الفصل الخامس عشر

الثَّعْلَبُ ريدي يَأْتِيهِ زَائِرٌ

لَمْ تَكَدِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ تَبْتَعِدُ فِي طَرِيقِهَا؛ لِلْبَحْثِ عَنِ الدَّجَاجَةِ الَّتِي تَرَكَتْهَا فَوْقَ التَّلِّ، حَتَّى جَاءَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ وَهُوَ يَمْشِي فِي الطَّرِيقِ الصَّغِيرِ الْمُنْعَزِلِ. كَانَ يُهَمْهِمُ فِي نَفْسِهِ؛ فَقَدْ كَانَ تَنَاوَلَ إِفْطَارًا جَيِّدًا. أَدْرَكَتْهُ إِحْدَى النَّسَائِمِ السَّعِيدَةِ وَهُرِعَتْ لِتَلْحَقَ بِهِ وَتُخْبِرَهُ أَنَّ الثَّعْلَبَ ريدي قَدْ أُصِيبَ بِطَلْقٍ نَارِيٍّ.

اسْتَمَعَ الْعَمُّ بيلي، وَقَدْ تَحَوَّلَتِ ابْتِسَامَتُهُ الْوَاسِعَةُ الَّتِي رَحَّبَتْ بِالنَّسْمَةِ السَّعِيدَةِ إِلَى ابْتِسَامَةٍ مُتَحَفِّظَةٍ.

وَسَأَلَهَا: «هَلْ أَنْتِ مُتَأَكِّدَةٌ مِنْ ذَلِكَ؟!»

كَانَتِ النَّسْمَةُ مُتَأَكِّدَةً.

تَوَقَّفَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ وَفَكَّرَ قَلِيلًا.

ثُمَّ قَالَ ضَاحِكًا: «يَسْتَحِقُّ الثَّعْلَبُ ريدي ذَلِكَ؛ فَقَدْ أَفْسَدَ عَلَيَّ الصَّيْدَ عِنْدَ الْمُزَارِعِ براون. لَقَدْ كَانَ يُشِيعُ الْفَوْضَى عِنْدَ الدَّجَاجِ؛ فَلَمْ يَعُدْ مِنَ الْمَأْمُونِ الذَّهَابُ إِلَى هُنَاكَ! بِالطَّبْعِ، لَمْ يَعُدْ مَأْمُونًا وَلَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا لِبَعْضِ الْوَقْتِ. هَلْ قُلْتِ إِنَّ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ فِي الْمَنْزِلِ؟»

لَمْ تَكُنِ النَّسْمَةُ قَدْ قَالَتْ شَيْئًا عَنِ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ، وَلَكِنَّهَا تَذَكَّرَتِ الْآنَ أَنَّهَا قَدْ ذَهَبَتْ لِأَعْلَى التَّلِّ.

قَالَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ: «أَعْتَقِدُ أَنِّي سَأَذْهَبُ لِأُظْهِرَ تَعَاطُفِي مَعَ الثَّعْلَبِ ريدي.» وَاتَّجَهَ نَحْوَ مَنْزِلِ الثَّعْلَبِ ريدي، وَلَكِنَّهُ تَأَكَّدَ مِنْ عَدَمِ وُجُودِ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ فِي الْمَنْزِلِ قَبْلَ أَنْ يُظْهِرَ نَفْسَهُ.

كَانَ الثَّعْلَبُ ريدي يَجْلِسُ عَلَى عَتَبَةِ بَابِهِ، كَانَ مَرِيضًا وَمُتَأَلِّمًا وَمُتَيَبِّسًا. أَجَلْ؛ كَانَ مُتَيَبِّسًا لِدَرَجَةِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعِ الْمَشْيَ. وَكَانَ ضَعِيفًا، ضَعِيفًا وَجَائِعًا. عِنْدَمَا سَمِعَ صَوْتَ خُطُوَاتٍ، اعْتَقَدَ أَنَّ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ قَدْ أَحْضَرَتْ لَهُ الدَّجَاجَةَ، كَانَ مَرِيضًا جِدًّا؛ فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَتَّى أَنْ يُدِيرَ رَأْسَهُ.

وَسَأَلَ فِي ضَعْفٍ: «هَلْ أَحْضَرْتِ الدَّجَاجَةَ يَا جَدَّتِي؟» وَلَمْ يُجِبْ أَحَدٌ. «أَقُولُ هَلْ أَحْضَرْتِ الدَّجَاجَةَ يَا جَدَّتِي؟» وَكَانَ صَوْتُ ريدي حَادًّا وَغَاضِبًا قَلِيلًا هَذِهِ الْمَرَّةَ.

وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رَدٌّ، وَقَدْ بَدَأَ ريدي يَتَشَكَّكُ بَعْضَ الشَّيْءِ، فَاسْتَدَارَ قَلِيلًا وَرَفَعَ رَأْسَهُ لِيَنْظُرَ، وَعِوَضًا عَنِ الْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ وَجَدَ الْعَمَّ بيلي الْأَبُوسُومَ هُنَاكَ مُبْتَسِمًا فِي وَجْهِهِ.

الذَّكِيُّ، الذَّكِيُّ لِصٌّ!
الذَّكِيُّ، الذَّكِيُّ تَأَذَّى!
حَاوَلَ التَّبَاهِيَ فَقَطْ لِلْمُتْعَةِ
وَاقْتَرَبَ جِدًّا مِنَ الْبُنْدُقِيَّةِ.

ثُمَّ قَالَ الْعَمُّ بيلي الْأَبُوسُومُ بِحَزْمٍ: «لَقَدْ حَصَلْتَ عَلَى مَا تَسْتَحِقُّهُ بِالضَّبْطِ، وَأَنَا مَسْرُورٌ لِذَلِكَ، أَنَا مَسْرُورٌ لِذَلِكَ!»

ظَهَرَ بَرِيقٌ غَاضِبٌ فِي عَيْنَيِ الثَّعْلَبِ ريدي، وَصَارَ لَوْنُهُمَا أَصْفَرَ قَبِيحًا لِدَقِيقَةٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مَرِيضًا وَلَا يَسْتَطِيعُ الشِّجَارَ، وَرَأَى الْعَمُّ بيلي ذَلِكَ، رَأَى كَمْ كَانَ ريدي يُعَانِي، وَفِي أَعْمَاقِ قَلْبِهِ شَعَرَ الْعَمُّ بيلي بِالْأَسَفِ حَقًّا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ لِريدي ذَلِكَ، لَا؛ مُطْلَقًا! فَقَطْ تَظَاهَرَ بِالسُّرُورِ لِرُؤْيَةِ الثَّعْلَبِ ريدي عَاجِزًا، ثُمَّ لَمْ يَجْرُؤْ عَلَى الْبَقَاءِ طَوِيلًا؛ لِأَنَّ الْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ سَتَعُودُ. وَلِذَا بَعْدَ قَوْلِهِ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَجْعَلُ ريدي غَيْرَ مُرْتَاحٍ، اتَّجَهَ الْعَمُّ بيلي عَبْرَ الطَّرِيقِ الصَّغِيرِ الْمُنْعَزِلِ نَحْوَ الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ.

ثُمَّ تَمْتَمَ فِي نَفْسِهِ قَائِلًا: «الْأَمْرُ سَيِّئٌ لِلْغَايَةِ! سَيِّئٌ لِلْغَايَةِ! إِذَا لَمْ تَكُنِ الْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ بِالذَّكَاءِ الْكَافِي لِإِطْعَامِ الثَّعْلَبِ ريدي، فَسَأَرَى مَا يُمْكِنُنَا فِعْلُهُ جَمِيعًا. سَأَرَى ذَلِكَ بِالتَّأْكِيدِ.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤