مُرتَّب الخواجا والأبطال

يا ناس فضوها سيرة عشان خاطر حبيبي النبي، وبلاش فشخرة كدابة، وعنطزة فارغة، وتعالوا بنا إلى سلوك الطريق الذي يتفق مع مصالحنا ومصالح شعبنا الطيب. أقول قولي هذا بمناسبة ما ترامى إلى سمعي من أنباء تؤكد أنهم يبحثون في الوقت الحاضر إلى استقدام مدرب إيطالي للمنتخب المصري براتب قدره ٢٠٠ ألف جنيه شهريًّا، ٢٠٠ ألف جنيه شهريًّا يا خواجا!

العبد لله يعتقد أن مرتَّبات أعضاء مجلس الوزراء وعلى رأسهم الدكتور كمال الجنزوري لا تصل إلى هذه القيمة. ومثل هذا المبلغ لألف شاب عاطل شهريًّا يحل مشاكلهم وتجعل منهم مواطنين صالحين بأمر ربي. راتب الخواجا المدرب الإيطالي لو رصدناه كل شهر لقرية من قرى مصر لحوَّلْنا هذه القرى إلى مكان صالح للحياة، لو منحنا هذا المبلغ كل شهر لمستشفى الغلابة في الريف والأحياء الشعبية لتحوَّل مستشفى البدرشين إلى البدرشين كلينك!

ولكن قد يصرخ واحد من إياهم … ولماذا لا ندفع هذا المبلغ للمدرب الخواجا؟ وهل الحياة فقط عاطلين ومستشفيات فقيرة وقرى مهملة؟

وأقول لهؤلاء … عندكم حق. والعبد لله مستعد أن يوافق على رفع راتب المدرب الخواجا إلى ٣٠٠ ألف جنيه بشرط أن يوقع على تَعهُّد بأن منتخبنا سيفوز في النهاية بكأس العالم. ولكن إذا كان جهد الخواجا المدرب سيتوقف عند حد الدخول في ثلاث مباريات أو أربع ثم العودة إلى القاهرة وقفاه يقمر عيش … فماذا يجبرنا على دفع هذا المبلغ؟ ولماذا لا نستفيد منه في أغراض أخرى؟ ومعنى هذا أن المدرب الخواجا أبو ٢٠٠ ألف جنيه لن يفعل أكثر مما فعل محمود الجوهري، مع فارق بسيط أن الجوهري فعل الشيء نفسه وكان يتقاضى أيامها راتبًا لا يزيد على ١٠ آلاف جنيه، وربما أقل من ذلك. ثم ما هي قيمة المدرب مع فقر القماشة الموجودة؟ وما دمنا لن نكسب كأس العالم ولن نصعد إلى المربع الذهبي في أية كأس عالم. فلماذا لا نوفِّر فلوسنا ونستعين بأي مدرب، ولدينا منهم الكثير والحمد لله من أول حسن شحاتة، إلى حسن مجاهد، إلى حسن يا خولي الملاعب يا حسن؟

صدقوني إذا قلتُ لكم إن دفع راتب لأي إنسان قدره ٢٠٠ ألف جنيه شهريًّا هو حرام، إلا إذا كان الراتب لعالم ذَرَّة أو مخترع طائرة حربية، أو قائد جيش عبقري في قامة روميل أو مونتجمري. أما مدرب كرة … فاسمح لي، إلا إذا جاء إلى القاهرة ومعه فريق البرازيل، أو فريق إيطاليا، أو فريق الأرجنتين، وبشرط أن تكون مرتبات الكباتن ضمن راتب المدرب! ويا بتوع اتحاد الكرة … هل تريدون حلًّا واقعيًّا للخروج من ورطتكم التي تواجهونَها الآن؟ أعيدوا الدكتور محمود الجوهري إلى منصبه كمدير فني للمنتخب المصري، وليكن ذلك اليوم أو غدًا لكي يستعد لكأس الأمم الأفريقية، وأيضًا لتصفيات كأس العالم، ودَعْكُم من هذه الأحلام أو الأوهام؛ لأنكم لن تخرقوا الأرض ولن تبلغوا الجبال طولًا … وزمان يا جماعة الخير جاء أحد الدكاترة من أمريكا وذهب إلى قرية العطف بالمنوفية وألقى محاضرة على الفلاحين في كيفية الرعاية الواجبة للجاموسة لكي يتضاعف إنتاجها من اللبن. وشدَّد على ضرورة معاملة الجاموسة برفق مع الحرص على إسماعها بعض القطع الموسيقية، وأن تتم عملية الحلب بالأجهزة الحديثة، على أن ترتدي الفلاحة أو الفلاح ملابس معقمة أثناء عملية الحلب. وبعد أن صفق له الفلاحون طويلًا سألوا الدكتور القادم من أمريكا، وإن شاء الله هتسلمونا الجاموسة يوم إيه؟ وأقول لكم كما قال الفلاحون للدكتور المحاضر: مش تجيبوا فريق الأول قبل ما تجيبوا مدرب! وقديمًا قالوا … كل من أراد شرًّا بمصر كبه الله على وجهه. أرجو أن يكبكم الله على وجوهكم، يا حضرات السادة في المجلس الأعلى للشباب والرياضة وفي اتحاد الكرة!

•••

يا ميت حلاوة يا جدعان على العيال الأصوليين الأبطال الذين يحاربون الجيش الروسي في الجمهورية الإسلامية كازاخستان. انظروا إلى صورة المقاتل خَطَّاب، والمقاتل شامل، إنهما أبطال بالفعل وهما الخالق الناطق الحجم نفسه والكسم نفسه للبطل قطز، والبطل الظاهر بيبرس، والبطل عز الدين أيبك التركماني، والبطل السلطان برقوق. هؤلاء الأبطال الذين هزموا الصليبيين في المنصورة، وأسَروا ملك فرنسا، وهم الذين أبادوا صنف التتار وكسروا شوكتهم في عين جالوت، وهؤلاء المقاتلون الجدد خَطَّاب وشامل هم الذين مَرَّغوا رأس روسيا في التراب في معركة الشيشان، وها هم يعودون من جديد لكسر روسيا في داغستان. هؤلاء هم الأبطال بينما الأبطال عندنا هم الذين كتبوا مقالات ضد مواطن يمثل موقع المسئولية في مجال الزراعة. البطولة في قاموسنا هي أن تشرع قلمك وطاخ طوخ ثم تدخل السجن فتصبح بطلًا … يا بختك … بينما البطولة هناك أن تشرع سلاحك وهات يا حرب شرسة ضد جيش كان إلى عهد قريب من أقوى جيوش العالم. الغريب أن الدولة الروسية التي كانت بالأمس قوة أعظم تعلن بين الحين والآخر أن قواتها الباسلة أبادَت الثوار، وقتلَت منهم الآلاف. ثم يتضح للجميع أنها مجرَّد أوهام وأحلام، وأن روسيا تنام عارية أغلب الليالي فيما يبدو.

وأقول لكم بصراحة … إذا كان للعالم الإسلامي مستقبل مشرق مرموق فسيكون على يد هؤلاء الأبطال. لقد جدَّدوا شباب الإسلام من قبل، وسيُجدِّدون شبابه في المستقبل، إنهم نوع فاخر من المسلمين ونوع نادر أيضًا … وصلى الله عليه أشرف خلق الله، قال وهو الصادق الأمين: «يأتي يوم على أمتي يُصبِحون فيه كغثاء السيل، تتناوشهم الأمم كما يتناوش الأكَلَة قصعتها. قيل أوَ مِن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل إنكم يومئذ لكثير، ولكن يُلقِي الله في قلوبكم بالوَهَن، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الآخرة». ولكن هؤلاء المقاتلين الأبطال حقًّا لا كذبًا أثبتوا من خلال معاركهم أنهم يحبون الدنيا ويحبون الآخرة أيضًا … ولا فرق إذا دخلوا معركة فإما النصر وإما الشهادة، وكلتا النهايتين مذاقهما حلو. هؤلاء ليس في قلوبهم وَهن، ولكن الوَهن في قلوب أعدائهم.

البقية الباقية من جيش الرسول في صدر الإسلام، المجد لهم والنصر في ركابهم بإذن الله.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤