الفصل السابع عشر

الظَّرِبَانُ جيمي يَتَلَقَّى ضَرْبَةً

مَا كَادَ جيمي يَدْخُلُ الْحُفْرَةَ أَسْفَلَ حَظِيرَةِ دَجَاجِ الْمُزَارِعِ براون — فِي أَعْقَابِ الْعَمِّ بيلي — حَتَّى أَتَى كَلْبُ الصَّيْدِ باوزر، مُتَشَمِّمًا الْهَوَاءَ حَتَّى أَشْعَرَ الْعَمَّ بيلي بِالتَّوَتُّرِ، وَحِينَ وَصَلَ باوزر إِلَى هَذِهِ الْحُفْرَةِ، شَمَّ آثَارَ الْعَمِّ بيلي وَجيمي بِالطَّبْعِ، وَأَثَارَتْهُ رَائِحَتُهُمَا عَلَى الْفَوْرِ؛ فَبَدَأَ فِي الْحَفْرِ. وَلَكَمْ تَطَايَرَ التُّرَابُ مِنْ سُرْعَةِ حَفْرِهِ! وَطَوَالَ الْوَقْتِ كَانَ يَعْوِي مِنْ فَرْطِ اللَّهْفَةِ.

لَمْ يُضِعِ الْعَمُّ بيلي وَقْتًا قَبْلَ أَنْ يَحْشُرَ نَفْسَهُ دَاخِلَ حُفْرَةٍ فِي أَرْضِيَّةِ الْحَظِيرَةِ عِنْدَ رُكْنٍ بَعِيدٍ، كَانَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون يَنْوِي تَثْبِيتَ لَوْحٍ عَلَيْهَا مُنْذُ وَقْتٍ طَوِيلٍ، وَكَانَ الْعَمُّ بيلي يَعْرِفُ أَنَّ باوزر لَنْ يَسْتَطِيعَ الدُّخُولَ عَبْرَ هَذِهِ الْحُفْرَةِ حَتَّى لَوْ نَجَحَ فِي حَفْرِ طَرِيقٍ تَحْتَ حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ وَالْمُرُورِ مِنْهُ. وَمَا إِنْ نَفَذَ الْعَمُّ بيلي مِنْ هَذِهِ الْحُفْرَةِ، وَدَخَلَ حَظِيرَةَ الدَّجَاجِ حَتَّى أَخَذَ نَفَسًا طَوِيلًا؛ فَقَدْ شَعَرَ بِالْأَمَانِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى أَيَّةِ حَالٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَنْوِي الْقَلَقَ بِشَأْنِ الْمُسْتَقْبَلِ.

انْدَفَعَ جيمي فِي أَعْقَابِ الْعَمِّ بيلي. لَمْ يَكُنِ الْخَوْفُ هُوَ مَا دَفَعَهُ إِلَى أَنْ يُسْرِعَ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خَوْفًا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَإِنَّمَا إِجْفَالُهُ مِنْ ظُهُورِ باوزر الْمُفَاجِئِ، كَانَ هَذَا مَا دَفَعَهُ إِلَى أَنْ يُحَاوِلَ جَاهِدًا الْمُرُورَ أَوَّلًا مِنَ الْحُفْرَةِ أَسْفَلَ حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ، لَكِنَّهُ مَا إِنْ عَبَرَ الْحُفْرَةَ حَتَّى شَعَرَ بِبَعْضِ الْخَجَلِ مِنْ تَصَرُّفِهِ الْأَهْوَجِ؛ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَائِفًا مِنْ باوزر، وَكَانَ يَشْعُرُ بِرَغْبَةٍ شَدِيدَةٍ فِي أَنْ يَعُودَ أَدْرَاجَهُ لِصَرْفِ باوزر لِشَأْنِهِ، وَكَانَ وَاثِقًا مِنْ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ بِذَلِكَ، لَكِنَّهُ تَرَاجَعَ. عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، كَانَ الْعَمُّ بيلي قَدْ نَفَذَ مِنْ تِلْكَ الْفُتْحَةِ فِي أَرْضِيَّةِ الْحَظِيرَةِ بِالْفِعْلِ، وَجيمي لَمْ يَنْسَ لِلَحْظَةٍ السَّبَبَ الَّذِي أَتَى بِهِ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ؛ لَقَدْ أَتَى مِنْ أَجْلِ الْحُصُولِ عَلَى الْبَيْضِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ الْعَمُّ بيلي؛ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَتْرُكَ الْعَمَّ بيلي وَحْدَهُ فِي الْحَظِيرَةِ لِوَقْتٍ طَوِيلٍ. وَهَكَذَا، فَعَلَ جيمي مَا لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا نَادِرًا جِدًّا؛ أَسْرَعَ الْخُطَى. أَجَلْ، لَقَدْ أَسْرَعَ الْخُطَى وَرَاءَ الْعَمِّ بيلي؛ إِذْ كَانَ يُرِيدُ الِاطْمِئْنَانَ عَلَى نَصِيبِهِ مِنَ الْبَيْضِ الَّذِي كَانَ وَاثِقًا مِنْ وُجُودِهِ فِي الْحَظِيرَةِ.

كَانَ ثَمَّةَ صَفٌّ مِنْ صَنَادِيقِ التَّعْشِيشِ بِمُحَاذَاةِ أَحَدِ جَوَانِبِ الْحَظِيرَةِ بِالْقُرْبِ مِنَ الْأَرْضِ، وَفَوْقَهُ صَفٌّ ثَانٍ، ثُمَّ صَفٌّ ثَالِثٌ. لَمْ يَكُنْ جيمي يُجِيدُ التَّسَلُّقَ، وَلَكِنَّ الْعَمَّ بيلي مُتَسَلِّقٌ بَارِعٌ.

قَالَ جيمي: «سَآخُذُ هَذِهِ الْأَعْشَاشَ السُّفْلِيَّةَ.» ثُمَّ رَفَعَ ذَيْلَهُ بِطَرِيقَةٍ جَعَلَتِ الْعَمَّ بيلي يَشْعُرُ بِالتَّوَتُّرِ.

فَرَدَّ الْعَمُّ بيلي عَلَى الْفَوْرِ قَائِلًا: «حَسَنًا، حَسَنًا يَا صَدِيقِيَ الظَّرِبَانُ. لَكَ مَا تُرِيدُ.»

وَهَكَذَا، تَسَلَّقَ الْعَمُّ بيلي إِلَى الصَّفِّ الثَّانِي مِنَ الْأَعْشَاشِ، وَابْتَسَمَ جيمي وَبَدَأَ يَنْظُرُ دَاخِلَ الْأَعْشَاشِ السُّفْلِيَّةِ، مُتَمَهِّلًا كَعَادَتِهِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا فِي الْعُشِّ الْأَوَّلِ، وَلَا الثَّانِي، وَلَا الثَّالِثِ، وَأَقَلُّ مَا يُقَالُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ شَيْئًا مُحْبِطًا؛ فَبَدَأَ جيمي يَتَحَرَّكُ أَسْرَعَ قَلِيلًا. فِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ، كَانَ الْعَمُّ بيلي يُسْرِعُ مِنْ عُشٍّ إِلَى آخَرَ فِي الصَّفِّ الثَّانِي، وَلَكِنَّ حَظَّهُ لَمْ يَكُنْ أَفْضَلَ مِنْ حَظِّ جيمي. وَحِينَمَا كَانَ جيمي قَدِ انْتَهَى مِنَ الْبَحْثِ دَاخِلَ نِصْفِ أَعْشَاشِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، كَانَ الْعَمُّ بيلي قَدْ بَدَأَ فِي الْبَحْثِ دَاخِلَ أَعْشَاشِ الصَّفِّ الثَّالِثِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ سِوَى بَيْضٍ خَزَفِيٍّ صُلْبٍ، كَانَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون قَدْ وَضَعَهُ هُنَاكَ لِإِغْرَاءِ الدَّجَاجِ بِالرُّقُودِ عَلَى الْبَيْضِ فِي تِلْكَ الْأَعْشَاشِ خَاصَّةً. كَانَتِ الْخَيْبَةُ الَّتِي شَعَرَ بِهَا الْعَمُّ بيلي تُفْقِدُهُ أَعْصَابَهُ؛ فَكُلَّمَا نَظَرَ دَاخِلَ عُشٍّ وَوَجَدَ إِحْدَى هَذِهِ الْبَيْضَاتِ الْخَزَفِيَّةِ، كَانَ يَأْمُلُ أَنْ تَكُونَ بَيْضَةً حَقِيقِيَّةً، وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ حِينَ يَكْتَشِفُ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ، كَانَ يَزْدَادُ غَضَبًا.

فِي النِّهَايَةِ، فَقَدَ أَعْصَابَهُ تَمَامًا حَتَّى إِنَّهُ حِينَ رَأَى بَيْضَةً أُخْرَى مِنْ ذَلِكَ الْبَيْضِ الْخَزَفِيِّ، رَكَلَهَا فِي غَضَبٍ خَارِجَ الْعُشِّ. فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، تَصَادَفَ أَنْ كَانَ جيمي تَحْتَهُ تَمَامًا، فَسَقَطَتِ الْبَيْضَةُ الْخَزَفِيَّةُ الصُّلْبَةُ عَلَى رَأْسِ جيمي مُبَاشَرَةً، وَلِلَحْظَةٍ شَعَرَ جيمي أَنَّهُ يَرَى نُجُومًا أَمَامَ عَيْنَيْهِ، أَوْ أَنَّهُ هَكَذَا ظَنَّ عَلَى الْأَقَلِّ. بَعْدَ ذَلِكَ، رَأَى الْبَيْضَةَ، وَأَدْرَكَ أَنَّ الْعَمَّ بيلي أَسْقَطَهَا، وَأَنَّ هَذِهِ الْبَيْضَةَ هِيَ مَا اصْطَدَمَ بِرَأْسِهِ. كَانَ حَزِينًا لِأَنَّهُ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى أَيِّ بَيْضٍ، كَمَا كَانَتِ الضَّرْبَةُ الَّتِي تَلَقَّاهَا عَلَى رَأْسِهِ تُؤْلِمُهُ. وَهَكَذَا، فَقَدَ الظَّرِبَانُ جيمي أَعْصَابَهُ، وَهُوَ شَيْءٌ نَادِرًا مَا يَحْدُثُ لَهُ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤