الفصل الخامس

آداب المتعلمين

وعلى المتعلم ما يأتي من الواجبات:
  • (١)

    أن يقدم طهارة النفس من رذائل الأخلاق ومذموم الأوصاف.

  • (٢)

    أن يقلل علاقته من الاشتغال بالدنيا ويبعد عن الأهل والوطن فإنه مهما توزعت الفكرة قصرت عن درك الحقائق.

  • (٣)

    أن يذعن لنصيحة المعلم إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق.

  • (٤)

    أن يحترز في مبدأ أمره عن الإصغاء إلى اختلاف الناس، فإن ذلك يحير ذهنه ويفتر رأيه، بل عليه أن يتقن أولًا طريقة أستاذه، ثم يصغي بعد ذلك إلى الشبه والمذاهب.

  • (٥)

    أن لا يدع فنًّا من الفنون المحمودة إلا وينظر فيه نظرًا يطلع به على مقصده وغايته، ثم إن ساعده العمر طلب التبحر فيه، وإلا اشتغل بالأهم واستوفاه، وتطرف من البقية.

  • (٦)

    أن لا يخوض في فن من الفنون دفعة، بل يراعي الترتيب.

  • (٧)

    أن لا يخوض في فن حتى يستوفي الذي قبله، فإن العلوم مرتبة ترتيبًا ضروريًّا وبعضها طريق إلى بعض. وهذه الطريقة فيما أرى إنما تصلح في الفنون التي كان يعرفها الغزالي إذ ذاك، فمن الواضح أن الفقه مثلًا طريق الأصول، ولكن هل يصح لدينا الآن أن المنطق طريق الحساب، أو أن النحو طريق الجغرافيا، ووصف الشعوب؟

  • (٨)

    أن يعرف أن شرف العلم إنما يرجع إلى شرف الثمرة أو قوة الدليل فعلم الدين فيما يرى الغزالي أشرف من علم الطب، لأن ثمرة الأول السعادة الأخروية، وثمرة الثاني السعادة الدنيوية والآخرة خير من الأولى. وعلم الحساب أشرف من علم النجوم لقوة أدلته. وعلم الطب أشرف من علم الحساب لأن الثمرة أولى من قوة الدليل.

وربما كان يحسن أن يتنبه الغزالي إلى أن للحساب ثمرة لا تقل شأنًا عن وثاقة دليله، ولكن عذره أنه عاش في عصر قد غاب عن إنسانه أنه خُلق لتعمير الوجود.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤