المجر ضحية الحرب وبعيثتها

أشرنا في الفصل السابق إلى المجري الذي لقينا أثناء سفرنا من بخارست إلى سنايا، وأشار علينا بزيارة جبل سان جان وبرج إليزابث، وإذ كان هذا المجري عضوًا في السلك السياسي فقد تفضل فأعطاني بطاقة قدمني بها إلى الكونت شاكي عامل الاتصال في وزارة خارجية المجر برجال الصحافة، وذكر لي أنه أو سكرتيره يستطيع أن يرشدني إلى ما أريد أن أرى في المجر وفي عاصمتها، وذهبت غداة وصولي بودابست إلى وزارة الخارجية، وطلبت مقابلة الكونت شاكي، فأخبرني سكرتيره، بعد أن حمل إليه بطاقتي أنه مشتغل في لجنة، وأنه على استعداد لمقابلتي في وقت آخر إذا كان لدي ما أريد أن أحدثه فيه، كما أنه كلفه أن يقوم بما يستطيع به من خدمتي. وسكرتير الكونت شاكي شاب ظريف يتقن الفرنسية، فلما أخبرته أني أريد زيارة بودابست والمجر قدم له كتابًا عن بودابست، ودلني على شركة السياحة المجرية لأقف منها على كل ما أريد معرفته، ثم أشار إلى خريطة المجر المعلقة على الجدار مبينًا لي الأماكن التي تلفت نظر السائح. وخريطة المجر هذه ليست خريطة المجر الحديثة على نحو ما وضعت معاهدات الحرب حدودها، بل خريطة المجر القديمة وضع على حدودها الجديدة خط أحمر ظاهر تمام الظهور.

وإذ استطرد بنا الحديث عن المجر أشار المجري موظف الخارجية إلى ما وراء الخط الأحمر قائلًا: كانت هذه الأراضي كلها ضمن المجر قبل الحرب، أما الآن فقد أخذت هذا القسم الشرقي رومانيا، وأخذت هذا القسم الجنوبي يوجوسلافيا وإيطاليا، وأخذت هذا القسم الشمالي تشيكوسلوفاكيا. انظر إلى هذا القسم الشمالي، هو على صورة الغول Dragon، وكذلك كانت المجر ضحية الحرب وإن لم تك لها في إعلانها يد، ولا كانت عليها في آثامها تبعة.

كذلك قال سكرتير الكونت شاكي، وقاله في لهجة تدل على الأسف، وفي لغة واضحة صريحة، لكنه لم يكن بليغًا في أسفه على ما أصاب المجر من نكبة الحرب بلاغة جماعة من عامة المجر لا يعرفون الفرنسية ولا يدلون على عواطف الحزن بأكثر من إشارات لم تكن أقل أثرًا في نفوسنا من عبارة ذلك الشاب المهذب المتعلم. بينا كنا نزور المتحف الزراعي في صحبة العامل الذي كلفه مدير المتحف بمصاحبتنا وقفنا بإزاء خريطة للمجر كخريطة وزارة الخارجية، وأشار الرجل بيده إلى المجر القديمة وإلى حدود المجر الجديدة، وكاد الدمع يذرف من عينه، ثم فهمنا منه مبلغ أساه على أن صارت المجر صغيرة كما أكرهها الظافرون في الحرب أن تكون. وأشهد لقد كان حزن هذا الرجل البسيط ناطقًا في نبرات صوته وفي حركاته العصبية. رحم الله أيامًا كنا نشهد فيها الفرنسيين يجللون بالسواد تمثال ستراسبور القائم في ميدان الكونكورد بباريس حزنًا على الألزاس واللورين! وبقي هذا الشعور بالألم لضياع فلذة غالية من الوطن ينتقل في أفئدة الفرنسيين من جيل إلى جيل، حتى كان هو الحافز الأقوى لفرنسا أن تثابر في الحرب العظمى وتنتهي إلى الفوز، وأن تظفر من جديد بالألزاس واللورين، وها هم أولاء المجريون يبكون على ما ضاع منهم، ويبكي مثلهم أهل النمسا، ويبكي الألمان — ولكن في إباء وبدموع حائرة في محاجر العيون — على الألزاس واللورين وعلى بولونيا وعلى دانتزج. ترى ماذا يكون من أثر ذلك كله في مستقبل أوربا؟ وهل هي الحرب؟ أو هي الثورات تتنفس عنها هذه الأفئدة المكلومة؟

وكان يسيرًا أمر هذا الإحساس الذي يغذيه المجريون في نفوس أبنائهم لو أنه وقف في حدود بودابست، لكنا رأيناه متجليًا كذلك في ربوع المجر؛ إذ زرنا منها غير قليل مما أشار علينا سكرتير الكونت شاكي بزيارته. وفي هذه الربوع المجرية جمال ولها روعة، رغم سهولة أراضيها الزراعية، مما يجعلها عظيمة الشبه بوادي النيل. تناولنا طعام الغداء في قرية مازاكوفتش عند صاحب فندق، أستغفر الله، بل حانة، بل محل عطارة كالذي في الريف. وكان صاحب هذا المكان يعرف بعض الإنجليزية، فإذا به يحدثنا حديث موظف الخارجية وعامل المتحف الزراعي، وإذا به يخفق فؤاده لوعة وأسى لهذا الذي سلخه الحلفاء من وطنه كرهًا واعتسافًا.

•••

ومازاكوفتش هذه قرية ظريفة يقصد إليها كثير من السائحين أيام الأحد، وهم يقصدونها يجذبهم إليها إعلان عما يرتديه أهلها في ذلك اليوم من ملابس قومية، وما تطرزه بناتها بالحرير المختلف الألوان. قصدنا إليها صباح الأحد الثامن عشر من سبتمبر فقضينا أكثر من ساعتين في قطار السكة الحديدية يقطع بنا مزارع وحقولًا وبعض أحراش قليلة، فلما وقف في محطتها إذا سرب من بناتها في هذه الملابس القومية يستقبلن النازلين فيها وملابسهن مزركشة بتطريز الحرير ناصعة الألوان الحمراء والصفراء، ووقف السرب باسمات بناته يحيين النازلين قرية مازاكوفتش، ولا يأبين على من يريد أن يأخذ صورتهن الشمسية بالوقوف أمامه ما أرادهن أن يقفن. وجاء معهن رجال ارتدوا هم أيضًا الزي القومي، وبمقدار ما يلفت زي البنات النظر تزورُّ العين عن زي الرجال ازورارًا؛ فهو جلابية عليها جاكتة وبرنيطة سوداء عالية يطوقها نطاق أخضر وتزينها ريشة في بعض الأحايين، أما أحذية هؤلاء الرجال فضخمه تناسب أعمال الزراعة.

وما هو إلا أن انحدر السائحون إلى طرق القرية حتى ركب هؤلاء الفتيات عربة وعدن بها من حيث أتين، ولم نرَ لهن بعد ذلك من أثر، فدلنا ذلك على أنهن مجرد إعلان عن قريتهن، فأما سائر أهل البلد فيلبسون لباسًا قوميًّا حقًّا ولكن في زخرف أقل بكثير من زخرف أولئك الفتيات، فأما الرجال فرأينا في طرق القرية من خرقهم غير ما يرتدي الذين صحبوا البنات إلى المحطة، تتدلى على سيقانهم أمراط مزركشة بالحرير زركشة أردية الفتيات أو هي أثمن، وصدرياتهم مزركشة كذلك بالحرير، وكلهم في لباس العيد القومي، أما البنات والأولاد فالأقلون منهم يرتدون هذا الرداء المجري الخاص، على حين يحتفظ الأكثرون برداء كل يوم، مما يدل على أن الحياة الأوربية العامة تجني على هذه الآثار القومية وتنذر بأن تقضي عليها عما قريب.

كانت زيارتنا هذه لمازاكوفتش أول زيارات هذا العام للقرى الأوربية؛ لذلك أذكرتني زيارات قمت بها في ست عشرة سنة مضت في قرى التورين بأواسط فرنسا، وزادني لتلك الزيارات القديمة تذكرًا ما بين التورين والمجر من شبه في سهولة الأرض واعتدال الجو، وأذكرتني أكثر من هذا ما بين عيش القرويين الأوربيين وعيش القرويين في مصر من فرق شاسع وبون بعيد. في مازاكوفتش مدرسة ومستشفى، وكلتاهما جميلة يبعث تناسقها إلى نفوس أهل هذه الأرياف معاني التجاوب والجمال، ويشعرهم بما في العيش من نعمة ما أراد الإنسان أن يجعل العيش ناعمًا، وما عاون الطبيعة وهذبها لتجيب نداء النفس الطامحة إلى صور الجمال؛ هذا فضلًا عما إلى جانب المدرسة والمستشفى من كنيسة ومن حديقة عامة، ومن مظاهر أخرى ترضي مطامع نداء النفس الإنسانية.

ووقفنا عند بعض نوافذ منازل القرويين فعجبنا، لا تزيد مساحة المنزل على مساحة منزل الفلاح المصري، لكن للمنزل نوافذ، ومن نافذة غرفته الواحدة يتبدى السرير ومنضدة عليها كتب قد يتعذر عليك أن تدقق في استشفافها لما يحول بينك وبينها من أستار على النافذة من الدنتلا أحيانًا، ومن تطريز ربة البيت أحيانًا أخرى، تطريزًا جمع بين الدقة والجمال. في موقفي هذا تذكرت الفلاح المصري، وتذكرت الكلمة الكاذبة التي يقولها الأكثرون على أنها حقيقة مقررة: مصر بلاد غنية. نعم، قد تكون هذه الكلمة صادقة إذا أخذنا بأقوال النساك: «القناعة كنز لا يفنى، والغنى غنى النفس، وأنت أكثر الناس غنى ما كنت أكثر في الدنيا زهدًا، فأغناك زهدك عن الناس.» لكنها كلمة كاذبة بالمعنى الذي يقولها أصحابها به، وبالمعنى الاقتصادي الذي يقدر الغنى في كل الأمم على موجبه. هذا الفلاح المصري الذي تتصبب ثروة مصر من عرق جبينه لا يعرف منزله سريرًا ولا كتابًا ولا شيئًا من معاني النعمة الإنسانية، بل هو بالوجار أشبه منه بالبيت، وللحيوان فيه من أسباب الحياة مثل ما للإنسان أو خير مما للإنسان، وهو مع ذلك بعض رأس ماله، كما أن بيت الفلاح المجري وبيت الفلاح الأوربي، بعض رأس ماله! فأما فرق أسباب المعيشة بين الفلاح المصري وغيره من فلاحي أوربا، فيثير في النفس من عواطف الإشفاق عليه ما لو عرفه لكما رضي عن حاله ولا صبر عليها، وأحسب أنه ليس له عن هذا الشظف عزاء يمسكه في سكينته إلا ما يرى من عيش الموسرين إلى جانبه وعظيم شبهه بعيشه؛ فهؤلاء الموسرون من المصريين يؤثرون الآخرة على الأولى، أو هم بالأحرى يؤثرون اكتناز المال فيكونون عبيده، على إنفاقه ليكون لهم متاعًا ونعيمًا، وهم في عبوديتهم للمال يحسبون أنهم سادة غيرهم؛ لأن هذه العبودية تنحيهم بعض الشيء من تحكم الغير فيهم.

•••

وما رأينا وما سمعنا في مازاكوفتش هو ما رأينا وما سمعنا في بلاتون فيرد، وإن تكن الطبيعة عند بلاتون غيرها عند مازاكوفتش، فهذه القرية لا تزيد على غيرها من القرى في موقعها وفي نظامها إلا هذا الزي القومي الذي وصفنا، أما بلاتون فتقع على بحيرة تبعث في النفس خيالًا وإن كان ضئيلًا من بحيرات سويسرا. وصلنا إلى محطتها في السكة الحديدية للحكومة، وانحدرنا وسط طرق القرية قاصدين إلى مرسى سفينة البحيرة. طرق كطرق مازاكوفتش وسائر قرى المجر مما شهدنا في أسفارنا، وكطرق القاهرة نظامًا ورصفًا واتساعًا، بل إن في بلاتون من الجمال ما ندر أن تجد في القاهرة مثله. فيها فندق يطل على البحيرة كأنه فندق سميراميس إذ يطل على النيل، ولا يقل عنه وجاهة ولا نظامًا، وبين الفندق والبحيرة ومباني القرية ميدان فسيح غرست فيه الحدائق ونسقت فيه الأزهار خير تنسيق، وبإزاء هذه الحدائق أقيمت حمامات على البحيرة كحمامات سان استفانو نظامًا وعناية، وفي طرق القرية متاجر وحوانيت قلَّ أن تجد مثلها متاجر وحوانيت في رمل الإسكندرية جميعًا.

على الجانب الثاني من بحيرة بلاتون تقوم قرية شيوفك، يصل الإنسان من «بلاتون فيرد» إليها على متن باخرة صغيرة تقطع الطريق في ساعة من الزمان، وتقع مساكن شيوفك بين غابات وأحراش تذهب مع النظر إلى غاية الأفق، وقد كانت في ذلك اليوم — ولم يكن يوم أحد — ساكنة لا يرى الإنسان فيه من المارة إلا بعض العجائز والخادمات، ولا يرى من الناس إلا بعض عمال يشتغلون على مقربة من البحيرة، على أن بها رغم سكينتها وهدوئها مطعمًا ظريفًا عند مرسى الباخرة، يجد فيه الإنسان طعامه وشرابه بسيطًا نظيفًا يطمئن إليه كل الطمأنينة، كما يطمئن إلى خدمة زوج صاحبه السمينة، حتى لتحسبها سيدة مصرية من أهل الجيل الماضي.

شيوفك وبلاتون فيرد وغيرهما من القرى الواقعة على شواطئ بحيرة بلاتون مصايف ظريفة يؤمها أهل المجر وغير أهل المجر من السائحين، وهي لذلك — كأكثر المصايف الأوربية — بلاد رشيقة خفيفة الروح، قصد بها أهلها أن ينسى السائحون بين أشجارها وأزهارها ومياهها المتأنقة تحت ضوء الشمس وأشعة القمر ما ينوءون به عامهم من متاعب ومشاغل، بل إن أهل هذه المصايف لم يكتفوا بما حبت الطبيعة به بلادهم من صور الجمال، فزادوها جمالًا بما شادوا من عمائر ظريفة، وبما جلبوا من ألوان التسلية كالموسيقى والرقص والتمثيل وغيرها، والحق أن المصطافين في هذه البلاد ينسون مشاغل الحياة ومتاعبها نسيانًا تامًّا، ويمتعون أنفسهم بهذه المشاهد والملاهي متاعًا صحيحًا يريحهم ويعيد إليهم قوتهم ونشاطهم ليعودوا إلى عمل الحياة بقوة مضاعفة.

مع هذا فقط سمعنا من صاحب مطعم شيوفك تلك النغمة الحزينة، نغمة الأسى على ما ضاع من المجر الكبرى، وما آل إليه هذا الوطن العزيز في حدوده الضيقة الجديدة التي أكرهه عليها المنتصرون في الحرب على حين لم تكن للمجر في الحرب يد، ولا عليها في إعلانها تبعة.

•••

على أن أهل المجر لا ينسون إلى جانب مصابهم هذا ما أنقذتهم عصبة الأمم من إفلاس هددهم بالبلشفية شر مهدد، حتى لقد فتح أمامها أبواب بودابست وطوَّع للثائرة الشيوعية «بلاكون» أن تجلس في قصر الهابسبور؛ فقد أصاب المجر ما أصاب النمسا من مجاعة بسبب تدهور أسعار قطع الكورون، فتدخلت عصبة الأمم وأنشأت لهذه الدولة عملة جديدة هي البنجو، وثبتت سعرها بأن أعفت المجر من دفع أقساط ديون الحرب عشر سنوات كاملة، فكان من أثر ذلك أن صرت تلمح الرخاء في أنحاء المجر، رخاء سببه خصب أرض هذه البلاد وإقدام أهلها على العمل والسعي لاستنقاذ وطنهم المحبوب من مخالب العسر والفاقة.

ثم إن أهل المجر ليذكرون إلى جانب هذه الحسنة حسنة أخرى، إن لم يكن لهم فيها كل العزاء عن مصابهم، فلهم من الاعتزاز بها ما يهوِّن بعض الشيء من وقع المصاب، تلك الحسنة هي استقلال المجر استقلالًا صحيحًا يمكنها من أن تفكر في شئونها غير خاضعة إلا لما توجبه مصلحتها؛ فقد كانت أيام اندماجها في إمبراطورية النمسا والمجر خاضعة لحكم النمسا، بل كانت معتبرة مستغل النمسا ومخزن طعامها، وإذا كان من الغلو تشبيه ما كان بينها وبين النمسا بما بين الهند وإنجلترا، فإنها كانت دائمة الإحساس بأنها في مقام دون ما يتفق ومطامعها القومية والجنسية، أما اليوم وقد استقلَّت وبعثتها الحرب أمة لها وحدتها بعد أن كانت هي ضحية الحرب، فأمامها من الظروف الاقتصادية ما يمكنها من أن تستعيد مكانتها في زمن قصير أو طويل.

وإنك لتلمح من مظاهر هذا الاعتزاز في أنحاء المجر جميعًا الشيء الكثير: تلمحه في القرى كما تلمحه في بودابست، فإلى جانب الأسى على ما أصاب الوطن العزيز من انتقاص أطرافه تهتز النفس المجرية بذكريات المجر القديمة وبما سلف للأجداد من تاريخ مجيد، كما تهتز بالأمل الكبير في مستقبل زاهر، وبالرجاء في علاقات دولية صالحة.

كان معنا في ديوان السكة الحديدية بين بودابست ومازاكوفتش سيدتان وثلاثة رجال ظلوا يتحدثون معظم الطريق، وخرجت إلى ممر العربة وخرج بعد ذلك أحد هؤلاء الرجال ووقف إلى جانبي يسألني الأسئلة العادية التي توجه للسائح عن جنسيته وعما في بلاده، ثم استطرد بنا الحديث إلى المجر، فتحدث عما أصابها بسبب الحرب، وانطلق بعد ذلك يتحدث عن الترك وغزوتهم المجر وصدهم بعد ذلك، وعما للجنس المجري من صلابة في العمل وقوة في الإرادة، وما يرتجيه المجريون بعد استقلالهم من أمل واسع في مستقل مجيد. وعجيب أنك تقرأ الشيء الكثير عن الدعوة لانضمام النمسا إلى ألمانيا، وعن رغبة النمسا في هذا الانضمام، وعن تخوف الحلفاء من آثاره؛ فأما المجريون فلا يبتغون عن استقلالهم بديلًا، وإنك لو امتحنت نفوسهم وتسمَّعت إلى خفايا ضمائرهم إذن لرأيت فيها مثلما كان في نفوس الفرنسيين قبل استرداد الألزاس واللورين. وكيف يكون أمرهم غير هذا وهم يستبقون خريطتهم كما كانت قبل الحرب يرتجون في حادث جديد أن ينصفهم من ظلم الحرب!

وفي انتظار هذا الحادث ترى المجر التي كانت ضحية الحرب والتي بعثتها الحرب، تجدُّ وتعمل لتكون قوة اقتصادية في المستقبل، وإذا كانت بعيدة اليوم غاية البعد عن حدود هذا الميدان فهي تعمل بكل ما أوتيت من قوة لبلوغه، وقد لا يتعذر عليك أن تتصور ما يكون من أثر ذلك في سياسة أوربا المستقبلة، وما يكون من تأثيره في سلام العالم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤