الفصل العاشر

الثَّعْلَبُ ريدي الْمِسْكِينُ

تَسَلَّلَ الْأَرْنَبُ بيتر وَالْخُلْدُ جوني لِأَعْلَى التَّلِّ فِي اتِّجَاهِ مَنْزِلِ الثَّعْلَبِ ريدي. وَعِنْدَ اقْتِرَابِهِمَا، كَانَا يَتَسَلَّلَانِ مِنْ وَرَاءِ شُجَيْرَةٍ لِشُجَيْرَةٍ، وَيَتَوَقَّفَانِ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ لِلنَّظَرِ وَالِاسْتِمَاعِ؛ فَلَمْ يَتْرُكَا أَيَّ شَيْءٍ لِلْمُصَادَفَاتِ. لَمْ يَكُنِ الْخُلْدُ جوني خَائِفًا مِنَ الثَّعْلَبِ ريدي؛ فَقَدْ تَغَلَّبَ عَلَيْهِ فِي إِحْدَى الْمَرَّاتِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَخَافُ مِنَ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ. وَكَانَ الْأَرْنَبُ بيتر يَخَافُ الِاثْنَيْنِ؛ فَكُلَّمَا اقْتَرَبَا مِنْ مَنْزِلِ الثَّعْلَبِ ريدي زَادَ قَلَقُهُ وَعَصَبِيَّتُهُ. فَكَمَا تَرَى، لَقَدْ لَعِبَ الثَّعْلَبُ ريدي الْكَثِيرَ مِنَ الْحِيَلِ لِمُحَاوَلَةِ الْإِمْسَاكِ بِبيتر، وَلَمْ يَكُنْ بيتر مُتَأَكِّدًا مِنْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِيلَةً أُخْرَى؛ لِذَلِكَ كَانَ يُرَاقِبُ كُلَّ شَيْءٍ بِإِمْعَانٍ فِي كُلِّ الِاتِّجَاهَاتِ، وَيَسْتَعِدُّ لِلرَّكْضِ عِنْدَ أَقَلِّ عَلَامَةِ خَطَرٍ.

عِنْدَمَا اقْتَرَبَا مِنْ مَنْزِلِ الثَّعْلَبِ ريدي حَتَّى أَصْبَحَ عَلَيْهِمَا الْمَشْيُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِمَا وَالزَّحْفُ، اسْتَلْقَى الْأَرْنَبُ بيتر وَالْخُلْدُ جوني تَحْتَ مَجْمُوعَةٍ مِنَ الشُّجَيْرَاتِ وَأَخَذَا يُرَاقِبَانِ الْمَكَانَ. وَسُرْعَانَ مَا شَاهَدَا الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ تَخْرُجُ؛ حَيْثُ قَامَتْ بِشَمِّ الرِّيَاحِ ثُمَّ بَدَأَتْ فِي الرَّكْضِ فِي الطَّرِيقِ الصَّغِيرِ الْمُنْعَزِلِ. تَنَفَّسَ الْخُلْدُ جوني الصُّعَدَاءَ؛ حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَعُدْ يَخَافُ مِنَ الثَّعْلَبِ ريدي، وَهُوَ الْآنَ يَشْعُرُ بِالْأَمَانِ، وَلَكِنَّ الْأَرْنَبَ بيتر كَانَ لَا يَزَالُ مُتَرَقِّبًا.

هَمَسَ الْأَرْنَبُ بيتر قَائِلًا: «لَا بُدَّ أَنْ أَرَى ريدي بِنَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَخْطُوَ خُطْوَةً أَقْرَبَ.»

وَفِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ وَضَعَ الْخُلْدُ جوني يَدَهُ عَلَى فَمِهِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ الْأُخْرَى. كَانَ الثَّعْلَبُ ريدي يَخْرُجُ زَحْفًا مِنْ بَابِ مَنْزِلِهِ إِلَى الشَّمْسِ. مَالَ الْأَرْنَبُ بيتر إِلَى الْأَمَامِ لِيَرَى بِشَكْلٍ أَفْضَلَ هَلْ كَانَ الثَّعْلَبُ ريدي مُصَابًا بِهَذَا الشَّكْلِ فِعْلًا أَمْ كَانَ يَدَّعِي ذَلِكَ.

زَحَفَ الثَّعْلَبُ ريدي مُتَأَلِّمًا إِلَى الْبَابِ. حَاوَلَ أَنْ يَقِفَ وَيَمْشِيَ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ لِأَنَّ جَسَدَهُ كَانَ مُتَيَبِّسًا وَمُتَأَلِّمًا؛ وَلِذَلِكَ اكْتَفَى بِالزَّحْفِ فَقَطْ. لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يُشَاهِدُهُ، وَكَانَ يَبْدُو التَّعَبُ الشَّدِيدُ عَلَى وَجْهِهِ فِي كُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا؛ مِنْ شِدَّةِ الْأَلَمِ.

تَأَكَّدَ الْأَرْنَبُ بيتر مِنْ مَوْقِعِهِ بَيْنَ الشُّجَيْرَاتِ مِنْ أَنَّ ريدي لَمْ يَكُنْ مُدَّعِيًا. وَبَاتَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ مَا يَخْشَاهُ مِنَ الثَّعْلَبِ ريدي؛ لِذَلِكَ أَطْلَقَ بيتر صَيْحَةَ فَرَحٍ، وَقَفَزَ حَتَّى يُصْبِحَ مَرْئِيًّا.

نَظَرَ ريدي لِأَعْلَى وَحَاوَلَ الِابْتِسَامَ، وَلَكِنَّ وَجْهَهُ كَانَ لَا يَزَالُ يَبْدُو عَلَيْهِ التَّعَبُ؛ إِذْ كَانَتْ أَيُّ حَرَكَةٍ تُسَبِّبُ لَهُ الْأَلَمَ.

زَمْجَرَ الثَّعْلَبُ ريدي قَائِلًا لِلْأَرْنَبِ بيتر: «أَعْتَقِدُ أَنَّكَ مُغْتَبِطٌ بِشِدَّةٍ لِرُؤْيَتِي هَكَذَا!»

كَانَ لَدَى بيتر كُلُّ الْأَسْبَابِ لِيَكُونَ مَسْرُورًا؛ فَقَدْ حَاوَلَ الثَّعْلَبُ ريدي بِأَفْضَلِ حِيَلِهِ أَنْ يُمْسِكَ بِالْأَرْنَبِ بيتر حَتَّى يُقَدِّمَهُ عَشَاءً لِلْجَدَّةِ ثعلبة، وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ كَانَ بيتر بِالْكَادِ يَتَمَكَّنُ مِنَ الْهُرُوبِ. لِذَلِكَ، لِلْوَهْلَةِ الْأُولَى، قَفَزَ بيتر فَرِحًا. وَلَكِنْ عِنْدَمَا رَأَى كَمْ كَانَ ريدي عَاجِزًا وَمُتَأَلِّمًا، امْتَلَأَتْ عَيْنَا الْأَرْنَبِ بيتر فَجْأَةً بِدُمُوعِ الشَّفَقَةِ.

فَقَدْ نَسِيَ كُلَّ شَيْءٍ عَنْ تَهْدِيدَاتِ الثَّعْلَبِ ريدي وَكَيْفَ حَاوَلَ خِدَاعَهُ. نَسِيَ كُلَّ شَيْءٍ عَنْ لُؤْمِ ريدي.

قَالَ الْأَرْنَبُ بيتر: «مِسْكِينٌ أَيُّهَا الثَّعْلَبُ ريدي! مِسْكِينٌ!»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤