الفصل الثاني عشر

الطفلة يُحكى لها عن «المستنقع»

«لا أيتها الطفلة. لا تعيش الساحرة في «المستنقع». ما الذي تقولينه! كل الأشياء الجميلة تأتي من «المستنقع». من أين إذًا سنجمع سيقان الزيرين وأزهار الزيرين وثمار الزيرين؟ من أين سأجمع السبانخ المائية والأسماك التي تتغذى على الوحل من أجل غدائكِ أو بيض البط أو بيض الضفادع من أجل الإفطار. لولا «المستنقع» لما وجَد والداكِ عملًا ولمتِّ جوعًا.

علاوة على ذلك، إذا كانت الساحرة تعيش في «المستنقع»، لكنتُ رأيتُها.

حسنًا، لا. بالطبع لم أرَ «المستنقع» بالكامل. لم يفعل ذلك أحد. يُغطي «المستنقع» نصف العالم، وتغطي الغابة النصف الآخر. الجميع يعرف هذا.

لكن لو كانت الساحرة في «المستنقع»، كنت سأرى تموُّج الماء الناتج عن خطواتها الملعونة. كنت سأسمع نباتات البوص تهمس باسمها. لو كانت الساحرة في «المستنقع»، كان سيلفظُها للخارج كما يلفظ المُحتضَر أنفاسَه الأخيرة.

بالإضافة إلى ذلك، «المستنقع» يُحبنا. ولطالما أحبَّنا. لقد تكوَّن هذا العالم من «المستنقع». كل جبل، وكل شجرة، وكل صخرة وكل حيوان وحشرة سريعة. حتى الريح نَبَعَتْ من أحلام «المستنقع».

حسنًا، بالتأكيد تعرفين هذه القصة. الجميع يعرف هذه القصة.

حسنًا. سأخبركِ بها إن كان لا بد أن تسمعيها مرة أخرى.

في البداية، لم يكن يوجد سوى «مستنقع»، و«مستنقع»، و«مستنقع». لم يكن يُوجَد بشَر. ولم تكن تُوجَد أسماك. ولم تكن تُوجَد طيور أو وحوش أو جبال أو غابة أو سماء.

كان «المستنقع» كل شيء، ولم يُوجَد سوى «المستنقع».

مضى طين «المستنقع» من أحد طرفَي الدُّنيا إلى الطرف الآخر. حدثت بها انحناءات وتعرُّجات على مر الزمان. لم تكن تُوجَد كلمات، ولم يكن يُوجَد تعلم، ولم تكن تُوجَد موسيقى أو شِعر أو فِكر. لم تكن تُوجَد سوى تنهيدة «المستنقع»، وصوت اهتزاز ماء «المستنقع» والحفيف الأزلي للبوص.

كان «المستنقع» وحيدًا. أراد عينين كي يرى بهما العالم. وأراد ظهرًا قويًّا يحمل به نفسه من مكان لآخر. أراد قدمين كي يسير بهما ويدَين كي يلمس بهما وفمًا كي يستطيع الغناء.

وهكذا خلق «المستنقع» جسدًا: وحشًا هائلًا استطاع النهوض من المستنقع على قدمَيه الكبيرتَين الممتلئتَين بالوحل. كان «الوحش» هو «المستنقع»، و«المستنقع» هو «الوحش». أحب «الوحش» «المستنقع» وأحب «المستنقع» «الوحش»، تمامًا كما يعجب الإنسان بصورته في بركة ماء راكدة وينظر إليها بحنو. كان صدر «الوحش» ممتلئًا بالرحمة الدافئة الداعمة للحياة. شعر بأن وميض الحب يشعُّ للخارج. أراد «الوحش» كلماتٍ كي يُعبر بها عما شعر به.

وهكذا وُجِدَت كلمات.

وأراد «الوحش» أن تنسجِم الكلمات معًا بحيث تُفسِّر المعنى الذي أراده. ففتح فمه وخرجت منه قصيدة.

قال «الوحش»: «مستديرة وصفراء، صفراء ومستديرة»، وهكذا ولدت الشمس، مدلاة فوق الرُّءوسِ مباشرةً.

قال «الوحش»: «زرقاء وبيضاء وسوداء ورمادية، ودفقة من ألوان زاهية عند الفجر.» فوُلِدَت السماء.

غنَّى «الوحش»: «صرير الخشب ونعومة الطحالب وحفيف نباتات خضراء مختلفة.» فظهرت الغابات.

كل شيء ترينه وكل شيء تعرفينه ظهر للوجود على يد «المستنقع». «المستنقع» يحبنا ونحن نحبُّه.

تقولين إن الساحرة في «المستنقع»؟ يا إلهي! لم أسمع شيئًا أسخف من هذا طوال حياتي.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤