتريس : ولن تقول لي من أنت؟ (١١٥)
بينديك : فيما بعد!
بياتريس :
قيل إني متعجرفة وإن لماحيتي البارعة مأخوذة من كتاب النوادر
المائة!٣٠ نعم! والسنيور بينديك هو الذي قال هذا!
بينديك : ومن هو؟ (١٢٠)
بياتريس : تعرفه ولا شك خير المعرفة.
بينديك : بل لا أعرفه … صدقيني!
بياتريس : ألم يجعلك تضحك قط؟
بينديك : أرجوكِ قولي مَن يكون.
بياتريس :
عجبًا! إنه مضحك الأمير، مهرج شديد البلادة!٣١ موهبته الوحيدة (١٢٥)
ابتكار وشايات لا تُصَدَّق! ولا يجده مُسَلِّيًا غير المُنْحَلِّين، ولا يُزَكِّيه
ذكاؤه بل خبثه؛ إذ إنه يرضي الرجال ويُغضِبهم، وهكذا يضحكون
منه ويضربونه، وأنا واثقة أنه هنا بين الحاضرين، وأتمنى أن
يواجهني! (١٣٠)
بينديك : سأبلغه ما تقولين حين أعرفه.
بياتريس :
ليتك تفعل! لن يزيد على كسر رمح أو رمحين من رماح فكاهاته٣٢
عني، إذ ربما لن يلتفت إليها أحد، أو لن يضحك منها أحد،
فيصاب بالاكتئاب، ويوفر لنا جناح طائر مشوي،٣٣ لأن المغفل لن (١٣٥)
يتناول العشاء الليلة! علينا أن نتابع قادة هذه الرقصة في الحركة!
بينديك : في كل حركة جميلة.
بياتريس : وإن ساءت الحركة تركنا الصف عند أول دورة. (١٤٠)

(يخرج الراقصون جميعًا، ولا يبقى على المسرح إلا دون جون وبوراكيو وكلوديو.)

دون جون :
لا شك أن أخي يحب هيرو،٣٤ وقد اختلى بوالدها حتى يفاتحه في
الموضوع … لقد مضت النساء خلفها ولم يبق سوى شخص واحد
يرتدي قناعًا.
بوراكيو (جانبًا إلى دون جون) : وهو كلوديو، وأعرفه من أسلوب حركته. (١٤٥)
دون جون (إلى كلوديو) : ألست السنيور بينديك؟
كلوديو : تعرفني خير المعرفة. فأنا هو.٣٥
دون جون :
يا سنيور! إنك صديق حميم لأخي، وهو يهيم غرامًا بالآنسة
هيرو! أرجوك أن تثنيه عن حبها، فليست تساويه في كرم المحتد،٣٦ (١٥٠)
ولك أن تؤدي بذلك خدمة المخلص الأمين.
كلوديو : وكيف عرفت أنه يحبها؟
دون جون : سمعته يقسم على هواه.
بوراكيو : وأنا كذلك، كما حلف أن يتزوجها الليلة. (١٥٥)
دون جون : هيا بنا نتناول المرطبات والفاكهة.٣٧

(يخرج الجميع ما عدا كلوديو.)

كلوديو :
وهكذا أجبتُ باسمِ بينديكْ،
لكنْ سَمِعْتُ أسوأَ الأَنْبَاءِ في أُذُنَيْ كُلُودْيُو،
لا شكَّ في هذا إذنْ! فإنَّما الأميرُ يَخْطُبُهَا لِنَفْسِهِ!
قد يُخْلِصُ الصَّديقُ في كُلِّ الأمورِ غيرَ خِدْمَةِ المُحِّبِّ (١٦٠)
أو أدَاء ما يرجوهُ في سَبيلِ حُبِّهِ!٣٨
وهكذا لا ينبغي للقلبِ أن يَبُثَّ حُبَّهُ على لِسَانِ غَيْرِهِ
ولتَعتَمِد عُيُونُنَا على ذَوَاتِها في الفَوْزِ بالذي تُحِبُّهُ
دُوُنَ الوُثُوُقِ في وَكِيِلْ! إنَّ الجَمَالَ مثلُ السَّحَرَةْ!٣٩
إذْ إنه يُحَوِّل الإخلاصَ شَهْوَةً بِفِعْلِ تَعْوِيذَاتِهِ السِّحْرِيَّةْ (١٦٥)
وذاكَ ما نَرَى في كُلِّ سَاعَةٍ أَدِلَّةً عَلَيْهِ
لكنِّنِي لَمْ أَسْتَرِبْ في الأَمْرِ! هذا هو الوَدَاعُ يا هِيِرُو إِذَنْ!

(يدخل بينديك.)

بينديك : الكونت كلوديو؟
كلوديو : نعم … هذا أنا!٤٠
بينديك : هيا بنا … ألن تأتي معي؟ (١٧٠)
كلوديو : إلى أين؟
بينديك :
إلى أقرب شجرة صفصاف، بخصوص أحوالك يا كونت. ما
الصورة التي تريدها لإكليل زَهْرِهِ؟ هل تضعه حول عنقك مثل
سلسلة المرابي الذهبية؟ أم على صدرك في شكل شريط يمتد من
الكتف إلى ما تحت ذراعك مثل وشاح الضابط؟ لا بد أن تلبس هذا (١٧٥)
الإكليل بأي أسلوب ما دام الأمير قد ظفر بحبيبتك هيرو.
كلوديو : فَلْيَهْنَأْ بها!
بينديك :
عجبًا! إنك تتكلم بلهجة بائع الماشية الأمين بعد أن يبيع بعض
عجوله! ولكن هل كنت تظن أن الأمير يفعل هذا بك؟ (١٨٠)
كلوديو : اتركني أرجوك!
بينديك :
لا لا! لا تهاجمني مثل الأعمى! إن الغلام هو الذي سرق
طعامك، ولكنك تضرب الذي يبلغك النبأ!
كلوديو : ما دمت لن تسكت فسأرحل.

(يخرج كلوديو.)

بينديك :
وا أسفا على الطائر الجريح المسكين! لسوف يمضي زاحفًا ليختفي (١٨٥)
في دغلة قريبة! ولكني أعجب للآنسة بياتريس كيف تعرفني ولا
تعرفني حقًّا! مهرج الأمير؟ ها! لربما أُطْلِقَ عَليَّ ذلك اللقب بسبب
مرحي. نعم، لكنني بذلك أظلم نفسي فلم أشتهر حقًّا بهذه
الصفة، ولكنها من ابتكار بياتريس ذات الطبع المنحط وإن كان لاذعًا (١٩٠)
مريرًا، فهي تتصور أن ذاتها وحدها تمثِّل العالم وتتكلم من ثَمَّ
بلسانه، لكنني سوف أثأر منها بصورة ما!

(يدخل دون بيدرو، وهيرو، وليوناتو.)

دون بيدرو : والآن يا سنيور! أين الكونت؟ هل رأيته؟
بينديك :
الحق يا مولاي أنني لعبت دور شائعة هانم!٤١ فقد وجدته هنا وحده (١٩٥)
في كآبة الكوخ الصغير في أراضي الصيد! وأخبرته، وأظنني كنت
على حق، أن معاليك ظَفَرْتَ برضا هذه الشابة، وعَرَضْتُ عليه أن
يصحبني إلى شجرة صفصاف، إما لأصنع له إكليلًا من زهرها
بعد أن هجرته حبيبته، وإما لإعداد عصا منها بعد أن استحق أن (٢٠٠)
يُجْلَدَ!
دون بيدرو : أن يُجلَدَ؟ بأيِّ ذنب؟
بينديك :
خطأ صريح وقع فيه تلميذ، إذ غلبه الفرح بالعثور على عُشِّ أحد
الطيور فأخبر به صاحبه، فإذا بالصاحب يسرق العُشَّ! (٢٠٥)
دون بيدرو : وهل تعتبر الثقة خطأ؟ الخطأُ خطأُ السارق.
بينديك :
ولكننا أصبنا في إعداد العصا وإعداد إكليل الزهر أيضًا، إذ إن له
أن يلبس الإكليل بنفسه، وله أن يضربك بالعصا، فأنت، حسبما
أفهم، سابق العش المذكور. (٢١٠)
دون بيدرو : سأُعَلِّمُ الصِّغَارَ التغريد وحسب، ثم أعيدها لصاحبها.
بينديك :
إن أكد تغريدُها صحةَ ما تقول، فقد تحدثتَ والله حديثَ ذي
الشرف والأمانة! (٢١٥)
دون بيدرو :
الليدي بياتريس عاتبة عليك، فالسيد الذي راقصها أخبرها أنك
تظلمها ظلمًا شديدًا.
بينديك :
لقد أساءت إليَّ إساءةً لا يحتملها الجماد! ولو كان المُخَاطَبُ شجرةَ
بلوط لم يَبْقَ بها غيرُ ورقةٍ خضراءَ واحدة، لَرَدَّتْ عليها! بل إن (٢٢٠)
قناعي نفسه بدأ ينبض بالروح ويناوئها! قالت لي دون أن تعرف من
أكون إنني مضحك الأمير، وإنني أبلد من الجو المكفهر! وظلَّت
ترميني بفكاهة من فوق فكاهة، وببراعة لا تصدق، حتى
ظننتُ أنني أصبحت هدفًا يرميه أفراد جيش كامل بسهامهم! (٢٢٥)
كلماتها خناجر، وكل لفظة طعنة! لو كانت أنفاسها في بشاعة
ألفاظها لما استطاع كائن أن يحيا بالقرب منها، بل إنها لتصيب
بعدواها النجم القطبي نفسه. ومن المحال أن أتزوجها ولو
وُهِبْتُ كُلَّ ما أَنْعَمَ اللهُ به على آدم قبل عصيانه! ولو تزوجها٤٢ (٢٣٠)
هرقل لجعلته يتولى تقليب الشواء على النار في المطبخ، ولحَطَّمَ
هراوته واستخدمها حطبًا أيضًا.٤٣ يكفي ذلك! لا تتحدث عنها!
ولسوف تجد أنها ربة الشقاق «آته»٤٤ وإن اكتست أثوابًا خلابة! ليت
الله يتيح لعالم٤٥ ضليع أن يعيدها إلى مثواها، فطالما ظلَّت بيننا (٢٣٥)
على الأرض لن يشعر الناس بالفرق في الراحة بين الجحيم والحرم المقدس، وسوف يتعمَّد الناس ارتكاب الخطيئة حتى
يهربوا منها إلى الجحيم! فهكذا يجيء من ورائها القلق والرعب
والإزعاج!
(يدخل كلوديو وبياتريس.)٤٦
دون بيدرو : انظر! ها هي ذي مقبلة! (٢٤٠)
بينديك :
هل تأمرني يا صاحب المعالي بأداء خدمة لك في أقصى الأرض؟
لسوف أذهب مهما تكن تفاهة المهمة إلى الجهة الأخرى من الكرة
الأرضية! لسوف أحضر لك سِوَاكًا٤٧ من أقصى أصقاع آسيا، أو طول
قدم برستر جون،٤٨ حاكم الحبشة المسيحي، أو شعرة من لحية قبلاي (٢٤٥)
خان٤٩ ملك المغول، أو أذهب سفيرًا لك إلى بلاد الأقزام!٥٠ فهذا أهون
عليَّ من إجراء محادثة من ثلاث كلمات مع وحش الهاربي٥١ المقبل!
أما لديك عمل تكلِّفني به الآن؟
دون بيدرو : لا شيء سوى الائتناس بصحبتك. (٢٥٠)
بينديك :
يا لله! هذا ذا سيدي طعام لا يطيب لي! لا أستطيع احتمال الآنسة
«لسان هانم!»٥٢

(يخرج بينديك.)

دون بيدرو : أقبلي أيتها الليدي! تفضلي! لقد خسرتِ قلب السنيور بينديك!
بياتريس :
حقًّا يا مولاي! كان قد أعارني إياه فترة ما، وأعطيتُه فوائد القرض (٢٥٥)
في صورة قلبين بدلًا من قلب واحد، وأقسم إنه كان قد كسبه مني
ذات يوم في مباراة بِنَرْدٍ مغشوش، ومن ثَمَّ فمن حق معاليك أن
تقول إنني خسرته!٥٣
دون بيدرو : لقد طَرَحْتِهِ أرضًا يا ليدي! طَرَحْتِهِ أرضًا!٥٤ (٢٦٠)
بياتريس :
ولهذا أرجو ألا يُفعَل بي ذلك يا مولاي، وإلا أنجبت ذرية من
الحمقى.٥٥ ها أنا ذا أحضرت الكونت كلوديو الذي أرسلني في طلبه.
دون بيدرو : كيف حالك يا كونت؟ وما الداعي لحزنك؟٥٦ (٢٦٥)
كلوديو : لست حزينًا يا مولاي.
دون بيدرو : هل أنت إذن مريض؟
كلوديو : ولست مريضًا يا مولاي.
بياتريس :
ليس الكونت حزينًا ولا مريضًا، ولا فرحًا ولا في صحة جيدة،
فهو كونت وقور،٥٧ مذاقه حِمْضِيٌّ كالبرتقالة، وله بعض لونها الذي (٢٧٠)
يشي بالغَيْرَةِ.٥٨
دون بيدرو :
الحق أيتها الليدي أن رموزك صحيحة،٥٩ وإن كنت أقسم إنه مخطئ
فيما يتوهمه! يا كلوديو لقد خطبتُ باسمك، وفُزْتُ لك بالحسناء
هيرو، وفاتحت أباها في الموضوع، ونِلْتُ منه الرضا! وما عليك (٢٧٥)
إلا أن تحدد يوم القِرَانِ، أسعدك الله!
ليوناتو :
تفضَّل يا كونت! خذ ابنتي وخذ معها ثروتي؛ فلقد قام معاليه
بالخطبة، وليبارك الله فيها!
بياتريس : تكلَّم يا كونت! هذا وقت كلامك! (٢٨٠)
كلوديو :
لا يبشِّر بحلول الفرح مثل الصمت! ولو استطعت تحديد مقدار
سعادتي لبدت محدودة! أيتها الليدي! إن كنتِ مِلْكَ يميني فأنا مِلْكُ
يَمِينكِ، وها أنا ذا أهب نفسي لك مفتونًا بالمبادلة!
بياتريس :
تكلمي يا بنت عمي! فإن لم تقدري فأغلقي فمه بقبلة حتى يكف (٢٨٥)
هو الآخر عن الكلام!
دون بيدرو : أُقسِمُ إنك مرحةُ القلبِ يا آنسة!
بياتريس :
حقًّا يا مولاي! إني أشكره على ما هو عليه، ما دام يحرص على
تجنُّب الهموم! بنت عمي تهمس في أذنه بأنه في قلبها! (٢٩٠)
كلوديو : مثلما هي في قلبي يا بنت عمي!
بياتريس :
ما أروع رابطة القرابة!٦٠ لقد تزوج كل من في هذه الدنيا ما عداي
أنا، أنا التي لَوَّحَتْها الشمس!٦١ لي أن أقبع في ركن وأهتف «أما من
زوج يأتيني؟»٦٢
دون بيدرو : يا ليدي بياتريس، سوف آتيك بزوجٍ! (٢٩٥)
بياتريس :
أوثر أن يكون من أبناء أبيك! ألم يكن لك يا صاحب المعالي في
يوم ما أخ مثلك؟٦٣ فلقد أنجب أبوك أفضل الأزواج، إن كان لآنسة
أن تنال أحدهم!
دون بيدرو : هل تقبلينني يا آنسة؟ (٣٠٠)
بياتريس :
لا يا مولاي! إلا إذا كان لديَّ زوج آخر لغير يوم الأحد! فمعاليك
ثوب أغلى من أن يُلْبَسَ كل يوم.٦٤ ولكنني أرجو الصفح من
معاليك، فقد فُطِرْتُ على قول الهَزْلِ وتحاشي الجِدِّ!
دون بيدرو :
أرجوكِ لا تشعري بالحرج من الكلام فالمرح أفضل ما يناسبك! (٣٠٥)
ولا شك أنك وُلدْتِ في ساعة فرحة!
بياتريس :
قطعًا لا يا مولاي فقد صَرَخَتْ٦٥ أمي وبَكَتْ، ولكنَّ نجمًا كان يرقص
في السماء، وهو الطالع الذي ولدتُ في برجه! (إلى هيرو
وكلوديو) يا بْنَيْ العم، أسعدكما الله! (٣١٠)
ليوناتو (مومئًا إليها بالرحيل) :
أرجوكِ يا بنت أخي أن تقومي بما طلبته
منك.
بياتريس :
أستمحيك عذرًا يا عمِّي!٦٦ (إلى دون بيدرو) وأرجو الصفح
يا مولاي!

(تخرج بياتريس.)

دون بيدرو : أقسم إنها ذات ظَرْفٍ ولُطْفٍ! (٣١٥)
ليوناتو :
ليست الكآبة من عناصر طبعها٦٧ يا مولاي. ولا تُمسِي جادة إلا
حين تنام، بل إنها لا تعرف الجِدَّ حتى في النوم، فقد سمعت
ابنتي تقول إنها كثيرًا ما كانت تتعرض لكوابيس فتوقظ نفسها
بالضحك! (٣٢٠)
دون بيدرو : لا تُطيقُ أن تسمعَ مَنْ يُحَدِّثُها عن الزواج.
ليوناتو : إطلاقًا، وكلما تقدَّم منها خاطب سخرت منه فَصَدَّتْهُ.
دون بيدرو : إنها خير من يتزوج بينديك.
ليوناتو :
مولاي يا مولاي! لو تزوجا أسبوعًا واحدًا لأَدَّت مناقشاتهما إلى (٣٢٥)
الجنون!
دون بيدرو : متى تنتوي يا كونت كلوديو الذهاب إلى الكنيسة؟
كلوديو :
في الغد يا مولاي! الزمن يسير على عكازين٦٨ حتى استكمال شعائر
رب الحب جميعًا! (٣٣٠)
ليوناتو :
لن يكون ذلك قبل يوم الاثنين يا ولدي العزيز، أي بعد أسبوع
تمامًا، وهو وقت أقصر من أن أنجز فيه كل ما أريده.
دون بيدرو :
اسمع! أنت تهز رأسك مستنكرًا٦٩ طول المدة، لكنني أعدك يا كلوديو
أننا لن نشعر بالملل فيها، إذ إنني أعتزم في هذه الفترة النهوض (٣٣٥)
بمهمة شاقة، مثل المهام التي فُرِضَتْ على هرقل،٧٠ ألا وهي إقامة
طود٧١ من الحب المتبادَل بين السنيور بينديك والليدي بياتريس! لَكَم
يسرني أن يتزوجا، ولا أشك أنني قادر على تدبير ذلك،٧٢ إذا
شاركتموني أنتم الثلاثة، وساعدتموني بالصورة التي سوف أحددها (٣٤٠)
لكم!
ليوناتو : مولاي إني معك، ولو كلَّفني ذلك أن أسهر عشر ليالٍ!
كلوديو : وأنا يا مولاي.
دون بيدرو : وأنت أيضًا يا هيرو الرقيقة؟ (٣٤٥)
هيرو :
سأقوم يا مولاي بأي دور ملائم حتى أساعد بنت عمي على الزواج
من رجل صالح.
دون بيدرو :
وليس بينديك بالزوج غير الصالح، في حدود ما أعرف، وأستطيع
أن أزكيه قائلًا إنه كريم المحتد، وذو شجاعة مشهودة وشرف مؤكد. (٣٥٠)
وسوف أُعَلِّمُكِ كيف تستثمرين طبع بنت عمك في إذكاء حبها
لبينديك. (إلى كلوديو وليوناتو) وأما أن فسوف أستعين بكما في
التحايل على بينديك حتى أجعله يحب بياتريس، على الرغم من
لماحيته الفائقة٧٣ وكبريائه الشديدة. فإذا استطعنا إنجاز هذا فلن يعود (٣٥٥)
رب الحب رامي السهام في القلوب، بل سنسلبه المجد ونغدو أرباب
الحب دون غيرنا. هيا ادخلوا معي حتى أشرح لكم الخطة التي
وضعتها.

(يخرجون.)

المشهد الثاني

(يدخل دون جون وبوراكيو.)٧٤
دون جون : هذا صحيح، وسيتزوج الكونت كلوديو ابنة ليوناتو.
بوراكيو : نعم يا مولاي، ولكني أستطيع منع ذلك.
دون جون :
أي عائق، أي حائل، أي عقبة تقيمها بمثابة شفاء لي! إني مريض
بالسخط عليه، وكل ما يعترض غرامه يوافق هواي. كيف تستطيع (٥)
منع هذا الزواج؟
بوراكيو :
بِخُدْعَةٍ يا مولاي، لكنني سوف أحكم إخفاءها حتى لا يبدو فيها
أي خداع.
دون جون : أرني كيف باختصار. (١٠)
بوراكيو :
أعتقد أنني أخبرتك يا مولاي منذ عام عن مدى الحب الذي تكنُّه
لي مارجريت، وصيفة هيرو.
دون جون : أذكر ذلك.
بوراكيو :
أستطيع أن أجعلها تطل من مخدع مولاتها في ساعة متأخرة من (١٥)
الليل.
دون جون : وكيف ينجح ذلك في إفشال الزواج؟٧٥
بوراكيو :
إن فيه السُّمَّ الذي عليكَ أنت إعداده: اذهب إلى أخيك الأمير،
واذكر له أنه ينتقص من شرفه بتزويج كلوديو ذي المكانة المرموقة — (٢٠)
وبالغ في وصف رفعة شأنه — من عاهرة ملوَّثة مثل هيرو.
دون جون : وأيُّ برهانٍ أقدمه على ذلك؟
بوراكيو :
البرهان الكافي لخداع الأمير، وجَرْحِ كلوديو، ودَمَارِ هيرو، وقَتْلِ (٢٥)
ليوناتو.٧٦ وهل تريد تحقيق نتيجة أخرى غير ذلك؟
دون جون : إني لأفعل أي شيء حتى أصيبهم بالضرر.
بوراكيو :
اذهب إذن والتمس لي ساعة مناسبة أدعو فيها دون بيدرو وكلوديو (٣٠)
إلى الاختلاء بك، وقل لهما إنك واثق من حب هيرو لي أنا،
وتَصَنَّعِ الغَيْرَةَ على منزلة الأمير وكلوديو، إعزازًا منك لشرف أخيك
الذي تَوَسَّطَ في الخِطْبَة، وتقديرًا لسمعة صديقه الذي من المحتمل
أن يُخدَعَ بالزواج من فتاة تتظاهر بأنها عذراء، وقل لهما إن (٣٥)
غيرتك هي التي جعلتك تبوح لهما بالسر. ولن يصدِّقا ذلك دون
برهان، فقل لهما إن لديك الأدلة، وهل يوجد دليل أقوى من
مشاهدتي تحت شباك المخدع، وسماعها تناديني باسم كلوديو؟٧٧ (٤٠)
واحرص على أن يشاهدا ذلك في الليلة السابقة ليوم الزفاف المعتزم
(وسوف أدبِّر غياب هيرو في ذلك الوقت) وهكذا تقطع الظواهر
بخيانتها فتبدو واقعًا، ويصبح الشك يقينًا، وتنهار استعدادات عقد
القران. (٤٥)
دون جون :
سوف أنفِّذ هذه الخطة، مهما يكن من عواقبها السيئة، واحرص
أنت على الدهاء في التنفيذ تحصل على ألف دينار مكافأة.
بوراكيو : حافظ على اتساق اتهامك ولن يشينني دهائي. (٥٠)
دون جون : سأمضي على الفور لأعرف موعد عقد القِران.

(يخرجان.)

المشهد الثالث

(المنظر: حديقة ليوناتو، ولا بد أن يضم الديكور ما يكفل اختفاء بينديك عن خادعيه وظهوره أمام الجمهور. يدخل بينديك وحده.)٧٨
بينديك : يا غلام!

(يدخل الغلام.)

الغلام : أمرك يا سنيور.
بينديك : على شباك مخدعي كتاب، أحضره لي هنا في الحديقة.
الغلام : لقد حضرت فعلًا للحديقة يا سيدي.٧٩ (٥)
بينديك :
أعرف ذلك، ولكني أريدك أن تذهب إلى المخدع ثم تعود!
(يخرج الغلام)
أعجب كثيرًا حين أرى رجلًا يدرك حماقة من يكرس جهوده
للحب، ويضحك من ضحالة هذه الحماقات عند الآخرين، ثم إذا
به يصبح هو نفسه موضِع احتقار ذاته بالوقوع في الحب! وكلوديو (١٠)
مثال لذلك الرجل!٨٠ كنت أعرفه عندما كانت موسيقاه تنحصر في
بوق الحرب وطبول الحرب، فإذا به يفضِّل اليوم نغمات المزمار
ودقات الدف! كنت أعرفه عندما كان يسير عشرة أميال على قدميه
حتى يشاهد نموذجًا ممتازًا للدروع، فإذا به الآن يسهر ليالي عشرًا في
ابتكار طراز صدار جديد! كنت أعرفه عندما كان يتحدث الحديث (١٥)
الصريح الواضح الذي يفي بالغرض، شأن كل رجل شريف وكل
جندي، فإذا به الآن يتحوَّل إلى الحذلقة، ويستخدم ألفاظًا توحي
بالمائدة المبالَغ في تنميقها، وما تحتويه من أطعمة بالغة الغرابة. تراني
أتحوَّل مثله وأنظر بعينيه؟ لا أدري، وإن كنت أستبعد ذلك. لن (٢٠)
أقسم إلا بأن الحب سوف يمسخني فأصبح مثل المحار في قوقعته،
ولكنني أقسم إنه حتى يحدث ذلك لن أهبط إلى مستوى حُمْقِهِ! في
النساء الحسناءُ لكنها لا تُغْوِينِي، وفيهن العاقلة الحكيمة، ولكنها (٢٥)
لا تأسرني، وفيهن الشريفة الفاضلة، ولكنها لا تستهويني،٨١ وهكذا
لن تفلح امرأة واحدة في إرضائي حتى تجتمع فيها هذه الشمائل
الحسنة كلها. ستكون ثرية، هذا مؤكد، وحكيمة وإلا فلا، وفاضلة
وإلا ما طلبتُها، وحسناء، وإلا ما نظرتُ إليها قط، وهادئة الطبع
وإلا استبعدتُها، وكريمة المحتد وإلا ما قاربتُها ولو كنتُ ملاكًا. (٣٠)
ستكون حسنة الحديث، بارعة في عزف الموسيقى،٨٢ وليكن شعرها
باللون الذي خلقه الله عليه!٨٣ ها! هذا هو الأمير والمسيو كيوبيد!٨٤
فلأختبئ عنهما في الخميلة هنا.

(يختبئ عنهما ولكن الجمهور يراه ويسمعه.)

(يدخل دون بيدرو وليوناتو وكلوديو، وبالتازار، وبعض الموسيقيين.)٨٥
دون بيدرو : هيا، هل نستمع إلى الموسيقى هنا؟ (٣٥)
كلوديو :
لا بأسَ إذن يا مولايْ! ما أَسْجَى هَذِى الأُمسيَّة!
أَتُرَاهَا سَكَنَتْ عن عَمْدٍ حتى يَزْدَادَ ثَرَاءُ الأَلْحَانِ؟
دون بيدرو (جانبًا إلى كلوديو وبالتازار) :
تَرَيانِ مَعِي أَيْنَ اخْتَبَأَ السِّنيور بِينديك؟
كلوديو (جانبًا) :
نُبْصِرُهُ قطعًا يا مولاي! فإذا انْتَهَتِ المُوسِيقَى،
قَدَّمْنَا لِلثَّعْلَبِ في الجُحْرِ هُنَا أكثَرَ مِمَّا يَتَوَقَّعُهُ! (٤٠)
دون بيدرو : يا بالتازار! نَبغِي تَكْرَارَ غِنَاءِ الأُغْنِيَّةْ!
بالتازار :
يا مَوْلَايَ الأكْرَمْ! لا تَطْلُبْ مِنْ صَوْتِي المَبْحُوحِ
بأَنْ يَظْلِمَ هذي المُوسيقَى أكثرَ مِنْ مَرَّةْ!
دون بيدرو :
مِنْ شِيَمِ البَارِعِ والمُتَفَوِّقِ دَوْمًا
أنْ يَتَظَاهَرَ بالنَّقْصِ بِرَغْمِ كَمَالِهْ! (٤٥)
أرجُوكَ إذَنْ غَنِّ ولا تجْعَلْنِي أتَغَزَّلُ في صَوْتِكْ!
بالتازار :
ما دُمْتَ تَحَدَّثْتَ عَنِ الغَزَلِ فسوفَ أُغنِّيِ
إذْ مَا أكثرَ غَزَلَ فَتًى يَخْطُبُ وُدَّ فَتَاةٍ
لا يَجِدُ جَمَالًا فيها! لكنَّ الخَاطِبَ يَتَغَزَّلُ فيها،
بَلْ يَحْلِفُ دَوْمًا إنَّ الحُبَّ تمكَّنَ مِنْ قَلْبِهْ!
دون بيدرو :
هَيَّا أرْجُوكَ فإنْ كانَ لديكَ مَزيدٌ مِنْ هذي الألفاظِ (٥٠)
اجعَلْها أنغامًا في أُغْنِيَتِكْ.
بالتازار :
فَلتَسْمَعْ هذا قَبْلَ الأنغَامْ:
ليسَ بأنغامي ما يُسْمَعْ!٨٦
دون بيدرو :
هذا لا يتكلَّمُ إلَّا هَذَرًا،
أَتْحِفْنَا بالأنغامِ ولا شيءَ سِواها! (٥٥)

(يبدأ بالتازار عزف الموسيقى.)

بينديك :
يا له من لحن رباني! لقد فتن اللحن روحه! أليس من الغريب أن
الأوتار المصنوعة من أمعاء الضأن تستطيع أن تنتزع الروح من الجسم
انتزاعًا؟ فأما أنا فأوثر أن أستمع إلى صوت النفير المصنوع من
القرون.٨٧
(تبدأ بالأغنية.)٨٨
بالتازار (يغني) :
كُفِّي يا فَتَيَاتُ إذَنْ عَنْ آهات الصَّدرْ (٦٠)
فالرَّجُلِ خَئُونٌ دَوْمًا شيمتُهُ الغَدْرُ
قَدَمٌ في البحر اليَومَ وأخرى في البَرِّ
لا يَثبُتُ في حالٍ واحدةٍ أبَدَ الدَّهرْ
لا تتأوَّهْنَ إذَنْ واترُكْنَهمو يَنْطَلِقُونْ
وامرَحنَ كثيرًا واسعدْنَ بألوانِ فُتُونْ (٦٥)
بلْ حَوِّلْنَ جميعَ الآهات وأنَّات المَحْزُونْ
لفُنُونِ مَرَاحٍ باسمةٍ وجميلِ لُحونْ!
لَنْ نسمعَ بعدُ أغانِي الحُرقَةِ والحِرمانْ
زاخِرةً بالبَاردِ والمَمْجُوجِ مِنَ الألحانْ
فخِداعُ الرَّجُلِ امتدَّ على مَرِّ الأزمانْ (٧٠)
بَلْ مُنْذُ غَدَتْ للصَّيفِ الأوراقُ على الأفنانْ
لا تتأوَّهْنَ إذنْ واترُكْنَهُمو ينطلِقُونْ
وامرَحنَ كثيرًا واسعَدْنَ بألوانِ فُتُونْ
بَلْ حَوِّلْنَ جميعَ الآهاتِ وأنَّاتِ المحزونْ
لفُنُونِ مَرَاحٍ باسمةٍ وجميلِ لحونْ! (٧٥)
دون بيدرو : أقسم إنها أغنية جميلة.
بالتازار : والمُغَنِّي قبيحٌ يا مولاي.
دون بيدرو : ماذا؟ لا لا بالحق. لقد أحسنت الغناء كبديلٍ مؤقتٍ.
بينديك (جانبًا) :
لو كان كلبًا وصدر منه هذا العواء لشنقوه! وأرجو الله (٨٠)
مخلصًا ألا يكون صوته القبيح نذيرَ سوء! وإني لأوثر الاستماع إلى
غربان الليل٨٩ وإن كانت منذِرة بحلول الطاعون!
دون بيدرو (مواصلًا حديثه مع صاحبيه) :
نعم … حقًّا! هل سمعت يا بالتازار؟ (٨٥)
أرجو أن تستأجر بعض الموسيقيين الممتازين للحضور غدًا ليلًا،
ونريدهم أن يعزفوا الألحان تحت شباك مخدع هيرو.
بالتازار : سأبذل قصارى جهدي يا مولاي.
دون بيدرو :
عليك بهذا، مع السلامة. (٩٠)
(يخرج بالتازار)
تعالَ هنا يا ليوناتو، ما الذي قلته اليوم لي؟ هل قلت إن بنت
أخيك بياتريس تحب السنيور بينديك؟
كلوديو (جانبًا إليه بنبرات هامسة) :
نعم نعم … تتبع الطائر بحرص، فهو
جاثم في مكانه. (رافعًا صوته) لم أكن أتصور يومًا أن تلك الآنسة (٩٥)
سوف تحب أي رجل.
ليوناتو :
ولا أنا! ولكن أعجب العجب أن تهيم حبًّا بالسنيور بينديك، بعد
أن بدا لنا من ألوان سلوكها الظاهر أنها تكرهه!
بينديك (جانبًا لنفسه) : هل هذا ممكن؟ هل هذا اتجاه الريح؟٩٠ (١٠٠)
ليوناتو :
أقسم يا مولاي إنني حائر لا أدري ما أقول!٩١ ولكن الواقع أنها تُكِنُّ
له حُبًّا جارفًا، بل لا يكاد يتخيله العقل!
دون بيدرو : لعلَّها تتظاهر وحسب.
كلوديو : حقًّا … محتمل! (١٠٥)
ليوناتو :
يا لله! تتظاهر؟ لم يشهد التاريخ تظاهرًا بالحب أقرب إلى الحب
الصادق أكثر مما تبديه!
دون بيدرو : وما مظاهر الحب الصادق التي تبديها؟
كلوديو (جانبًا بنبرات هامسة) : أَصْلِحِ الطُّعْمَ في السنَّارة فسوف تأكله هذه
السمكة! (١١٠)
ليوناتو :
ما مظاهره يا مولاي؟ لقد دأبت على الجلوس … أقصد، كما
سمعت ابنتي تحكي لك كيف كان ذلك.
كلوديو : ذَكَرَتْ لي ذلك فعلًا.
دون بيدرو :
وكيف كان ذلك، قل أرجوك؟! إنك تدهشني! كنت أظن أن (١١٥)
روحها حصينة تستعصي على جميع هجمات الحب.
ليوناتو : بل إنني كنت أقسم على ذلك يا مولاي، خصوصًا إزاء بينديك!
بينديك (جانبًا لنفسه) :
لولا أن الرجل الأشيب٩٢ هو الذي يتكلم لَظَنَنْتُ في
الأمر خُدعة! ولكن الخداع لا يمكن أن يتخفَّى في ذلك الوقار٩٣ (١٢٠)
قطعًا!
كلوديو (جانبًا لصاحبيه) : لقد ابتلع الطُّعمَ، فاستمرَّا في العمل!
دون بيدرو : وهل صَارَحَتْ بينديك بحبِّها؟
ليوناتو : كلَّا! بل تُقْسِمُ ألَّا تصارحه أبدًا، وهذا مصدر عذابها! (١٢٥)
كلوديو :
هذا صحيح فعلًا، حسبما تقول ابنتك، إذ قالت لها «هل أكتب
إليه بحبي وأنا التي كثيرًا ما قابلته باستهزاء؟»
ليوناتو :
هذا ما تقوله الآن، ولكنها بدأت تكتب إليه فعلًا، إذ تصحو من (١٣٠)
نومها نحو عشرين مرة ليلًا، وتجلس وهي بقميص النوم حتى تملأ
صفحة كاملة! وابنتي حدَّثتنا عن كل شيء!
كلوديو :
حديثك عن ملء صفحة كاملة ذكَّرني بفكاهة طريفة ذكرتها لنا
ابنتي. (١٣٥)
ليوناتو :
تقصد أنها عندما مَلأتْها وطَوَتْها وَجَدَتْ في طياتها بياتريس
وبينديك، كأنما كانت الصفحة المليئة مُلَاءَة؟!٩٤
كلوديو : نعم.
ليوناتو :
ولكنها مزَّقت الخطاب إلى ألف قطعة، وجعلت توبِّخ نفسها (١٤٠)
وتستنكر كيف أهدرت حياءها، وكتبت إلى شخص تعرف أنه سوف
يسخر منها. وكانت تقول «إنني أهتدي بما كنت
أفعله أنا لو كنت في مكانه! فلو كتب إليَّ لسخرت منه؛ حقًّا ذلك ما ينبغي رغم
حبي له.»
كلوديو :
ثم تَخِرُّ جاثيةً وتبكي وتُنَهْنِه، وتدُقُّ صدرَها وتُمَزِّقُ شعرهَا، (١٤٥)
ضارعةً لاعنة، وتهتف: «يا بينديك الرقيق!٩٥ اللهم ألهمني الصبر!»
ليوناتو :
ذلك ما تفعله حقًّا، حسبما تقول ابنتي، بل لقد غلبها جنون الحب
حتى إن ابنتي تخشى أحيانًا أن يدفعها يأسها إلى إيذاء نفسها. هذا (١٥٠)
لا شك صحيح.
دون بيدرو :
لعلَّ من الخير أن يعرف بينديك بذلك من شخص آخر، إن أصَرَّتْ
على عدم مصارحته.
كلوديو : ولماذا؟ لن يزيد على أن يستهزئ بها فيزيد عذاب المسكينة سوءًا! (١٥٥)
دون بيدرو :
لو فعل لكان شنقه من باب الإحسان! إنها فتاة ممتازة رقيقة،
وفاضلة دون أدنى شك.
كلوديو : وبالغة الحكمة.
دون بيدرو : في كل شيء ما عدا حب بينديك. (١٦٠)
ليوناتو :
يا مولاي! إذا تصارعت الحكمة والعاطفة في مثل جسدها الغض،
فالأدلة قاطعة على انتصار العاطفة.٩٦ إني أشفق عليها وعندي كل
مبرر فأنا عَمُّها والوصيُّ عليها.
دون بيدرو :
ليتها كانت قد أغدقت عليَّ أنا ذلك الافتتان! إذن لتجاهلتُ جميع (١٦٥)
الاعتبارات الأخرى وجعلتها تناصفني ذاتي! أرجوك أن تخبر
بينديك بذلك واسمع ما سوف يقول.
ليوناتو : أتظن في ذلك فائدة؟
كلوديو :
تعتقد هيرو أنها سوف تموت قطعًا، إذ تقول إنها سوف تموت لو لم (١٧٠)
يكن بينديك يحبها، وإنها تؤثر أن تموت على أن تعلن حبها، وأن
تموت إذا خطبها على أن تتخلى عن ذرة واحدة من أسلوب مناكفتها
المعتاد!
دون بيدرو :
ما أحسن ما قالت! فلو أنها عرضت حبَّها عليه، فربما سخر منه (١٧٥)
وصَدَّها، فالرجل، كما تعرفون جميعًا، ذو روح ساخرة.
كلوديو : بل إنه وسيم ورائع.
دون بيدرو : ظاهره جميل رائع فعلًا.
كلوديو : أعتقد أنه بالغ الحكمة وأُشْهِدُ الله على ذلك! (١٨٠)
دون بيدرو : تبدو منه لمحات بارعة حقًّا تشبه اللماحية.
كلوديو : وأعتبره شجاعًا!
دون بيدرو :
بل مثل هكتور،٩٧ بالتأكيد. وعند وقوع المشاجرات لك أن تقول إنه (١٨٥)
حكيم، فهو يتجنَّبها بحصافة بالغة أو يخوضها برهبة أقرب ما تشبه
التقوى المسيحية.٩٨
ليوناتو :
لو أنه يتقي الله لكان عليه الحفاظ على السَّلم، وأما إن انتهك
السَّلم، فينبغي عليه دخول المشاجرة خائفًا مرتجفًا.٩٩ (١٩٠)
دون بيدرو :
وهو ما يحدث في الواقع، فالرجل يخشى الله حقًّا،١٠٠ وإن لم يبد
ذلك فيه بسبب ضروب هزله الصارخ. إني على أية حال أشفق
على بنت أخيك. هل نذهب لمقابلة بينديك وإبلاغه بحبها؟
كلوديو :
لا تخبره أبدًا يا مولاي، ولْنُقَدِّمْ للفتاة المشورة الصالحة حتى يَبْلَى (١٩٥)
هذا الحب.
ليوناتو : لا لا! محال! قد يَبْلَى قلبُها قبل أن يبلى حُبُّها!١٠١
دون بيدرو :
فلنسمع المزيدَ عن الموضوع من ابنتك. دع الأمور تبرد الآن. إنني
أحب بينديك حقًّا، وأتمنى أن يتواضع بالنظر في حاله حتى يدرك (٢٠٠)
كم هو غير جدير بحب هذه الفتاة الرائعة.
ليوناتو : مولاي! هل تود دخول المنزل؟ العشاء جاهز.
كلوديو (جانبًا وهامسًا إلى دون بيدرو وليوناتو) :
إذا لم يُشْغَفْ بها حُبًّا الآن
فلن أثق بعد الآن في حساباتي! (٢٠٥)
دون بيدرو (جانبًا هامسًا إلى ليوناتو وكلوديو) :
ولنطرح الشبكة نفسها للفتاة،
وهو ما لا بد أن تتولاه ابنتك ووصيفاتها. وسوف نتلهَّى حقًّا حين
يظن كلٌّ منهما أن الآخر يهيم بحبه، على خلاف الواقع!١٠٢ هذا هو
المشهد الذي أتمنى مشاهدته، ولن يزيد عن الإيماءات الصامتة.١٠٣ (٢١٠)
فلنرسل الفتاة إليه حتى تدعوه إلى العشاء.

(يخرج الجميع ما عدا بينديك.)

بينديك (خارجًا من مخبئه) :
محال أن يكون في ذلك خداع! لقد كانت
المناقشة جادة، وعرفوا الحقيقة من هيرو. يبدو أنهم يشفقون على (٢١٥)
الفتاة، ويبدو أن لواعج حبها بلغت مداها! تحبني؟ لا بد من مبادلتها
تلك العاطفة. وسمعت حكمهم عليَّ قائلين إنني سوف أستكبر١٠٤
حين أدرك الحب الذي تكنُّه لي. ويقولون أيضًا إنها تؤثر الموت على
التلميح بأدنى دليل على الحب. لم أفكر يومًا في الزواج، لكنني لا (٢٢٠)
ينبغي أن أبدو متكبرًا، وما أسعد الذي يصغي لمن يدلُّه على عيوبه
ويستطيع إصلاحها. يقولون إن الفتاة جميلة، وهذا حق، وأشهد
لهم بصحته. وفاضلة، وهذا هو الواقع، ولا أستطيع نقضه،
وحكيمة، إلا في حبها لي. أقسم إنه لا يزيد من ذكائها، ولا يُعتبَر
دليلًا دامغًا على حماقتها، فلسوف أحبها حُبًّا جمًّا، وربما تعرضتُ (٢٢٥)
لبعض ما تبقى لديها من سهام السخرية والاستهزاء بسبب إصراري
طويلًا على مهاجمة الزواج. ولكن ألا تتغير الشهية؟ فقد يحب
الرجل اللحم في شبابه ثم لا يطيقه في شيخوخته. وهل تتسبب
الفكاهات والعبارات المأثورة و«القذائف الورقية»١٠٥ التي يطلقها الذهن (٢٣٠)
في إرهاب الإنسان وتحويل مسار هواه؟ لا! لا بد من إنجاب الأطفال
لعمران الدنيا!١٠٦ وعندما قلت إنني سأموت عزبًا لم أكن أتصور أن
أحيا حتى أتزوج. (٢٣٥)
(تدخل بياتريس)
ها قد أتت بياتريس! قسمًا بضوء هذا النهار إنها فاتنة! وإني لألمح
بعض أمارات الحب في وجهها.
بياتريس : أُرْسِلْتُ على كُره مني لأطلب منك الدخول للعشاء.
بينديك : يا مرحبًا بياتريس الفتانة! شكرًا على تعبك!١٠٧ (٢٤٠)
بياتريس :
لم ألقَ تعبًا يستحق الشكر أكبر من تعبك في شكري، ولو كانت
المهمة مُتْعِبَةً لما أتيت.
بينديك : هل سَرَّكِ إذن إبلاغُ الرسالة؟
بياتريس :
بما يعادل سرورك حين تُمسِكُ سِكِّينًا وتخنق بسنَانِها طائرًا أبله!١٠٨ (٢٤٥)
لستَ جوعانًا يا سنيور؟ أستودعك الله.

(تخرج بياتريس.)

بينديك :
ها! «أُرْسِلْتُ على كُرْهٍ مني لأطلب منك الدخول للعشاء»؛ عبارة
لها معنيان. «لم ألق تعبًا يستحق الشكر أكبر من تعبك في
شكري»! هذا يعادل قولها إن أي تعب أتحمَّله في سبيلك يسير (٢٥٠)
مثل تقديم الشكر! لو لم أشفق عليها كنت وغدًا، ولو لم أحبها
كنت يهوديًّا!١٠٩ سأذهب لأحصل على صورة مصغرة١١٠ لها.١١١
إذا كنا رأينا من قبل أن بينديك لا يريد الزواج، وتمتعنا بجاذبية استخدامه للمنطق لتحاشي تلك القضية، نرى الآن أنه أصبح يريد أن يتزوج، وأن الحيل الأسلوبية نفسها تساعده في إعلان تحوُّله … إذ إنه يقلب تقاليد التراشق المسرحي رأسًا على عقب، وهي التقاليد التي أرساها شيكسبير بحذقٍ وبراعة، فبدلًا من أن يتلقى الدلالات المهينة في قول بياتريس ويعيد تشكيلها ليردَّ عليها مستخدمًا صورها نفسها، نجده يتناول المعنى السطحي المهين ويُسَخِّرُ طاقات ذهنه جميعًا لاكتشاف ما يوحي بالمديح فيه (ص١٨٥).

(يخرج.)

١  المنظر: مكان فسيح داخل قصر ليوناتو أو بالقرب منه، وقول دون بيدرو «ادخلوا معي» في السطر ٣٥٧ يفيد أن الجميع خارج القصر، ولكنهم قد يكونون في قاعة داخل القصر ولكنها خارج الغرفة التي يجتمعون فيها معًا. والوقت وقت المساء، أي بعد العشاء، وكان المخرج في عصر النهضة يدل عليه بوضع بعض المصابيح أو الشعلات الموقدة على خشبة المسرح.
٢  «مشاكسة» المقصود صعبة المراس أو عنيدة.
٣  لاحِظ التلاعب اللفظي بصورة القرون، والقرون القصيرة أقل القرون ضررًا.
٤  «لن يمنحك الله قرونًا» انظر كيف تطور بياتريس الصورة لتجعلها تشير إلى الديوث.
٥  كانت اللحية رمز الرجولة والنضج. وكان لبينديك لحية ولكنه يحلقها قبل ٣ / ٢.
٦  «ألبسه فساتيني» تشير بياتريس هنا إلى أسطورة هرقل الذي أسرته أومفالي وأجبرته أن يرتدي الفستان ويغزل الصوف مع خادماتها (أوفيد) وهذا استباق لقول بينديك «ولو تزوجها هرقل لجعلته يتولى تقليب الشواء على النار في المطبخ، ولحطم هراوته واستخدمها حطبًا أيضًا» (٢ / ١ / ٢٣٠ –٢٣٢).
٧  «أقل من رجل» المقصود شاب لم يبلغ مبلغ الرجال بعد.
٨  الصورة التي ترسمها بياتريس تقوم على الفكرة الشائعة آنذاك بأن العانس كُتب عليها أن تقود القرود إلى الجحيم، وربما كان ذلك «عقابًا» لها على رفض الزواج والإنجاب ومسئولية تربية الأطفال. وبياتريس تمزج هذه الصورة بصورة حارس حظيرة الدببة التي كانت تستخدم في عروض التسلية العامة مثل القرود، فرأيت استبدال «القرداتي» بحارس الدببة حتى يستقيم المعنى المقصود، فجوهر الصورة هو القردة التي كانت تُعتبَر مسخًا لأبناء البشر، لا الدببة التي تقتصر دلالتها هنا على عروض التسلية المذكورة مثل القردة.
٩  «لا مكان في النار للعذارى»: ربما لطهارتهن ما دُمْنَ لم يمسسهن بشر.
١٠  كان الشائع أن القديس بطرس يحمل مفتاح الجنة ويقف على بابها.
١١  «سأفعل ما أشاء أنا»: عبارة احتفل بها النقد النسائي أيَّما احتفال (وانظر المقدمة).
١٢  «أفلا يحزن المرأة أن تسودها …»: كان على المرأة في بواكير العصر الحديث الإقرار بسيادة الزوج عليها. وكتاب الصلوات العامة الصادر عام ١٥٥٩م يقول «أيتها النساء، سَلِّمْنَ أنفسكن لأزواجكن مثلما تسلِّمن أنفسكنَّ للرب، فالزوج رأس الزوجة، كما أن المسيح رأس الكنيسة» ولا تختلف الصياغة في الطبعة الحديثة لهذا الكتاب عن هذه.
١٣  «قطعة من تراب الأرض»: الإشارة إلى الكتاب المقدس «ثم جبل الرب الإله آدم من تراب الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسًا حية» (تكوين، ٢: ٧).
١٤  «مضغة من حمأ مسنون» الأصل هو (a clod of wayward marl).
١٥  «في هذا الموضوع»: أي رغبته في الزواج، فليوناتو يظن أن الأمير يريد هيرو لنفسه.
١٦  «في اللحظة المناسبة»: الصورة مستمدة من الموسيقى وضرورة الحفاظ على دقة الإيقاع.
١٧  «الرقصة الخماسية» كانت مثل الجاليارد في الليلة الثانية عشرة تتكون من خمس خطوات تتبعها وثبة إلى أعلى. والكلمة المستخدَمة هنا وفي المسرحية الأخرى المذكورة هي (cinquepace) وأصلها فرنسي، وكانت تنطق (sink-a-pace) (انظر المقدمة).
١٨  «تدير الرءوس بالأوهام»: الأصل هو (full as fantastical) وانظر الحديث الافتتاحي في الليلة الثانية عشرة حيث ترد الصورة نفسها في وصف اندفاع الحب.
١٩  «يأتي الندم» يُعَامَلُ «الندم» في الأصل معاملة الأشخاص، فكأنما هو شخص تتخاذل ساقاه، ومع ذلك يُسرع فيقع.
٢٠  «كنيسة في ضوء النهار» كناية عن الوضوح الشديد، وتفاخر بياتريس بقدرتها على الرؤية بعينيها هي لا بعيني سواها من الثيمات الأساسية في المسرحية، حيث يرى سواها بعيون غيرهم.
٢١  الإرشادات المسرحية: يبدو أن ارتداء الأقنعة مقصور على الرجال، فهذا ما تقول به الإرشادات المسرحية هنا، وما كان متبعًا في عصر النهضة. ولكن ليوناتو يظل باعتباره المضيف دون قناع (مثلما يحدث في روميو وجوليت ١ / ٥ أو هنري الثامن ١ / ٤) مثل دون جون وأتباعه ما دام دون جون يكره الحفلات وألوان التسرية. ويستغل المخرجون مشهد الرقص في تدبير استعراضٍ موسيقي باهر (كوكس، شيكسبير، ص١١٣). والملاحظ أنني في هذا النص آخذ بما جاء في طبعة آردن من إدخال مارجريت وأورسولا هنا، وهو ما تأخذ به طبعتا نيوكيمبريدج وأوكسفورد، أما طبعتا سيجنت وفولجر فتجعلانهما موجودتين منذ البداية وفقًا لطبعة المحرر «رو» (١٧٠٩م) ما دام شيكسبير لا يذكرهما في قائمة الحاضرين في الطبعة الأولى.
٢٢  «مع صديق» المعنى المضمر قد يكون «حبيبًا» أو «معجبًا».
٢٣  «حين أخطو مبتعدة» كان الراقصون يقتربون من بعضهم بعضًا أو يبتعدون وفقًا لقواعد الرقص، ولكن الإشارة تنم على دلال لطيف.
٢٤  «مثل غطاء صندوقه»: يُفهَم من هذا أن دون بيدرو يرتدي قناعًا قبيحًا.
٢٥  «بل قناعي كسقفٍ كوخ أضيف جوبيتر فيه» يُشَبِّهُ دون بيدرو قناعه القبيح بسقف الكوخ المتواضع (الذي «كان مصنوعًا من القش والبوص») حيث حلَّ جوف (جوبيتر) رب الأرباب ضيفًا على صاحبيه العجوزين الفقيرين فيليموت وباوكيس في مسخ الكائنات لأوفيد، ومع ذلك أبديا كرمًا شديدًا في الطعام الذي قدماه لجوف الذي كان بصحبة رب آخر هو ميركوري، وقد تنكَّرا في زي الرحَّالين المتواضعين (٨ / ٦١٦–٧٣٥). وتشبيه دون بيدرو نفسه بالرب جوف يوحي بأصله النبيل، ومن ثَمَّ بهويته لهيرو.
٢٦  يتبادل المتحدثان هنا أبياتًا من الشعر (غير مقصودة؟) تشبه البحر الذي ترجم فيه آرثر جولدنج مسخ الكائنات لأوفيد، وأحببتُ إخراج ذلك ببحرٍ مقابل بالعربية فاخترت الخفيف مع بعض التحوير في السطر الأول بزيادة تفعيلة واحدة (وسبب خفيف واحد).
٢٧  الجهر بالصلاة أو الدعاء كان من سمات ذوي الحمية الدينية.
٢٨  «هزة الرأس» كانت من سمات التقدم في السن، مثل جفاف راحة اليد (١٠٧).
٢٩  لم أجد إلا التعبير العامي «اطلع من دول!» لترجمة معنى (come, come!) وهو يقابل التعبير الإنجليزي الشائع اليوم (come off it) أو (come along) وكلاهما يترجمه مجدي وهبة في النفيس بما ترجمته به، وما زلت أبحث عن تعبير فصيح مرادف!
٣٠  «النوادر المائة»: النادرة أو (merry tale) سبق لي ترجمتها حرفيًّا بالحكاية المرحة ابتغاء الشرح في مقدمة ترجمتي لمسرحية زوجتان مرحتان من وندسور (القاهرة ٢٠٠٨م، ص٢١–٢٣). والكتاب المشار إليه وضعه جون راستيل عام ١٥٢٦م، ويبدو أنه كان يحظى بقبول الجمهور، ولم تبق منه سوى نسخة واحدة. والحس الفكاهي فيه مبتذل، وبياتريس تبدي غضبها من بينديك لأنه، فيما بلغها، قال إنها تستمد فكاهاتها من ذلك المصدر الحقير، بل من مصدر ما، مهما يكن، لأن ذلك يطعن في طاقة لماحيتها الفائقة.
٣١  وهنا تردُّ بياتريس على ما بلغها من إهانة بينديك لذكائها بوصفه بالمهرج. ويربط بعض النقاد بين صورة المهرج هنا وصورته في ١ / ١ / ٣٧ (وانظر الحاشية على ذلك السطر). والواضح في الحوار بينهما أنها تعرفه رغم القناع الذي يضعه على وجهه.
٣٢  «كسر رمح أو رمحين من رماح فكاهاته»: شرحت الصورة المقصودة في الترجمة.
٣٣  «جناح طائر مشوي» يرد في الحوار اسم الطائر وهو «الحَجَلُ» (partridge) وهو غير شائع في البلاد العربية لأنه يعيش في الجو البارد، وإن كان العرب يعرفونه من أغنية فيروز «يا حَجَلْ صَنِّين في العَلالِي/يا حَجَلْ صَنِّين في الجَبَلْ» (وصنين اسم جبل)، فأشرت إلى الطائر وحسب، فليس لاسم الطائر دلالة خاصة.
٣٤  هل يعتقد دون جون حقًّا أن دون بيدرو يحب هيرو ويريدها لنفسه؟ أم تراه يحاول وحسب إقناع كلوديو بذلك؟ الحسم في هذه القضية يتوقف على تعمُّده قول هذه العبارة بحيث يسمعها كلوديو أو لا. والأمر يختلف باختلاف أسلوب الإخراج، ومدى تأكيد نزعة الشر لديه. وعلى أية حال فهو يواجهه بعد قليل ويقول له صراحةً ما يريده.
٣٥  لاحِظ إصرار كلوديو على التنكُّر كأنما «لتسهيل» مهمة دون جون!
٣٦  «ليست تساويه في كرم المحتد» أي إنها ذات مكانة اجتماعية أدنى كثيرًا من الأمير، وهو ما لا يخطر ببال ليوناتو أو أنطونيو أو كلوديو أو بينديك، الذين كانوا يتصورون ولو مؤقتًا أن الأمير يخطبها لنفسه، وقد سبق لي أن لخصت رأي الباحث رينيه جيرارد في المقدمة، وأضيف ما يشير إليه وفق تفسيره للمسرحية من وجود إهانة متعمدة هنا، قائلًا:
إذا سُمِحَ لكلوديو حقًّا بالزواج من هيرو، كان معنى ذلك أن الأمير لا يهتم بها ولا يكترث لها، وعلى الفور تفقد بعض «أهميتها» أو قل إن أهميتها تقل عما كان يمكن أن تبلغه لو كان الأمير يريدها لنفسه. وحين «تنفصل» هيرو عن «المثال» الذي أدت رغبته فيها إلى تحويل صورتها إليه (بتجميلها وتفخيمها) تقل جاذبيتها في عيني كلوديو … ويبدأ في التساؤل عما إذا كان لديها عيبٌ (أو عارٌ خَفِيٌّ) يجعلها تقبل أن تربط مصيرها بشخصٍ متواضعٍ مثله (ص٨٦).
٣٧  «المرطبات والفاكهة» كان يشار إليها بلفظة واحدة أيام شيكسبير وهي (banquet) ويكثر ورودها في شيكسبير بهذا المعنى، كما يعود إليها (انظر أنطونيو وكليوباترا ١ / ٢ / ١٠).
٣٨  كان في أيام شيكسبير مثلٌ سائر يقول «إن دخل الحب خرجت الصداقة»، وتنافُسُ الذكور في حب النساء من خصائص الحبكات اليوفوية.
٣٩  يُرْجِعُ كلوديو سلوك دون بيدرو إلى سحر المرأة لا إلى خيانة أي رجل. انظر حجة بيرجر في المقدمة.
٤٠  «هذا أنا»: يبدو أن كلوديو لم يكن قد نزع قناعه حتى هذه اللحظة.
٤١  «شائعة هانم»: الأصل (Lady Fame) ومعنى التعبير ناقلة الأنباء أو الشائعات، وهي شخصية (fama) في إنيادة فيرجيل (٤ / ١٨١–١٩١) وكانت كما تصوِّرها الأساطير ذات عدد كبير من العيون والآذان والألسنة، ولما كان شيكسبير يشير إليها في هنري الرابع/ ٢ التي سبقت كتابتها هذه المسرحية مباشرةً «باسم» (Rumour) فضلت الشائعة على أي تسمية أخرى، وخصوصًا على ما ظننته أولًا من أنها «ربة الشائعات».
٤٢  «تزوجها» الواضح أن بينديك خَطَرَ له أن يتزوج بياتريس، ولا يزال يتأمل ذلك الاحتمال، مثلما خطرت لها الفكرة نفسها (انظر ٢ / ١ / ١٠–١٥).
٤٣  «تقليب الشواء على النار في المطبخ» أي إنها كانت ستصبح مثل أومفالي التي أذلَّت هرقل في الأساطير الكلاسيكية (انظر الحاشية على ٢٩ أعلاه). وأما تقليب الشواء فكان يُعتبَر أحقر المهام في المطبخ الإليزابيثي. وأما هراوة هرقل فكانت ضخمة هائلة وتقطيعها حتى تصير حطبًا كان يمثِّل في ذاته مهمة شاقة. وتطوير بينديك للصورة المعبِّرة عن كراهيته (وخوفه) من المرأة مبالغ فيه إلى الحد الذي يوحي برغبة دفينة في التغلب عليهما أي الخوف والكراهية!
٤٤  «ربة الشقاق «آته»»: كانت في الواقع ربة التنافر والتناحر، وتقول الأسطورة إنها كانت ابنة زيوس، رب الأرباب، جميلة الخلقة لكنها ترتدي أسمالًا بالية، ويُنسَب إليها إشعال لهيب حرب طروادة، وتكثر الإشارات إليها في شيكسبير وغيره من المعاصرين ومن سبقوه مثل سبنسر في ملكة الجان، والمهم أن بينديك لا ينكر جمالها وإن كان يعيب عليها بَذر بذور «الشقاق».
٤٥  كان يُظَن أن «العلماء» أي المطلعين على أسرار الملكوت قادرون بل مهرة في استحضار العفاريت وإرجاعها من حيث أتت.
٤٦  توقيت دخول بياتريس مع كلوديو يحدد النغمة التي يتحدث بها بينديك، فقد ينخفض صوته أو تسكن حدته أو تخف.
٤٧  «أحضر لك سواكًا» المقصود أي شيء تافه ما دام يضمن ابتعاد بينديك عن بياتريس.
٤٨  «برستر جون»: كان يشيع اسمه في الأساطير الأوروبية في العصور الوسطى رمزًا للحاكم المسيحي في أقصى أطراف الأرض، وكثيرًا ما كان يقال إنه النجاشي ملك الحبشة، وكاهنها «الإمبراطوري»، وكان الشائع أنها مملكة واسعة الثراء آنذاك. ومعرفة طول قدمه مهمة بالغة الصعوبة، مثل إحضار شعرة من لحية قبلاي خان ملك المغول. وجميع إشارات بينديك إلى هذه الأماكن والأشخاص الغريبة مذكورة في كتب رحلات السير جون مانديفيل وماركو بولو.
٤٩  «قبلاي خان» النص يقول (Great Cham) فقط أي حاكم المغول الأعظم، وبعض الشرَّاح يقولون إنه لقب يُطلَق على قبلاي خان أو جنكيز خان الذي هزم الملك برستر جون في موقعة شهيرة، ولكن أكثر الآراء تُرَجِّحُ ما أخذتُ به.
٥٠  «بلاد الأقزام» كان صراع الأقزام والغرانيق من موضوعات الحكايات الشعبية اليونانية القديمة، ويرد ذكر الأقزام عرضًا في إلياذة هوميروس (٣ / ٥–٧) وكتابات بعض المؤرخين.
٥١  «وحش الهاربي»: كانت هذه التسمية تُطلَق على المرأة القاسية الشريرة، والاسم مشتق من كلمة يونانية قديمة تعني «الخَطَّافَةُ»، وكانت تُصوَّر في الأساطير في صورة وحش له وجه امرأة جميلة وجسدها، وجناحا نسر ومخالبه، والوصف يتضمن الإشارة إلى خطورة الوقوع في براثن هذا الهاربي، ولكن بينديك يعترف ضمنًا بجمال من يصِفها.
٥٢  «الآنسة لسان هانم» الأصل (my Lady Tongue) اتبعت في الترجمة إيراد المقابل الثقافي، فإذا كان لقب «الليدي» يقصد به المركز الاجتماعي أبقيت عليه، وإذا كان يقصد به غير ذلك (آنسة/هانم/فتاة) اخترت المناسب، فكلمة ليدي من الكلمات العامة التي يتحور معناها وفقًا للسياق. (انظر «شائعة هانم» (١٩٥ أعلاه والحاشية) و«سخرية هانم» فيما يلي، ثم مجاملة هانم!) وقد شرحت تفضيلي للكلمة العربية من قبل.
٥٣  أي إن بياتريس كانت تربطها قصة عاطفية ببينديك قبل بداية المسرحية، وإنها تفانت في حبها لكنه نكص على عقبيه (خوفًا؟) وإذن فإن وفاقهما في آخر المسرحية لا يعني وقوعهما في الحب لأول مرة، بل يعني أن الشقاق انتهى — من خلال قصة هيرو — إلى وفاق، وفي هذا كما نرى مقابلة بين هذه العلاقة وعلاقة كلوديو بهيرو، فالعلاقتان تُنْشِئَانِ التضاد (لا التماثل الذي تقول به ماكيتشيرن ص١٩٥) الذي يمثِّل مدار المسرحية بفرعيْ حديثها كما أوضحت في المقدمة تفصيلًا.
٥٤  «طَرَحْتِهِ أرضًا»: يقصد دون بيدرو أن يقول لبياتريس إنها هزمت بينديك، ولكن بياتريس تُكسِبُ التعبير المجازي دلالة جنسية، ويقول جون تروجوت في دراسته التي أشرت إليها في المقدمة «إن بياتريس ذات ذهن يتسم بانشغاله الدائم (أو مُضْطرٌّ إلى الانشغال الدائم) بموقع الأنثى آخر الأمر في التلاقي بين الجنسين، ألا وهو موقع الخضوع لسلطة الرجل، والطرح أرضًا … ورقص رقصة الحب التي تهوي بها إلى القبر» (ص١٧٣).
٥٥  «ذرية من الحمقى» أي البشر الذين ضلوا الطريق، وتذكِّرني العبارة بقول هاملت إنه لا يريد للمرأة (أوفيليا) أن تتزوج حتى لا تنجب ذرية من الخاطئين، والدلالة هنا أدق لأن الكلمة نفسها يستخدمها بينديك وصفًا لكل رجل يتزوج أيضًا.
٥٦  «لحزنك» المقصود تجهم وجهه وعبوسه، بخلاف المعنى الوارد في أول سطر من سطور تاجر البندقية، ولم أشأ أن أقول «متجهمًا» ليس فقط لثقلها في النطق، بعكس سلاسة (sad)، ولكن لأن كلوديو يفهم الكلمة بالمعنى الشائع.
٥٧  تستخدم بياتريس تورية في كلمة (civil) بمعنى الوقار، وبالمعنى الذي يوحي به نطقها (seville) أي مدينة إشبيلية الإسبانية التي كان يُستورَدُ منها برتقال حمضي المذاق، ومن ثَمَّ فهي تعني حمضي المذاق، ومن المحال إخراج هذه التورية بالعربية. ويقول الشرَّاح إن الطعم المقصود كان يجمع بين المرارة والحلاوة، ومن ثَمَّ فهو مثل كلوديو!
٥٨  «يشي بالغيرة»: كان اللون الأصفر رمزًا للغيرة والريبة، وقد نقلنا ذلك من الغرب في شعرنا العربي، عاميًّا أساسًا، «ودي وردة صفرا الغيرة تضنيها» (رامي) أو بمعنى آخر «أصفر من السقم أم من فرقة الأحباب» (بشارة الخوري).
٥٩  «رموز صحيحة» المقصود تمثيلك لحال كلوديو بهذه الصور، وهي التي ترمز لحاله، وأما الكلمة الإنجليزية (blazon) فكانت تعني الرموز المرسومة على درع النبالة باعتبارها شعارًا لنسب صاحب الدرع، ومن ثم فضَّلت «رموزك» وإن كانت كلمة مثل «تصويرك» أو «تشخيصك» يمكن أن تؤدي المعنى، ولكنني أحببت أن أنقل المعنى القديم في الكلمة. وكانت الكلمة تُستخدَم باعتبارها كلمة شعرية تستخدم في تعديد أوصاف المحبوب (فتاة في العادة) بصورة مفصَّلة، كما نقرأ في الليلة الثانية عشرة: «فلسانك، وجهك، أطرافك، أفعالك، روحك/تشهد مرات خمسًا لك بالرفعة!» (١ / ٥ / ٢٩٦-٢٩٧، الترجمة العربية، القاهرة ٢٠٠٧م).
٦٠  «رابطة القرابة!» هذا هو تعليق بياتريس المباشر على مخاطبة كلوديو لها باعتبارها «بنت عمه» ما دامت بنت عم عروسه، وهكذا فهي تعجب لرابطة القرابة عن طريق الزواج، وتنطلق من هذه الفكرة للتعليق على الزواج وإحجامها عنه.
٦١  «أنا التي لوَّحتها الشمس»: المعنى الحرفي الأول «إنني لست متزوجة أعيش داخل جدران أربعة، ولذلك فأنا أتعرض خارج المنزل للشمس»، والثاني «إنني اكتسبت سمرة من التعرض للشمس» وأما المقصود فهو أنها متفردة في موقفها، فالواضح أن شيكسبير يعارض هنا المثل الأعلى الإليزابيثي لجمال المرأة التي ينصُّ على البياض الناصع، فبطلتاها إيطاليتان «لوَّحتهما الشمس»، وبينديك يصف هيرو بأنها «أشد سمرة» مما ينبغي في ١ / ١ / ١٦٤.
٦٢  تسخر بياتريس ظاهريًّا من الحسرة التقليدية التي شاعت عن كل من فاتها قطار الزواج، ولكنها في أعماقها، كما يتبيَّن لنا فيما بعد، تنشد الزواج ومن بينديك تحديدًا.
٦٣  نغمة السخرية في حديث بياتريس تمكِّنها من قول ما تريد مطمئنة إلى أن أحدًا لن يأخذ كلامها على محمل الجد، لكنها جادة في الواقع، وهي ترفض الأمير لأنها تشارك سائر أشخاص المسرحية إحساسهم بالانتماء الطبقي.
٦٤  تقول بياتريس إن الأمير ثوب أغلى من أن يُلبَس كل يوم، وهي تبدي هنا وَعْيَهَا بدور الملابس (الطراز) في تحديد المكانة، وهو من الثيمات الرئيسية في المسرحية.
٦٥  إشارة بياتريس إلى صراخ أمها وبكائها ساعة مولدها يضيف لمسة واقعية من اللمسات التي يتميز بها موقف بياتريس الشعوري بصفة عامة، فهي تشير من طرفٍ خفي إلى الكتاب المقدس، والآية التي تقول إن الله كتب الألم على حواء في الحمل والولادة (تكوين، ٣: ١٦).
٦٦  يومئ ليوناتو إلى بياتريس بالرحيل، حتى يتجنَّب المزيد من الحرج للأمير …
٦٧  «عناصر طبعها» المقصود العناصر النفسية التي تتحكم أخلاط البدن في تحديد غلبة أحدها، والكلمة التي ترجمتها بالكآبة هي المقابلة للطبع السوداوي، ولكن هذا هو المقصود.
٦٨  «على عكازين» أي ببطء شديد.
٦٩  «أنت تهز رأسك مستنكرًا» عبارة تشير إلى ما يُتَوَقَّعُ من الممثل أن يفعله.
٧٠  «المهام التي فُرِضت على هرقل» تقول الأسطورة إن أبوللو حكم على هرقل بأن يخدم الملك يوريثوس، ملك أرجيف، عقابًا على قتله أفراد أسرته، وهكذا فرض عليه ذلك الملك القيام بمهام شبه مستحيلة تتطلَّب قوة هائلة ومهارة كبيرة، مثل تنظيف الإسطبلات الأُوجِيَّةِ الشاسعة، واقتناص الثور الكريتي وقطف تفاح حدائق الهسبيريد وغير ذلك.
٧١  المقصود بالطود الحجم الكبير.
٧٢  «تدبير ذلك» هذا ما يتوهمه دون بيدرو، جاهلًا بما كان بين بينديك وبياتريس من علاقة «قديمة»، ونحن نلتمس له العذر لأنه لم يكن يعرف، ولكننا لا نغفر لستيفن جرينبلات ما توهمه هنا من أن «الزواج مؤامرة اجتماعية» (١٣٨٦م) كما شرحت في المقدمة.
٧٣  «على الرغم من لماحيته الفائقة»: كان يُظَنُّ آنذاك أن اللماحية الفائقة من سمات ذوي الطبع السوداوي (جون دريبر: من ستراتفود إلى دوجبري: دراسات في مسرحيات شيكسبير المبكرة بيتسبيرج، ١٩٦١م).
٧٤  المنظر: ساحة في منزل ليوناتو أو المنطقة المحيطة به.
٧٥  لاحِظ الطِّباق في «ينجح» و«يفشل»، وهو يقابل الطِّباق في الأصل في قوله حرفيًّا «وهل في ذلك حياة تكفي لقتل ذلك الزواج»، وأنا أنقل الحيلة البلاغية اليوفوية دون التكلُّف الذي لا يستساغ بالعربية وإن كان طريفًا بالإنجليزية.
٧٦  «قتل ليوناتو»: كأنما كان بوراكيو يريد تأكيد مدى الضرر الذي يحدثه تلويث شرف هيرو لا بها هي بل بما يسميه النقاد «الهوية الذكورية»، فهو يعتبر أن التهمة الظالمة ستكون أشد فتكًا بالهرِم ليوناتو من فتكها بالآخرين وعلى رأسهم هيرو.
٧٧  «تناديني باسم كلوديو» كان بعض المحررين يغيرون كلوديو إلى بوراكيو استنادًا إلى أن سماع كلوديو الفتاة تنادي بوراكيو باسمه قد يوحي بأنها قد خُدعَتْ هي الأخرى ولم تُقدِم على خيانته، وكان أول محرر يغيِّر الاسم تيبولد عام ١٧٣٣م، ولكن المحدثين جميعًا يستبْقون ما ورد في النص الأصلي قائلين إن الخداع يقوم على أن «يمثِّل» بوراكيو مع مارجريت دوري كلوديو وهيرو! ولما لم نكن ندري ما اتفق بوراكيو مع مارجريت عليه في الواقع، فلن نستطيع أن نعرف يقينًا ما يحدث في «مشهد الشرفة»، إذ نعتمد على ما نسمعه فيما بعد، مثل غيرنا من شخصيات المسرحية، عما وقع فعلًا.
٧٨  المنظر: حديقة ليوناتو، وأهم ما يجب أن يراعى وجود شيء يستطيع بينديك أن يختبئ خلفه بحيث لا يراه باقي الشخوص ولا يراه إلا الجمهور، ويتنوع هذا «الشيء» في عروض المسرحية الحديثة ما بين مجموعة أشجار قصيرة أو طويلة، وبين قطع الأثاث التي توضع عادةً في الحدائق، وبين تعريشة خشبية، ويقول الشرَّاح إن بينديك كان يقف في المسرح الإليزابيثي خلف عمود قريبًا من الجمهور.
٧٩  يقول الشرَّاح إن وظيفة هذا الحوار تعريفنا بمكان وقوع الحدث، ما دمنا لا نرى الغلام يعود بعد ذلك حاملًا الكتاب.
٨٠  «وكلوديو مثال لذلك الرجل» يقول دريبر في الكتاب المشار إليه آنفًا إن بينديك «يلقي على نفسه محاضرة طويلة في مثالب الزواج» وهو أمر «لا داعي له قطعًا عند من قرَّ رأيه على أن يظل عزبًا مدى الحياة!» (ص٢٦٤).
٨١  لاحِظ تتابُع الجمل المتوازية البناء، وهو من سمات الأسلوب اليوفوي (انظر المقدمة).
٨٢  هذا الذي يعلن عداءه للزواج لا يفكر أمامنا إلا في زوجة المستقبل!
٨٣  «وليكن شعرها باللون الذي خلقه الله عليه» أي لن أهتم بلون شعر «زوجة المستقبل»!
٨٤  «مسيو كيوبيد» يقصد كلوديو، ويصفه بأنه رب الحب، والكلمة الفرنسية توحي بالتصنُّع.
٨٥  الإشارات المسرحية معظم الطبعات تنص على دخول بالتازار هنا (مثل آردن ونيو كيمبريدج وفولجر) وبعضها يؤجله إلى السطر ٤٠ (مثل سيجنت) وبعضها يحذف دخوله تمامًا مثل أوكسفورد التي نقرأ فيها أن بالتازار يغني فجأة! والمنطق يقول إنه ما دام دون بيدرو يعلن أنه جاء مع صاحبيه إلى الحديقة لسماع الموسيقى فلا بد أن يكون المغني حاضرًا منذ البداية، بل إن دون بيدرو يطلب من بالتازار «تكرار» الأغنية التي كان قد أنشدها من قبل لهم.
٨٦  في الأصل حيلة بلاغية من حيل الأسلوب اليوفوي وهي تكرار كلمة بمعنى آخر غير معناها الأول وهذا هو الأصل:
Note this before my notes
There’s not a note of mine that’s worth the noting.
فأتيت في الترجمة بسِمة بلاغية بديلة بالعربية، ما دام همي إخراج المعنى قبل الخصائص الأسلوبية عينها، وهي هنا حيلة بنائية أي «التصالب».

فلتسمَعْ هذا قبلَ الأنغام:

ليس بأنغامي ما يُسْمَع!

٨٧  «النفير المصنوع من القرون» النفير مذكر، مثل بوق الحرب وطبل الحرب (١٠-١١ عاليه) وتبرُّؤُ بينديك من التأثر بالموسيقى «الناعمة» من تقاليد الجندي، انظر محمود سامي البارودي الذي كان يتغنَّى بصلابة الجندي وكيف يسخر من «متع السلم»:
سواي بتحنان الأغاريد يطرب
وغيري باللذات يلهو ويلعب
وما أنا ممن تأسر الخمر لبَّه
ويملك سمعيه اليراع المثقَّب
٨٨  الأغنية: ذكرت في المقدمة ما أعتقده من أن الرجال لا يقرُّون بأنهم جُبلوا على خيانة المرأة إلا حين لا تسمعهم النساء، فكل من على المسرح رجال، ودون بيدرو يشارك بالتازار رأيه في اعتبار «موضوع» الأغنية «عاديًّا» أو «بريئًا» أو لائقًا بأن يكون موضوع أغنية غرامية! وسبق لي في المقدمة إيراد رأي و. ه. أودن في الأغنية، وأزيد هنا من إيراد بعض تعليقاته إذ يقول «إن الأغنية تدور حقًّا حول استهتار الرجال وحماقة كل امرأة تثق فيهم، كما تقدم ترياقًا تنصح المرأة به وهو أن تمرح وتضحك وتعتمد على سداد رأيها وحسب» (ص١١٥) وهو ما ينطبق على موقف بياتريس، إن كان ينطبق على موقف أحد في المسرحية، وأضيف أن أودن مصيب في حكمه لأن بياتريس، فيما يبدو، تعرضت لخيانة «قلب» بينديك من قبل، ومن ثَمَّ فهي تتصرف وفقًا لما توصي به الأغنية.
٨٩  «غربان الليل» نذير السوء التقليدي. لاحِظ أن بينديك يعترض على صوت بالتازار فقط، لا على «مضمون» الأغنية، فهو رجل يشارك رأي من يتظاهرون بأنهم لا يرونه.
٩٠  «هل هذا اتجاه الريح؟» الأصل:
Sits the wind in that corner?
والمعنى الحرفي هو «هل تهب الريح من هذا الركن (من أركان الأرض)؟» استنادًا إلى الظن بأن الريح تهب من إحدى الجهات الأصلية الأربع (الشمال والجنوب والشرق والغرب) ولكن التعبير يقوم على مثلٍ شائع آنذاك وهو «هل تأتي الريح من هذا الباب؟»
(Is the wind in that door?)
ومعناه فيما أوردته، مع الاحتفاظ بصورة الريح «هل ذلك هو الحال إذن؟».
٩١  لاحِظ أن دون بيدرو وليوناتو وكلوديو يقولون ما اتفقوا على قوله وفق نصٍّ غير مكتوب، ولذلك فهم يرتجلون ويترددون باعتبارهم يؤلفون ويخرجون ويمثلون في الوقت نفسه! وهو ما يفسر لنا تكرار التوقف في منتصف الجملة، ثم استئنافها وهلمَّ جَرًّا.
٩٢  «الرجل الأشيب» أي ليوناتو.
٩٣  «الوقار» أي كِبَرُ السِّنِّ.
٩٤  «كأنما كانت الصفحة المليئة مُلَاءَةً» في الأصل تورية في كلمة (sheet) التي تعني الصفحة وملاءة السرير، ولم أستطع نقل التورية فاستعضت عنها باللعب على فعل الملء في الجناس ما بين مليئة وملاءة، حتى يتحقق ما يزعمه كلوديو من فكاهة تذكَّرها!
٩٥  لاحِظ أسلوب كلوديو اليوفوي الذي يؤدي «وظيفة» فكاهية هنا.
٩٦  هذا ختام تعديد الصفات التي وضعها بينديك لزوجة المستقبل، كأنما كان هؤلاء يعرفونها!
٩٧  «مثل هكتور» وهو قائد طروادي شجاع في إلياذة هوميروس، قتله أخيلاس ثم جرَّ جثته ودار بها ثلاث مرات حول أسوار طروادة (٢٢ / ٤٦٥ وما بعده).
٩٨  وصف دون بيدرو لتجنُّب بينديك للمشاجرات يوحي بالجبن، ولكنه يتدارك نفسه ويضيف أنه قد يخوض المشاجرات «بإحساس المسيحي» أي بعدم الرغبة في القتل والاقتتال، وفي هذا ما فيه من سخرية، وإن كان يبدو أنه يخفف من الإيحاء بالجبن.
٩٩  «خائفًا مرتجفًا» لاحِظ كيف يحوِّل ليوناتو الصفة الدينية الحميدة (التقوى) إلى ما يوحي بأنها صفة بشرية دنيئة!
١٠٠  يعود دون بيدرو لإصلاح ما أفسده ليوناتو فيأتي بما يعدل من وصف الخوف قائلًا إنه يمثِّل خشية الله، لا خشية الناس! وهذا التلاعب الفكري بتعديل دلالة الألفاظ في الحوار من إضافات شيكسبير إلى الأسلوب اليوفوي، الذي يصبح هنا طريفًا مسليًا.
١٠١  «يبلى قلبها قبل أن يبلى حبها» لاحظ الصياغة اليوفوية.
١٠٢  «على خلاف الواقع» في توهُّم دون بيدرو ولكنه في الحقيقة الواقع، كما شرحت في المقدمة.
١٠٣  «الإيماءات الصامتة» المعنى المقصود هو أن الحب الذي يتصور دون بيدرو أنه أتى به من العدم سوف يحرم بينديك وبياتريس من ذلاقة لسانيهما ويرغمهما على التعبير عن غرامهما بالإيماءات الصامتة.
١٠٤  «أستكبر»، «متكبرًا» هاتان الكلمتان تؤكدان أن بينديك يقرر تغيير موقفه من الزواج لأنه لا يقبل صفة الاستكبار، وفي هذا يماثل بياتريس، بخلاف ما تراه بعض صاحبات النقد النسوي من اختلاف دوافع الرجل هنا عن دوافع المرأة.
١٠٥  «القذائف الورقية» الأصل (paper bullets) والمعنى هو ما يختزنه الذهن من الكليشيهات أو الأقوال المحفوظة من الورق (أي الكتب) وهي بلا حياة حقة.
١٠٦  «إنجاب الأطفال لعمران الدنيا»: كان ذلك من الأسباب المعتمَدة للزواج، وفقًا لما جاء في كتاب الصلوات العامة.
١٠٧  أول مخاطبة بنبرات الحب لبياتريس تتخذ شكل سطر موزون أي شكل الشعر العارض العفوي.
١٠٨  «طائرًا أبله» الأصل هو (daw) والمقصود (jackdaw) وهو غراب الزيتون وهو طائر اشتهر بالبلاهة والغباء، وكان أحيانًا يوضع في قفص ويعلِّمه مالكوه محاكاة كلام الإنسان. ونسميه في مصر الغراب الأخضر أو غراب الزرع، ويشير إليه هواة الطيور باسمه العلمي «كوراكياز» أو باسمه الإنجليزي (roller) وقد نقلت في الترجمة صورة الطائر والمقصود بها دون اسمه المحدد، لأنه لن يعني شيئًا للقارئ العربي العام.
١٠٩  «إن لم أحبها كنت يهوديًّا» كانت صورة اليهودي في العصر الإليزابيثي صورة المرابي الجشع الذي لا يعرف فضيلة الإحسان المسيحية، والإحسان بعد يتضمن الحب، إلى جانب كونه كافرًا بالمسيحية، بطبيعة الحال، ويكثر حذف هذه الكلمة في العروض الحديثة للمسرح أو وضع كلمة أخرى مكانها مثل «أحمق» وما إلى ذلك.
١١٠  «صورة مصغرة»: كان العشَّاق الأرستقراطيون في العصر الإليزابيثي يكلِّفون بعض الفنانين بإعداد صور مصغرة لمن يعشقونه.
١١١  ٢٤٨–٢٥٢ يقول بريان فيكرز في كتابه الذي أشرت إليه في المقدمة:

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤