فاتحة القصة

(١) تَمْهِيدٌ

لَعَلَّكَ تَعْرِفُ — أَيُّها الْقارِئُ الصَّغِيرُ — اسْمَ ذَلِكَ الْبَحْرِ الْكَبِيرِ الَّذِي يَفْصِلُ الْقارَّةَ الْإِفْرِيقِيَّةَ عَنِ الْقارَّةِ الْأُورُوبِّيَّةِ. وَلَعَلَّكَ قَدْ وَقَفْتَ — ذاتَ يَوْمٍ — عَلَى شاطِئِ هذا الْبَحْرِ الْعَظِيمِ، وَرَأَيْتَ ماءَهُ الْأَزْرَقَ! فَإِذا كُنْتَ لَمْ تَرَ هذا الْبَحْرَ فِي حَياتِكَ — مَرَّةً واحِدَةً — فَما أَحْسَبُكَ تَجْهَلُ اسْمَهُ؛ فَقَدْ أَخْبَرَتْكَ بِهِ كُتُبُ الْجُغْرافِيةِ.

لَعَلَّكَ تَذْكُرُ الْآنَ اسْمَ هذا الْبَحْرِ الْواسِعِ الْعَمِيقِ، هُوَ «الْبَحْرُ الْأَبْيَضُ الْمُتَوَسِّطُ». وَلَعَلَّكَ تَعْرِفُ — إِلَى هذا — أَنَّ فِي ذَلِكَ الْبَحْرِ كَثِيرًا مِنَ الْجَزائِرِ!

عَلَى أَنَّ الْجَزائِرَ الْكَثِيرَةَ لا تَعْنِينا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ.

إِنَّما تَعْنِينا جَزِيرَةٌ واحِدَةٌ كانَتْ بَيْنَ إِيطالِيا وَتُونُسَ.

فَلْأُحَدِّثْكَ بِما وَقَعَ فِي تِلْكَ الْجَزِيرَةِ.

(٢) «بُرُسْبِيرُو» و«مِيرَنْدا»

لَمْ تَكُنِ الْجَزِيرَةُ مُقْفِرَةً (خاليةً مِنَ النَّاسِ). وَلَوْ كانَتْ كَذلِكَ لَما حَدَثَتْ فيها هذِهِ الْقِصَّةُ الْجَمِيلَةُ الَّتي أُرِيدُ أَنْ أَقُصَّها عَلَيْكَ.

figure

كانَ يَعِيشُ فِي الْجَزِيرَةِ شَيْخٌ طَيِّبُ الْقَلْبِ، صافِي النَّفْسِ، اسْمُهُ: «بُرُسْبِيرُو»، وَمَعَهُ فَتاةٌ وَدِيعَةٌ هادِئَةٌ، كَرِيمَةُ النَّفْسِ، اسْمُها «مِيرَنْدا». وَقَدْ عاشَتْ مَعَ أَبِيها «بُرُسْبِيرُو» فِي تلكَ الْجَزِيرَةِ مُدَّةً مِنَ الزَّمَنِ، وَكانَتْ قَدْ وَفَدَتْ (قَدِمَتْ) مَعَهُ إلَيْها وهي طِفْلَةٌ صَغيرَةٌ؛ فَلَمْ تَذْكُرْ أَنَّها رَأَتْ وَجْهَ إِنْسانٍ آخَرَ غَيْرَ أَبِيها.

وكانَتْ «مِيرَنْدا» هذِهِ لَطِيفَةً، جَمِيلَةَ الْخَلْقِ وَالخُلُقِ (حَسْناءَ الصُّورَةِ، كَرِيمَةَ الْفَعالِ). أَمَّا شَعْرُها فَمُرْسَلٌ عَلَى كَتِفَيْها (مُسْبَلٌ غَيْرُ مَضْفُورٍ)، وَأَمَّا صَوْتُها فَمُنْسَجِمٌ مُوسِيقِيٌّ، لا تَرْفَعُهُ ثَوْرَةُ الْيَأْسِ وَالْغَضَبِ.

وَصَفْوَةُ الْقَوْلِ أَنَّ «مِيرَنْدا» قَدْ جَمَعَتْ — إِلَى جَمالِ الْوَجْهِ — رَجاحَةَ الْعَقْلِ؛ فَأَحَبَّها أَبُوها حُبًّا شَدِيدًا، وَأَصْبَحَتْ سَلْوَتَهُ وَعَزاءَهُ وَسَعادَتَهُ فِي الْحَياةِ. وَقَدْ مَرَّتْ بِهِما الْأَيَّامُ هَنِيئَةً رَغِيدَةً، وَصَفا عَيْشُهُما، وَطابَ لَهُما الْمُقامُ.

(٣) بَيْتُ «بُرُسْبِيرُو»

وكانَ «بُرُسْبِيرُو» قَدِ اتَّخَذَ لَهُ بَيْتًا فِي تِلْكَ الْجَزِيرَةِ فِي أَحَدِ الْكُهُوفِ، وَقَسَمَهُ ثَلاثَ غُرَفٍ: أُولاها لِـ«مِيرَندا»، وَالثَّانِيَةُ لِلْمائِدَةِ حَيْثُ يَأْكُلُ مَعَ ابْنَتِهِ، وَالثَّالِثَةُ لِمَكْتَبَتِهِ حَيْثُ يَقْضِي جُزْءًا مِنْ وَقْتِهِ فِي مُطالَعَةِ كُتُبِ السِّحْرِ وَدَرْسِ فُنُونِهِ.

وَقَدْ كانَ يَحْرِصُ عَلَى تِلْكَ الْكُتُبِ أَشَدَّ الْحِرْصِ، وَيُعَلِّقُ عَلَيْها أَكْبَرَ الْآمالِ.

وَلَمْ يَكُنْ «بُرُسْبِيرُو» يَعْرِفُ هذِهِ الْجَزِيرَةِ قَبْلَ مَجِيئِهِ إِلَيْها، وَلَمْ يَخْتَرْها سَكَنًا لَهُ. وَلَمْ يَدُرْ بِخَلَدِهِ (لَمْ يَمُرَّ بِخاطِرِهِ) — مِنْ قَبْلُ أَنَّ هذِهِ الْجَزِيرَةَ الْمَجْهُولَةَ سَتَكُونُ وَطَنَهُ وَوَطَنَ ابْنَتِهِ عِدَّةَ سَنَواتٍ. فَقَدْ جاءَ الْجَزِيرَةَ كَما اتَّفَقَ (مُصادَفَةً)، وَاضْطَرَّتْهُ الْمَقادِيرُ (ما يُقَدِّرُهُ اللهُ مِنَ الْحَوادِثِ) إِلَى الْبَقاءِ فِيها حَتَّى يَأْذَنَ اللهُ لَهُ أَنْ يَعُودَ إِلَى وَطَنِهِ.

(٤) السَّاحِرَةُ «سِكُورَكْس»

وَلَمَّا حَلَّ «بُرُسْبِيرُو» بِالْجَزِيرَةِ عَرَفَ كَثِيرًا مِنَ الْأَسْرارِ الْعَجِيبَةِ الَّتِي هَدَتْهُ إِلَيْها فُنُونُ سِحْرِهِ. وَلَمْ يَكُنْ لِيَسْتَطِيعَ أَنْ يَتَعَرَّفَ هذِهِ الْأَسْرارَ لَوْلا خِبَرْتُهُ الْواسِعَةُ بِأَسالِيبِ السِّحْرِ وَفُنُونِهِ.

figure

فَقَدْ عَلِمَ أَنَّ ساحِرَةً خَبِيثَةً اسْمُها «سِكُورَكْس» كانَتْ تَسْكُنُ الْجَزِيرَةَ مِنْ قَبْلِهِ، وَأَنَّها اسْتَطاعَتْ — بِما أُوتِيَتْ مِنْ قُوَّةِ السِّحْرِ وَسُلْطانِهِ — أَنْ تَمْلَأَ الْجَزِيرَةَ بِطائِفَةٍ مِنْ أَشْرارِ الْجِنِّ.

وَلَمْ تَشَأْ أَنْ تَتْرُكَ أَخْيارَهُمْ أَحْرارًا، وَأَبَى عَلَيْها خُبْثُها وَلُؤْمُها إِلَّا أَنْ تَسْجُنَهُمْ فِي جُذُوعِ الْأَشْجارِ.

فَلَمَّا ماتَتْ تِلْكَ السَّاحِرَةُ الْخَبِيثَةُ، اسْتَطاعَ «بُرُسْبِيرُو» — بِما أُوتِيَ مِنْ سُلْطانِ السِّحْرِ — أَنْ يُطْلِقَ سَراحَ هؤُلاءِ الْجِنِّ الْأَخْيارِ الَّذِينَ أَسَرَتْهُمُ السَّاحِرَةُ، وَأَنْ يَتَّخِذَ مِنْهُمْ أَعْوانًا وَخَدَمًا يُؤَدُّونَ لَهُ كُلَّ ما يَحْتاجُ إِلَيْهِ.

(٥) «آرْيِلُ»

وَكانَ مِنْ بَيْنِ هؤُلاءِ الْجِنِّ الْأَخْيارِ الَّذِينَ أَطْلَقَ «بُرُسْبِيرُو» سَراحَهُمْ — بَعْدَ مَوْتِ السَّاحِرَةِ الْخَبِيثَةِ — جِنِّيٌّ كَرِيمُ النَّفْسِ، قَوِيُّ الْبَأْسِ (عَظِيمُ الشَّجاعَةِ، شَدِيدُ الْبَطْشِ وَالْفَتْكِ)، اسْمُهُ «آرْيِلُ». وَكانَ جَمِيعُ سُكَّانِ الْجَزِيرَةِ مِنَ الْجِنِّ يَخْضَعُونَ لَهُ، وَيَدِينُونَ (يُذْعِنُونَ) بِالزَّعامَةِ لِقُوَّتِهِ.

وَقَدْ أَخْلَصَ ذَلِكَ الْجِنِّيُّ الْكَرِيمُ لِسَيِّدِهِ «بُرُسْبِيرُو» الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ سِجْنِهِ، وَأَصْبَحَ لَهُ خادِمًا أَمِينًا لا يَعْصِي لَهُ أَمْرًا، وَلا يَتَرَدَّدُ فِي تَلْبِيَةِ كُلِّ ما يَطْلُبُهُ.

وَكانَ «آرْيِلُ» يَبْدُو (يَظْهَرُ) لِسَيِّدِهِ فِي ثَوْبٍ شَفَّافٍ، فِي مِثْلِ لَوْنِ الضَّبابِ، وَفِي وَسَطِهِ حِزامٌ سَماوِيُّ اللَّوْنِ. وَكانَ لَهُ جَناحانِ شَفَّافانِ يَشُعُّ النُّورُ مِنْ خِلالِهِما، وَتَدُلُّ سِيماهُ وَهَيْئَتُهُ عَلَى إِخْلاصِهِ وَذَكائِهْ، وَكَرَمِ نَفْسِهِ.

(٦) «كَلِيبانُ»

وَكانَ إِلَى جانِبِ ذَلِكَ الْجِنِّيِّ الظَّرِيفِ الْوَفِيِّ شَيْطانٌ آخَرُ اسْمُهُ: «كَلِيبانُ»، وَهُوَ ابْنُ السَّاحِرَةِ الْخَبِيثَةِ «سِكُورَكْسَ» الَّتِي حَدَّثْتُكَ عَنْها مِنْ قَبْلُ.

وَكانَ «كَلِيبانُ» دَمِيمَ الصُّورَةِ، قَبِيحَ الْوَجْهِ، سَيِّئَ الْخُلُقِ، خَبِيثَ النَّفْسِ؛ كَما كانَ أَشْعَثَ (مُتَفَرِّقَ الشَّعْرِ)، كَرِيهَ الْمَنْظَرِ. وَقَدْ نَبَتَ الشَّعْرُ الْكَثِيفُ عَلَى ذِراعَيْهِ وَساقَيْهِ فَغَطَّاها، وَجَعَلَهُ أَقْرَبَ إِلَى الْحَيَوانِ مِنْهُ إِلَى الْإِنْسانِ.

وَلَمْ يَكُنْ — مُنْذُ نَشْأَتِهِ — قادِرًا عَلَى النُّطْقِ، كَما تَنْطِقُ أَيُّها الْقارِئُ الْعَزِيزُ، بَلْ كانَ لَهُ صَوْتٌ مُزْعِجٌ أَشْبَهُ بِعُواءِ الذِّئْبِ أَوْ نَبْحِ الْكَلْبِ، مِنْهُ بِصَوْتِ الْآدَمِيِّ.

فَهُوَ — فِي أَغْلَبِ الْأَحايِينِ — يَصْرُخُ وَيَهْدِرُ (يُرَدِّدُ صَوْتَهُ فِي حَنْجَرَتِهِ كَما يَفْعَلُ الْجَمَلُ)، وَيُعَوِّي فِي صَخَبٍ (ضَجِيجٍ) مُفَزِّعٍ، وَتَسْتَوْلِي عَلَيْهِ بَواعِثُ الْغَضَبِ لِأَتْفَهِ الْأَشْياءِ؛ فَتَتَجَلَّى الشَّراسَةُ (سُوءُ الخُلُقِ وَكَثْرَةُ الْعِنادِ) وَالْقَسْوَةُ وَالْعُنْفُ فِي كُلِّ حَرَكَةٍ مِنْ حَرَكاتِهِ.

(٧) بَيْنَ «آرْيِلَ» و«كَلِيبانَ»

وَكانَ هذا الشَّيْطانُ الْخَبِيثُ أَسْوَأَ رَفِيقٍ لِـ«بُرُسْبِيرُو». وَلَمْ يَكُنْ لِصاحِبِنا «بُرُسْبِيرُو» بُدٌ وَلا خَلاصٌ مِنْ مُصاحَبَتِهِ. وَكانَ «بُرُسْبِيرُو» والِدُ «مِيرَنْدا» — عَلَى ما وَهَبَهُ اللهُ مِنْ جَمالِ الْخُلُقِ، وَصَفاءِ النَّفْسِ — مُضْطَرًّا إِلَى مُعامَلَةِ «كَلِيبانَ» بِقَسْوَةٍ وَفَظاظَةٍ، وَغِلْظَةٍ وَخُشُونَةٍ. فَأَصْبَحَ يُسَخِّرُهُ وَيَسْتَخْدِمُهُ فِي قَطْعِ الْأَخْشابِ وَحَمْلِها إِلَى دارِهِ، كَما يُسَخِّرُهُ فِي أَداءِ كُلِّ عَمَلٍ شاقٍّ؛ حَتَّى لا يَدَعَ لِذَلِكَ الشِّرِّيرِ الْخَبِيثِ وَقْتًا مِنْ أَوْقاتِ الْفَراغِ يَصْرِفُهُ فِي الشَّرِّ وَالضَّرَرِ.

وَكانَ كُلَّما عَمَدَ إِلَى الْكَسَلِ، أَوْ تَهاوَنَ فِي أَداءِ ما عَلَيْهِ مِنَ الْفُرُوضِ وَالْواجِباتِ، هَدَّدَهُ «آرْيِلُ» بِالْعِقابِ، وَصَرَفَهُ إِلَى واجِبِهِ، وَأَنْذَرَهُ فِي قَسْوَةٍ وَعُنْفٍ بِأَنَّهُ إِذا لَمْ يَخِفَّ إِلَى أَداءِ واجِبِهِ — فِي إِخْلاصٍ وَنَشاطٍ — سَحَقَهُ، أَوْ نَكَّلَ بِهِ شَرَّ تَنْكِيلٍ وَآذاهُ شَرَّ أَذِيَّةٍ، أَوْ أَلْقَى بِهِ فِي أَقْذَرِ مُسْتَنْقَعٍ.

وَكانَ «آرْيِلُ» قادِرًا عَلَى التَّحَوُّلِ فِي أَيِّ شَكْلٍ شاءَ: فَتارَةً تَراهُ فِي شَكْلِ وَحْشٍ، وَثانِيَةً فِي شَكْلِ قِرْدٍ، وَثالِثَةً فِي شَكْلِ قُنْفُذٍ، وَغَيْرِ تِلْكَ مِنَ الْأَشْكالِ الْمُفَزِّعَةِ الَّتِي تَمْلَأُ نَفْسَ «كَلِيبانَ» رُعْبًا، وَتَضْطَرُّهُ إِلَى تَلْبِيَةِ أَمْرِهِ، وَالْخُضُوعِ لِإِشارَتِهِ.

وَلَيْسَ فِي وُسْعِ «كَلِيبانَ» أَنْ يَنْتَقِمَ لِنَفْسِهِ مِنْ «آرْيِلَ» إِلَّا بِالسِّبابِ وَالشَّتْمِ وَتَعْبِيسِ الْوَجْهِ وَتَقْطِيبِهِ. وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هذا لِيَضِيرَ «آرْيِلَ» أَوْ يُخِيفَهُ مِنْهُ؛ فَإِنَّ الشَّتْمَ وَالسِّبابَ أَضْعَفُ حِيلَةٍ يَلْجَأُ إِلَيْها الْعاجِزُ الضَّعِيفُ، وَهُما دَلِيلانِ عَلَى سُوءِ الْأَدَبِ وَخُبْثِ النَّفْسِ.

وَما أَحْسَبُكَ — أَيُّها الصَّغِيرُ الْعَزِيزُ — تَرْضَى عَنْ خُلُقِ «كَلِيبانَ» أَوْ تَرْضَى عَمَّنْ يُقَلِّدُهُ فِيهِ.

(٨) مَزايا «آرْيِلَ»

أَمَّا «آرْيِلُ» فَهُوَ — عَلَى الْعَكْسِ مِنْ صاحِبِهِ — دائِمُ الِابْتِسامِ، شَدِيدُ النَّشاطِ، كَثِيرُ الْحَرَكَةِ. وَهُوَ — كَما قُلْنا — قادِرٌ عَلَى التَّحَوُّلِ إِلَى أَيِّ صُورَةٍ أَرادَ، وَفْقَ ما يَحْلُو لَهُ. فَتارَةً تُلْفِيهِ قَدْ تَحَوَّلَ إِلَى فَتاةٍ جَمِيلَةٍ تَحْمِلُ فِي يَدِها طاقَةً مِنَ الزَّنْبَقِ، وَتارَةً تَراهُ فِي صُورَةِ عُصْفُورٍ، وَكانَ — إِلَى ذَلِكَ — مُغَنِّيًا حَسَنَ الصَّوْتِ، رائِعَ الْغِناءِ؛ فَأَصْبَحَ أُنْسَ رِفاقِهِ الْجِنِّ. وَقَدْ كانُوا يُحِبُّونَهُ أَشَدَّ الْحُبِّ، وَكَثِيرًا ما غَنَّاهُم أَطْيَبَ الْأَغانِي وَأَعْذَبَ الْأَناشِيدِ.

وَكانَ — إِلَى ذَلِكَ — يُهَيْمِنُ عَلَى الرِّياحِ، وَيُسَيْطِرُ عَلَى أَمْواجِ الْبَحْرِ. فَإِذا شاءَ أَحْدَثَ عاصِفَةً هَوْجاءَ (زَوْبَعَةً تَهُبُّ فِي نَواحٍ مُخْتَلِفَةٍ)، وَأَثارَ أَمْواجَ الْبَحْرِ، وَأَغْرَقَ السُّفُنَ وَراكِبِيها، وَإِذا شاءَ سَكَّنَ الْعاصِفَةَ، وَجَعَلَ أَمْواجَ الْبَحْرِ هادِئَةً، فَسارَتِ السُّفُنُ فِي سَلامٍ وَطُمَأْنِينَةٍ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤