الفصل الأول

(المنظر: ميدانٌ في حي شعبي تتصدره قهوة بلدي … مدخل القهوة دِكَّة خشبية فوقها جثة ضخمة مغطاة بملاية سرير … على مقربة من الدكة عدة كراسي وطقاطيق. في مواجهة القهوة بيت يفصل بينه وبين القهوة حارة صغيرة ذات سلالم عتيقة توحي بأنها من عصر غابرٍ … البيت مكون من دورين … الدور الأول تسكنه أسرة توكل أفندي المدرس الإلزامي الذي يعمل بإمارة بين النَّهْدين … في الدور العلوي تقيم أسرة المعلم عزوز.)

(عند رفع الستارة.)

عنتر : ولَه يا جربولي! … ولَه يا جربولي!
جربولي : عاوز ايه يا زفت انت؟
عنتر : دا توكُّل ح يوصل النهارده.
جربولي : تشرفنا يا اخويا … يعني سبع البرمبة ح يوصل؟
عنتر : يا واد ده باعت لمعشوق أفندي جواب … إنه راجع من بين النهدين، وجايب معاه عربية مرشيدس وفلوس، وشاي وجبنة سستر.
جربولي : وفرحان قوي كده ليه؟! يعني كان من قرايب المرحوم؟! داهية تاخدك (للزبون النائم على الترابيزة) ولَه … إنت يا ولَه … ولَه.
الزبون : بسم الله الرحمن الرحيم … إيه يا واد ده؟
جربولي : قوم عمك تَوكُّل راجع يا ولَه.
الزبون : يعني تصحِّيني من النوم، وقلقت منامي علشان تقوللِّي توكُّل راجع؟! ما يرجع والَّا يغور في ستين داهية … يعني ابو زيد الهلالي راجع؟!
جربولي : ده بيقولك راجع ومعاه عربية مرشيدس وجنيهات دهب … جايب معاه قُفَّة كلها دهب.
الزبون : دهب والَّا صفيح … إحنا يعني حناخد منه حاجة؟ ده حتى جِلدَة وطول عمره عرَّة وجعان … إتهوَّى بقى كده وخليني انام.
جربولي : تنام؟! … حد قالك ان احنا فاتحينها أكاندة؟! دي قهوة يا بني آدم.
الزبون : ما انا عارف انها قهوة … ولسه شارب شاي مافيش خمس دقايق.
جربولي : بقالك خمس تيام.
الزبون : طيب ماليش مزاج اشرب.
جربولي : ده مش بالمزاج … المشروب إجباري بأمر المعلم.
الزبون : إيه أوامر المعلم؟
جربولي : لازم تشرب حاجة.
الزبون : خلاص … روح هاتلي كوباية مَية.
جربولي (يشده من جلبابه بعنف) : تسمح تتكرت من هنا؟
الزبون : إنت بتزُقِّني … طيب، والله لاورِّيك.
جربولي : إبقى ورِّيني زي مانت عاوز … بس دلوقتي اتهوَّى من هنا.
الزبون : والله لاكون قاطع رجلك من هنا … علشان ماحدش واقف حال القهوة غير أفعالك السودة دي … حد يطرد الزباين يا بهيم؟ بس لما اشوف المعلم.
جربولي : إنت هتتجر من هنا بقى والَّا أعمِلَك زرع بصل في الميدان؟
الزبون (وقد وقف وسط المسرح) : أنا واقف في الشارع، إنت شريكي؟
جربولي : لأ … مَتُقفش في الشارع … يللا امش من هنا.
الزبون (يجلس على عتبة البيت) : وادي قعده.

(تدخل فواكه وهي سيدة في الثلاثين تبيع الياناصيب.)

فواكه : إسعاف … الدِّبَّة … النصيب.
الزبون : تعالي خدي يا بت.
فواكه : نعمين.
الزبون : ما درتيش … مش توكُّل أفندي راجع؟!
فواكه : توكُّل مين يا ادلعدي؟
الزبون : المدرس الإلزامي … الراجل الإيحة التَّعبان اللي ما يِسْوا نِكْلة؟
فواكه : آه … وراجع منين يا ادلعدي؟
الزبون : من بين النهدين … قعد له هناك سنتين.
الزبون : ده انا معايا نص ورقة، وقلبي بيقول انها كسبانة.
فواكه : خلاص … ما دام كشفت عليها بقلبك عاوز ايه؟
الزبون : طيب وريني الورق اللي معاكي.
فواكه : إنت ح تشتري والا ح تدلَّع؟
الزبون : والنبي أنا نفسي اتدلع … نفسي … ده انا ح تدلع على روحي يا بت.
فواكه : يا شيخ شوفلك نُقره ادفن فيها نفسك … جاتها خيبة اللي سحبت رِجلك. (في اتجاه القهوة): … الدبة … اللوتارية … يا نصيب … الدبة.
جربولي : أهلًا بالدبة.
فواكه : دبة لما تاكل مصارينك … أهو ده اللي انت شاطر فيه … عمك توكُّل العجوز اللي ما بيقدرش يمشي بيقولولك راجع من بين النهدين وجايب معاه عربية دهب.
جربولي : وهو فيه عربيات دهب انتي رُخْره؟
فواكه : أَهُم الناس كلهم بيقولوا كده … وبيقولوا ان الدهب هناك بيبوعوه على العربيات.
جربولي : أنا سمعت كده برضه … بيقولوا الراجل بتاع الدهب بيبقى سارح بالعربية ويغني على البضاعة (يغني) ولا تين ولا عنب زيك يا دهب، يا أصفر يا حياني يا رطب.
فواكه : إنت بتتمألِس عليَّه؟ والنبي تِتْوَكِّل كده.
جربولي : يا بت انا بقولك كلام مظبوط، واللهِ … هو انتي فاهمه ان الدهب بس اللي بيبيعوه على العربيات … دا الدهب، والفراخ، واللحمة كمان.

(يدخل المسرح معشوق أفندي، وهو رجل عجوز لامع أنيق.)

معشوق : يا مساء الأنوار … مافيش كده … يا بخت اللي يكسب … وريني الكشف يا حلوه.
فواكه : من عِنَيَّه حاضر.
معشوق : اعمل واحد شاي ميزة للست فواكه … وهات لي قهوة سادة.
جربولي : من عِنَيَّه حاضر … من حق، توكُّل أفندي راجع النهارده يا معشوق أفندي؟
معشوق : ده مين اللي قالك يا وَلَه؟! … عجايب. هيَّه حارتكم ما يتبلِّش في بقِّها فولة … مين اللي قالك؟
جربولي : الحتة كلها بتقول انه بعتلك جواب انه راجع النهارده، وانه جايب معاه عربية دهب، وموتوسيكلات دهب، وعجَلة دهب، وجِزم دهب.
معشوق : وهو فيه جزم دهب يا حافي؟!
جربولي : طيب بالذمة مش راجع ومعاه الحاجات دي؟
معشوق : ما هو ما دام رجع من بين النهدين يبقى معاه حاجات كتير … برفانات … حرير … عربية مرسيدس … جزم ساكسون.
جربولي : جزم ساكسونيا!
معشوق : ساكسونيا إيه يا واد؟ … امْشِ انجرَّ هاتلي كوباية ميه. (فواكه تحاول أن تأخذ الكشف.) ما تقعد يا غزال.
فواكه … هه … (تجلس) والنبي وِسْطِي زاي ما يكون هَينْقطَم.
معشوق : سلامة وسطِك يا سنيورة (متظاهرًا بالنظر في الكشف): اللي زيك لازم يرتاح.
فواكه : وحنرتاح فين يا حسرة؟!
معشوق : فين ازاي؟ الشقة عندي ترد الروح … عندي أودة صيفي عليها سقف، كفاية كده الواحد ينام على ضهره ويبص لفوق.
فواكه : جرى إيه يا سي معشوق أفندي؟
معشوق : إسمعي كلامي يا بت … دنا ما بُصِّش الا للحاجة الحلوة … ياما ستات كتير في الحتة تتمنى ابص لها بصة.
فواكه : إحنا مش من الستات دول يا خويا … هات الكشف خليني أشوف حالي.
معشوق : طب متزعليش … اقعدي.

(تطل نبوية زوجة المعلم عزوز وهي في حوالي الأربعين من عمرها.)

نبوية : يا معلم … يا معلم عزوز.
جربولي : أيوه يا ست عاوزة حاجة؟
نبوية : إنت ياللي ينقطع لسانك من اللغلوغ … المعلم فين؟
جربولي : هايكون فين يعني؟ مَطرَحُه.
نبوية : قوﻟﻠﻪ قوم انشا الله تقوم قيامتك!
جربولي : هو منبِّه علَيَّه ما اقوللوش قوم أبدًا، هو يقوم على مزاجه.
نبوية : مزاجه، روح إلهي تتمزج في نار جهنم … إنت يا معلم، معلم عزوز.
المعلم : يوه هه (ينهض من رقدته على الدكة.) عاوزين مني إيه؟
نبوية : عاوزين سلامتك … إنت خلاص سكنت عندك في الدكَّة دي … ما تطلع يا معلم.
المعلم : يعني اسيب شغلي واطلع؟
نبوية : وهو فين شغلك ده؟ يعني ما شاء الله الزباين مقطعة بعضها قوي، الليلادي ليلة الجمعة والا انت ناسي؟!
المعلم : يوه … قلتلك مش منقول من القهوة لما اشوف شغلي الأول، أما احاسب ابقى اطلع (بصوت منخفض) ثم انا تعبان.
نبوية : ماتحاسب الصبح … يعني الدنيا طارت؟!
المعلم : يعني اسيب المارك مرمي لحد الصبح، دا جنان ايه بتاع الولية دي؟!
نبوية : طيب يا خويا، خليك قاعد جنب المارك، أحسن المارك ها يطير، مبروك عليك الجوازة الجديدة، ما دام ربنا سهلَّك واتجوزت الدكة ربنا يهدي سرِّكم، جاتها وكسة رجالة. (تدخل)

(يرمي عزوز الملاية بعنف ع الأرض.)

عزوز : تعالى يا واد يا جربولي.
جربولي : نعمين يا معلمي، أعملك شاي؟
عزوز (يجلس القرفصاء على الدكة) : ادعك لي هنا يا واد (مشيرًا إلى ظهره.) (يدعك جربولي) قوي … قوي … في الحتة دي، أيوه، الله، تحت شوية، قوي يابن التعبانة (يضربه) أمال جرسون ايه يا ابو طويلة، باقولك ادعك لي مش اهرشلي، جراسين ايه بتوع اليومين دول؟
معشوق : دول شوية برد يا معلم.
عزوز : معقول برد، هو البرد ما بيطلعش ابدًا، برد إيه دا؟ ما تدعك يا بهيم!

(جربولي يدعك بعد توقُّف.)

فواكه : دا عجِّز ياسي معشوق أفندي … المعلم مابقاش فيه مُروَّة.
عزوز : الأكادة عليكي سِحْنَة تِقطع الخميرة م البيت … والِّلي خلق الخلق ما يملا عيني أربع نسوان زيك … إنت فاهمة انك حلوة؟
فواكه (ضاحكة) : طيب اطلع فوق ما دام بطل قوي كده.
عزوز : أنا مِيت مَرَّة قلتلِك: ماتهوِّبيش ناحية القهوة دي. (يضرب جربولي) وميت مرة قلتلَك: ماتدخَّلهاش القهوة … أنا معلم خيخة والا إيه؟ (يشخط) كلامي لازم ينسمع وأمري لازم يتنفذ، كمان دي مش من وَأْمَك يا معشوق أفندي تقعَّدها جنبك … انجري امشي من هنا.
فواكه : طيب حاسب كده على مهلك … المعلم صحيح، إللي عاوز يشخط وينطر يطلع، والا بتتعب م السلم يا معلم (تغادر المسرح وهي تضحك).
عزوز : قلة أدب، حريم عينها تندب فيها رصاصة … قليلة الحيا.

(يدخل جبر تاجر شنطة في الأربعين يرتدي جلباب سكروتة، وجزمة كوتش، ويمسك شنطة.)

جبر : كنك … كنك معايا سجاير كنك، صوف هيلت شغل بره … مساء الخير يا معشوق أفندي!
معشوق : مساء الخير يا واد يا جبر!
جبر : معايا خرطوشتين كنك، إنما يستهلوك.
معشوق : على كام يا واد؟
جبر : ٢٧٠ الخرطوشة.
معشوق : هتاخد الخمسة جنيه وتسيبهم، كانَ بها … مش عاجبك وريني عرض كتافك.
جبر : دول مش صغيرين … دا كنج سايس … السجارة تضرب في النافوخ عِدل. (يلتفت لعزوز) مساء الخير يا معلم!
المعلم : مساء الزفت عليك وعلى اللي جابوك.
جبر : الله … إنت زعلان؟ … حصل حاجة مني لا سمح الله؟
المعلم : يعني حتة طلب طلبته منك بقالي سنة ما انتش شاطر غير في الكنك وبس.
جبر : والِّلي خلقك، طلبت طلبية مخصوص علشانك انت.
المعلم : إيه … وبقالهم سنة بيعبُّوا فيها؟
جبر : الصنف اللي طالبهولك بالذات شاحح م السوق قوي؛ لأنه دا اللي فيه البركة، سيبك من أي صنف تاني.
معشوق : وإيه الطلب دا يا معلم؟
المعلم : لا … دي حاجة كده من غير مؤاخذة، شغلانة يعني، حاجة علشان الكرش، تضيع الكرش يعني.
جبر : وهو معشوق أفندي غريب، ماتقوﻟﻠﻪ، ما هو راخر زبون، المعلم طالب بازوكا.
معشوق : البازوكا دا مدفع يا وله.
جبر : الدوا اللي بتاكُل منه، اللي بيرم العضم.
معشوق : آه … البازوكا قصدك؟
جبر : أيوه ده.
معشوق : طيب وماجبتلوش ليه يا واد ما كان معاك علبتين أول امبارح؟
جبر : دول كانوا بتوع واحد زبون، والله ماكانوش للبيع.
المعلم : دا أصله رِمَّة.
جبر : صبرك بس يا معلم، والِّلي خلقك ماكانوا بتوعي.
معشوق : إنت حاسس بإيه يا معلم؟ ضعف يعني؟
المعلم : فشَر … والِّلي خلقك أنا أجمد من خمسين عيِّل صغير عنده عشرين سنة.
معشوق : أُمَّال عاوز الحاجات دي ليه؟!
المعلم : علشان ضهري، إنت يا واد يا جربولي!
جربولي : نعمين يا معلمي!
المعلم : تعالى يا واد ادعك لي الحتة دي.
معشوق : (يخرج علبة حبوب من جيبه يناول منها واحدة للمعلم) على العموم دي أحسن م البازوكا، حاجة أجمد … دي زومبا.
المعلم : يا سلام … ودي تعمل مفعول بإذن الله؟ (ينظر لجربولي) تحت يا ولَه … آه … أيوه الحتة دي، الله، أيوه.

(يتوقف ويضربه المعلم بالقلم.)

معشوق : دي تاخدها وتشرب شاي، ويا سلام لو شوية شوربة سخنين! ساعة بس والا ساعة ونص، هتلاقيك طالع السلم جَرْي، وبقلب قوي بإذن الله.
المعلم : إعمل كباية شاي يا واد يا جربولي! (وهو يبتلع الحبة) بس ربنا يجعل فيها القبول.
معشوق : إسألني أنا.
المعلم : إدعك يا واد يا جربولي! خلي عندك مروة وانت خيخة كده، رجالة ايه العرة دول؟
جبر : قلت إيه يا معشوق أفندي؟
معشوق : خمسة جنيه … تاخدهم ولا تتهوَّا؟
جبر : طيب خليهم ستة.
معشوق : خمسة جنيه أهم … خلَّصنا.
جبر : إنت مايخلَّصكش أخسر … مش عاوز يا معلم؟
المعلم : مش عاوز حاجة من وشك.

(يدخل زينهم)

زينهم : مساء الخير يا معلم!
المعلم : أهلًا … إزيك يا واد يا زينهم!
زينهم : إزيك انت يا معلم … لسه قاعد ع الدكة؟
المعلم : أُمال عاوزني اعمل زيك وادور اتمشْكح في الشوارع.
زينهم : يا عم خلاص … لا شوارع ولا قهاوي بعد كده، الحمد لله ربك تاب علينا خلاص وفُرجت.
المعلم : إيه يا واد، كسبت البريمو؟
زينهم : لأ، كسبت شغلة.
معشوق : مش غايته غفير على عمارة.
زينهم : عمارة؟ عمارة ايه يابيه؟ أسبوع واحد وشرفك وهاسافر.
المعلم : إيه راجع بلدكو تاني يا وله؟
زينهم : رايح بين النهدين، اتفقت النهارده مع عثمان اسافر بين النهدين.
المعلم : عثمان مين؟ المخدِّماتي؟
زينهم : مخدماتي مين؟ عثمان أحمد عثمان.
المعلم : شوف ياخويا الافترا بتاع العيال الصيَّع، بقى انت يا قيحة! إنت اتفقت مع أم المقاولين العرب؟!
زينهم : والِّلي خلقك النهاردة كان بيتحايل عليَّ، مش النهاردة بس، دا بقاله ست شهور بيتحايل عليَّ، لكن أنا بقى ماكانش ليَّه مزاج، لكن لما سمعت ان الراجل توكُّل راجع من بين النهدين، وجايب معاه شولة دهب قلت: اشمعنى أنا، والله لرايح.
المعلم : مين اللي راجع؟
زينهم : توكُّل أفندي، إنت ماعرفتش؟
المعلم : لأ ماعرفتش.
زينهم : دا بعت جواب لمعشوق أفندي، وقال له على كل اللي جايبه معاه، وبيقول لك جايب بِدَل دهب، وجرافتات دهب، ومراتب دهب، بيقول لك وقع على كنز يا معلم!
المعلم : طيب إزاي يا معشوق أفندي ما قلتليش؟
معشوق : والله من خَوْتة دماغي يا معلم! الواحد ما هوش داري بيعمل ايه النهارده.
جبر : وهو معقول الجمرك هيخليه يفوت بالحاجات دي؟
المعلم : والجمرك ماله! ما دام يجمرك خلاص يخش انشالله يا رب يكون جايب مراكب دهب.
المعلم : طيب وهايدوك كام يا واد في الشغلانة دي؟
زينهم : ميت دينار والسكن بلاش وكتير ست اشهر.
المعلم : طيب اسمع يا واد! تجيب لي معاك دوا اسمه بازوكا تجيب علبة والا اتنين وانت جاي.
جبر : إنت بتقول انك مسافر بعد أسبوع.
زينهم : كل شيء تمام إن شاء الله.
جبر : طيب اشوفلك كام دينار وكام جنيه استرليكي عشان تجيب شوية حاجات وانت جاي؟ … وهي لقمة وناكلها سوا.
معشوق : وان جبت عربية وانت جاي أشتريها منك.
المعلم : والله عال يا زينهم، ربنا هايتوب عليك م السجاير الفرْط، وم الرَّمية طول النهار ع القهوة، هتروح بين النهدين يابن الخايبة واحنا قاعدين هنا زي الولايا، دا آخر زمن والِّلي خلق الخلق (ينهض واقفًا) عن إذنكوا اما أروح أصلي.

(تنظر زوجته من فوق.)

نبوية : يا معلم!
المعلم (بغضب) : نعم!
نبوية : إنت مش طالع في ليلتك دي والا إيه؟
المعلم : دي ليلة إيه السودة دي؟ عاوزة مني إيه؟
نبوية : عاوزاك تطلع.
المعلم : رايح أصلي.
نبوية : ماتطلع صلي فوق.
المعلم : بقى حد يسيب الجامع ويطلع يصلي فوق، في شرع مين دا بقى؟!
نبوية : يعني الصَّلا حبَكت قوي، ما انت بقالك ييجي شهر ما بتصليش.
المعلم : خلاص تاب عليَّه النهارده، على رأي المثل اللي يعوزه البيت.
نبوية : طيب روح، والنبي صلاتك ماهي نافعة.
المعلم : وانت محتاجة صلا … معذورة في ركعتين؟!
نبوية : أهو انت مش نافع غير في النأورة والهزار، جتها وكسة رجالة.
المعلم (يضرب بالكف ويقف غاضبًا ثم ينادي): : خد يا واد!
جربولي : نعمين يا معلمي!
المعلم (يضربه بالقلم) : خد بالك من القهوة (ينصرف)
الشاي يا جربولي! وتدخل البيت.

(تدخل بنت شوارع بلدي تتكلم وتتشبه بأبناء الذوات.)

البنت : سلامات عليكو.
معشوق : إتفضلي يا افندم (يقدم لها كرسي).
البنت : إزيك … انت؟
معشوق : أهلًا يا ست هانم!

(تبتعد وهو يتجه إليها مصافحًا ويقبِّل يدها.)

خدامك يا ست هانم!
البنت : الشارع دا فايت؟
معشوق : شارع ايه؟ وفايت ايه؟ … إن كنت عاوزة حاجة أنا خدامك.
البنت : الشارع دا مفتوح والَّا مقفول؟
معشوق : لا بيفَوِّت … يا ست هانم!
البنت : أصل انا تايهة.
معشوق : تعالي يا سنيورة، تعالي لما اوريكي السكة.
البنت : مِرسي يا إنت!

(معشوق وبيده الخراطيش ويهم بالانصراف.)

جبر : معشوق بيه … الفلوس.
معشوق : فلوس ايه يا واد انت؟!
جبر : حق الخراطيش الكنك.
معشوق : عاوز كام؟
جبر : ستة جنيه.
معشوق : عشرة جنيه أهه هات خمسة.
جبر : أربعة بس.
معشوق : طيب هات جتك داهية.
جبر : مامعييش فكة.
معشوق : طيب خلي الفكة دلوقتي غور في ستين داهية، اتفضلي يا ست الستات!

(ينصرف معشوق والبنت بينما يبقى جبر وسيد.)

جبر : يا سلام عالم نجسة! تموت على المليم، ولما تشوف ديل فستان بالعشرة.
زينهم : والِّلي خلقك أنا مافيه حد يملا عيني أبدًا.
جبر : جتك نيلة وانت فيه ست ترضى تبصلك.
زينهم : والِّلي خلق الخلق ياما نسوان ماتت في محسوبك.
جبر : ماتت من القرف، جتها نيلة اللي تقع قُرعتها فيك.
جربولي : يا واد الرجالة أسرار، طيب مش المعلم عجبك منظره قوي، إيه رأيك إن الضعيف اللي قدامك ده قد المعلم عشر مرات.
جبر : والنبي انت كداب زي زينهم.

(يحط شنطة زينهم استعدادًا للانصراف.)

زينهم : على فين العزم؟
جبر : معايا معاد مع بنت أرتسشت.
زينهم : أرتسشت؟!
جبر : آه … بنت من بتوع الرومبا بيسموها أرتسشت … حِكَم … شغلة النصب شغلة السيما دي، أيوه الواحدة من دول تلاقيها ممصوصة والصَّفَار بينقط منها وجربانة زي حالاتك كده، وتحط الأحمر والأصفر وتلبس البروكة على راسها وتقصَّر ديل الفستان، تطلع أرتسشت على طول.
زينهم : والأرتسشت دي تعرفك انت يا تعبان؟
جبر : هي حتعرفني يعني واقعة في غرامي؟ دي موصياني على شوية ملابس حريمي.
زينهم : طيب روح إياك تلهفهم منك ببلاش.
جبر : مين دي، الحاجة أم جنيه بتاخدها بخمسة، فلوس زي الرمل يا جربولي والِّلي خلق الخلق … ومعاها واد أرتسشت، أنا أمثِّل أحسن منه، غيرش حظوظ.
زينهم : مين عارف؟ يمكن الحظ يضرب معاك وتبقى أرتسشت انت راخر.
جبر : خليك قاعد، إياك الجرب ياكلك.

(ينصرف جبر ويقترب زينهم من الجربولي.)

جربولي : إنت رايح بين النهدين صحيح؟
زينهم : أُمال رايح كدب يا واد؟!
جربولي : طيب ماتشوف لي شغلة معاك.
زينهم : كمان انت عاوز تسافر بلاد بره؟!
جربولي : وهي بين النهدين دي بلاد برة؟
زينهم : أُمال جوه؟
جربولي : طيب دانا سمعت انها زي هنا بالظبط، ويقولك السوق بتاعها زي السوق بتاع هنا بالظبط، وفيه لحمة وسمك وخضار وعيش كمان.
زينهم : أمال انت فاهم السوق يبقى فيه إيه … طيارات ودبابات؟!
جربولي : والنبي تشوف لي أي شغلة هناك وبس.
زينهم : وانت هاتشتغل ايه هناك؟
جربولي : أي حاجة، قهوجي حتى.
زينهم : ماحدش بيسافر هناك إلا الجامد في صنعته قوي، يعني كوني زي ماتقول ناس خُبَرَا.
جربولي : خلاص. خدني خِبرا … بس ماتقولش للمعلم.

(تخرج نبوية من البيت متوترة الأعصاب.)

نبوية (تنظر) : هو فين المعلم ياللي تنقرص في بطنك؟
جربولي : رايح يصلي.
نبوية : راح يصلي والا رايح ورا الراجل النجس معشوق؟
زينهم (ضاحكًا) : يعني ما شاء الله قوي!
نبوية : بتقول ايه يا واد انت يا واد؟
زينهم (خائفًا) : ماقلتش حاجة.
نبوية : هاتقعد هنا بأدبك، ماتقعدش هقلع الشبشب واديك على بوزك على طول.
زينهم : حد كلمك يا خالة نبوية؟
نبوية : خالة، روح إلهي تتخبل في عقلك، قال خالة قال.
زينهم : الله … انت عاوزة تشتمينا وبس.

(تخلع الشبشب وتنهال على زينهم.)

زينهم : آي … آي … آي … يفر صارخًا.

(الزوجة كالمجنونة تتلفت في أرجاء المسرح ثم يقع بصرها على الزبون الذي يجلس على جهة البيت.)

نبوية : وانت عاوز ايه يا جدع انت؟
الزبون : عاوز سلامتك يا ست.
نبوية : انشا الله يسلموك للحانوتي، قوم فز من هنا.
الزبون : وأنا عملت إيه بس؟
نبوية : إنت هاتقوم وال لأ؟

(تخلع الشبشب)

الزبون : حاضر.

(يهرب مسرعًا)

نبوية : إنت يا واد يا جربولي.
جربولي (مذعورًا) : نعم.
نبوية : اقفل المخروبة دي.
جربولي : حاضر.

(يبدأ في تشطيب القهوة.)

نبوية (لنفسها) : قال علشان صايع قاعد على القهوة فاتحها لي طول الليل، وحياة شرف النبي يا انا يا هو الليلادي.

(يفاجأ المعلم عند دخوله بجربولي يشطب القهوة ونبوية في حالة هياج.)

المعلم : إيه يا واد الحكاية؟
نبوية : مافيش قهوة الليلادي.
المعلم : مافيش قهوة ازاي … واحنا لو قفلنا كل ليلة مانقفلش الليلادي.
نبوية : إيه بقى … ليلة القدر؟!
المعلم : توكُّل أفندي وصل دلوقتي وجاي على البيت بالسلامة.
نبوية : دا مين اللي قال الخبر دا … يادلعدي؟
المعلم : الواد ابن اخته … افتح يا واد القهوة … وانتِ اطلعي كده علشان تلبسي وتقابلي الست مراته.
نبوية : يعني توكُّل أفندي ماهو غايب بقاله سنتين … مالقاش غير الليلة دي يوصل فيها … داهية لما تاخده راخر … طول عمره وش نصايب.
المعلم : يا ولية اطلعي وبلاش تبرطيم.
نبوية : ما تصلح نفسك انت راخر وتغير هدومك دي اللي قرَّحت وبقت زي الطين.
المعلم : أنا تعبان.
نبوية : طيب ياخويا … خليك زي مانت … يا فرحتي بهدومك اللي تقرف دي.
المعلم : الراجل مش بهدومه يا نبوية!
نبوية (تنظر إليه متنفرة) : أُمال الراجل بإيه يا معلم؟! … بإيه؟ … مابتردش ليه؟ … بإيه يا معلم؟
المعلم (يتحسس شاربه ثم يجيب بسرعة) : الراجل يا نبوية … بقلبه ولسانه.
نبوية : طيب يابو كلبه … قال بيتكلم بالوحوي شالله يابو كلبه.

(تدخل البيت)

المعلم : إيه يا واد اعملك هِمَّة … إنت قلبك من إيه؟ … أُمال شباب إيه؟ … ونيلة إيه؟ … إعملك هِمَّة (ينظر نحوه شذرًا): إعملَّك هِمَّة يا ابن المكسحة! (ينهمك جربولي في الرش) ويتجه المعلم ليجلس على الدكة.
المعلم : تعالى هنا يا واد!
جربولي : نعم يا معلم!
المعلم : أكلمك تيجي هنا يا واد!
جربولي : عاوز ايه يا معلم؟
المعلم : ملعون أبو الرش … قلتلك تعالى هنا. (بعد لحظات) اسمع يا واد.
جربولي : نعم يا معلم!
المعلم : الواد ابن نبوية، اندهله، قوله: المعلم عزوز عاوزك في حاجة مهمة قوي.
جربولي : دا كان سهران يا معلم ليلة امبارح وتلاقيه مجرَّش النهاردة.
المعلم : روح جره من الجلابية بتاعته وهاتو هنا … لازم نعمل فرح لتوكُّل أفندي النهاردة … قوم ياللا بسرعة وأنا حرُش القهوة.
جربولي : حاضر يا معلمي. (ينصرف)
نبوية (تظهر من البلكونة) : … مَتطلَع يا راجل تغير هدومك لحد توكُّل أفندي ما ييجي.
المعلم : يعني اسيب الرش واطلع أغير هدومي؟
نبوية : متشوف أي حد يرش بدالك … واطلع غيَّر هدومك وانت بقيت عامل زي اللي سارحين بالبهايم … يا راجل عيب كده تقابل توكل بالشكل ده.
المعلم : مفيش حاجة تعيب الراجل غير جيبه يا نبوية.
نبوية (مستهزئة) : طيب يا معلم … الحمد لله اللي لك جيب ياخويا.
المعلم : اللهم اخزيك يا شيطان … دي ليلة ايه المهببة ده؟! … يا ولية خُشِّي البسي انتي علشان تقابلي مرات توكُّل افندي.
نبوية : طيب متشخطش قوي كده … اللي يشخط يبقى راجل.
المعلم (يحدِّث نفسه) : اللهم اخزيك يا شيطان (يحدث نفسه): طيب حاضر يا ستي البسي حقك علَيَّه.

(تسمع مزيكة من الخارج … يدخل محمد طه وفرقته. ويترك المعلم الرش الذي يكون قد انهمك فيه … محمد طه يبدأ في الغناء … أثناء الغناء يدخل عزوز بعد سماع صوت كلاكس سيارة.)

نبوية : يا معلم عزوز … يا معلم عزوز … توكُّل أفندي وصل.
المعلم : يا ألف تُلتميت مرحبة.

(يظهر توكُّل أفندي حاملًا بعض الأشياء.)

توكُّل : امشِ … امشِ.

(يشير لسائق التاكسي وهو يمنحه بعض النقود.)

المعلم : نورت يا توكل أفندي!
توكُّل : حاجة تنرفز.
المعلم : ليه هو اللي ييجي من بين النهدين يبقى متعصب كده؟
توكُّل : التاكسي … آل التاكسي آل … دي عربية عدمانة … التاكسي في بين النهدين … يا محترم مرسيدس … مش صندوق زبالة زي اللي جانبي هنا.
المعلم : يا راجل ولا تزعل … حمد لله على سلامتك.
توكُّل : دا اللي احنا شاطرين فيه … وإيه يعني سلامتي … والتاكسي كان هيفصص عضمي؟!
المعلم : الله؟ إنت راخر عضمك تعبان ومفصص.
توكُّل : أمال أنا باحكي لمين؟
المعلم : أهو انا كمان عضمي مفصص ولا باركب تاكسي ولا باركب حلزونة، يظهر الجو اليومين دول بيفصص العضم … أمال فين الست هانم والست الصغيرة بسلامتها؟
توكُّل : في التاكسي، مع الشنط، ما هو حاكم دول ناس حرامية.
المعلم : اجري يا واد يا جربولي هات الشنطة يا واد!
جربولي : حاضر يا معلم.

(يقفز جربولي خارجًا من المسرح وتنزل الزوجة من فوق.)

نبوية (تصافح توكل بحرارة ويصافحها بنفور) : أُمال فين المدام؟
توكُّل : في التاكسي، أصل ماكانش مرشيدس، فشفش عضمي وعضمهم بعيد عنك.

(يبدو النفور على توكُّل ويدخل جربولي حاملًا حقائب، والزوجة والبنت تدخلان مستهزئتان.)

نبوية (متجهة بفرحة إلى الاثنين) : يا ألف تلتميت مرحبة.
الزوجة : ربنا يسر حالك.
سمرة : هالو طنط!
نبوية : اسم النبي حارسها مين؟
سمرة : أنا يا طنط ياي، انت جاهلاني؟

(نبوية تنظر إليها من فوق لتحت وتمعن النظر في فخذيها العاريتين.)

سمرة : إنت مستغرباني؟

(تدور نبوية حول سمرة في دهشة.)

سمرة : إنت ليه عمالة تنفزاني؟
نبوية (تحدث نفسها) : سبحان الله يا اخواتي، الخلقة هي هي، الشكل هو هو، لكن الركب ماكنتش باينة بالشكل ده.

(تعيد النظر إلى سمرة بنت توكل.)

سمرة : أول كلمة تقوليها مظبوطاتي.
المعلم : ماتحط اللي على إيدك دا على الأرض وتريح دراعك شوية.
توكُّل : مصفصف أو مفصفص أتحمِّل أحسن ما يتكسر.
المعلم : إيه دي من غير مؤاخذة؟
توكُّل : لادا … دا مِكْسَرْ … خلاط يعني.
المعلم : دا خلاط ايه من غير مؤاخذة؟
توكُّل : خلاط سكر، عصار يعني.
المعلم : مش فاهم.
توكُّل : عاوز تعصر لمون، برتقال، حاجات زي كده.
المعلم : دا مايعصرش لمون دا أكتر من كباية كده.
توكُّل : أمال عاوزين يعصر لمون يملا الجردل؟!
المعلم : جردل ايه يابا! واللِّي خلقك ان ماكان طشت ما يكفيني.
توكُّل : ليه ما تفكريش في المرشيدس؟
نبوية : النهدين دي فيها بلاد زي مصر كده؟ وفيها قهاوي وفلاحين برضه؟
توكُّل : احكي فلاحين مين يا باشا! … تلاقيهم هناك راكبين عربيات على طول.
المعلم : ودي عربية عيال من غير مؤاخذة.
توكُّل : دا ديكور ودا بيت، ودا آلة عرض؛ مانا لازم أجيب كل حاجة، خصوصًا الحاجات الكمالية، تصور يا محترم تقوم من النوم الصبح تحلق دقنك بالكهربا، تعمل مساج بالكهربا، دي كلها مَكَن بالكهربا، وبيني وبينك يا معلم! جبت معايا كل حاجة بالكهربا … احنا مش هانترقى الا لما نستغل الكهربا، وكل واحد يحلق دقنه بالكهربا … تأكد كل شيء يبقى عال.
المعلم : كهربة مين يا أستاذ، عليَّ النعمة أنا دقني عاوزة فاس.
توكُّل : مافيش حاجة مخيبانا وجايبلنا الكافية الا عدم تنظيم المواعيد، هناك كل شيء بنظام: تقوم الصبح في ساعة معينة … تفطر في ساعة معينة … تركب عربية في ساعة معينة … تروح الديوان في ساعة معينة، ثم تتوكل في ساعة معينة … دا إيه ده الدنيا هتولع.
المعلم : دا حتى النهاردة فيه خريف حلو.
توكُّل : يا سلام، كمان بتسمي دا خريف، أمال جهنم تبقى إيه؟
المعلم : دا تلاقي جهنم دي في البلاد اللي انت جاي منها.
توكُّل : لا يا محترم، كل شيء هناك مكندش.
المعلم : أعوذ بالله، ليه كده الشر بره وبعيد؟!
توكُّل : الشقة مكندشة، العربية مكندشة، المكتب مكندش، الدكان مكندش … الكندشة في كل حته.
المعلم : وعيني عينك كده؟
توكُّل : وإيه يعني مش فاهم؟
المعلم : يعني اللي عاوز يكندش هناك على كيفه؟
توكُّل : طبعًا على كيفه، وفيها إيه لما يكندش يا أخي؟
المعلم : فيها إيه ازاي، ودي تبقى بلاد دي؟
توكُّل : أحسن بلاد طبعًا أمال عاوز تعيش من غير كندشة؟!
المعلم : طيب انت … اتكندشت؟
توكُّل : طبعًا، أنا إيه اللي بيخليني اقعد في حتة مافيهاش كندشة؟!
المعلم (يخاطب نفسه) : اخص عليك راجل … كنت يعني بتكندش مظبوط والا كندشة كده على ما قُسم؟
حكمت : يا سلام على الكندشة اللي هناك يا أم إمام، ياخرابي على الكندشة يا خرابي؟ اﻟ ٢٤ ساعة قاعدة في الكندشة.
المعلم (صائحًا على زوجته): : يا أم إمام … يا أم إمام!
نبوية : نعمين يا معلم!
المعلم : اطلعي على فوق بقى، اطلعي، يللا.
توكُّل : الله. ما هي مع الست يا أخي!
المعلم : لا يا توكُّل أفندي، ماوصلتش الحكاية لحد كده.
توكُّل : وإيه اللي حصل؟
المعلم : مراتك يا أخي، ودا اسمه كلام ده، بتتكلم على المكشوف قوي، أنا ماحبش حريمي تفتح عينها أبدًا ع المشي البطال ده.
توكُّل : هو إيه اللي حصل؟!
المعلم : إنتو يظهر بقيتو أَلفْرَنكة قوي. مراتك بتتكلم عن الكندشة.
توكُّل : وفيها إيه يا أخي؟
المعلم : فيها إيه كمان؟
توكُّل : طبعًا.
المعلم : لو لقيتها بتكندش، مافيهاش حاجة كمان.
توكُّل : يا سلام، دنا لما كنت أخدها واخرج كنت لازم أوديها حتة فيها كندشة.
المعلم : إنت اللي كنت بتوديها بإيدك؟!
توكُّل : يا سلام، طبعًا!
المعلم : لا … عن إذنك، إنت يظهر اتغيرت في السنتين اللي غبتهم دول (يرفع ذراعيه لفوق) استرها يا رب (ينظر لزوجته) يللا يا أم إمام … ياللا.
نبوية : إيه مالك يا معلم؟ بتزعق كده ليه؟
المعلم : ياللا على فوق، عن إذنك يا توكل أفندي.
نبوية : ياللا ياخويا، ألف نهار ابيض يا معلم.
المعلم : والمرة دي ماتبقيش تروحي عندها أبدًا.
نبوية : مش لازم يا خويا.
المعلم : إخص جاتها البله. (يصعدان)
توكُّل : كل حاجة تمام؟
حكمت : أيوه.
توكُّل : الشنطة القماش الانجليزي، جبتيها؟
حكمت : أيوه يا توكل!
توكُّل : وشنطة البطاطين؟
حكمت : كل شيء مظبوط، ماتفكرش انت … ماتشغلش بالك.
توكُّل : بس الواحد يطفح الدم ويحط شقاه في شنط وبعدين تضيع.
حكمت : لأ مانستش، ياللا يا جربولي. (يدخلان البيت)

(بينما جربولي في التشطيب يلمح نور شقة المعلم يطفأ وترتفع ضحكات ناعمة تطلقها نبوية. وفي هذه اللحظة تدخل فواكه المسرح مسرعة.)

فواكه : واد يا جربولي!
جربولي : عاوزة إيه يا بت؟
فواكه : المعلم فين؟
جربولي : يعني المعلم ما شاء الله قوي؟
فواكه : يا واد قوللي المعلم فين؟
جربولي : فوق.
فواكه (صائحة) : يا معلم عزوز، معلم عزوز!
نبوية (غاضبة جدًّا) : إيه يا ست؟ عاوزة إيه في ليلتك السودة دي؟
فواكه : المعلم فين؟ ربنا يخليكي.
نبوية : إنت هاتنجري من هنا والا انزل ارقعك ميت شبشب على نافوخك؟
فواكه : إندهيله أحسن حصلت مصيبة.
المعلم (يطل من الشباك) : مصيبة ايه يا بت؟
فواكه : معشوق أفندي، معشوق أفندي.
المعلم : ماله؟
فواكه : مات.
المعلم : بتقولي إيه يا بت؟
فواكه : بقولك معشوق أفندي مات.
المعلم : إستني يا بت اوعي تتنقلي.
(يهبط المعلم الدرج لاهثًا): … بتقولي إيه يا بت؟!
فواكه : معشوق أفندي يظهر كان معاه حد في البيت، حد غريب يعني، وبعدين الناس شافوها وهي بتجري افتكروها سرقت حاجة، جريوا وراها ومسكوها قالتلهم أبدًا … أنا ماليش دعوة هو اللي مات.
جربولي : إيه؟ … دا كان معاه واحدة ست لقَطها وهو قاعد هنا.
المعلم : يعني شاب نطل قوي، جته داهية، جته داهية، جاب الكافية لنفسه يستاهل.

(ينادي يا نبوية! … يا أم إمام!)

نبوية : نعمين.
المعلم : إرميلي العباية.
نبوية : ليه؟ رايح فين يا معلم؟
المعلم : الراجل معشوق اتوفى.
نبوية : إتوفى، والا راح في داهية، إطلع ارقد الصباح رباح.
المعلم : يعني اسيبه واطلع ارقد جنبك؟!
نبوية : لأ مايصحش، ياخويا روح … بقيت حانوتي الحتة — مبروك عليك الشغلانة الجديدة.
المعلم : إرمي العباية وبلاش تبرطيم.
نبوية : دا مش العباية بس، خد آدي العباية، وآدي الهدوم، وآدي الجزم أهه، خد، خد … خليك تروح ماترجع (تقذفه بالأحذية).
المعلم : الله، يا ولية يا مجنونة، إنت يا ولية (تنهال الملابس على رأسه والجزم فوق رأس المعلم الذي يحاول أن يدفع هذه الأشياء بيده ويقول) طيب روحي … طالقة بالتلاتة.

(تنزل الستار ببطء شديد في خلال إلقاء الملابس وتصميم المعلم علَى الطلاق.)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤