الدرس التاسع

المبادرة التجارية والمنافسة

ستتعلم في هذا الدرس

  • دور رواد الأعمال في اقتصاد السوق.

  • كيف توجِّه المنافسة رواد الأعمال.

  • لماذا يميل العمال إلى تقاضي كامل قيمة ما يساهمون به.

(١) المبادرة التجارية

«رائد الأعمال» هو القوة الدافعة لاقتصاد السوق؛ ذلك أنه من يرى أن هناك شيئًا ما يفتقده السوق، فيقرر تأسيس مشروع جديد أو تصنيع منتج جديد. ويستخدم رائد الأعمال المدخرات (سواء الشخصية أو المقترضة من أصحاب رءوس الأموال)١ بهدف توظيف العمال، وتأجير الأرض والمعدات، وشراء المواد الخام، والسلع الوسيطة، وسداد قيمة الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى مدخلات الإنتاج الأخرى. بعدئذ يعطي تعليماته لمن وظَّفهم بأن يستخدموا المعدات والماكينات والمدخلات في إنتاج السلع والخدمات التي ستباع لاحقًا للعملاء.

قد يكون عملاء نشاط تجاري معين رواد أعمال هم أيضًا أو مستهلكين نهائيين. على سبيل المثال: قد يفتتح أحد رواد الأعمال مخبزًا يستخدم فيه فرنًا كبيرًا ودقيقًا وماءً وعددًا من العمال لتوفير الخبز لسكان المنطقة. لكن هناك رائد عمل آخر مهمته إنتاج الأفران، وعملاؤه رواد أعمال مثل الخباز ومالك المطعم.

«الإيرادات» هي الأموال التي يدفعها العملاء لرائد الأعمال مقابل الحصول على المنتجات أو الخدمات التي يقدمها. أما «النفقات» فهي الأموال التي يدفعها رائد الأعمال للعمال والموردين ومالك الأرض وغيرهم كي يستمر في إنتاج سلعه وخدماته. وعندما تكون الإيرادات أعلى من النفقات، فإن صاحب المشروع يحقق «أرباحًا» نقدية. وعندما تكون النفقات أعلى من الإيرادات، يتكبد صاحب المشروع «خسائر» نقدية. وعلى الرغم من أن هناك عوامل أخرى قد تحفز رواد الأعمال بخلاف الأرباح والخسائر المادية، فعندما يصف الناس مشروعًا ما بأنه ناجح، فهم يقصدون بذلك أنه يدر ربحًا.٢ من ناحية أخرى، إذا تبين أن شخصًا ما ظل يدير مشروعًا على مدى عدة سنوات وهو يتكبد الخسائر دون أن تلوح أمامه نهاية لذلك، فهذا المشروع على الأرجح إما هواية أو عمل خيري، وليس تجارة حقيقية، ومن يُفترض أنه رائد أعمال هو في الحقيقة مستهلك.٣

إسهام رائد الأعمال

«ما يميز رائد الأعمال الناجح عن الآخرين أنه لا يترك ماضيه أو حاضره يتحكمان فيه، بل يرتب أموره على أساس توقعاته حيال المستقبل. فهو يرى الماضي والحاضر مثلما يراهما بقية الناس، لكنه ينظر إلى المستقبل نظرة مختلفة.»

لودفيج فون ميزس،
كتاب «الفعل البشري»، صفحة ٥٨٢

(٢) المنافسة تحمي المستهلك

إذا كان رواد الأعمال هم القوة الدافعة في اقتصاد السوق، فالمنافسة هي التي تنظم عملهم وتحفزهم. تضمن المنافسة أن يبذل رواد الأعمال أقصى ما في وسعهم دائمًا من أجل توفير السلع والخدمات للمستهلكين بالجودة التي ينشدونها وبأقل سعر ممكن.

في اقتصاد السوق الخالص تتسم جميع التعاملات بأنها اختيارية. وبصرف النظر عن الثراء الذي يحققه صاحب العمل، فإنه لا يستطيع أن يرغم المستهلك على شراء منتجاته. لدى المستهلكين دائمًا حرية اختيار المكان الذي يحصلون منه على السلعة أو الخدمة، مما يعني أنه حتى أكثر أصحاب المشاريع نجاحًا عليه أن يواصل محاولة كسب رضا عملائه على الدوام.

وتجري العملية التنافسية من خلال عملية التقليد والابتكار. ورائد الأعمال الفطن هو الذي يعاين الوضع الراهن للسوق ويكوِّن فكرة جيدة من أجل تحسين الطريقة السائدة التي يقدم بها رواد الأعمال الآخرون خدماتهم للعملاء. وقد تكون هذه الفكرة عظيمة مثل ابتكار منتج جديد تمامًا. لكن كثيرًا ما يكون الابتكار متواضعًا إلى حد بعيد مثل التحول لتعبئة صلصة الطماطم في عبوات بلاستيكية غير قابلة للكسر، أو تغيير نظام مقاعد المسافرين في رحلات الطيران. وتظهر الكثير من الابتكارات على صعيد الإنتاج حينما يكتشف صاحب المشروع مصدرًا أرخص للمواد الخام أو يكتشف وجه استفادة من المنتجات الثانوية التي لم يكن يستفاد منها من قبل. حتى التخفيضات الطفيفة في النفقات يمكن أن تترجم إلى زيادة هائلة في الأرباح إذا ما طبقت على نطاق صناعي واسع.

ولا تنتهي القصة عند هذا الحد. فعندما يتوصل أحد أصحاب الأعمال إلى ابتكار ناجح، يتمكن من تحقيق أرباح مرتفعة نسبيًّا. وعندما يرى نظراؤه هذا النجاح يبدءون تقليده في الوقت الذي يبحثون فيه عن طرق إضافية لإجراء تعديلات بسيطة وتقديم ابتكارات أحدث. وعالم الأعمال التجارية لا يتوقف أبدًا. حتى الشركات التي تحتل موقع الصدارة في مجالها تبحث دومًا عن طرق جديدة لكي تحافظ على صدارتها للمنافسة. ومع الوقت تزداد جودة السلع والخدمات مع انخفاض الأسعار.

المستفيدون النهائيون من المنافسة ليسوا رواد الأعمال، بل عملاءهم. فعندما يتوصل أحد رواد الأعمال إلى ابتكار ناجح ويحقق أرباحًا استثنائية، يكون هذا النجاح مؤقتًا، لأن منافسيه يكتشفون بمرور الوقت كيفية تخفيض نفقاتهم، أو تحسين جودة منتجاتهم مثلما فعل هو من قبل. وكثير ممن ينتقدون اقتصاد السوق تروعهم «هوامش الربح» الهائلة التي تتحقق في بعض الأحيان، مما يعني أن هناك فجوة هائلة بين السعر الذي يطلبه المنتِج مقابل منتَجه وبين النفقات التي أنفقها لإنتاجه. لكن في ظل المنافسة ستنخفض الأرباح النقدية (ومن ثم «هوامش الربح») تدريجيًّا لأن المتنافسين يحاولون كسب حصة من السوق من خلال عرض منتج مماثل بسعر أقل قليلًا. ولا يمكن أن يتمتع رائد أعمال بأرباح نقدية ثابتة إلا بتقديم مزيد من الابتكارات.

من الناحية العملية نجد أن الرغبة في كسب مزيد من الأرباح النقدية هي التي تحرك معظم رواد الأعمال. لكن في اقتصاد السوق ما من طريقة لجني الأرباح سوى خدمة العملاء (وفي الوقت نفسه تقليل النفقات). ومن أجمل ما في اقتصاد السوق أنه يكبح جماح بعض الأنانيين والطموحين والموهوبين في المجتمع ويجعل من مصلحتهم المباشرة أن يحرصوا دائمًا على إرضاء الآخرين. رواد الأعمال يوجهون اقتصاد السوق، لكن المنافسة فيما بينهم هي التي تحفظ نزاهتهم.

(٣) المنافسة تحمي العمَّال

في القسم السابق رأينا أن المنافسة تحمي المستهلكين من الارتفاع التعسفي للأسعار. فعندما يحاول رائد أعمال الحصول من عملائه على هامش ربح ضخم مقارنة بما أنفقه من نفقات، لا يمكنه أن يمنع منافسًا في السوق الحرة من عرض نفس المنتج بسعر أقل قليًلا لكسب عملائه. وعلى المدى الطويل تضمن المنافسة ألا يدفع العملاء سعرًا مرتفعًا مقابل السلع والخدمات التي يحتاجونها. فالعملاء يدفعون سعرًا «عادلًا» مقابل السلع والخدمات، بمعنى أنه لحظة البيع لا يكون بعض الأذكياء في المجتمع قد تفتق ذهنهم بعد عن طريقة جديدة لعرض تلك السلع بأسعار أقل، بالرغم من أنهم كانوا سيحققون أرباحًا مالية مجزية لو فعلوا ذلك.٤

على الجانب الآخر من العمل التجاري تحمي المنافسة العمَّال من الأجور التعسفية المنخفضة. صحيح أن بعض العمال — لا سيما المُعيلين — قد لا تكون لديهم «قدرة تفاوضية» ومن ثم سيضطر إلى قبول أجر زهيد إذا لم يكن أمامه عرض آخر. لكن في ظل اقتصاد السوق الخالص لا يمكن لصاحب العمل المقتصد أن يمنع منافسًا من عرض راتب أعلى قليلًا على العمال الذين يتلقون أجورًا منخفضة، ومن ثم يطيح به خارج المنافسة. على المدى الطويل تضمن المنافسة ألا يدفع أصحابُ الأعمال أسعارًا أقل من المستحَق مقابل خدمات الأيدي العاملة — وغيرها من الموارد — التي يحتاجونها في تجارتهم.

ولكي نعرف هل يتقاضى العامل أجرًا «عادلًا» لا بد أن نعرف حجم إسهامه الفعلي في العمل.٥ فبعض العمال أكثر إنتاجية (ومن ثم أكثر قيمة) من غيرهم، وهو السبب في تفاوت أجور العمال. كيف إذن يقدر صاحب العمل الأجر الذي هو مستعد لدفعه لمن سيعيِّنه؟

يقول الاقتصاديون إن صاحب العمل ينبغي أن يحاول حساب «الإنتاجية الحدية» للعامل الجديد. وهذا يعني النظر إلى إجمالي الإنتاج مرة مع وجود العامل الجديد ومرة من دونه. ثم يستخدم صاحب العمل هذه المعلومات ليحسب مقدار العائد الإضافي الذي سيجنيه من وراء الإنتاج الإضافي. والنتيجة ستشكل سقفًا أو حدًّا أقصى لما يمكن أن يدفعه صاحب العمل للعامل الجديد.

على أرض الواقع سيحاول صاحب العمل بالطبع إعطاء العامل مبلغًا أقل من إنتاجيته الحدية، مثلما يحاول الحصول على هامش ربح كبير من زبائنه. لكن المنافسة تضمن ألا يعطي صاحب العمل العمالَ أقل مما يستحقون لزمن طويل، مثلما تمنعه من رفع الأسعار على العملاء زمنًا طويلًا.

لنفترض أن ريتا تملك مطعمًا يرتاده الكثير من الزبائن، وأنها لاحظت أن من الصعاب الكبرى التي تواجهها في عملها تنظيف طاولات الطعام بعد مغادرة الزبائن. فطوال الوقت تكون هناك طاولات عديدة بحاجة إلى التنظيف، مما يعني أن المضيفة تكون مضطرة لأن تطلب من الزبائن الانتظار بضع دقائق لحين إعداد طاولة لهم. تدرك ريتا أنها بحاجة إلى توظيف مساعد نادل إضافي يساعد النادل الموجود حاليًّا في إعداد الطاولات للزبائن الجدد.

تجد ريتا من يصلح لهذه المهمة، وهو بوب الذي يملك خبرة سابقة كمساعد نادل في مطعم يرتاده الكثيرون، فضلًا عن أنه يبدو مهذبًا ومسئولًا. وتفكر ريتا في أنها إذا وظَّفت بوب، فلن يستغرق الأمر سوى أسبوع ليعتاد بوب على عمله، وسيتيح وجوده للمطعم خدمة ما متوسطه طاولتان إضافيتان في الساعة. (ربما بدلًا من وجود ٤ طاولات غير نظيفة طوال الوقت، ستكون هناك ٣ فقط بعد توظيف بوب، بحيث تستغرق كل مجموعة زبائن ما متوسطه ٣٠ دقيقة لتطلب الطعام وتتناوله ثم تغادر.) إذا كانت ريتا تحصل من طاولة الزبائن العادية على ٢٦ دولارًا مقابل الوجبة التي يتكلف إعدادها ٢٠ دولارًا — من دون احتساب الأجر الذي تدفعه ريتا لبوب — عندئذ ستكون ريتا على استعداد لأن تدفع لبوب ١٢ دولارًا في الساعة.

بالطبع ستتمنى ريتا لو وظَّفت بوب بأجر أقل من ١٢ دولارًا في الساعة. لكنها لو عرضت عليه ٤ دولارات فقط، فقطعًا سيكون بإمكان بوب عرض خدماته على مطعم منافس مقابل ٥ دولارات في الساعة. والنهاية المنطقية الوحيدة لن تأتي إلا عندما يتقاضى بوب أجرًا يتناسب مع مقدار المكسب الإضافي الذي يجنيه صاحب العمل من وراء خدماته.٦ المنافسة بين أصحاب الأعمال تمنح العمال فرصة لأن يتقاضوا أجورًا تتناسب مع مقدار إسهامهم في العمل.

خلاصة الدرس

  • رواد الأعمال هم القوة الدافعة في اقتصاد السوق. فهم يوظفون العمال ويشترون الموارد من أجل إنتاج سلع وخدمات تباع للمستهلكين.

  • تدفع المنافسة رواد الأعمال إلى إنتاج سلع وخدمات يقدرها العملاء، وطلب أقل الأسعار الممكنة في المقابل، وبمستوى جودة يرتضيه العملاء.

  • تدفع المنافسة رواد الأعمال أيضًا إلى إعطاء العمال كامل قيمة مساهمتهم في الإنتاج. فإذا بخس صاحبُ العمل العمالَ حقوقهم، فسيأتي منافس آخر — يرغب في تحقيق مكسب أكبر — ويعرض راتبًا أعلى لجذب هؤلاء العمال.

مصطلحات جديدة

  • رائد الأعمال: شخص في اقتصاد السوق يوظف العمال ويشتري الموارد من أجل إنتاج السلع والخدمات.
  • الإيرادات: مقدار النقود التي ينفقها العملاء مقابل الاستفادة مما ينتجه صاحب العمل خلال فترة زمنية محددة.
  • النفقات: مقدار النقود التي ينفقها صاحب العمل على الأيدي العاملة والمواد الخام ومدخلات الإنتاج الأخرى خلال فترة زمنية محددة.
  • الأرباح النقدية: المقدار الذي تزيد به الإيرادات عن النفقات.
  • الخسائر النقدية: المقدار الذي تزيد به النفقات عن الإيرادات.
  • المنافسة: التنافس بين أصحاب الأعمال الذين يتاح لهم توظيف نفس العمال وشراء نفس الموارد من أجل إنتاج سلع وخدمات تباع لنفس العملاء.
  • الإنتاجية الحدية: الزيادة التي تطرأ على الإيرادات جراء توظيف عامل إضافي.

أسئلة الدرس

  • (١)

    لماذا نَصِف رائد الأعمال بأنه القوة الدافعة لاقتصاد السوق؟

  • (٢)
    في عالم الواقع لم يوصف جميع أصحاب رءوس الأموال بأنهم من رواد الأعمال؟
  • (٣)

    ما الذي يحفز رواد الأعمال وينظم عملهم في اقتصاد السوق؟

  • (٤)

    كيف تتحقق المنافسة من خلال «التقليد والابتكار»؟

  • (٥)

    كيف تحمي المنافسة حقوق العمال؟

هوامش

(١) في عالم الواقع لا يكون الفرق بين رواد الأعمال وأصحاب رءوس الأموال واضحًا. إذا كان قرض تجاري خاليًا من المخاطر حقًّا، فسوف يجني صاحب رأس المال عائدًا مضمونًا من وراء القرض الذي قدمه، وهو بذلك يبيع «خدمة» مقابل سعر متفق عليه تمامًا مثل الشركة التي تبيع الكهرباء لرواد الأعمال. لكن ما يحدث أن صاحب رأس المال الذي يُقرض مشروعًا جديدًا دائمًا يشارك في المخاطر التجارية للمشروع بصرف النظر عن البنود التي ينص عليها العقد. فهناك دائمًا احتمال وارد بإخفاق المشروع وخسارة صاحب رأس المال كل شيء.
(٢) نحن نشير هنا إلى الأرباح والخسائر «النقدية» كيلا يختلط الأمر مع المفاهيم الأعم للأرباح والخسائر «الشخصية» (أو «النفسية»)، وهو ما يكترث له صاحب العمل من الأساس. على سبيل المثال: إذا كان صاحب العمل يقضي ٦٠ ساعة أسبوعيًّا يكرس خلالها أقصى ما لديه من جهد في مشروع جديد، ثم ينتهي به الحال وقد حقق أرباحًا نقدية قدرها ١٠٠ دولار شهريًّا، فالأغلب أنه سيترك هذا العمل. حتى وإن حصل على نقود أكثر مما أنفق، فإن «تكلفة الفرصة البديلة» لاستخدام جهده على هذا النحو مرتفعة للغاية. يمكن لصاحب هذا المشروع أن يجني أكثر من ١٠٠ دولار شهريًّا بأن يغلق مشروعه ويعمل لدى رائد أعمال آخر أكثر نجاحًا!
(٣) مرة أخرى قد يكون التمييز بين تلك الأدوار غير واضح في عالم الواقع. على سبيل المثال: قد يدير شخص متقاعد ملعب بيسبول صغير مقابل الحصول على رسم متواضع من الأطفال الصغار لتسديد تكلفة توظيف الحكَّام وشراء الملابس الرياضية، لكن ربما يكون في بذل كل هذا الجهد ترويح عن نفس هذا الرجل الذي يهوى كرة البيسبول فحسب. وتحديدًا إذا حدث أن أنفق الرجل أمواله في تحويل فناء منزله (الفسيح) إلى ملعب بيسبول، فسيكون واضحًا أن المشروع لم يكن بغرض الربح حقًّا، وأن الرجل لم يكن يبحث عن عائد مادي محدد من استثماره.
(٤) وضعنا كلمة «عادل» بين علامتي تنصيص لأن جميع العمليات التجارية في اقتصاد السوق الحرة تكون طوعية وأيضًا عادلة من منظور مهم جدًّا. فحتى لو باع أحد المستثمرين منتجًا بسعر أعلى مما دفعه في الحصول على المنتج، فلا يزال المستهلك يقدر المنتج أكثر من النقود التي أنفقها في شرائه، وهكذا فإن المستثمر والمستهلك كليهما استفادا استفادة شخصية من عملية التبادل.
(٥) وضعنا كلمة «عادل» بين علامتي تنصيص لأن أي عقد عمل يكون عادلًا في السوق الحرة، بمعنى أنه يُبرم طواعية، فضلًا عن أن العامل يقدر شخصيًّا الأجر أكثر من وقت الفراغ الذي يتنازل عنه عندما يقبل الوظيفة.
(٦) الأمور ليست على قدر البساطة الذي تبدو عليه في النص؛ ففي بعض الحالات تكون هناك عوامل عديدة لا غنى عنها من أجل الحصول على المنتج النهائي، لذلك يكون من الصعب فصل الإنتاجية الحدِّية لعامل واحد من هذه العوامل. (كيف يقتسم فريق «بيتلز» الموسيقي الإيرادات التي يحققونها من الحفلات الموسيقية وعقود التسجيلات؟ ليس مجديًا أن نسأل: «كم ستنخفض المبيعات إذا لم يشارك بول مكارتني الفريق؟» لأنه لو فعلنا ذلك فسيبدو أن كلًّا من مكارتني ولينون يستحقان أكثر من نصف الإيرادات.) مشكلة أخرى تكمن في أن زيادة عدد العمال يمكن أن يغير الإنتاجية الحدية للعمال الأصليين، بمعنى أن المنافسة ستغير حتمًا من أجورهم إذا كانوا يحصلون من قبل على أجر «عادل». وأخيرًا هناك مشكلة أخرى وهي أن الإنتاجية الحدية للعمال ستختلف بين نشاط وآخر. على سبيل المثال: إذا كان بوب سيضيف لريتا ١٢ دولارًا، بينما لن يضيف للمطعم المجاور سوى ١٠ دولارات فحسب، فسوف تفرض المنافسة أن يحصل بوب على ١٠ دولارات على الأقل. يمكنك الرجوع إلى كتاب متقدم في الاقتصاد لترى كيف يمكن التغلب على تلك المشكلات.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤