الفصل السادس

خليفة الله: قراءات عن صورة الإنسان في الإسلام١

(١٩٨٩م)

«الواقع أن الاعتراف بالديموقراطية يصبح موضع شكٍّ عندما يأتي من جانب حركات منظمة تنظيمًا صارمًا من حيث تراتب وظائفها وقيادتها.»

شتيبات
إن السؤال الأنثروبيولوجي عن وضع الإنسان في الكون والتاريخ لا يمكن الإجابة عنه في ديانات التوحيد إلا بالرجوع إلى الله. فالإنسان مخلوق لله. ولكن ليس معنى هذا — بالنسبة لله جلَّ شأنه — أنه مجرد شيء أو موضوع. فقد رفع منزلة الإنسان فوق سائر المخلوقات عندما تجلَّى له ودخل التاريخ معه. ويدل هذا — في اللاهوت المسيحي — على أن الله قد جعل الإنسان «شخصًا».٢

وهذه العبارة ينبغي أيضًا أن تكون مقبولة في علم العقيدة الإسلامية، لأن الإنسان، بما هو فرد، مسئول عن أفعاله أمام الله. والتاريخ، كما يصفه القرآن الكريم، يتكون من مجموعة من «العهود والمواثيق» بين الله والبشر، وهذه العهود والمواثيق تفرض واجبات على البشر، ولكنها تتضمن في الوقت نفسه أن الله سبحانه يعتبرهم مشتركين معه، وهذا يصدق أيضًا على الديانتين الأخريين.

هل يمكننا أن نحدد منزلة الإنسان في الإسلام بالنسبة إلى الله تحديدًا أكثر دقة؟ إن هذه المنزلة تختلف اختلافًا كبيرًا عما هي عليه في اليهودية والمسيحية. ذلك أنهما تصدقان بما جاء في الكتاب المقدس (سفر التكوين ١، ٢٦-٢٧) من أن الله قد خلق الإنسان على صورته. ويستحيل على الإسلام أن يقبل هذه الصيغة، وذلك بسبب نفوره الشديد من أي نزعة تشبيهية بالإنسان (أي النزعة الأنثروبومورفية). وقد عرف المسلمون الصيغة أو العبارة السابقة في صورة حديث شريف يقول: «خلق الله آدم على صورته»،٣ ولكنهم غيَّروا معناها، ففي رأي ابن حزم على سبيل المثال أنها (أي العبارة) لا تقول إن آدم قد خلق على صورة الله، وإنما تقول إن الله سبحانه قد اختار لآدم إحدى الصور الكثيرة التي في علمه لكي يطبعها عليه ويسوِّيه طبقًا لها.٤ ومِن ثَمَّ فلا بد أن تحتفظ الآية الكريمة الآتية بصدقها المطلق: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (الشورى: ١١).
ونجد في القرآن الكريم كلمة تعدُّ مفتاحًا مهمًّا لتحديد منزلة الإنسان أو مرتبته في العقيدة الإسلامية، ويؤكد هذا ما نلاحظه من تغير وتطور في تفسير معناها: تلك هي كلمة «خليفة» بمشتقاتها، وذلك حين تطبق على آدم وغيره من البشر. ويرد على الذهن معنى كلمة «خليفة»، في صيغتها الأصلية الكاملة، وهي «خليفة رسول الله» أو في اللقب الذي كان يحمله بعض الخلفاء الأمويين وهو «خليفة الله». ويجب في هذه الحالة أن يترجم بعبارة «النائب عن الله»؛ لأن الله سبحانه لا يمكن أن يخلفه أحد. وفي الحالتين السابقتين يكون المقصود بتلك الصيغة هو الرئيس الأعلى للأمة الإسلامية. غير أننا لا نعثر في القرآن الكريم على معنًى واضح عمن يخلفه هذا الإنسان الذي يطلق عليه اسم «الخليفة». وقد توصل المستعرب الألماني «رودي باريت» في ترجمته الدقيقة لمعاني القرآن الكريم إلى أن القرآن يشير في كل الأحوال التي ترد فيها كلمة «خليفة» أو مشتقاتها إلى «الخلفاء» أو «اللاحقين» للأجيال السالفة أو الجماعات السابقة. وفي رأيه أن الآية الكريمة (في سورة البقرة: ٣٠) التي يخاطب فيها رب العزَّة الملائكة: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ — في رأي باريت — أن هذه الآية الكريمة يجب — على الأرجح — أن تُفهم بمعنى أن آدم (ومعه البشر) سيخلفون في المستقبل الملائكة (أو الكائنات الروحية بوجه عام) ويسكنون الأرض.٥

وليس من الضروري هنا أن نختبر مدى صحة رأي باريت في جميع النصوص التي وردت فيها كلمة «خليفة». ولكن لعلي أذكر أن هذه الكلمة تظهر مرة واحدة على الأقل بجوار إشارة إلى وظيفة الحكم التي يتولاها إنسان. ففي سورة ص: ٢٦، نجد أن الله سبحانه يطلب من داود، بعد أن جعله خليفة في الأرض، أن يحكم بين الناس بالحق: يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى … (الآية)، ويترجم باريت الكلمة بمعنى يقضي بالحكم أو يصدر حكمًا بين الناس بالحق، ولكن الفعل «حكم» يعني كذلك «الحكم» بالمعنى السياسي الذي تأتي منه كلمة الحاكم.

والمهم في هذا السياق أن الطبري، وهو الحجة في التفسير، يؤيد رأي باريت في معنى كلمة «خليفة» كما ترد في القرآن الكريم، مع بعض الإضافات الشيِّقة.

يقرر الطبري في تفسيره الكبير أن كلمة «خليفة» بمعنى «اللاحق» «إذا قام مقامه فيه بعده»، أي اللاحق للأفراد والقرون (أو الأجيال) أو الجماعات السابقة، ومِن ثَمَّ يستبعد معنى «النائب». وهو يذكر استخدام كلمة «خليفة» للدلالة على السلطان الأعظم مع شرح الكلمة بمعنى «اللاحق للسابق»، وذلك دون أن يشير إلى أصلها الوارد في صيغة «خليفة رسول الله». ثم إن الطبري — في شرحه للآية الكريمة التي يخاطب فيها الله الملائكة (البقرة: ٣٠) ويخبرهم أنه سيجعل آدم في الأرض خليفة — يثبت شرحين يسمحان بتأويلهما على أن الله جعل على الأرض «خليفة» له أو «خليفة» ينوب عنه في الحكم بين خلقه، أي على حد تعبير الطبري نفسه «خليفة» مني يخلفني في الحكم بين خلقه بحكمه.٦ ومع ذلك كله فإن الطبري يتمسك بفهمه لكلمة «الخلافة» بمعنى تتابع الأجيال أو «القرون».

ربما يمكننا الآن أن نستخلص هذه النتيجة: إن استخدام كلمة «الخليفة» للدلالة على حاكم الدولة الإسلامية العالمية كان أمرًا مألوفًا وشائعًا في عصر الطبري (القرن الثالث الهجري والتاسع الميلادي)، ولعل علماء الدين في ذلك العصر كانوا يتذكرون محاولات الخلفاء الأمويين لتفسير لقبهم — وهو خليفة الله — بأنه «النائب عن الله».

وربما بدا طبيعيًّا — بسبب استخدام الكلمة بهذا المعنى — أن يضفي على كلمة «خليفة» المعنى نفسه الذي وردت به في بعض نصوص القرآن الكريم. ومن ناحية أخرى نلاحظ أن الوعي الشديد بالمسافة الشاسعة التي تفصل الإنسان عن الله، قد جعل أغلب العلماء ينفرون من أن يعطوا للإنسان مثل هذه المنزلة الرفيعة (أي منزلة النائب عن الله)؛ ولذلك أصروا على فهم كلمة «خليفة» كما جاءت في القرآن الكريم بمعنى «التالي أو اللاحق للسابقين».

ربما يجدر بنا الآن أن نتتبع تطور معاني الكلمة بشيء من التفصيل. وسوف أمثل لذلك — على سبيل المصادفة — بتفسير كلاسيكي متأخر هو تفسير البيضاوي، الذي يرجع إلى القرنين السابع الهجري والثالث عشر الميلادي، أي إلى أربعمائة سنة بعد الطبري. ونحن نجد منذ البداية أن البيضاوي يفسر كلمة «خليفة» على المعنيين معًا، أي اللاحق والنائب، حين يقول بوضوح: «من يخلف غيره وينوب منابه.» وهو يقدم عدة احتمالات لتفسير المعاني الممكنة للكلمة كما ذكرت في مواضع مختلفة من القرآن الكريم من دون أن يفضل — فيما يبدو — أحدها على الآخر:

  • (١)

    اللاحق للجماعات والأجيال السابقة.

  • (٢)

    من يخلف الحكام السابقين.

  • (٣)

    خليفة الله في أرضه (أي نائبه)، وإن كان يضيِّق المعنى بحيث يدل على الأنبياء — عليهم الصلاة والسلام — الذين يتوسطون بين الله والناس، بحيث يصبح آدم هو أول الأنبياء، لا أول البشر فحسب.

  • (٤)
    خلائف الأرض (كما جاء في سورة الأنعام: ١٦٥: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ … (الآية)) ويمكن أن ينصرف معناها إلى «خلفاء الله في أرضه يتصرفون فيها».٧
وهكذا يجوز لنا الآن أن ننظر فيما إذا كان من الممكن اعتبار البشر نوابًا لله على الأرض، حتى ولو لاحظنا استمرار النفور من نسبة هذه المرتبة إلى البشر عامة وقصرها على الأنبياء عليهم السلام. والاتجاه الذي سار فيه تطور معاني الكلمة تؤيده حقيقة أن حجة الإسلام الغزالي — الذي سبق البيضاوي بقرنين من الزمان — قد ذهب إلى أبعد مما ذهب إليه الأخير عندما تصور وجود «مناسبة باطنة» بين الإنسان والله، وهي مناسبة لم تقتصر على جعل الإنسان يحب الله، بل جعلت وضع الإنسان كنائب عن الله في أرضه أمرًا معقولًا وقابلًا للتصديق،٨ وبهذا لم يفكر الغزالي في قصر هذه المرتبة — أو العلاقة مع الله — على الأنبياء وحدهم. أضف إلى هذا أنه وجد في «المناسبة الباطنة» تفسيرًا للحديث المنسوب للرسول أو للقول المأثور بأن الله خلق آدم على صورته، أي على صورته الباطنة لا صورته الظاهرة، مما يدل — فيما يدل عليه — على قرب الإنسان من مولاه وبارئه في الصفات التي فرض عليه تقليدها، وفي قبول الفضائل الخلقية التي يوصف بها جلَّ شأنه. والصوفية وحدهم هم الذين يمكنهم أن يجدوا ويسموا عناصر أخرى في هذه العلاقة (إحياء علوم الدين، الموضع السابق). ومن الواضح أن تصور الغزالي للإنسان كان أسبق بكثير من أغلب فقهاء عصره من أهل السنة، وإن كان يرجع إليه الفضل في تمهيد الطريق لهم. ولو قفزنا فوق عصر الغزالي والبيضاوي ووصلنا إلى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، لاكتشفنا أن تصور الإنسان باعتباره النائب عن الله في أرضه قد حاز الاعتراف العام به. طبيعي أن الفهم القديم لكلمة «خليفة» كما وردت في القرآن الكريم بمعنى «اللاحق للجماعات أو الأجيال السابقة» قد ظل قائمًا؛ إذ لا يستطيع أي مفسِّر للقرآن الكريم أن يتجاهل الطبري … ولكن المدهش حقًّا — في تقديري على الأقل — أن هذا الفهم القديم قد أزيح جانبًا، وأن التفسير الجديد هو الذي أصبح يستخدم كأساس تُبنى عليه المناقشات والنتائج.
ويصدق هذا على المصري العظيم الشيخ محمد عبده (١٨٤٩–١٩٠٥م)، الذي سجل تلميذه محمد رشيد رضا محاضراته التي ألقاها في الأزهر الشريف عن القرآن الكريم من سنة ١٨٩٩م حتى وفاته في «تفسير المنار». فهو في شرحه للآية الكريمة رقم ٣٠ من سورة البقرة يلفت الأنظار إلى المعنيين السابقين لكلمة «خليفة» دون تفضيل واضح لأحدهما على الآخر،٩ ولكن من الجليِّ أنه يضفي على التفسير الأحدث قيمة أكبر. والواقع أن النظر على هذا النحو إلى منزلة الإنسان أمر يتسق مع التصور الديني لمحمد عبده بوجه عام.١٠ لقد زوَّد الله سبحانه عند بدء الخلق جميع الكائنات الحية، سواء كانت فيزيقية أو ميتافيزيقية (أي ملائكة) باستعدادات محدودة، ومعرفة محدودة، ووظائف محدودة، وذلك باستثناء الإنسان وحده. والحق أن الله تعالى قد خلق الإنسان كذلك ضعيفًا وجاهلًا. ولكنه عندما ينمو فإن إحساسه وشعوره ينموان معه أيضًا، كما أنه قد وُهب ملكة العقل التي تمكنه من استغلال الملكتين السابقتين لمد سلطانه على سائر الكائنات. وقد شاء الله أن تكون قدرة الإنسان على التصرف بلا حدود، والأحكام والشرائع التي سنَّها الله للبشر إنما تهدف لتقييد أعمالهم وأخلاقهم بحيث لا يسيء بعضهم إلى بعض، وبحيث يساعدهم على بلوغ الكمال بهداية عقولهم وتنميتها.١١ وفي هذا السياق تعطي أهمية خاصة لما جاء في الآية الكريمة (٣١) من سورة البقرة من أن الله قد علم آدم الأسماء كلها١٢وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ (الآية). ويقول الشيخ محمد عبده إن الله سبحانه قد أتاح لنا من خلال هذه القصة أن نعرف قيمتنا وما جبل في طبيعتنا بحيث يميزها عن طبائع سائر المخلوقات.
وينبغي علينا إذن أن نسعى لبلوغ الكمال عن طريق العلوم التي هيَّأنا لها عند بدء الخلق وقدَّمنا على الملائكة وسائر المخلوقات لكي تتجلى فينا حكمة الله.١٣
في مثل هذا التصور عند محمد عبده وتلاميذه (قارن تفسير أحمد مصطفى المراغي)١٤ يعني جعل الإنسان نائبًا عن الله أن الإنسان يملك قدرة غير محدودة على التصرف في كل ما هو مخلوق، قدرة ترتكز أساسًا على المعرفة، أي على الإحساس والعقل. لا شك في أن الإنسان، وهو يمارس سلطانه، إنما يتبع مشيئة الله وتدبيره، ولكنه إذا ظل مهتديًا بشرع الله فإن هذا يلعب دورًا ثانويًّا في توجهه (إلى السيطرة عن طريق العلم والمعرفة). ونلاحظ وراء هذا التصور موقفًا شديد التفاؤل، وشعورًا حيويًّا١٥ تحدده الإنجازات الثقافية والحضارية الكبرى للبشرية، وقد سبقت هذه التصورات والأفكار نشوب الحرب العالمية الأولى بوقت غير قصير. ويلاحظ أيضًا أن تفسير المنار لا يثير السؤال عما إذا كانت هذه الإنجازات قد تمت على أيدي المسلمين أم غير المسلمين.١٦ ولكن يبدو أن «النيابة عن الله» لم توهب لأتباع دين معيَّن، بل للبشرية في مجموعها.
ويترجم محمد إقبال (١٨٧٣–١٩٣٨م) — وهو الممثل المرموق للتحديث الإسلامي في الهند، والأب الروحي للدولة الإسلامية في باكستان — يترجم مطلع الآية الكريمة (رقم ٣٠ من سورة البقرة) على هذه الصورة: حقًّا إنني سأضع من ينوب عني على الأرض.١٧ وهو يربط بين هذه الآية الكريمة وبين الآية رقم ٧٢ من سورة الأحزاب التي جاء فيها أن الإنسان قبل أن يتحمل «الأمانة» التي عرضها الله سبحانه على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان.١٨ ويفسر إقبال هذه الأمانة على معنيين. فهي من ناحية تدل دلالة دقيقة على وظيفة النائب عن الله.١٩ وقد كتب على الإنسان أن يشكل مصيره ومصير الكون، سواء بالتلاؤم مع قواه أو بتوجيه كل طاقته نحو استغلال هذه القوى لتحقيق أغراضه وغاياته.
وعندما يأخذ هذه المبادرة «يصبح الله شريكًا له».٢٠ ولكن هذا التعبير عن الثقة الشديدة للإنسان في نفسه لا يعني الغرور ولا الغطرسة التي لا حد لهما، لأننا نجد من ناحية أخرى أن إقبال يفسر «الأمانة» التي عرضها الله سبحانه على الإنسان بأنها هي عبء الشخصية التي تمنحه حرية الاختيار بين الخير والشر، وتفتح أمامه آفاق تحقيق الخلود الشخصي عن طريق الجهد الذاتي (تجديد الفكر الديني، ١١٩ وما بعدها) والواقع أن المنزلة العظيمة التي يرفع إقبال الإنسان إليها هي ثمرة تطور روحي هائل وتحتاج إلى الكفاح المستمر للوصول إلى الكمال (شيميل، المرجع السابق الذكر، صفحة ١٠٨، ١١١، ١١٣، ٢٥٣).٢١ والمهم أن تصور إقبال ينطوي على رؤية اجتماعية بناءة. فوظيفة الإنسان كنائب عن الله سبحانه يفترض أن تتحقق في دولة إسلامية مثالية، تكون فيها الأرض كلها (أي وسائل الإنتاج) ملكًا لله، في الوقت الذي يكون فيه واجب الإنسان أن ينتج الثروة لمصلحة البشرية كلها (أحمد، المرجع السابق، ص١٥٩).
لو اتجهنا الآن من التحديثيين إلى الأصوليين — أو من يسمَّون أحيانًا بالشموليين، وهم الذين يرون أن الدين فيه الإجابة عن كل أسئلة الحياة الخاصة والعامة — فسوف يدهشنا أن نجدهم كذلك يعتبرون أن الإنسان هو النائب عن الله في أرضه. ويقرر سيد قطب (١٩٠٦–١٩٦٦م)،٢٢ ولعله أهم علماء الدين في جماعة الإخوان المسلمين (في تفسيره للآية الكريمة وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً … (الآية ٣٠ من سورة البقرة)) يقرر أن الإرادة العليا قد سلَّمت مقاليد الأرض للإنسان وأعطته حرية التصرف، «ووكلت إليه إبراز مشيئة الخالق في الإبداع والتكوين والتنويع والتركيب»، ومنحته الملكات والقدرات التي يحتاجها لأداء هذه المهمة. بذلك تمت الوحدة والتنسيق بين نواميس الكون وبين القوانين والأحكام المفروضة على الإنسان. وبذلك أيضًا بلغ الإنسان منزلة رفيعة في نظام الكون في مجموعه.٢٣
ويواصل سيد قطب شرحه للآية الكريمة السابقة الذكر، ولكنه — على العكس من محمد عبده ومحمد إقبال — لا يتعمق في مسألة تشكيل الإنسان للعالم بعقله وإرادته الحرة المستقلة؛ إذ يبدو أن الأهم في نظره هو التوفيق بين جعل الإنسان نائبًا عن الله في الأرض، وبين حقيقة أن الله سبحانه قد ترك آدم وحواء يقعان في الخطيئة قبل إرسالهما إلى الأرض، وأن الملائكة تتنبأ — بحق — بأن الإنسان سيفسد في الأرض ويسفك فيها الدماء. ويذهب سيد قطب إلى أن العقل البشري محدود، وأنه لا يستطيع أن يدرك هذه الحقائق الميتافيزيقية. ومع ذلك فإن المؤمنين مدعوون لقبول البيان القرآني — كما يتجلَّى في الآية الكريمة السابقة — ليكون مرشدًا لهم ويهديهم في سلوكهم واعتقادهم.٢٤
ويصبح موقف الأصوليين — أو الشموليين — في تضييق حدود القدرات والإمكانات البشرية أكثر وضوحًا عند أبي الأعلى المودودي (١٩٠٣–١٩٧٩م)، زعيم «جماعتي إسلامي» في الهند وباكستان. وهو فيما يبدو يرى أيضًا أن من الأمور البديهية أن يكون الإنسان هو نائب الله على أرضه. غير أن الإنسان الذي يقوم بهذه الوظيفة لا يبقى، فحسب، خاضعًا للقانون أو الشرع الإلهي، ولكن هذا القانون ثابت ثبوتًا مطلقًا وصادق صدقًا أبديًّا.٢٥ صحيح أن المودودي يعترف نظريًّا بالقياس، والاجتهاد، والاستحسان، بل يعترف كذلك بالتأويل، ولكن المجال الذي يفسحه لتطبيق هذه المناهج على القانون (الشرع) الإسلامي يبلغ من الضيق حدًّا يجعلها عديمة التأثير من الناحية العملية.٢٦
ومن الإنصاف أن ننوِّه بالدولة الإسلامية التي تقوم — في تصور المودودي — على أسس ديموقراطية: فهو يفترض أن النيابة عن الله لا ينهض بأمانتها فرد ولا دولة ولا طبقة، بل تتولاها الجماعة الإسلامية المهيأة للوفاء بشروط هذه الرتبة الرفيعة، كما أن كل عضو من أعضاء هذه الجماعة مشارك في تحمل تلك الأمانة وحملها. وتستطيع الجماعة أن تعهد بأمانة هذه النيابة لشخص يتمتع بثقتها، ولكنه إذا فقد هذه الثقة فلا بد أن يستقيل من مهمته.٢٧
وإذا أمعنا النظر في هذه الجماعة التي يتصورها المودودي وجدنا أنها لا يمكن أن تتألف إلا من مسلمين خاضعين للقانون (أو للشرع) كما يفهمه. فالديموقراطية في نظره ديموقراطية إسلامية. وكل من يتصور أن التعاليم الإلهية يمكن أن تعدَّل أو تبدَّل أو تنبذ بحكم بشري، سواء كان فرديًّا أو جماعيًّا، فلن يكون له مكان في الجماعة الإسلامية، ولن يكون مهيَّأً للمواطنة في الدولة الإسلامية.٢٨ وطبيعي أن غير المسلمين سينحصر وضعهم في هذه الحالة في الوضع الذي بيَّنه الشرع لأهل الذمة؛ سيكون عليهم أن يدفعوا الجزية، وسيكون من حقهم أن يصلحوا أماكن عبادتهم دون أن يصرَّح لهم ببناء أماكن أخرى جديدة، كما لا يحق لهم أن يمثلوا في البرلمان.٢٩ بذلك لا تكون النيابة عن الله من شأن البشر عامة، بل تقتصر على المسلمين، وحتى هؤلاء لن يترك لهم الفهم الضيق للشرع سوى حرية محدودة لتشكيل العالم.

والواقع أن الاعتراف بالديموقراطية يصبح موضع شكٍّ عندما يأتي من جانب حركات منظمة تنظيمًا صارمًا من حيث تراتب وظائفها وقيادتها، كما هي الحال في «جماعتي إسلامي» في الهند وباكستان، وفي جماعة الإخوان المسلمين في مصر، على الأقل في المرحلة الأولى من تاريخهما.

مهما يكن الأمر فإننا نصادف حتى العصور الحديثة تصريحات بأن تعيين نائب عن الله يمكن أن يقتصر على فرد واحد، أي على حاكم معيَّن. ويقول أحمد مصطفى المراغي، على سبيل المثال، بأن تعيين إنسان في هذا المنصب يعني أن الله سبحانه يختار طائفة من الناس ليبلغ قوانينه وأحكامه على لسانهم، وبذلك يرفعهم إلى مرتبة الخلافة فوق غيرهم من البشر.٣٠
ومن جهة أخرى يشعر المرء بأن هناك عددًا محدودًا من المفكرين المحدثين الذين لا يهتمون بموضوع النيابة عن الله إلا لكي يستمدوا منها أفكارهم الديموقراطية في السياسة والمجتمع. وقد أعلن المفكر التركي ظيا جوكالب — وسط معمعة المناقشات التي دارت حول إحلال دولة وطنية حديثة محلَّ الإمبراطورية العثمانية، واستبدال النظام الجمهوري بالسلطنة والخلافة — أعلن في عام ١٩٢٢م أن «الشعب هو النائب عن الله في الأرض، وأن السلطة للشعب وليست للسلطان … فله السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية.»٣١ كذلك نجد خلال المناقشات التي دارت حول الدستور الباكستاني أصواتًا تذهب إلى أن الخلافة القائمة على القرآن الكريم يجب أن تكون هي حكومة الشعب.٣٢ ولست أدري إن كان محمد إقبال قد صاغ هذه الفكرة، ولكنها تتسق قطعًا مع أفكاره.
ويلاحظ الوقوف في صف الديموقراطية عند «علي شريعتي» (١٩٣٣–١٩٧٧م)،٣٣ الذي ساهمت أفكاره مساهمة كبيرة في التمهيد لقيام الثورة الإسلامية في إيران سنة ١٩٧٨-١٩٧٩م، حتى ولو كانت الجمهورية الإسلامية التي أُعلنت بعد ذلك لم تتأثر بأفكاره تأثرًا يذكر.

والحقيقة أن شريعتي يضع النزعة الإنسانية الإسلامية — التي وجد أسسها في القرآن الكريم — في مواجهة النزعة الإنسانية الأوروبية التي نمت — في تقديره — حتى أصبحت هي أساس الحضارة الغربية الحديثة بسبب معارضتها لمسيحية العصر الوسيط. لقد خلق الله الإنسان من طين مهين، وهو أحط رموز التعاسة والحقارة والخسَّة، ولكنه سبحانه نفخ من روحه في هذا الطين فخلق الإنسان وجعله نائبه على الأرض.

ويفسِّر شريعتي «الأمانة» التي عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأشفقن منها وحملها الإنسان تفسيرًا يذكرنا بإقبال؛ فالأمانة — عند شريعتي — هي حرية الإرادة التي تميِّز الإنسان عن سائر المخلوقات جميعًا؛ في إمكان الإنسان أن يختار بين أن يكون شبيهًا بالطين أو بالله. بذلك لا يكون الإنسان في الإسلام محتقرًا عند الله، وإنما هو شريكه وحبيبه.٣٤
كذلك يذكرنا شريعتي مرة أخرى بإقبال ودولته الإسلامية المثالية (التي تكون فيها جميع وسائل الإنتاج ملكًا لله وينبغي أن تُستغَل لمصلحة البشرية بأسرها كما سبق القول) أقول يذكرنا به عندما يعهد إلى الإنسان بإقامة جنة بشرية على الأرض أو في الطبيعة.٣٥
ويمضي شريعتي في تأملاته إلى أبعد من هذا، حيث تتبع ازدواجية التاريخ الاجتماعي للبشرية بين قطبي هابيل وقابيل. فهابيل يرمز إلى الاقتصاد الزراعي والاشتراكية البدائية قبل ظهور الملكية، إلى بناء اجتماعي فيه الجماعة سيدة نفسها ويكون العمل كله للمصلحة العامة. أما قابيل فيرمز إلى الزراعة، وللملكية الفردية أو الاحتكارية، أي إلى بناء اجتماعي يكون فيه الأفراد هم سادة المجتمع.٣٦ هكذا يمثل قابيل قطب الحاكم، والمالك، والطبقات المستغلة أما هابيل فيمثل قطب الشعب – والله …
ويرى شريعتي أن كلمتي «الناس» و«الله» في القرآن الكريم وفي الإسلام مترادفتان، وأن إحداهما تقوم مقام الأخرى عندما يتعلق الأمر بقضايا المجتمع. وعبارة «الحكم لله» معناها عنده أن «الحكم للشعب»، كما أن عبارة «الملك لله» تعني أن الملكية للشعب، لا للأفراد، أي إنها للمجتمع في مجموعه،٣٧ وسواء استطاع هذا التفسير أن يصمد للاختبار اللغوي والدلالي أم لم يصمد، فإنه يعيدنا مرة أخرى إلى تصور يتساوى فيه — بمعنًى خاص — الله والبشر، ولكن بشرط أن نفهم من هذا أن المقصود بالبشر ليسوا هم الأفراد، بل هو المجتمع العادل والمنظم وفقًا لمشيئة الله. بهذا يصبح تعيين الإنسان نائبًا عن الله هو أساس الاشتراكية الإسلامية.٣٨

وأخيرًا فإن النصوص السابقة قد جُمعت — بشكل أو آخر — بطريقة عشوائية. إنها لا تصف التطور المباشر أو المستقيم لصورة موحدة عن الإنسان في الإسلام في العصر الحديث. ولكن الجدير بالتنويه أن المسلمين على مرِّ العصور، وفي العصر الحديث بوجه خاص، قد اتجهوا إلى تصور للإنسان يزيد فيه عن أن يكون (بالنسبة إلى الله) مجرد شيء أو موضوع، فهو مخلوق مكلَّف بأداء وظائف إلهية معينة، ومِن ثَمَّ فهو شبيه بالله من بعض النواحي، أي إنهم اتجهوا إلى تصور الإنسان نائبًا عن الله سبحانه في أرضه. ولا شك في أن اللافت للنظر في تكوين هذا التصور وتطوره هو إعادة تفسير مصطلح قرآني بما يخالف معناه الأصلي. ولا بد أن المسلمين قد شعروا بحاجة ملحَّة إلى بلوغ هذه المرتبة الرفيعة. وحتى لو سلمنا بهذا التفسير الجديد للنص القرآني، فإن التصور العام للإنسان في القرآن قد سمح بمثل هذا التغير والتطور في الفهم والتفسير. ولا نزاع في أن الفحص الدقيق للاتجاهات التي سيسير فيها المسلمون، بعد أن أعطوا لأنفسهم حرية إعادة تفسير كلمات الوحي الإلهي، سيكون أمرًا بالغ الضرورة والأهمية.

١  المقال في الأصل بالإنجليزية.
٢  و. بانينبرج، «الشخص»، في: الدين في التاريخ وفي العصر الحاضر، الطبعة الثالثة، ص٢٣٢.
W. Pannenberg «Person» in: die Religion in Geschichte und Gegenwart, third edition, V, 232.
٣  راجع عن مصادر هذا الحديث معجم فينسينك. الجزء الثالث، ٣٤٨ ب، والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي (طبعة محمد فؤاد عبد الباقي)، الجزء الثاني، ص٧١.
For the sources see wensinck, Concordance, 3, 438 b.
٤  جولدتسيهر، الظاهريون، ١٦٤ وبعدها، قارن أيضًا س. جرامليش: مذهب محمد الغزالي عن مراتب الحب الإلهي، فيزبادن، ١٩٨٤م، أ ١٢٤، ف ٦٨.
Goldzieher, Die Zahiriten, 164 F … CF.R. Gramlich, Muhammad al–Ghazzalis Lehre Von den Stufen zur Gottesliebe, Wiesbaden. 1984, A. 124. F, 68.
٥  رودي باريت، القرآن: تفسير ومعجم مصطلحات. شتوتجارت، ١٩٧١م، ١٦.
R. Paret, Der Koran: Kommentar und konkordan z, Stuttgart 1971, 16.
٦  تفسير الطبري، طبعة شاكر، الجزء الأول، ص٤٤٩ وما بعدها في شرح الآية الكريمة المذكورة (البقرة: ٣٠).
٧  تفسير البيضاوي، القاهرة، ١٩٥٥م، الجزء الأول، ص٢٠ في تفسير الآية ٣٠ من سورة البقرة، والجزء الأول ص١٥٠ في تفسير الآية ١٦٥ من سورة الأنعام، والجزء الثاني ص٦٦ في تفسير الآية ٥٥ من سورة النور، والجزء الثاني ص١٦٤ في تفسير الآية ٢٦ من سورة ص.
٨  إحياء علوم الدين، الكتاب ٣٦، وكذلك ترجمة جرامليش Gramlich، المرجع السابق، ص٦٥–٦٨.
٩  تفسير المنار، الجزء الأول، ص٢٥١ وبعدها.
١٠  أحمد مصطفى المراغي، تفسير المراغي، القاهرة، ١٩٥٣م، الجزء الأول، ص٨٠.
١١  تفسير المنار، الجزء الأول، ص٢٥٩ وبعدها.
١٢  المرجع السابق، الجزء الأول، ص٢٦١ وبعدها.
١٣  المرجع السابق، الجزء الأول، ص٢٦٤.
١٤  المرجع السابق ذكره الجزء الأول، ص٧٧ وبعدها. وينبغي عدم الخلط بين أحمد مصطفى المراغي وبين الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر السابق (انظر ج. ح. يانسن، تفسير القرآن في مصر الحديثة، لايدن، ١٩٧٤م، ص٧٧ ملاحظة رقم ٦ وبعدها).
See J.J. Jansen, The Interpretation of the Koran in Modern Egypt. Leiden 1974, 77 n 6 and passim.
١٥  وردت هذه الكلمة في الأصل الإنجليزي بالألمانية: Lebensgefuhl.
١٦  تفسير المنار، الجزء الأول، ص٢٥٩ وبعدها.
١٧  وهذا هو النص الأصلي بالإنجليزية: Verily I am to place one in my stead on earth
وقد وردت في كتابه المهم: تجديد الفكر الديني في الإسلام، لاهور، ١٩٦٨م، ص١٣، ٩٣.
The Reconstruction of Religions Thought. in Islam, Lahore 1968, 13, 93.
١٨  المرجع السابق، ٢، ٦٦، ٩٥.
١٩  آن ماري شيميل، جناح جبريل، لايدن، ١٩٦٣م، ص١١٠.
A. M. Schimmel, Gabriels wing. Leiden, 1963, 110.
٢٠  تجديد الفكر الديني، ١٢، قارن كذلك أ. أحمد: التحديث الإسلامي في الهند وباكستان، ١٨٥٧-١٩٦٤م، لندن، ١٩٦٧م، ص١٤٨ وبعدها.
A. Ahmad, Islamic Modernism im India and Pakistan 1857-1964, London 1964, P 148.
٢١  راجع أيضًا عن الفردية والشخصية كتاب ل. س. ميتر: محمد إقبال: إنساني شرقي عظيم، في مجلة الشرق ١٣ (باريس، ١٩٦٠م) ص٨١.
Lc Maitre, un grand humaniste Oriental Mohammad Iqbal Orient 13 (Paris, 1960) 81.
٢٢  راجع عنه أيضًا س. ج، هايم، سيد قطب، في مجلة الدراسات الآسيوية والأفريقية، العدد ١٦، ١٩٨٢م، ص١٤٧. وكذلك ج. كيبيل: النبي والفرعون، باريس، ١٩٨٤م، ص٣٩ وبعدها، وك. كراج: القلم والإيمان، لندن، ١٩٨٥م، ص٥٣ وبعدها.
S. G. Haim, Sayyid Qutb, Asian and African Studies 16, 1982, 147 ff, G.Kepel, Le Prophete et Pharaon, Paris 1984, 39 K.C ragg, the pen and the faith, London 1985, 53 ff.
٢٣  في ظلال القرآن، الطبعة الثانية، القاهرة، بدون تاريخ، الجزء الأول، ص٢٩.
٢٤  المرجع السابق، الجزء الأول، ص٣٢.
٢٥  راجع: حقوق الإنسان في الإسلام، مرجع سابق، لندن، ١٩٧٦م، ص٨ وبعدها، ص٣٧.
٢٦  أحمد، المرجع السابق، ص٢٠٩، ٢١٦.
٢٧  حقوق الإنسان، ص٨ وبعدها.
٢٨  أحمد، مرجع سابق، ص٢١١.
٢٩  مرجع سابق، ص٢١٩.
٣٠  تفسير أحمد مصطفى المراغي، الجزء الأول، ص٨٠.
٣١  ي. هايد، أسس القومية التركية، لندن، ١٩٥٠م، ص١٣٨.
U. Heyd, Foundations of Turkish Nationalism. London, 1950, P 138.
٣٢  ل. بيندر، الدين والسياسة وباكستان – بركلي – لوس أنجلوس، ١٩٦٣م، ص٦٨.
L.Binder; Religion and Politics and Pakistan, Berkeley Los Angeles, 1963, 68.
٣٣  لمعرفة المزيد عنه راجع: نظرية علي شريعتي عن المجتمع:
Sh. Akhavi, Ali Shariatis Gesellsthaftst heorie, im: K.Greussing (ed.) Religion und Politik im Iran, Frankfurt 1981, 178 ff, English in: N.R. Keddie (ed.) Religion and Politics in Iran, New Haven 1983, 125 ff: Cragg, op. Cit., 72 ff; k. – H. Keiser, Ali Sariati, Asien. Afrika, Lateinamerika, 15 (1987). 672 ff. (33) On the Sociology of Islam, trad. A. Algar, Berkeley 1979, 70–81, 88–96.
٣٤  سوسيولوجيا الإسلام، ترجمة أ. الجار، بركلي ١٩٧٩م، ص ٧٠–٨١، ٨٨–٩٦.
٣٥  المرجع السابق، ص٩٥.
٣٦  المرجع نفسه، ص٩٨، ١١١.
٣٧  المرجع نفسه، ص١١٥ وبعدها.
٣٨  لقد لوحظ أن معمَّر القذافي — في إحدى خطبه التي مهَّد بها لإعلان ليبيا في سنة ١٩٧٧م «جمهورية شعبية» قائمة على «الديموقراطية الشعبية المباشرة» — لوحظ أنه صرَّح بأن «الشعب» هو «الخليفة». ولكن الفحص الدقيق للسياق الذي تمَّ فيه هذا الإعلان يبيِّن أن الزعيم الليبي لم يكن يشير إلى جعل الإنسان نائبًا عن الله، بل كان يجيب عن الاقتراحات التي تقدمت بها بعض الدوائر الإسلامية أثناء المناقشة العامة بتحويل ليبيا إلى دولة خلافة، ولكن القذافي الذي ذكرهم بتاريخ الخلفاء الأمويين والعباسيين اعتبر أن «الخليفة» حاكم مستبد ولا يصلح أن يكون نموذجًا يحتذى. راجع خطبته بتاريخ ٢٩ ديسمبر ١٩٧٦م في «السجل القومي»، ١٩٧٦-١٩٧٧م، ص٤٠٥، وقارن حولية أفريقيا الشمالية، العدد ١٦ (١٩٧٧م)، ص٤٨٥.
Annuaire de L.Afrique du Nord, 16 (1977). P. 485.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤