الفصل الخامس والعشرون

الشيخ عبد الهادي نجا الإبياري

هو من أكبر علماء مصر في القرن التاسع عشر، ومن أعظم كتَّابهم ومؤلفيهم، وكان له شأن كبير في النهضة العلمية الأخيرة في القطر المصري.

وُلد في إبيار من أعمال الغربية بمصر السفلى سنة ١٢٣٦ﻫ/١٨٢١م، ولم يكد يتلقى مبادئ القراءة حتى مال بكليته إلى الدرس والمطالعة، فأحب والده ذلك الميل فيه، فأخذ يلقنه العلم بنفسه، فعلَّمه الأدب وسائر علوم اللغة العربية، فأدرك منها في بضع سنين شيئًا كثيرًا، ثم جاور في الأزهر مدة طويلة، وقرأ على خيرة علمائه، كالشيخ البيجوري والشيخ الدمنهوري وغيرهما، ولم يطل الأمد حتى ذاع ذكره بين الناس على اختلاف طبقاتهم، وتحدث القوم بعلمه وفضله، فاستدعاه إسماعيل باشا الخديوي الأسبق وأثنى عليه، وعهد إليه بتعليم أنجاله خاصة، ومن جملتهم توفيق باشا الخديوي السابق، وكان وهو في ذلك المنصب يتصدر للتدريس والإقراء في بيته وفي الجامع الأزهر، وأخذ عنه كثيرون من الذين اشتُهروا بعدئذٍ بالعلم والفضل، كالشيخ حسن الطويل، والشيخ محمد البسيوني وغيرهما من أكابر علماء الأزهر.

ولما تولى المرحوم توفيق باشا أريكة الخديوية المصرية قرَّبه إليه، وأحله محلًّا رفيعًا، وجعله إمام المعية ومفتيَها، فبقي على تلك الرتبة حتى تُوفِّي سنة ١٣٠٦ﻫ/١٨٨٨م.

وكان (رحمه الله) طائر الشهرة، قصده أهل عصره، وكاتَبه كثيرون من فضلائه، وله رسائل مدونة مع أكابر العلماء والشعراء، كالشيخ أحمد فارس والشيخ ناصيف اليازجي والشيخ إبراهيم الأحدب وغيرهم، وله مؤلفات كثيرة ربما زادت على أربعين مؤلفًا لم يُطبع منها إلا بعضها؛ وأشهر ما طُبع منها:
  • (١)
    سعود المطالع: وهو كتاب جمع فيه واحدًا وأربعين فنًّا في شرح لغز باسم إسماعيل على نسق غريب، وجعله تحفة للخديوي إسماعيل باشا، وطُبع في بولاق سنة ١٢٨٣ﻫ في مجلدين عدد صفحاتهما نحو سبعمائة صفحة.
  • (٢)
    نفح الآكام في مثلثات الكلام: طُبعت في مصر سنة ١٢٧٦ﻫ، وهو تفسير الألفاظ التي تحتمل ثلاثة معانٍ باختلاف حركاتها.
  • (٣)
    الوسائل الأدبية في الرسائل الأحدبية: هي مكاتبات في مواضيع لغوية أدبية جرت بينه وبين المرحوم الشيخ إبراهيم الأحدب في بيروت.
  • (٤)
    الكواكب الدرية في نظم الضوابط العلمية.
  • (٥)
    نيل الأماني في توضيح مقدمة القسطلاني.
  • (٦)
    الباب المفتوح لمعرفة أحوال الروح. تصوف.
ومن مؤلفاته المهمة التي لم تُطبع:
  • (١)
    كتاب ترويح النفوس على حواشي القاموس.
  • (٢)
    القصر المبني على حواشي المغني.
  • (٣)
    صحيح المعاني في شرح منظومة البلياني.
  • (٤)
    الفواكه في الأدب.
  • (٥)
    الدورق في اللغة.
  • (٦)
    النجم الثاقب في المحاكمة بين البرجيس والجوائب: وسبب وضعه أنه كان بين صاحب الجوائب المطبوعة في الآستانة والبرجيس المطبوع في باريس مناظرة في المسائل اللغوية أفضت إلى المشاحنة والتنافر، ودام الأمر بينهما طويلًا، فكتب الشيخ عبد الهادي كتابه المشار إليه للفصل بينهما.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤