الملكتان

ولم يكن سوفخاتب وحده الذي تُثقِل رأسَه الهموم.

كانت الملكة تقبع في جناحها، تنطوي على حزنٍ دفين، وألمٍ بارح، ويأسٍ محروم من الشكوى، تُراجِع مأساة حياتها بقلبٍ كسير، وتُشاهِد الأمور التي تقع في الوادي بعينَين حزينتَين، ولم تكن سوى امرأةٍ خَسِرتْ قلبها، أو ملكةٍ يتقلقَل بها عرشها، وقد انتهت العلائق بينها وبين الملك إلى انقطاعٍ لا يُرجى له اتصال، ما دام الملك يغرق في هواه، وما دامت هي تلوذ بصمت الكبرياء.

وساءها أن تعلم أنَّ الملك يزهَد في النظر في واجباته العليا، وأنَّ الحبَّ أنساه كلَّ شيء حتى تركَّزتِ السلطة في يد سوفخاتب. ولم يكن يداخلُها شك في إخلاص الوزير للعرش، ولكنَّها غَضبَت من استهتار الملك وذهوله، وصدقَت عزيمتها على العمل مهما كلَّفها الأمر، ولم تتردَّد عن غايتها، فدعَت يومًا سوفخاتب وطلبَت إليه أن يرجع إليها في الشئون التي تحتاج إلى رأي الملك. وقد أرضت بذلك غضبَها بعض الشيء، وأرضَت معه الوزير وهي لا تدري، الذي تنفَّسَ الصُّعداء، وأحسَّ بأنَّ حملًا ثقيلًا رُفِع عن صدره الضعيف.

وعلى أثَر اتصال الوزير بها، عَلِمتْ بالالتماسات التي بعثَت بها الكهنة من جميع أنحاء الوادي، وقرأَتها بصبرٍ وجَلَد، فقرأَت الكلمة التي أجمع عليها رأي الصفوة من أفذاذ المملكة، وأحسَّت بالخطورة المستترة خلف أسطُرها المتَّزنة الحازمة .. وتساءلَت في حَيرة وألَم، ما عسى أن يكون الحال لو أيقن الكهنة أنَّ فرعون يضرب برجَواتهم عُرض الحائط؟ .. فالكهنة قوَّةٌ عظيمة، وهم يتسلَّطون على عقول الشعب وقلوبه، وهو يستمع إليهم في المعابد والمدارس والجامعات، ويطمئنُّ إلى أخلاقهم وتعاليمهم اطمئنانه إلى مُثُلِه العليا .. فكيف تَطَّرد الأمور إذا يئس هؤلاء القوم من عطف فرعون؟ .. وقنَطوا من إصلاح الأمور التي لم يَرَوها قَط تسير في طريقها التي تسير فيه في أيِّ عهدٍ من العهود المجيدة الفخور التي طواها الماضي الخالد؟

وما من شكٍّ في أنَّ الأمور تتعقَّد تعقيدًا خطيرًا، ويندفع نَهْر الشقاق، فيُفرِّق بين الملك النائم الحالم بجزيرة بيجة، وبين شعبه المخلص الأمين، ويقف سوفخاتب منه موقف الحائر لا يُغني عنه إخلاصه ولا حكمته شيئًا.

وأحسَّت الملكة بأنَّه ينبغي عمل شيء، وأنَّ ترك الأمور تسير إلى غايتها يُنذِر بمتاعب، فينبغي أن تمحو عن وجه مصر الهادئ الجميل التقلُّص الذي يَعتوِره، وأن تُعيد إليه هدوءه وجماله .. فما عسى أن تصنع؟ .. كانت بالأمس ترجو أن تفوز بإقناع زوجها بالحقِّ، ولكنَّها اليوم لا يعاودها إليه أمل، ولم تنسَ بعدُ ما وُجِّهَ إلى كبريائها من طعنةٍ نجلاء، فنَفضَت على الأثَر منه يدَيها يائسةً حزينة. وفتَّشتْ عن سبيلٍ جديد تصل منه إلى غرضها. ولكن ما غرضُها؟ .. لقد فكَّرتْ في ذلك مليًّا، ثم قالت لنفسها: «غاية ما آمل أن أفوز به، أن يردَّ فرعونُ إلى الكهنة الأراضي التي انتزعها منهم.» ولكن ما السبيل إلى ذلك؟ .. إنَّ الملك غَضوبٌ ذو كِبرياء عنيف، ولا يمكن أن يتقَهقَر أمام إنسان، ولقد أمر بنزع الأراضي في ساعة غضبٍ خطير، ولكن ما من شكٍّ في أنَّ أشياء غير الغضب تدعوه إلى الاحتفاظ بالأراضي في حَوْزته، ومن يعرف قصر بيجة وما يُنفِق الملك عليه من ذهبٍ يُدرِك ماهية هذه الأشياء، لقد سمَّوه بحقٍّ قصر بيجة الذهبي، لكثرة ما به من التُّحف الذهبية والأثاث المصنوع من خالص الذهب، فلو سدَّت هذه الفوهة التي تبتلع أموال الملك، لربَّما هان عليه أن يفكِّر في ردِّ أراضي المعابد إلى الكهنة. ولم تكن تطمع في صرف الملك عن غانية بيجة، ولا فكَّرتْ في ذلك، ولكنَّها كانت ترجو لإسرافه حدًّا. وتنهَّدت عند ذلك وقالت لنفسها: الآن وضَح غرضي، فينبغي أن نجد وسيلةً لإقناع الملك، بالتحوُّل عن الإسراف الشديد، ثم نُقنِعه بعد ذلك بردِّ الأراضي إلى أصحابها، ولكن كيف نقنع الملك؟ .. لقد أسقطَته من حسابها، ولكنَّها تجده وراء كلِّ حساب .. لقد فشِلَت في إقناعه، ولن يكون سوفخاتب ولا طاهو بأسعدَ منها حظًّا؛ فالملك يحكمه الهوى ولا سبيل إليه، وقد أفلت منها هذا السؤال: «من القادر على إقناع الملك؟» فسَرت في جسدها قُشَعريرةٌ أليمة؛ إذ حضَرها الجوابُ سريعًا، ولكنَّه كان مُروِّعًا أليمًا، ولم تكن تجهلُه، ولكنَّه كان من الحقائق التي يتجدَّد الألم بها كلَّما عاودَتْها الذاكرة؛ فقد قضَت الأقدار أن يكون هذا الإنسان المتحكِّم في الملك، المسيِّر له، غريمتها راقصة بيجة، التي حكَمتْ عليها بالعزلة إلى الأبد .. هذه هي الحقيقة المؤلمة التي تسأمُ التسليمَ بها كما يسلِّم الإنسان بحقائق الموت والشيخوخة والمرض العُضال.

وكانت الملكة امرأةً حزينة، ولكنَّها كانت ملكةً عظيمة بعيدة الآفاق. وكانت تتناسى أنَّها امرأة، وإن لم تستطع أن تنسى ذلك، فظلَّ قلبها يحُوم حول زوجها الملك، والمرأة التي خطفَته من بين يدَيها، ولكنَّها لم تتناسَ قطُّ أنَّها الملكة، ولم تغفُل لحظة عن واجباتها، وصدقَت عزيمتها على إنقاذ العرش والاحتفاظ به في مرتقاه فوق منال الهمس والتذمُّر، تُرى هل انتهت إلى هذا العزم بدافع واجبها فحسب؟ .. أم كانت هنالك دوافعُ أخرى؟ إنَّ أفكارنا مسُوقةٌ دائمًا للطواف بمن نُحبُّ ومن نكره، فنُجذَب إليهم بقوَّةٍ خفيَّة كما تُجذَب الفراشة إلى نور المصباح. ولقد أحسَّت من بادئ الأمر برغبة في رؤية رادوبيس التي ترامت إليها أخبارها، ولكن ما معنى هذا؟ .. أتذهَب إليها لتُحدِّثها في شئون مصر؟ أتذهَب الملكة نيتوقريس إلى الراقصة التي تعرض نفسها في سوق الهوى، وتُخاطبها باسم حبِّها المزعوم للملك، أن تردَّه عن الإسراف وتُعيدَه إلى واجبه؟ .. يا لها من صورةٍ بشعة!

وكانت الملكة ضاقت بانزوائها، وضغطَت عليها عواطفها الخفية وواجبها المبين، لتخرج من صمتها وسجنها الطويل .. فلم تعُد تستطيع صبرًا، وأقنعَت نفسها بأنَّ واجبها يدعوها إلى عمل شيءٍ ما، وإلى بذل محاولةٍ أخرى .. وتساءلَت في حَيرتها: «أأذهب حقًّا إلى هذه المرأة، وألفِتُها إلى واجبها، وأطلب إليها أن تُنقِذ الملك من الهاوية التي يندفع إليها؟» وأَسْلَمَها تساؤلها هذا إلى حَيرةٍ طويلة، وارتباكٍ محزن، هوَيا بها إلى الهوَس والهذَيان، ولكنَّها لم ترجع عن فكرتها. وما كانت تزداد إلَّا تصميمًا، كانت كسيلٍ يندفع في منحدرٍ لا يستطيع عنه حِولًا، ولكنَّه يندفع مضطَربًا مُزبدًا كاسرًا .. فقالت في نهاية المعركة الناشبة: «سأذهب.»

•••

وفي صباح اليوم الثاني لبثَت تنتظر عودة الملك. واستقبلَت الضحى في سفينةٍ ملكية، أبحَرتْ بها قاصدة إلى قصر بيجة، الأبيض الذهبي. وكانت تشملُها حالة ذهولٍ محزن، ولم تكن ارتدَت ثوبًا ملكيًّا، فأحسَّت لذلك بسخطٍ واستياء، ورست السفينة على سلَّم القصر، فهبطَت إليه واستقبلها عبدٌ من الرقيق، فقالت له: إنَّها زائرةٌ تطلب مقابلة ربَّة القصر، فتقدَّمها إلى بهو الاستقبال، وكان الجوُّ باردًا، وريح الشتاء تُرسِل هبَّاتٍ قارسة خلل أغصانٍ تعرَّت كأذرعٍ محنَّطة .. وجلسَت في البهو تنظُر وحدها. وكانت تشعر بغرابة وحَيرة، وتُحاول تعزية نفسها بقولها إنَّه يصحُّ أن تخفض الملكة من كبريائها في سبيل واجبها الأسمى، ولكنَّها أحسَّت بالانتظار يطول وتساءلَت قلقة: «هل تدعها تنتظر طويلًا كما تفعل مع الرجال؟» ولحقها جزعٌ مؤلم، ونَدمَت على تسرُّعِها بالحضور إلى قصر غريمتها.

وفاتت دقائق قبلَما سمعَت حفيف ثوب، فرفعَت رأسها المثقَل، فوقعَت عيناها لأوَّلِ مرة على وجه رادوبيس. كانت رادوبيس بغير ريب. وقد أحسَّت بلذعة ألم ويأس، ونَسيَت لحظةً همومها وما جاءت من أجله أمام الحُسن الهَلُوك. وبُغِتَت رادوبيس نفسها أمام جمال الملكة الرزين وجلالها المجيد.

وسلَّمتا باليد وجلسَت رادوبيس إلى جانب ضيفتها الجليلة المجهولة، ولمَّا وجدَتها تلوذ بالصمت قالت بصوتها الموسيقيِّ: نزلتِ قَصركِ.

فردَّت الضيفة بصوتٍ بالغ في جلاله قائلةً باقتضاب: شكرًا.

فابتسَمتِ الغانية وقالت: ليت ضيفتَنا تُؤذِننا بشخصها الجليل.

وكان السؤال طبيعيًّا ولكنَّ الملكة ضاقت به كأنَّها لم تكن تتوقَّعه. ولم تجد بُدًّا من إعلان نفسها، وقالت بهدوء: أنا الملكة.

ونظَرتْ إلى المرأة لترى تأثير تصريحها في نفسها، فشاهدَت ابتسامةً تغيض، وعينَيها تلمعان دهشةً، وصدرها يمتلئ ويتصلَّب كالأفعى إذا هُوجمَت .. ولم تكن الملكة هادئةً كما تبدو؛ فقد تغيَّر قلبها لدى رؤية غريمتها، وأحسَّت بدمائها تلتهب وتحرق عروقها جميعًا، وشعَرتْ بالكراهية والبغضاء، وتواجهتا كغريمتَين تتحفَّزان للقتال .. واستولَت عليها حالةٌ مريرة ملوَّثة بالغضب والحقد. ونَسِيَت الملكة إلى حينٍ كلَّ شيء إلَّا أنَّها بإزاء المرأة التي سلبَتْها سعادتها، ونَسِيَت رادوبيس كلَّ شيء إلَّا أنها أمام المرأة التي تُقاسِم حبيبها اسمه وعرشه.

وتُبودِل الحديث بينهما بادئ الأمر في ذلك الجوِّ المُشبَع بالغضب والحقد فجرى مجرًى عنيفًا محزنًا، وكانت الملكة مستاءةً لعدم اكتراث غريمتها، فقالت باستياء: ألا تدرين أيَّتها السيدة كيف تحيِّين الملكة؟

فجمدَت رادوبيس في مكانها ولفحَت قلبها هبَّة من انفعالٍ شديد، وكادت تنفجر لتُنفِّس عن صدرها الكظيم، ولكنَّها ملكَت أعصابها، وكانت تعرف طريقةً أخرى للانتقام فرسمَت ابتسامةً على وجهها وأحنت رأسها وهي جالسة، وقد أسندَت رأسها إلى المقعد في تراخٍ واستهانةٍ، وقالت بلهجة لم تخلُ من سخرية: إنَّه لَيومٌ عظيم يا صاحبة الجلالة سيُذكَر لقصري في التاريخ.

والتهَب وجه الملكة غضبًا، فقالت بانفعال: لم تُعدِّي الحقيقة، فسيُذكر قصرك هذه المرة ذكرًا جميلًا لا كما تعوَّد أن يذكُره الناس.

فنظرت إليها بسخريةٍ تستُر غيظًا وحنقًا، وقالت: ألا سُحقًا للناس .. أيذكُرون بالسوء قصرًا يجعله مولاهم مرتعًا لقلبه وهواه!

وتلقت الملكة هذه الطعنة بجلَد، ونظَرتْ إلى الغانية نظرةً ذات معنى، وقالت: ليست الملكات كغيرهنَّ من النساء يشغلن قلوبهنَّ بالحبِّ.

– أحقًّا يا مولاتي؟ .. كنتُ أحسبُ الملكة امرأةً بعد كل شيء.

فقالت الملكة بلهجةٍ مغيظة: هذا لأنَّكِ لم تكوني ملكةً في يومٍ من الأيام.

فامتلأ صدر المرأة وتصلَّب، وقالت: عفوًا يا مولاتي، إنِّي ملكةٌ حقًّا.

فحدَجتْها بنظرةٍ غريبة، وقالت بسخرية: يا لَلعجَب! وعلى أيِّ مملكة؟!

فقالت بزهوٍ كبير: على أوسعِ الممالك طرًّا .. قلب فرعون.

وأحسَّت الملكة بوهن وألم، وخجل، وأيقنَت أنَّها انحدَرتْ إلى مساجلة الراقصة في القتال، وأنَّها خلعَت ثوب الجلال والوقار، وتبدَّت عاريةً في جِلْد المرأة الغيور التي تُنافِح لاسترداد رجُلها، وتُمسِك بتلابيب غريمتها وتكيد لها كيدًا. ونظَرتْ لموقفها وموقف غريمتها، وهي تجلس منها جلسةً متعجرفة، وتردُّ سهمَها إلى نحرها، وتتيه عليها بحبِّ زوجها وسلطانه، فشعَرتْ بغرابة وذهول وحَيْرة، وتمنَّت لو تكون في حُلمٍ ثقيل سخيف.

وأماتت عواطفها جميعًا، ودفنَتْها في أعماق نفسها، وارتدَّت سريعًا إلى طبيعتها المتعالية، وجرى في عروقها مكان الغضب والحقد دمٌ أزرق لا يدين بغير الكبرياء، فذكَرتِ الغرض الذي جاءت من أجله، وصدقَت عزيمتها على أن تكفِّر عمَّا بدَر منها.

وطالعَت المرأة بوجهٍ هادئ ظاهرًا وباطنًا، وقالت لها: أيَّتُها السيدة، إنَّكِ لم تُحسني لقاء الملكة، ولعلَّكِ أسأت فهم الغرض من زيارتي فثُرتِ وغضبتِ، ولكن اعلمي علم اليقين أنِّي ما قصدتُ إلى قصرك لشأنٍ يخصُّني أنا.

فسكتَت رادوبيس وحدَجتْها بنظرةٍ مليئة بالارتياب.

ولم يسكُت عنها الحقد أو الغضب. وتناست الملكة، وقالت في هدوء: لقد جئتُكِ أيَّتها السيدة من أجل أمورٍ أجلَّ، أمور تتعلَّق بالعرش المجيد، والسلام الذي ينبغي أن يسود العلائق بين صاحب العرش ورعاياه.

فقالت رادوبيس بانفعالٍ وسخرية: يا لَلأمور الجليلة! وماذا أستطيع حيالها يا مولاتي؟ .. ما أنا إلَّا امرأةٌ يلذُّ الحب أن يجعلها شُغله الشاغل.

فتنهَّدت الملكة، وأغضت عن لهجتها، وقالت: أنت تنظرين إلى أسفل، وأنا أنظر إلى أعلى .. لقد حسبتُ أنَّك تغارين على مجد مولاكِ وسعادته، وإذا صدَق حسباني، فينبغي أن تهديَه سواء السبيل. إنَّه يُفني في قصرك تلالًا من الذهب، وينتزع من صفوة رجاله أراضيَهم حتَّى ضجَّ الناس بالألم، وجأروا بالشكوى، وقالوا إنَّ مولانا يبخل علينا بمالٍ يُبعثِره على امرأةٍ يحبها بغير حساب. فواجبُكِ إن كنتِ تغارين على مجده حقًّا، بَيِّنٌ كالشمس في يومٍ صافٍ .. أن تصُدِّيه عن الإسراف، وتقنعيه بردِّ المال إلى أصحابه.

ولكنَّ رادوبيس لم يدَعْها الغضب تفهم ما تقوله الملكة حقَّ الفهم، وكان وجدانها ثائرًا وحقدها شديدًا، فقالت بقسوة: إنَّ الذي يُحزنكِ حقًّا هو أنَّكِ ترينَ الذهب يتحوَّل مع عطف فرعون إلى قصري.

فانتَفَض جسمها، وسَرت فيه قُشَعريرة، وصاحت بها: يا لَلبشاعة!

فقالت رادوبيس بغضب وخُيلاء: لن يفرِّق شيءٌ بيني وبين مولاي.

فغلَب الصمتُ لسان الملكة، وأحسَّت بيأسٍ شديد وجرحٍ عميق في كبريائها، ولم تطمع في فائدة من الانتظار، فقامت واقفة وولَّت المرأة ظهرها، وسارت في طريقها متألِّمةً حزينة غاضبة، لا تكاد ترى طريقها من شدَّة الغضب.

وصعَّدتْ رادوبيس أنفاسًا مضطربة، وأسندَت رأسها الساخن إلى كفِّها، وراحت في تفكيرٍ قلق حزين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤