خاتمة

تزوج الملك آرثر والليدي جوينيفير في يوم رائع من أيام فصل الخريف في احتفال بالغ الفخامة؛ فقد زُينت المملكة بزينة جميلة كأنما العالم كله يتلألأ بالألوان الزاهية. ولمّا أعلنهم رئيس أساقفة كانتربيري زوجًا وزوجةً، قُرعت الأجراس في كل أنحاء البلاد. وكان الملك والملكة يشعان بهاءً كما الشمس والقمر.

وفي هذا اليوم أيضًا، ملأ ميرلين مقاعد الطاولة المستديرة رسميًّا. فقد استخدم ميرلين سحره تارة ومهارته تارة أخرى في إحضار الطاولة من الدور السفلي، وبناء سرادق حولها ليحفظ قطعة الأثاث الشهيرة، وصناعة أسوار السرادق من الذهب وزخرفتها بأشكال القديسين والملائكة. وقد صنع في السقف لوحة بدت كالسماء الزرقاء المليئة بالنجوم، وصنع تحت أرجل الفرسان أرضية رائعة من أفضل أنواع الرخام.

كان آرثر على وشك أن يجلس على المقعد «المحفوف بالخطر»، لكن ميرلين أمسكه عن فعل هذا، وقال: «كلا يا مولاي. لا يوجد سوى رجل واحد على وجه الأرض هو الذي يستطيع أن يجلس على هذا المقعد، وهذا الرجل لم يُولد بعد. وأشار ميرلين إلى آرثر كي يجلس على المقعد المواجه بالضبط للمقعد «المحفوف بالخطر»؛ المقعد الذي كان جميلًا أيضًا، فقد كان أطول من سائر المقاعد ومزخرفًا بنقوش أروع منها جميعها. قال ميرلين: «انظر أيها الملك، هذا هو المقعد الملكي، الذي يعتبر المقعد المركزي، لأنك أنت بحق مركز كل ما هو جدير بالفروسية الحقيقية.»

وفيما جلس آرثر، ظهرت حروف من ذهب كما لو كانت قد حُفرت في الحال في المقعد: «الملك آرثر».

شعر آرثر بالحماس الشديد. فصفق بيديه ليدعو الفرسان العظام الكثيرين الذين دعاهم ضيوفًا لحضور عرسه ليلتفوا حول طاولته الرائعة والأنيقة.

غير أن ميرلين نهاه مرة أخرى، وقال برفق: «لا يا مولاي. فمع أنك دعوت أنبل فرسان في العالم، فلن تمتلئ طاولتك بالتمام اليوم.» غير أن ميرلين أكد لآرثر أن طاولته ستمتلئ قريبًا جدًّا. سار ميرلين وسط المدعوين واختار اثنين وثلاثين فارسًا فحسب ممن يستحقون نيل هذا الشرف حتى الآن. فكان من بين من اختارهم سير بيلينوري، وسير جيواين، وسير إيواين، وسير أولفيوس. ولكي يحفظ وعد آرثر لوالده أيضًا، اختار سير كاي. ملأ ميرلين الاثنين والثلاثين مقعدًا سريعًا.

وبعد ذلك، تمكن ميرلين أن يملأ معظم المقاعد المتبقية. غير أن المقعد الذي عن يمين الملك آرثر ظل شاغرًا، وكذلك المقعد «المحفوف بالخطر».

نصح ميرلين الملك قائلًا: «كن صبورًا يا مولاي. سيأتي صاحبا هذين المقعدين في التوقيت المناسب، ولسوف يكونان أعظم فارسين في العالم.»

وعندئذ، بعد أن كادت الطاولة تمتلئ، نهض كل الفرسان، وشهروا سيوفهم، وتلوا في تناغم مهيب الكلمات التي ستصير فيما بعد شعار فرسان الطاولة المستديرة: «نحن فرسان الطاولة المستديرة، سنترفق بالضعيف، ونتعامل بحسم مع القوي، وبوحشية مع الشرير. سندافع عن العاجز، ونصون جميع النساء كالمقدسات، ونرحم جميع الرجال، ويدافع بعضنا عن بعض ويؤازر بعضنا بعضًا حتى النهاية.»

وأقسم كل رجل على صدق تعهده، ثم قبل نصل سيفه كي يختم قسمه. وكانت هذه قصة نشأة الطاولة المستديرة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤