الفلسفة والمجتمع

الإنسان مدنيٌّ بالطبع، يعيش في مجتمعٍ يتعاون أفراده على النهوض بحاجاته المختلفة، ولا بد له من توفير بعض الحاجات الضرورية، أقلُّها المأكل والملبس والمسكن والدفاع عن النفس من المخاطر. ومنذ أزمنة موغلة في القِدَم، يُقدِّرها العلماء بما لا يقل عن عشرة آلاف عام قبل الميلاد، ارتقى الإنسان سُلَّم الحضارة مع ابتكار الأدوات التي يستخدمها في الطحن، والطهو، والنسج، والطعن، والنزال. وتعقَّدت هذه الأدوات شيئًا فشيئًا، حتى ابتعد الإنسان أشواطًا بعيدةً عن حالة الفطرة، أو الحالة الحيوانية، وأصبح لا يتيسَّر له أن يعيش إلَّا إذا تعلَّم كيف يصنع هذه الأدوات والآلات، وكيف يستخدمها ويُسخِّرها في تحقيق مصالحه.

ثم تناقلت الأجيال اللاحقة عن السابقة ما اكتسبته البشرية في آلاف من السنين، وأصبح «التعلُّم» و«التعليم» الوسيلة لنقل الحضارة من جيل إلى جيل. فكان «التعلُّم» عن طريق المحاكاة سبيلًا غير مقصودٍ لهذا الانتقال. وأضحى «التعليم» مرتبةً أعلى في الحضارة يدلُّ على وعي المجتمع بأهدافه وغاياته التي يتجه إليها ويسعى إلى بلوغها.

هذا التعليم المقصود الموجَّه إلى غاية — لا جرم — يحتاج إلى شعور بالغايات، وإلى معرفة بالطرق الموصلة إلى هذه الغايات، مع تنظيم هذه الطرق واختيار أفضلها إصابةً للغرض، وأكثرها استقامةً إلى بلوغ الهدف. ونهض جماعة من أصحاب الغيرة على مصالح قومهم، يُفكِّرون في أقوم السبل إلى التعليم، وظهر في كل أمة أفراد يُعدُّون منها بمنزلة القادة، كانوا يُسمَّون غالبًا بالكُهَّان أو العرَّافين، وأحيانًا بالحكماء، يرسمون لجماعتهم طريق السلامة والصلاح في السياسة والأخلاق والاقتصاد والدين والفن والعلم.

وافترق الكُهَّان أو الحكماء عن غيرهم بأمور ثلاثة؛ التميُّز بالمعرفة، واحتكارها، وصياغتها.

فقد شعر الكاهن أن علمه بالطب لعلاج الأبدان، والسحر لتسخير القوى الطبيعية أو تجنُّب ضررها وتخفيفها، أكسبه سلطانًا على الناس جعلهم يلجئون إليه كلما حزبهم أمر، فيمنحهم التمائم والتعاويذ والأعشاب التي يتداوون بها. هذا السلطان جعله يشعر بالتميُّز عنهم، والمنزلة فيهم، وبحث عن علَّة هذه المنزلة، فرأى أنها ترجع إلى المعرفة؛ فأقبل عليها، واستزاد منها، واحتفظ بها سرًّا لنفسه حتى يظل متميِّزًا عن غيره.

ومن هنا نشأ احتكار المعرفة.

والمعرفة النظرية طريقها وعر، محفوف بالأشواك، لا بالورود والرياحين. إنه طريق يحتاج إلى الدأب والمثابرة، مع إنعام النظر وإدامة التأمُّل واستخلاص الفِكَر، واستنتاج القواعد العامة من المشاهدات والتجارِب، ثم تطبيق القاعدة لمعرفة صحتها، وتصحيحها إذا تبيَّن فيها خطأ، ممَّا يحتاج إلى زمن طويل قد لا يُقاس بعمر الفرد، بل بعمر أجيال وأجيال. إن ما بلغته البشرية اليوم من علم ومعرفة، إنما هو ثمرة الإنسانية كلها منذ انبثاق فجر الحضارة. إنه تاريخ الفكر البشري، مرَّ — ولا يزال — بمرحلتَين؛ مرحلة احتكار، ومرحلة إباحة. ففي مرحلة الاحتكار يحتفظ فرد، والأغلب بضعة أفراد قليلين، بأسرار المعرفة التي إمَّا أن يكون قد حصَّلها بنفسه، أو أخذها عن معلمه، وحفظها عنه، ليودعها تلميذًا آخر، وهكذا، بحيث تتسلسل المعرفة في أسرة معيَّنة، أو جماعة معيَّنة، جيلًا بعد جيل؛ ولذلك كان هذا الضرب من «التعليم» سرًّا من الأسرار، وكانت مدارسه سرية، وتعاليمه «مستورةً» أو «باطنية». أمَّا النوع الآخر فهو التعاليم المباحة المنشورة، والتي يُسمح للناس بمعرفتها. ألا ترى إلى مباحث الذرة والتفجير الذري وصُنع القنبلة الذرية والهيدروجينية كيف تحتفظ بها بعض الدول في العصر الحاضر سرًّا من الأسرار؟ بل أيسر من هذا، ألا ترى كيف تحتفظ الشركات الصناعية ﺑ «سر الصنعة»؛ حتى لا يزاحمها في السوق أحد؟ فلا عجب أن تنشأ في القديم المدارس السرية وتحتكر المعرفة، وما يتبعها من نفوذ وسلطان.

ولكن المعرفة تحتاج إلى تعبير، ويحتاج التعبير عنها إلى صياغتها في ثوب من اللغة والعبارات؛ حتى يمكن نقلها من شخص إلى آخر. وقد بدأ التعليم شفاهًا، أو بالاصطلاح الفني «سماعًا»؛ أي ما يسمعه التلميذ عن معلِّمه، أو ما يسمعه الطفل من أهله فيُحاكيهم. فلمَّا اهتدى الإنسان إلى تسجيل الألفاظ والعبارات بالكتابة والتدوين؛ أمكن الاحتفاظ بما اهتدى إليه من معرفة، والرجوع إليه عند الحاجة، وتأمُّله، والنظر إليه، ومراجعته، وتصحيحه، والتقدُّم به خطوةً خطوةً إلى الأمام. وأهم من ذلك كله فيما يعنينا الآن، أنه استطاع القيام بتعليم هذه الألوان من المعارف بطريق منظَّم، وهو الطريق المعروف بالمدارس والتدريس. وأمكن أيضًا أن يستقلَّ التلميذ على البعد بالاطلاع على ما جاء في هذه الكتب، وأن يأخذ عنها بغير معلِّم سماعًا، ولو أن طريق السماع أولى وآثر وأكثر فائدة.

ويتبيَّن من هذا الاستعراض السريع للحضارة البشرية، أن قيام المدارس إنما نشأ في عصر متأخِّر نسبيًّا في تاريخ هذه الحضارة، يمكن أن يُحدَّد — على وجه التقريب — بالقرن السادس قبل الميلاد من جهة الزمان، وفي بلاد اليونان من جهة المكان. وليس معنى ذلك أنه لم تنهض مدارس قبل ذلك في بقاع أخرى من الدنيا المتحضِّرة، وبخاصة في أرض مصر التي كانت نبراسًا اهتدى به اليونانيون. فنحن نعرف أن قدماء المصريين باعتراف اليونانيين أنفسهم — كما سجل أرسطو في أول كتاب الميتافيزيقا قائلًا: إن فلاسفة الإغريق أخذوا عن المصريين علم الهندسة — كانوا أصحاب حضارة عريقة تمتد أكثر من أربعة آلاف سنة قبل الميلاد. وأنهم برعوا في علوم الفلك والرياضيات والطب والكيمياء، إلى جانب تقدُّمهم في الفنون والآداب؛ كالموسيقى والتصوير والنحت والبناء. ولا نزاع في أن تقدُّم هذه العلوم والفنون ذلك التقدُّم العظيم، إنما اعتمد على تعليم منظَّمٍ ينقله المعلِّم إلى تلاميذه عن قصد ووعي، غير أن ذلك التعليم نشأ في أحضان الدين، وفي أبهاء المعابد، وعلى أيدي الكهنة. وقد احتفظ الكهنة بتلك المعارف لأنفسهم، وجعلوها من جملة أسرارهم. بل إن بعض العلوم التي استقلَّت عن الدين كالهندسة والبناء، ظلت محصورةً في طوائف معيَّنة يتوارثها الأبناء عن الآباء، كما كانت الحال في سائر المهن والحرف والصنائع الأخرى. ولم يُخرج قدماء المصريين من معارفهم إلى النور سوى المبادئ الأولية الضرورية لكل صغير؛ مثل الحساب والهندسة العملية، وبقيت المعارف الراقية العالية محجوبةً عن الانتشار.

وقد استطاع بعض المفكرين — من قدماء الإغريق في القرن السادس قبل الميلاد — الوصول إلى تلك المعارف، والاتصال بالكهنة، فأخذوا عنهم آخر ما انتهى إليه العِلْم المصري، ونقلوه إلى بلادهم وأذاعوه، وسمَّوا المعرفة الجديدة التي ابتدعوها «فلسفة»؛ فكانت هذه الصناعة الفكرية لفظًا ومعنًى بضاعةً إغريقية، باعتراف الغرب والشرق على السواء، ولا يزال اسم الفلسفة دليلًا قاطعًا على هذه النسبة. أمَّا أولئك المفكِّرين الذين وفدوا إلى أرض مصر ينهلون من مائها شرابًا يروي الأبدان، ومن معارفها أنوارًا تُضيء النفوس والأرواح، وتغذو الأذهان والعقول، فإنهم عددٌ كبير سجَّل لنا التاريخُ بعض أسمائهم، يكفي أن نذكر منهم طاليس، وفيثاغورس، وأفلاطون. وقد أنشأ كلٌّ منهم بعد عودته من رحلته مدرسةً فلسفية، تختلف كلٌّ منها عن الأخرى شكلًا وموضوعًا ومكانًا، ولكلٍّ منها أثر بالغ في تاريخ الفكر من جهة، وفي التأثير على المجتمع من جهة أخرى.

فقد يبدو لكثير من الناس في الوقت الحاضر أن الفلسفة، هذه الصناعة الجديدة التي ظهرت مباينةً للدين والعلم على السواء، مهمة بعيدة كل البعد عن الحياة الاجتماعية، وأن المشتغلين بها قوم انعزلوا بأنفسهم مع أفكارهم وأوهامهم وأحلامهم، ثم طلعوا على الناس بهذه الأفكار الغريبة غير المألوفة. وهذا باطل، ووهم شائعٌ انتشر عند الجمهور في العصور المتأخِّرة التي تدهورت فيها حال الفلسفة، وأمست بعيدةً عن الحياة، منعزلةً عن مطالب المجتمع.

•••

فإذا رجعنا إلى الماضي البعيد في القرن السادس قبل الميلاد، وهو وقت ظهور الفلسفة، رأينا أن طاليس كان متصلًا اتصالًا وثيقًا بحاجات المجتمع في عصره، وأن فلسفته قامت لخدمة مصالح قومه. نشأ في مدينة ملطية أحد ثغور آسيا الصغرى، وهو أحد الحكماء السبعة، وكان يُؤخذ رأيه في سياسة المدينة. وقد خدمت اختراعاته الفلكية الملَّاحين، ويُقال إنه وضع تقويمًا فلكيًّا يُعَد أقدم ما عُرف من نوعه، بيَّن فيه أوجه القمر، وحركة الاعتدالَين، والتنبؤ بحالة الطقس. ولمَّا كان معظم أهل ملطية من البحَّارة والتجَّار الذين يخرجون إلى البحر في سفنهم، يطوفون بثغور البحر الأبيض للتجارة؛ فإن مثل ذلك التقويم — لا جرم — يخدم المجتمع الذي نشأ فيه خدمة جليلة. ثم إن طاليس لم يكن بعيدًا عن المشاركة في السياسة؛ فهو الذي نصح المدن الأيونية بالاتحاد للوقوف في وجه خطر الفرس. وهكذا كانت الفلسفة في خدمة المجتمع سياسيًّا واقتصاديًّا، وكان الفلاسفة على صلة وثيقة بحاجات المجتمع الذي يعيشون فيه.

وكذلك كان حال فيثاغورس الذي ازدهر بعد نصف قرن من طاليس، والذي هجر موطنه الأصلي في ساموس فرارًا من حكم طاغيتها بوليقراطس، وزار مدن الشرق، واستقرَّ في مصر زمنًا طويلًا، ينهل من معارفها، ويدرس فيها الفلك والهندسة والعقائد، وأخيرًا استقرَّ في مدينة كروتون بجنوب إيطاليا، حيث أسَّس مدرسته المشهورة التي سنُفرد لها حديثًا خاصًّا فيما بعد. شارك في السياسة التي جرفته تياراتها، وجنت على فرقته، وقضت على عدد كبير منهم. ولكن اتجاه فيثاغورس ومدرسته كان إلى الدين والأخلاق أكثر منه اتجاهًا سياسيًّا، فكانت مشاركته للمجتمع وسعيه إلى التقدُّم به عن ذلك الطريق الديني الأخلاقي. أمَّا طاليس ومدرسته، فكانت عنايته بالعلم والنظر في الطبيعة، وأثمرت مباحثه العلمية في ترقية المجتمع من هذا السبيل. وهكذا نرى أن الفلسفة اتجهت منذ القديم وجهتَين رئيستَين، كلٌّ منهما تُحاول التقدُّم بالبشرية؛ إحداهما علمية تجريبية، والأخرى أخلاقية، والتقت الوجهتان في بعض الأحيان عند بعض الفلاسفة، وبخاصة الشوامخ منهم. ويُؤيد تاريخ المدارس الفلسفية ما نذهب إليه ممَّا سيتبيَّن عند الحديث عن هذه المدارس. ولكنها على اختلافها وتعدُّدها، إنما كانت تعكس حاجات المجتمع، وتُعد مرآةً تُصوِّر ما يقوم عليه المجتمع من نظم وقوانين وشرائع، وما يسوده من آداب وفنون وعلوم، بحيث يتسنَّى للمواطن أن يفهم طبيعة الحياة في المجتمع الذي يعيش فيه، ويترتَّب على هذا الفهم التمكُّن من الاندراج في عجلة هذه الحياة، مسهمًا في تسييرها لا في تعطيلها.

ولكن المدارس الفلسفية لم تَقِف عند تحليل النُّظم الاجتماعية، ومحاولة فهمها، إلا لكي تعمل على رسم خطوطٍ جديدةٍ لمجتمع أفضل؛ بابتداع أنظمةٍ جديدة تعمل على تطوير المجتمع وترقيته. ولو أنها قنَعَت بمرحلة الفهم والتسجيل، ما كانت مدارسَ فلسفيةً جديرةً بأن تحمل هذا الاسم، وفي المدارس العادية كفايةٌ في القيام بهذه المُهمَّة. أمَّا المدارس الفلسفية فلأنها بحُكم وظيفتها من الهداية والإرشاد، فهي تقوم بدور القيادة الفكرية التي تأخذ بيد الأمة إلى الأمام.

وليس معنى ذلك أن كل المدارس الفلسفية كانت مجددةً في الفكر، يتعمَّق أصحابها في البحث، ويُشاركون في الإحساس بمطالب المجتمع، ويعملون على رفاهته وتنميته؛ إذ تُصاب المدارس بما يُصيب كل كائن حي من شيخوخة، وما يصحبها من جمود وتهدُّم واندفاع نحو الفناء. وقد نشأت مدارس ثم ماتت، وبقى بعضها واستمرَّ يعيش على «تعليم» كتب القدماء وشرحها أو تلخيصها.

•••

مرَّ بنا أن المدارس الفلسفية لم تنشأ إلَّا في بلاد اليونان في القرن السادس قبل الميلاد، وكان بعضها يتخذ ﻟ «التعليم» مقرًّا ثابتًا، وينزل في دار محدَّدة، على حين لا يتقيَّد بعضها الآخر بمقرٍّ ثابت أو دار معروفة، وإنما يأخذ التلميذ عن أستاذه مباشرةً ثمرة لزومه وصحبته. وهذا النوع الأخير كان يقتصر في الأغلب على تلميذ واحد، مثل طاليس وتلميذه أنكسمندريس، ثم أنكسمانس تلميذ أنكسمندريس، ويُعرف هؤلاء بالمدرسة الأيونية نسبةً إلى أيونية، أو الملطية نسبةً إلى مدينة ملطية، أو الطبيعية؛ لأنها اتجهت في بحثها إلى الطبيعة. وليست هذه التلمذة تلمذةً تلقين بل تلمذة صحبة، كما نقول إن الشيخ محمد عبده تلميذ جمال الدين الأفغاني، نعني أنه صحبه، وأصبح صاحبه، وأعجب بتعاليمه، وصادفت هوًى في نفسه، فأخذها عنه وأذاعها، وقد يتطوَّر بها ويُحوِّرها. وكانت هذه التلمذة — التي هي ثمرة الصحبة — شائعةً في بلاد اليونان، فكان زينون تلميذ بارمنيدس وصاحبه، كما كان أفلاطون تلميذ سقراط.

ومن الواضح أن هذه المدارس التي لم تتقيَّد بمكان، ولا ﺑ «تعليم» منظَّم وبرنامج محدَّد، كانت موقوتةً بزمان أصحابها، على حين أن المدارس التي اتخذت دورًا ﻟ «التعليم» مثل الأكاديمية أو اللوقيون استمرَّت زمانًا طويلًا، وتتابع عليها التلاميذ، واستمرَّت تُؤثِّر في تيار الفكر المحلي والعالمي على السواء. وما بالك بمدرسة تستمر قائمةً تسعة قرون من الزمان، نعني المدرستَين اليونانيتَين الكبيرتَين الأكاديمية والمشَّائية.

•••

ومن الطبيعي — والمدارس الفلسفية بهذه الوفرة — ألَّا يتسع لذكرها كلها هذا الكتاب الصغير، وفضلًا عن ذلك، فإن الإحاطة الشاملة تخرج عمَّا قصدنا إليه، وتجعل البحث تاريخًا للفلسفة، وتأريخًا للفكر. حقًّا لا يمكن لمن يرغب في الحديث عن المدارس — من حيث بناؤها وفصولها والنظام الذي تجري عليه في حياتها التعليمية — إلَّا أن يتعرَّض للمذهب الفلسفي الذي تُنادي به هذه المدرسة أو تلك، غير أن التوسُّع في ذكر المذهب يبعد بنا عن القصد.

لهذا كله، لن يتسع المقام إلَّا للحديث عن بعض المدارس، وبخاصة الكبرى منها، وما كان ذا صلة وثيقة بالحضارة العربية، مع العناية بذكر المدارس الفلسفية العربية التي تُعَدَّ جزءًا من تراثنا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤