المرحوم أنطون الجميل

رئيس تحرير الأهرام١
كيف أنسى زمنًا كنت به
من أخ أغلى وأسمى من أبِ
ضقت ذرعًا بزماني وكذا
ضاقت الأيام والآلام بي
رائحًا في لجة طاغية
غاديًا في عاصف مضطربِ
قد تغشاني ظلام لا أرى
فيه مغداي ولا منقلبي
صامدًا للظلم والظلم له
معول يهدمني عن كثب
وأنا أدفعه عن منكبي
بيدي حتى تهاوى منكبي
وتماسكت فلم يبق سوى
كبرياء هي درع للأبي
هتفت بي النفس فلنمض إلى
ذلك الورد الكريم الطيبِ
إن «أنطون» وما أعظمه!
طاهر القلب نبيل المشربِ
كأس ود لم ترنق أبدًا
وصفت كالذهب المنسكب
ونداماه على طول المدى
رفقة حفّوا به كالحبب

•••

مكتب لا بل بساط عامر
بالمعالي يا له من مكتب
مكتب قد صيغ من عالي
المساعي ونبيل الدأب
مكتب يُزهي بحُر ماجد
ثابت الرأي سني المأرب
صائد الدر تراه غارقًا في
صحف أو غائصًا في كتب
مصغيًا في حكمة، أو مطرقًا
في وقار سامعًا في أدب
فإذا أدلى برأي تلقه
راح يدلي بالعجيب المطرب
مستفيضًا ببيان جامع
سحر «هوجو» وجلال العرب
ذاك «أنطون» وما أروعه!
صفحة لا تنتهي من عجبِ
قطرات حسبت من عرق
وهي لو حققتها من ذهب
أسعد الأيام يوم ضمني
بك في دار كأفق الشهب
كُرّمت من شرف وارتفعت
بالعلا، وازَّينت بالحسب
لدسوقيٍّ وما أنسى له
إنه مثلك في الفضل أبي
كيف أنسى فضله وهْو الذي
ذاد عني عاديات الحقبِ
أنتما للمجد ذخر فابقيا
للمعالي، واسلما للأدب
١  ألقيت في حفلة تكريم في منزل صديقه الأديب الوزير إبراهيم دسوقي أباظة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤