كلمة اللجنة

تضع لجنة نشر المؤلفات التيمورية التي تتشرف برياسة سعادة الشيخ المحترم الأستاذ الكبير «خليل ثابت بك» بين يدي القارئ هذا الكتاب التاريخي النفيس الذي استخرجته من كنزه المدفون مما ألَّفه المغفور له العلَّامة المحقق «أحمد تيمور باشا» في الرتب والألقاب المصرية. وهو — ولا شك — بحث طريف في النظم الحربية. وأقسام الجيش، وأصناف الجند، والرتب العسكرية، والملكية، والعلمية، والقلمية، كانت المكتبة العربية في أشدّ الحاجة إليها لتسد بها الفراغ الكبير، وينتفع منها المهتمون بالشؤون العسكرية على اختلاف طبقاتهم وجنسياتهم ونحلهم تحقيقًا لتأدية الرسالة العلمية التي حمل لواءها هذا الفقيد العظيم في حياته، وتلقفتها اللجنة من بعده راجية من وراء ذلك أن تتحف المكتبة العربية بنفائس بحوثه ذلك العالم الجليل والباحث المدقق الذي قضى حياته في جميع مفرداتها وحفظ شتاتها، فجاءت تحفة نادرة مما لا يتأتى لغير تيمور باشا أن يعدّها للناطقين بالضاد لقمة سائغة وتراثًا فريدًا ينتفع به الأبناء عن الآباء، والخلف عن السلف، ذاكرين له دأبه المتواصل، في سبيل خدمة العلم، ونشر الثقافة العامة، وتيسير ورود هذا المنهل العذب على الكتَّاب والباحثين، والأدباء والمتأدبين، مقدِّرين لسعادة «خليل ثابت بك» رئيس اللجنة ما أسداه للعربية من الوفاء لذلك الفقيد الكريم، بحرصه على تراثه الأدبي، وإحاطته بسياج متين حتى لا تمتدّ إليه يد العابثين، فيبقى خالدًا على مر السنين، شاهدًا على علم تيمور باشا وفنه وخبرته، ونوع هوايته في حياته، واتساع أفقه وتفكيره الحر الذي لم يقيده فيه قيدٌ ما غير الإيمان بالعلم والظفر بإتحاف الناطقين بالضاد بذلك التراث المجيد الذي خلفه، وأنفق فيه حياته وصحته.

ولما كان الشيء بالشيء يذكر نقول: إن تيمور باشا وضع كتابه هذا «الرتب والألقاب المصرية» عقب ما أشيع بأن الحكومة المصرية تنوي تغيير الرتب والألقاب الأعجمية التي تستعمل في مصر برتب وألقاب عربية لحمًا ودمًا، ولم يكن يقصد طبع هذا الكتاب أو هذه الرسالة — كما كان يسميها — بل كان قصده أن يعرضها على اللجنة التي تألفت يومئذ لدراسة ذلك الموضوع لتكون أصلًا يناقش ما فيه لتقريره أو تعديله.

ومن الطريف في هذا الموضوع أن نقل تلك الرسالة بعض أصدقاء الفقيد وسعى في طبعها في بلاد الشام محرَّفة تحريفًا أخلَّ بها وشوَّه القصد من وضعها وإعدادها وتهيئتها دون علم تيمور باشا نفسه، واعتمدوا عليها هناك وفي العراق والحجاز فيما وضعوه من الرتب والألقاب، وقد راجعت اللجنة كل ذلك وردَّت الأخطاء إلى صوابها طبقًا لما أشار إليه تيمور باشا نفسه في الأصل الذي كتبه بخطه، وأعدت عنه هذه الطبعة سليمة من كل خطأ لغويّ أو مطبعيّ.

وإنه لمن بواعث الغبطة أن يكون هذا — وسواه — شأن مؤلفات فقيد الأدب والعلم تيمور باشا، وأن تجد من الإقبال ما هي جديرة به، مما يدل على الثقة التي لا حدَّ لها في هذا الكاتب العظيم، والمؤرخ الكبير، والعالم الجليل، والباحث المدقق الخبير.

وأخيرًا فإنه من تحصيل الحاصل أن تطري اللجنة علم هذا الرجل وفنه، وروائع أدبه، وغريب بحوثه المتنوعة التي تجاوزت حدود مصر إلى بلاد الشرق عامة، وتغلغلت في صدور أبناء العربية في كل مكان.

ولقد شاء حضرة صاحب العزة القائمقام عبد الرحمن زكي بك مدير المتحف الحربي، المعروف ببحوثه الحربية واطلاعاته العسكرية، أن يدلي دلوه في صدد موضوع هذا الكتاب الطريف فتفضل مشكورًا فوافانا بكلمة ضافية صدّرناه بها، تقديرًا لمكانته، واعترافًا بخبرته وغزير علمه في الفنون الحربية.

وإنه لمن حسن الطالع الميمون أن يصدر هذا المؤلف الكبير في الوقت الذي بلغ فيه الجيش المصري مبلغًا يضاهي ما بلغه في أزهى العصور السابقة، برعاية قائده الأعلى مليك البلاد المفدَّى، حضرة صاحب الجلالة الملك (فاروق الأول) الذي ازدهرت في عصره العلوم والفنون.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤