السادة بتوع الفريكيكو

العبد لله لا يجد مبررًا لكل هذا الوقت الطويل الذي استغرقته حركة المحافظين التي لم ترَ النور بعد، ولم أقتنع بالتصريح الذي أدلى به السيد رئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد وأعلن فيه أن تأخير حركة المحافظين يرجع إلى إعادة صياغة دور المحليات في المرحلة المقبلة، ذلك أن تجربة الحكم المحلي أو الإدارة المحلية، كما يحلو للبعض أن يطلق عليها، عمرها الآن أربعون عامًا بالتمام والكمال، ولا أعرف أي دور للمحليات في كل وقت إلا تنظيم حياة الناس وتيسيرها لتصبح الحياة أجمل وأيسر، ونجح خلال الأربعين عامًا عدد من المحافظين على رأسهم وجيه أباظة في البحيرة وفي طنطا ثم في القاهرة أخيرًا، ونجح شعراوي جمعة أيضًا في السويس، ونجح عبد المنعم عمارة بعد ذلك في الإسماعيلية، وحقَّق عبد السلام المحجوب نجاحًا باهرًا في الإسكندرية، هذه نماذج باهرة من النجاح في مجال الإدارة المحلية، وهناك محافظون كثيرون حقَّقوا درجات مختلفة من النجاح مثل أحمد علي في الغربية، ومحمود الشريف في الشرقية، وفاروق التلاوي في الفيوم، وعبد الرحيم شحاتة في الجيزة ثم في القاهرة، وأيضًا عمر عبد الآخر في الجيزة ثم في القاهرة، وفخر الدين خالد في المنصورة، وصلاح مصباح في أسوان، وهناك محافظون مروا بمحافظاتهم ولم يتركوا أثرًا ولم يضعوا بصمة وينطبق عليهم المثل القائل … كأنك يا أبو زيد لا رحت ولا جيت.

المحافظ إذن هو حجر الزاوية في الحكم المحلي. إذا كان صالحًا فالناس في خير ومصالح الناس في يدٍ أمينة، أما إذا كان المحافظ من بتوع الفريكيكو فقُل على الدنيا العفاء، ولذلك فعملية اختيار المحافظين هي الخطوة الأهم، ومصر والحمد لله ولادة، والعبد لله شخصيًّا يعرف ألف شخص على الأقل يصلح كل منهم محافظًا يدخل التاريخ من أوسع الأبواب، فالمهم أن يكون الرجل مستعدًّا للخدمة وسعيدًا بها، ويريد تحقيق الخير لبلده وأهلها.

المسألة لا تحتاج إلى بنود ولا إلى مواد ولا إلى لوائح، المسألة ببساطة: ماذا يريد السيد المحافظ بالضبط؟ والإجابة عن السؤال سترسم ملامح المستقبل لهذه المحافظة وسكانها. عندنا مثل هو سعد زايد محافظ القاهرة الذي أعاد إلى المواطنين ملايين الجنيهات بعملة أيام زمان، وعندما خرج على المعاش لم يكن يملك ثمن بنزين سيارته. وعندنا مثَل آخر هو يوسف صبري أبو طالب، الذي رفض وهو محافظ للقاهرة الموافقة على عرض تقدَّمت به شركة لشراء أرض سوق باب اللوق بعدة عشرات من الملايين، وهي ملك للسيدة الفاضلة حرمه، وقال قولته المشهورة: لا أبيع ولا أشتري أثناء جلوسي على مقعد المحافظ.

وعندنا أمثلة أخرى عن المحافظ الذي لم يسمع عن قرار مجلس الوزراء بحظر بيع أراضي الدولة إلا عن طريق مجلس الوزراء، وهناك المحافظ الذي وزَّع على مندوبي الصحف في محافظته كشفًا بالأخبار التي يقومون بنشرها عن افتتاح مشروعات، وتأسيس شركات، والقيام بجولات أثناء سفره في رحلة إلى الخارج لمدة أسبوعين، متصورًا سيادته أنه يحكم محافظة من محافظات بحر الغزال، وتم نشر الأخبار بينما كان جميع أهل المحافظة يعلمون أن سيادته في رحلة خارج البلاد.

ولكن … وبالرغم من هذه النماذج المشوهة، فما أكثر الرجال الذين يتطلعون لخدمة بلادهم وأهلهم، المهم هو العثور على هذه النوعية الممتازة من المواطنين، وهي مهمة ليست صعبة؛ لأن مصر ولادة، وتزخر بالمئات والألوف من هذا الصنف الفاخر الذي يصلح للقيادة في أي مجال، ولكن مهم جدًّا الإسراع في إصدار حركة المحافظين؛ لأن التأخير في هذا الأمر أصاب المحافظات بالشلل، وجعل معظمها في حالة اللاسلم واللاحرب، والمطلوب الآن الخروج من هذه الحالة بأقصى سرعة إذا كنا حريصين على عودة حركة الحياة إلى وضعها الطبيعي في شتى المحافظات!

•••

الأخ المستشار إياه والذي اتضح أنه مستشار مزعوم؛ لأن آخر درجة وصل إليها في السلم الوظيفي هي درجة مستشار مساعد، وهي درجة محترمة ولكن صاحبنا يحب الأبهة ويجيد التمسح في الناس اللي فوق، بدليل أنه كتب مقالًا كبيرًا عن أحد الوزراء الذين أصبحوا خارج التشكيل الوزاري الأخير فوصفه بالأسد الهصور، تُرى ما هو رأي السيد المستشار الآن بعد أن خرج الهصور من الوزارة، هل لا يزال «أسدًا هصورًا» أم تحول الآن بعد خروجه من الوزارة إلى شيء مثل قطتي نميرة واسمها سميرة؟ المهم أن السيد المستشار إياه أراد أن يشتم العبد لله ولكنه أثر السلامة، فاكتفى بسب الشيخ أحمد سليمان السعدني وهو قارئ ممتاز يعتبر من رجال الصف الأول في مدرسة التلاوة، ولكن المسائل في الفن أذواق وأمزجة، ومن الناس من لا يحب الاستماع إلى أم كلثوم ويفضل عليها سعاد مكاوي، السيد المستشار إياه بتاع الأسد الهصور وصف صوت الشيخ السعدني بأحط الأوصاف، ونصح الناس بعدم الاستماع إليه، وسأل الله أن يكون الشيخ السعدني لا علاقة له بالعبد لله أو بالفنان صلاح السعدني.

ويهمني أن أقول للمستشار بتاع الأسد الهصور: إن الشيخ السعدني لجأت إليه الدولة الألمانية في عهد هتلر لتسجيل القرآن الكريم على أسطوانات، واستغلَّت هذه الأسطوانات في محطة إذاعة «كولون» العربية لجذب انتباه المستمعين العرب، وقد لجأت الدولة الألمانية إلى الشيخ السعدني نتيجة نصيحة من بعض علماء الدين الإسلامي الذين كانوا يعيشون في ألمانيا، وعلى رأسهم فضيلة مفتي فلسطين الشيخ أمين الحسيني، وهم الذين رشحوا الشيخ السعدني لهذه المهمة، ولكن جناب المستشار يتصور أنه كاتب ويتوَهَّم أنه ساخر، وهو لا يجرب سخريته إلا في الموتى خصوصًا الذين مر على موتهم سنوات طويلة، أما الوزير الحالي خصوصًا فهو أسد هصور، ولكن لأن حظ المستشار أسود من قرون الخروب فلم يكد مقاله يجف، حتى كان الأسد الهصور قد خرج من الوزارة وتحوَّل إلى أرنب من أرانب عادل إمام، فشمر المستشار وهات يا تشريح في جثة الشيخ السعدني.

عفوًا عمنا الشيخ السعدني، أرجو ألا تتململ في قبرك، فهذا الشخص الذي افترى عليك بعد مرور ربع قرن على وفاتك، هو من النوع الذي لا يخاف ولا يختشي!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤