الفصل الثاني

(الشقَّة التي يسكنها نجيب بشارع قصر النيل: صالون بسيط حسن الذوق … باب في الصدر، وباب في الجهة اليمنى صغيرٌ، وباب بَلكون في الجهة اليسرى … منضدة كبيرة على شكل صندوق، في وسط الصالون … وعليها غطاء؛ فلا يدرك الرائي لأول وهلة أنَّها صندوق … تليفون على منضدة أخرى صغيرة، وجراموفون على منضدة ثالثة، كذلك مرآة في الحائط.)

(نجيب أمام المرآة، بالقميص والبنطلون، يربط الكرافتة … يدق جرس باب الشقَّة … فينتفض نجيب، ويسرع إلى وسط الصالون … جرس الخطر! يتَّجه إلى المنضدة التي كالصندوق، ويرفع غطاءها؛ فيفتح الصندوق فيدخل فيه ويتمدَّد، ويغلق عليه الغطاء … وعندئذ يدخل عبد الله من باب الصدر.)

عبد الله (في يده ورقة) : سي نجيب بك! يا سي نجيب بك … اظهر جنابك وبان وعليك الأمان! مفيش حد من ايَّاهم … دا أنا عبد الله البوَّاب.
نجيب (يرفع الغطاء ويظهر من الصندوق، ويظل لحظة يرمي عبد الله بنظرات شزراء، ثم ينفجر) : انت مش عبد الله البوَّاب، انت عبد الله الجحش … حضرتك مش ناوي تبطَّل اللعب في جرس الخطر؟
عبد الله : نسيت.
نجيب : يعجبك كده تخلِّي دمي يهرب من غير مناسبة؟
عبد الله : حصل خير.
نجيب (يرتمي على المقعد) : إجري بقى شوف لي كبَّاية لمون بالثَّلج.
عبد الله : وفين هوَّ اللمون والثلج؟
نجيب : تصرَّف يا أخي … بس شاطر تعكِّر مزاجي … شيء يجنِّن.
عبد الله : هات جنابك قرش نشتري به.
نجيب : بتقول إيه؟
عبد الله : قرش.
نجيب : اسحب كلمتك بسرعة.
عبد الله : ما فيش حد دلوقت راضي يبيع لنا شُكك.
نجيب : طيِّب خلاص اسكت … صرفنا نظر … لكن الحق مش عليك، الحق عليَّ أنا اللي أسكن في عمارة، فيها بوَّاب نتن زي حضرتك … طول عمر البوَّابين تسلِّف السكان، وانت مش راضي تطلَّع من جيبك قرش واحد، نجيب به ثلج.
عبد الله : تصدَّق بالله يا سي نجيب بك؟
نجيب : مصدَّق بالله انك بارد.
عبد الله : أبدًا … وشرفك لو تعرف العذر … دا أنا مخصوص طالع لجنابك علشان أطلب.
نجيب : لأ … إقصر الشَّر … تطلب إيه؟ انت انهبلت؟ اسكت بقا خلاص … لا تطلب منِّي ولا أطلب منَّك … خلِّينا كده حافظين مراكزنا.
عبد الله : أنا على كل حال ما أنساش فضلك عليَّ.
نجيب : أيوه كده اتصلَّح اعمل معروف.

(يتناول الجاكتَّة من على مقعد ويلبسها.)

عبد الله : بس …
نجيب (يقاطعه) : لأ … في عرضك، مافيش بس! ما تبقاش زي القطط، تاكل وتنكر … انت لسَّه امبارح، واصلك منِّي نُص ريال.
عبد الله : خلِّيهم النهارده ريال.
نجيب : وأجيب لك منين؟ هو انت ربِّنا مشيَّعك دلوقت؛ علشان تتسبِّب في نكدي؟
عبد الله : دا أنا يا بيه، حايش عنَّك بلاوي كتير.
نجيب : طيِّب، ما تحوش نفسك عنِّي شوية دلوقت.
عبد الله : والله، إن ما كنت أنا موجود تحت، لكان أصحاب الديون طلعوا هربِدوا البيت … ولا كان نفع فيهم جرس خطر، ولا صندوق، ولا أي حيلة من حيلنا دي! دا وكيل صاحب الملك، كل يوم والتاني عايز يقابلك؛ علشان أجرة الشقَّة المتأخَّرة، وأنا أوزَّعه وأقل له انك مسافر … وكل ما حد غريب يسأل عن حضرتك، أقول له مش موجود … أمَّال فِكر جنابك، أنا قاعد تحت أقشَّر بصل؟
نجيب : كل ده كويس … لكن بقا.
عبد الله : لكن كُله من قلِّة البخت.
نجيب : انت لاخر قليل البخت؟
عبد الله : ربنا أعلم بحالي.
نجيب : علشان عاوز نص ريال؟
عبد الله : نص ريال … ربع ريال … اللي يطلع من ذِمتك.
نجيب : انت فاهم ذمتي دي جراب، أطلَّع منه انصاص ريالات، وأرباع ريالات؟
عبد الله : بقى ما فيش النهارده جبر خاطر؟
نجيب : ربنا أعلم بحالي.
عبد الله : النهارده أول الشهر.
نجيب : أول الشهر كان الصبح.
عبد الله : ودلوقت؟
نجيب : دلوقت اسمه آخر الشهر.
عبد الله : كده بالعجَل؟
نجيب : النتيجة الرسمية بتاعتي كده … أول الشهر يبتدي من الساعة ٩ صباحًا لغاية ١١ والدقيقة ٤٥ … يعني على ما يضرب مدفع الظهر، أكون شطَّبت طبعًا … إنت فاكر إيه؟ احنا ما عندناش فلوس تبات لتاني يوم.
عبد الله : على كده، جنابك رايح تعمل إيه في دي؟ (يقدِّم الورقة التي معه)
نجيب : إيه دي؟
عبد الله : فاتورة حساب.
نجيب : هس! ما تسمَّعنيش كلمة حساب … إيَّاك تنطق بالكلمة دي في بيتي … أنا مؤمِّن على حياتي ضد الكلمة دي.
عبد الله : دا خريستو البقَّال.
نجيب : ما اعرفوش.
عبد الله : عاوز يقبض.
نجيب : قل له بلاش عبط.
عبد الله : له ٦٥٠ قرش استجرار الشهر اللي فات … منهم ٣٠٠ قرش سلفه نقدية، و٢٠٠ قرش باقي الشهر اللي قبله، و١٥٠ قرش.
نجيب : اسكت اعمل معروف … ما فيش فايدة … ربنا خلق ليَّ طبل ودان، ما يلقطش الحساب.
عبد الله : الخواجة حلف ما يشكِّك حضرتك.
نجيب : حلف بإيه؟
عبد الله : حلف بدينه قدَّام بوَّابين الحتَّة.
نجيب : إنه ما يشكِّكنيش؟
عبد الله : أبدًا.
نجيب (يغنِّي) : قال إيه حلف ما يشكِّكنيش … قال إيه حلف … (فجأة ينفجر في غضب) أقسم بالله الذي خلق السَّلف نعمة للناس، اني لا أتعامل مع الوغد خرستو ده، لا شُكك ولا نقدية … خلاص … مبسوط؟
عبد الله : ونجيب لوازمنا منين؟
نجيب : شوف بقَّال تاني … هوَّ بقى ما فيش في مصر غير خريستو؟
عبد الله : مافيش غيره … كافة بقَّالين الحتَّة عرفتنا … بقى لنا سنة، كل شهرين نغيَّر بقَّال.
نجيب : بقى احنا خلَّصنا بقَّالين قصر النيل كلُّهم؟
عبد الله : خلَّصناهم كلُّهم. ودوِّبناهم في عرق العافية.
نجيب : ما فيش بقَّال فتح جديد؟
عبد الله : أبدًا … أنا واخد بالي طيِّب، من كل دكَّان يفتح جديد.
نجيب : شيء يجنِّن! والعمل بقى دلوقت؟
عبد الله : أحسن طريقة تدفع لخرستو قرشين من أصل المطلوب، ونرجع له.
نجيب : نرجع له … مش ممكن … أنا حلفت خلاص … ما يمكنش.
عبد الله : خرستو برده مهاود، ابن حلال، أحسن من غيره.
نجيب : انت مجنون … مستحيل … وقع منِّي يمين.
عبد الله : إنَّ الله غفور رحيم.
نجيب : حتَّى اليمين نقعد نبعزق فيه؟
عبد الله : معلهش … برده أحسن من البهدلة، نراضيه ونرجع له.
نجيب : إنَّا لله وإنَّا لخريستو راجعون.
عبد الله : ندفع له النهارده ٢٠٠ قرش.
نجيب : ٢٠٠ إيه؟
عبد الله : إن ما كانش النهارده، يكون بكرة؟
نجيب : وان ماكانش بكرة؟
عبد الله : يكون بعده.
نجيب : دا كلام جميل … لمَّا انت تعرف تسمَّعني الكلام الحلو ده، ساكت ليه من الصبح؟ سبحان الله! انزل بقى، خلِّيني آخد خمس دقايق استراحة.
عبد الله (في تردُّد) : فيه موضوع تاني.
نجيب : موضوع مفرح من فضلك؟
عبد الله : مفرح قوي.
نجيب : خير … قل بسرعة.
عبد الله : الرُّبع ريال لازمني ضروري.
نجيب (ناظرًا شزرًا) : دا الموضوع المفرح قوي؟
عبد الله : ما هو أصل أنا كنت الأول، طالب من جنابك نص ريال، لكن بقى …
نجيب : لكن بقى مراعاة للحالة الحاضرة، وعملت لي تنزيل ٥٠ في الميَّة … مفهوم.
عبد الله : أنا قلبي دايمًا على جنابك.
نجيب : أشكرك على إحساساتك.
عبد الله (يشير إلى جاكتَّة نجيب) : اهرش جنابك في جيب الجاكتَّة.
نجيب (ينهض ويخلع جاكتَّته، ويقذف بها إليه) : خد اهرش فيها بمعرفتك.
عبد الله (يتلقَّاها ويبحث في جيوبها جميعها) : اللي ما فيها برغوت نقدية!
نجيب (جالسًا) : علشان تصدَّق.
عبد الله (ينظر إليه في ارتياب) : أمَّال جنابك نازل برَّه دلوقت ازَّاي؟
نجيب : ومين قال لك انِّي نازل؟
عبد الله : جنابك مش نازل النهارده؟
نجيب : أنزل ازَّاي؟ عينيك كلَّها نظر.
عبد الله : يعني جنابك حاتفضل محبوس هنا؟
نجيب : قسمتي.
عبد الله : لحد إمتى؟
نجيب : لحد ما تسلِّفني انت ربع ريال.
عبد الله : كويِّس! لأ مش ضروري بقى نزول جنابك … اقعد لحد ما يفرجها الكريم من ناحية تانية (جرس التليفون يدق) إيَّاك ده الفرج.
نجيب (بلا حراك) : عشم إبليس في الجنَّة.
عبد الله : مين عارف؟
نجيب : مش منظور ان مدير البنك الأهلي يطلبني في التليفون؛ علشان يقول لي أمرنا لك بخمسين جنيه! على كل حال، روح انت شوف مين.
عبد الله (يتَّجه إلى التليفون) : يا سيِّدنا الحسين.
نجيب : إن كان واحد من ايَّاهم، ارمي السمَّاعة على طول!
عبد الله
نجيب (يرفع السمَّاعة) : آلو … آلو … مين؟ نجيب بك … حاضر (يلتفت إلى نجيب) دي واحدة ست عاوزة حاضرتك.
نجيب (ينتفض) : ست … (ينهض ويهرع إلى التليفون) آلو … أفندم … آه … هوَّ انت يا سوسو؟ … نعم … عاوزة إيه؟ ما بظهرش؟ طبعًا فيه سبب مهم … لأ مش زعلان منِّك … أنا زعلان من نفسي … لأ مش نازل النهارده … لأنِّي منحاش … منحاش في البيت … اللي حايشني؟ سبب مهم … (يبعد فمه عن البوق، ويخاطب عبد الله) أقول لها على السبب يا سي عبد الله (يعود إلى التليفون) لأ ما أقدرش النهارده … متأسِّف … أورفوار … (يضع السمَّاعة، ويجلس وهو يقول لعبد الله) صدَّقت؟ قلت لك ده مش مدير البنك الأهلي، تقول لي لأ … ما فيش فايدة.
عبد الله (بعد لحظة صمت) : بقى مافيش مع حضرتك ربع ريال؟
نجيب (في صبر عجيب) : إن كان مع حضرتي٣ صاغ كنت نزلت … عاوز افهِّمك أكثر من كده؟
عبد الله (في لحظة تفكير) : جنابك برده تقدر تجبر بخاطري.
نجيب (في اهتمام) : ازَّاي بقا يا شاطر؟
عبد الله : المطبخ فيه كروانة نحاس، تساوي لها نصف ريال.
نجيب : بس كده؟
عبد الله : وفيه كمان لحوق كويِّس، يجيب له ٧ قروش صاغ.
نجيب : كويِّس … وانا آكل في إيه؟
عبد الله : في اللُّوكانده.
نجيب : يا سيدي … يا سيدي!
عبد الله : محمد السفرجي طفش … ومين اللي رايح يطبخ لجنابك؟ مفيش غير اللُّوكانده.
نجيب (في تهكُّم خفيٍّ) : الكونتننتال!
عبد الله : اللي تستحسنها.
نجيب : تعجبني!
عبد الله : وأكل اللُّوكانده على كل حال أحسن من تَلكلِيك محمد السفرجي، اللي يقرف الكلب.
نجيب : طبعًا … لكن بقى يا فصيح، اللُّوكانده دي بلاش، والَّا بفلوس؟
عبد الله : شُكك لحد أول الشهر.
نجيب : يا مسكين يا أول الشهر … أول الشهر ده لو كان جمل، كان زمانه وقع من طوله مغشيًّا عليه!
عبد الله : وإيه الرأي بقى، يا سي نجيب بك؟
نجيب : اللي تشوفه جنابك … (جرس التليفون يدق).
عبد الله : التليفون!
نجيب : تعال شوف مين.
عبد الله (يمسك السمَّاعة) : آلو؟ واحدة ست برده.
نجيب : عاوزة إيه دي كمان؟ هات ورِّيني (يأخذ السمَّاعة) آلو … مين … حسنيَّة؟ أفندم … عاوزاني ضروري؟ مش ممكن … ما اقدرش أنزل النهارده … سبب مهم … منحاش … أيوه منحاش … برده لازم أجيلك حالًا في تاكسي؟ طيِّب انتظري على التليفون لحظة (يلتفت إلى عبد الله) نصف ريال سلف يا عبد الله بك!
عبد الله : منين؟
نجيب : ابحث في أي حتَّة … لازمني ضروري … اعمل معروف.
عبد الله : تعمل به إيه جنابك؟
نجيب : أجرة تاكسي يا مغفَّل.
عبد الله : أنا ورايا شغل مش فاضي … (يتحرَّك للانصراف).
نجيب (يبصق نحوه) : ما أنا برده عارفك ندل خسع! (وفي الحال يتَّجه إلى البلكون في الجهة اليسرى، ويقف ببابه، ويرفع رأسه إلى أعلى ويصفر) يا مصطفى … يا مصطفى … سيدك سامي لسَّه مارجعش من العيادة؟ لسَّه؟ طيِّب احدف لي حالًا نُص ريال وحياة أبوك … ما فيش ازاي؟ نُص ريال واحد لا غير يا دون … ما تعطَّلنيش … إخص على اللي عملكم خدَّامين … (يدخل يائسًا) شيء يجنِّن (يمسك السمَّاعة) آلو … اسمعي يا حسنيَّة … مافيش فايدة أبدًا، تعالي انت بتاكسي … مستحيل؟ طيِّب يا عزيزتي أورفوار … (يضع السمَّاعة في الحال).
عبد الله : خلِّيك جنابك في بيتك … برده أحسن!
نجيب (في نظرة شزراء) : أحسن في إيه؟
عبد الله : جنابك كنت حاتدفع للتاكسي النُّص ريال، اللي احنا لسَّه مش عارفين نعتر عليه!
نجيب : طيِّب اسكت … مش عاوز منَّك كلام! قسمًا بالله العظيم ماتنطق كلمة واحدة زيادة، إلَّا أقوم أأكِّلك علقة تساوي ٣٠ قرش!
عبد الله : ٣٠ قرش! دي ولا أكلة الحاتي الكبابجي! طيِّب قابل، بس ادفعهم.
نجيب : تفضَّل انزل … وخدها من قصيرها … الَّا انا دلوقت العفاريت بتلعب قدَّامي.
عبد الله : لأ … ربنا يستر … (يشير بالسلام ويخرج).
نجيب (يرتمي على المقعد) : ما فيش نزول خلاص … أنا لازم أعوِّد نفسي على الوحدة، وأعمل زي غاندي، وأحتقر العالم كلُّه، اللي ماشي بالفلوس … سوسو تحبِّني علشان الفلوس، حسنيَّة عاوزاني بالفلوس … آدي الحياة كلها … فيها إيه غير كده؟ وكدَّاب اللي يقول فيه حاجة اسمها عواطف، عند مخاليق الله المصنوعين من وحل وطين.
سامي (يدخل في اندفاع واهتمام) : نجيب؟
نجيب : نعم … ما لك عاوز إيه انت لاخر؟
سامي : أنا … أنا.
نجيب : انطق امَّال.
سامي : أنا وقعت من السما وانت تلقَّفتني.
نجيب : امتى ده؟
سامي : دلوقت.
نجيب : أبدًا … انت لو كنت وقعت دلوقت من السما، كنت سبتك تنكسر رقبتك.
سامي : ما ترضاش … أنا عارف قلبك وأخلاقك.
نجيب : الغرض … بالاختصار، انت عاوز إيه دلوقت؟
سامي : ما تكلِّمنيش باللَّهجة دي يا نجيب، شجَّعني شوية.
نجيب : أشجَّعك يعني إيه؟ شجَّع نفسك، وتكلَّم انت، وقول اللي عاوز تقوله.
سامي : أنا … انت عارف انِّي خاطب فيفي.
نجيب : عارف.
سامي : طبعًا … لسَّه مش خطوبة رسمية لغاية دلوقت … إنَّما …
نجيب : زي بعضه.
سامي : لأ … مش زي بعضه.
نجيب : المهم انكم بتحبُّوا بعض.
سامي : مش كفاية … الخطوة المهمَّة والعقبة الصَّعبة أهلها … فيفي أولًا، وارثة النهارده، ومتوفِّر لها في المجلس الحسبي أكتر من ١٢ ألف جنيه … وعائلتها كبيرة معروفة، وما اقدرش أقول لك ان كانوا يرضوا بواحد زيِّي والَّا لأ … خصوصًا أنا سمعت ان أهلها مشترطين مهر لا يقل عن ٨٠٠ جنيه، وشبكة ٣٠٠ جنيه … يعني واحدة زي دي تتكلِّف لها حوالي ١١٠٠ جنيه.
نجيب : وما له … انت لك في البنك مبلغ وقدره.
سامي : كل رصيدي ألف جنيه لا غير.
نجيب : نعمة من الله! فيه غيرك رصيده النهارده ما حصَّلش ٣ قروش صاغ.
سامي : لاحظ ان ألف جنيه ما يعملوش حاجة يا نجيب.
نجيب (في تهكم) : أبدًا.
سامي : أنا باكلِّمك جد … انت أولًا، شفت فيفي … بنت شيك صحيح … اللي زي دي لازم تعيش عيشة (لوكس)، انت شفتها والَّا لأ، فيفي؟
نجيب (مطرقًا) : أيوه.
سامي : إيه رأيك فيها بذمتك؟
نجيب (مطرقًا) : كويِّسة.
سامي (في تحمُّس) : مش كويَّسة بس … جنان.
نجيب (في صوت خافت) : صحيح.
سامي : بشرفك لو كنت انت في مركزي، مش تعبدها؟
نجيب (يرفع رأسه) : إيه لزوم السؤال ده؟
سامي : تعبدها والَّا لأ؟
نجيب : ما أجاوبش.
سامي : انت حر … لكن أنا أقسم لك، ان فيفي مفيش زيها اتنين في مصر.
نجيب (مطرقًا) : ماحدِّش قال انك كدَّاب.
سامي : بنت (سبور)، مدهشة يا نجيب … ساعات تسوق عربيِّتها بنفسها … عربية (باكار) فخمة … تصوَّر امبارح بالليل، في شارع الهرم، كانت ماسكة الدركسيون بيد واحدة، وإيدها التانية على كتفي … وماشيين على ٨٠ كيلو.
نجيب (في مرارة) : وتدوس الغلابة المساكين!
سامي : دي شاطرة … ما تخافش عليها.
نجيب (في نفس المرارة) : طبعًا … الخوف على اللي يمشي في سكِّتها …

(صمت.)

سامي (بعد لحظة صمت وتأمُّل) : أنا أحبَّها قوي يا نجيب.
نجيب : وأنا كمان.
سامي (ينظر إليه) : وانت كمان؟
نجيب : أيوه … أنا كمان أشجَّعك على ذلك.
سامي (في فرح) : صحيح؟
نجيب : وهي تحبَّك قوي يا سامي!
سامي : جدًّا.
نجيب : أنا … أشجَّعها على ذلك.
سامي : انت بتتكلَّم جد؟
نجيب : مافيش داعي اني أهزَّر.
سامي : تفتكر اني كُفء لها.
نجيب : بالتأكيد.
سامي : ما تنساش ان كل ثروتي، عبارة عن الألف جنيه الموضوعة في البنك.
نجيب : من ساعة هيَّ ما حبتك، ارتفعت قيمتك، وبقيت تساوي تقلك دهب.
سامي : إزَّاي الكلام ده؟
نجيب : من يوم أنا ما عرفت انها بتحبَّك، وانت متمتَّع بكامل احترامي! لأول مرة أشعر نحوك باحترام عميق!
سامي (في دهشة) : للدرجة دي؟
نجيب : أمَّال إيه؟ انت نايم؟ فوق لنفسك كده، وافهم انك دلوقت حاجة تانية، يا ستِّين مغفَّل.
سامي : لأ ما تخفش … أنا برضه فاهم، لو تكون من قسمتي، حانقلب حاجة تانية صحيح، وألعب بالدَّهب لعب؛ ١٠٠٠٠ جنيه نقدية في الزمن ده حاجة توهم … غير العقارات … علشان كده أنا بقول دي فرصة … خايف تطير من يدي.
نجيب (يبصق) : إخص! صحيح انك منحط! انت مش عارف أبدًا تخلِّيني احترمك خمس دقايق على بعض!
سامي : ليه؟ حصل منِّي إيه؟
نجيب : انت مش فاهم وبس … مش ممكن واحد زيَّك يفهم.
سامي : إيه بس اللي حصل؟
نجيب : حصل انك فاكرها بيعة وشروة وأوكازيون، خايف يضيع منَّك … برضه انت حكيم سوقي تجاري.
سامي : بقى اسمع يا نجيب، أنا مش جاي لك دلوقت علشان تهزَّأني.
نجيب : أمَّال جاي لي علشان إيه؟
سامي : جاي لك علشان تساعدني.
نجيب : أساعدك في إيه؟
سامي : تساعدني بكل قوتك … وتنقذني بأي وسيلة؛ لأني رايح اقع من السما وانت …
نجيب : انتظر شوية من فضلك، قبل ما تقع من السما … وضَّح لي المسألة، علشان أشوف إن كنت أقدر استلقَّاك والَّا ما اقدرش.
سامي : طبعًا المسألة واضحة … أهلها يستحيل يتنازلوا عن أقل من ألف و٢٠٠ …
نجيب : وبعدين؟
سامي : وأنا مش عاوز أظهر بمظهر الضَّعف والفقر والاحتياج … يعني لازم أدفع فورًا اللي يقولوا عليه، من غير تردُّد أو مماطلة.
نجيب : كويِّس.
سامي : وانت عارف ان اللي معاي ألف بس … يعني لازمني ٢٠٠ قول ١٠٠ علشان أهوِّن عليك … وأنا أبقى أتدبَّر في ال ١٠٠ التانية.
نجيب : أنا مش فاهم.
سامي : بالاختصار أنا أرجوك تسلِّفني ١٠٠ جنيه دلوقت حالًا.
نجيب : دلوقت حالًا؟!
سامي : أيوه … لأني ناوي أقدِّم الشبكة والمهر وكل حاجة، بكرة قبل ما حد يعطَّل الشغلة.
نجيب : بقى انت جاي لي علشان أسلِّفك؟
سامي : حالًا.
نجيب : آه.
سامي : سكتِّ ليه؟ بتبص لي كدا ليه؟
نجيب : أنا قاعد افكَّر مش لاقي.
سامي : الفلوس؟
نجيب : مش لاقي رد كافي شافي ينرَد به عليك.
سامي : ليه؟
نجيب : عاوز تستلف منِّي ١٠٠ قرش؟
سامي : ١٠٠ جنيه.

(نجيب يضحك ثم يضحك.)

سامي : أنا مستعد اكتب لك بالمبلغ كمبيالة.

(نجيب يضحك ثم يضحك.)

سامي : بتضحك ليه بس؟ هو دا وقت ضحك يا نجيب؟
نجيب : أمَّال امتى وقت الضحك؟ (ينهض ويصيح) أيتها السموات اضحكي … أيتها الغرفة اضحكي … أيها الصندوق اضحك … أيها البوَّاب عبد الله اطلع حالًا واضحك. (لسامي) واحد من أمرين، إمَّا إنك تعبان شوية، ويستحسن اني أطلب لك إسعاف بالتليفون، ينقلك إلى مستشفى الأمراض العقلية، وإمَّا اني أنا اللي تعبان شوية؛ لأني أحتكم على ١٠٠ جنيه نقدًا وعدًّا بدون علمي، وقاعد منحاش في البيت مع إني باسلِّف الناس بكمبيالات.
سامي (يجذب نجيب من جاكتته) : أرجوك تقعد.
نجيب : سيبني أتكلِّم وأقنع نفسي أولًا.
سامي : اقعد يا نجيب اعمل معروف.
نجيب : قعدت.

(يجلس.)

سامي : يظهر انك مش فاهم الموضوع.
نجيب : ده مؤكَّد … اني فهمت غلط خالص.
سامي : المسألة مسالة مستقبل … ولذلك أنا أتوسَّل إليك يا نجيب … فاهم؟ أنا أتوسَّل إليك.
نجيب : العفو … علشان إيه بس؟
سامي : تشوف لي ١٠٠ جنيه.
نجيب : برده … (صائحًا) يا راجل اعقل … اعقل والَّا أقسم بالله العظيم، أتكلَّم بالتليفون ينقلوك في الحال! دا أنا لسَّه يا بارد مافيش خمس دقايق، مصفَّر لك في البلكون علشان تحدف لي نُص ريال … تقوم تجيني دلوقت تطلب منِّي ١٠٠ جنيه؟
سامي : انت يا نجيب شخصية معروفة، في جميع الأوساط والنَّوادي الكبيرة.
نجيب (يلتفت إليه بسرعة) : يعني إيه؟
سامي : يعني إنك شخص ما حدِّش يرفض لك طلب.
نجيب : دا صحيح … لكن قبل كل شيء، أنا شخص معروف عند النَّاس كلَّها، ان ليَّ كرامة.
سامي : انت سالف من مارسيل البارمان ٢٠ جنيه.
نجيب : مارسيل وأمثاله عارفين، طيَّب، إن اﻟ٢٠ جنيه يقبضوها منِّي ٤٠، لمَّا تيجي الفرص المناسبة … ومن هنا لغاية ما تيجي الفرص المناسبة، ما أقدرش أظهر نفسي لجنس مخلوق.
سامي : يعني ما تقدرش تساعدني يا نجيب بأي طريقة؟
نجيب : في الحالة الراهنة لأ.
سامي : ما تقدرش تستلف لي من تحت الأرض؟
نجيب : لو كان تحت الأرض فيه ناس بتسلِّف، ماكنتش انتظرت لمَّا تفكَّرني حضرتك.
سامي : أنا كنت أعتقد انك تقدر.

(ينظر في الصالون)

نجيب : أرجوك ما تبصُّش كتير لطقم الصالون ده؛ لأنه لسَّه مش مدفوع تمنه، ومنظور يتحجز عليه من يوم للتاني.
سامي : يعني مافيش فايدة منَّك؟
نجيب : عينك كلَّها نظر.
سامي (في يأس) : يا خسارة يا فيفي.
نجيب (بعد لحظة إطراق) : طبعًا حاتزعل هيَّ كمان؛ لو حصل مانع.
سامي : بالطبع.
نجيب : أيوه … من غير شك.
سامي : أيوه.
نجيب : أيوه (لحظة) وانت ماتقدرش تصارحها بالمبلغ اللي ممكن تدفعه؟
سامي : مستحيل … أنا لازم أفهِّمها اني عريس كفء متيسَّر.
نجيب : وليه تغشِّهم؟
سامي : الزواج كله كده دلوقت.
نجيب : أيوه (لحظة صمت وهو مطرق) المهم هو الحب.
سامي : علشان كده زواجنا لازم يتم؛ لأننا بنحب بعض.
نجيب (في صوت منخفض غريب) : إن شاء الله يتم.
سامي (في أمل) : ازَّاي؟ لقيت فكرة؟ الحقني اعمل معروف، أنا أبوس رجلك، انقذني.
نجيب : عندي فكرة واحدة … (يفكِّر).
سامي : قول أنا في عرضك.
نجيب (يفكِّر) : ما فيش غير …
سامي (مهتمًّا) : غير إيه؟
نجيب : خاتم الملك.
سامي (ناهضًا) : ونلقاه فين ده؟
نجيب : موجود … (يفتح درجًا ويخرج خاتمًا من الماس) خد.
سامي (يتناول الخاتم بتردد) : لكن …
نجيب : إيه؟ ما ينفعش؟
سامي : إدِّيني عقلك … ماينفعش ازَّاي؟ دي حاجة فخمة قوي … الله يرحمها السِّت صاحبة العصمة والدتك … انت يظهر كنت ابن ناس طيِّبين في زمانك.
نجيب : هات بقى سيجارة وروح ارهنه، أو شوف لك فيه طريقة.
سامي (في تردُّد وهو يتأمَّل الخاتم) : لكن لأ يا نجيب … ما اقدرش! أنا بأي حق اسمح لنفسي بالتصرُّف في تذكار عائلي زي ده؟
نجيب : مش مهم!
سامي : أنا أعتقد ان ده تهجُّم منِّي عليك، زيادة عن اللزوم، ولا أجرؤش اني أقبل كرمك الغريزي المدهش ده.
نجيب : تجرَّأ واقبل، وروح بسرعة رتِّب أمورك.
سامي : على كل حال يا نجيب أنا ماقدرش أشكرك … لأن عملك مش من الأعمال اللي تشكر عليها بكلمة أو كلمتين … وإن قلت لك مرسي أو متشكِّر؛ لعمل زي ده أبقى باري … انت بالتأكيد أنبل وأكرم وأظرف وأشرف شخصية خلقها ربنا.
نجيب : رح بقى ما تبقاش ابن كلب رزل … دوشتني.
سامي : طيِّب أنا طالع بقى يا نجيب، أغسل وشي وأغيَّر؛ لأنها جاية دلوقت، لأول مرة تتفرَّج على الشقَّة … أرفوار مؤقَّتًا!
نجيب : أورفوار.
سامي : بكرة أشوفك ضروري؛ علشان أقول لك انا عملت إيه … (خارجًا).
نجيب (يصيح به) : اسمع.
سامي (يلتفت إليه) : نعم.
نجيب : معاك نُص ريال سلف؟
سامي (في حركة حماسية يخرج محفظته) : يا سلام يا نجيب … خد المبلع اللي انت عاوزه … جنيه … خمسة … عشرة.
نجيب : باقول لك نص ريال.
سامي : بس كده … (يعطيه نص ريال).
نجيب : أيوه بس نص ريال … افهم عربي … مش طالب غيره … هات كمان سيجارة … ولَّع لي … بس روح بقى ابعد عنِّي … نهارك سعيد.

(سامي يخرج … نجيب يظلُّ وحده على مقعد مفكِّرًا يدخِّن.)

(جرس الباب يرن.)

(نجيب ينهض بسرعة … ثم يسرع إلى الطاولة ويدخل الصندوق.)

(فيفي تنقر على باب الصالون، وإذ تجده خاليًا تتقدَّم في تردُّد.)

(وتجلس على مقعد ثم تتململ وتنادي.)

فيفي : مافيش حد هنا … سامي.

(نجيب يرفع غطاء الصندوق أي المنضدة ويظهر رأسه.)

فيفي (تراه في الصندوق خارجًا فتصرخ في رعب) : آه!
نجيب (خارجًا من الطاولة) : لا مؤاخذة … باردون.
فيفي : نجيب بك.
نجيب : أيوه … أنا نجيب.
فيفي (ضاحكةً ومشيرةً إلى الصندوق) : وعامل في نفسك كده ليه؟
نجيب : مش مهم … أولًا أنا أحب أعرف سبب تشريفك هنا.
فيفي : وأنا أحب أعرف صفتك إيه هنا؟
نجيب : بقى حضرتك كل ما تقابليني في حتَّة، تقولي لي صفتك إيه؟
فيفي : طبعًا … أسألك عن صفتك هنا بالحالة دي.
نجيب : صفتي اني في محل سكني.
فيفي (في دهشة) : دا محل سكنك … أمَّال سامي فين؟
نجيب : شقَّة سامي فوق … حضرتك غلطِّي في الدُّور.
فيفي : آه … صحيح … باردون … طيِّب أمَّا أقوم اطلع بقى … قبل كده مش تحب تقول لي انت كنت مستخبِّي ليه كدا؟
نجيب : احتياطيًّا بس … علشان ما أقابلش بعض الناس غير المرغوب فيهم.
فيفي : زي مين؟
نجيب : ناس كتير يطول شرحهم.
فيفي : أنا منهم؟
نجيب : انت؟
فيفي : قول بصراحة.
نجيب : ما اقدرش أقول لك … (فيفي تمتعض قليلًا لهذا الجواب).
فيفي : مِرسي … وعرفت ازَّاي اني جيت؟
نجيب : علشان ضربتي جرس الخطر.
فيفي : جرس الخطر دا إيه؟
نجيب : جرس الباب … لأن كل واحد يضرب الجرس، معناه عندنا انه غريب عن البيت، أقوم أنا في الحالة دي أدخل الغوَّاصة … (يشير إلى المنضدة).
فيفي (تنظر إلى المنضدة التي على شكل الصندوق) : الغواصة! (تضحك).
نجيب : أمَّال … احنا دلوقت في حالة حرب … ودخول الغوَّاصة ضروريٌّ؛ علشان لو دخل حد من الأعداء، يلاقي الشقَّة ما فيهاش مخلوق، يقوم يتقهقر بانتظام.
فيفي (باسمةً) : والمعارف … دول الحلفاء، طبعًا يدخلوا على طول، من غير ضرب الجرس.
نجيب : طبعًا … ولذلك، الباب دايمًا مفتوح … والحلفاء عندهم تنبيه بعدم ضرب الجرس.
فيفي : أنا متأسِّفة اللي أزعجتك، ودخَّلتك الغوَّاصة من غير سبب … ماكنتش أعرف … على كل حال اعتبر انك كنت بتعمل مناورة … انَّما اسمح لي أقول لك، ان دي طريقة غريبة! تفتكر ان فيه ناس كتير عاملين صناديق وغوَّاصات زي دي؛ علشان ما يقابلوش حد؟
نجيب : ما أظنُّش.
فيفي : اشمعنى بقى انت اللي عجيب في أطوارك؟
نجيب : علشان ربنا خلقني كدا.
فيفي : أنا ملاحظة ان أعصابك النهارده مرتاحة.
نجيب : الحمد لله.
فيفي : إنَّما دا ما يمنعش انك تكره السِّت اللي كانت بتاكل جلاس عند جروبي، زي ما تكره فاتورة الحساب تمام … مش كدا؟
نجيب : أرجوك ما تفكِّرنيش بفواتير الحساب.
فيفي : ولا بالست اللي انت تكرهها؟
نجيب : لاحظي سيادتك إن سامي منتظر فوق.
فيفي : أنا طالعة حالًا … انت متضايق من وجودي؟
نجيب : أنا ما قلتش كدا.
فيفي : باين في عنيك انك متضايق.
نجيب : وهو كذلك.
فيفي : علشان كده أسيبك … أورفوار.
نجيب : أورفوار.
فيفي (تتحرَّك إلى الباب فترى الجرامفون في طريقها فتقف) : دا الجرامفون بتاعك؟ عندك أسطوانات جديدة طبعًا … على فكرة … أمَّا امبارح سمعنا في ميناهوس دور جديد في الجازباند، بديع قوي … اسمه … نسيت … دلوقت أسأل لك سامي عن اسمه … أنا امبارح سقت الباكار بنفسي.
نجيب : عارف … في شارع الهرم … الدركسيون بيد واحدة، سرعة ٨٠ كيلو.
فيفي : سامي قال لك.
نجيب : طبعًا.
فيفي : بقى سامي لازم يقول لك كده على كل شيء؟
نجيب : صاحبي.
فيفي : على فكرة … إيه رأيك في سامي؟
نجيب : رأيي في سامي انه شاب مدهش.
فيفي : أنا مش شايفاه مدهشش في حاجة أبدًا.
نجيب : أستغفر الله … اسمحي لي أقول لك انك غلطانة قوي … انت عاوزة أحسن من كده إيه في الدنيا؟ شاب لطيف … حكيم كويِّس … فلوس عنده في البنك … ما لوش داين بطالبه بقرش أو يزعجه بفاتورة حساب … وفضلًا عن كده … بيحبِّك.
فيفي : بيحبِّني؟
نجيب : يعبدك.
فيفي : مين كمان غيره بيحبِّني؟
نجيب : ما فيش غيره.
فيفي : انت كدَّاب.
نجيب : مش عاوزة تصدِّقي … انت حرَّة.
فيفي : طيِّب بص في وشِّي … حط عينك في عيني.
نجيب : لا لا لا … اعملي معروف، ما فيش داعي أبدًا اني أبص في وش حضرتك، ولا أحط عيني في عينك.
فيفي : شوف انت خفت من عيني ازَّاي؟
نجيب : ما علهش.
فيفي : قل لي يا نجيب …
نجيب : ما شاء الله.
فيفي : إيه؟
نجيب : نجيب كدا حاف! لا نجيب أفندي … ولا نجيب بك … ولا حتى سي نجيب … حضرتك واخده راحتك معاية في الكلام زيادة عن اللزوم.
فيفي (في امتعاض) : كدا؟
نجيب : انت مش ملاحظة؟
فيفي : كنت أفتكر انك (سبور).
نجيب : اللي قال لك كدا غشك.
فيفي : كنت أفتكر ان لي الحق اعاملك من غير تكليف، بصفتك صاحب سامي الحميم … ومع ذلك أنا حاخسر إيه؟ تحب أقول لك يا نجيب باشا؟
نجيب : أحب تقولي لي (جود باي) … بس، وتسيبيني في حالي!
فيفي : إنت النهارده وحش صحيح.
نجيب : طول عمري كده … (يتناول سمَّاعة التليفون بسرعة) آلو … مين … سوسو … اسمعي … أنا لازم أقابلك النهارده … وهو كذلك … بعد عشر دقايق أكون عندك … نروح فين؟ زيّ ما يعجبك انت، أورفوار مؤقَّتًا … (يضع السمَّاعة).
فيفي (في مرارة) : دي واحدة ست.
نجيب : أظن كدا.
فيفي : أنا دلوقت فهمت.
نجيب : فهمت إيه؟
فيفي : فهمت انك نسيت بالعجل السِّت بتاعة جروبي.
نجيب : الحمد لله اللي فهمت كدا.
فيفي (تنصرف) : نهارك سعيد.
نجيب (بلا حراك) : نهارك سعيد …
(فيفي تخرج … ويبقى نجيب لحظة جامدًا، ثم يرتمي على مقعد، ويضع رأسه بين يديه).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤