الباب الخامس

أقبل عيد رأس السنة فكانت الإعدادات قائمة على قدم وساق في كل بيت. فذهب وانج لنج إلى المدينة واشترى من صانع الشمع فروخًا وشرائط من الورق الأحمر لصقها على باب منزله وعلى أدواته الزراعية، لتجلب له الحظ السعيد. واشترى ورقًا أحمر ليصنع منه ملابس لربَّي الأرض. وهذه كان يصنعها والده العجوز بمهارة فائقة. فأخذها وانج لنج وألبسها الربَّين الصغيرين في معبد الأرض. وأحرق أمامهما قليلًا من البخور، احتفاءً بالسنة الجديدة.

بعد ذلك ذهب وانج لنج إلى المدينة ثانيةً واشترى بعضًا من دهن الخنزير ومن السكر الأبيض، فأخذتهما امرأته ومزجتهما، وصنعت منهما كعكات فاخرة لعيد السنة الجديدة، أطلق عليها القوم اسم «كعكات القمر»، كالتي تؤكل في بيت هوانج.

عندما وُضِعَت الكعكات على المائدة، استعدادًا لإدخالها الفرن، كان وانج لنج على استعداد لأن ينفجر زهوًا. فما من امرأة غيرها في القرية كلها تستطيع أن تعمل ما عملته امرأته .. تعمل كعكات كالتي لا يأكلها سوى الأغنياء في الولائم.

فقال: «من المؤسف أن تؤكل هذه!»

وقالت المرأة ويداها مغبرتان بالدقيق الناعم، وملبَّكتان بالدهن: «لسنا أغنياء لدرجة أن نأكل السكر الأبيض ودهن الخنزير. إنني أصنع هذه للسيدة العجوز صاحبة البيت العظيم. سأحمل إليها الطفل في ثاني يوم لعيد السنة الجديدة، وأقدِّم لها هذه الكعكات كهدية.»

صار كل شيء غير ذي بال في عيد السنة الجديدة، ما عدا هذه الزيارة. فعندما ارتدى وانج لنج سترته القطنية السوداء الجديدة التي صنعتها له أو-لان، قال في نفسه: «سألبسها عندما آخذهما إلى باب البيت العظيم.»

وفي اليوم الثاني من السنة الجديدة، وهو اليوم الذي تتزاور فيه السيدات، بعد أن طعِمَ الرجال وشربوا جيدًا في اليوم السابق، استيقظ وانج لنج وزوجته ساعة أن لمع الفجر في أفق السماء، فألبست المرأة الطفل معطفه الأحمر، وحذاءه ذا وجه النمر الذي صنعته له. ثم وضعته على السرير. وارتدى وانج لنج ملابسه بسرعة بينما مشطت زوجته شعرها الفاحم الطويل، وربطته من أسفل بدبوس نحاسي مطلي بالفضة كان قد اشتراه لها. ولبست معطفها الجديد الأسود … حمل الرجلُ الطفلَ، وحملت المرأة الكعكات في سلة، ثم خرجَا إلى الطريق يسيران وسط الحقول.

بعد ذلك نال وانج لنج مكافأته عند باب دار هوانج العظيمة. فعندما أقبل البواب بعد أن نادته المرأة، فتح عينيه وتطلع إلى مَن أمامه، وصاح: «هذا هو الفلاح وانج. ثلاثٌ هذه المرة بدلًا من واحدة! لا حاجة بالمرء أن يتمنى لك حظًّا سعيدًا هذا العام أكثر مما لقيته في العام الماضي. تفضل بالجلوس في غرفتي الحقيرة ريثما أوصل زوجتك وابنك إلى الداخل.»

خُيِّل إلى وانج لنج أنه مضى وقت طويل قبل أن يعود البواب مع المرأة والطفل. وكان السرور باديًا على وجه المرأة، فتلهف وانج لنج إلى سماع ما حدث.

بعد أن أسرع مع أو-لان بعيدًا، قال لها: «خيرًا؟» فاقتربت منه قليلًا وقالت هامسة: «أعتقد، إذا سألني سائل، أن الحالة المالية لذلك البيت قد تدهورت في هذه السنة.»

فسألها وانج لنج: «ماذا تقصدين؟»

قالت: «إن السيدة العجوز تلبس في هذا العام نفس المعطف الذي كانت تلبسه في العام الماضي. لم أرَ هذا يحدث من قبل إطلاقًا. كذلك لم تحصل الإماء على ثياب جديدة. أما ابننا فلم يكن هناك أي طفل يمكن أن يُقارَن به، سواء في الجمال أو في الملبس.»

ارتسمت على وجهها ابتسامة وهي تقول هذا، فضحك وانج لنج بصوت مرتفع، ثم قال لها: «وهل عرفتِ سبب تدهورهم المالي؟»

قالت: «أخبرتني الطاهية، التي كنت أعمل تحت إمرتها من قبل، أن الأمراء الصغار، وهم خمسة، كانوا ينفقون الأموال كأنها المياه، في البلاد الأجنبية. وأن الابنة الثالثة ستتزوج في الربيع، ولا تريد إلا خير الأشياء وأرقاها. لا بد أنهم صاروا أفقر من ذي قبل، لأن السيدة العجوز نفسها أخبرتني بأنهم يرغبون في بيع قطعة الأرض الواقعة إلى جنوب البيت خارج سور المدينة مباشرة حيث كانوا يزرعون الأرز دائمًا.»

فكرر وانج لنج حديثها: «يبيعون أرضهم! إذن فهم في طريق الفقر حقًّا. إن الأرض لحم الإنسان ودمه.»

وبغتة طرأت على باله فكرة. فاستدار إلى المرأة وقال: «أتدرين ما لم أفكر فيه! سنشتري تلك الأرض!»

أخذ كل منهما يحملق في الآخر … هو في سرور، وهي في ذهول.

ثم صاح وانج لنج في لهجة الأمراء: «سأشتريها من بيت هوانج العظيم!»

فقالت: «إنها بعيدة جدًّا. سنضطر إلى أن نسير نصف الصباح حتى نصل إليها.»

عاد قوله: «سأشتريها.»

كفت المرأة فجأةً عن الاعتراض وقالت: «اشترها. فعلى أية حال، أرض الأرز طيبة. وهي قريبة من خندق الماء، ومن المؤكد أن في استطاعتنا الحصول على الماء طول العام.»

ارتسم الابتسام على وجهها في بطء، وقالت بعد فترة من الوقت: «في مثل هذا الوقت من العام الماضي كنت عبدةً في ذلك البيت.»

سار الاثنان بعد ذلك صامتَين يفكران في هذا الأمر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤