باب النسيب

خدَعوها

خدَعوها بقَولهم حسناءُ
والغواني يغرُّهنَّ الثَّناءُ
أتُراها تناسَتِ اسميَ لمَّا
كثُرَت في غرامِها الأسماءُ
إن رأتني تميل عني كأن لم
تكُ بيني وبينها أشياءُ
نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ
فكلامٌ فمَوعدٌ فلِقاءُ
يومَ كُنَّا ولا تسَل كيف كُنَّا
نتهادى من الهوى ما نشاءُ
وعلينا من العَفافِ رقيبٌ
تعِبَت في مِراسِه الأهواءُ
جاذَبَتني ثوبي العَصيَّ وقالت
أنتمُ الناسُ أيُّها الشعراءُ
فاتقوا اللهَ في قلوبِ العذارى
فالعذارى قلوبُهنَّ هواءُ

أخذ البيت الرابع فزاد قوله:

نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ
فكلامٌ فمَوعدٌ فلِقاءُ
ففِراقٌ يكون فيه دواءٌ
أو فِراقٌ يكون منه الدَّاءُ

وقال:

لا السُّهْدُ يطويه ولا الإغضاءُ
ليلٌ عِدادُ نُجومِه رُقَباءُ
داجي عُبابِ الجُنحِ فوضى فُلْكُهُ
ما للهموم ولا لها إرساءُ
أغزالةَ الإشراق أنتِ من الدُّجى
ومن السُّهادِ إذا طلعتِ شِفاءُ
رفقًا بجفنٍ كلما أبكَيتِهِ
سال العَقيقُ١ به وقام الماءُ
ما مدَّ هُدبَيهِ ليصطادَ الكرى
إلا وطَيفُكِ في الكرى العَنقاءُ
من لي بهنَّ لياليًا نهِلَ٢ الصِّبا
مما أفَضنَ وعلَّتِ٣ الأهواءُ
ألَّفنَ أوطاري فعيشيَ والمُنى
في ظلِّهنَّ الكأسُ والصَّهباءُ

وقال:

سُوَيجعَ النيلِ رِفقًا بالسُّوَيداءِ
فما تُطيقُ أنينَ المفردِ النائي٤
لله وادٍ كما يَهوى الهوى عَجَبٌ
تركتَ كلَّ خليٍّ فيه ذا داءِ
وأنتَ في الأسْرِ تشكو ما تُكابده
لصخرةٍ من بني الأعجام صمَّاءِ
اللهَ في فنَنٍ تلهو الزمانَ به
فإنما هو مشدودٌ بأحشائي
وفي جوانحك اللاتي سمحتَ بها
فلو ترفَّقتَ لم تسمح بأعضائي
ماذا تريد بذي الأنَّاتِ في سهري
هذي جفونيَ تَسقي عهدَ إغفائي
حسْبُ المَضاجعِ مني ما تُعالج من
جَنْبي ومن كبدٍ في الجَنبِ حرَّاءِ
أُمسي وأُصبحُ من نَجْواك في كَلَفٍ
حتى لَيَعشقُ نُطقي فيك إصغائي
الليلُ يُنهِضني من حيث يُقعِدني
والنجمُ يملأ لي والفكرُ صَهبائي
آتي الكواكبَ لم أنقل لها قَدمًا
لا ينقضي سهري فيها وإسرائي
وألحَظُ الأرضَ أطوي ما يكون إلى
ما كان من آدمٍ فيها وحوَّاءِ
مُؤيَّدًا بك في حِلِّي ومُرتحَلي
وما هما غيرُ إصباحي وإمسائي
تُوحي إليَّ الذي تُوحي وتسمع لي
وفي سماعك بعد الوحي إغرائي

قال أبو نواس:

يا ويْحَ أهليَ أبلَى بينَ أعيُنِهم
على الفراشِ ولا يَدرُون ما دائي

وطُلِب إليه تشطير هذا البيت فقال:

يا ويْحَ أهليَ أبلَى بينَ أعيُنِهم
ويدرُجُ الموتُ في جسمي وأعضائي
وينظرون لجَنبٍ لا هدوءَ له
على الفراشِ ولا يَدرُون ما دائي

وقال:

منكَ يا هاجرُ دائي
وبكفَّيكَ دَوائي
يا مُنَى روحي ودنيا
يَ وسُؤْلي ورَجائي
أنت إن شئتَ نعيمي
وإذا شئتَ شقائي
ليس من عُمريَ يومٌ
لا ترى فيه لِقائي
وحياتي في التداني
ومَماتي في التنائي
نَم على نسيانِ سُهدي
فيك واضحك من بُكائي
كلُّ ما ترضاه يا مَو
لايَ يرضاه ولائي
وكما تعلَم حُبِّي
وكما تدري وَفائي
فيك يا راحةَ روحي
طالَ بالواشي عَنائي
وتوارَيتُ بدمعي
عن عيونِ الرُّقَباءِ
أنا أهواكَ ولا أر
ضى الهوى من شُرَكائي
غِرتُ حتى لَترى أر
ضيَ غَيرَى من سمائي
ليتني كنتُ رِداءً
لك أو كنتَ رِدائي
ليتني ماؤك في الغُلَّـ
ـةِ أو ليتَك مائي

وقال:

لقد لامني يا هندُ في الحب لائمٌ
مُحِبٌّ إذا عُدَّ الصِّحابُ حبيبُ
فما هو بالواشي على مذهب الهوى
ولا هو في شرعِ الوداد مُريبُ
وصفتُ له من أنتِ ثم جرى لنا
حديثٌ يهمُّ العاشقين عجيبُ
وقُلتُ له صبرًا فكلٌّ أخي هوًى
على يدِ من يَهوى غدًا سيتوبُ

وقال:

على قدرِ الهوى يأتي العِتابُ
ومن عاتبتُ يَفديه الصِّحابُ
ألومُ مُعذِّبي فألومُ نفسي
فأُغضِبها ويُرضيها العذابُ
ولو أني استطعتُ لَتُبتُ عنه
ولكنْ كيف عن روحي المَتابُ
ولي قلبٌ بأن يهوى يُجازى
ومالِكُه بأن يَجني يُثابُ
ولو وُجِد العِقابُ فعلتُ لكن
نِفارُ الظَّبي ليس له عِقابُ
يلوم اللائمون وما رأوه
وقِدمًا ضاع في الناس الصَّوابُ
صحَوتُ فأنكر السُّلوانُ قلبي
عليَّ وراجَعَ الطَّرَبَ الشبابُ
كأنَّ يدَ الغرامِ زِمامُ قلبي
فليس عليه دون هوًى حِجابُ
كأنَّ روايةَ الأشواقِ عَودٌ
على بدءٍ وما كمُلَ الكِتابُ
كأني والهوى أخَوَا مُدامٍ
لنا عهدٌ بها ولنا اصطحابُ
إذا ما اعتضتُ عن عشقٍ بعشقٍ
أُعِيدَ العهدُ وامتدَّ الشَّرابُ

وقال:

أريدُ سُلوَّكم والقلبُ يأبى
وأعتِبُكم ومِلءُ النفس عُتبى
وأهجركم فيَهجرني رُقادي
ويُضوِيني الظلامُ أسًى وكَرْبا٥
وأذكُركم برؤيةِ كلِّ حُسنٍ
فيصبو ناظري والقلبُ أصْبَى٦
وأشكو من عذابي في هواكم
وأجزيكم عن التعذيب حُبَّا
وأعلمُ أن دأبكمُ جفائي
فما بالي جعلتُ الحُبَّ دأبا
ورُبَّ مُعاتَبٍ كالعيش يُشكى
ومِلءُ النفس منه هوًى وعُتبى
أتَجزيني عن الزُّلفى نِفارًا
عتَبتُك بالهوى وكفاك عَتبا
فكلُّ ملاحةٍ في الناس ذنبٌ
إذا عُدَّ النِّفارُ عليكَ ذنبا
أخذتُ هواك عن عيني وقلبي
فعيني قد دعَت والقلبُ لبَّى
وأنتَ من المحاسن في مِثالٍ
فدَيتُكَ قالَبًا فيه وقَلْبا
أُحِبُّك حين تَثني الجِيدَ تِيهًا
وأخشى أن يصيرَ التِّيهُ دَأبا
وقالوا في البديلٍ رضًا ورَوحٌ
لقد رُمتُ البديلَ فرُمتُ صَعبا
وراجَعتُ الرشادَ عَساي أسلو
فما بالي مع السُّلوانِ أصبى
إذا ما الكأسُ لم تُذهِبْ همومي
فقد تبَّت يدُ الساقي وتبَّا
على أني أعَفُّ مَنِ احتساها
وأكرَمُ من عذارى الدير شُربا
ولي نفسٌ أُروِّيها فتزكو
كزهرِ الورد ندَّوه فهبَّا

وقال:

روَّعوه فتَولَّى مُغضَبا
أعَلِمتُم كيف ترتاعُ الظِّبا
خُلِقَت لاهيةً ناعمةً
رُبَّما روَّعها مرُّ الصَّبا
لي حبيبٌ كُلَّما قِيلَ له
صدَّقَ القولَ وزكَّى الرِّيَبا
كذَب العُذَّالُ فيما زعموا
أمَلِي في فاتِني ما كذبا
لو رأونا والهوى ثالِثُنا
والدُّجى يُرخي علينا الحُجُبا
في جِوارِ الليل في ذمَّتِهِ
نذكُر الصبحَ بألا يقربا
مِلءُ بُردَينا عفافٌ وهوًى
حفِظَ الحُسنَ وصُنتُ الأدبا
يا غزالًا أهِلَ٧ القلبُ به
قلبيَ السَّفحُ وأحنى مَلعبا
لك ما أحببتَ من حبَّتِهِ
مَنهلًا عَذبًا ومَرعًى طيِّبا
هو عندَ المالكِ الأولى به
كيف أشكو أنه قد سُلِبا
إن رأى أبقى على مملوكه
أو رأى أتلفه واحتسبا
لك قدٌّ سجدَ البانُ له
وتمنَّت لو أقلَّته الرُّبا
ولِحاظٌ من معاني سِحره
جمع الجفنُ سهامًا وظُبا٨
كان عن هذا لقلبي غُنيةٌ
ما لقلبي والهوى بعد الصِّبا
فِطرتي لا آخُذ القلبَ بها
خُلِقَ الشاعرُ سَمحًا طَرِبا
لو جلَوا حُسنَك أو غنَّوا به
ﻟ «لَبيدٍ» في الثمانينَ صَبا٩
أيها النفسُ تجدِّين سُدًى
هل رأيتِ العيشَ إلا لَعِبا
جَرِّبي الدنيا تهُنْ عندك ما
أهوَنَ الدنيا على من جرَّبا
نِلتِ فيما نِلتِ من مَظهرها
ومُنِحتِ الخُلدَ ذِكرًا ونَبا

وقال والمعنى لشاعرٍ تركي:

ما تلكَ أهدابي تَنظَّـ
ـمَ بينها الدمعُ السَّكوبْ
بل تلك سُبحةُ لؤلؤٍ
تُحصى عليك بها الذُّنوبْ

وقال:

لا والقوامِ الذي والأعينِ اللاتي
ما خُنتُ رَبَّ القَنا والمَشرفيَّاتِ
ولا سلوتُ ولم أهمُم ولا خطرَت
بالبالِ سَلْواكِ في ماضٍ ولا آتِ
وخاتَمُ المُلكِ للحاجاتِ مُطَّلَبٌ
وثَغرُكِ المتمنَّى كلُّ حاجاتي

وقال:

لحْظَها لحْظَها رُوَيدًا رُوَيدا
كم إلى كم تَكيدُ للروحِ كيدا
كُفَّ أو لا تكُفَّ إنَّ بجنبي
لَسِهامًا أرسَلتَها لن تُرَدَّا
تصِلُ الضربَ ما أرى لك حدًّا
فاتَّقِ اللهَ والتزِمْ لك حدَّا
أو فصُغ لي من الحجارة قلبًا
ثم صُغ لي من الحدائدِ كِبْدا
واكفِ جَفنيَّ دافقًا ليس يَرْقا
واكفِ جَنبيَّ خافِقًا ليس يَهْدا
فمِن الغَبْنِ أن يصير وعيدًا
ما قطعتُ الزمانَ أرجوه وعْدا

وقال:

الرُّشدُ أجمَلُ سِيرةً يا أحمدُ
ودُّ الغواني من شَبابِكَ أبعَدُ
قد كان فيكَ لِودِّهنَّ بقيةٌ
واليومَ أوشكَتِ البقيةُ تَنفَدُ
«هاروتُ» شِعرِكَ بعدَ «ماروتِ» الصبا
أعيا وفارَقه الخليلُ المُسعِدُ
لما سمِعنَكَ قُلْنَ شِعرٌ أمرَدٌ
يا ليت قائلَه الطَّريرُ الأمرَدُ
ما للَّواهي الناعماتِ وشاعرٍ
جعل النسيبَ حبالةً يتصيَّدُ
ولكَم جمعتَ قلوبهن على الهوى
وخدَعتَ من قطعَت ومن تتودَّدُ
وسخِرتَ من واشٍ وكِدتَ لِعاذلٍ
واليومَ تنشُدُ من يَشِي ويُفنِّدُ
أئذا وجدتَ الغِيدَ ألهاكَ الهوى
وإذا وجدتَ الشِّعرَ عزَّ الأغيَدُ

وقال:

إن الوُشاةَ وإن لم أحصِهم عَددا
تعلَّموا الكيدَ من عينَيك والفَنَدا١٠
لا أخلَفَ اللهُ ظنِّي في نواظرِهم
ماذا رأت بِيَ ممَّا يبعثُ الحسدا
هم أغضَبوكَ فرَاح القدُّ مُنثنيًا
والجَفنُ مُنكسِرًا والخدُّ مُتَّقِدا
وصادفوا أذُنًا صَغواءَ ليِّنةً
فأسمعوها الذي لم يُسمِعوا أحدا
لولا احتراسيَ من عينَيك قُلتُ ألا
فانظر بعينَيك هل أبقَيتَ لي جَلدا؟
اللهَ في مُهجةٍ أيتَمتَ واحدَها
ظلمًا وما أتَّخذَت غيرَ الهوى ولدا
ورُوحِ صبٍّ أطالَ الحبُّ غُربتَها
يخافُ إن رجعَت أن تُنكِرَ الجسدا
دَعِ المواعيدَ إني مِتُّ من ظمأٍ
وللمواعيدِ ماءٌ لا يبلُّ صَدى
تدعو ومن ليَ أن أسعى بلا كَبِدٍ
فمَن مُعِيريَ من هذا الورى كَبِدا

وقال:

بثَثتُ شكوايَ فذابَ الجليدْ
وأشفَقَ الصخرُ ولانَ الحديدْ
وقلبُك القاسي على حاله
هيهاتَ بل قَسوتُه لي تَزيدْ

وقال:

يمدُّ الدُّجى في لَوعتي ويَزيدُ
ويُبدِئُ بثِّي في الهوى ويُعيدُ
إذا طال واستعصى فما هي ليلةٌ
ولكنْ ليالٍ ما لهنَّ عَديدُ
أرِقتُ وعادَتني لذكرى أحِبَّتي
شُجونٌ قِيامٌ بالضلوع قُعودُ
ومن يحمل الأشواقَ يتعبْ ويختلف
عليه قديمٌ في الهوى وجديدُ
لقيتَ الذي لم يلقَ قلبٌ من الهوى
لك اللهُ يا قلبي أأنت حديدُ
ولم أخلُ من وجدٍ عليك ورِقَّةٍ
إذا حلَّ غِيدٌ أو ترحَّلَ غِيدُ
ورَوضٍ كما شاءَ المُحِبُّون ظِلُّهُ
لهم ولأسرارِ الغرامِ مَديدُ
تُظلِّلُنا والطيرَ في جنَباتِهِ
غصونٌ قيامٌ للنسيم سجودُ
تميل إلى مُضنى الغرام وتارةً
يُعارضها مُضنى الصَّبا فتَحيدُ
مشى في حواشيها الأصيلُ فذُهِّبَت
ومارت عليها الحَليُ وهْي تَميدُ
وقامت لديها الطيرُ شتَّى فآنِسٌ
بأهلٍ ومَفقودُ الأليفِ وَحيدُ
وباكٍ ولا دمعٌ وشاكٍ ولا جوًى
وجَذْلانُ يشدو في الرُّبا ويُشيدُ
وذي كَبْرةٍ لم يُعطَ بالدهر خبرةً
وعُرْيانَ كاسٍ تَزدَهيه مُهودُ
غشِيناهُ والأيامُ تَندى شَبيبةً
ويقطُرُ منها العيشُ وهْو رَغيدُ
رأت شفقًا يَنعى النهارَ مُضرَّجًا
فقُلتُ لها حتى النهارُ شَهيدُ
فقالت وما بالطير قُلتُ سكينةٌ
فما هي ممَّا نبتغي ونَصيدُ
أُحِلَّ لنا الصَّيدانِ يومَ الهوى مَهًا
ويومَ تُسَلُّ المُرهَفاتُ أُسودُ
يُحطَّمُ رُمحٌ دوننا ومُهنَّدٌ
ويقتلنا لَحظٌ ويأسر جِيدُ
ونحكم حتى يقبَلَ الدهرُ حُكمَنا
ونحن لسلطان الغرام عبيدُ
أقول لأيام الصِّبا كلما نأت
أما لكَ يا عهدَ الشباب مُعيدُ
وكيف نأت والأمسُ آخرُ عهدِها
لَأمسِ كباقي الغابراتِ عهيدُ١١
جزِعتُ فراعَتني من الشَّيبِ بَسمةٌ
كأني على دربِ المشيبِ «لَبيدُ»
ومن عبثِ الدنيا وما عبثَت سُدًى
شبَبْنا وشِبْنا والزمانُ وليدُ

وقال:

هامَ الفؤادُ بشادنٍ
ألِفَ الدَّلالَ على المَدى
أبكِي فيضحكُ ثَغرُهُ
والكِمُّ يفتحُه النَّدى١٢

وقال عن شاعرٍ تركي:

للعاشقين رِضاكَ والـ
ـحُسنى ولي هجرٌ وصدُّ
ذُكِروا فكانوا سُبحةً
وأنا العلامةُ لا تُعَدُّ

وقال:

في مقلتَيك مَصارعُ الأكبادِ
اللهَ في جنبٍ بغيرِ عِمادِ
كانت له كَبِدٌ فحاقَ بها الهوى
قُهِرَت وقد كانت من الأطوادِ
وإذا النفوسُ تطوَّحَت في لذةٍ
كانت جِنايتُها على الأجسادِ
نَشْوى وما يُسقَينَ إلا راحتي
وَسْنى وما يَطعَمنَ غيرَ رُقادي
ضَعْفى وكم أبلَينَ من ذي قوة
مَرْضى وكم أفنَينَ من عُوَّادِ
يا قاتَلَ اللهُ العيونَ فإنها
في حَرِّ ما نَصلى الضعيفُ البادي
قاتَلنَ في أجفانِهنَّ قلوبَنا
فصرَعنَها وسلِمنَ بالأغمادِ
وصبَغنَ من دمها الخدودَ تنصُّلًا
ولقِينَ أربابَ الهوى بسَوادِ

وقال:

قِف باللواحظِ عندَ حدِّكْ
يكفيكَ فتنةُ نارِ خدِّكْ
واجعل لِغِمدِكَ هُدنةً
إن الحوادثَ مِلءُ غِمدِكْ
وصُنِ المحاسنَ عن قلو
بٍ لا يدَينِ لها بجُندِكْ
نظرَت إليكَ عن الفُتو
رِ وما اتَّقَت سطَواتِ حدِّكْ
أعلى رواياتِ القَنا
ما كان نِسبتُه لقَدِّكْ
نال العواذلُ جهدَهم
وسمعتَ منهم فوقَ جهدِكْ
نقلوا إليكَ مقالةً
ما كان أكثَرُها لعبدِكْ
قسَمًا بما حمَّلتَني
فحملتُ من وجْدي وصدِّكْ
ما بي السهامُ الكُثْرُ من
جَفنَيكَ لكنْ سهمُ بُعدِكْ

وقال:

مُضناك جفاهُ مَرقَدُهُ
وبكاه ورحَّم عُوَّدُهُ
حيرانُ القلبِ مُعذَّبُهُ
مَقروحُ الجَفنِ مُسهَّدُهُ
أوْدَى حرَقًا إلا رمَقًا
يُبقيه عليك وتُنفِدُهُ
يستهوي الوُرْقَ تأوُّهُهُ
ويُذيبُ الصخرَ تنهُّدُهُ
ويُناجي النجمَ ويُتعِبُهُ
ويُقيمُ الليلَ ويُقعِدُهُ
ويُعلِّمُ كلَّ مُطوَّقةٍ
شجَنًا في الدَّوحِ تُردِّدُهُ
كم مدَّ لِطَيفِكَ من شرَكٍ
وتأدَّب لا يتصيَّدُهُ
فعساك بغُمضٍ مُسعِفُهُ
ولعلَّ خيالَك مُسعِدُهُ
الحُسنُ حلفتُ بيُوسُفِهِ
«والسُّورةِ» إنك مُفرَدُهُ
قد ودَّ جمالَك أو قبَسًا
حوراءُ الخُلدِ وأمرَدُهُ
وتمنَّت كلُّ مُقطِّعةٍ١٣
يدَها لو تُبعَثُ تشهدُهُ
جحدَت عَيناك زكيَّ دمي
أكذلك خدُّك يجحدُهُ
قد عزَّ شُهودي إذ رمَتا
فأشرتُ لخدِّك أُشهِدُهُ
وهممتُ بجِيدِك أُشرِكُهُ
فأبَى واستكبر أصيَدُهُ
وهززتُ قَوامَك أعطفُهُ
فنَبا وتمنَّع أملَدُهُ
سببٌ لرِضاك أُمهِّدُهُ
ما بالُ الخصرِ يُعقِّدُهُ
بيني في الحبِّ وبينك ما
لا يقدِرُ واشٍ يُفسِدُهُ
ما بالُ العاذلِ يفتح لي
بابَ السُّلوانِ وأُوصِدُهُ
ويقول تكاد تُجَنُّ به
فأقول وأُوشِكُ أعبُدُهُ
مَولاي ورُوحي في يده
قد ضيَّعها سلِمَت يدُهُ
ناقوسُ القلب يدقُّ له
وحنايا الأضلُعِ مَعبَدُهُ
قسَمًا بثنايا لؤلئِها
قسَمَ الياقوتَ مُنضَّدُهُ
ورُضابٍ يُوعَدُ كَوثرُهُ
مقتولُ العِشقِ ومُشهَدُهُ
وبخالٍ كاد يُحَجُّ له
لو كان يُقبَّلُ أسوَدُهُ
وقَوامٍ يروي الغصنُ له
نسَبًا والرمحُ يُفنِّدُهُ
وبخَصرٍ أوهَنَ من جلَدي
وعوادي الهجرِ تُبدِّدُهُ
ما خُنتُ هواكَ ولا خطرَت
سَلوى بالقلبِ تُبرِّدُهُ

وقال:

بالله يا نسَماتِ النيل في السَّحَرِ
هل عندَكنَّ عن الأحبابِ من خَبرِ
عرفتُكنَّ بعَرفٍ لا أُكيِّفه
لا في الغوالي ولا في النَّورِ والزَّهَرِ
من بعض ما مسحَ الحُسنُ الوجوهَ به
بينَ الجبينِ وبينَ الفرقِ والشَّعَرِ
فهل علِقتُنَّ أثناءَ السُّرى أرَجًا
من الغدائر أو طِيبًا من الطُّرَرِ
هِجتُنَّ لي لَوعةً في القلبِ كامنةً
والجُرحُ إن تعترضْهُ نَسْمةٌ يَثُرِ
ذكرتُ مصرَ ومن أهوى ومَجلسَنا
على الجزيرة بينَ الجسرِ والنَّهَرِ
واليومُ أشيَبُ والآفاقُ مُذهَبةٌ
والشمسُ مُصفرَّةٌ تجري لمُنحدَرِ
والنخلُ مُتَّشِحٌ بالغيم تحسبُهُ
هِيفَ العرائسِ في بِيضٍ من الأزُرِ
وما شجانيَ إلا صوتُ ساقيةٍ
تستقبلُ الليلَ بين النَّوحِ والعبَرِ
لم يترك الوجْدُ منها غيرَ أضلُعِها
وغيرَ دَمعٍ كصَوبِ الغيثِ مُنهمِرِ
بخيلةٌ بِمآقيها فلو سُئلَت
جَفنًا يُعينُ أخا الأشواقِ لم تُعِرِ
في ليلةٍ من ليالي الدهرِ طيِّبةٍ
محا بها كلَّ ذنبٍ غيرِ مُغتفَرِ
عفَّت وعفَّ الهوى فيها وفاز بها
عَفُّ الإشارةِ والألفاظِ والنظرِ
بِتْنا وباتت حَنانًا حولَنا ورِضًا
ثلاثةً بين سمْعِ الحبِّ والبصرِ
لا أكذِبُ اللهَ كان النجمُ رابِعَنا
لو يُذكَرُ النجمُ بعد البدر في خبرِ
وأنصفَتنا فظُلمٌ أن نُجازِيَها
شكوى من الطُّولِ أو شكوى من القِصَرِ
دَع بعدَ رِيقةِ من تهوى ومَنطِقِهِ
ما قِيلَ في الكأس أو ما قِيلَ في الوتَرِ
ولا تُبالِ بكَنزٍ بعدَ مَبسِمِهِ
أغلى اليواقيتِ ما أُعطِيتَ والدُّرَرِ
ولم يرُعْنيَ إلا قولُ عاذلةٍ
ما بالُ أحمدَ لم يَحلُمْ ولم يَقِرِ
هلَّا ترفَّعَ عن لهوٍ وعن لَعِبٍ
إن الضغائرَ تُغرِي النفسَ بالصِّغَرِ
فقُلتُ للمَجدِ أشعاري مُسيَّرةٌ
وفي غواني العُلا لا في المَها وطَري
مصرُ العزيزةُ ما لي لا أُودِّعُها
وداعَ مُحتفِظٍ بالعهدِ مُدَّكِرِ
خلَّفتُ فيها القَطا ما بين ذي زغَبٍ
وذي تمائمَ لم ينهضْ ولم يَطِرِ
أسلمتُهم لعيونِ اللهِ تحرسُهم
وأسلموني لظلِّ اللهِ في البشرِ

وقال:

عرَضوا الأمانَ على الخواطرْ
واستعرضوا السُّمْرَ الخواطرْ١٤
فوقفتُ في حذَرٍ ويأ
بَى القلبُ إلا أن يُخاطِرْ
يا قلبُ شأنُك والهوى
هذي الغصونُ وأنت طائرْ
إن التي صادَتك تسـ
ـعى بالقلوبِ لها النواظرْ
يا ثغرَها أمسيتُ كالـ
ـغوَّاص أحلُم بالجواهرْ
يا لحظَها من أُمُّها
أو من أبوها في الجآذرْ
يا شعرَها لا تسعَ في
هتْكي فشأنُ الليلِ ساتِرْ
يا قدَّها حتَّامَ تغـ
ـدو عاذلًا وتروحُ جائرْ
وبأيِّ ذنبٍ قد طعنـ
ـتَ حَشاي يا قدَّ الكبائرْ

وقال:

في ذي الجفونِ صوارمُ الأقدارِ
راعي البرِيَّةَ يا رَعاكِ الباري
وكفى الحياةُ لنا حوادثَ فافْتِني
ملأ النجومِ وعالَمَ الأقمارِ
ما أنتِ في هذي الحُلى إنسيةٌ
إن أنتِ إلا الشمسُ في الأنوارِ
زهراءُ بالأفُقِ الذي من دونه
وثْبُ النُّهى وتطاوُلُ الأفكارِ
تتهتَّكُ الألبابُ خلْفَ حِجابها
مهما طلَعتِ فكيف بالأبصارِ
يا زينةَ الإصباحِ والإمساءِ بل
يا رَونَقَ الآصالِ والأسحارِ
ماذا تُحاوِل من تنائينا النَّوى
أنتِ الدُّنا وأنا الخيالُ الساري
ألقى الضُّحى ألقاكِ ثم من الدُّجى
سبُلٌ إليكِ خَفيَّةُ الأغوارِ
وإذا أنِستُ بوَحدتي فلأنَّها
سببي إليكِ وسُلَّمي ومَناري
إيهٍ زمانيَ في الهوى وزمانَها
ما كنتما إلا النَّميرَ الجاري
مُتسلسِلًا بين الصبابة والصِّبا
مُترقرِقًا بمَسارحِ الأوطارِ
نظر الفِراقُ إليكما فطواكما
إن الفراق جهنمُ الأقدارِ

وقال:

لك أن تلومَ ولي من الأعذارِ
إن الهوى قدَرٌ من الأقدارِ
ما كنتُ أُسلِمُ للعيون سلامتي
وأُبيحُ حادثةَ الغرام وَقاري
وطَرٌ تعلَّقَه الفؤادُ وينقضي
والنفسُ ماضيةٌ مع الأوطارِ
يا قلبُ شأنَك لا أمُدُّك في الهوى
أبدًا ولا أدعوك للإقصارِ
أمري وأمرُك في الهوى بيدِ الهوى
لو أنه بيَدِي فككتُ إساري
جارِ الشبيبةَ وانتفِع بجِوارها
قبلَ المَشيب فما له من جارِ
مَثلُ الحياة تُحَبُّ في عهدِ الصِّبا
مَثلُ الرياضِ تُحَبُّ في آذارِ١٥
أبدًا «فَروقُ» من البلاد هي المُنى
ومُنايَ منها ظبيةٌ بسِوارِ
ممنوعةٌ إلا الجمالَ بأسْرِهِ
محجوبةٌ إلا عن الأنظارِ
خُطُواتُها التقوى فلا مَزهُوَّةٌ
تمشي الدَّلالَ ولا بذاتِ نِفارِ
مرَّت بنا فوقَ الخليج فأسفرَت
عن جَنَّة وتلفَّتَت عن نارِ
في نِسوةٍ يُورِدنَ من شِئنَ الهوى
نظرًا ولا ينظُرنَ في الإصدارِ
عارضتُهنٌ وبين قلبي والهوى
أمرٌ أُحاولُ كتْمَه وأُداري

وقال:

أتَغلبُني ذاتُ الدلالِ على صبري١٦
إذن أنا أوْلَى بالقِناعِ وبالخِدرِ
تَتيهُ ولي حِلمٌ إذا ما رَكِبتُهُ
رددتُ به أمرَ الغرامِ إلى أمري
وما دَفعيَ اللُّوَّامَ فيها سآمةٌ
ولكنَّ نفسَ الحُرِّ أزجَرُ للحُرِّ
وليلٍ كأنَّ الحشرَ مَطلعٌ فَجرِهِ
تراءت دموعي فيه سابقةَ الفَجرِ
سرَيتُ به طيفًا إلى من أُحِبُّها
وهل بالسُّها في حُلَّةِ السُّقمِ من نُكرِ
طرقتُ حِماها بعدَما هبَّ أهلُها
أخوضُ غِمارَ الظنِّ والنظرِ الشَّزْرِ
فما راعني إلا نساءٌ لَقِينَني
يُبالِغنَ في زَجري ويُسرِفنَ في نهْري
يقُلنَ لمَن أهوى وآنَسنَ رِبيةً
نرى حالةً بين الصَّبابةِ والسِّحْرِ
إليكنَّ جاراتِ الحِمى عن ملامتي
وذَرنَ قضاءَ الله في خَلقِه يجري
وأحرَجني دمعي فلما زجرتُهُ
رددتُ قلوبَ العاذلاتِ إلى العُذْرِ
فساءَلنَها ما اسمي فسمَّت فجِئنَني
يقُلنَ أمانًا للعذارى من الشِّعرِ
فقُلتُ أخافُ اللهَ فيكُنَّ إنني
وجدتُ مقالَ الهُجرِ يُزرى بأن يُزري
أخذتُ بحظٍّ من هواها وبينِها
ومَن يهوَ يَعدِلْ في الوصالِ وفي الهجرِ
إذا لم يكن للمرءِ عن عيشةٍ غِنًى
فلا بد من يُسرٍ ولا بد من عُسرِ
ومن يَخبُرِ الدنيا ويشربْ بكأسها
يجِدْ مُرَّها في الحلوِ والحلوَ في المُرِّ
ومن كان يغزو بالتَّعِلَّاتِ فقرَهُ
فإني وجدتُ الكدَّ أقتَلَ للفقرِ
ومن يستعنْ في أمرِه غيرَ نفسه
يخُنْه الرفيقُ العونَ في المَسلكِ الوعرِ
ومن لم يُقِم سِترًا على عيبِ غيره
يعِش مُستباحَ العِرضِ مُنهتِكَ السِّترِ
ومن لم يُجمِّل بالتواضعِ فضلَهُ
يَبِن فضلُه عنه ويَعطَلْ من الفخرِ

وقال:

قلبٌ يذوب ومدمعٌ يجري
يا ليلُ هل خبرٌ عن الفجرِ
حالت نجومُك دون مَطلعه
لا تبتغي حِوَلًا ولا يسري
وتطاولَت جُنحًا فخُيِّل لي
أن الصباحَ رهينةُ الحشرِ
أرسيتَها وملكتَ مَذهبَها
بدُجُنَّةٍ كسريرةِ الدهرِ
ظُلَمٌ تجيءُ بها وتُرجِعُها
والموجُ مُنقلِبٌ إلى البحرِ
ليت الكرى «موسى» فيُورِدَها
«فِرعونَ» هذا السُّهْدِ والفِكْرِ

•••

ولقد أقول لهاتفٍ سَحرًا
يَبكي لغيرِ نوًى ولا أسْرِ
والروضُ أخرَسُ غيرَ وسوسةٍ
خفقَ الغصونِ وجِريةَ الغُدْرِ
والطيرُ مِلءُ الأيكِ أرؤُسُها
مِثلُ الثمار بدَت من السِّدرِ
ألقى الجَناحَ وناءَ بالصدرِ
ورَنا بصَفراوَينِ كالتِّبرِ
كلَم السهادُ بيوتَ هُدبِهما
وأقام بين رُسومِها الحُمْرِ
تهدا جوانحُه فتحسبُهُ
من صنعةِ الأيدي أو السِّحرِ
وتثور فهْو على الغصونِ يدٌ
علِقَت أنامِلُها من الجمرِ

•••

يا طيرُ بُثَّ أخاك ما يَجري
إنا كِلانا مَوضعُ السِّرِّ
بي مِثلُ ما بك من جوًى ونوًى
أنا في الأنام وأنتَ في القُمْرِ١٧
عبثَ الغرامُ بنا وروَّعنا
أنا بالمَلام وأنت بالزَّجرِ
يا طيرُ لا تجزَعْ لحادثةٍ
كلُّ النفوسِ رهائنُ الضُّرِّ
فيما دهاك لو اطَّلعتَ رضًا
شرٌّ أخفُّ عليك من شرِّ
يا طيرُ كدْرُ العيشِ لو تدري
في صفوِه والصَّفوُ في الكدْرِ
وإذا الأمورُ استُصعبَت صعُبَت
ويهونُ ما هوَّنتَ من أمرِ
يا طيرُ لو لُذْنا بمُصطبَرٍ
فلعلَّ رُوحَ الله في الصَّبرِ
وعسى الأمانيُّ العِذابُ لنا
عونًا على السُّلوانِ والهجرِ

وقال:

بدأ الطيفُ بالجميلِ وزَارا
يا رسولَ الرضا وُقِيتَ العِثارا
خذ من الجَفنِ والفؤاد سبيلًا
وتيمَّمْ من السُّوَيداءِ دارا
أنت إن بتَّ في الجفون فأهلٌ
عادةُ النُّورِ ينزلُ الأبصارا
زارَ والحربُ بين جَفني ونومي
قد أعدَّ الدُّجى لها أوزارا
حَسنٌ يا خيالُ صُنْعُك عندي
أجملُ الصُّنعِ ما يُصيبُ افتقارا
ما لربِّ الجمالِ جارَ على القلـ
ـبِ كأن لم يكن له القلبُ جارا
وأرى القلبَ كلما ساءَ يَجزيـ
ـه عن الذنب رِقَّةً واعتذارا
أجريحُ الغرامِ يطلب عطفًا
وجريحُ الأنامِ يطلب ثارا
أيها العاذلون نِمتُم ورام السُّـ
ـهدُ من مقلتيَّ أمرًا فصارا
آفةُ النُّصحِ أن يكونَ لَجاجًا
وأذى النصحِ أن يكونَ جِهارا
ساءَلتْني عن النهار جفوني
رحِمَ اللهُ يا جفوني النهارا
قُلنَ نَبكيه قُلتُ هاتي دموعًا
قُلنَ صبرًا فقُلتُ هاتي اصطبارا
يا لياليَّ لم أجِدْكِ طِوالًا
بعد ليلي ولم أجِدْكِ قِصارا
إن من يحملُ الخطوبَ كِبارًا
لا يُبالي بحملِهنَّ صِغارا
لم نُفِق منك يا زمانُ فنشكو
مُدمِنُ الخمر لا يُحِسُّ الخُمارا
فاصرِفِ الكأسَ مُشفِقًا أو فواصِلْ
خرجَ الرُّشدُ عن أكُفِّ السُّكارى

وقال:

أبثُّك وجْدي يا حَمامُ وأُودِعُ
فإنك دونَ الطَّيرِ للسرِّ مَوضعُ
وأنت مُعينُ العاشقين على الهوى
تئنُّ فنُصغي أو تحنُّ فنَسمعُ
أراك يمانِيًّا ومصرُ خميلتي
كِلانا غريبٌ نازحُ الدارِ مُوجَعُ
هما اثنان دانٍ في التغرُّبِ آمِنٌ
وناءٍ على قُربِ الديارِ مُروَّعُ
ومن عجبِ الأشياءِ أبكي وأشتكي
وأنت تُغنِّي في الغصونِ وتَسجَعُ
لعلك تُخفي الوجدَ أو تكتمُ الجوى
فقد تُمسِكُ العينانِ والقلبُ يَدمَعُ
شجاكَ صِغارٌ كالجُمانِ ومَوطنٌ
نَدٍ مِثلُ أيامِ الحداثةِ مُمرِعُ
إذا كان في الآجالِ طُولٌ وفُسحةٌ
فما البَينُ إلا حادثٌ مُتوقَّعُ
وما الأهلُ والأحبابُ إلا لآلئٌ
تُفرِّقُها الأيامُ والسِّمطُ يجمعُ
أمُنكِرتي قلبي دليلي وشاهِدي
فلا تُنكريه فهْو عندَكِ مُودَعُ
أسيرُكِ لو يُفدى فدَته بجمعِها
جوانحُ في شوقٍ إليه وأضلُعُ
رماه إليكِ الدهرُ من حالِقِ الهوى
يُذالُ على سفحِ الهوانِ ويُوضَعُ
ومن عجبٍ يأسى إذا قُلتُ مُتعَبٌ
ويطرَبُ إن قُلتُ الأسيرُ المُمنَّعُ
لقيتِ عليمًا بالغواني وإنما
هو القلبُ كالإنسانِ يُغرى ويُخدَعُ
وأعلم أن الغدرَ في الناس شائعٌ
وأن خليلَ الغانياتِ مُضيَّعُ
وأن نِزاعَ الرُّشدِ والغيِّ حالةٌ
تجيءُ بأحلامِ الرجالِ وتَرجعُ
وأنَّ أمانيَّ النفوسِ قواتلٌ
وكثرتَها من كثرةِ الزَّهرِ أصرَعُ
وأن دُعاةَ الخيرِ والحقِّ حربُهم
زمانٌ بهم من عهدِ سُقراطَ مُولَعُ

وقال:

تأتي الدَّلالَ سجيَّةً وتصنُّعا
وأراكَ في حالَي دَلالِكَ مُبدِعا
تِهْ كيف شئتَ فما الجمالُ بحاكمٍ
حتى يُطاعَ على الدلالِ ويُسمَعا
لك أن يُروِّعَك الوشاةُ من الهوى
وعليَّ أن أهوى الغزالَ مُروَّعا
قالوا لقد سمعَ الغزالُ لمَن وشى
وأقول ما سمعَ الغزالُ ولا وعى
أنا من يُحِبُّك في نِفارِك مُؤنِسًا
ويُحِبُّ تِيهَكَ في نِفارِك مُطمِعا
قدَّمتُ بين يديَّ أيامَ الهوى
وجعلتُها أملًا عليك مُضيَّعا
وصدقتُ في حبِّي فلستُ مُباليًا
أن أُمنَحَ الدنيا به أو أُمنَعا
يا من جرى من مُقلتَيهِ إلى الهوى
صِرفًا ودارَ بوَجْنتَيه مُشعشَعا١٨
اللهَ في كبدٍ سقَيتَ بأربعٍ
لو صبَّحوا «رضوى» بها لَتَصدَّعا١٩

وقال:

رُدَّتِ الروحُ على المُضنى معَكْ
أحسنُ الأيامِ يومٌ أرجَعَكْ
مَرَّ من بُعدِك ما روَّعَني
أتُرى يا حُلوُ بُعدي روَّعَكْ
كم شكوتُ البَينَ بالليل إلى
مَطلعِ الفجر عسى أن يُطلِعَكْ
وبعثتُ الشوقَ في ريح الصَّبا
فشكا الحُرقةَ مما استودعَكْ
يا نعيمي وعذابي في الهوى
بِعَذولي في الهوى ما جمَعَكْ
أنت روحي ظلَمَ الواشي الذي
زعمَ القلبَ سلا أو ضيَّعَكْ
مَوقِعي عندَك لا أعلَمُهُ
آهِ لو تعلَمُ عندي مَوقِعَكْ
أرجَفوا أنك شاكٍ مُوجَعٌ
ليت لي فوقَ الضَّنا ما أوجعَكْ
نامتِ الأعينُ إلا مُقلةً
تسكُبُ الدمعَ وترعى مَضجَعَكْ

وقال مشطِّرًا حيث اجتمع بعض الأدباء في مجلس، فذكر أحدهم بيتًا للبهاء زهير، وهو:

يقول أناسٌ لو وصفتَ لنا الهوى
فوالله ما أدري الهوى كيف يُوصَفُ

فقال:

يقول أناسٌ لو وصفتَ لنا الهوى
لعل الذي لا يعرفُ الحبَّ يَعرفُ
فقُلتُ لقد ذُقتُ الهوى ثم ذُقتُهُ
فوالله ما أدري الهوى كيف يُوصَفُ

وقال:

علَّموه كيفَ يجفو فجفا
ظالمٌ لاقَيتُ منه ما كفى
مُسرِفٌ في هجرِه ما ينتهي
أتُراهم علَّموه السَّرَفا
جعلوا ذنبي لديه سهَري
ليت بدري إذ دَرى الذنبَ عفا
عرف الناسُ حقوقي عنده
وغريمي ما درى ما عرَفا
صحَّ لي في العمرِ منه مَوعدٌ
ثم ما صدَّقتُ حتى أخلفا
ويرى لي الصبرَ قلبٌ ما درى
أنَّ ما كلَّفني ما كلَّفا
مُستهامٌ في هواه مُدنَفٌ
يترضَّى مُستهامًا مُدنَفا
يا خليليَّ صِفا لي حيلةً
وأرى الحيلةَ ألا تَصِفا
أنا لو ناديتُه في ذلَّةٍ
هي ذي روحي فخُذها ما احتفى

وقال:

جئتَنا بالشعورِ والأحداقِ
وقسَمنَ الحظوظَ في العُشَّاقِ
وهزَزنَ القَنا قُدودًا فأبلى
كلُّ قلبٍ مُستضعَفٍ خفَّاقِ
حبَّذا القِسمُ في المُحبِّين قِسمي
لو يُلاقون في الهوى ما أُلاقي
حِيلتي في الهوى وما أتمنى
حِيلةُ الأذكياءِ في الأرزاقِ
لو يُجازى المُحِبُّ عن فرطِ شوقٍ
لَجُزيتُ الكثيرَ عن أشواقي
وفتاةٍ ما زادها في غريبِ الـ
ـحُسنِ إلا غرائبُ الأخلاقِ
ذُقتُ منها حلوًا ومرًّا وكانت
لذَّةُ العشقِ في اختلافِ المَذاقِ
ضربَت مَوعدًا فلما التقَينا
جانبَتني تقول فِيمَ التلاقي
قلتُ ما هكذا المواثيقُ قالت
ليس للغانياتِ من ميثاقِ
عطفَتها نحافتي وشجاها
شافعٌ بادرٌ من الآماقِ
فأرَتني الهوى وقالت خشِينا
والهوى شُعبةٌ من الإشفاقِ
يا فتاةَ العراقِ أكتُمُ مَن أنـ
ـتِ وأكني عن حبِّكم بالعراقِ
لي قوافٍ تعفُّ في الحب إلا
عنكِ سارت جوائبَ الآفاقِ
لا تمنَّى الزمانُ منها مزيدًا
إن تمنَّيتُ أن تفكِّي وَثاقي
حمِّليني في الحب ما شئتِ إلا
حادِثَ الصدِّ أو بلاءَ الفراقِ
واسمحي بالعناقِ إن رضِيَ الدِّلُّ
وسامحتِ فانيًا في العناقِ

وقال:

مُضنًى وليس به حِراكْ
لكنْ يخِفُّ إذا رآكْ
ويَميلُ من طرَبٍ إذا
ما مِلتَ يا غصنَ الأراكْ
إن الجمالَ كساك من
ورقِ المحاسن ما كساكْ
ونبَتَّ بين جوانحي
والقلبُ من دمِه سقاكْ
حُلوَ الوعودِ متى وفاك
أتُراكَ مُنجِزَها تُراكْ
من كلِّ لفظٍ لو أذِنـ
ـتَ لأجله قبَّلتُ فاكْ
أخذَ الحلاوةَ عن ثَنا
ياك العِذابِ وعن لَمَاكْ
ظُلمًا أقول جنى الهوى
لم يجنِ إلا مُقلتاكْ
غدَتا منيَّةَ من رأيـ
ـتَ ورُحتَ مُنيَةَ من رآكْ

وقال:

فدَتكَ الجوانحُ من نازلِ
وأهلًا بطَيفِكَ من واصلِ
بذلتُ له الجفنَ دون الكرى
ومن بالكرى للشجي الباذلِ
وقلتُ أراك برغمِ العذولِ
فنابَ السُّهادُ عن العاذلِ
فويْحَ المتيَّمِ حتى الخيالُ
إذا زارَ لم يخلُ من حائلِ
تحنُّ إليك ضلوعٌ عفَت
من البَين في جسدٍ ناحلِ
وقلبٌ جَوٍ عندها خافقٌ
تعلَّقَ بالسَّنَدِ المائلِ
ومن عبثِ العشقِ بالعاشقينَ
حنينُ القتيلِ إلى القاتلِ
غفلتُ عن الكأسِ حتى طغَت
ولي أدبٌ ليس بالغافلِ
وشفَّت وما شفَّ منِّي الضميرُ
وأين الجمادُ من العاقلِ
يظلُّ نديميَ يُسقى بها
ويشربُ من خُلُقي الفاضلِ
أبدِّدُها كرمًا كلما
بدَت ليَ كالذهبِ السائلِ

وقال:

لامَ فيكم عذولُه وأطالا
كم إلى كم يُعالجُ العُذَّالا
كلَّ يوم لهم أحاديثُ لَومٍ
بدأت راحةً وعادت مَلالا
بعثَت ذِكرَكم فجاءت خِفافًا
واقتضت هجْرَكم فراحت ثِقالا
أيها المُنكِرُ الغرامَ علينا
حسْبُكَ اللهُ قد جحدتَ الجمالا
آيةُ الحُسنِ للقلوب تجلَّت
كيف لا تعشقُ العيونُ امتثالا
لك نُصحي وما عليك جِدالي
آفةُ النصحِ أن يكون جدالا
وهَبِ الرُّشدَ أنني أنا أسلو
ما من العقلِ أن تَرومَ مُحالا

وقال:

باتَ المُعنَّى والدُّجى يبتلي
والبَرحُ لا وانٍ وما مُنجَلي
والشُّهْبُ في كلِّ سبيلٍ له
بموقفِ اللُّوَّامِ والعُذَّلِ
إذا رعاها ساهيًا ساهرًا
رعَينَه بالحَدَقِ الغُفَّلِ
يا ليلُ قد جُرتَ ولم تَعدِلِ
ما أنت يا أَسودُ إلا خَلِي
تالله لو حُكِّمتَ في الصبح أن
تفعلَ أحجمتَ فلم تفعلِ
أو شِمتَ سيفًا في جيوش الضحى
ما كنتَ للأعداء ما أنت لي
أبِيتُ أُسقى ويُديرُ الجوى
والكأسُ لا تفنى ولا تمتلي
الخدُّ من دمعي ومن فَيضه
يشربُ من عَينٍ ومن جَدولِ
والشوقُ نارٌ في رمادِ الأسى
والفكرُ يُذكِي والحشا يَصطلي
والقلب قَوَّامٌ على أضلُعي
كأنه الناقوسُ في الهيكلِ

وقال:

أنا إن بذلتُ الروحَ كيف أُلامُ
لمَّا رمَت فأصابتِ الآرامُ
عمدَت إلى قلبي بسهمٍ نافذٍ
فيه لمحتومِ القضاءِ سِهامُ
يا قلبُ لا تجزَعْ لحادثةِ الهوى
واصبِرْ فما للحادثاتِ دَوامُ
عرَفَت قلوبُ الناس قبلَك ما الجوى
وأذاقَها قدَرٌ له أحكامُ
تجري العقولُ بأهلها فإذا جرى
كبَتِ العقولُ وزلَّتِ الأحلامُ
ما كنتُ أعلَمُ والحوادثُ جمَّةٌ
أن الحوادثَ مُقلةٌ وقَوامُ
جنَيا على كَبِدي وما عرَّضتُها
كَبِدي عليكِ من البريءِ سلامُ
ولقد أقولُ لمَن يحثُّ كُئوسَها
قعدَت كُئوسُك والهمومُ قِيامُ
لم تجرِ بين جوانحي إلا كما
جرَتِ الدِّنانُ بها وسالَ الجامُ

وقال:

هل تيَّمَ البانُ فؤادَ الحَمامْ
فناح فاستبكى جفونَ الغَمامْ
أم شفَّه ما شفَّني فانثنى
مُبلبَلَ البالِ شريدَ المَنامْ
يهزُّه الأيكُ إلى إلفه
هَزَّ الفراشِ المُدنَفَ المستهامْ
وتُوقِدُ الذكرى بأحشائه
جمرًا من الشوق حثيثَ الضِّرامْ
كذلك العاشقُ عند الدُّجى
يا للهوى ممَّا يُثيرُ الظلامْ
له إذا هبَّ الجوى صَرعةٌ
من دونها السِّحرُ وفعلُ المُدامْ
يا عادي البَينِ كفى قسوةً
روَّعتَ حتى مُهَجاتِ الحَمامْ
تلك قلوبُ الطيرِ حمَّلتَها
ما ضعُفَت عنه قلوبُ الأنامْ
لا ضربَ المقدورُ أحبابَنا
ولا أعادينا بهذا الحُسامْ
يا زمنَ الوصلِ لَأنت المُنى
وللمُنى عِقدٌ وأنت النظامْ
للهِ عيشٌ لي وعيشٌ لها
كنتَ به سمحًا رخيَّ الزِّمامْ
وأُنسُ أوقاتٍ ظفِرْنا بها
في غلفة الأيام لو دُمتَ دامْ
لكنه الدهرُ قليلُ الجدى
مُضيِّعُ العهدِ لئيمُ الذِّمامْ
لو سامحَتْنا في السلامِ النَّوى
لَطالَ حتى الحشرِ ذاك السلامْ
ولَانقضى العمرانُ في وقفةٍ
نسلو بها الغُمضَ ونسلو الطعامْ
قالت وقد كاد يَميد الثرى
من هدَّةِ الصبر وهَولِ المقامْ
وغابت الأعينُ في دمعها
ونالت الألسنُ إلا الكلامْ
يا بَينُ ولَّى جلَدي فاتَّئدْ
ويا زماني بعضُ هذا حرامْ
فقلتُ والصبرُ يُجاري الأسى
واللُّبُّ مأخوذٌ ودمعي انسجامْ
إن كان لي عندكِ هذا الهوى
بِأيِّما قلتِ كتمتِ الغرامْ

وقال:

صريعُ جفنَيك ينفي عنهما التُّهَما
فما رمَيت ولكنَّ القضاءَ رمى
اللهَ في رُوحِ صَبٍّ يَغشيان بها
مَواردَ الحتفِ لم ينقل لها قدما
وكُفَّ عن قلبِه المعمودِ نبْلَهما
أليس عهدُك فيه حبَّةً ودما
سلو غزالًا غزا قلبي بحاجبه
أما كفى السيفُ حتى جرَّد القلما
واستخبِروه إلى كم نارُ جَفوتِهِ
أما كفى ما جنَت نارُ الخدودِ أمَا
واستوهِبوه يدًا في العمر واحدةً
ومهِّدوا عُذرَه عني إذا حرما
ولا ترَوا منه ظلمًا أن يُضيِّعني
من ضيَّع العرَضَ المملوكَ ما ظلما

وقال:

ذادَ الكرى عن مقلتَيك حَمامُ
لبَّاه شوقٌ ساهرٌ وغرامُ
حيرانُ مشبوبُ المَضاجع ليلُهُ
حربٌ وليلُ النائمين سلامُ
بين الدُّجى لكما وعاديةِ الدُّجى
مُهَجٌ تُؤلِّفُ بينها الأسقامُ
تتعاونان وللتعاونِ أُمَّةٌ
لا الدهرُ يخذُلُها ولا الأيامُ
يا أيها الطيرُ الكثيرُ سميرُهُ
هل ريشةٌ لجَناحِه فيُقامُ
عانقتَ أغصانًا وعانقتُ الجوى
وشكوتَ والشكوى عليَّ حرامُ
أمُحرِّمَ الأجفانِ إدناءَ الكرى
يَهنيكَ ما حرَّمَت حين تنامُ
حاوَلنَ منه إلى خيالك سُلَّمًا
لو سامحَت بخيالك الأحلامُ
فأذَنْ لِطَيفِك أن يُلِمَّ مُجامِلًا
ومُؤمَّلٌ من طيفِك الإلمامُ

وقال:

شغلَته أشغالٌ عن الآرامِ
وقضى اللُّبانةَ من هوًى وغرامِ
ومضى يجرُّ على الهوى أذيالَهُ
ويلومُ حاملَه مع اللُّوَّامِ
ويذمُّ عهدَ الغانياتِ كناقِهٍ
بعد الشِّفاءِ يذمُّ عهدَ سَقامِ
لا تعجلَنَّ وفي الشبابِ بقيَّةٌ
إن الشبابَ مَزلَّة الأحلامِ
كانت إنابتُك المُرِيبةُ سَلوةً
نسجَت على جُرحٍ بجنبِك دامي
إن الذي جعل القلوبَ أعِنَّةً
قاد الشبيبةَ للهوى بزِمامِ
يا قلبَ أحمدَ والسِّهامُ شديدةٌ
ماذا لقِيتَ من الغزالِ الرامي
تدري وتسألني تجاهُلَ عارفٍ
أرَنَا بعينٍ أم رمى بسهامِ
ما زِلتَ تركَبُ كلَّ صعبٍ في الهوى
حتى ركبتَ إلى هواك حِمامي
وإذا القلوبُ استرسلَت في غيِّها
كانت بليَّتُها على الأجسامِ

وقال:

به سِحرٌ يُتيِّمُهُ
كلا جَفنَيكَ يعلَمُهُ
هما كادا لمُهجتِهِ
ومنكَ الكيدُ مُعظَمُهُ
تُعذِّبه بسِحرِهما
وتُوجِدُه وتُعدِمُهُ
فلا هاروتُ رَقَّ له
ولا ماروتَ يَرحمُهُ
وتظلمُه فلا يشكو
إلى من ليس يظلمُهُ
أسَرَّ فماتَ كتمانًا
وباحَ فخانَه فمُهُ
فويْحَ المُدنَفِ المعمو
دِ حتى البثُّ يُحرَمُهُ
طويلُ الليل ترحمُهُ
هواتِفُه وأنجُمُهُ
إذا جدَّ الغَرامُ به
جرى في دَمعِه دمُهُ
يكاد لطُولِ صحبتِهِ
بعادي السُّقمِ يُسقِمُهُ
ثَنى الأعناقَ عُوَّدُهُ
وألقى العذرَ لُوَّمُهُ
قضى عشقًا سوى رمَقٍ
إليكَ غدًا يُقدِّمُهُ
عسى إن قِيلَ ماتَ هوًى
تقول اللهُ يرحمُهُ
فتحيا في مَراقدِها
بلفظٍ منكَ أعظُمُهُ

•••

بروحي البانُ يومَ رَنا
عن المقدورِ أعصَمُهُ
ويومَ طُعِنتُ من غُصُنٍ
مُعلَّمُه مُنعَّمُهُ
قضاءُ الله نظرتُهُ
ولطفُ الله مَبسِمُهُ
رمى فاستهدفَت كبدي
بيَ الرامي وأسهُمُهُ
له من أضلُعي قاعٌ
ومن عَجَبٍ يُسلِّمُهُ
ومن قلبي وحبَّتِهِ
كِناسٌ باتَ يَهدمُهُ
غزالٌ في يدَيه التِّيـ
ـهُ بينَ الغِيدِ يَقسِمُهُ

وقال:

مَن صوَّرَ السِّحرَ المُبينَ عيونا
وأحلَّه حدَقًا لها وجفونا
نظرَت فحُلتُ بجانبي فاستهدفَت
كبدي وكان فؤاديَ المغبونا
ورمَت بسهمٍ جال فيه جَولةً
حتى استقرَّ فرَنَّ فيه رَنينا
فلمَستُ صدري مُوجِسًا ومُروَّعًا
ولمَستُ جَنبي مُشفِقًا وضنينا
يا قلبُ إن من البواتر أعيُنًا
سُودًا وإنَّ من الجآذرِ عِينا
لا تأخذنَّ من الأمورِ بظاهرٍ
إنَّ الظواهرَ تخدعُ الرائينا
فلكَم رجَعتُ من الأسِنَّةِ سالمًا
وصدرتُ عن هِيفِ القدودِ طَعينا
وخميلةٍ فوقَ الجزيرةِ مسَّها
ذهَبُ الأصيلِ حواشيًا ومُتونا
كالتِّبرِ أُفقًا والزبرجدِ رَبوةً
والمِسكِ تُربًا واللُّجَينِ مَعِينا
وقفَ الحيَا من دونها مُستأذِنًا
ومشى النسيمُ بظلِّها مأذونا
وجرى عليها النيلُ يقذفُ فضةً
نثرًا ويكسر مَرمرًا مسنونا
يُغرِي جواريَه بها فيَجئنَها
ويُغِيرُهنَّ بها فيَستعلينا
راع الظلامُ بها أوانسَ ترتمي
مِثلَ الظباءِ من الرُّبا يَهوينا
يخطُرنَ في ساحِ القلوب عواليًا
ويمِلنَ في مَرأى العيون غُصونا
عِفْنَ الذيولَ من الحرير وغيره
وسحَبنَ ثَم الآسَ والنِّسرينا
عارضتُهن ولي فؤادٌ عُرضةٌ
لهوى الجآذرِ دانَ فيه ودِينا
فنظَرنَ لا يدرين أذهبُ يَسرةً
فيَجِدنَ عنِّي أم أميلُ يمينا
ونفَرنَ من حولي وبينَ حبائلي
كالسِّرب صادَفَ في الرواحِ كَمينا
فجمعتُهن إلى الحديثِ بدأتُهُ
فغضِبنَ ثم أعدتُه فرَضينا
وسمعتُ من أهوى تقول لتِربها
أحْرَى بأحمدَ أن يكون رزينا٢٠
قالت أراه عندَ غايةِ وجْدِهِ
فلعلَّ ليلى ترحمُ المجنونا

وقال:

أذعَنَ للحُسنِ عصيُّ العِنانْ
وحاولتْ عيناك أمرًا فكانْ
يعيش جفناك لبثِّ المُنى
أو الأسى في قلبِ راحٍ وعانْ
يا مُسرِفًا في التِّيهِ ما ينتهي
أخافُ أن يَفنى علينا الزمانْ
ويا كثيرَ الدلِّ في عزِّهِ
لا تنسَ لي عزِّي قُبَيلَ الهَوانْ
ويا شديدَ العُجبِ مهلًا فما
مِن مُنكِرٍ أنك زَينُ الحِسانْ

وقال:

يا حُسنَه بين الحِسانْ
في شكله إن قِيلَ بانْ
كالبدرِ تأخذه العيو
نُ وما لهنَّ به يَدانْ
ملَكَ الجوانحَ والفؤا
دَ ففي يدَيه الخافقانْ
ومُنايَ منه نظرةٌ
فعسى يُشير الحاجبانْ
فعَسى يُزكِّي حُسنَهُ
من لا له في الحُسنِ ثانْ
فدَعُوه يَعدلُ أو يَجو
رُ فإنه ملَكَ العِنانْ
حَقَّ الدلالُ لمَن له
في كلِّ جارحةٍ مكانْ

وقال:

يا ناعمًا رقدَت جُفونُهْ
مُضناكَ لا تهدا شُجونُهْ
حملَ الهوى لك كلَّهُ
إن لم تُعِنه فمَن يُعِينُهْ
عُد مُنعِمًا أو لا تعُد
أودَعتَ سِرَّكَ مَن يصُونُهْ
بيني وبينكَ في الهوى
سببٌ سيجمعُنا مَتينُهْ
رشأٌ يُعابُ الساحرو
نَ وسِحرُهم إلا جفونُهْ
الروحُ مِلكُ يمينه
يَفديه ما ملكَت يمينُهْ
ما البانُ إلا قدُّهُ
لو تيَّمَت قلبًا غصونُهْ
ويزينُ كلَّ يتيمةٍ
فمُه وتحسبُها تَزينُهْ
ما العمرُ إلا ليلةٌ
كان الصباحَ لها جَبينُهْ
باتَ الغرامُ يَدينُنا
فيها كما بِتْنا نَدينُهْ
بين الرقيبِ وبيننا
وادٍ تُباعدُه حُزونُهْ
نَغتابُه ونقول لا
بقِيَ الرقيبُ ولا عيونُهْ

وقال:

صحا القلبُ إلا من خُمارِ أماني
يُجاذبُني في الغِيدِ رَثَّ عِناني
حنانَيكَ قلبي هل أُعيدُ لك الصِّبا
وهل للفتى بالمستحيل يَدانِ
تحنُّ إلى ذاك الزمانِ وطِيبِهِ
وهل أنت إلا من دمٍ وحَنانِ
إذا لم تصُن عهدًا ولم ترعَ ذمةً
ولم تدَّكِر إلفًا فلستَ جَناني
أتذكر إذ نُعطي الصَّبابةَ حقَّها
ونشربُ من صِرفِ الهوى بدِنانِ
وأنت خَفوقٌ والحبيبُ مُباعدٌ
وأنت خَفوقٌ والحبيبُ مُدانِ
وأيامَ لا آلو رِهانًا مع الهوى
وأنت فؤادي عندَ كلِّ رِهانِ
لقد كنتُ أشكو من خُفوقِك دائبًا
فولَّى فيَا لَهفي على الخفقانِ
سقاكَ التَّصابي بعدما علَّك الصِّبا
فكيف ترى الكأسَين تختلفانِ
وما زِلتُ في ريعِ الشباب وإنما
يشيبُ الفتى في مصرَ قبلَ أوانِ
ولا أكذبُ الباري بنى اللهُ هيكلي
صنيعةَ إحسانٍ ورِقَّ حِسانِ
أدينُ إذا اقتادَ الجمالُ أزمَّتي
وأعنو إذا اقتادَ الجميلُ عِناني

وقال:

اللهَ في الخلقِ من صَبٍّ ومن غاني
تفنى القلوبُ ويَبقى قلبُكِ الجاني
صُوني جمالَكِ عنَّا إنَّنا بَشرٌ
من التراب وهذا الحُسنُ روحاني
أو فابتغي فَلكًا تأوينَه ملَكًا
لم يتَّخِذ شرَكًا في العالم الفاني
يَنساب في النور مشغوفًا بصورته
مُنعَّمًا في بديعاتِ الحُلى هاني
إذا تبسَّمَ أبدى الكونُ زينتَهُ
وإن تنفَّسَ أهدى طِيبَ ريحانِ
وأشرِقي من سماءِ العزِّ مُشرِقةً
بمَنظرٍ ضاحكِ اللألاءِ فتَّانِ
عسى تكفُّ دموعٌ فيكِ هاميةٌ
لا تطلعُ الشمسُ والأنداءُ في آنِ٢١
يا مَن هجرتُ إلى الأوطانِ رؤيتَها
فرُحتُ أشوَقَ مُشتاقٍ لأوطانِ
أتذكُرين حنيني في الزمان لها
وسَكبيَ الدَّمعَ من تَذكارِها قاني
وغَبطي الطيرَ ألقاه أصِيحُ به
ليت الكريمَ الذي أعطاكَ أعطاني

وقال:

قلبٌ بوادي الحِمى خلَّفتُه رَمقًا
ماذا صنعتِ به يا ظبيةَ البانِ
أحنى عليكِ من الكُثبانِ فاتَّخذي
عليه مَرعاكِ من قاعٍ وكُثبانِ
غرَّبتِه فوَهى جَنبي لفُرقتِهِ
وحنَّ للنازحِ المأسورِ جُثماني
لا ردَّه اللهُ من أسْرٍ ومن خبَلٍ
إن كان في ردِّه صَحوي وسُلواني
دلَّهتِه بعزيزٍ في مَحاجرِهِ
ماضٍ له من مُبينِ السِّحرِ جَفنانِ
رمى فضجَّت على قلبي جوانحُهُ
وقُلنَ سهمٌ فقال القلبُ سهمانِ
يا صورةَ الحُورِ في جِلبابِ فانيةٍ
وكوكبَ الصبحِ في أعطافِ إنسانِ
مُرِي عصيَّ الكرى يَغشى مُجامَلةً
وسامِحي في عناقِ الطيفِ أجفاني
فحسْبُ خدَّيَّ من عَينَيَّ ما شربا
فمِثلُ ما قد جرى لم تلقَ عينانِ

وقال:

قالوا له رُوحي فِداهْ
هذا التجنِّي ما مَداهْ
أنا لم أقُم بصُدودِهِ
حتى يُحمِّلَني نَواهْ
تجري الأمور لغايةٍ
إلا عذابي في هواهْ
سمَّيتُه بدرَ الدُّجى
ومن العجائبِ لا أراهْ
ودعوتُه غصنَ الرِّيا
ضِ فلم أجِد رَوضًا حواهْ
وأقولُ عنه أخو الغَزا
لِ ولا أرى إلا أخاهْ
قال العواذلُ قد جفا
ما بالُ قلبِك ما جفاهْ
أنا لو أطعتُ القلبَ فيـ
ـه لم أزِدْه على جَواهْ
والنُّصحُ مُتَّهَمٌ وإن
نثرَته كالدُّرِّ الشِّفاهْ
أذُنُ الفتى في قلبه
حينًا وحينًا في نُهاهْ

وقال:

مقاديرُ من جَفنَيكِ حوَّلنَ حالِيا
فذُقتُ الهوى من بعدما كنتُ خالِيا
نفَذنَ عليَّ اللُّبِّ بالسهمِ مُرسَلًا
وبالسِّحر مَقضيًّا وبالسيف قاضيا
وألبَسنَني ثوبَ الضَّنى فلبِستُهُ
فأحبِبْ به ثوبًا وإن ضمَّ باليا
وما الحبُّ إلا طاعةٌ وتجاوزٌ
وإن أكثروا أوصافَه والمَعانيا
وما هو إلا العينُ بالعينِ تلتقي
وأن نوَّعوا أسبابَه والدَّواعيا
وعندي الهوى موصوفُه لا صفاتُهُ
إذا سألوني ما الهوى قلتُ ما بِيا
وبي رشأٌ قد كان دنيايَ حاضرًا
فغادَرَني أشتاقُ دُنياي نائيا
سمحتُ برُوحي في هواه رخيصةً
ومن يهوَ لا يُؤثِر على الحبِّ غاليا
ولم تجرِ ألفاظُ الوُشاةِ بريبةٍ
كهذي التي يجري بها الدَّمعُ واشيا
أقول لمَن ودَّعتُ والركبُ سائرٌ
برغمِ فؤادي سائرٌ بفؤاديا
أمانًا لقلبي من جُفونِكِ في الهوى
كفى بالهوى كأسًا وراحًا وساقيا
ولا تجعليه بين خدَّيكِ والنوى
من الظلم أن يغدو لنارَينِ صاليا
ولم يَندملْ من طعنةِ القدِّ جُرحُهُ
فرِفقًا به من طعنةِ البَين داميا

وقال:

أهلَ القُدودِ التي صالت عَواليها
اللهَ في مُهَجٍ طاحت غَواليها
خُذْنَ الأمانَ لها لو كان ينفعها
واردُدْنها كرَمًا لو كان يُجدِيها
وانظرنَ ما فعلَت أحداقُكنَّ بها
ما كان من عبثِ الأحداقِ يَكفيها
تعرَّضَت أعيُنٌ منَّا فعارَضَنا
على «الجزيرةِ» سِربٌ من غَوانيها
ما ثُرْنَ من كُنُسٍ٢٢ إلا كُنُسٍ
من الجوانحِ ضمَّتها حَوانيها
عنَّت لنا أُصُلًا تُغرِي بنا أسَلًا
مهزوزةً شكَلًا مشروعةً تِيها٢٣
وأرهَفَت أعيُنًا ضَعْفى حمائلُها
نَشْوى مَناصلُها كَحْلى مَواضيها
لنا الحبائلُ تُلقِيها نَصِيدُ بها
ولم نخَلْ ظبَياتِ القاعِ تُلقِيها
نصَبنَها لك من هُدْبٍ ومن حدَقٍ
حتى انثنَيتَ بنفسٍ عزَّ فاديها
من كلِّ زهراءَ في إشراقِها ضحِكَت
لَبَّاتُها عن شبيهِ الدُّرِّ من فيها
شمسُ المَحاسنِ يُستبقى النهارُ بها
كأن يُوشَعَ مفتونٌ يُجاريها
مشَت على «الجسر» رِيمًا في تلفُّتها
للناظرين وبانًا في تثنِّيها
كأن كلَّ غوانيه ضرائرُها
عُجْبًا وكلَّ نواحيه مَرائيها
عارَضتُها وضميري من مَحارمِها
يزوَرُّ عن لحظاتي في مَساريها
أعِفُّ من حَليِها عمَّا يُجاورُهُ
ومن غلائلِها عمَّا يُدانيها
قالت لعلَّ أديبَ النيلِ يُحرِجُنا
فقلتُ هل يُحرِجُ الأقمارَ رائيها
بيني وبينك أشعارٌ هتفتُ بها
ما كنتُ أعلم أن الرِّيمَ يَرويها
والقولُ إن عفَّ أو ساءت مَواقعُهُ
صدى السريرةِ والآدابِ يَحكيها

وقال:

أُداري العيونَ الفاتراتِ السواجيا
وأشكو إليها كيدَ إنسانِها لِيا
قتَلنَ ومنَّينَ القتيلَ بألسُنٍ
من السِّحرِ يُبدِلنَ المنايا أمانيا
وكلَّمنَ بالألحاظِ مَرضى كليلةً
فكانت صِحاحًا في القلوبِ مَواضيا
حبَبتُكِ ذاتَ الخالِ والحبُّ حالةٌ
إذا عرَضَت للمرءِ لم يدرِ ما هيا
وإنكِ دُنيا القلب مهما غدَرتِهِ
أتى لكِ مملوءًا من الوجْدِ وافيا
صدودُك فيه ليس يألوه جارحًا
ولفظُكِ لا ينفكُّ للجُرحِ آسِيا
وبين الهوى والعَذلِ للقلبِ مَوقفٌ
كخالِكِ بينَ السيفِ والنارِ ثاويا٢٤
وبين المُنى واليأسِ للصبرِ هِزَّةٌ
كخَصرِكِ بينَ النهدِ والرِّدفِ واهيا
وعرَّض بي قومي يقولونَ قد غوى
عدِمتُ عذولي فيكِ إن كنتُ غاويا
يرُومونَ سُلوانًا لقلبي يُريحُهُ
ومن لِيَ بالسُّلوانِ أشريه غاليا
وما العشقُ إلا لذةٌ ثم شِقوةٌ
كما شقِيَ المخمورُ بالسُّكرِ صاحيا
١  العقيق: كناية عن الدم.
٢  نهل، من نهلت الإبل: شربت أول الشرب.
٣  علَّت، من علَّ الرجل: شرب شربةً ثانية.
٤  سويجع: تصغير ساجع. والسويداء: حبة القلب.
٥  يُضويني: يُضعفني، من أضواه الأمر: أضعفه.
٦  والقلب أصبى: أي أشد صبوة.
٧  أهل به: عمر.
٨  الظُّبا: جمع ظُبَة، وهي حدُّ السيف.
٩  هو لبيد بن ربيعة، الشاعر الذي قال حين بلغ الثمانين وقد شكا ثقل السمع وتهدُّم الشيخوخة:
إن الثمانين وبُلِّغتَها
قد أحوَجَت سمعي إلى ترجمانِ
١٠  الفند: الكذب وكفر النعمة.
١١  العهيد: القديم.
١٢  الكِم بكسر الكاف: الغلاف الذي ينشقُّ عن الثمر.
١٣  يعني بكل مقطعة يدها … إلخ: صواحبات يوسف الصِّديق اللواتي ورد ذِكرهن في السورة.
١٤  السُّمر: الرماح. والخواطر: المهتزَّات، يقال خطر الرمح إذا اهتز، وهي هنا كناية عن القُدود.
١٥  آذار: شهر مارس، وهو أول فصل الربيع.
١٦  هذا الشطر من المطلع للمرحوم محمود سامي باشا البارودي، نظمه ثم أمسكه، فأكمله الشاعر وأضاف إليه هذه الأبيات.
١٧  القُمْرُ: جمع قُمريَّة، وهي ضرب من الحمام.
١٨  المشعشع: الشراب يُمزَج بالماء.
١٩  رضوى: اسم جبل.
٢٠  التِّرب بالكسر: من وُلد معك، وأكثر ما يستعمل في المؤنث، يقال هذه ترب فلانة إذا كانت على سنها.
٢١  الأنداء: الأمطار.
٢٢  الكُنُس: جمع كناس، وهو بيت الظبي.
٢٣  يقال: شكلت المرأة شكَلًا: كانت ذات شكل؛ أي غنج ودلال وغزَل.
٢٤  يعني الشاعر بهذه التورية أن خالها بين نار الخد — وهي كناية عن الحمرة — وبين سيف اللحظ وهو معروف.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤