الفصل الثامن عشر

قصة مونت دور

«صديقي العزيز جوني،

أودُّ أن أحكيَ لك أمورًا كثيرة حتى إنني لا أعرف من أين أبدأ. صِرتُ ثريًّا أخيرًا، وتحقَّق الحلم الذي لطالما حدَّثتُك عنه. أولًا وقبل كل شيء، دعني أخبرك بأني حصلت على مشغولاتٍ ذهبية بقيمة ٥٠ ألف جنيه إسترليني. لقد كانت الأسودُ تُسبِّب لنا المتاعب هنا، حتى إن أحدها خطف مني حقيبتي، وفي النهاية قرَّرتُ أن أخرج لأُصفِّيَ الحسابات مع هذا الأسد. وجدتُه على بُعد ستة أميال من المخيَّم وأصبته برصاصتَين لكن دون أن أقتله، وقرَّرت تقفِّيَ أثره. كان هذا ضربًا من الجنون، أقصد تتبُّعَ أسدٍ جريح إلى الغابة، ولم أدرك مدى جنون الأمر حتى خرَجنا من الغابة متوجهين نحو التلال حيث وجدتُ لبؤته بانتظاري. وكادت هي الأخرى أن تُصيبني. لكن أسعفَني حظي ولا شيء غير ذلك، واستطعت أن أُطلق عليها النار وأُردِيَها قتيلةً من الرصاصة الأولى، ثم أطلقت رصاصةً أخرى على وليفها بينما كان يتسلَّل إلى كهفٍ قريب من خيمتنا.

وبما أني كنتُ قد قطعت شوطًا كبيرًا، فكَّرتُ في إنجاز المهمة كاملةً، خاصة عندما رأيت شبلَين يلعبان عند مدخل الكهف، فأحضرت الشبابَ المرافقين لي الذين كانوا مرتعبين حدَّ الموت، وزحفتُ للداخل لأجد الأسد الكبير، كما توقعت، ميتًا تقريبًا، وأن الرصاصة قضَت عليه. لذلك اضطُرِرت إلى قتل الشبلَين؛ فقد كانا صغيرَين جدًّا ليُتركا وحدهما، كما كانا سيُحدِثان جَلبةً كبيرة لو أحضرتهما إلى المُخيَّم. وعرَفت أن هذا الكهف كان يُستخدم عرينًا لسنوات؛ حيث تملؤه العظام، التي من بينها عظامٌ بشرية.

لكن ما أدهشني كان منظرَ سطح الكهف، الذي كنتُ متأكدًا تقريبًا من أنه قد شُكِّل باليد. كان أشبهَ بمنزل، وبه من الخلف بابٌ محفور في الصخرة. لذا أضأتُ مصباحَ جيبي ودخلتُ في جولة استكشافية، وتخيَّل دهشتي عندما وجدتُ نفسي في غرفة صغيرة بها صفٌّ من الخزائن الصخرية أو الرفوف. وعلى كل جانبٍ من جوانب الغرفة ثلاثةٌ منها. وضعت على بعضٍ منها تماثيل مصغَّرة. كانت مُغطاةً تمامًا بالتراب حتى إنني ظننتها حجارة، إلى أن حاولت أن أنزل أحدها لفحصه؛ عندئذٍ عرَفْت من وزنه أنه مصنوعٌ من الذهب، كبقيتها.

لم أُرِد أن يعرف الشباب المرافقون لي بما وجدتُ؛ لأنهم غدَّارون، فأخذت أخفَّ التماثيل وزنًا، بعد وزنِها جميعًا بميزانٍ نابض، وكتبتُ ملاحظة عن موضع كلٍّ منها. وربما تعتقد أنها فرصة نادرة لا تُكرَّر سوى مرةٍ واحدة بالعمر، لكن حظِّي كان سعيدًا. حيث أعدتُ الشباب وأمرتُهم أن يُقوِّضوا المعسكر وينضمُّوا إليَّ على قمة التبَّة. أسميتُها تبَّة لأنها شبيهةٌ بتلٍّ أعرفه في باسوتولاند، وهي واحدة من أصل اثنتين.

نُقِل المعسكر لأعلى في تلك الليلة؛ ونُصِبَت الخيام بشكل أفضل من أي خيمة نصَبْناها. كانت هناك مياهٌ، ووفرةٌ من الطرائد الصغيرة، ولا يوجد ناموس. لكنَّ أسوأ ما في الأمر هي العواصف الرعدية المرعِبة التي كانت تضرب من حيث لا ندري، ولن تعرفَ أبدًا كيف تكون العاصفة الرعدية حتى تشهدَ واحدةً في هذا البلد ذي الصخرِ الحديدي! وقد كان التلُّ المُواجه لنا أقصرَ قليلًا من التل الذي عسكَرْنا فوقه، ويوجد بينهما وادٍ ضحل، يجري فيه نهرٌ ضحل — أو منحدر نهر إذا تحرَّينا دقة الوصف.

في ساعةٍ مبكرة من صباح اليوم التالي، كنت أتفقَّد المكان حولي بنظارتي المعظِّمة، ورأيتُ ما ظننته منزلًا على التلِّ المقابل. فسألت مرشدي الذي يعيش هناك، وأخبرني بأنَّ هذا المنزل كان يومًا مِلكًا للزعيم؛ وتذكرتُ أن شخصًا ما، في موساميدس، قد أخبرني أنَّ عالمًا فلَكيًّا كان يعيش في هذا المنزل، وأنه قُتِل على يد السكان الأصليين. ففكرت في الذَّهاب إلى هناك وأخذِ جولة في المكان. وقد كان الجو غائمًا ولم يكن شديد الحرارة، فأخذتُ بندقيتي واثنين من الشباب وعبَرْنا النهر وبدأنا نتسلَّق التل. وقد أصبح المنزل، بالطبع، حُطامًا؛ وهو عبارةٌ عن كوخ من الأغصان في أحسن الأحوال. كان جزءٌ منه مغطًّى بالعشب، لكني تفقدت المكان بدافع الفضول؛ على أمل إيجادِ أيِّ ما يمكن أن يكون مفيدًا لي، كالغلايات على وجه التحديد، حيث أتلفَ الشبابُ المرافقون لي كلَّ ما كان لديَّ منها. وفعلًا وجدتُ واحدة، وبعد ذلك، وبالتقليب في كومة من القمامة أظنها بالتأكيد كانت سريرَ صاحب المنزل، وجدتُ علبة صغيرة من الصفيح الصدئ ففتحتها بعصاي. ووجدتُ فيها بضعة خطابات، لكن كان الحبر قد تلاشى حتى إنني استطعتُ فقط قراءة كلمة من هنا وكلمة من هناك، ووجدتُ داخل قطعةٍ من القماش المُشمَّع الأخضر، خِطابًا طويلًا من الحكومة البرتغالية.»

(وعند هذه المرحلة، إمَّا من قبيل المُصادفة أو عن قصد، واصلَ الراوي كلامَه على الورقة الفعلية التي كان قد أشار إليها.)

«أتحدَّث البرتغالية ويُمكنني قراءتُها بسهولةٍ كالإنجليزية، وكان الشيءُ الوحيد الذي أقلقني هو أنَّ خطاب منح الامتياز هذا قد أعطى البروفيسور ليستر كلَّ حقوقِ مِلكية كهفي. فكانت أول فكرة راودتني هي أن أُحرق الخطاب، لكني بعدها بدأتُ أدرك كم سيُصبح هذا تصرفًا حقيرًا، وخرجتُ بالخطابات في ضوء الشمس وحاولتُ إيجادَ ما إن كان لديه أيُّ أقارب؛ على أمل أن أستطيعَ الاتفاق معهم كي أحصلَ على ٥٠ في المائة مما وجدت. لكنَّ خطابًا واحدًا هو ما ساعدني. كان مكتوبًا بخطِّ طفل، ومن الواضح أنه مرسَلٌ من ابنته. ولم يَرِد به عنوانٌ محدد، لكنه يحمل اسم … «ميرابيل ليستر».
وضعتُ الخطاب في جيبي مع خطاب منح الامتياز ورُحتُ أبحث، لكني لم أجد شيئًا آخرَ. وأثناء نزولي عن التلِّ باتجاه الوادي خطر ببالي أنه ربما يكون هذا الرجل قد وجد ذهبًا، واتخذ من خطاب الامتياز خدعة. فأرسلت أحدَ الشباب إلى المعسكر ليأتيَ لي بمِعوَل، ومِطرقة، ومِجرفة، ولمَّا عاد بدأتُ أحفر في جانب التل. ولم يكن هناك ما يمكن أن يرشدني — لا نتوء صخري، كالذي تجدُه عادةً بالقرب من الرصيف الرسوبي — لكن قبل أن أتمَّ ساعةً من الحفر، وجدتُ أغنى طبقةٍ من الصخور الرسوبية رأيتُها في حياتي. إما كنت أحلم، أو أن ملاكي الحارس قد قادني أخيرًا إلى المكان الوحيد بين صخور التل الذي يمكن العثورُ على الذهب فيه. وكنت قد أرسلت الشبابَ سابقًا إلى المعسكر وأخبرتهم أن ينتظروني هناك، حتى إذا ما وجدتُ الذهب، لا يفتضح أمري في كل أنحاء أنجولا، حيث يبحثون عن الذهب منذ سنوات.
أودُّ منك أن تفهم أنه لم يكن رصيفًا رسوبيًّا بالمعنى التقليديِّ للكلمة، بل كان عبارةً عن كتلة رسوبية بالكامل، وكلما كنتُ أُوسِّع نطاق الحفر، تظهر الكتلة الرسوبية على نطاقٍ أوسع، فأخذتُ المِعوَل إلى مكانٍ آخرَ من التل وبدأت الحفر مجددًا، لأحصل على النتيجة نفسِها — صخر رسوبي. وكأن الطبيعة قد شكَّلت هضبةً ضخمة من الذهب على سطح الأرض. وفي وقت لاحق من تلك الليلة، غطَّيتُ موضعَي الحفر وعُدت إلى المعسكر. (كان هناك نمرٌ يُراقبني مختبئًا وسط الشُّجيرات المنخفضة، لكني نجحتُ في القضاء عليه.)
وفي ساعة مبكِّرة من صباح اليوم التالي، انطلقت لتفقد بقعة أخرى، وحصلت على النتيجة نفسِها؛ ثلاثة أقدام أولى من التراب، ثم نحو ستة إنشات من الطَّفل، ثم صخر رسوبي. حاولتُ الحفر في الكتلة الرسوبية، ظنًّا مني أنها ربما مجرد قشرة، لكني جُنِّبتُ مجهودًا كبيرًا عند اكتشاف صدعٍ عميق في التل باتساع عشرين قدمًا تقريبًا من الأعلى، ثم ينخفض إلى نحو خمسين قدمًا تحت سطح الأرض. حيث وفَّر لي هذا الصدعُ قطاعًا يمكنني الحفرُ فيه، وبحسَب تقديري، كان سُمك الكتلة الرسوبية أكثرَ من خمسين قدمًا، ولستُ متأكدًا مما إن كان هناك كتلةٌ أخرى على مسافة عشرين قدمًا أو أكثر؛ إذ إنني حفرتُ في مزيدٍ من الطَّفل، ثم وجدت بروزًا لصخرة رسوبية أخرى في عمق الصدع.
ماذا يعني هذا، يا جوني؟ يعني أننا وجدنا تلًّا من الذهب؛ ليس الذهب الصُّلب، المذكور في كتب الحكايات، بل ذهبٌ يوزن بالأوقية أو ربما بالرَّطْل وحتى الطن. ولا أفهم كيف أغفَله المنقِّبون كلَّ هذه السنوات، إلا إذا كانوا يحفرون في الجانب الشماليِّ من التل، حيث لم يجدوا إلا الأردواز والأحجار الرملية. لا بد أن ذلك النهر الصغير الذي يجري في الوادي يحتوي على الطَّمْي بعمق قدمٍ واحدة، فقد غسلت حصى الكتلة الرسوبية ووجدت ثماني أوقيات من الذهب الخالص خلال ساعة — وكان ذلك بطرقٍ بدائية للغاية. لكن يجب عليَّ توخِّي الحرص من إثارة فضول الشباب؛ لذا سأفضُّ المعسكر غدًا، وأودُّ منك أن تُرسل برقية أو تُرسل حوالةً لي في موساميدس بقيمة ٥٠٠ جنيه إسترليني. فالتمثال المُصغَّر الذي سأعود به إلى الوطن يستحقُّ كلَّ ذلك. وكان من الممكن أن آتيَ بالمزيد، لكن لا يُمكنني الوثوقُ بشباب أنجولا المرافقين لي؛ فالكثير منهم تابعون للإرسالية، ويستطيعون قراءة البرتغالية، وهم ودودون جدًّا مع شخصٍ نصف أنجولي ونصف برتغالي يُدعى فيلا، وهو وكيل شركة أوبيرزون آند سميتس؛ تلك الشركة التي نعرف أنا والتجَّار أن أصحابها هم أكثرُ الأشخاص نذالةً وانعدامًا للضمير على الساحل كلِّه.
سأذهب إلى موساميدس بعد ثلاثة أسابيع من تلقِّيك هذا الخطاب، لكني لا أودُّ العودة إلى الساحل متعجِّلًا، وإلا سيشكُّ الناس أنني قد اكتشفتُ شيئًا ما.»

وضع ليون الخطابَ جانبًا.

وقال: «إليكم القصةَ باختصار، يا سادة. لا أُصدِّق، ولو لحظةً، أن السيد باربرتون أطلَع فيلا على الخطاب. بل إن الاحتمال الأكبر هو أن واحدًا من السكان الأصليِّين المتعلمين الذين يتحدث عنهم رآه وأخبرَ وكيل أوبيرزون بشأنه. فاللغة البرتغالية هي اللغة الشائعة في هذه المنطقة من الساحل. لقد قُتِل باربرتون لمنع لقائه بالفتاة وإخبارها باكتشافه — ولسببٍ آخرَ أيضًا، وهو تحذيرها لتقديم طلب تجديد منح الامتياز. ولم يكن التفتيش في أمتعته ضروريًّا حتى بحثًا عن الخطاب؛ لأنه بمجرد عِلمهم بوجود الخطاب والتاريخ الذي من الواضح أن باربرتون قد خلَط بينه وبين تاريخ كتابة الخطاب، فإن كلَّ ما عليهم فِعله ببساطة هو تقديم طلبٍ لإدارة وزارة المستعمرات في لشبونة. لكن الأمر اختلف بعد مقتل باربرتون، ذلك عندما عرَفوا أو خمَّنوا أن الخطاب بحوزة السيد لي.»

أيَّده ميدوز في الرأي.

فسأله ليون قائلًا: «هل كان هذا هو الغرضَ من تعامل أوبيرزون مع ميرابيل ليستر؟»

فأجابه ميدوز: «بالضبط، كما كان السببَ وراء الهجوم على مزرعة هيفيتري. فمن أجل الحفاظ على هذه الأرض عليهم إبعادُ الآنسة ليستر وإخفاؤها حتى ينتهيَ موعد التجديد، أو حتى يُمكنَهم إرهابها أو إجبارها على تعيين مُرشَّح.»

قال ليون بخفة ظل: «أو تزويجها. ألم تخطر ببالك هذه الفكرة؟ ربما كانت لدى صديقنا الأنيق مونتي نيوتن نوايا تتعلق بالزواج منها. كانت هذه ستصبح ضربةً موفَّقة للغاية أن يؤمِّن لنفسه زوجةً وتلًّا ضخمًا من الذهب في الوقت نفسه. أظن أن هذا يئد طموحات دكتور أوبيرزون.»

نهض ليون عن الطاولة وسلَّم الأوراق للمُحقِّق، والتفتَ إلى صاحبه بابتسامةٍ مُحيِّرة. وسأله قائلًا:

«هل ترغب، يا جورج، في الذَّهاب في جولةٍ بالسيارة لمسافة مائتَين وخمسين ميلًا؟»

فردَّ جورج بسؤاله: «هل ستكون أنت السائقَ؟»

فأجابه ليون في مرح: «نعم سأكون أنا السائق». وتابع: «فأنا أقود السياراتِ منذ سنوات ولم أُقتَل حتى الآن. ومن غير المحتمل أن أُخاطر بحياتي الثمينة وبحياتِك أيضًا الليلة. تعالَ معي وأعِدُك ألَّا أسيرَ بسرعة تتجاوز الستين إلا على الطرق السريعة.»

فأومأ مانفريد بالموافقة.

فقال ليون: «سوف نتوقف في أوكسلي ونُحاول إجراء مكالمة هاتفية إلى مدينة جلوستر». وأضاف: «وطبعًا، هذا الخطُّ معطَّل. فهم لن يتصرفوا تصرفًا غبيًّا كإهمال الإجراءات الوقائية الأساسية بقطع خطِّ تليفون راث هول.»

توقَّفت السيارة الكبيرة طراز سبانز في أوكسلي أمام واجهة الفندق الصغير حيث ساد الظلامُ والصمت، ونزل ليون، فأتى بصاحب النُّزُل في نصف ملابسه وشرح له مهمته، كما عرَف أن سيارتين كبيرتين مرَّتا من هنا قبل نصف ساعة، متجهتَين إلى لندن.

فقال مانفريد: «لا بد أنهم العصابة. أتساءل كيف سيُبرِّرون لوليِّ نعمتهم فشلَهم للمرة الثانية؟»

كانت مكالمة مانفريد الأولى للمنزل في كورزون ستريت، لكن لم يُجِبه أحد. فقال له ليون: «اتصل ثانيةً». وتابع: «هل تركتَ بويكارت هناك؟»

فأومأ مانفريد بالإيجاب.

انتظرا خمسَ دقائق؛ لكن لم يأتِهم رد.

فقال مانفريد: «ما أشد غرابة هذا!» وأضاف: «مِن غير المُعتاد أن يُغادر بويكارت المنزل. اتصل بجلوستر.»

في هذه الساعة المتأخرة من الليل تكون الخطوطُ غيرَ مشغولة، وفي مدةٍ قصيرة جدًّا سمع ليون صوتَ مُشغِّل خطوط جلوستر، وبعدها ببضع ثوانٍ سمع صوتَ النقرة التي تُخبرهم بأنهم الآن على اتصال بمزرعة هيفيتري. حيث كان هناك بعضُ التأخير حتى أُجيبَ الاتصال.

لم يكن مُجيب الاتصال ميرابيل ليستر ولا عمَّتَها. كما لم يكن صوتَ ديجبي الذي تعافى بما يكفي للعودة إلى عمله.

فسأل مُجيب الاتصال بحدة قائلًا: «مَن الذي يتكلم؟» وتابع: «أهذا أنت، أيها الرقيب؟»

فردَّ ليون كذبًا: «لا، بل السيد ميدوز.»

فسأله مُجيب الاتصال في شغف: «رجل شرطة اسكوتلاند يارد؟»

ثم قال: «أنا الشرطي كيرك، من شرطة جلوستر. لقد كان الرقيبُ يُحاول الاتصال بك، يا سيدي.»

فسأله ليون، وقد دبَّ القلق في قلبه: «ما الخطْب؟»

فأجابه الشرطي: «لا أعرف، يا سيدي. فقبل نصف ساعة أثناء مروري أمام المزرعة — فأنا أحد الرجال الذين يمتطون الجياد — رأيتُ الباب مفتوحًا عن آخره والأنوار كلها مُضاءة، ولمَّا دخلتُ لم أجد أحدًا مُستيقظًا. فأيقظت الآنسة جودارد والسيد ديجبي، لكن الآنسة الشابَّة لم تكن في المنزل.»

فسأله ليون بسرعة: «كانت الأنوار كلُّها مُضاءة؟»

فأجابه: «نعم، يا سيدي … في غرفة الاستقبال على أي حال.»

فسأله ليون: «هل توجد أيُّ آثار للمقاومة؟»

فأجابه: «لا، يا سيدي؛ لكن مرَّت بي سيارة على بُعد ثلاثة أميال من المنزل بسرعة هائلة. أظن أن الآنسة كانت بهذه السيارة. وقد غادر السيد ديجبي والآنسة جودارد لتوِّهما إلى جلوستر.»

فقال له ليون: «حسنًا أيها الضابط. سأُرسل السيد جونزاليس لمقابلتك.» ووضع سماعةَ الهاتف.

عرَف جورج مانفريد من ملامحِ وجه صديقه أن ثمة مشكلةً ما، فسأله قائلًا: «ماذا حدث؟»

فأجابه ليون: «لقد أمسكوا بميرابيل ليستر رغم كلِّ شيء». وتابع: «أخشى أن أُضطرَّ إلى أن أُخلف وعدي لك، يا جورج. سأسافر بسيارتي هذه قبل الفجر!»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤