الفصل الثاني عشر

وما إن أتم أمجد حديثه إلى جديه حتى قال له الشيخ متولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هل سيارتك معك؟

– طبعًا.

– تبيت الليلة معنا ونسافر في الفجر.

– إذا أحببت نذهب من الآن.

– غدًا أضمن عثوري عليه في الوزارة أما الآن فكيف أجده؟

– معقول، خاصة وأنا لا أعرف له عنوانًا أو محل إقامة، ربما يكون مقيمًا في شقة زوجته؟

وقالت تفيدة في أسًى: قطعت وذررت في الهواء، أهكذا يا شهاب؟! ألم تفكر في أبيك وأمك؟ وانخرطت في البكاء بكاءً ذا نشيج ولوعة وأسف، وقال لها زوجها: إذا كان لم يفكر في نفسه وعائلته وابنه وابنته تنتظرين منه أن يفكر فينا، أتذكرين آخر مرة زارنا فيها؟

– يا أخي لا عليك من الزيارة ربما كان مشغولًا.

– الآن عرفنا فيم هو مشغول.

– لا، إنه يحترمك ويعمل لك ألف حساب.

– يا تفيدة الذي يعمل ما عمله لا يعمل لأحد أي حساب.

– أخاف أن أدعو عليه ويستجيب ربنا للدعاء.

•••

ذعر شهاب وهو يرى أباه داخلًا إلى غرفته بالوزارة، وسارع إليه يقبِّل يده: أهلًا يابا أهلًا وسهلًا.

– لا أهلًا ولا سهلًا.

– إذن بلغوك.

– وماذا كنت تنتظر؟

– أن تعرف ولكن ليس بهذه السرعة.

– المهم أنه كان لا بد أعرف، راقصة يا شهاب راقصة؟!

– وحياتك يابا إنها في غاية الشرف.

– دع حياتي وشأنها.

– وتترك زوجتك وابنك وابنتك.

– يكفيهما أمهما.

– هل يستغني أحد عن أبيه؟

– هما استغنيا عني.

– لما رأياك لا تسأل عنهما.

– يابا لا أراك الله البيت الذي كنت أعيش فيه معهم، كان بالنسبة إلي كالسجن.

– لماذا؟! هل كان أحد في بيتك يخرج عن طاعتك؟

– الحقيقة لا.

– فما هذا الكلام الفارغ الذي تقوله؟

– بذمتك يابا وحياتي عندك وحياة أمي، هل ترى في سعاد شيئًا من الجمال؟

– ألست أنت الذي اخترتها؟ وهل أخفت عنك وجهها حين خطبتها؟

– غلطة، هل كُتب عليَّ أن أظل حياتي كلها أدفع ثمنها؟

– يا بني سعاد زوجة ليس لها مثيل، والجمال ليس كل شيء.

– يابا الجمال قد لا يكون مهمًّا للآخرين، ولكنه بالنسبة للزوج شيء مهم، ومهم جدًّا.

– يا بني إن أمجد وفضيلة على وش زواج.

– ولنفرض، أليس لي الحق أنا أيضًا أن أعيش؟

– يعني لا فائدة من الكلام؟

– الكلام الآن لا فائدة منه.

– إذن فكل منا حر فيما يفعله.

– اعذرني يابا، أنا عندي زعلك أنت وأمي بالدنيا كلها.

– ولما عملت عملتك ماذا كنت تنتظر؟ أن أفرح وتزغرد أمك؟! لقد تركتها ودموعها سائلة كالمطر حتى وهي نائمة.

– اعذرني يابا أنت وأمي، الظروف أقوى مني.

– بل أنت الذي صنعت هذه الظروف، ولا تظن أنني سأسكت وغدًا تشوف ماذا سأفعل، سلام عليكم.

– يابا انتظر، أين ستذهب؟

– هذا ليس شأنك، ابقَ حيث أنت.

وخرج الشيخ متولي ووجد أمجد ينتظره فركب السيارة وهو يقول لحفيده: هيا بنا إلى بيتكم يا بني.

وكانت سعاد بالمنزل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤