خاتمة

«القراءة شيء أساسي.» نظرًا لنشأتي في الفترةِ ما بين أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، فقد سمعتُ تلك الكلمات في إعلان تليفزيوني للخدمة العامة كان يُعرَض بين المسلسلين التليفزيونِيَّيْن المفضلَين لديَّ؛ وهما «بونانزا» و«بيج فالي». كانت هذه العبارة التي كان يقولها صبي صغير في العاشرة أو الحادية عشرة من عمره — أي في نفس سنِّي تقريبًا — دعوة لي للعمل؛ فالرسالة التي وصلتني هي أنني إذا كنت أتوقع معرفة المزيد عن العالم من حولي، فلا بد أن أقرأ. ولمَّا كنت أعيش في ريف أوكلاهوما، كان وصولي للكتب قاصرًا على المكتبة المحلية الصغيرة وما أنتقيه من الأرفف في فصول مدرستي. لكن التشجيع والحتمية التي حملها صوت ذلك الصبي ظلت بداخلي؛ فالرسالة التي أوصلها لي هي أن القراءة يمكن أن تمنحني الفرصة للتعرف على أشخاص آخرين وأماكن أخرى. ولم أنسَ ذلك قط.

في ذلك الوقت، كانت أمريكا تواجه تغيرًا سياسيًّا مزعجًا، تَمثَّل في حركة الحقوق المدنية، وحرب فيتنام، واستقالة الرئيس. ورأيت القراءة وسيلة للتواصل الاجتماعي، وسبيلًا لفهم هذه الثورة، ومن ضمن ذلك الأفكار والتحديات والأشخاص. أفادتني القراءة في استكشاف الحياة بعيدًا عن طفولتي في ريف أوكلاهوما. لقد كنت محظوظًا. وآمنت أن بإمكاني أن أكون جزءًا من شيء أكبر عن طريق القراءة. وبصفتي ناظر مدرسة ممارسًا الآن، فمن واجبي تهيئة مناخ يبعث بنفس هذه الرسالة لطلابي. لا بد أن أجد معلمين يؤمنون بأن القراءة وسيلة تسمح للطلاب بالارتحال إلى عوالم تتجاوز جدران فصولهم.

لكن ما مدى وضوح رسالة «القراءة شيء أساسي» التي نرسلها لصغارنا اليوم؟ هل يتعامل الطلاب مع القراءة في فصول مدارسنا الحكومية على أنها وسيلة للتفكير في العالم؟ أتمنى ذلك، لكنني كذلك متشكك فيما يتعلق بهذا الشأن. لقد اختُزِل نقاشنا القومي حول القراءة إلى نقطة حوار، إلى درجة قياس. كيف لنا أن نجعل طلابنا يفتحون كتبًا ويبدءون في القراءة، بينما يتمحور التركيز في الكثير من الفصول على الأداء في الاختبارات؟ إنني أُومِن بفكرة أن المعلمين والمدارس يجب أن يتحملوا مسئولية أداء الطلاب، وأدعم هذه الفكرة أيضًا، لكنني أخشى أننا — كموظفين في المدارس الحكومية — نُسيء تفسير الفكرة الأساسية للقراءة داخلنا؛ فالقراءة أكثر بكثير من مجرد رقم، إنها مسئولية مدنية، ينبغي أن تحيا داخل الفصل المدرسي وخارجه. والمعلمون والمدارس يؤدون دورًا محوريًّا في استمرار هذه الرسالة.

ومن خلال بث هذا الشعور بالمسئولية داخل طلابنا، نُعِدهم لأن يكونوا صنَّاع قرارات حَسَنِي الاطِّلاع ومساهمين في مجتمعاتهم. إذا زرعنا بداخلهم شغفًا بالقراءة، فسيكونون قادرين على الاستكشاف اللازم للعمل في نظامنا الديمقراطي. إنَّ طلابنا يُظلَمون عندما نفشل في تدريس القراءة خارج نطاق التعريف المحدود لنتائج الاختبارات. وطلابنا يكونون قد ظُلِموا إذا رأوا أن الرسالة الأساسية للقراءة مُختَزلَة في مجرد عبارة تشجيعية على ملصق، أو استمعوا إليها من صوت شخص مجهول في إعلان خدمة عامة. ونحن — العاملين مع الأطفال كل يوم في المدارس بجميع أنحاء أمريكا — نحمل على عاتقنا التزامًا بأن نحيا حياة القرَّاء بدورنا.

لا بد أن نؤمن بأن القراءة شيء أساسي لنا ولطلابنا ولجميع الطلاب؛ لكي نساعد في تعزيز الأفكار التي ستدفعنا جميعًا إلى التقدم. لا بد أن تأتي القراءة على رأس جدول أعمالنا بوصفنا معلمين وإداريين في المدارس الحكومية، ليس في إطار تعريفها الضيق وإنما على نحو يساعد الطلاب على اكتشاف إحساسهم الخاص بالهدف. وسواء أكان هؤلاء القرَّاء الصغار من مدن كبيرة أم مجتمعات ريفية تبعد آلاف الأميال، يمكننا مساعدتهم في تصوُّر احتمالات أخرى من خلال كلمات إلين لوبل كونيجسبرج أو إلوين بروكس وايت أو هاربر لي.

تؤمن دونالين ميلر بأنه ينبغي على المعلمين والإداريين في المدارس خلق فصول قراءة فعالة. وتؤمن كذلك بأن الطلاب يملكون من القدرات ما يتجاوز كثيرًا مجرد الخضوع إلى الاختبارات؛ فهي ترى أن جميع الطلاب قرَّاء، ولا بد أن يحيوا حياة لا تخلو من القراءة بعد سنوات دراستهم. إن صوتها مهم، يحمل رسالة «إن القراءة شيء أساسي» كل يوم في فصلها.

فلتنضم لحركة الهامسين بالكتب! فإن فعلت، فسنبعث برسالة مدوية بأن القراءة شيء جوهري ليس فقط لرفاهية طلابنا، وإنما أيضًا للحفاظ على رفاهة نظامنا الديمقراطي الدائمة. سنمكِّن طلابنا من الحفاظ على أنفسهم وعلى أمتنا. أدعوك للانضمام لهذه الثورة من أجل القراءة، والقيام بدورك كتربويٍّ في مدرسة حكومية في الولايات المتحدة. إن أطفالنا لا يمكنهم تحمُّل ثمن صمتنا.

د. رون دي مايرز
ناظر مدرسة ترينيتي ميدوز لمرحلة التعليم المتوسط
كيلر، تكساس

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤