الفصل الحادي والثلاثون

رنَّ جرسُ الهاتف، ثم تحوَّل إلى البريد الصوتي. ضغطتُ إنهاءَ المكالمة على هاتفي المحمول، وكنتُ على وشْك تحطيم الهاتف عندما رنَّ. كانت جوين مالفي هي المتصلة.

«مرحبًا.»

قالت: «ما الذي يجري؟»

«هل وصلَتكِ أيُّ أخبار؟»

«أخبارٌ بشأن ماذا؟»

«هناك رجلٌ ميت في بوسطن. اسمه مارتي كينجشيب، وهو تشارلي. إنه تشارلي الذي نبحث عنه. لقد قتل روبن كالاهان، وإيثان بيرد، وجاي برادشو. وقتل كذلك بيل مانسو وإيلين جونسون، وقبل ليلةٍ واحدة قتل نيكولاس برويت في نيو إسيكس، بولاية ماساتشوستس.»

قالت: «تمهَّل، أين هو الآن؟ هل قلت إنَّه ميت؟»

«لقد اتصلتَ للتوِّ بالطوارئ وأعطيتهم العنوان. لا بد أنهم في الطريق.»

«مَن قتله؟»

«أنا قتلتُه. أطلقتُ عليه النار في وقتٍ متأخِّر من ليلة أمس. على الأرجح صَبيحة اليوم. كان سيقتل براين وتيس موري ويجعل الأمر يبدو مثل جريمة «لُغز المنزل الأحمر».»

«مَن هو؟»

«كان يعمل ضابطَ شرطة في سميث فيلد، بولاية ماساتشوستس. ثم تقاعد وذهب ليعيش في بوسطن. كما أنه قتل إريك أتويل. لقد فعَلها بالوكالة عني، أنا طلبتُ منه ذلك. هكذا بدأ الأمر برُمَّته. إنه خطئي حقًّا. لقد بدأتُ ذلك. كان مارتي معتوهًا، لكنني بدأتُ الأمر.»

«ينبغي أن تتريَّث، يا مال. أين أنت الآن؟ هل يمكنني أن آتيَ إليك؟»

فكَّرتُ في الأمر لحظةً وجيزة. فكَّرتُ في رؤية جوين مرةً أخرى. لكنني علمتُ أيضًا أنه لا توجد طريقةٌ للقيام بذلك دون أن ينتهيَ بي الأمر خلف قضبان السجن، وقد قرَّرتُ منذ وقت طويل أنني لن أسمح بحدوث ذلك عن طِيب خاطر.

قلتُ: «آسف، كلَّا. ولا يمكنني التحدُّث طويلًا. فبمجرد أن ننتهيَ هنا، سأتخلَّص من هذا الهاتف المحمول. لديَّ خمسُ دقائق. ما الذي تريدين معرفته؟»

سمعتُ نفَسًا حادًّا، ثم قالت: «هل تأذَّيت؟»

«كلَّا، أنا بخير.»

«هل كنت تعلم أنَّه هو طَوال الوقت؟»

«مارتي؟ كلَّا، لم أكن أعلم. لقد خطَّطنا لكل شيءٍ عبْر الإنترنت، ولم يمنح أحدُنا الآخر هُويَّته قط. لقد اكتشف مَن أكون، ثم وجد قائمتي، وشرَع في استخدامها. لم أكتشف هُويته سوى أمسِ فقط. ولو كنتُ أعرفُ من قبل، لكنتُ أخبرتُك.»

«قلت إنَّ نيكولاس برويت مات. هذا هو الاسم الذي منحتَني إياه، أليس كذلك؟ آخرَ مرة تحدَّثنا فيها؟»

«اعتقدتُ أنَّ برويت ربما كان تشارلي، لكنه لم يكن كذلك. لقد مات بسبب جرعةٍ زائدة من الكحول ونوع من المخدرات. عايني المنزل بحثًا عن بصمات كينجشيب. ستكون على الأرجح هناك.»

«يا إلهي!»

«انظري، عندما تتحدَّثين مع المحقِّقين في هذه القضية، فقط أخبريهم أنني اتصلتُ بكِ وأعطيتُكِ هذه المعلومات. لستُ بحاجةٍ إلى القول بأنك أتيتِ ووجَدتِني في بوسطن. أريدك أن تستعيدي وظيفتك.»

«لستُ متأكِّدةً من حدوث ذلك.»

«أعتقدُ أنَّ هذا ما سيحدث. سوف تنالين بعض التقدير وسيكون لكِ الفضلُ في اكتشاف الصلة بين القائمة وجرائم القتل. امنحيهم المعلومات التي ليست في حوزتهم. لقد قتل إريك أتويل بمسدَّس قال إنه أخذه من مسرح جريمة. أخبريهم أننا التقينا على موقعٍ إلكتروني يُسمى «دوكبرج». ستكونين على ما يُرام.»

«لديَّ الكثير من الأسئلة.»

«عليَّ الذَّهاب. آسف، جوين.»

«هل يمكنني أن أسألك سؤالًا آخرَ، إذن؟»

قلتُ: «بالطبع». كنتُ أعرفُ ماذا سيكون.

«ماذا حدث لوالدي؟ هل قتل مارتي ستيف كليفتون؟»

لا بد أنني تردَّدتُ بضعَ ثوانٍ لأنها أضافت: «أم كان هذا أنت؟ أريدُ أن أعرف.»

«بعد كلير … بعد وفاة زوجتي، كنت أجد صعوبةً كبيرةً في تذكُّر العام التالي. كانت لديَّ أحلام مروِّعة، وكان يملؤني شعور بالذنب، وربما كنت أسرفُ في الشراب.»

قالت: «حسنًا.»

«وخلال ذلك الوقت، كان لديَّ هذا الحُلم المتكرِّر، وأحيانًا أتساءلُ عمَّا إذا كان قد حدث بالفعل». كان الجوُّ باردًا حيث كنت أقف، لكن كان بإمكاني الشعورُ بالعَرق يتقاطر على مؤخرة عنقي بينما كنت أتحدَّث. «في هذا الحُلم صدمت والدك بسيارتي. خرَجتُ لأرى إن كان بخير، ولم يكن كذلك بالطبع، لكنه كان لا يزال على قيد الحياة. كانت ساقاه في اتجاه والجزء العلويُّ من جسده في الاتجاه الآخر. أخبرتُه مَن أنا وسبب وجودي هناك، ثم شاهدتُه يموت.»

قالت جوين بصوتٍ لم أستطِع قراءته: «حسنًا، شكرًا.»

قلتُ: «ما زال يبدو كأنه حُلم. كلُّ هذا يبدو وكأنه حُلم.»

«هل أنت متأكِّد أنك لا تستطيع مقابلتي؟ يمكنني القدوم إليك. سآتي بمفردي.»

قلتُ بعد لحظة: «لا. آسفٌ جوين، أنا فقط لا أستطيع. إنني فقط لا أعتقد أنه يمكنني التحملُ إذا هم اعتقلوني …»

«قلتُ لك إنني سآتي بمفردي.»

«ولا أريدُ أن أجيب عن أي أسئلة أخرى. لا أريد أن أسترجع الماضيَ أكثر مما كان عليَّ فِعله في الأيام القليلة الماضية. لقد كان على سبيل الحظ المحض أنني حظيتُ بتلك السنوات القليلة، على الرغم من أنني في أعماقي، كنت أعلمُ أنه لا يمكن أن يدوم. آسف، لا أستطيع رؤيتك مرةً أخرى. هذا مستحيل.»

قالت جوين: «لديك الخيار في هذا الشأن.»

«كلَّا. أنا حقًّا لا أملكُ الخيار. قد لا يبدو الأمر كذلك بالنسبة إليك، لكن خلال السنوات الخمس الماضية … انتابتني أحلامٌ رهيبة كلَّ ليلة. لقد تمكَّنتُ من الاستمرار؛ لأنَّ ذلك كان كلَّ ما استطعتُ أن أفعله، لكن لم يكن هناك أيُّ متعة فيه. لم أعُد خائفًا، لكنني متعب.»

ظننتُ أنني سمعتُ تنهيدةً على الطرَف الآخر من الخط.

قالت جوين: «هل هناك أيُّ شيءٍ آخر تودُّ أن تخبرني به؟»

«كلَّا.»

«حسنًا. لكن ما قلته لي هو الحقيقة؟»

قلتُ: «أجل. كلُّ ما قلتُه صحيح.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤