تقديم

موضوع هذا الكتاب نشأة العقيدة الإلهيَّة، منذ اتخذ الإنسان ربًّا إلى أن عَرف الله الأحد، واهتدى إلى نزاهة التوحيد.

وقد بدأناه بأصل الاعتقاد في الأقوام البدائية، ثم لخَّصْنا عقائد الأقوام التي تقدمت في عصور الحضارة، ثم عقائد المؤمنين بالكتب السماوية، وشفعنا ذلك بمذاهب الفلاسفة الأسبقين، ومذاهب الفلاسفة التابعين، وختمناه بمذاهب الفلسفة العصرية، وكلمة العلم الحديث في مسألة الإيمان.

وكانت عنايتنا فيه بالعقيدة الإلهية دون غيرها، فلم نقصد فيه إلى تفصيل شعائر الأديان ولا إلى تقسيم أصول العبادات؛ لأن الموضوع — على حصره في نطاقه هذا — أوسع من أن يُسْتقصى كلَّ الاستقصاء في كتابٍ.

وإنَّ موضوعًا كهذا الموضوع المُحيط لَعُرْضَةٌ للتشعُّب والتطويل كيفما تناوله الكاتب ومن أيِّ جانب تحرَّاه، فلا بد فيه من إيجاز، ولا بد فيه من اكتفاء.

غير أننا تحرَّيْنا الإيجاز، وتحرَّيْنا معه أن يُغنينا فيما قصدناه، وذاك هو الإلمام بأطوار العقيدة الإلهية على وجهتها إلى التوحيد، وأن تكون هذه الأطوار مفهومة العلل والمقدمات.

وإن الله الذي هدى الأمم كافة إلى هذا المنهج البعيد، لكفيل أن يهدينا إليه، وأن يوفقنا لسداد النظر فيه، فلا هداية إلا به، ولا معول إلا عليه، إنه سميع بصير مجيب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤