حافظ نجيب … المسرحي

إذا كان حافظ نجيب، عُرف عنه نظمه للشعر، وتأليفه للروايات وترجمتها، وتعريبه لبعض الكتب الاجتماعية أو الفلسفية، فإن تفاصيل نشاطه المسرحي مجهولة عن الجميع في وقتنا الحاضر، ولم يُكتب عن هذا الجانب المسرحي إلا من خلال إشارتين لشخصي الضعيف، كتبتُهما قبل عرْض مسلسل «فارس بلا جواد» بعدة أشهر! أي قبل أن تحدث الضجة التي صاحبت عرض المسلسل.

ومن الجدير بالذكر أن الإشارة الأولى، تمَّ نشْرها قبل عرض المسلسل بشهرين، في مقدمتي لكتاب «المسرح المصري»، الموسم المسرحي ١٩٢١، الذي أَصْدَرَهُ المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية عام ٢٠٠٢. أما الإشارة الأخرى، فتم نشرها بعد ظهور المسلسل بشهرين أيضًا، في كتابي الأخير «مسيرة المسرح في مصر: ١٩٠٠–١٩٣٥»، الجزء الأول: فرق المسرح الغنائي. الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام ٢٠٠٣. وفي هاتين الإشارتين، تحدَّثْتُ بكلمات موجزة، عن نشاط حافظ نجيب المسرحي، من خلال عمله كممثل في فرقة أولاد عكاشة عام ١٩١٥، ثم تكوينه لفرقة مسرحية خاصة به، كانت تحمل اسمه منذ عام ١٩١٩.

وإذا أردْنا أن نتحدث بالتفصيل عن نشاط حافظ نجيب كمسرحي، سنجد أن أول كتاباته الأدبية، كانت مسرحية مترجمة، هي «نكبات الهوى». وهذه المسرحية كانت السبب في تعارُف جورج طنوس على حافظ نجيب. فطنوس يقول عن هذا التعارف إنه قرأ إعلانًا عن عزم إحدى الجمعيات التمثيلية، عرض رواية «نكبات الهوى» بمسرح شارع عبد العزيز، بقلم حافظ نجيب، المدرس بمدرسة الاتحاد الإسرائيلي. فذهب جورج إلى المسرح، وكان الأديب محمد إمام العبد من المدعوين، حيث استنجد به رئيس الجمعية محمد غندور؛١ لأن حافظ نجيب رفع عليه دعوة قضائية، فحكمت المحكمة لحافظ بالاستيلاء على مبلغ معين من رئيس الجمعية، بالإضافة إلى نصف إيراد المسرح!
فقرر إمام العبد الثأر من حافظ، كي ينتقم منه لصالح رئيس الجمعية. وبعد انتهاء عرض مسرحية «نكبات الهوى»، وقف إمام العبد وانتقد المسرحية، وأظهر عيوبها وغالى في نقده، فرَدَّ عليه حافظ نجيب واتهمه بجهله باللغة الفرنسية، حيث إن الرواية مأخوذة من إحدى الروايات الفرنسية الشهيرة، والتي تمثلها في هذا الوقت الممثلة العالمية سارة برنار. فتجمع بعض الأصدقاء لتهدئة الموقف بينهما، وبالفعل نجحوا في إصلاح الأمور، بعد جلسة مُطوَّلة، تمت في مقهى بار عايدة أمام التياترو، وكان معهم جورج طنوس، الذي تعرف على حافظ نجيب في هذا اليوم، ودامت صداقتهما سنوات طويلة.٢
وهذه القصة تمدنا ببعض المعلومات المهمة، عن أول مسرحية كتبها حافظ نجيب، ومنها أن المسرحية مَثَّلَتْها إحدى الجمعيات التمثيلية، وكان العرض في مسرح إسكندر فرح بشارع عبد العزيز، وأن المسرحية مترجمة أو معرَّبة عن رواية فرنسية. وهذه المعلومات تعتبر أفضل مما ذَكَرَه حافظ نجيب في اعترافاته، حيث قال: «كتبتُ رواية تمثيلية ومثلَتْها جمعية بتياترو فرح بشارع عبد العزيز فربحت منها.»٣ ويُضيف يوسف أسعد داغر معلومات أخرى، حيث أعْلَمَنَا بأن اسم الجمعية التمثيلية هي «جمعية الاتحاد الشرقي»،٤ وأن مسرحية «نكبات الهوى» تَمَّ تمثيلها يوم ٦ / ١ / ١٩٠٥.٥
وبسبب كتاب «نابغة المحتالين»، وما كُتب عن حافظ نجيب في الصحف، وما اُشتهر عنه من قصص النصب والاحتيال، والسجن والهروب … إلخ، ذاعت شهرة حافظ نجيب، واستغلت فرقة أولاد عكاشة٦ هذه الشهرة، في ابتكار أسلوب جديد، لِجَذْب الجمهور. وتَمَثَّلَ هذا الأسلوب في الاتفاق مع حافظ نجيب، بأن يقوم بإلقاء محاضرة قبل بداية التمثيل. وعن هذا الأمر قالت جريدة «الأفكار» في ٣ / ٢ / ١٩١٥، تحت عنوان «حافظ نجيب يلقي محاضرة في التربية بدار التمثيل العربي»:

«لم يَبْقَ في مصر عالم أو جاهل، قارئ أو أُمِّيٌّ، صغيرًا أو كبيرًا، رجل أو امرأة، إلا وقد سمع باسم «حافظ نجيب»، وملأتْ أُذُنَيْه نوادِرُه إن صادقةً وإن كاذبةً. وود لو أن رأى ذلك الرجل، الذي تضارَبَتْ فيه الآراء واختلفت العقول، وهو أثناء ذلك كله، إما قابع في داره مشتغل بالتأليف والتعريف، وإما بين جدران السجون، يقضي ما حَكَمَ عليه به القضاء. ولقد شاء الله أن يُحَلَّ ذلك اللغز، ويظهر ذلك المستخفي، ليعرف الناس حقيقته ناصعة، بعد أن شَوَّهَهَا خيال المتحرين. ففي الساعة التاسعة من مساء يوم السبت ٦ فبراير، يُمَثِّل جوق عبد الله عكاشة رواية «بائعة الخبز» بدار التمثيل العربي، ويلقي حافظ نجيب محاضرة في التربية. وهناك يعرف الناس مَنْ هو حافظ نجيب. وتطلب تذاكر تلك الليلة من مكتبة المعارف بشارع الفجالة، وإدارة جريدة الشعب، وإدارة هذه الجريدة، وأجزاخانة المنسي بالسيدة زينب، ومن دار التمثيل العربى. ولا نظن أنا بحاجة إلى حثِّ الجمهور على شهود تلك الليلة الزاهرة.»

لم تَكْتَفِ فرقة أولاد عكاشة باستغلال حافظ نجيب، في إلقاء الخطب قبل التمثيل، بل أقنعَتْه بعد شهرين فقط من الانضمام إليها كممثل ضمن أفراد فرقتها! بل ووصلت معه في الإقناع إلى درجة قيامه بتحويل روايته «الحب والحيلة» إلى مسرحية بالعنوان نفسه، وأن يقوم بتمثيل دوره الحقيقي فيها على خشبة المسرح! وعن هذا الأمر قالت جريدة «الأفكار» في ٩ / ٤ / ١٩١٥:

«١١ أبريل هو اليوم المشهود، الذي يُمَثَّل فيه على مسرح دار التمثيل العربى رواية «الحب والحيلة» لأول مرة. وهي قطعة تمثيلية ذات خمسة فصول، حوادثها واقعية وأبطالها أحياء يُرْزَقون، يَشْغَلُون مراكز اجتماعية سامية. قطعة مملوءة بالحيل الغريبة، والحوادث الخطيرة، وفيها يظهر دهاء بطل الرواية، وصاحب وقائعها المزعجة حافظ نجيب. وسيمثل دوره بنفسه بعد ظهر يوم الأحد ١١ أبريل في الساعة الخامسة. فرصة نادرة لم يَسْبِق لها مثيل؛ لأن الذي مثَّل هذه الأدوار الخطيرة، على مسرح الكون الأعظم، سيعيد تمثيلها للعبرة والتفكه على مسرح التمثيل.»٧
ومن المؤكد أن هذه المسرحية لاقت نجاحًا كبيرًا، بدليل أنها مُثِّلَتْ أكثر من مرة، وفي أكثر من مكان، بعد عَرْضها الأول. فعلى سبيل المثال نجد فرقة عكاشة تمثلها في حفلات محددة، تُخصص دخلها لحافظ نجيب! ومن هذه الحفلات، حفلة يوم ١٥ / ٥ / ١٩١٥ بطنطا، وحفلة يوم ١٧ / ٥ / ١٩١٥ بالمنصورة. وقد قام بتمثيلها أفراد فرقة عكاشة في هذا الوقت، وهم: أحمد حافظ، ماري إبراهيم، محمد بهجت، حافظ نجيب، علي مرتضى، عبد المجيد شكري، محمود حبيب، حسين حسني، أحمد ثابت، لبيبة، أحمد فهمي، فوزي الجزايرلي، محمد يوسف، صادق أحمد، فكتوريا، نهوه، صالح.٨

ومن الجدير بالذكر، أن مسرحية «الحب والحيلة» — كما جاءت في المخطوطة، وكما هي منشورة في هذا الكتاب — تُعْتَبَر فنيًّا أقلَّ من رواية «الحب والحيلة» الأصلية. فعند تحويل الرواية إلى مسرحية، لم يَلْتَزِمْ حافظ نجيب بالأسس الفنية لكتابة المسرحية! فعلى سبيل المثال، لم يهتم بالإرشادات المسرحية، فكان الحوار ينتقل من شخص إلى آخر، بصورة فجائية دون وصْف للموقف، أو شرح للمكان، أو تحليل للظروف النفسية والاجتماعية للشخصيات، وقْت إلقاء الحوار. لدرجة أن جميع الإرشادات المسرحية الموجودة في النص المنشور — في هذا الكتاب — وضَعْتُها بنفسي، بناء على قراءة الرواية الأصلية.

هذا بالإضافة إلى افتعال بعض المواقف، أو إلغائها لصعوبة تنفيذها على خشبة المسرح، فجاءت الأحداث ضعيفة بعض الشيء في بعض الفصول بمقارنتها بالأحداث نفسها، كما جاءت في الرواية الأصلية، والسبب في ذلك راجع إلى أن حافظ نجيب ليس من كُتاب المسرح في هذا الوقت، وكان دخوله في مجال المسرح، دخولًا متعجلًا بسبب استغلال شهرته.

ترك حافظ نجيب المسرح، واهتم بمغامراته النسائية، وأساليبه في النصب والاحتيال، حتى قُبض عليه وأُودِعَ السجن عدة مرات. وفي عام ١٩١٩، وبعد خروجه من السجن في إحدى قضاياه الكثيرة، نشر مجموعة من الإعلانات، قال فيها إنه سيظهر من جديد على خشبة المسرح. وانتهزت هذه الفرصةَ جريدةُ «الإكسبريس»، وقالت في ١٤ / ١٢ / ١٩١٩:

«حافظ نجيب العيار الشهير، رجل مُولَع بالشهرة. خرج من السجن أخيرًا، ورأى أن الناس منصرفون عنه بما هو أهم … فما كان من صاحبنا إلا أنه ملأ البلد إعلانات طويلة عريضة، قال فيها إنه سيظهر على أحد المراسح ليلتين متواليتين. لا ندري ماذا يفعل على المرسح. وكل ما نرجوه أن لا تكون أحبولة لصيد جديد. فإن الرجل لا يهدأ باله إلا بالنط على الشناكل، ولو أدَّاه عمله إلى المشنقة. مصيبة حافظ نجيب في فنه، أو مصيبتنا فيه، أنه كاتب وأديب، ويأبى إلا أن يتعب الناس ويشقوا ويقدموا له المال، وهو راقد على سريره، وإلا سلبهم ما يملكونه بطرق لا يعرفها إلا هو وإبليس.»

ومهما يكن من أَمْرِ رأي الجريدة في حافظ نجيب، إلا أن هذا الرأي يعكس لنا مدى شهرة حافظ نجيب في مغامراته وحيله في النصب والاحتيال. لدرجة أن الجريدة تَعْتَبِر عودته إلى المسرح لعبة جديدة من ألاعيبه في النصب على الآخرين! ولكن يشاء القدر أن يكون حافظ نجيب صادقًا هذه المرة، حيث إننا وجدناه يكوِّن فرقة مسرحية تحمل اسم «الفرقة المصرية» مرة، وتحمل اسمه مرة أخرى. وظلت هذه الفرقة في تمثيلٍ مستمر منذ عام ١٩١٩، وحتى عام ١٩٢١. وقد قامت هذه الفرقة بتمثيل مجموعة من المسرحيات، كتبها حافظ نجيب أو أَلَّفَها، مستغلًّا حوادث حياته وشهرته في أحداثها الفنية. أو بمعنًى آخر، كتب حافظ قصة حياته في مجموعة من المسرحيات، قام بتمثيلها بنفسه، كما سنرى.

بدأ حافظ نجيب تكوين فرقته المسرحية الأولى في أوائل ديسمبر ١٩١٩، وأَطْلَقَ عليها اسم «الفرقة المصرية»، وكان من أبرز ممثليها الممثل القدير يوسف عز الدين.٩ وهذه الفرقة مَثَّلَتْ أولى مسرحياتها، على خشبة مسرح برنتانيا في منتصف ديسمبر ١٩١٩، وكانت المسرحية بعنوان «قوة الحيلة». وهي مسرحية من تأليف حافظ نجيب، وتحكي عن حادثة موته ودفنه وخروجه من القبر حيًّا، وأيضًا عن أسلوبه في الهروب من مطاردة البوليس، بالإضافة إلى بعض أفكار حافظ نجيب وأسراره ومبادئه. واستمر تمثيل هذه المسرحية ما يقرب من شهرين، سواء على مسارح القاهرة، أو على مسرح الهمبرا بالإسكندرية.١٠

وقد قالت جريدة «الإكسبريس» في ٢٥ / ١ / ١٩٢٠، عن هذه المسرحية: «بين الإعلانات التي تَوَزَّعَتْ في المدينة، إعلان وَزَّعَه حافظ نجيب المشهور، وأعلن فيه أنه سيمثل رواية «قوة الحيلة». وقد مَثَّلَها في العاصمة، بعد أن أجهد نفسه، وأفرغ جعبة «حِيَلِه» في الإعلان عنها. وخَرَجَ المشاهدون بعد التمثيل يسألون بعضهم ماذا رأينا؟ وماذا شاهدنا؟ وأين ما وَعَدَتْنا به الإعلانات؟ فلم يجدوا غير جواب واحد، وهو أن صاحب الحفلة، والمُعلِن عنها، هو حافظ نجيب وكفى. وإذا سألت حافظًا عن موضوع روايته، يقول لك: إنها رواية تُمَثِّل حيلتي، وكيف اختفيتُ عن عين البوليس، وتخلَّصْتُ منه كلما طارَدَنِي. وكثيرون من المجرمين المحكوم عليهم، مثَّلُوا مع البوليس روايات مختلفة، وهربوا بأساليب غريبة، فلم يتمكن من القبض عليهم إلا بعد عناء. فإذا كان كل منهم يَتَّجِر بمثل هذه الحيل، وتنخدع العامة بإعلاناتهم المنمقة، وعباراتهم المزوقة، فيربح من جيوبهم مائة جنيه أو مائتين، لعاشوا سعداء، وتمنى كل فقير معدم، أن يرتكب جرمه ويمثل دوره مع رجال البوليس ليسجن، ثم يفارق سجنه، ليمثل دوره ويربح منه الربح الجزيل.»

وفي أواخر فبراير ١٩٢٠، ألَّفَ حافظ نجيب مسرحيته الثالثة، وكانت بعنوان «الجاسوس المصري»، وهي أيضًا تمثل فترة من فترات حياته، عندما تجسَّسَ على ألمانيا لصالح فرنسا — كما مر بنا سابقًا — وهذه المسرحية مَثَّلَتْها فرقته لأول مرة في ٢٠ / ٢ / ١٩٢٠ على مسرح الكورسال.١١ وقد قام حافظ نجيب بتمثيل دوره الحقيقي في المسرحية، وقاسَمَتْه البطولة الممثلة ميليا ديَّان.١٢ ومنذ ذلك التاريخ أصبحت مسرحيتا «قوة الحيلة» و«الجاسوس المصري» البرنامج الأساسي لفرقة حافظ نجيب، حيث كان يجوب به مسارح الأقاليم المختلفة في مصر.
كانت أول رحلة لهذا البرنامج في بني سويف، حيث مثلت الفرقة مسرحيتي «قوة الحيلة» و«الجاسوس المصري» يومي ٢٤ و٢٥ فبراير ١٩٢٠. ثم انتقلت الفرقة إلى الإسكندرية، ومثلت المسرحيتين أيضًا على مسرح الكونكورديا في يومي ٤ و٦ مارس ١٩٢٠. ثم عادت الفرقة إلى القاهرة، ومثلتْ مسرحية «الجاسوس المصري» على مسرح الكورسال يوم ٧ مارس. ثم ذهبت إلى المنصورة، ومثلت المسرحيتين على مسرح تياترو البلدية في يومي ١٥ و١٦ مارس. ثم انتقلت إلى طنطا والزقازيق، ومثلت المسرحيتين في ١٨ و١٩ مارس، ثم عادت إلى القاهرة ومثلت المسرحيتين على مسرح برنتانيا يومي ٢٥ و٢٦ مارس، ثم انتقلت الفرقة إلى بندر كفر الشيخ، ومثلت المسرحيتين أيضًا، في ٢٩ و٣١ مارس. كما مثلت هاتين المسرحيتين على مسرح تياترو الزقازيق، في ١٣ و١٤ أبريل. وفي شبين الكوم أيام ٢٨ و٢٩ أبريل، وفي منوف يوم ٣٠ أبريل.١٣
عادت الفرقة إلى القاهرة، وبعد أخْذ الراحة اللازمة من عناء السفر والتمثيل في الأقاليم، قام حافظ نجيب بتأليف مسرحيته الرابعة الجديدة «محور السياسة». وهي كباقي مسرحياته، تحكي عن أحداث حياته عندما كان مدرسًا، وأيضًا تحكي عن حِيَلِه في تضليل البوليس، وبالأخص حادثة موته الشهيرة، وعودته إلى الحياة مرة أخرى. وقد مثلت «الفرقة المصرية» هذه المسرحية لأول مرة يوم ٧ / ٦ / ١٩٢٠ بتياترو برنتانيا بالقاهرة،١٤ ثم أعادت تمثيلها مرة ثانية يوم ٨ / ٧ / ١٩٢٠، ومرة ثالثة في أسيوط يوم ٤ / ١ / ١٩٢١، ثم أخيرًا تمَّ تمثيلها يوم ١١ / ٨ / ١٩٢١. وكانت من تمثيل حافظ نجيب، وتوفيق إسماعيل ومحمد إبراهيم.١٥١٦
fig8
الجزء العلوي من أول صفحة لمقدمة مخطوطة مسرحية «محور السياسة» عام ١٩٢٠.

وإذا نظرنا إلى مسرحية «محور السياسة»، سنجدها تتحدث عن فترتين من فترات حياة حافظ نجيب، الأولى عندما كان مدرسًا، والأخرى عندما أَوْهَمَ البوليس بموته، حتى يتخلص من شخصيته الحقيقية، ويعيش بشخصية البارون، كي يتزوج من سيجريس، كما مر بنا. وعلى الرغم من عدم الربط بين الفترتين، إلا أن حافظ نجيب جمعهما في عمل مسرحي واحد! فجعل الفترة الأولى مقدمة للمسرحية، والفترة الثانية فصول المسرحية بكاملها!

وإذا أردنا أن نتحدث عن الفترة الأولى، وهي عمل حافظ نجيب في مجال التدريس، سنجده — كما جاء في الاعترافات، وبعد خروجه من السجن — عَمِلَ مدرِّسًا للرياضة في المدرسة التحضيرية بدرب الجماميز، ثم مدرسًا في المدرسة الإسرائيلية.١٧ وعن الأخيرة يقول حافظ في اعترافاته: «جادت عليَّ الظروف الحسنة بدروس في بيوت عائلات إسرائيلية غنية زادت عليَّ دخلي الأول ستة جنيهات.»١٨

وعن هذه الدروس الخصوصية، كتب حافظ مقدمة المسرحية، والتي تحكي عن قيامه بإعطاء الدروس الخصوصية لإحسان، التي تقع في حبه، ولكنها تكتشف علاقاته النسائية، وأنه يوقع بالحسناوات من أجل إشباع شهواته؛ لذلك تُصَمِّم إحسان على علاج حافظ من نزواته، بأن تجعله يحبها لشخصها، لا لجسدها. وهذه الأحداث صاغها حافظ مرة أخرى على شكل قصة قصيرة، نشرها مرتين في مجلتَي «العالمين» و«الحاوي» عامَيْ ١٩٢٤ و١٩٢٥، بعنوان «لحْد الفضيلة»، كما مر بنا.

وإذا كانت مسرحية «الحب والحيلة» جاءت ضعيفة بعض الشيء، عندما صاغها حافظ في الأسلوب المسرحي، بعد أن كانت قوية في أسلوبها الروائي، فإننا نجده يعكس الأمر — بعد أن تَمَرَّسَ في الكتابة المسرحية — حيث كانت مسرحية «محور السياسة» أفضل وأقوى من حيث البناء والحوار، من قصته «لحد الفضيلة»!

والعيب الوحيد الذي يُوجَّه إلى مسرحية «محور السياسة»، يتمثل في أحداث موت حافظ نجيب، ودفنه ثم عودته إلى الحياة، فقد تَمَّتْ هذه الأحداث بصورة سريعة مسرحيًّا، وبصورة غير مقنعة، بالمقارنة بينهما وبين الأحداث نفسها كما جاءت في الاعترافات.١٩ وكنا نتمنى أن نجد مسرحية «قوة الحيلة» أو قصة «موت حافظ نجيب» لزينب فوزي، حتى نقارن بينهما وبين مسرحية «محور السياسة»، فيما يتعلق بحادثة موت حافظ!
وإذا عدنا إلى نشاط فرقة حافظ نجيب، أو «الفرقة المصرية»، سنجدها تفتتح ليالي العيد التمثيلية بتياترو برنتانيا في ١٨ / ٦ / ١٩٢٠، بمسرحية جديدة، هي «في سبيل الحرية»، وكانت بطولة حافظ نجيب.٢٠ ومن المحتمل أنه أَلَّفَها، كبقية مسرحياته، مستغلًّا حياته الشخصية في أحداثها. ولكننا لا نملك دليلًا قاطعًا على ذلك، حيث إن عنوانها جاء بصورة عامة، وغير محدَّد لفترة من فترات حياته. هذا بالإضافة إلى قلة إعلانات هذه المسرحية، أو الإشارة إلى عرْضها أكثر من مرة، كبقية مسرحيات الفرقة!
وتتوقف الفرقة بعد عرض هذه المسرحية، لمدة عام تقريبًا، ثم تظهر مرة أخرى بتكوينٍ جديد في إدارتها وعنوانها، حيث أُطلق عليها صراحة «فرقة حافظ نجيب»، وكانت تحت إدارة الممثل حسن البارودي.٢١ وقد قامت هذه الفرقة في مايو ١٩٢١ برحلة فنية إلى أقاليم ومحافظات الوجه القبلي، حيث مثلت مسرحيتي «قوة الحيلة» و«الجاسوس المصري» في سوهاج وقنا والأقصر وأسيوط وملوي ومغاغة وبني سويف، ابتداءً من أول مايو وحتى ٢٢ منه.٢٢
وفى أواخر عام ١٩٢١، وجدنا الممثل القدير عزيز عيد،٢٣ ينضم إلى فرقة حافظ نجيب، ويقوم ببطولة مسرحيتها الجديدة «البلياتشو»، والتي مُثِّلَتْ لأول مرة في ١٠ / ١١ / ١٩٢١، بدار التمثيل العربي، وقد ألقى حسن البارودي قصيدة جميلة خلال فصولها.٢٤ ومن المُحتمل أيضًا أن هذه المسرحية أَلَّفَها حافظ نجيب من خلال أحداث حياته، كما هي العادة، ولكننا لا نملك الدليل على ذلك. كما يوجد احتمال آخر، وهو أن حافظ نجيب تَرْجَمَ هذه المسرحية، عن مسرحية «البلياتشو» تأليف كزامير دي مونتبان، التي مثلتها فرقة رمسيس عام ١٩٢٨.
fig9
صورة إعلان عروض فرقة حافظ نجيب في الوجه القبلي عام ١٩٢١.
fig10
إعلان مسرحية «البلياتشو» عام ١٩٢١.

بعد ذلك ترك حافظ نجيب المسرح، وتفرَّغ إلى عمله الصحفي في عام ١٩٢٣، كما مر بنا، ولكنه ارتبط بالمسرح في هذه الفترة، من خلال كتاباته النقدية. ففي مجلة «العالمين» بتاريخ ٣١ / ١٢ / ١٩٢٣، وتحت عنوان «مسارح التمثيل»، قال حافظ: «طلب إلينا الكثيرون من قُرَّاء «العالمين» الكتابة عن مسارح التمثيل في مصر، وقد امتنعنا عن طَرْق هذا الباب لأن مسارحنا لم تبلغ الكمال الذي نتمناه لها، ولم يَبْلُغ أصحابها حدَّ احتمال النقد النزيه، وكلها في حاجة إلى النقد إذا كانت تطمع بالارتقاء وبلوغ حد الكمال الذي وصلت إليه المسارح الكبرى في الغرب. امتنعنا عن الكتابة في التمثيل حتى ضَجَّ مِنْ سكوتنا الكثيرون واتهمونا بالتقصير في تأدية الواجب، وساقنا أحدهم بالإكراه لمشاهَدة رواية «المهراجا» … كنا مخطئين حين ظننا أن الكتابة في التمثيل ستكون قاصرة على النقد الجارح. أخطأنا حقيقة وكانت رواية «المهراجا» أوضح دليل على خطأ من يسيء الظن بالشيء قبل رؤيته ووزنه.»

ثم وجدناه يُحلل مسرحية «المهراجا» لفرقة رمسيس، تحليلًا نقديًّا واعيًا، ومتفهمًا لمهمة النقد والناقد، رغم مبالغته بعضَ الشيء في مَدْح العمل بأكمله! ومن الملاحَظ أن قدرة حافظ نجيب النقدية في هذه المسرحية، جاءت بسبب أن المسرحية تتحدث عن نفسية الرجل والمرأة في الحب والحياة، وما يتعلق بهذه الأمور من الناحية الاجتماعية. وهذه الأمور الفلسفية والاجتماعية هي من صميم تخصُّص حافظ نجيب ككاتب وأديب، وأبلغُ دليل على ذلك كتبه الاجتماعية، التي تحدَّثْنا عنها سابقًا. وقد عاد حافظ مرة أخرى إلى الكتابة النقدية المسرحية، من خلال مقالته في باب «أبحاث اجتماعية»، عن منيرة المهدية، التي نُشرت في مجلة «الحاوي» في ٩ / ٢ / ١٩٢٦.

وفي أواخر عام ١٩٢٦، وقبيل توقف مجلة «الحاوي» نهائيًّا، عاد حافظ نجيب إلى المسرح، فكوَّن فرقة مسرحية، لعرض المسرحيات الفودفيلية الكوميدية. وقد بدأت هذه الفرقة التمثيل على مسرح برنتانيا يوم ٢٠ / ١٠ / ١٩٢٦، بمسرحية جديدة من تأليف وتمثيل حافظ نجيب، كانت بعنوان «بم بم»!٢٥

وقد قالت مجلة «الفنون» في ٣١ / ١٠ / ١٩٢٦، تحت عنوان «حافظ نجيب في رواية بم بم على مسرح برنتانيا»: «انتقى حافظ نجيب كل الظروف ووَضَعَها في رواية بم بم، الفصل الأول محاورات جميلة، فكاهات بديعة، وأَبْدَعُ ما فَعَلَ أنه ظَهَرَ على المسرح يمثل الرجل الأبله، فما رأى المتفرجون حافظًا في ثوب، حتى كادت تنشق قلوبهم من الضحك. وأنا واحد من الناس خِفْت أن يغمى عليَّ من السرور، فتركْتُ القاعة وهَرَبْتُ. وأما الفصل الثاني، فإني أؤكد للقراء أنه ليس في مقدور إنسان، أن يستمر على مشاهدته للآخر، فإنه ألعن من الأول. لكن حافظ الأبله كان شوية نبيه. وأما في الفصل الثالث، فيجب على محبي حافظ أن يمسكوا أنفسهم ويتشجعوا، حتى يروا آخر الرواية. الرواية حلوة، وحافظ جميل جمال خاص به، فهو جميل من حيث إن وجهه لا يشبه وجوه بني آدم، لا في فمه ولا في عينيه ولا في أنفه ولا في حاجة أبدًا. حافظ لا شبيه له من الحيوانات، ولا من النباتات، ولا من الأحجار. حافظ يشبه حاجة واحدة فقط، حاجة غير محسوسة. وحافظ هو السرور في جسم، في جسم خاص بحافظ، فلا يَرَى حافظًا غاضبٌ إلا ويرضى، ولا حزين إلا ويفرح. وكان حافظٌ وجوقُه وروايته على المسرح السرورَ مجسَّمًا. وقد أقبل عليه الهواة إقبالًا عظيمًا. فاذهبوا وانظروا حافظًا ثم احكموا فيما ذكرْتُه فيه.»

وقد أعادت الفرقة تمثيل هذه المسرحية يوم ١٢ / ١١ / ١٩٢٦، على مسرح برنتانيا أيضًا، وقد أعلنتْ عن ذلك مجلة «الفنون» يوم ٧ نوفمبر، بعد أن كتبت ملحوظة في نهاية الإعلان، قالت فيها: «كل من يحمل محفظة نقود، يسلمها قبل الدخول لشباك التياترو. وكل سيدة لها حُلِي تُودِعه في محل الأمانات بالتياترو»! وهذا طبعًا من باب الفكاهة، بسبب شهرة حافظ نجيب في النصب والاحتيال، تلك الشهرة التي لازمته طوال حياته.

وفي يوم التمثيل الموافق ١٢ / ١١ / ١٩٢٦، أَصْدَرَ حافظ نجيب العدد قبل الأخير من مجلته «الحاوي»، وهو عبارة عن نشرة إعلانية مكوَّنة من أربع صفحات، كانت تُوَزَّع مجانًا على الجمهور، كدعاية لمسرحية «بم بم». وفيها من المعلومات أن فرقة حافظ نجيب تُقَدِّم حفلتين مسرحيتين كل شهر. وأن مسرحية «بم بم» «أقوى فودفيل ظهرت على المسارح … ليس بها حركات بهلوانية، ولا نكات حشاشين. إنما قوتها المضحكة في سوء التفاهم المستمر، والمفاجآت المتعددة، والمواقف التي أوجدها الكاتب المحتال «حافظ نجيب»، ليضحك الجمهور أو يضحك عليه»، هذا بالإضافة إلى أن محلات بلاتشي وحاييم للموبليا، هي التي تقدم الديكورات والأثاث والإكسسوارات الخاصة بمسرحيات فرقة حافظ نجيب.

ومن الجدير بالذكر، أن الفودفيل نوع من أنواع الكوميديا شاع في مصر في أوائل القرن العشرين على يد عزيز عيد، الذي أنشأ أول فرقة فودفيلية عربية، مثلت مسرحيات مُعربة عن الفرنسية، من أشهرها: «خلي بالك من إميلي»، «يا ستي ماتِمْشِيش كده عريانة»، «خلي مراتي أمانة عندك»، «سَكْرَة بنت دين كلب!» ومصطلح الفودفيل مركَّب من «فودي فير» أي «وادي فير»، وهي قرية من قرى نورمانديا في شمال فرنسا، كان أهلها يتغنَّوْن بمقطوعات من الشعر المجوني، على سبيل التهكم والسخرية بالناس. وقد تسرب هذا النوع إلى المسرح، واختلط بالكوميديا. وأصبح الفودفيل المسرحي، هو كل رواية تشتمل على حوادث ذات مفاجآت ومواقف مضحكة.٢٦ وهذا المعنى، هو ما سار عليه حافظ نجيب في كتابة أو تمثيل مسرحية «بم بم».

وبعد تمثيل مسرحية «بم بم»، كتب ناقد مجلة «الفنون» مقالة عنها في ٢١ / ١١ / ١٩٢٦، قال فيها: «حضرنا تمثيل هذه الرواية في يوم الجمعة الماضية في تياترو برنتانيا، فكان التمثيل بديعًا، والموضوع يدل حقيقةً على عبقرية مؤلفها، الأستاذ حافظ نجيب النابغة في كل أعماله. ألَّفَ الرواية حافظ نجيب، وعلَّم فرقته تمثيلها، وظهر على خشبة المسرح، فكان نعم الكاتب ونعم الممثل. ظهر محاميًا وطالبًا للزواج، فأضاع لباقة المحامي بحياء موقفه الجديد، ثم أخذ ينتقل في التمثيل من فصل إلى آخر، فكان يُدْهِش النظارة بمفاجآته ونكاته، ويُرَوِّح عنهم هموم اليوم بسرعة خاطره. أما العروس التي جاء يخطبها، فقد أظهرَتْ في التمثيل كل النجاح … وقابلها الجمهور عقب كل موقف بالتصفيق الحاد والتهليل، وتمنى كلُّ من أسعده حظه برؤية هذه الفرقة أن تستمر في عملها الجديد. أما والد العروس فكان مع كبر سنه خفيفَ الظلِّ رشيق الحركات، وهذا أيضًا من حُسن اختيار حافظ نجيب النابغة الأصلي. وكان الخادم الذي اشتغل في الفندق ثم اشتغل بعدئذ في خدمة العروس «زوج المحامي»، طلق اللسان جريئًا، كثير التوريات. ومع كل هذه المفارقات فالإعجاب به كان عظيمًا والتصفيق حادًّا. وقد خرج المتفرجون مسرورين، يغبطون النابغة حافظ نجيب على فرقته، ويتمنَّوْن له استمراره في العمل لخدمة هذا الفن، وأن يكون جديدًا لا بليدًا في إخراج الروايات، حتى لا يقل عن يوسف وهبي أو الريحاني، اللذين يجهدان نفسهما لجذب الجمهور لمسرحهما. فاللهم وفِّق كل ظريف كحافظ نجيب.»

وهذا القول يُضيف إلينا معلومات جديدة، منها: إن حافظ نجيب لم يكن مؤلِّف المسرحية وممثلها فقط، بل كان مُخرجها أيضًا. فقد كان حافظ فيما مضى يعتمد في إخراج مسرحياته، على الفنان حسن الباردوي «المدير الفني للفرقة». ولكن في هذه المسرحية كان حافظ نجيب «مُعلمها» أي مُخْرجها. وأيضًا علمنا من هذه المقالة، أن حافظ نجيب نجح كممثل كوميدي، مثلما نجح كممثل تراجيدي في مسرحياته السابقة! هذا بالإضافة إلى أن المقالة، تعكس لنا الإقبال الجماهيري الكبير على مسرح حافظ نجيب، ذلك الإقبال الذي فاق إقبال الجمهور على مسرحَيْ يوسف وهبي ونجيب الريحاني في هذا الوقت! وأخيرًا نجد كاتب المقال، يُكرر كلمة «النابغة»، ويُقْرِنها باسم حافظ نجيب، وهذا يدل على أن تأثير كتاب «نابغة المحتالين» على القراء، ما زال مستمرًّا حتى هذا الوقت. ولا ننسى أيضًا كلمة «ظريف» في نهاية المقالة، التي تُشير إلى حافظ نجيب، تشبهًا بأرسين لوبين «اللص الظريف»!

توقَّفَ حافظ نجيب عن عروضه المسرحية، حوالي أربعة أشهر تقريبًا، وفي مارس ١٩٢٧، بدأ في تكوين فرقة مسرحية جديدة، ضمَّتْ مجموعة من الممثلين، على رأسهم الفنان حسن فايق،٢٧ والمطربة ملك.٢٨ وبدأ العمل على قَدَم وساق، لعرض المسرحية الجديدة «الهوسة»! وهي من تأليف حافظ نجيب، ومن نوع الفودفيل أيضًا، وقد تَقَرَّر عرضها يوم ٢١ / ٣ / ١٩٢٧ على مسرح سميراميس بشارع عماد الدين. وقبل العرض بأيام قليلة، نَشَرَ حافظ إعلانًا، أخبر فيه الجمهور بتأجيل افتتاح مسرحيته «الهوسة» إلى يوم الخميس الموافق ٢٤ / ٣ / ١٩٢٧.٢٩
وفي يوم الخميس هذا، أصدر حافظ نجيب عددًا من مجلته «الحاوي»، وهو عدد — شبيه بالعدد السابق الذي صدر يوم افتتاح مسرحية «بم بم» — كان عبارة عن نشرة إعلانية عن تمثيل مسرحية «الهوسة»، مكونًا من أربع صفحات، وكان يُوزَّع مجانًا على الجمهور. والإعلانات الموجودة في هذا العدد،٣٠ تفيد أن مسرحية الهوسة ستمثَّل ابتداءً من ٢٤ مارس وحتى ٢٧ منه. وابتداءً من ٢٨ مارس حتى أول أبريل ستعيد الفرقة تمثيل مسرحية «بم بم».

وفي يوم العرض الأول لمسرحية الهوسة، ذهب الناقد الفني لمجلة «الفنون»، بدعوة شخصية من حافظ نجيب، كي يشاهد المسرحية ويكتب عنها! وبالفعل ذهب الناقد بناءً على دعوة صاحب الفرقة ومؤلف ومُخرج وممثل المسرحية «حافظ نجيب»، وكتب مقالة قصيرة جدًّا، نشرها في عدد المجلة بتاريخ ٣ / ٤ / ١٩٢٧، قال فيها: «حافظ نجيب محاط بالعجائب والغرائب دائمًا، وأَعْجَب ما شهدناه أننا دُعينا منه لحضور رواية «الهوسة»، التي سيمثلها على مسرح سميراميس. ولكن ما كان أعظم دهشتنا، إذ ذهبنا في الموعد المحدد، فإذا بالتياترو موصد الأبواب! فسألنا، فقال أحدهم: إنه يستريح الليلة ليستعدَّ لتمثيل رواية «بم بم»! وقال آخر: إنه لم يجد إقبالًا عليه فعطَّلَ التمثيل! وقال ثالث: إنه أراد أن يَضْحَكَ من الناس ويهزأ بهم! وعلى أية حال فقد ذهبنا فلم نجد لا حافظ نجيب، ولا فرقة حافظ نجيب، والسلام!»

وكانت هذه الكلمات، آخر كلمات نُشِرَتْ عن حافظ نجيب كمسرحيٍّ! فلم نسمع عنه كمسرحي بعد ذلك، ولم نجد أية إشارة تدل على تمثيل مسرحية «الهوسة»، ولم نجد أي خبر عن فرقته! وهكذا يُسدَل الستار على نشاط حافظ نجيب المسرحي، ذلك النشاط الذي كان مجهولًا للجميع، قبل صدور هذا الكتاب، الذي نتوجه — في الصفحات التالية — بنشر مخطوطتين لمسرحيتَيْ «الحب والحيلة» و«محور السياسة»، وهما من الآثار الأدبية النفيسة للأديب حافظ نجيب! حيث إنهما من تآليفه النادرة، التي لم تُنْشَرْ منذ عام ١٩١٥!

١  هذه المعلومات مكتوبة في الصفحات الأولى من مخطوطة المسرحية، المنشورة في هذا الكتاب.
٢  جورج طنوس، «نابغة المحتالين»، ص٨.
٣  «اعترافات حافظ نجيب»، ص١٨٩.
٤  من الجدير بالذكر أن جمعية الاتحاد الشرقي من الجمعيات الخيرية، التي كانت تُلْقَى فيها الخطب النافعة، وتُقيم الحفلات المسرحية خدمة لأغراضها الخيرية، ومقرها كان يقع في حارة الوراقة بشارع أمير الجيوش البراني، وكان سكرتيرها حافظ نديم. وقد بدأت الجمعية حفلاتها المسرحية منذ عام ١٩٠٤ إلى عام ١٩٠٨. ومن أهم المسرحيات التي عَرَضَتْها: «الملك العادل»، «الملك الظاهر بيبرس»، «اللقاء بعد الشقاء» من تأليف عائشة تيمور، «وفود العرب على كسرى» تأليف خليل نظير. للمزيد عن هذه الجمعية، انظر: جريدة «المقطم» ١٢ / ٢ / ١٩٠٤، ٢٠ / ٢ / ١٩٠٥، جريدة «مصر» ١٢ / ٢ / ١٩٠٤، ٢٤ / ٢ / ١٩٠٥، جريدة «الوطن» ٨ / ٢ / ١٩٠٥، ٩ / ٢ / ١٩٠٥، ٢٣ / ٢ / ١٩٠٥، جريدة «المؤيد» ١ / ٧ / ١٩٠٨، جريدة «الأخبار» ٢٠ / ١١ / ١٩٠٨.
٥  يوسف أسعد داغر، «معجم المسرحيات العربية والمعربة»، وزارة الثقافة والفنون، العراق، ١٩٧٨، ص٥٧٩.
٦  عبد الله عكاشة، وزكي عكاشة، وعبد الحميد عكاشة، وعبد الباقي عكاشة … أربعة إخوة، أَحَبُّوا التمثيل فانضموا إلى فرقة الشيخ سلامة حجازي عام ١٩٠٥، وعندما أُصِيبَ الشيخ بالفالج عام ١٩٠٩، تَخَلَّوْا عنه وكَوَّنُوا فرقة خاصة بهم، لاقَتْ بعض النجاح حتى عام ١٩١١، حيث انضموا مرة أخرى إلى فرقة الشيخ سلامة، بعد أن تَحَسَّنَتْ صحته بعض الشيء. ولكن هذا الانضمام لم يستمر طويلًا، فانفصلوا عنه وأعادوا تكوين فرقتهم مرة أخرى. ولكن الحظ العاثر وقف أمامهم بالمرصاد، فانضموا إلى فرقة جورج أبيض عام ١٩١٣، وأيضًا لم يستمر هذا الانضمام إلا فترة قصيرة جدًّا، فعاد الإخوان إلى تكوين فرقتهم مرة أخرى! بعد أن اتخذوا مسرح دار التمثيل العربي مقرًّا لهم.
أما الانطلاقة الفنية الكبرى لفرقة عكاشة، فجاءت عندما ساندها بالمال مجموعة من رجال الاقتصاد والسياسة في ذلك الوقت، ومنهم: عبد الخالق مدكور باشا، وطلعت حرب بك، وفؤاد سلطان، ويوسف قطاوي باشا، حيث خصصوا للفرقة مقرًّا ثابتًا هو مسرح حديقة الأزبكية، الذي افتتحته الفرقة يوم ٣٠ / ١٢ / ١٩٢٠. وظلت الفرقة تمثل عليه طوال ثلاثة مواسم متتالية دون توقُّف. وظل النجاح الباهر ملازمًا للفرقة حتى عام ١٩٢٦، عندما دَبَّ الشقاق بين الأخوين زكي عكاشة وعبد الله عكاشة، حيث خرج الأخير من الفرقة، وكوَّن مع زوجته فكتوريا موسى فرقة باسمها. وبدأت نهاية فرقة عكاشة تُكْتَب بيد أبنائها، عندما لجَئُوا إلى القضاء لِفَضِّ النزاع بينهم، وتحوَّلَ مسرح حديقة الأزبكية إلى دار للسينما، وإلى بوفيه لقضاء وقْت الفراغ، وتقديم المشروبات والمرطبات للزبائن.
٧  وقد أَعْلَنَتْ عن هذه المسرحية جريدة «المؤيد» أيضًا في ١١ / ٤ / ١٩١٥.
٨  هذه المعلومات مكتوبة في الصفحات الأولى، من مخطوطة مسرحية «الحب والحيلة»، المنشورة في هذا الكتاب، وهي نسخة المُلقن صادق أحمد.
٩  الممثل «يوسف عز الدين»، وُلد في أواخر القرن التاسع عشر، وحصل على دبلوم الصنايع عام ١٩١٤، وعُيِّنَ معلمًا بمدرسة بني سويف الصناعية، ثم انتقل إلى ديوان المساحة، حيث رُفِتَ عام ١٩١٨، لإهماله الوظيفي بسبب هوايته للتمثيل، فالتحق في العام نفسه بفرقة الشيخ أحمد الشامي. وفي العام التالي انضم إلى فرقة محمد كمال المصري «شرفنطح»، ثم إلى فرقة عكاشة، ثم عاد مرة أخرى إلى فرقة أحمد الشامي، وتركها وانضم إلى فرقة حافظ نجيب، ثم إلى فرقة عبد الرحمن رشدي، ثم إلى فرقة منيرة المهدية، وأخيرًا انضم إلى فرقة عمر بك سري. بعد هذه الجولة الطويلة، كوَّن فرقة مستقلة باسمه في أواخر عام ١٩٢١، وعمل بها في كازينو سان ستفانو بروض الفرج لصاحبه الخواجه خريستو أكتوبودي، الذي أصبح فيما بعد يُعْرَف باسم «كازينو عز الدين». وبعد نجاح كبير، اشترى مسرح البيجو بشارع عماد الدين، وأَطْلَقَ عليه اسم كازينو عز الدين الشتوي. وهذا الكازينو تحوَّلَ إلى كباريه الموزيكهول، أيام الحرب العالمية الثانية. وفي أواخر أيامه بنى يوسف عز الدين مسجدًا بروض الفرج بجوار منزله، وعمل أمينًا لصندوق نقابة ممثلي المسرح والسينما.
١٠  انظر: جريدة «الأهرام» ١٤ / ١٢ / ١٩١٩، ١٨ / ١ / ١٩٢٠، وجريدة «النظام» ١٧ / ١٢ / ١٩١٩، ٢٥ / ١٢ / ١٩١٩، ١ / ٢ / ١٩٢٠، ومجلة «التياترو المصورة»، عدد ٢، ١ / ١١ / ١٩٢٤.
١١  انظر: جريدة «النظام» ١٨ / ٢ / ١٩٢٠.
١٢  الممثلة ميليا ديان، ممثلة يهودية من أصل سوري، التحقت بفرقة إسكندر فرح منذ نشأتها، في أواخر القرن التاسع عشر. ثم انتقلت إلى فرقة الشيخ سلامة حجازي عام ١٩٠٥، عندما انفصل عن فرقة إسكندر. وظلت مع فرقة الشيخ حتى عام ١٩١٢، ولم تنضم إلى فرقة أولاد عكاشة، وفاءً وعرفانًا بجميل الشيخ سلامة عليها. وعندما استعاد الشيخ عافيته بعضَ الشيء، وعاد إلى المسرح، عادت ميليا ديان إليه هي الأخرى، لتمثل بجانب الشيخ في أواخر أيامه. وعندما مات الشيخ سلامة عام ١٩١٧، انضمت إلى فرقة عبد الرحمن رشدي، ثم إلى فرقة حافظ نجيب عام ١٩٢٠، ثم انضمت أخيرًا إلى فرقة جورج أبيض وظلَّتْ بها، حتى انقطعت أخبارها عنا عام ١٩٢٤. ومن الجدير بالذكر أنها كانت تُلَقَّب بلقب «سارة برنار الشرق» منذ عام ١٩١٢، وهو اللقب الذي نالته فيما بعد فاطمة رشدي.
١٣  انظر: جريدة «النظام» ٢٢ / ٢ / ١٩٢٠، ٤ / ٣ / ١٩٢٠، ٥ / ٣ / ١٩٢٠، ١٠ / ٣ / ١٩٢٠، ١٤ / ٣ / ١٩٢٠، ١١ / ٤ / ١٩٢٠، ٢٦ / ٤ / ١٩٢٠، وجريدة «الأهرام» ١ / ٣ / ١٩٢٠، ٢٤ / ٣ / ١٩٢٠، ٩ / ٤ / ١٩٢٠، ٢٧ / ٤ / ١٩٢٠.
١٤  انظر: جريدة «الأهرام» ٣ / ٦ / ١٩٢٠، وجريدة «الأخبار» ٤ / ٦ / ١٩٢٠. وقد جاء في الصفحة الأولى من مخطوطة المسرحية، والمنشورة في هذا الكتاب، أنها مُثِّلَت لأول مرة يوم ٧ / ٦ / ١٩٢٠.
١٥  هذه المعلومات مكتوبة في الصفحات الأولى من مخطوطة المسرحية، المنشورة في هذا الكتاب.
١٦  لم نجد قائمة بالممثلين في مخطوطة مسرحية «محور السياسة»، ولكننا وجدنا اسمين فقط من أسماء الممثلين، تمت كتابتهما كثيرًا في صفحات المسرحية، بخط مختلف، نظنه خط المُخرج، وهما «توفيق إسماعيل ومحمد إبراهيم». وبالبحث عنهما وجدنا أن «توفيق إسماعيل»، كان ممثلًا في فرقة عبد القادر حجازي نجل الشيخ سلامة حجازي سنة ١٩١٥. كما وجدناه أيضًا ممثلًا في فرقة جورج أبيض سنة ١٩١٨. أما «محمد إبراهيم»، فقد وجدناه ممثلًا في أكثر من فرقة مسرحية، منها: جورج أبيض سنة ١٩١٢، سلامة حجازي ١٩١٦، عمر وصفي ١٩١٧، عزيز عيد ١٩١٨، فوزي منيب ١٩٢٠، عكاشة ١٩٢٤، رمسيس ١٩٢٧، الريحاني ١٩٢٨.
١٧  انظر: «اعترافات حافظ نجيب»، ص١٨٣.
١٨  «اعترافات حافظ نجيب»، ص١٨٣-١٨٤.
١٩  قارِنْ ما جاء في مسرحية «محور السياسة»، المنشورة في هذا الكتاب، عن حادثة موت حافظ نجيب، وما جاء عن الحادثة نفسها في كتاب «اعترافات حافظ نجيب» ص٢٧٩–٢٨٥.
٢٠  انظر: جريدة «الأهرام» ١٦ / ٦ / ١٩٢٠.
٢١  اسمه بالكامل «حسن محمود حسنين البارودي»، وُلِدَ يوم ١٩ / ١١ / ١٨٩٨ بعابدين بالقاهرة. بدأ عمله الفني هاويًا في نادى المعارف، الذي أصبح مديرًا له، حتى التحق بفرقة منسي فهمي عام ١٩٢١، ثم التحق في العام نفسه بفرقة حافظ نجيب كممثل وكمدير فني. وفي عام ١٩٢٣ التحق بفرقة رمسيس، وظل بها سنوات طويلة، كان فيها أيضًا صحفيًا بجريدة «البلاغ»، حتى التحق بفرقة اتحاد الممثلين عام ١٩٣٤، ثم بفرقة جورج أبيض. ثم بالفرقة القومية المصرية عام ١٩٣٥، وفي العام التالي انضم إلى إحدى فرق الهواة، ثم إلى فرقة فاطمة رشدي عام ١٩٣٧. ثم انضم إلى الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى عام ١٩٤٦. وله مجموعة كبيرة من المسرحيات المترجمة والمعربة، منها: «القناع الأزرق»، «البؤساء»، «الكونت دي مونت خريستو»، «الفرسان الثلاثة»، «الرعاع»، «الجبار»، «أحدب نوتردام»، «اللزقة»، «الشباب».
٢٢  انظر: جريدة «مصر» ١٩ / ٤ / ١٩٢١.
٢٣  اسمه الحقيقي «عزيز يوسف جرجس عيد»، من مواليد كفر الشيخ عام ١٨٨٤. وعندما حصل على الثانوية، عمل موظفًا في البنك الزراعي بالقاهرة، وكان يهوى التمثيل، فحاول الانضمام إلى فرقة سليمان القرداحي عام ١٩٠٣ فلم يفلح، ولكنه نجح في الانضمام إلى فرقة إسكندر فرح عام ١٩٠٥. كوَّن عزيز أول فرقة مسرحية بالاشتراك مع سليمان الحداد عام ١٩٠٧، ولكن سرعان ما توقَّفَتْ. فانضم إلى فرقة أولاد عكاشة كمخرج وممثل عام ١٩١٠. ثم تركها وانضم إلى فرقة جورج أبيض عند تكوينها لأول مرة عام ١٩١٢. وفي العام التالي كوَّن عزيز فرقة فودفيلة خاصة به، لم تستمر طويلًا حيث توقفت، ثم أعاد عزيز تكوينها مرة ثالثة عام ١٩١٥، فلاقَتْ نجاحًا كبيرًا بسبب مُمَثِّلَتِها الأولى روز اليوسف، وغناء منيرة المهدية. حلَّ عزيز فرقته بعد عامين، وانضم إلى فرقة جورج أبيض عام ١٩١٧. وفي العام التالي كوَّن فرقته الرابعة، ومثَّلَ بها على مسرح كافيه ريش بالإسكندرية، ولكنها لم تستمر إلا أيامًا قليلة، حيث انضم عزيز إلى فرقة منيرة المهدية كمخرج وممثل. وفي عام ١٩١٩ كوَّن عزيز فرقته الخامسة، التي لم تستمر. وفي عام ١٩٢١ فقط … كوَّن فرقته السادسة، التي لم تستمر، حيث انضم إلى فرقة جورج أبيض ومنها إلى فرقة منيرة المهدية، ثم كوَّن فرقته السابعة، التي لم تستمر، حيث انضم إلى فرقة حافظ نجيب، فلم يستمر، فسافر إلى إيطاليا للعمل في محال السينما …
كل هذا في عام ١٩٢١! وبعد عودته أَشْهَرَ إسلامه وتزوَّجَ من فاطمة رشدي، وأَطْلَقَ على نفسه اسم «محمد المهدى»، ثم انضم هو وزوجته إلى فرقة رمسيس منذ نشأتها عام ١٩٢٣، وظل معها حتى عام ١٩٢٧، عندما انفصل عنها بمصاحبة زوجته، التي افتتحت فرقة خاصة بها، كان عزيز مخرجها وممثلها الأول حتى عام ١٩٣٣، حيث تم الطلاق بينهما. وانضم عزيز إلى فرقة رمسيس مرة أخرى عام ١٩٣٤، ثم تركها وكوَّن فرقته الثامنة عام ١٩٣٥، التي لم تستمر، فانضم إلى الفرقة القومية المصرية منذ افتتاحها عام ١٩٣٥، وحتى عام ١٩٣٨، وتركها على أثر خلاف بينه وبين مدير الفرقة خليل مطران، فكوَّن عزيز فرقته التاسعة عام ١٩٣٩، التي توقفت سريعًا، فانضم مرة أخرى لفرقة فاطمة رشدي، التي كانت تقدم أعمالها في الكازينوهات، ثم انضم إلى صالة ببا عز الدين، وظل بها فترة من الوقت، حتى أُصِيبَ بالمرض وتُوُفِّيَ يوم ١١ / ٨ / ١٩٤٣. وقد تَرَكَ لنا مجموعة ضخمة من المسرحيات التي أَلَّفَها أو ترجمها أو اقتبسها، منها: «مباغتات الطلاق»، «الإرث المغتصب»، «الطلاق»، «حنجل بوبو»، «لوكاندة الأنس»، «سيرانو دي برجراك»، «ملك الشعراء»، «الذئاب»، «لزقة إنجليزي»، «الشرف»، «الرئيسة»، «الحقد»، «كن الزيزفون»، «قضية السموم»، «المائدة الخضراء»، «أما ليلة»، «القرية الحمراء».
٢٤  انظر: جريدة «المنبر» ١٠ / ١١ / ١٩٢١، وجريدة «مصر» ١٠ / ١١ / ١٩٢١.
٢٥  انظر: مجلة «الفنون» عدد ٤، ١٠ / ١٠ / ١٩٢٦، جريدة «الأهرام» ١٧ / ١٠ / ١٩٢٦، مجلة «المسرح» عدد ٤٣، ١٨ / ١٠ / ١٩٢٦، مجلة «ألف صنف وصنف» ٢٦ / ١٠ / ١٩٢٦.
٢٦  راجع: مجلة «الأدب والتمثيل»، الجزء الأول، أبريل ١٩١٦، ومجلة «رعمسيس»، السنة الثامنة، عدد ٢، فبراير ١٩١٩، ومجلة «التياترو المصورة»، عدد ٨، ١ / ٥ / ١٩٢٥.
٢٧  وُلِدَ الفنان «حسن فايق» بالإسكندرية يوم ٧ / ١ / ١٨٩٨، وبدأ عمله الفني عام ١٩١٥، بتكوين فرقة من الهواة، لتقديم المسرحيات الخفيفة. وفي عام ١٩١٧ قدَّمَ الفصول المُضحكة بجوق الإجيبسيانة لنجيب الريحاني. وفي العام نفسه انضم إلى جمعية رُقِي الآداب، وإلى فرقة عبد الرحمن رشدي. وفي عام ١٩١٨ انضم إلى فرقة عزيز عيد. وفي العام التالي كوَّن أول فرقة مسرحية باسمه، ومثل بها أول مسرحية من تأليفه، وهي «إله التمثيل» أو «ملكة الجمال». وظل يجوب بفرقته أقاليم مصر حتى عام ١٩٢٣، حيث انضم إلى فرقة رمسيس ليوسف وهبي. ثم كوَّن فرقة أخرى باسمه عام ١٩٢٦، وكان مقرها بالقاهرة «كازينو حمامات مصر الجديدة». وفي العام التالي انضم إلى فرقة فكتوريا موسى، وأصدر «مجموعة المونولوجات الوطنية» من تأليفه، وهي تتحدث عن كل ما تغنى به الشعب المصري في مختلف حوادثه ومناسباته. وفي عام ١٩٣٣ انضم مرة أخرى إلى فرقة رمسيس. وفي العام التالي أَلَّف مسرحية «الأغراض» أو «الحب بالعافية» ومَثَّلَها على مسرح برنتانيا، ثم انضم إلى فرقة الريحاني. وفي عام ١٩٣٥ انضم إلى الفرقة القومية المصرية. وفي العام التالي انضم إلى فرقة مختار عثمان، واخيرًا انضم إلى فرقة الريحاني في العام نفسه ١٩٣٦، وظل معها سنوات طويلة، حتى اتجه إلى السينما. وفي عام ١٩٦٥ أُصِيبَ بالشلل، الذي لَازَمَهُ حتى مات رحمه الله يوم ١٤ / ٩ / ١٩٨٠.
٢٨  المطربة ملك، اسمها الحقيقي زينب محمد الجندي، وبدأت كمغنية عام ١٩٢٥، عندما كانت تغني الطقاطيق والأدوار بين فصول مسرحيات فرقة عكاشة. وفي ديسمبر ١٩٢٥ اشتركت بالغناء في مسرحيات فرقة الجزايرلي وفوزي منيب بمسرح البسفور. وفي سبتمبر ١٩٢٦، انضمت كمطربة وممثلة إلى فرقة أمين صدقي. ثم عادت إلى تخْتها لتغنِّي الطقاطيق بكازينو البوسفور، ولتحْييَ حفلات الجمعيات الخيرية، وكان يُطلَق عليها في ذلك الوقت لقب «مطربة العواطف». كوَّنَتْ بعد ذلك فرقة خاصة بها، للغناء والتمثيل المسرحي، وكانت تُقَدِّم أعمالها على مسرح البوسفور عام ١٩٣٠، ومن هذه المسرحيات: «الطابور الأول»، «طرزان يجد أم أحمد»، «مايسة»، «مدام بترفلاي». وبعد ذلك استأجرتْ قطعة أرض كانت مملوكة للأميرة شويكار، وأقامت عليها مسرحًا، أطلقت عليه «مسرح أوبرا ملك»، وافتتحته يوم ١٠ / ١ / ١٩٤١، بأوبريت «عروس النيل». وظلَّتْ ملك تعمل في المجال الفني، حتى توقفتْ نهائيًّا عام ١٩٥٢ بعد حريق القاهرة الذي دَمَّرَ مسرحها تدميرًا كاملًا، وانتقلت إلى رحمة الله عام ١٩٨٣.
٢٩  انظر: مجلة «الفنون» ١١ / ٣ / ١٩٢٧، ٢٠ / ٣ / ١٩٢٧، ٢٧ / ٣ / ١٩٢٧.
٣٠  من الجدير بالذكر، أن إعلانين من الإعلانات المسرحية المنشورة في عددَيْ مجلة «الحاوي» رقم ٤٠ في ١٢ / ١١ / ١٩٢٦، ورقم ٤١ في ٢٤ / ٣ / ١٩٢٧، عن مسرحيتَي «بم بم» و«الهوسة»، قام بنشرهما أحمد حسين الطماوي في مقالته (بمجلة الهلال، يوليو ٢٠٠٣)، دون أي حديث عن مسرح حافظ نجيب! وبسؤاله عن هذا الأمر، قال: إن إدارة مجلة الهلال، عندما وجدت أن مقالته كبيرة، وأن بها مجموعة من الصور، اهتمت بنشر الصور وحَذَفَتْ آخر جزء من المقالة، وهو الجزء الخاص بمسرح حافظ نجيب، والذي تحدَّثَ فيه عن مسرحيته الأولى «نكبات الهوى»، وعن مسرحيتَي «بم بم» و«الهوسة»، من خلال عددَ «الحاوي» السابقين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤