الفصل السابع والعشرون

قالت تيس بصوتٍ أجشَّ، وهي تمدُّ يدَها وتُمسك بسُترتي من الداخل، جاذبةً إياي إلى الداخل: «مال».

قلتُ: «هل كلُّ شيءٍ على ما يُرام هنا؟» لكنها كانت تغلق الباب. ثم دفعَت نفسَها باتجاهي وتبادلنا القُبُلات. قبَّلتُها بدوري، بسبب شعوري بالارتياح لكونها هنا، وما زالت على قيد الحياة، من جانب، ومن جانبٍ آخر لأن ذلك منحَني شعورًا جيدًا. كما أنني لم أرغب أيضًا في إخبارها على الفور أنني عُدتُ لاعتقادي أنها في خطر. سيبدو ذلك سخيفًا.

توقَّفنا عن التقبيل والعناق. شعرتُ أنها ثقيلةٌ بين ذراعَي، وسألتُها مرة أخرى: «هل كلُّ شيءٍ على ما يرام هنا؟»

كفَّت عن العناق متراجعةً، وقالت: «لماذا تقول ذلك وتُكرِّره؟» كان صوتُها غليظًا، وطرفَت بعينها سريعًا.

قلتُ: «تبدين فقط … هل أنت ثمِلة.»

قالت: «ربما. وماذا في ذلك؟ أنت ثمِل». ابتعدَت عني، وترنَّح جسدُها كلُّه وكأنها على وشْك السقوط. تحرَّكتُ بسرعة وأخذتُها من ذراعها، وقُدتُها إلى إحدى الأريكتَين المتقابلتين خارج مدخل المطبخ مباشرةً. جلس كلانا.

قالت وهي تضع يدَها على كتفي وتتَّكئ عليَّ: «أشعر بشعور غريب». كان لأنفاسها مرارةٌ برائحة القهوة.

قلتُ: «أخبريني ماذا كنتِ تفعلين منذ أن غادرتُ.»

«متى غادرتَ؟»

«قبل ساعتين. ربما أقل. لست متأكِّدًا بالضبط.»

«أوه، أجل. كنتُ ألعقُ جروحي؛ لأنه، كما تعلم … وتناولتُ المزيدَ من القهوة، ثم شعرتُ بتعبٍ شديد، وكنتُ ذاهبة إلى الطابق العلوي أتهيَّأ للنوم، لكنني فكَّرتُ في أنني قد آخذ قيلولة صغيرة هنا على هذه الأريكة، ثم سمعتُ الباب، وها أنت ذا هنا.»

«هل جاء أيُّ شخص آخر؟»

«هل جاء أيُّ شخص آخر؟ هنا؟ كلَّا. فقط أنت. هل تريد أن نتبادل القُبلات مرةً أخرى؟»

انحنيتُ إليها وقبَّلتُها، آمِلًا أن نُبقِيَ الأمر قصيرًا، لكنها فتحَت فمها وضغطَت عليَّ بقوة. كانت عيناي مفتوحتَين لكن شعرها كان ينسدل كالأمواج، وللحظةٍ لم أستطِع رؤيةَ أيِّ شيءٍ. توقَّفتُ عن تقبيلها وأنزلتُ رأسها إلى صدري.

قالت: «هذا لطيف»، ثم تمتمَت بشيءٍ لم أستطِع فهمه.

كنا هكذا مدةَ دقيقة. بإمكاني القول إنها كانت تغفو على صدري، وتركتُها تغفو بينما كنت أنظر حولي إلى ما يمكنني رؤيته. بدا الأمر تمامًا كما كان عندما غادرتُ، كان فنجانا القهوة لا يزالان على طاولةِ غرفة الطعام أمام النافذة الكبيرة، ومصباح واحد لا يزال مُضاءً بجانب الطاولة. والذي أمكَنني رؤيتُه من المطبخ كان مُضاءً بإضاءةٍ أسفل الخِزانة. كان المنزل هادئًا على الرغم من أنني اعتقدتُ أنني سمعتُ شخير براين في غرفة الضيوف في الطابق السفلي. لم أكن متأكِّدًا. ولكن إن صحَّ هذا، فهذه علامةٌ جيدة. كان لا يزال على قيد الحياة.

عرَفتُ أن تشارلي كان في المنزل.

وضعتُ سيناريو بالفعل. لقد تبِعني إلى هنا الليلة، على الأرجح كان ينتظر في الخارج بينما كنتُ في الداخل أتناول العشاءَ مع براين وتيس. وعندما غادرتُ، ربما كان يُخطِّط لملاحقتي، أو ربما كان يخطِّط لاقتحام منزل تيس وبراين. ولكن سنحَت الفرصة بعد ذلك. حين هُرِعَت تيس إلى الخارج لإعطائي كتابَ براين، تاركةً الباب مفتوحًا وراءها والقُفل مفتوحًا. تسلَّل تشارلي إلى الداخل. ثم ماذا؟ لقد كان مختبئًا في المنزل، وبطريقةٍ ما تمكَّن من وضْع شيءٍ ما في قهوة تيس، على الأرجح الشيء نفسه الذي استخدمه في إعداد الويسكي لبرويت. لم أصدِّق أنها كانت ثمِلة، أو أنها كانت في حالة سُكْرٍ أكثرَ مما كانت عليه عندما غادرتُ قبل ساعتين. كلَّا، لقد خُدِّرَت. ثم وصلتُ أنا قبل أن يفعل تشارلي أيَّ شيءٍ آخر لها. والآن كنا هنا جميعًا في المنزل معًا. أين كان تشارلي بالضبط؟ أين سأكون لو كنتُ مكانه؟

أزحتُ تيس عن صدري ببطءٍ، ووضعتُها على الأريكة، ثم وقفت.

قالت تيس: «إلى أين أنت ذاهب؟» لكن صوتها كان منخفضًا ومُغمغمًا. وضعَت يدها تحت خدِّها وتنفَّسَت بعمقٍ من أنفها، وعيناها ما زالتا مغلقتَين. مشيتُ بهدوءٍ قدْر استطاعتي إلى المطبخ. كان هناك بابٌ جانبي يؤدي إلى رَدهة الطابَق الأول، ومن هناك يمكنك الوصولُ إلى نصف حمَّام، وإلى غرفة الضيوف حيث كان براين نائمًا. كانت هناك أيضًا خزانة، إن أسعَفَتني ذاكرتي. ذهبتُ إلى المنضدة ووجدتُ مرقاق العجين الذي لاحظتُه سابقًا، والتقطتُه في يدي اليمنى. فكَّرتُ في الحصول على سكِّينٍ عوضًا عن ذلك، لكنني أحببتُ الشعور بمرقاق العجين في يدي. لقد كان قطعةً ثقيلة من الخشب، ومن الواضح أنها عديمة الفائدة إذا كان تشارلي يحمل مسدسًا. لكنها أفضلُ من لا شيء، وشعرتُ بتحسُّن مع وجوده في يدي.

فكَّرتُ في البقاء في المطبخ، أن أقف هناك فحسب مُطلًّا على كلٍّ من الباب الجانبي الدوَّار، والفتحة الكبيرة المؤدية إلى غرفة الطعام وغرفة المعيشة. يمكنني الوقوف هنا طَوال الليل، في انتظارِ أن يخطوَ تشارلي أولًا. لكنني كنت قلقًا أيضًا بشأن تيس. أيًّا ما كان في جسمها، فقد يكون كافيًا لقتلها. قلتُ بصوتٍ عالٍ، تمنَّيتُ لو أنه كان صوتي الطبيعي، باتجاه المطبخ الفارغ: «أعلم أنك هنا».

لا شيء.

انتظرتُ ما بدا لي خمسَ دقائق أخرى، وبدأتُ أتساءل عمَّا إذا كنتُ مصابًا بجنون الارتياب فحسب. ربما كانت تيس قد واصلت الشرب فقط بعد أن غادرت، وكانت ثمِلة، وهذا كلُّ ما في الأمر. وربما كان تشارلي يعبث معي في هذه المرحلة، محاولًا التلاعُبَ بي حتى أندفعَ إلى هنا من أجل لا شيء. عُدتُ ببطءٍ إلى غرفة المعيشة. لم تكن تيس قد تحرَّكَت. كانت لا تزال متقوقعةً على نفسها فوق الأريكة، ويدها تحت وجهها. جثمتُ على ركبتي واستطعتُ سماعَ تنفُّسها المنتظِم. استدرتُ يسارًا نحو الرَّدهة، مدرِكًا أن الأرضية القديمة كانت تُصدر صريرًا تحت وقع كلِّ خُطوة. بعد أن تجاوزت الدَّرج، دفعتُ باب الحمَّام لأفتحه. كان هناك ما يكفي من الضوء المنبعث من مصباح الرَّدهة لأرى أنه خالٍ.

ثم سمعتُ وقْع خطواتٍ خلفي، وتجمَّدَت أوصالي.

توقَّفَت الخطوات، لكنني سمعتُ أنفاسًا ثقيلة. استدرتُ، وشددتُ قبضتي على المرقاق. وقف همفري كلب الصيد ينظر إليَّ مستغربًا. رفعتُ يدي الخالية، وتقدَّم ليتشمَّمها، ثم فقدَ الاهتمام واستدار عائدًا نحو غرفة المعيشة.

استدرتُ مرةً أخرى، مقرِّرًا أنني بحاجةٍ إلى إلقاء نظرة على براين، الذي ينام في غرفة الضيوف، والتأكُّد من أنه كان بمفرده. ثم ربما يمكنني مغادرةُ المنزل؟ ربما لم أكن بحاجةٍ إلى البقاء هنا.

«ما اسمُ الكلب؟»

جاء الصوتُ من خلفي. تعرَّفتُ عليه بالطبع، واستدرتُ لأراه واقفًا في أسفل الدرَج، وضوءُ البهو يأتي من خلفه بحيث كان وجهه في الظِّل.

كان يحمل مسدسًا إلى جانبه دون اكتراثٍ، لكن عندما تقدَّمتُ خطوةً نحوه، نحو مارتي كينجشيب، رفعَه ووجَّهه نحو صدري.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤