الفصل الثاني

في أحكام الإسلام

ذكرنا في الباب الخامس الطرف الهام من مبادئ الإسلام، ونبيِّن في هذا الباب طرفًا من الأحكام الشرعية المنبعثة عن تلك المبادئ، ويمكننا إجمال ذلك في النقاط الآتية:
  • (١)

    حرَّم الإسلام القيام بكل ما يخلُّ بالشرف والمروءة من السرقة والرشوة والزنا وما إلى ذلك.

  • (٢)

    حرَّم الإسلام سفك الدماء وقتل الأنفس إلا بالحق، وللإمام أو القاضي وحدهما حق إقامة الحدود والقصاص.

  • (٣)

    نهى الإسلام عن أكل مال الآخرين ظلمًا، وأخذ مال اليتيم، واستحلال الربا، وكلِّ ما فيه تعدٍّ على أموال الناس.

  • (٤)

    نهى الإسلام عن السبِّ والشتم وقذف المحصنات والفجر.

  • (٥)

    أمر الإسلام بصلة الأرحام وبر الوالدين وحسن الجوار، قال — عليه الصلاة والسلام: «يقول الله تعالى: أنا الرحمن الرحيم، وهذه الرحمة شققت لها اسمًا من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته.» وقال : «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.»

  • (٦)

    أمر الإسلام بأداء الأمانات والمحافظة على أموال القاصرين وحفظ حقوق الآخرين.

  • (٧)

    أوجب المسلمون أمورًا وأحكامًا في مسائل البيوع والشراء والإجارة والرهن والدَّين والصلح والحوالة والشركة والوكالة والشفعة والإجارة والفرائض والوصايا والودائع، وأجمعوا على العمل بها والاستحسان لها، وقد استنبط تلك الأمور والأحكام أئمة ومجتهدون شهد لهم رجال أزمانهم والذين جاءوا من بعدهم بالعقل والعلم والأمانة والإخلاص. وليس ما أوجبوه من صلب الشرع، ولكن اجتهادهم أدَّاهم إلى ذلك، فإذا أدى اجتهادُ مَن بعدهم ممن أجمعت لهم الشروط المطلوبة في الاجتهاد كان ذلك حسنًا؛ لأن ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن.

  • (٨)

    درس الأئمة والمجتهدون من المسلمين قضايا القضاء والنكاح والطلاق والرضاع والعتاق والنفقات والجنايات والقسامة والقتال والجهاد والحدود والحظر والإباحة، فأجمع رأيهم على أشياء توصلوا إليها باجتهادهم فعمل بها جمهور الأمة، ولكن هذا لا يمنع أن تتبدل هذه الأحكام بتبدُّل الأوقات.

  • (٩)

    أوجب الإسلام تعلُّم العلم وطلب المعرفة على كل مسلم ومسلمة، وليس العلم بكثرة الرواية، وإنما العلم نور يقذف في القلب.

  • (١٠)
    حضَّ الإسلام على النظافة الجسدية والروحية، فقد قال — عليه الصلاة والسلام: «الدين النظافة.» وليست النظافة مرادة في الثياب، بل وفي القلب.١
  • (١١)
    أوجب الإسلام على متابعيه كثيرًا من الأخلاق الفاضلة؛ كالتواضع، والشفقة، والنصح، ومعرفة آداب الطعام والشراب والضيافة والجوار، وصلة الرحم، وفك الأسير، وإشباع الجائع، وإفشاء السلام، وقضاء حاجات ذوي الحاجات، ولين الكلام، وعيادة المرضى، وتشييع الجنائز، والجود، وكظم الغيظ، والبعد عن اللعب واللهو والفحش والحقد والحسد والطيرة والبغي والعدوان. وجاء في ذلك أحاديث: منها قوله — عليه السلام — لمعاذ: «أوصيك باتقاء الله تعالى، وصدق الحديث، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، وحفظ الجار، ورحمة اليتيم، ولين الكلام، وبدء السلام، وحسن العمل، وقصر الأمل، ولزوم الإيمان، والتفقُّه في القرآن، وحب الآخرة، والجزع من الحساب، وخفض الجناح. وأنهاك أن تسبَّ حكيمًا، أو تكذِّب صادقًا، أو تطيع آثمًا، أو تعصي إمامًا عادلًا، أو تفسد أرضًا. وأوصيك باتقاء الله عند كل حجر وشجر ومدر، وأن تحدث لكل ذنب توبة السر بالسر والعلانية بالعلانية.»٢
  • (١٢)
    عني الإسلام بالأسرة عناية كبيرة، فدعا إلى الزواج، وأباح الطلاق على أنه ضرورة، وفرض النفقات للزوجة والأولاد والأصول، وخصَّ للمرأة على زوجها حقوقًا كثيرة، وحرَّم التزوج بنساء ذكرهن في الآية (٢٣) من النساء وهي: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا. وأباح الإسلام التزوج بأكثر من واحدة شريطة العدل بينهن، وليس العدل بينهن من الأمور السهلة: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ (النساء: ١٢٩).
  • (١٣)

    أباح الإسلام الاسترقاق، جريًا على تقاليد الحروب والأوضاع الاجتماعية التي كان عليها الناس في ذلك الوقت، ولكنه عني بالأسرى عناية شديدة، وفرض إعتاق الرقاب، وجعله من أجل القرب من الله، كما جعل إعتاق الرقاب كفارة لبعض الذنوب والخطايا الشرعية، وفي ذلك رأفة بهم ورحمة.

١  المرشد الأمين للغزالي، ص١٣٦.
٢  المرشد الأمين، ص١٥٧.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤