الفصل الرابع عشر

الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ تَكْتَشِفُ مَا حَدَثَ لِلدَّجَاجَةِ

كَانَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ فِي مِزَاجٍ غَاضِبٍ جِدًّا. يَا لَلْهَوْلِ! كَانَتْ فِي مِزَاجٍ سَيِّئٍ لِلْغَايَةِ؛ فَقَدْ كَانَ الظَّرِبَانُ جيمي يَضْحَكُ فِي وَجْهِهَا مِمَّا زَادَ الْأَمْرَ سُوءًا، وَعِنْدَمَا أَدْرَكَ ذَلِكَ ارْتَمَى عَلَى الْأَرْضِ ضَاحِكًا فِي نَشْوَةٍ. بِالطَّبْعِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَطِيفًا مِنَ الظَّرِبَانِ جيمي، وَلَكِنْ كَمَا تَعْلَمُ فَقَدْ نَعَتَتْهُ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ بِاللِّصِّ، وَلَمْ يَكُنِ الظَّرِبَانُ جيمي يُحِبُّ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ عَلَى أَيِّ حَالٍ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْمَرْجِ الصَّغِيرِ وَالْغَابَةِ؛ فَقَدْ كَانَ مُعْظَمُهُمْ يَخَافُونَهَا.

وَعِنْدَمَا خَرَجَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ أَخِيرًا مِنْ شُجَيْرَةِ الْعُلَّيْقِ لَمْ تَقِفْ لِتَقُولَ لِلظَّرِبَانِ جيمي شَيْئًا، وَلَكِنَّهَا مَشَتْ مُسْرِعَةً وَهِيَ تُتَمْتِمُ فِي تَذَمُّرٍ وَتَكَزُّ عَلَى أَسْنَانِهَا. لَمْ تَكُنِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ حِينَئِذٍ فِي مِزَاجٍ لَطِيفٍ يَسْمَحُ لَهَا بِأَنْ تُقَابِلَ أَحَدًا، وَعِنْدَمَا شَاهَدَهَا الرَّاكُونُ بوبي، فَكَّرَ أَنَّهُ مِنَ الْأَفْضَلِ الِابْتِعَادُ عَنْ طَرِيقِهَا؛ وَلِذَلِكَ تَسَلَّقَ شَجَرَةً.

لَمْ يَكُنِ الرَّاكُونُ بوبي خَائِفًا مِنَ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ، لَمْ يَكُنْ خَائِفًا مِنْهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، لَكِنَّ مَعِدَتَهُ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً، وَكَانَ فِي حَالَةٍ مِنَ الْكَسَلِ وَالصَّفَاءِ لَا تَدْفَعُهُ لِلشِّجَارِ.

قَالَ الرَّاكُونُ بوبي لِلْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ عِنْدَمَا كَانَتْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الَّتِي يَجْلِسُ عَلَيْهَا: «صَبَاحُ الْخَيْرِ أَيَّتُهَا الْجَدَّةُ ثعلبة، أَتَمَنَّى أَنْ تَكُونِي فِي حَالٍ طَيِّبَةٍ هَذَا الصَّبَاحَ.» نَظَرَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ لِأَعْلَى وَحَدَّقَتْ لَهُ بِعَيْنَيْنِ صَفْرَاوَيْنِ.

صَاحَتْ بِغَضَبٍ: «إِنَّهُ لَيْسَ صَبَاحًا جَمِيلًا، وَأَنَا لَسْتُ بِخَيْرٍ!»

تَسَاءَلَ الرَّاكُونُ بوبي: «يَا إِلَهِي! هَلْ مُزِّقَتْ تَنُّورَتُكِ؟!»

هَمَّتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ بِأَنْ تَقُولَ شَيْئًا غَيْرَ لَطِيفٍ، ثُمَّ غَيَّرَتْ رَأْيَهَا وَجَلَسَتْ بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ لِتُخْبِرَ الرَّاكُونَ بوبي بِكُلِّ مَشَاكِلِهَا! وَبَيْنَمَا كَانَتْ تَتَكَلَّمُ، كَانَ الرَّاكُونُ بوبي يُخَبِّئُ رَأْسَهُ وَرَاءَ فَرْعِ الشَّجَرَةِ لِيُخْفِيَ ضَحْكَتَهُ، وَأَخِيرًا لَاحَظَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ ذَلِكَ.

وَسَأَلَتْ فِي شَكٍّ: «لِمَاذَا تُخَبِّئُ رَأْسَكَ أَيُّهَا الرَّاكُونُ بوبي؟!»

فَأَجَابَهَا الرَّاكُونُ بوبي فِي جِدِّيَّةٍ عَلَى الرَّغْمِ مِنَ الْمُشَاكَسَةِ الَّتِي كَانَتْ تَبْرُقُ فِي عَيْنَيْهِ: «أَنَا أُحَاوِلُ فَقَطْ أَنْ أَرَى إِذَا كَانَ هُنَاكَ أَيُّ رِيشٍ مِنَ الدَّجَاجَةِ!»

فَسَأَلَتِ الْجَدَّةُ فِي حَزْمٍ: «حَسَنًا؛ وَهَلْ تَرَاهُ؟!»

وَعِنْدَهَا رَأَى الرَّاكُونُ بوبي الرِّيشَ؛ إِذْ لَمْ يَكُنِ الرِّيشُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَكِنَّهُ كَانَ يَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ. مَالَ بوبي إِلَى الْأَمَامِ لِيَرَى مِنْ أَيْنَ يَأْتِي، وَالْتَفَتَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ لِتَرَى أَيْضًا. مَاذَا رَأَيَا فِي ظَنِّكَ؟ كَانَ السَّيِّدُ باز يَبْتَلِعُ فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ آخِرَ مَا فِي دَجَاجَةِ الْجَدَّةِ.

صَرَخَتِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ: «لِصٌّ! لِصٌّ! سَارِقٌ! سَارِقٌ!»

وَلَكِنَّ السَّيِّدَ باز لَمْ يَقُلْ شَيْئًا، بَلْ غَمَزَ فَقَطْ لِلرَّاكُونِ بوبي، وَنَفَخَ رِيشَهُ وَاسْتَقَرَّ مِنْ أَجْلِ قَيْلُولَتِهِ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤