المعرفة الكبرى

١

المعرفة الكبرى هي التحلِّي بالخلق الأسمى، وبلوغ الفضائل وأرفع الدرجات، «والمعرفة الكبرى، هي …» تجديد وعي الناس جميعًا، وتنوير بصائرهم؛ سعيًا لأشرف الغايات وأتم المقاصد.

وإذا ما أحاط الوعي بتلك الغاية القصوى والكمال الأسنى، صار من الممكن بلوغ حد العزم الراسخ؛ فإذا ما استقر العزم ساد الصفاء، وإذا ما صفت الأذهان عمرت القلوب بالسكينة، وإذا ما النفس اطمأنَّت نشطت نوازع التأمل، وفي التأمل تتحقق الغاية المُثلى، ويبلغ المسير حدود القصد الأكمل.

لكل شيءٍ أصلٌ وفرعٌ، وللأشياء كافةً بدايةٌ ونهايةٌ، فمَن عرف الأصل والفرع والمبتدأ والغاية، وأدرك أول كل ذلك وآخره، فقد أوشك أن يحيط بأسرار المعرفة الكبرى.

كان القدماء من دعاة إرساء قواعد الحكمة بين ربوع المماليك، يبادرون — في أول الأمر — إلى تدعيم أسس الفضائل بين أهليهم وداخل حدود بلدانهم، ولكي يحققوا مسعاهم، في هذا الصدد، فقد كان لزامًا عليهم أن يبدءوا بأوطانهم التي يقيمون فيها، ولئن أرادوا أن يصلحوا من شأن أوطانهم، فقد تحتَّم أن يبدءوا بعشائرهم وقبائلهم التي ينحدرون من أصلابها؛ ولمَّا كان ضروريًّا أن يبدءوا بعشائرهم، فكان لا بد أن يبدءوا بأنفسهم، ولكي يبدءوا بأنفسهم فقد لزم أن يهذِّبوا دخائل نفوسهم التي في صدورهم، ولتهذيب نفوسهم التي في حنايا الصدور، فقد كان مطلوبًا أن تتنقى جوانحهم بالصدق والإخلاص، ولم يكن ممكنًا أن تتطهر جوانحهم بالصدق والإخلاص إلَّا بفيض من المعرفة، وما كان يمكن أن تفيض عليهم المعرفة بأنوارها، إلَّا باستقصاء الحقيقة «في كل شيء»، فلما تطلَّعت الأبصار إلى الحقيقة فاضت بأنوار المعرفة، ولما فاضت بأنوار المعرفة تنزلت في القلوب معاني الصدق والإخلاص، ولمَّا تطهرت القلوب بالإخلاص، ولمَّا تهذَّبت النفوس خلصت النوايا، ولمَّا خلصت النوايا طاف الأمن في ربوع العشائر، ولمَّا نزل الأمن بساحة العشائر صلحت أمور البلاد، ولما استتبَّت أحوال الوطن انتشر السلام في أنحاء الممالك.

فليعلم الجميع، من أبناء السماء (الملوك)، وأبناء العامة والدهماء (الشعب) أنَّ تهذيب النفس هو الأساس ومبتدأ كل أمرٍ.

ومثلما يستحيل أن يُصلح نبتٌ فاسدٌ الغرسَ، فلا يمكن أبدًا أن يثمر الخير والصلاح في امرئٍ سيئ المنبت والجذور، وكذلك يستحيل أن يُنظر إلى الشخص بادي الاحترام والإجلال بعين الازدراء، كما لا يُعقل أن يكون الزَّرِيُّ الحقير موضعَ التبجيل والتقديس.

[ذلك هو الباب الأول من «المتن المقدس» حسبما يذكر «سنغ تسي» من أقوال كونفوشيوس — بألفاظه وحروفه — أمَّا الأبواب العشرة التالية، فهي «المرويَّات» التي يقوم فيها «سنغ تسي» بالشرح والتفسير، ولم يفُتْ تلامذته فيما بعد أن يقوموا بتدوين ذلك كله (المتن والشرح) في أوراقهم؛ أمَّا النصوص القديمة، في نسختها الأصلية، فمضطربةٌ ومتداخلةٌ وقد تمت مراجعتها وضبطها بمقابلة نص النسخة المحقَّقة، ومن ثم وردت أبوابها وفصولها على النحو الذي نلاحظه فيما يلي من المتن].

٢

جاء في كتاب «كانغ كاو» … لوائح كانغ الرسمية (أحد فصول «كتاب التاريخ» وهو من كُتب التراث الصيني) ما نصه: ««لقد استطاع الإمبراطور «ياو»» أن يتحلى بأخلاقٍ عظيمةٍ». وورد أيضًا في كتاب «طاي جيا» (أحد فصول كتاب «التاريخ القديم») ما مضمونه:

««إنَّ جلالة الإمبراطور» راح يتأمل الوصايا السماوية المجيدة.» وكذلك يُذكَر عن كتاب «ديد يان» (أحد فصول كتاب «التاريخ القديم» ومعناه، تقريبًا، «الأوامر الإمبراطورية») قوله: ««لقد استطاع جلالته» أن يترقَّى بأخلاقه الفاضلة إلى مراتب القداسة السماوية.»

فكل تلك النصوص تُبرز مدى الحرص (لدى الأباطرة القدماء) على التخلُّق بأشرف وأسمى الأخلاق.

[ذلك هو الباب الأول من «المرويَّات» ويتناول بالشرح موضوع «الأخلاق الفاضلة والسجايا الزاهرة»].

٣

مما يُؤْثر عن جلالة الملك «طانغ» [مؤسس أسرة «شانغ» الملكية (القرن ١٧–١١ق.م.)] أنَّه كان يحتفظ على جدار الحمَّام الداخلي الخاص به عبارة مأثورة، نصها: «إذا استطعت يومًا أن تفتح صحفة جديدة في حياتك، فاحرص على أن تجعل ذلك دأبك وعادتك اليومية، فتتجدد باستمرار، وإلى ما لا نهاية!»

وجاء في كتاب «كانغ كاو» ما نصه: «حُثَّ الناس على تجديد نمط حياتهم، وبصورة يومية … إن استطعت.» وقد ورد في كتاب «الشِّعر القديم» ما نصه:

«كان في قديم الزمان
أسرة تتقلَّد الملك والصولجان،
أسرة جو الإمبراطورية،
هلكت في الغابرين … ولكن،
مواريثها الأخلاقية … ما زالت
صالحة لزماننا … ما زالت
تتجدد في كل أوان.»

ومن ثم، فينبغي على العاقل ألَّا يسهو عن السعي إلى تحصيل أرفع وأسمى الشمائل.

[ذلك هو الباب الثاني من «المرويَّات»، ويتناول بالشرح موضوع «التجدُّد»].

٤

جاء في كتاب «الشِّعر القديم» ما نصه:

«في بلادٍ طيبة الأرض،
وممالك مترامية الأطراف
أميالًا … ممتدة،
طاب للناس السكنى،
واستقرَّ العيش، ودامت الإقامة.»
وورد في الكتاب نفسه، ما نصه:
«الطيور المغرِدة،
طيور الجبل البرِّية … الشاردة،
تحوم … وتدور،
وتقيم على قمم الجبال أوكارها؛
حيث يئوب الطيران،
وترجع الأسراب الهائمة في آخر المسعى.»

وقد قال كونفوشيوس (عندما طالع تلك الأبيات): «أما وقد عرفت الطيور محطَّ ترحالها، فهلَّا تعلَّم الإنسان من الطير «كيف يستقر به السَّعي، وتطيب له الإقامة»!»

ومما يُؤْثر عن كتاب «الشِّعر القديم» هذه الأبيات التي مطلعها:

«ما أكرمك وأحلمك أيُّها الملك الفاضل «أون»،
قد سطع في تاجك ساطع الخلق الأنوار،
واتبعتَ سيرة آبائك بالحكمة،
وأقمتَ في المقام الأسمى،
وإليه رجعتَ،
وتدبَّرتَ فعالك،
فكنتَ في مقام الملك عادلًا،
وفي واجب العمل شريفًا،
وفي منزلة الوالد رحيمًا،
وعلى شاكلة الولد بارًّا وفيًّا،
وفي رفعة الحاكم ثقةً أناختْ لك أعناق رعاياك.»

وفي كتاب «الشِّعر القديم» أيضًا نقرأ ما نصه:

«ما أجمل أن تُطالع
منظر أنهار جارية،
وحدائق من أشجار البامبو.
ما أجمل أن ترى وجه إنسانٍ فاضل،
زانه العلم والخلق العظيم،
استقامتْ صفاته بيد التهذيب،
وتألقتْ سجاياه كجوهر كريم،
ذهبتْ عنه الشوائب،
وعظمتْ هيبته،
وتفرَّدتْ خصاله،
حتى خلد ذكره بين الذاكرين.»

ولنتأمل ذلك المعنى جيدًا؛ فعبارة «زانه العلم والخلق العظيم» تعني الجِد والمثابرة على التعلُّم؛ أمَّا مقولة «تألقت سجاياه كجوهر كريم، ذهبت عنه الشوائب» فمعناها التخلُّق بالفضائل، وكذلك كلمة «عظمت مهابته» فهي تعني التزام الدقة والحذر واتَّقاء ما تُذل به العزة، وما يُقتحم به الوقار. وكذلك أيضًا، فإنَّ عبارة «تفرَّدت خصاله» فإنَّما تُشير إلى ما تترقى به الذات في مراتب الشرف والوجاهة، فأمَّا الموضع الذي يُقال فيه «خلد ذكره بين الذاكرين»، فالمراد به أنَّ الفاضل الحكيم، لمَّا اتسم بوافر الاستقامة وكريم الخُلق، فقد بلغ درجةً شريفةً ومنزلةً رفيعةً اختُصَّ بها من دون الآخرين، مما أبقى سيرته وخلَّد مجده بين الناس جميعًا. ومما ورد في كتاب «الشِّعر القديم» أيضًا، ما نصه:

«ما أعظم سيرة الملوك السابقين،
وما أخلد ذكراهم!»

ذلك أنَّ السابقين من الأباطرة كانوا يعظِّمون شأن الحكماء ويجالسونهم ويتقرَّبون إليهم، وكانوا أيضًا يعملون لما فيه مصلحة الناس، ويفرحون لما ينال الناس من نفع، ويشقَون لما ينزل بهم من بلاء؛ فلهذا خلدت سيرتهم وبقيت ذكراهم الدهر الداهر.

[ذلك هو الباب الثالث من المرويَّات ويتناول بالشرح «الوقوف عند حد الخير الأعلى»].

٥

قال كونفوشيوس: «أستطيع القول بأنِّي على قدْرٍ كبيرٍ من العلم، فيما يتصل بالنظر في الدعاوي القانونية والبت فيها جميعًا، ومع ذلك، فإنِّي أُفضِّل ألَّا يسعى الناس إلى التقاضي.» وذلك «في وجهة نظرٍ ما»؛ لئلا يتلاعب شهود الزور بالحقيقة، ولكي يقع الخوف في أفئدة المزورين والمنافقين، الذين يعلمون الحق ويحيدون عنه بزخرف القول وزائف البرهان؛ فذلك هو سبيل استقصاء أسس الحقيقة، وشواهد اليقين.

[ذلك هو الباب الرابع من المرويَّات، ويتناول بالشرح مسألة أصول الأشياء في البدء والمنتهى].

٦

ذلك هو طريق معرفة الأسس الأولى، وغاية المعرفة وتمامها.

[ذلك هو الباب الخامس من المرويَّات، ويتناول بالشرح مسألة استقصاء ظواهر الطبيعة لاكتساب المعرفة، والحق أنَّ النص الأصلي قد ضاع ولم يُعثر له على أثرٍ حتى الآن، وإنَّما جئتُ هنا بما يتناقله الدارسون؛ كي أسد الفجوة وأرأب صدع الكلمات، وإليك بيان ذلك: «المعرفة التامة تأتي من استقصاء طبائع الأشياء، ولكي نحصل على معرفة صحيحة فلا بد من إقامة الصلة مع الأشياء كما هي قائمةٌ في الطبيعة والتعرف على أحوالها، وعقل الإنسان، عمومًا، يتميز بدرجة عالية من الانتباه والملاحظة؛ ويتحلَّى، على نحو متساوٍ بين الجميع، بتلك المقدرة الفذة. ثم إنَّ كل الأشياء التي تقع في نطاق ملاحظتنا تحت السماء (في الدنيا) لها وجودها، وحدود علمها الطبيعي؛ ولأنَّنا لم نحِط — بعد — علمًا بذلك الوجود وحدوده التامة، فما زالت معرفتنا به غير مكتملةٍ، ومن هنا، فلا بد أن يكون الدرس الأول في «المعرفة الكبرى» توجيه الدارسين إلى استقصاء جوانب الوجود الطبيعي وعلومه، على أساس ما حصَّلوا من معرفة عند تفاعلهم بالأشياء التي تقع في محيط تجاربهم ودراستهم؛ بهدف الوصول إلى الغاية القصوى للمعرفة، والمثابرة على ذلك السلوك، لا بد، ستصل بهم يومًا إلى الوعي بحقائق الأشياء، ظاهرها وباطنها، قريبها وبعيدها، سطحها وأعماقها؛ وتصبح المعرفة — في الإجمال والتطبيق — إدراكًا نافذًا ووعيًا ثاقبًا، على أساس من الفهم التام. فذلك هو منتهى العلم بالأشياء، وأعلى مرتقًى تبلغ إليه المعرفة.»]

٧

إنَّ المعنى فيما يُقال له «استصفاء الأفكار» (خلوص النوايا!) إنَّما يذهب إلى أنَّه ليس ينبغي للمرء أن يخدع نفسه، وأن يدرأ عن نفسه الغش مثلما يتجنَّب رائحةً كريهةً، أو مثلما يبغض وجه امرأةٍ دميمةٍ (كذا)، فذلك مما يجلب للنفس الهدوء والسكينة، فلا بد للعاقل أن يلزم الحرص «فليراقب نفسه ويُحْصِ أفعاله» حتى وهو بعيد عن أعين الرقباء.

ولئن كان الوضيع من الناس يغدو ويروح هائمًا على وجهه بلا طائل؛ يُفْسِد حيث يريد الإصلاح، ويهدم حيث ينوي البناء، يهرب من وجه الكريم؛ حيث يخشى أن تنكشف أستاره أو يُذاع سرُّه، يتجنب النظرات الفاحصة خشية أن يُنزع عنه زيف مظهره وتُكشف حقائق باطنه («حرفيًّا» … يُكشف ضميره الخفي، ومكامن باطنه الخمسة: القلب – الكبد – الرئة – الطحال – الكليتان)، فما جدوى التخفي، وما فائدة انتحال الأقنعة؟! فلذلك، قيل إنَّ النوايا الخالصة ترتسم على الوجوه، وتبدو في صفاء الملامح، فليراقب المرء نفسه، حتى وهو جالسٌ وحده، وليُحْصِ بنفسه، أفعاله. وقد قال سنغ تسي (من أتباع كونفوشيوس): «هل من المعقول أن يجلس المرء هادئًا، رابط الجأش، بينما تحاصره — من الجوانب كلها — عيون تتفحَّص، وأصابع تُشير، ونظرات مصوَّبة تتَّهم وتتساءل؟»

إنَّ الأغنياء يقدرون أن يزينوا بيوتهم، والحكماء يستطيعون أن يهذبوا أخلاقهم، وإنَّ صدر الحليم ليتسع ملء الوجود، وعلى مُحيَّاه سيماء الهدوء، وفوق الجبين رضًا وسماحة، فمن ثَم كان الفاضل قادرًا على استبطان نوايا الإخلاص والنزاهة.

[ذلك هو الباب السادس من المرويَّات، ويتناول بالشرح مسألة «إخلاص النوايا»].

٨

تُرى ماذا يُقصد، بالضبط، من التأكيد على ضرورة البدء بتهذيب النفس، لمَن أراد تقويم الأخلاق؟ «في الرد على هذا، نقول»: إنَّ نفسًا امتلأت حقدًا وكراهية لن تنصاع للرشاد، وإنَّ قلبًا واجفًا لن يستجيب لداعي الحكمة، وباطنًا زائغًا بالأهواء والشهوات لن يرعوي، ومكامن مترعة بالمرارة والشكوى لن تنصت للمثل العليا (العالية، بالأحرى).

عندما تتحول النفس عمَّا ينبغي لها أن تتوطَّن عليه من طباع وتنصاع له من مبدأ قويم، يضيع من العين البصر، ومن الأذن السمع، وتصير النكهة بغير مذاق، والمذاق بغير طعم؛ فلذلك قيل إنَّ تقويم الأخلاق يستلزم، أولًا، ضبط النفس.

[ذلك هو الباب السابع من المرويَّات، ويتناول مسألة «ضبط النفس والاستقامة»].

٩

ما الحكمة في أن يكون الشرط الأساسي في استقرار الشئون العائلية هو تهذيب النفس وتقويم الخلق؟ «والجواب، يتمثَّل في:» إنَّ الحب والمودَّة بين الناس بعضهم وبعض، لونٌ من الانحياز؛ فالناس ينحازون لمَن يحبونهم، وينحازون أيضًا ضد مَن يمقتون، وضد مَن يوقع في نفوسهم الرعب، أو، مَن يُسيء إليهم، ويتكبَّر عليهم، وهكذا، فمن النادر جدًّا أن تصادف مَن يمتلئ قلبه حبًّا للناس دون أن يغفل عن عيوبهم، وقلَّما تجد مَن يبغض إنسانًا، لكنه — برغم الكراهية — مستعد أن يعترف بأفضاله ومناقبه الحسنة، ومما يُؤْثر في هذا المعنى من الأمثال حكمة قديمة تقول: «ليس هناك مَن يرى الشر في أطفاله، وليس هناك مَن يقنع بالخير في محصوله.» فمن ثَم قيل إنَّ تهذيب النفس وتقويم الخلق أساس استقرار الشئون العائلية.

[ذلك هو الباب الثامن من المرويَّات، ويتناول بالشرح مسألة «إصلاح الأحوال الأُسرية»].

١٠

إنَّ إصلاح شئون الممالك يبدأ بالعمل على استقرار أحوال الأُسرة البسيطة؛ ذلك أنَّه لا يُعقل أن يعجز المرء عن القيام بأمر أفراد عائلته وعشيرته الأقربين، بينما يزعم المقدرة على ضبط شئون بلده الكبير، ومن ثم فالعاقل مَن أفلح في استقراء طريقة مثمرة في إدارة شئون الممالك، دون أن يجاوز حدود بيت عائلته الصغير؛ بمعنى أن يتخذ من البر بالوالدين مفهومًا للإقرار بالعرفان نحو جلالة الإمبراطور، ويتخذ من «الاحترام الواجب للأكبر سنًّا» مبدأً مفيدًا لإقرار العلاقات بين الرؤساء والمرءوسين على أساس من الاحترام المتبادل، ويسير على نهج التقليد العائلي الوارد في «الرحمة بالضعيف وصغير السن»؛ بحيث يطبِّقه في أصول المعاملات مع العامة والدهماء وسائر الناس.

وبخصوص هذه المسألة الأخيرة فقد جاء في «لوائح كانغ الرسمية» ما نصه: «ينبغي اتخاذ كل التدابير للعمل على حماية الضعفاء، وبالقدر نفسه الذي تسهر فيه الأم الرءوم على رعاية وليدها؛ فهي، حتى وإن لم تستطع تلبية كل احتياجاته الحيوية، إلَّا أنَّها تبذل أقصى الجهد في العمل على توفير أكبر قدر مما يلزمه، ويؤخذ في الاعتبار، هنا، أنَّ الفتاة لا تجيد مهام الأمومة ورعاية الطفولة، بجديَّة، قبل الزوج.

إنَّ تقليدًا عائليًّا راسخًا في العطف والرحمة يقود أمةً نحو أنبل معاني الإنسانية. وكذلك فإنَّ أخلاقًا عائليةً تقوم على الإيثار يمكن أن تستنهض، في الأمة، روح البذل والإيثار، في حين أنَّ البطش الذي يتملَّك قلب طاغية واحد، يقود وطنًا كاملًا إلى الخراب والفوضى والدمار؛ فتلك طبيعة الأمور طبقًا لما تحظى به السلطة الغاشمة من تأثير يتغلغل في الأبنية الخاضعة تحت سلطانها كلها. وقد قيل في المَثل السائر: «إنَّ كلمةً فاسدةً يمكن أن تنتهك أقدس المعاني.» لكن رجلًا واحدًا — بالمقابل — يستطيع أن يؤسس أثبت دعائم الأوطان.

عندما سار الملِكان العظيمان: «ياو» و«شون» في الناس سيرةً حسنةً، قائمةً على الرحمة والإنسانية … (وهما زعيمان أسطوريان، حكما القبائل الصينية القديمة، يقدِّسهما الصينيون) فقد حذا الناس حذوهما. ولمَّا تجبَّر الحاكمان الغاشمان: «جيه» و«تشو» [«جيه» هو آخر ملوك أسرة «شيا»، والثاني آخر حكام أسرة شانغ، يرمزان للظلم والطغيان]، فقد سلكت الرعية على آثارهما في العداوة والبغضاء، وليس من المعقول، أو حتى من الممكن، أن تأمر شعبًا باتباع طريق الرحمة، بينما تسلك به كل دروب البطش والعدوان؛ لأنَّ أحدًا لن ينصاع لمثل هذا التوجيه.

وهكذا، فالحكيم الفاضل، مَن يُلزم نفسه «بالمبادئ التي يدعو إليها» قبل أن يطالب الآخرين بالعمل بها، ويمنع نفسه عمَّا يأمر الناس بأن ينتهوا عنه، فأمَّا إذا دعا الناس إلى التسامح وأسرَّ في نفسه الترصد والانتقام، فذلك مما لم يسمع الناس بمثله أبدًا. ولهذا، فقد قيل إنَّ إصلاح شأن الممالك يبدأ بالعمل على استِتْباب أحوال الأُسر والعشائر. وقد جاء في كتاب «الشِّعر القديم» ما نصه:

«أوراق شجر الخوخ الوارفة الغضَّة،
الأوراق الملتفة كفتاةٍ حلوةٍ
في حفل عرسٍ،
والعائلة الملتمَّة،
والضحكات وأسارير الوجه المتهلل،
والسعادة الغامرة،
ودروب طويلة ممتدة …»

ومن هذا المعنى نستلهم فكرة أنَّ الأُسرة السعيدة التي تستقبل أيامها بالأمل والسعادة، هي الأساس في إرساء قواعد الاستقرار للممالك، فليعمل العاقل على أن يجلب السعادة لعائلته وعشيرته قبل أن يفعل ذلك لوطنه الكبير.

وقد ورد في كتاب «الشِّعر القديم» أيضًا، ما نصه:

«ما أجمل أن يعمل المرء
على إسعاد أخيه الأكبر؛
بل ما أروع أن يتهلَّل بالفرح
وجهُ الأخ الأصغر.»

فليعمل الحكيم الفاضل على إشاعة البهجة والسرور في نفوس إخوته، فذلك هو أول الطريق إلى استجلاب الدعة والرضا إلى نفوس أهل الممالك.

وقيل في كتاب «الشِّعر القديم»:

«تهلَّل الوجه،
وتألقت القسمات،
كأنَّ الوجه مملكةٌ عامرةٌ بالحسن،
أو كأنَّ المملكة وجهٌ بديعُ اللَّفتات.»

«والمعنى هنا:» إنَّ العاقل، وأيًّا كان دوره، كأب أو ابن، أو أخ أكبر أو أصغر، فهو المثال الذي يحذو الناس حذوه، فينبغي أن يكون خير نموذجٍ ومثالٍ للاقتداء، وهذا هو المغزى فيما يقال من أنَّ ضبط شئون الممالك يبدأ بإرساء دعائم الاستقرار الأُسري والعشائري.

[ذلك هو الباب العاشر من المرويَّات، ويتناول بالشرح مسألة «تدبير شئون الممالك»، «وتهذيب السلوك العائلي»].»

١١

إنَّ الحكم الرشيد في الدويلات الصغيرة هو الخطوة الأولى نحو ضبط أحوال الإمبراطورية العُظمى، التي تحت السماء؛ ذلك أنَّه عندما يُبدي الحاكم قدرًا كبيرًا من الاحترام للكهول والمتقدمين في العمر، فسوف تكون شيمة أهل المملكة البر بالآباء والشيوخ، وعندما يسلك الحاكم بالاحترام الواجب نحو الأكبر سنًّا، فسوف تشيع في المملكة عادة الاحترام اللائق بالإخوة والأقارب كبار السن، فإذا صدر عن جلالته ما ينُم عن العطف على ذوي الحاجة والمساكين، فسوف يقتدي به أهل مملكته جميعًا بغير استثناء؛ فلذلك يلتزم الحاكم بمبدأ نموذجي ينزل على أحكامه، ويؤسس به منهاجًا يقتدي به الجميع.

ليس لعاقلٍ أن يُعامل مرءوسيه بما يكره أن يُعامله به رؤساؤه، وليس ينبغي له كذلك، أن يُعامل رؤساءه بما يكره أن يلقاه ممن هم دونَه، ولا أن يتصرَّف نحو مَن يقفون إزاءه بما يبغض ممن يجلسون قبالته، ولا أن يسلك مع الجالسين أمامه بأسوأ مما يلقى من الجالسين وراءه، ولا أن يضع على الجالس عن شماله تبعة ما يبغضه في الجالس عن يمينه، ثم لا ينبغي له أن يظلم الجالس عن يمينه بوزر ما يلقى من المقيم عن يساره. ما يُقال له «المعيار» الأسمى، الذي يضبط به العاقل سلوكه ويلتزم بمنهاجه، كما يلزم المثال نموذجًا أصليًّا، أو كما تنضبط الزوايا والأركان بالمساطر وقصبات المقياس.

وقد جاء في كتاب «الشِّعر القديم» ما نصه:

«ما أعظم الحكيم الفاضل،
الغيور على وطنه
غيرةَ أمٍّ وأب على بيتٍ آمنٍ …»

ولا يُعَد الحكيم جديرًا بمثل هذه المكانة (أن يكون بمثابة الأب الحامي والحصن الحصين لشعبه ووطنه) إلَّا إذا أحب ما رآه الناس طيبًا وأبغض ما أبغضه الناس، وقيل أيضًا في كتاب «الشِّعر القديم»:

«ترتفع قمم جبال الجنوب بكل شموخٍ،
تلال وعرة وسفوح لا يطولها طائل،
لا يكاد يدانيها شموخًا
إلَّا رجل واحد،
هو المعلِّم الأعظم «إيشي»،
الذي تعلقت به الأنظار
كقمة جبلٍ سامقة لا تدركها الأبصار.»

ليس ينبغي لحاكمٍ أن يغفل المبدأ الذي يُقرر بأنَّ الانحياز للهَوى الشخصي، والنفع الذاتي يجلب عليه سخط الناس؛ مما قد يؤدي إلى خلعه عن عرش الحكم.

ومن المأثور في كتاب «الشِّعر القديم» قول الشاعر:

«كانت أسرة «يين» الحاكمة
مثالًا في الأخلاق،
ونموذجًا في آداب المعاملات،
على النحو الذي قرَّرته إرادة السماء،
فلما سقطت من عين الشعب
ضاعت هيبتُها،
بعد إذ أضاعت عهدَ السماء.»

والمعنى، هنا، يشير بوضوح إلى أنَّ استقرار سلطة الحكم مرتبط بالحصول على ثقة الناس، فمَن حاز ثقتهم استقرت له السيادة، وإلَّا فقد وقع في حمأة الهوان.

ومن ثَم، فلا بد للعاقل من أن ينتبه إلى ضرورة الالتزام بقواعد الأخلاق، فالخلق يخضع له رقاب الناس، وإذا خضعت له الرقاب امتد سلطانه فوق الممالك، وإذا صارت الممالك في قبضته انعقد له لواء العزة والجاه والمال، فإذا فُتحت له خزائن المال لم تعجزه مطالب السؤدد والشرف؛ بل أُتيحت له الموارد وتيسَّرت النفقات، بالغة ما بلغت من التكاليف؛ فالأخلاق هي المبدأ والأساس، والمال هو الثمر وحاصل الإنتاج، فإذا ما تبدل التقدير، وانقلب المعيار، وصار الأصل فرعًا والفرع النابت هو الجذر وأصل الأشياء، انعقد فوق الجميع سحابات الصراع وتلبَّدت الأجواء، وحلَّ النهب والسرقة محل أصول المعاملات. وبالتالي، فكلَّما زاد تراكم الثروة والمال في يد الحاكم تفرَّق الناس أيدي سبا (كلَّما اجتمع المال لدى الحاكم، تفرَّق الناس عنه!)، وكلما تفرق المال في يد الناس (نالوا نصيبهم من الثروة ورغد العيش) اجتمعوا تحت راية الحاكم وامتثلوا لإرادته.

وهكذا، فالقرار الرسمي الصادر عن حكم يخالف الحق والعدل، ينتج المردود «الثأر» [حرفيًّا] الشعبي المنافي للنظام، والمتجاوز للقواعد والمخالف للقوانين، كما أنَّ الثروة التي تراكمت بغير حق، تتبدَّد بأساليب مخالفة لأبسط قواعد المنطق والعدل (الثروة التي تحققت على نحو غير مشروع، فإنَّها، أيضًا، وبأساليب غير شريفة، تتبدَّد سريعًا!).

وقد ورد في «لوائح كانغ الرسمية» ما نصه:

«إنَّ تعاليم السماء ليست قدَرًا مقدورًا، ولا سيفًا مسلطًا على الرقاب، طوال الزمان.»

والمعنى، هنا، يُشير إلى أنَّ الأخلاق الفاضلة تقوم مقام تعاليم السماء، فمَن انتهك الأخلاق، فقد أضاع ركنًا قدسيًّا من أركان التعاليم، ومما جاء في «كتاب تشو» — وهو عبارة عن مجموعة مدوناتٍ تاريخيةٍ — بهذا المعنى: «لم تكن دولة تشو تملك ثروات ذات قيمة، إلَّا أنَّها كانت تعد الخلق الفاضل أثمن ثروة في الدنيا بأسرها.» وقد قال العمُّ «فان» ذات مرةٍ … (العم «فان» هو عمُّ أحد الوزراء الهاربين بسبب وشاية، وكان الملك قد صفح عن ذلك الوزير، وطلب إليه العودة، فاستشار عمَّه، فقال له): «ليس للهارب من وطنه أيَّة قيمةٍ تُذكر، سوى ما يحمل في قلبه من ذكرى وطن، وشيء من الولاء والعرفان.»

وقد جاء في تصريحات أحد مسئولي تشين [وهو المسئول الرسمي الذي أصدر تصريحات يُحذِّر فيها وزراء تشين من مغبَّة السقوط أمام العدو]: «ولتكونوا على قلب رجل واحد يتحلَّى بالإخلاص الذي لا مزيد عليه، فكونوا كرجل زكيِّ الفؤاد، واسع الصدر، ذي حلمٍ وأناة، نقي الضمير، لا يضيق بما يحوز الآخرون من خصال ومزايا؛ بل يتباهى بسجايا كأنَّه يتباهى بما حاز هو نفسه من أصيل معدن الصفات الكريمة، ولا ينطق لسانه، في ذلك، عن مجرد شعور نبيل؛ بل إنَّه ليَصدُر عن إيمان قوي راسخ في أعماقه؛ وإنِّي لعَلى ثقةٍ بأنَّ رجل الدولة الحائز هذه السمات، هو الجدير حقًّا بأن نترك أبناءنا وأحفادنا وديعةً بين يديه، وكلنا ثقة بما سيبذله في السهر على حمايتهم والعمل على كل ما فيه الخير والنفع العميم.»

أمَّا ذلك الطراز من الرجال الذين يضيقون بذوي الكفاءات والمواهب، فإنَّهم يضعون العراقيل في وجه الذين حازوا منتهى الخلق والاقتدار، ويستبعد من فرص الترقِّي كل ذي صاحب جدارةٍ واستحقاقٍ؛ فمثل ذلك الصنف من المسئولين، لا يتسم بأي قدرٍ من الكياسة والحلم وحسن التقدير، ومن ثم فإنَّنا نجازف كثيرًا بأن نضع مستقبل أبنائنا وأحفادنا تحت رعايته.

ليس سوى الإنسان العطوف الرحيم، هو وحده القادر على إقصاء الفساد، وإلقائه خارج البلاد؛ حيث القبائل الهمجية وأطراف الممالك النائية، بعيدًا كل البعد عن الحكماء داخل الوطن «ولن يختلَّ التوازن في الطبائع البشرية؛ لأنَّ» أولئك الطيبين ذوي القلوب الرحيمة يستطيعون الحب بالقدر نفسه الذي يستطيعون به التعبير عن كراهيتهم واستيائهم.

أن تعثر على رجل فاضل، وتعجز عن أن تدبِّر له وظيفة لائقة، أو أن تُبطئ في تدبير مثل تلك الفرصة له، فذلك ما يُسمى الاستخفاف والتهافت «ومن الناحية المقابلة ﻓ» أن تجد فاسدًا سقيم الخلق وتقعد عن إقصائه، أو أن تقصيه عن موقعه دون أن تُلقي به خارج البلاد؛ فذلك هو التهاون والاستخذاء بعينه.

أن تحب ما يبغض الناس، أو أن تبغض ما أحبَّه الناس؛ فذلك مما يتنافى مع طبيعة البشر، ولا ينجم عنه إلَّا الشر الوبيل.

وهكذا، فلن يتيسَّر للعاقل أن يمضي قاصدًا الطريق القويم إلَّا متزودًا بالثقة والحق والإخلاص، ثم إنَّه لن يضل السبيل إلَّا إذا بلغ في التهاون غاية المدى، وجاوز في الاستخذاء حد الشَّطَط.

إنَّ الثراء يقوم على قاعدة أساسية (مذهبية) مفادها أن يزيد عدد المنتجين على المستهلكين، وأن يبذل الساعون إلى الغنى غاية الجد والمثابرة في الاستثمار، بينما يجتهد المستهلكون في التوفير والادخار، فتتضاعف الموارد وتزيد الثروات وتتحقق الوفرة «الهائلة»؛ فيسعى ذوو الخلق الإنساني؛ فأمَّا الحائد عن السبيل، فهو يبذل نفسه للمال، وينفق حياته للتزوُّد منه.

اعلم أنَّه من المستحيل أن يجتمع حاكمٌ رحيمٌ مع رعيةٍ ظالمةٍ غاشمةٍ، ولا اجتمعت رعية على مبدأ الحق والعدل مع سياساتٍ حاكمةٍ متهافتةٍ مستهترةٍ [حرفيًّا: بغير نظامٍ وانضباطٍ تامٍّ، على طول الخط]. وكذلك لم يحدث أبدًا أن تراكمت الموارد والثروات في خزائن الممالك، دون أن يكون للملوك حق التصرف فيها. ومما يُؤْثر عن أحد كبار موظفي البلاط الملكي في دولة «لو» [الوزير «منغ شيان»] قوله: «لا ينبغي لسائس الخيل أن يقوم بعمل المكلَّف بتربية الدواجن وإطعام الخنازير، ولا يصح للموظف المسئول عن إجراء الطقوس والمراسم أن يرعى الماشية والأغنام، وكذلك فليس لمن حاز مئات العربات والجياد المطهَّمة أن يرهق كاهل البسطاء والمعدومين بأثقال الضرائب الباهظة، وإلَّا فإنَّ يدًا تسطو على الخزائن الحكومية ستكون أرحم وأعدل من اليد التي تسرق مال الفقراء باسم تحصيل الضرائب والمكوس، وذلك هو المستفاد من المَثل السائر الذي يقول بأنَّه: ليس للبلد الطامح إلى المجد أن يرى في الثروة المالية رصيد مصلحته ونفعه العام؛ بل لا بد أن يكون العدل والاستقامة هما أسباب ازدهاره وحاصل نفعه، وعندما يجعل حاكم البلد — الطامح إلى المجد — من الثروة المالية، هدفه ومنتهى غايته، فلا بد أن يكون الباعث على ذلك التصور أفكارًا وضيعة المنبت، دنيئة المصدر، فإذا ما اعتقد الحاكم في صلاح مثل تلك التصورات السوقية المبتذلة، صار الانحطاط هو الحاكم بأمره، وحينئذٍ، تنهمر من السماء المصائب، ولا يُرجى للأحوال صلاحٌ، وإن جيء بالحكماء صفًّا، وبالفضلاء مواكبَ متراصَّةً؛ فذلك هو ما يُشار إليه من أنَّ مصلحة الأمة لا تتحقق، أساسًا، بالمال،١ وإنَّما تقوم قواعد المجد على الحق والإنسانية.»

[ذلك هو الباب العاشر من المرويَّات، وهو يتناول بالشرح مسألة «حكم الممالك والبلدان»] ومجموع المرويَّات عشرة أبواب، تدور الأربعة الأولى منها حول الفكرة الأساسية لرسالة المعرفة الكبرى؛ بينما تتناول الستة الباقية منها تفاصيل التطبيقات. ويتطرَّق الباب الخامس إلى شرح النقاط الجوهرية في مسألة «الخير الأسمى»؛ بينما يتعلق الباب السادس بتبيان أهمية «تقويم الخُلق» بوصفه الأساس الجذري الذي تقوم عليه فكرة الكتاب كلِّه. ونلفت نظر القارئ المبتدئ [هكذا] والمطالع العادي (غير المتصفِّح المدقِّق) إلى ضرورة تأمُّل الأفكار ومراجعتها بعمقٍ؛ إذ إنَّ ظاهر النص ببساطته الواضحة يغري بالتغافل.

١  فلنتذكر أنَّ التقاليد الصينية القديمة لم تكن تُعظِّم من شأن المال، وكانت التجارة تأتي في ذيل قائمة المهن المحترمة، ولنُطالع النص في ظل الظروف التي رافقت إنتاجه، في القرن الرابع — تقريبًا — قبل الميلاد. (المترجم)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤