الفصل الأول

الدولة السلجوقية

١

لا نريد أن نفصل وصول تلك العشيرة التركية إلى الغلبة والاستيلاء على أكثر الأقطار الإسلامية، فإنه لا حاجة إلى ذلك الآن، وإنما نذكر فقط صورة مجملة لتلك المملكة الضخمة، التي تفيأ الغزالي ظلها الظليل.

ذكر الأستاذ محمد الخضري (بك) في محاضراته في الجامعة المصرية أن عشيرة السلاجقة انقسمت إلى خمسة بيوت: الأول السلاجقة العظمى، وهي التي كانت تملك خراسان، والري، والجبال، والعراق، والجزيرة، وفارس، والأهواز. والثاني سلاجقة كرمان. والثالث سلاجقة العراق. والرابع سلاجقة سورية. والخامس سلاجقة الروم.

أما السلاجقة الكبرى فهي الدولة التي أسسها ركن الدين أبو طالب طغرل بك، وحياتها ٩٣ سنة: من ٤٢٩هـ/١٠٣٩م إلى سنة ٥٢٢هـ/١١٢٧م. وقد انقضت دولتهم على أيدي شاهات خوارزم.

وأما سلاجقة كرمان فكانوا من عشيرة قاروت بك بن داود بن ميكائيل بن سلجوق، وهو أخو ألب أرسلان، ومدة ملكهم ١٥٠ سنة، من ٤٣٢هـ/١٠٤١م إلى ٥٨٣هـ/١١٨٨م. وقد انقضت دولتهم على أيدي الغز التركمان.

وأما سلاجقة العراق وكردستان فقد ابتدأت دولتهم سنة ٥١١هـ/١١١٧م. وانتهت سنة ٥٩٠هـ/١١٩٤م على أيدي شاهات خوارزم بعد أن مكثت ٧٩ سنة.

وأما سلاجقة سورية فكانوا من بيت تنش بن ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق. وقد ابتدأت دولتهم سنة ٤٨٧هـ/١٠٩٤م. وانتهت سنة ٥١١هـ/١١١٧م. على أيدي الدولتين: النورية والارتقية، فكانت حياتها ٢٤ سنة.

وأما سلاجقة الروم: ملوك قونية واقصرا، فكانوا من بيت قطامش بن إسرائيل بن سلجوق، وقد ابتدأت دولتهم سنة ٤٧٠هـ/١٠٧٧م. وانتهت سنة ٧٠٠هـ/١٣٠٠م، فهي أطول دول السلاجقة حياة، إذ مكثت ٢٣٠ سنة، وقد انقضت على أيدي الأتراك العثمانيين والمغول.

والذي كان يرتبط تاريخه من هذه البيوتات بتاريخ الدولة العباسية لدخول بغداد في حوزتهم السلاجقة العظمى وسلاجقة العراق، الذين كان لهم السلطان على العباسيين من سنة ٤٤٧ إلى سنة ٥٩٠، أي ١٤٣ سنة.

واستخلف من آل العباس في عهد الدولة السلجوقية تسعة خلفاء، أولهم القائم بأمر الله الذي انتهى في عهده العصر البويهي، وآخرهم الناصر لدين الله الذي انتهى في عصره ملك السلاجقة.

٢

عاصر الغزالي أكثر ملوك الدولة السلجوقية الكبرى، فقد شهد عضد الدين أبي شجاع ألب أرسلان، وجلال الدين أبي الفتح ملكشاه، وناصر الدين محمود، وركن الدين أبي المظفر بركياروق، وركن الدين ملكشاه الثاني، ومحمد بن ملكشاه.

وقد ولد الغزالي في آخر عهد طغرل بك، الذي ملك بغداد، وتقرب من الخليفة حتى تزوج الخليفة بنت أخيه. والذي تطلع إلى أن يتزوج من البيت العباسي. وهو أمر لم تجر به العادة. فأرسل سنة ٥٤٣ يخطب بنت الخليفة، ثم ظفر بزواجها في حديث طويل.

أما ألب أرسلان فكان واسطة عقد الدولة السلجوقية، وفي عهده أسست المدارس النظامية، صاحبة الفضل على الغزالي، وسنعود إليها بعد قليل. وأما محمد بن ملكشاه فهو الذي وضع له الغزالي كتاب التبر المسبوك في نصيحة الملوك.

هذا ما يهمنا من دولة آل سلجوق، وما نريد أن نزيد.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤