الباب العاشر

لم يكن هناك ما يفعلونه إلا أن يجذبوا الباب بشدة ويحكموا إقفاله. كانت جميع ملابسهم على أبدانهم. ووضعت أو-لان في يد كل طفل طبقًا من أطباق الأرز، وزوجًا من أعواد تناول الطعام. وهكذا خرجوا يسيرون وسط الحقول، موكبًا كئيبًا يتحرك ببطء. وكان يبدو أنهم لن يبلغوا سور المدينة قط.

ساروا في صمت، ومروا بالمعبد الصغير، وفي داخله الربان الصغيران لا يلاحظان شيئًا مما يمر بهما. وكان العرق يتصبب من وانج لنج بسبب ضعفه، رغم الريح الباردة اللاذعة.

وصلوا إلى سور المدينة في الوقت المناسب، وكانوا يستريحون بعد كل مسافة قصيرة. مروا بجوار باب البيت العظيم، ولكنه كان موصدًا تمامًا. وكان يرقد على درجات سلم الباب عدة أشباح من الرجال والنساء، ينظرون إلى الباب المقفل وهم يتضورون جوعًا. وعندما مر وانج لنج، صاح أحدهم: «لا يزال لدى أولئك الأغنياء أرز يأكلونه، وما فتئوا يصنعون النبيذ من الأرز الفائض من طعامهم، بينما نموت نحن جوعًا.»

غير أن وانج لنج لم يجب بشيء، بل ظل يسير مع أسرته في صمت متجهين صوب الجنوب.

•••

كان الوقت قرب المساء عندما اجتازوا المدينة وبلغوا الطرف الجنوبي، ورأوا أناسًا كثيرين سائرين شطر الجنوب، فسأل وانج لنج واحدًا منهم كان بقربه: «إلى أين يذهب كل هؤلاء القوم؟»

فقال الرجل: «إننا أناس جائعون، وذاهبون لنركب «عربة النار» لتنقلنا إلى الجنوب. إنها تبدأ من أمام ذلك المنزل وبها عربات لأمثالنا بأجر يقل عن قطعة فضية صغيرة لكل شخص.»

عربات النار! كان وانج لنج قد سمع الناس فيما مضى يتحدثون عن هذه العربات المتصلة ببعضها بالسلاسل، والتي لا يجرها إنسان ولا حيوان، بل تجرها آلة تتنفس نارًا وماء، فاستدار مرتابًا إلى المرأة، وقال: «وهل سنركب نحن أيضًا عربة النار هذه؟»

نظر كل منهما إلى الآخر في لهفة وخوف. كانت أو-لان لا تزال تحمل الطفلة ورأسها تتدلى فوق ذراعها في منظر يوحي بالموت يخيم عليها، حتى إن وانج لنج نسي كل شيء آخر، وصاح يقول: «هل ماتت العبدة الصغيرة؟»

هزت أو-لان رأسها، وقالت: «لم تمت بعد. ولكنها ستموت في هذه الليلة، كما سنموت نحن جميعًا، إلا …»

فقال وانج لنج بكل ما يمكن أن يوجد في صوته من بهجة: «هيا يا ولديَّ، وساعدَا جدَّكما؛ سنركب عربة النار ونجلس بينما نذهب جنوبًا.»

ما من أحد كان يعرف إن كان بوسعهم السير لو لم ينبعث من وسط الظلام صوت مرعد وعينان تنفثان النار، حتى إن كل فرد صاح وجرى. فتزاحموا مندفعين في ديجور الظلام وهم يصرخون، حتى بلغوا الباب الصغير المفتوح، ودخلوا حجرة أشبه بالصندوق. ثم تحرك القطار الذي كانوا يركبونه محدثًا صخبًا ودويًّا خلال الدجى، يحملهم في طريقه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤