ثانيًا: الذاتية المشتركة (الوعي الجمعي-الأوروبي)١

تأتي الذاتية المشتركة بعد الذاتية، فالآخر طرف للأنا،٢ وبتكرار هذه التجربة المشتركة بين الشعور وأطرافه تصبح الذاتية المشتركة مجموع تجارب جماعة إنسانية معينة مرادفة لتاريخها.

وللذاتية المشتركة معنيان؛ الأول معنًى معرفي خالص أقرب إلى التجربة الذاتية المشتركة أو المعرفة الذاتية المشتركة أو العلاقة بين الذوات، عندما يشارك الآخر في نفس تجربة الذات، وينتهي إلى نفس النتيجة، ويكون هذا الاشتراك أي التطابق بين تجربة الذات وتجربة الآخر أحد معاني الموضوعية، تطابق تجربة الأنا مع تجربة الآخر، وليس المعنى الاستنباطي الرياضي، تطابق النتائج مع المقدمات أو المعنى الاستقرائي العلمي، تطابق الفرض مع التجربة كي يصبح قانونًا؛ فالتطابق الرياضي المنطقي صوري، والتطابق التجريبي العملي مادي، وتحوَّل كلاهما من قبل إلى ترنسندنتالي في المجموعة المنطقية «المنطق الصوري والمنطق الترنسندنتالي» و«بحوث منطقية» و«التجربة والحكم»، وهو المعنى الذي ورد في «تأملات ديكارتية»، التأمل الخامس، واستمر لدى الوجوديين كعلاقة بين الذوات، بين المعرفة والوجود، خاصةً علاقات المحبة والكراهية، والوحدة والمفارقة.

والمعنى الثاني هو المعنى الحضاري، عندما تتحول الذاتية المشتركة إلى خبرات جماعية متراكمة عبر التاريخ، وتصبح حضارة؛ أي شعورًا جماعيًّا له أيضًا تطوره وبناؤه، المعنى المعرفي الأول خارج التاريخ، فالواقع بين قوسين إنما يتم فقط في «الشعور الداخلي بالزمان» وليس في «المكان»، في حين أن المعنى الحضاري في الزمان والمكان، ليسا بالمعنى الطبيعي؛ فالتاريخ بمعنى النزعة التاريخية أيضًا بين قوسين، ولكن بمعنى الخبرات الجمعية المتراكمة عبر التاريخ، ثم استقلت عنه، وهو المعنى المقصود في المجموعة الحضارية خاصةً «أزمة العلوم الأوروبية»، وقبلها «الفلسفة كعلم محكم»، «الفلسفة الأولى» (جزءان)، «علم النفس الظاهرياتي».

وإذا كانت الذاتية تمثل المحور الرأسي في الذاتية فإن الذاتية المشتركة تمثل المحور الأفقي؛ أي التاريخ، وهنا تتحول الظاهريات من فلسفة ترنسندنتالية إلى فلسفة في التاريخ، والواقع أن للذاتية المشتركة الترنسندنتالية دورًا معرفيًّا في مشاركة تجربة الأنا مع الغير، ومع ذلك فإن لها دورًا آخر في الاكتشاف التدريجي للظاهريات في تطور الحضارة وهي في طريقها إلى اكتمال الحقيقة، وإذا اتجهت الذاتية في حركة رأسية ذات اتجاهين، من الصوري إلى الترنسندنتالي، ومن المادي إلى الترنسندنتالي، فإن الذاتية المشتركة تتجه أيضًا في حركة أفقية ذات اتجاهين كذلك، تقدمي وتراجعي، إلى الأمام وإلى الخلف؛ للاستبصار؛ أي قراءة الحاضر في المستقبل والمستقبل في الحاضر، وللاسترجاع؛ أي قراءة الحاضر في الماضي والماضي في الحاضر.٣
وتظهر هذه الحركة التقدمية في دراسة البواعث التاريخية في نشأة الحضارة وتطورها، والباعث بالأصالة هو مشروع العلم الشامل الذي طالما كان موضوعًا للبحث، حركة التاريخ حركة غائية؛٤ إذ تكشف الذاتية المشتركة الترنسندنتالية تدريجيًّا أحد جوانب هذا العلم الشامل حتى تحقُّقه الأخير.٥ وتظهر الحركة التراجعية في التفسير التراجعي للمذاهب الفلسفية السابقة وكأنها كانت في بحث مستمر، شعوري أو لا شعوري، عن الظاهريات؛ لذلك عُرضت كل فلسفة في ذاتها ثم أُدخلت في إطار غائية التاريخ،٦ وأحيانًا يكون عرض الفلسفة مستقلًّا محايدًا، وأحيانًا أخرى يكون متضمنًا ومقروءًا في الظاهريات، وأحيانًا يكون العرض التاريخي، باعتباره الإلهام الضمني لكل فلسفة مع الفلسفة السابقة، وأحيانًا أخرى مع الفلسفة اللاحقة.٧ وبتعبير آخر ليس تاريخ الفلسفة مجرد تاريخ المذاهب والنظريات المتجاورة، بل يهدف إلى التعرف على المشروع الحال في كل الفلسفات السابقة؛ فتاريخ الفلسفة لا يدونه المؤرخ بل الفيلسوف.
ومن الصعب في الذاتية المشتركة التمييز بين البنية والتطور كما هو الحال في الذاتية، كما أنه من الصعب إيجاد مخطط للاثنين؛ فالذاتية المشتركة ما زالت على مستوى التدوين وليس التقنين، كما أن بنية الوعي الأوروبي بنية تاريخية، نشأت في التاريخ، ثم تكلست، وأصبحت بنية لا يمكن فهمها إلا بعد تفكيكها والعودة إلى التاريخ وإرجاعها إليه، البنية هي اكتمال التاريخ، والتاريخ هو تحقيق البنية. ومع ذلك، وبمزيد من الإحكام، يمكن إيجاد مخطط لبنية الوعي الأوروبي وتطوره باعتباره نموذجًا متميزًا للذاتية المشتركة، يمكن إيجاد مخطط واحد يصور البنية والتاريخ في وقت واحد. ولما كان نموذج الذاتية المشتركة هو الوعي الأوروبي، فإن وصف بنيتها وتطورها هو في نفس الوقت وصف بنية الوعي الأوروبي وتطوره.٨
يمكن رؤية البنية عبر التاريخ، وهي بنية ثلاثية، تتمثل في اتجاهات ثلاثة تخرج من الذاتية، اتجاه إلى أعلى نحو الصورية والتجريد مثل معظم الفلسفات المثالية والأفلاطونية، نموذجها الفريد والدائم، واتجاه آخر إلى أسفل نحو المادية والتجريبية والحسية، والوضعية نموذجها المعاصر، واتجاه ثالث إلى الأمام أو إلى الداخل نحو النفس وتمثله كل فلسفات الحياة والوجود، والظاهريات نموذجها المكتمل،٩ يتجه النظر إلى «السماء» أو إلى «الأرض» أو إلى «النفس» أو «القلب». الأول هو اتجاه المفارقة، والثاني اتجاه الحلول، والثالث هو الاتجاه الترنسندنتالي. الأول يقوم على الفصل، والثاني على الخلط، والثالث على التمييز.

(١) بنية الوعي الأوروبي (البنية-المصدر)١٠

لما صعب تمييز بنية الوعي الأوروبي عن تطوره، لأن البنية بنت التطور ومن صنعه، فإنه يمكن عرض البنية من داخل التطور، واعتبار المصادر على أنها البنية في مرحلتها الأولى اليونانية المسيحية أو القديمة والوسطى قبل تكشفها من جديد في العصور الحديثة؛ ومن ثَم تكون البنية المصدر أو المصدر البنية، ونظرًا لتراكم المعارف الحديثة، وبلوغ الوعي الأوروبي مركز الصدارة في العصور الحديثة، وهو ما عُرف فيما بعدُ باسم «المركزية الأوروبية»، فقد تضخم التطور على حساب البنية-المصدر، وأصبح للخمسة قرون الأخيرة في الوعي الأوروبي الأولوية على الخمسة عشر قرنًا الأولى.١١ وتتعادل المرحلة الثالثة مع الحديثة، المرحلتان الأولى والثانية، القديمة والوسطى، ويتشعب المصدر إلى ثلاثة: المصدر اليوناني الروماني، والمصدر اليهودي المسيحي، والبيئة الأوروبية نفسها. أما التطور، وهو أيضًا البنية-التطور، فقد امتد من نقطة البداية إلى نقطة النهاية، من ديكارت إلى هوسرل، من الكوجيتو إلى «الكوجيتاتوم»، من «الأنا أفكر» إلى «الأنا موجود»، وما بينهما انبعاج في مسار الحضارة الأوروبية بين الأعلى والأدنى، بين الصورية والمادية، انفراج من «الأنا أفكر» وضم في «الأنا موجود».١٢
ولا تعتبر مصادر الوعي الأوروبي حضارة مستقلة بل مرحلة فيه، ممثلة للإنسانية جمعاء؛ فكل حضارة تعتبر نفسها حضارة مركزية لها قوة جذب كنموذج لغيرها في الشرق والغرب على السواء،١٣ فكانت حضارة الصين، والهند، وفارس، وما بين النهرين، ومصر القديمة، وكنعان، وأخيرًا اليونان حضارات جذب للحضارتين الآسيوية والأوروبية ثم الحضارة العربية الإسلامية، قبل أن ينتقل المسار إلى الحضارة الأوروبية الحديثة.

والإحالة في الظاهريات إلى مصادر الوعي الأوروبي قليلة إلى حد ما، وكان ذلك طبيعيًّا لأن الظاهريات تتحدد بالنسبة إلى عصر النهضة وليس بالنسبة إلى العصر المدرسي، ويُحلل المصدر اليوناني الروماني نسبيًّا، في حين أن المصدر اليهودي المسيحي غائب تمامًا على الأقل في الإحالات المباشرة، وإن ذُكر فإنه يكون منقطعًا عن المصادر البيئية الأولى للوحي، والبيئة الأوروبية نفسها وظروفها التاريخية والاجتماعية والسياسية والثقافية لا وجود لها، وكان الوعي الأوروبي وعيًا مثاليًّا بلا تاريخ، ومع ذلك تكفي الإحالات القليلة للمصادر لتبين إلى أي حد يُعتبر الوعي الأوروبي نموذجًا مثاليًّا كاملًا، وإلى أي حد يكشف عن مصادره الأوروبية أو غير الأوروبية (الأفريقية الآسيوية) ضد مؤامرة الصمت عليها حتى يبدو وكأنه خلق عبقري على غير منوال.

(أ) المصدر

ويشمل ثلاثة مصادر: المصدر اليوناني الروماني، والمصدر اليهودي المسيحي، والبيئة الأوروبية نفسها.

(أ-أ) المصدر اليوناني الروماني١٤

وقد استُعمل المصدر اليوناني أكثر من المصدر الروماني طبقًا للوهم الشائع أن اليونان هم أهل «اللوجوس»، والرومان هم أهل «الليجوس»؛ أي القانون،١٥ والظاهريات هي اكتمال اللوجوس.١٦ صحيح أنه من الصعب الحديث عن الحضارة الرومانية لأنها إعادة قراءة للفلسفة اليونانية، ومع ذلك من الصحيح أيضًا أن لكل حضارة بؤرةَ اهتمام مخالفة للأخرى؛ فإذا كانت الحضارة اليونانية تبحث عن «الفكرة»، والتي اشتقت منها الظاهريات «الرد النظري»، فإن الحضارة الرومانية أعطت القانون.
وتمثل الفلسفة اليونانية المصدر اليوناني بالأصالة، أما الأساطير اليونانية والأدب اليوناني والعمارة اليونانية والعلم اليوناني، فكان كل ذلك غائبًا، وظهرت الفلسفة اليونانية في كل أشكالها؛ فلسفة الحياة (سقراط)، فلسفة العقل (أفلاطون)، فلسفة المادة (أرسطو). وبتعبير آخر استنفدت الفلسفة اليونانية الأنواع الثلاثة الممكِنة للفلسفة في أي حضارة، هذه الفلسفات الثلاث هي التي ظهرت فيما بعد في الوعي الأوروبي كفلسفة وجود، وفلسفة روح، وفلسفة طبيعة، بصرف النظر عن البداية والوسط والنهاية، بدأت الفلسفة اليونانية بالوجود عند سقراط، ثم بالروح من أفلاطون، ثم بالطبيعة عند أرسطو. وبدأت العصور الحديثة بالعقل عند ديكارت وكانط وهيجل، ثم بالطبيعة عند ماركس والوضعية، ثم بالوجود عند فلاسفة الوجود. فما ظهر في البداية عند اليونان ظهر في النهاية في العصور الحديثة، وما ظهر في النهاية في العصور الحديثة ظهر في البداية عند اليونان.١٧

(أ-أ-أ) فلسفة الحياة

ولم يذكر مؤسس الفلسفة اليونانية، سقراط، إلا نادرًا، واعتبره إصلاحيًّا للحياة العملية ضد شك السوفسطائيين دون أن يستطيع أن يضع المسألة على مستوى العلم النظري، كانت تأملاته تدور حول المسألة العقلية، ومع ذلك كان منهجه منهج الإيضاح معتمدًا على البداهة.١٨ وتحول حوار الأستاذ سقراط بعد ذلك إلى جدل عند تلميذه أفلاطون، ثم إلى منطق عند تلميذه أرسطو،١٩ وفسر منهج الإيضاح كحدس للماهيات.٢٠
انحرف طريق سقراط لأنه لم يهتم بالنظرية؛٢١ أخذ الطريق العملي، وعارض البداهة بالغموض لغاية عملية خالصة، واعترف بضرورة وجود علم شامل كنقد حدسي وقبلي للعقل، مرتبط بمنهج وعي بالبداهة كمصدر لشرعية التعريف، وقد أعطى هذا المنهج ثماره في تحويل الحياة العملية والظواهر الخلقية إلى قواعد صورية، ومع ذلك لم تتحول هذه البنية النظرية إلى منهج، بل تحققت فيما بعد على نحو كامل في نظرية «المُثل».٢٢
وتُعزى فكرة علم حقيقي لسقراط وأفلاطون،٢٣ والقيمة الوحيدة لهذه الفلسفة الخلقية هو التأكيد على موضوعية القيمة ضد الشك السوفسطائي، والتي ستصبح فيما بعدُ موضوعية العلم العقلي.٢٤
وإذا كان الطريق السقراطي لم يبلغ بعدُ درجة العلم العقلي الخالص إلا أنه استمر كأكثر النماذج كمالًا في فلسفة الوجود القديمة، وفي كل مرة يئنُّ الإنسان فيه تحت ثقل العلوم التي وضعها يظهر الطريق السقراطي ليرد إلى الإنسان اعتباره كذات وليس كموضوع؛ فالذاتية في فلسفة الوجود والديمومة في فلسفة الحدس كان نموذجهما فلسفة الوجود في العصر القديم الذي كان يمثله الطريق السقراطي.٢٥

(أ-أ-ب) فلسفة العقل٢٦

وتمثل نظرية «المثل» فلسفة العقل في العصر القديم، وهو أول عنصر في فلسفة العلوم، وتمثل التمييزات بين الحسي والعقلي، والمادي والصوري، والعملي والنظري، الأسس الأولى لنظرية خالصة في العلم؛ بل إنه في ميدان الأفكار هناك تمييز بين فكرة الأفكار ومجموع الأفكار، وهو ما يقترب من النظريات الرياضية الحديثة في الكثرة والمجموعات.٢٧
وقد أُطلق اسم «أفلاطوني» على كل حركة في العصور الحديثة مع لفظ منطقي، وفي مواجهة النزعة النفسية، فكان لوجود الأفكار والماهيات المستقلة نموذجها السابق في «الأفلاطونية»،٢٨ وقد اعتُبرت النزعة التجريبية نزعة أفلاطونية مضادة،٢٩ ووُضعت الموضوعات المثالية في ميدان «أفلاطوني» واسع،٣٠ وقد ترك العلم الحديث نموذج العلم الصحيح الذي بدأه أفلاطون في العصر القديم،٣١ وسُميت كل حركة مثالية في الوعي الأوروبي «أفلاطونية»،٣٢ ولم تكن فقط في العصور الحديثة، بل استمرت في كل لحظة تسود فيها نزعات وشك والنسبية،٣٣ كان اللجوء إلى الروح الأفلاطونية هو الضامن لكل عقلانية تقنية،٣٤ في حين كان شعار النسبية في العصر القديم «الإنسان معيار كل شيء».٣٥
وبمنهج تراجعي، أي قراءة الحاضر في الماضي، فُسرت نظرية العلم في العصر القديم كنظرية قبلية خاصة بفكرة العلم، والتي تقوم على حدس نظري خلاق،٣٦ وتستمر العقلانية اليونانية التي تعطي الفكرة للعصور الحديثة في تفسيرها الجديد طبقًا لحاجات الوعي الأوروبي ومقتضياته.٣٧
ويمكن الإمساك بالفكرة عن طريق الجدل باعتباره بداية لا تُنسى للمنطق كنظرية في العلم،٣٨ وهو إعادة قراءة للحوار عند أستاذه سقراط ووضعه على مستوى النظرية الخالصة، وقد تم التمييز بين الفلسفة الأولى كمنهجية شاملة، وهي الجدل، والفلسفة الثانية، وهي العلوم الفلسفية العملية.٣٩ كان الجدل أول منهجية ذاتية تخلصت من الجانب التجريبي ليصبح بعد ذلك هندسة خالصة أو حسابًا خالصًا،٤٠ وكان أول محاولة لنظرية في العلم ضد السوفسطائيين.٤١
استطاع المنهج في العصر القديم أن يصل إلى الفكرة أو الذاتية، وهي الاكتشاف الأصيل في العصور الحديثة، ولكن لم تصل إلى درجة العقلانية كما كان الحال في العصر القديم،٤٢ ومع ذلك كان اكتشاف الذاتية أول تحقيق لقصد نظرية العلم في العصر القديم،٤٣ وكانت «الروح ذات الريش» تشير إلى البحث عن رؤية ترنسندنتالية،٤٤ فتحولت الأسطورة «الميثوس» إلى عقل «لوجوس»، والخيال إلى علم، والصورة إلى فكرة، والمجاز إلى حقيقة.
وتكرر وضع الحضارة اليونانية في الوعي الأوروبي، وتصدَّى المنطق الخالص لشك السوفسطائيين، تكرَّر نفس الشيء من جديد في العصور الحديثة؛ ففكرة علم أصيل في الكوجيتو هي نفس الفكرة الأفلاطونية القديمة،٤٥ ومع شك السوفسطائية التي تضع فكرة العقل موضع الشك عرفت الفلسفة اليونانية انقطاعًا نسبيًّا، وتكرَّر نفس الموقف في حركتي الحضارة، العقلانية ضد الشك؛ ومن ثَم فإن معركة العصر الحديث ضد النزعات الطبيعة والتجريبية النفسية هي عود إلى الفكرة-المشروع للعصر القديم.٤٦ وكانت للنزعتين الطبيعية والنفسية نماذجهما القديمة في فلسفة ما بعد أفلاطون،٤٧ والنزعة التجريبية في العصر الحديث عمياء أمام فكرة قانون مثالي بالمعنى الأفلاطوني.٤٨
وتستأنف الظاهريات نظرية العلم في العصر القديم، وبالإضافة إلى نظرية «المثل» استعيد علم النفس القديم كذلك،٤٩ وتم تفسيره باعتباره خطاب النفس لذاتها؛ أي باعتباره توجُّهًا للأفكار؛٥٠ فعلم النفس القديم بناءً على تفسير تراجعي ليس بعيدًا عن الفكرة؛ لأن علم النفس القصدي علم الفكرة.٥١ كانت العقلانية القديمة مرتبطة أيضًا بعلم النفس العقلي الذي كان يتميز بأنه لم يكن علم نفس تجريبيًّا؛ فالتجربة في نظرية «المثل» مجرد اعتقاد، هي قصد يتم ملؤه كل يوم؛٥٢ ومن ثَم تأخذ التجربة مكانها في الظاهريات كمصدر للملأ، وفي العصر القديم وضع الإنسان من حيث هو إنسان في المجتمع؛ مما يؤذن بالتجربة المشتركة في الظاهريات،٥٣ كان الإنسان منتظمًا في العالم الموضوعي.٥٤ ولو كان للتجربة المشتركة القديمة طابع اجتماعي، فإن للتجربة المشتركة الترنسندنتالية طابعًا معرفيًّا خالصًا.
ومع ذلك تصحح الظاهريات المواقف وتكملها؛ فالواقعة الأفلاطونية التي تعزو إلى الماهيات وجودًا واقعيًّا أي طبيعيًّا تناقض؛ فهناك فرق بين الموضوع الشعوري والموضوع الطبيعي، بين الواقع كبعد للشعور والواقعة الطبيعية،٥٥ والواقعة الأفلاطونية اعتمادًا على المذهب الاسمي القديم، الجذري أو التصوري، افتراض ميتافيزيقي يثبت وجودًا واقعيًّا للنوع خارج الفكر،٥٦ في مواجهة هذا الافتراض ينشأ افتراض نفسي آخر يثبت وجودًا فعليًّا للنوع في الفكر،٥٧ وخوفًا من الأفلاطونية فإن الافتراضَين السابقين لم يدركا أهمية الجانب النظري فيها.٥٨
وبسبب الروح الجذرية لتأسيس منطق، لم تستطِع نظرية العلم أن تنفذ إلى البدايات وإلى المناهج الضرورية،٥٩ كانت مرتبطة بالمقتضيات الأسطورية العملية، وليس بالمطالب النظرية بالمعنى الدقيق، كانت الفلسفة مجرد دهشة أكثر منها بحثًا نظريًّا عن الحقيقة.٦٠
ورسالة الظاهريات التاريخية هي إعطاء مضمون تطوري للفلسفة الأولى، وللفلسفة الأوروبية جذورها في فكرة العلم الحقيقي الصحيح،٦١ وتصبح الظاهريات فكرة فلسفية مصاغة في الفلسفة الأوروبية طبقًا للعقلانية القديمة،٦٢ كانت الفلسفة كعلم دقيق ثورةً سقراطية أفلاطونية في الفلسفة ورد فعل على الفلسفة المدرسية قبل بدايات العصور الحديثة.٦٣

(أ-أ-ﺟ) فلسفة المادة٦٤

وقد عرضت لأول مرة نظرية نسقية للعلوم المنطقية والأخلاقية والسياسية في العصر القديم،٦٥ كان العمل الرئيسي هو تأسيس المنطق الصوري، وبوجه خاص نظرية القضايا (القياس).٦٦
وبالرغم من تفضيل نظرية العقل على نظرية المادة، فإن منطق النظرية الأولى هو أول يقظة فكرية في التاريخ،٦٧ ويعتبر التحليل في المنطق الصوري أول تجلٍّ لمنطق التكوينات النظرية، كانت أول مرة تبرز فيها فكرة الشكل في ميدان القضايا، وبالإضافة إلى الشكل ظهرت أيضًا مقولات الواقع في ألفاظ متغيرة،٦٨ هذه السمة الصورية هي التي كانت توجه المنطق في العصور الحديثة.٦٩
ومع ذلك، كان للمنطق الصوري حدوده، كان «الأورجانون» بدايات تفكير ذاتي لعلم مثالي.٧٠ هو مجرد منطق للتطابق أو التناقض، موضوعاته الرئيسية: التطابق، عدم التطابق، والتكيف، كان ينقصه التمييز بين عملية الحدس كبرهان والتمييز التحليلي، المنطق الصوري مجرد الأساس الحامل لمنطق الحقيقة،٧١ ولا يصبح المنطق علمًا إلا بعد ظهور «الرياضيات الشاملة».٧٢
كانت نظرية فيثاغورس حالة سابقة جيدة،٧٣ وكانت نقطة أرشميدس كذلك أيضًا،٧٤ وكان هذا الربط بين المنطق والرياضيات من بين المكاسب التي تعتز بها العصور الحديثة، وعلى هذا النحو تحرَّر المنطق الصوري من الفلسفة المدرسية، ولم يعد علمًا مغلقًا مثل المنطق الأرسطي المدرسي، وهو ليس أكثر من تصنيف لأشكال للقياس،٧٥ كانت حدوده ضيقة للغاية،٧٦ المنطق الخالص إذَن ليس بعثًا للمنطق الأرسطي المدرسي بل استمرار لروح عصر النهضة،٧٧ لا تعادل سذاجة المنطق الأول عظمة المنطق الثاني.٧٨ لقد تكبَّل المنطق بسلاسل من القضايا، تُرد كلٌّ منها إلى الأخرى،٧٩ في حين استطاع المنطق الحديث الوصول إلى اللانهائي ذاته، ومع ذلك، إن البحوث اللغوية في المنطق الصوري أكثر تقدمًا فيما يتعلق بالنقاش حول تفسير الأشكال النحوية الخاصة للتعبير عن أفعال لا يمكن موضعتها.٨٠ يرفض المنطق الصوري التوحيد بين القضية والمنطوق، الأولى تشير إلى شيء خاص، ويمكن وصفها بالصواب أو الخطأ، بينما لا تثبت الثانية شيئًا، وطبقًا لهذا التمييز ترى الظاهريات في الشكل النحوي للقضية-المنطوق تعبيرًا عن الحكم من حيث هو كذلك. إن التعبيرات المزعومة للأفعال التي لا تُموضع هي تخصيصات مهمة للغاية في العمل خاصة في التواصل، ولكنها في مواضع أخرى هي ممكنة أو منطوق أو تعبيرات أخرى ﻟ «أفعال تموضع».٨١
وكالعادة تستأنف الظاهريات مساهمة القدماء وإعطاءها شكلًا جديدًا، ويُستخدم التمييز بين النوع والجنس في المنطق الصوري كمنهج للتمييز بين «الفرعي» و«المستغرق» للوصول إلى أعلى درجة من الصورية،٨٢ واللجوء دائمًا إلى الشكل من أجل رد كل مضمون مادي يكوِّن ماهية المنهج الظاهرياتي،٨٣ وإذا أمكن اكتشاف الأنطولوجيا الواقعية عند القدماء عن طريق خلق منطق صوري، فإن الأنطولوجيا الصورية ما زالت تنقصه،٨٤ وقد تم توسيع مبحث القضايا من أجل تصور مناطقي للأنطولوجيا الشاملة،٨٥ وبلغت نظرية الوجود عند القدماء الذروة في اللاهوت؛ وهو ما منعها من أن تصبح أنطولوجيا صورية كعلم شامل.٨٦
وقد أُخذت بعض تصورات فلسفة الطبيعة في أكثر معانيها عمومية، وذلك مثل تصور الحركة؛٨٧ فقد تطورت بعض البحوث اللغوية لوقت طويل، وتم التعبير عنها بألفاظ جديدة، مثل: «المقولات المتزامنة»، وهي نوع من الكلمات منفصلة عن التأويل،٨٨ واستخدمت بعض أنماط التعبير، مثل: «الأول في ذاته» لو كانت خارج كل نقد.٨٩
ولم تكن الفلسفة الأولى إلا هذه الفروض لفلسفة الوجود حول نظرية المعرفة،٩٠ كانت مرادفة للميتافيزيقا، والتي لم تكن قد أصبحت صوريةً بعد،٩١ في فلسفة الوجود بدأت النزعة الطبيعية في الظهور،٩٢ وبدأ اختفاء النزعة الجذرية في النزعة النفسانية السائدة سواء في المنطق أو في الأخلاق، ولم يكن بالإمكان هزيمة الشك القديم.٩٣
كانت نظرية المثل هي ذروة الحضارة اليونانية على حساب اتجاه آخر وهي فلسفة الوجود، واستعير «هذا المشار إليه» من فلسفة الوجود للتعبير عن فردية الماهية، ومن ثم ساهمت الفلسفتان القديمتان في إعطاء نموذج للظاهريات، واعتبر أيضًا علم النفس القديم كمنطق وعلم عقلي، كانت محاولات أولى لتأسيس علم شامل للذاتية،٩٤ ومع ذلك لم تُكتشف الذاتية بالمعنى الدقيق إلا في العصور الحديثة.

(أ-أ-د) اكتمال الفلسفة اليونانية٩٥

ليست فكرة العلم الخالص فقط جزءًا من الفلسفة اليونانية، ولكنها التعبير الأكمل عن حضارتها؛ فالفلسفة روح الحضارة، وفكرة العلم ذروة الفلسفة؛ ومن ثَم الغاية القصوى للحضارة،٩٦ وأول اتجاه في الفلسفة الأوروبية يأتي من هذا المشروع القديم، فقد تبلور الجدل الأفلاطوني في التحليل الأرسطي، وأصبح نظرية نسقية في هندسة إقليدس؛٩٧ ومن ثَم يمكن تحليل الحضارة اليونانية من خلال وحدة قصدها، وعادةً ما تؤخذ فلسفة الروح وفلسفة الوجود كبحث حول التكوين المثالي؛ أي حول مشكلة ضرورة علم للفكرة،٩٨ وقد وُجدت الفلسفة الحضارية لأول مرة في الفلسفة اليونانية.٩٩
كانت نظرية العلم عند القدماء أول محاولة لتشكيل علم شامل،١٠٠ وكانت تمثل العلم العقلي الموضوعي والشامل، وكانت تعادل تقريبًا الحقيقة ذاتها، وتصبح فيما بعدُ نموذجًا لعقلانية العصور الحديثة.
والفلسفة بعد أفلاطون فلسفة رياضية،١٠١ فكتاب «المبادئ» للهندسة لإقليدس هو أول محاولة لوضع الرياضيات التقليدية في نسق يتجه نحو الصورية،١٠٢ الهندسة «الإقليدية» نظرية في المكان، ويعطى طابعها الاستنباطي درجة عالية في الصورية،١٠٣ ومنذ العصر القديم ظل النموذج «الإقليدي» قائمًا، ووجد تحققه في النظرية الحديثة للكثرة،١٠٤ الهندسة «الإقليدية» معجزة حقيقية في عالم العقلانية؛١٠٥ فهي إحدى أصول العلوم الرياضية الطبيعية مع علم الفلك النظري.١٠٦ وبفضل منهجها الذي لا يمكن مقاومته، والذي كان يدفع إلى خطوات جديدة، فقد أيقظت مملكة المعرفة في قيمتها ولانهائيتها.١٠٧
كانت الهندسة في بداية العصور الحديثة ضمن العلوم العقلية للطبيعة، وكان لها نموذجها في العصر القديم في تطبيقها الخصب في الفيزيقا،١٠٨ كانت ذات نزعة أفلاطونية، وهي أول صورة لعلم الطبيعة الدقيق.١٠٩
وتبلغ فلسفة الوجود الذروة في إثبات اللاوجود كنمط للوجود؛ فالظواهر ليست هي النمط الوحيد للوجود، فضلًا عن أنها تعطي قيمة مطلقة للذهن ضد الشك،١١٠ ولأول مرة يسير فكر الوجود في اتجاهين.١١١
وفي «فكرة حضارة فلسفية»، كانت السمة الرئيسية في العلم اليوناني هي الفلسفة كاهتمام نظري خالص للبحث عن الحقيقة،١١٢ وظلت هذه السمة في البحث عن الحقيقة في الوعي الأوروبي.
فكرة العلم إذَن هي ذروة الحضارة اليونانية قبل أن تنهار، ومع ذلك لم تعطِ نظرية العلم نتائجها المرجوة، تحولت إلى علوم خاصة، وتركت المشروع الأول؛١١٣ لذلك كُتب تاريخ الفلسفة اليونانية ونظرية العلم في ذروته، مهَّدت له الفترة السابقة، ولكن لم تحافظ عليه الفترة اللاحقة، يمكن إذَن تمثيل تطور الحضارة اليونانية بمنحنى «جاوس».

وعرفت نظرية العلم، ذروة الحضارة اليونانية، لحظات انهيار في الشك والاتجاه الطبيعي والنزعة العملية، يمثل السوفسطائيون الاتجاه الأول، وفلاسفة الطبيعة الاتجاه الثاني، والمدارس الأخلاقية في نهاية الحضارة اليونانية الاتجاه الثالث.

  • أولًا: لم يكن الجدل السوفسطائي جدلًا إيجابيًّا بل كان جدلًا سلبيًّا، لم يؤكد وحدة الفكر والوجود، بل أنكر قيمة الذهن بإثبات وجود العدم؛ فالعدم مصدر الحقيقة.١١٤ الذاتية جوهر الشك.١١٥ والمعرفة غير ممكنة إلا من خلال التجربة، والمعرفة نوع متميز عن الاعتقاد.١١٦ ومع ذلك لا يهم إذا كان للأول أو الثاني ضرورة في الفكر أم لا طالما أنهما يوجدان من خلال الحدوس الحسية، ينتهي الشك إذَن إلى الأنا وحدية؛ لأنه لا توجد إلا إمكانية واحدة للمعرفة الموضوعية،١١٧ والتناقض ممكن طالما أنه حسي،١١٨ لا يوجد شيء، وإذا وُجد فإنه لا يمكن معرفته، هذه هي خلاصة الشك،١١٩ وإذا كان الشك نسبية فهو أيضًا نزعة سلبية.١٢٠
    كان مذهب الشك اليوناني نوعًا من الأنا وحدية، والأنا وحدية نوع من الانقطاع في تطور الفلسفة اليونانية، وأحط من شأن فكرة العقل من خلال الحجاج، ولا توجد حقيقة في ذاتها، لم يكن بالإمكان إقامة علم معياري،١٢١ منع الشك الشامل من إمكانية تأسيس علم حقيقي وموضوعي، كان غرض التفكير تبريريًّا، نقدًا فكريًّا للتجارب؛١٢٢ لذلك كان علم النفس وعلم الأخلاق هما العلمان الماديان دون أي علم نظري، كان العلم علمًا خاصًّا دون أي إمكانية لتأسيس علم شامل؛١٢٣ لذلك حدث رد فعل جدير بالثناء لإمكانية تأسيس علم حقيقي وموضوعي،١٢٤ وهو غير الجدل الأفلاطوني الذي كان في مواجهة الحِجاج السوفسطائي.١٢٥
  • ثانيًا: اقترب تيار الشعور من تيار هراقليطس،١٢٦ واعتُبرت نظريته في الصلة بين الحساسية والذهن كوسيلة للشك والسلب.١٢٧
    وفي الفلسفة الذرية لم تكن الذرات موضوعات للإدراك الحسي بل موضوعات عقلية؛ فللذة جانبان، جانب ذاتي وجانب موضوعي،١٢٨ تمثل الفلسفة الذرية المادية والحتمية القديمة،١٢٩ واعتُبر الطب التجريبي علمًا وصفيًّا كنظرية تجريبية للطبيعة وكنظرية في الفن.١٣٠
  • ثالثًا: في الفلسفة بعد أفلاطون كانت العودة إلى المسائل الخلقية انحرافًا عن نظرية العلم، وتم إنكار مبدأ عدم التناقص؛ ومن ثَم قوانين الفكر ذاته،١٣١ وفي نظرية «اللكتون» الرواقية كان هناك جهد للاقتراب من موضوعية مثالية، والتي لم يتم العثور عليها إلا في العصور الحديثة،١٣٢ وسار التحليل في المنطق الصوري خطوة أخرى إلى الأمام بفضل المنطق الرواقي نحو علم مثالي صوري.١٣٣
    ومن ثَم فإن رفع قدر التأسيس الأفلاطوني للمنطق أدى إلى إدانة الفلسفات السابقة على أفلاطون الوثيقة الصلة بالحضارات الأخرى الأسطورية الدينية المجاورة، العلم بالمعنى الأفلاطوني وحده كان يقوم على الاهتمام النظري الخالص كبحث عن مبدأ المنطق،١٣٤ وهكذا فُسرت الحضارة اليونانية كمحاولة للاقتراب من الظاهريات.

(أ-ب) المصدر اليهودي المسيحي١٣٥

لم يذكر المصدر اليهودي المسيحي صراحة، ولم تظهر اليهودية ولا المسيحية بوضوح وعلى نحو بديهي، على أكثر تقدير ظهر لفظ «مدرسي» من وقت إلى آخر في معرض الحديث عن بعض آباء الكنيسة اللاتين وفلاسفة العصر الهلينستي وبعض فلاسفة العصر الوسيط،١٣٦ وقد ذُكر المصدران للوعي الأوروبي مرة واحدة في «المخطوطات»: الفلسفة اليونانية والتوحيد اليهودي المسيحي؛ فأوروبا تركيب قصدي من اليهودية والمسيحية والهلينستية العامة،١٣٧ ويشار إلى المؤلفات المدرسية أحيانًا مع موقف رافض، وتحت أثر المنطق الأرسطي المدرسي، لم تظهر «الرياضيات الشاملة» إلا متأخرًا،١٣٨ والواقع أنه في العصر المدرسي اختُزل العمل في المنطق الأرسطي المدرسي، وهو علم مغلق يقوم على القسمة المدرسة لأشكال القياس.١٣٩ تذكر الفلسفة المدرسية أحيانًا دون إحالة إلى فلسفة محددة، بل كمصدر لبعض التصورات في العصر الحاضر،١٤٠ ولم يتم تحليل الأوجه الوظيفية بين الفلسفة اليونانية من المصدر اليوناني الروماني والفلسفة المدرسية من الأصل اليهودي المسيحي، وإذا استطاعت الفلسفة اليونانية تصور عالم الفكرة فإن الفلسفة المدرسية لم يكن لديها هذه القدرة، وإذا كانت فلسفة الروح خير ممثل للفلسفة اليونانية فإن فلسفة الطبيعة خير ممثل للفلسفة المدرسية، ولم يتم شرح كيفية التحول من الأولى إلى الثانية، وأهمل تمامًا المصدر الجديد، نشأة المسيحية، كعامل مكوِّن لتاريخ الفلسفة.
وفي العصر القديم ذُكرت فلسفة الواحد دون أي نقد، وذكرت مستويات الوجود والفكر والوجود والواحد أو معرفة الوجود أو الحساسية أو المعقولية والرؤية وفعل الواحد في العالم لهدف تاريخي خالص، وأحيانًا تُنقد المصادر التاريخية دون عرضها، وأحيانًا أخرى يتم عرضها دون نقدها،١٤١ ومع ذلك كانت فلسفة الواحد مواضع إغراء للظاهريات بسبب ما تتضمنه من أنطولوجيا.١٤٢
ويُحال مرات عديدة إلى العصور الوسطى وبوجه خاص إلى الزمانية؛ أي إلى الكوجيتو وإلى القصدية ونظرية الدلالة.١٤٣ أولًا: ارتبطت الزمانية بالذاتية لأنا أفكر،١٤٤ وكان اكتشاف الذاتية قد تم من قبل في العصور الوسطى بفضل شيئين؛ الوجود الإنساني والوحي. ثانيًا: لا تأتي القصدية مباشرة من العصور الوسطى، بل من علم النفس الوصفي الذي يحيل هو نفسه إلى الفلسفة المدرسية،١٤٥ وكانت موضوعية على المستوى العقلي، وليس على مستوى المعطى الحي. ثالثًا: نظرية «أنماط الدلالات» في العصر الوسيط نموذج سابق لمنطق صوري خالص، وتستأنف مسار نظرية العلم القديمة، وتمهد الطريق إلى العقلانية الحديثة.١٤٦ كانت المعرفة العقلية توضيحًا عقليًّا للطبيعة، ولا يتفق تمامًا عالم الأعداد والصور الذي يخلقه روح الإنسان مع الواقع الطبيعي، ومع ذلك هو عالم لا نهائي، ويقترب من المعرفة اللانهائية، وتتشابه هذه المعرفة العقلية، صورة المعرفة الإلهية، مع عالم الماهيات الواقعية، وفوقها توجد المعرفة العقلية كرؤية مباشرة للماهية.١٤٧

(أ-ﺟ) البيئة الأوروبية نفسها١٤٨

وهي المصدر الثالث للوعي الأوروبي. وتقال البيئة على مجموع الظروف الواقعية التي نشأت فيها الحضارة الأوروبية، صحيح أن الحوادث التاريخية والبنيات الاقتصادية والنُّظم السياسية قد تم وضعها بين قوسين طبقًا للقاعدة الأولى في المنهج الظاهرياتي، ومع ذلك ظلت آثارها قوية في الوعي الجمعي للحضارة، بل وفي الوعي الفردي ورؤيته للعالم، وتعبر البيئة الأوروبية عن نفسها في ضمير المتكلم الجمع في «حضارتنا»، «فلسفتنا» التي تدل على العلاقة الوطيدة بين الفكر والبيئة.١٤٩ ويقال مثلًا: «حاضرنا»، «أيامنا»، «زماننا»، «أزماننا»، «علومنا»، «ضرورات حياتنا»، «أزمتنا»، «زماننا القدري»، «مصيرنا»، «علمنا الوضعي»، «علمنا الإنساني»، «تمثلنا». وتدل كل هذه التعبيرات على مدى ارتباط الحضارة ببيئتها، وتدل الطريقة التي تُحال بها الأفكار إلى التاريخ الأوروبي على مدى الارتباط بين الحضارة وبيئتها،١٥٠ وفكرة «العصور الحديثة» أو «العصر الحاضر» بالنسبة إلى التاريخ الأوروبي، وقد تم التمييز بين الحديث والقديم بالنسبة إلى الحديث، كذلك تتم الإحالة إلى الفلسفة المدرسية في العصر الوسيط بالنسبة إلى الحديث، وتظهر البيئة الأوروبية في ارتباط كل اتجاه للفكر بمنطقته الحضارية؛ فهناك المثالية الألمانية، والتجريبية الإنجليزية، والنزعة النفسانية الفرنسية، والبرجماتية الأمريكية، وتتميز البيئة الأوروبية عن البيئة الشرقية، الصينية أو الهندية.

وظهور العلم والتقنية مرتبط أيضًا أشد الارتباط بالبيئة الأوروبية بعد رفض كل الافتراضات المسبقة من مصدر مسبق من أي معرفة كانت، أصبح الواقع عاريًا من كل تنظير، وأتت الرياضة لتقوم بهذا الدور فخلقت الفيزيقا، هذا الرفض لكل مصدر قبلي للمعرفة فعل ظرفي خالص؛ فالعلم القبلي في هذا العصر الأوروبي لم يقدم علمًا دقيقًا.

(٢) تطور الذاتية المشتركة١٥١

وللوعي الأوروبي بداية ونهاية، البداية في «الكوجيتو» عند ديكارت، والنهاية في «الكوجيتاتوم» عند هوسرل، «الأنا أفكر» و«موضوع التفكير»،١٥٢ وفي الواقع يمتد تطور الذاتية المشتركة بين هاتين النقطتين، الكوجيتو في العصور الحديثة والأنا الترنسندنتالي في الظاهريات، نقطة بداية ونقطة نهاية، نقطة قيام ونقطة وصول، ومن الدلالة بمكانٍ ارتباط الظاهريات بعصر النهضة، ويتبادل الباعثان في الحركتين في أعماق الوعي الأوروبي.١٥٣
والكوجيتو الديكارتي (القرن السابع عشر) قريب العهد من عصر النهضة (القرن السادس عشر). ولعصر النهضة واجهتان؛ الأولى منفتحة على العصر الوسيط وبالتالي على القديم، والأخرى منفتحة على العصر الحديث وبالتالي على تطور الوعي الأوروبي. الأولى إلى الوراء، والثانية إلى الأمام، في الواجهة الأولى كانت العقلانية الجديدة في العصور الحديثة موجهة ضد كل التصورات المدرسية.١٥٤ وما أنتج عصر النهضة هو التحرر من السيطرة التقليدية للفلسفة المدرسية وتصورها اللاهوتي الغائي للعالم، الصراع ضد الأحكام المسبقة والرغبة في تأسيس علم وفلسفة للعقل المستقل،١٥٥ كيف تم هذا التحرير؟ وُجد أصل الفكرة الجديدة لإقامة علم شامل في الرياضيات،١٥٦ كان تحويل الطبيعة إلى رياضة هو الإنجاز الرئيسي للعصور الحديثة، وكانت الهندسة الخالصة نموذج الدقة والصرامة، وكانت الطبيعة عالمًا رياضيًّا،١٥٧ وكان الباعث على هذا التحول للطبيعة إلى رياضة هو إيجاد علم شامل وموضوعي، وكانت البراهين تدل على ذلك،١٥٨ وكان نموذج المعرفة نقطة أرشميدس، الموضوع المثالي بالأصالة،١٥٩ واستمرت تفرقة القدماء بين الاعتقاد والمعرفة في العصور الحديثة الذي كان يقتفي أثر المعرفة؛ أي المعرفة العقلية.١٦٠ وقد اكتُشفت الفكرة عند القدماء كعلم دقيق، وكان اللجوء إلى البداهة موجودًا سلفًا في الطريق السقراطي، وتم الاقتراب من الفكر المنطقي في نظرية المثل، كان لتحول الطبيعة إلى رياضة في العصر الحديث نموذجه السابق عند القدماء في علم الواقع المتحول إلى مثال،١٦١ ومع اليونان وُلدت إنسانية جديدة، تلك التي تتجه نحو الحقيقة الموضوعية،١٦٢ وتأسس استقلال الإنسانية الأوروبية مع التصور الجديد لفكرة الفلسفة في عصر النهضة، واستمر الأصل في إعطاء المصادر، ولكن تطور الوعي الأوروبي تابع مقتضياته الخاصة، وبالرغم من أن الحضارة الأوروبية ميراث الحضارة اليونانية إلا أن هناك قصدية عامة تخترق الاثنين.١٦٣
وهكذا فإن الفلسفة اليونانية منبع كل غائية في التاريخ الأوروبي،١٦٤ وأصبحت بنيتها نفس بنية الحضارة الأوروبية، واستُعملت نظرية «المثل» كمعين لا ينضب لعقلانية العصور الحديثة، واستمرت نزعة الشك القديمة أساسًا للنزعة التجريبية الحديثة، الذاتية في العصور الحديثة وحدها هي الاكتشاف الأصيل، وكل تاريخ الفلسفة الحديثة هو صراع من أصل الإنسان.١٦٥

(أ) البداية: الكوجيتو الديكارتي١٦٦

نقص «الكوجيتو» في العصور الحديثة التوجه الترنسندنتالي، وهي مصادرة قطعية يستنبط منها العالم،١٦٧ ولم يلاحظ دور الآخر متضايفًا مع الشعور في التجربة الذاتية المشتركة، ولم يستطِع علم النفس، كنتيجة طبيعية للكوجيتو، اكتشاف المسألة الترنسندنتالية.١٦٨ تم وضع الوعي الخالص فقط إلى الأمام منفصلًا عن الواقع الطبيعي، وعالم الآخرين، وعالم الأشياء.١٦٩ وبالرغم من أن الكوجيتو هو أكبر كشف للوعي الأوروبي، نقصته كل الأشكال الترنسندنتالية.
لقد وقع الكوجيتو كذاتية ترنسندنتالية في تفسير خاطئ للأنا الخالص، وهو التزييف النفساني حتى بعد «الرد»، وهو ما يعادل الشك، فتحدد الكوجيتو على أنه «الذهن بدون النفس بدون العقل».١٧٠ وساد أيضًا تحول الطبيعة إلى رياضة تصور الجسد؛ فاعتُبر الجسد منطقة في الطبيعة، وكان دفن الذاتية الترنسندنتالية في الموضوعية سبب هذا التفسير الخاطئ،١٧١ وباختصارٍ ظل الكوجيتو ذاتًا نفسية أكثر منه ذاتًا ترنسندنتالية،١٧٢ وساهم في نشأة علم النفس في العصور الحديثة،١٧٣ ولم يستطِع علم النفس هذا استئناف الطريق الذي شقه الكوجيتو، بل اتبع فقط نتائجه الوخيمة،١٧٤ وترك التفكير من حيث هو «تفكير».١٧٥ وفي هذا الاتجاه سار كل علم النفس التجريبي. رسالة الظاهريات إذَن هي تخليص الميدان اللانهائي للتجربة الترنسندنتالية؛ ففي فلسفة العصور الحديثة وُضعت هذه التجربة موضع النقد،١٧٦ وكانت عُرضة لإمكانية الخطأ أو الخداع، وأهمل المعنى الأساسي للتجربة كعطاء أصيل للأشياء ذاتها.١٧٧ وبتعبير آخر، لم يأخذ الاكتشاف العظيم للعصور الحديثة مكان الصدارة، أزيح جانبًا، وترك في الظلام، وأهملت المسألة الرئيسية لتأسيس الفلسفة، ويعود هذا إلى أن نقد الشك لم يكن كافيًا، ووقع الكوجيتو نفسه في النسبية، سواء فيما يتعلق بافتراض وجود العالم أو ما يتعلق بضمان الموضوعية بالصدق الإلهي،١٧٨ قامت الموضوعية أيضًا على أساس النفسانية اللاهوتية.١٧٩ واستكمل نقص البداهة ببنيات ميتافيزيقية، ولم تكن التأملات جوانب لموضوعات مماثلة للجوانب الموضوعية المطابقة، بل كانت معطيات مطلقة؛١٨٠ لذلك تستعيد الظاهريات تحليل الكوجيتو لتبين أولًا السمة الشاملة للأنا، ولتبين ثانيًا أن البداهة لا شأن لها بالموضوع الواقعي، ولتبين ثالثًا أن مضامين الشعور تقوم على بنيات قصدية.١٨١ ولم يتم تطوير الانفصال عن الاتجاه الطبيعي، واكتشاف دائرة المعطى الحي حتى النهاية في الكوجيتو،١٨٢ ووضعت مواضيع التأملات بين قوسين (الرد) من أجل استبقاء الظواهر الخالصة وحدها،١٨٣ وكان يمكن للشك أن ينتهي إلى نتائج أكثر أهمية، صحيح أن التأملات كانت حقائق أولية، ولكنها ظلت ظواهر نفسية، ويضع «الرد» الظواهر بين قوسين حتى لا تبقى إلا الرؤى الخالصة كمعطيات مطلقة.١٨٤ لم يستطِع مشروع العصور الحديثة تخليص الدائرة الترنسندنتالية من الاتجاه الطبيعي،١٨٥ والعالم الخارجي الذي ظل موضع الشك في الكوجيتو بديهي،١٨٦ وبالرغم من اكتشاف الذاتية ظلت منغلِقة على نفسها دون أن تضع نفسها في العالم،١٨٧ هذه الأنا وحدية للأنا الترنسندنتالي ليست غريبة عن الأنا وحدية للأنا النفسي.
ووضع الأشياء بين قوسين في الظاهريات هو عود إلى موضوع الشك، وضع الاتجاه الطبيعي خارج دائرة الانتباه، وهو موجه نحو الواقعة من أجل الإبقاء على الماهية، وظيفة الشك تخليص منطقة أنطولوجية في الوجود خارج الشك.١٨٨ يبدو الشك محاولة سلب شامل، في حين أن الوضع بين قوسين هو مجرد تعليق حكم يقوم على اقتناع بالحقيقة اليقينية التي لا يمكن الشك فيها خاصة إذا كانت بديهية؛١٨٩ فالأنا الخالص خارج الشك،١٩٠ ويظل التفكير أيضًا خارج الشك، ومعطيات الشعور معطيات أصلية ومطلقة،١٩١ يحقق الوضع بين قوسين في الظاهريات عودةً ثانية إلى الذات المتأملة الخالصة،١٩٢ فمن الضروري تطهير تأملات الفلسفة في العصور الحديثة من بقايا الاتجاه الطبيعي، نقص الكوجيتو المعنى الترنسندنتالي للرد الذي تقوم به الأنا بسبب واقعيتها الجذرية، والتي كانت السبب فيما بعد لنشأة الاتجاه الطبيعي،١٩٣ وباختصار اكتُشف «الرد» ثم تُرك جانبًا دون الاستفادة بنتائجه النهائية.١٩٤
وكل أفعال الشعور التي تشكل الكوجيتو؛ الإدراك، التذكر، التخيل، الحكم، الرغبة، التمني … إلخ، تكوِّن في الظاهريات سلسلة من المعطيات الحية،١٩٥ وغاب التفسير القصدي للتجارب في الفلسفة في العصور الحديثة، وظلَّت التجربة قريبة من نسبية العالم الذي يضمنه الصدق الإلهي،١٩٦ وكل ما قدمه الكوجيتو كاكتشاف لعالم الذاتية كان ملحقًا ببداهة الصدق الإلهي،١٩٧ ولا تتجلى بداهة الكوجيتو في الشعور إلا بمساندة الصدق الإلهي،١٩٨ فهي مضمونة بشيء آخر سوى ذاتها، في حين أن البداهة في الظاهريات حالة في المعطى الحي، يميز بداهة الكوجيتو الوضوح والتمييز بين الأشياء، في حين تنتمي البداهة في الظاهريات إلى المعطى الحي المطلق،١٩٩ وهي من جانب الشعور أكثر منها من جانب الموضوع.
الوضوح هو طريق حضور الشيء في الشعور، وهي بداهة سابقة على العمل وبداهة بعد العمل، البداهة هي فكرة العلم الحقيقي؛ فالقاعدة الأولى في «مقال في المنهج» هي البحث عن بداهة أولية، والكوجيتو هو أول واقعة واضحة أولية.٢٠٠ البداهة يقين مطلق، لا يتطرق إليها الشك،٢٠١ وبداهة وجود العالم بالرغم من أنها ليست قطعية داخلة ضمن البداهة الأولى،٢٠٢ أما بداهة العصور الحديثة فقد ظلت عقيمة؛ نقصها شيئان: الأول إيضاح المعنى المنهجي الخالص للوضع بين قوسين في الظاهريات، والثاني التفسير النسقي لكل ميدان البحث،٢٠٣ فلم تتعدَّ مستوى ثقة ساذجة في العقل دون توضيحه ببحوث وفحوص منهجية، كان تطورها ساذجًا وغليظًا، ولم تؤخذ من هذا الكشف نتائجه القصوى. كانت غامضة، سطحية، تتضمن نظرية الجوهرين (الحركة والامتداد)؛ مما ساعد على الفهم الخاطئ للمعنى الصحيح للمشروع، وانتهت إلى أقل قدر ممكن من الترنسندنتالية، وأكبر قدر ممكن من الأحكام المسبقة الوضعية، وكان للعالم الطبيعي، ضد الشك، نموذجه في الرياضيات.٢٠٤
وإذا ضمن الصدق الإلهي الذي تم اكتشافه داخل الشعور الخالص موضوعية العلم؛ وبالتالي موضوعية العالم الخارجي في الفلسفة الناشئة في العصور الحديثة تجد الظاهريات الضامن للموضوعية في التجربة المشتركة، وإذا كان المطلق هو الضامن للموضوعية في العصور الحديثة فإن الآخر في الظاهريات هو الذي يقوم بدور المطلق،٢٠٥ وإذا كان الصدق الإلهي هو الضامن لبداهة التجربة يكون الوجود الإلهي هو الضامن لوجود العالم.٢٠٦
والكوجيتو هو أيضًا المسئول عن نشأة المادية في الوعي الأوروبي، وإذا كان البحث عن أساس مطلق للمعرفة، وهو مشروع العصور الحديثة، موجودًا في الأنا الترنسندنتالي، فإن هذا الأنا لم يسمح بوصف البنيات القصدية للمعطيات الحية للشعور؛٢٠٧ فالواقع أن الموضوعات الحالة في الشعور ليست موضوعات طبيعية، بل تظهر في الشعور كمعطيات حية، كانت دائرة الحلول التي اكتشفها الكوجيتو ناقصة، فلم يظهر الموضوع كمعطًى أصلي،٢٠٨ الكوجيتو إذَن هو المسئول عن الموضوعية الوضعية لعلوم الطبيعة.٢٠٩
ويُرد على الاعتراض على الظاهريات بالأنا وحدية دائمًا باعتبارها فلسفة ترنسندنتالية، تبدأ من الأنا الترنسندنتالي وعدم القدرة على الوصول إلى الموضوعية إلا عن طريق ميتافيزيقا عقائدية بحضور الآخر وإمكانية التجربة الذاتية المشتركة،٢١٠ تستعيد إذَن الظاهريات مشروع النهضة وتخلصه من كل الشوائب، ميتافيزيقية غائية أو دينية.
وينكشف المعنى الأخير للعلم بجهد الحياة كظاهرة تتعلق بمضمون الشعور،٢١١ هنا يكتمل «الكوجيتو» و«الكوجيتاتوم»، صورة الشعور بمضمون الشعور، الأنا أفكر بالأنا المفكَّر فيه، فكل شعور هو شعور بشيء،٢١٢ وقد تأسَّست كل الفلسفة الأولى في العصور الحديثة على «الأشياء المفكَّر فيها»،٢١٣ ويظل تحديد الموضوع الفيزيقي باعتباره «امتدادًا» مرتبطًا بالفرد، موجودًا في الزمان والمكان دون درجة عالية من التجريد،٢١٤ لم يتعدَّ الكوجيتو مستوى الحكمة الشاملة دون الوصول إلى الرياضيات الشاملة.٢١٥
كان من الطبيعي ألا تهتم فلسفة العصور الحديثة كثيرًا بالعلوم الوضعية، فقد تطوَّرت هذه العلوم فيما بعد حتى قدوم الظاهريات، لم يكن هدفها فقط استئناف مشروع العصور الحديثة؛ أي البحث عن أسس علم شامل في الذاتية، بل أرادت إعطاء أساس مطلق للعلوم الوضعية التي ورثتها،٢١٦ وأُخذ العمل المنهجي للعلم الطبيعي كنموذج لعلوم الروح العيانية (العلوم الإنسانية).٢١٧
ويرجع فشل الكوجيتو أساسًا إلى التمييز بين الطبيعة والروح، بين الجسد والنفس في بداية الفلسفة الحديثة، وهو تمييز أدى إلى مادية الأول وصورية الثاني،٢١٨ وانقسم الكوجيتو إلى «جوهر مفكر» و«عقل دون نفس»،٢١٩ وتطورت الفلسفة الحديثة منقسِمة إلى موضوعية ساذجة من ناحية، وذاتية ترنسندنتالية من ناحية أخرى،٢٢٠ كانت هناك من ناحية الروح المنهجية، ومن ناحية أخرى الجسد الذي ينتمي إلى الواقع الطبيعي.٢٢١
وبطبيعة الحال ميَّزت الفلسفة الحديثة منذ نشأتها بين الشيء المادي والطبيعة الحية، ونسبت إلى الأول الامتداد وليس إلى الثاني، ويُعرف الأول بوضع الشيء في المكان والزمان، في حين يُعرف الثاني قبليًّا،٢٢٢ فضلًا عن ذلك كانت الأرض ممهَّدة لبلورة ثنائية العصور الحديثة.
وبعد فشل تحويل الطبيعة إلى رياضة مباشرة، ظهرت الذاتية الترنسندنتالية تشقُّ طريقًا جديرًا بالثناء بين المادي من ناحية، والصوري من ناحية أخرى، وهو ما بقي من المحاولة السابقة،٢٢٣ وكانت حجر العثرة الثنائية التي تركتها وراءها، وظل مشروع الرياضيات الشاملة ذاته قائمًا، ولكن الثنائية التي خرجت منه كانت أحد أسباب سوء فهم مسألة الفعل، والافتراض المسبق الخاص بالتخصص الدقيق لعلوم الطبيعة، وتأسيس علم النفس الطبيعي.
كان الوعي الأوروبي الذي تمثله الذاتية الترنسندنتالية أشبه بالفك المفتوح بين الموضوعية والترنسندنتالية، وبهذا الانفراج يبدأ كل تاريخ العصور الحديثة.٢٢٤ والبادئ بالفلسفة هو مؤسس الفكرة الجديدة للعقلانية الموضوعية، وظهور الباعث الترنسندنتالي. كانت الموضوعية العقلية متجسدة من قبل في تحويل الطبيعة إلى رياضية، والتي استمرت في الرياضيات الشاملة، والذاتية الترنسندنتالية هي المُخرج لخطى التطور، العقلانية من ناحية، والتجريبية من ناحية أخرى،٢٢٥ وأدَّت الثنائية إلى التمييز بين علوم الروح (العلوم الإنسانية) وعلوم الطبيعة، وكانت فرصة للتجريبية أن تؤسس علم النفس التجريبي،٢٢٦ وقد ساهمت حركتان معاصرتان للكوجيتو في تحديد تطور الوعي الأوروبي؛ الأولى حركة تحويل الطبيعة إلى رياضة، والثانية حركة إكمال علوم الطبيعة،٢٢٧ وقد ساهم كلاهما في النهضة، مكسبًا أو خسارة. والواقع أن بين هاتين الحركتين يوجد الكوجيتو بثنائيته بين البدن والنفس، وقد قوى تحويل الطبيعة إلى رياضة مخطط النفس، وعلم الطبيعة كنموذج لمخطط البدن، تريد الظاهريات إذَن تصحيح هذه النتائج الوخيمة للكوجيتو على أعتاب العصور الحديثة، العلاقة بين الظاهريات والذاتية بديهية،٢٢٨ الظاهريات هي استرجاع لمشروع العصور الحديثة؛ أي الذاتية كأساس لكل علم إنساني.٢٢٩ ويصبح الكوجيتو في الظاهريات أول دائرة لشعور فعلي تحيط بها دائرة ثابتة من البيئة الطبيعية، وتحيط بها دائرة ثالثة من البيئات المثالية.٢٣٠
وترفض الظاهريات باعتبارها اكتمالًا للفلسفة في العصور الحديثة كل الجانب الاعتقادي فيها من أجل الإبقاء فقط على الدافع المنهجي،٢٣١ وتترك كل الجوانب اللاهوتية والدينية،٢٣٢ وتعاود البداية الجذرية كضرورة فلسفية علمية في العصور الحديثة لتبدو في الظاهريات.٢٣٣
واعتبرت الأفكار كنوع من التأملات كما كان الحال من قبل مع الكوجيتو، وقد عُرضت الظاهريات كلها باعتبارها «تأملات ديكارتية»،٢٣٤ ومع ذلك ليست الظاهريات الترنسندنتالية ديكارتية فيما يتعلق بالاستنباط، الأولى إيضاح في حين أن الثانية استنباط،٢٣٥ واسترجاعًا للماضي، أي قراءة للحاضر في الماضي، فُسر الكوجيتو كقصدية،٢٣٦ وقد أوضح الكوجيتو وحدة كل الأنساق النظرية،٢٣٧ ويطابق المعطى الحدسي في الظاهريات مستوى الخيال في الكوجيتو.٢٣٨
وبداية الظاهريات المكتملة كالعادة توجد فيها الموضوعات الكبرى في الفلسفة القديمة؛ فالظاهريات لا تخلق مشاكل ولا تضع مشاكل أخرى جديدة، تحاول حل كل المشاكل التي وضعتها الفلسفة الحديثة مثل الذاتية، والفلسفة الترنسندنتالية، والتجربة … إلخ.٢٣٩ الظاهريات هي الإلهام الباطني لكل الفلسفة الحديثة،٢٤٠ وتوجه تطور الفلسفة إلى الداخل كتوتُّر وكباعث،٢٤١ وأصبح التاريخ ضرورة داخلية،٢٤٢ فلسفة العصور الحديثة هي عود إلى ذاتها، فلسفة موجهة نحو الذات،٢٤٣ والفلسفة، ميلاد العصور الحديثة، هي نموذج هذه العودة.٢٤٤
ويتحقق مشروع الفلسفة في العصور الحديثة ابتداءً من أحكام مسبقة معينة، أولًا يقوم على مجموعة من نظريات العلم والأنساق المنطقية دون البداية ببساطة بفكرة علم شامل إن لم يكن قد ظهر بعدُ علم شامل محدد، ثانيًا أخذ المشروع الهندسة أو الفيزيقا الرياضية كنموذج مقبول دون أي نقد مسبق، وكان للأفكار الفطرية نماذجها في المصادرات الهندسية، وهكذا رفضت الظاهريات كل نموذج لعلم معياري مقترح مسبقًا دون أن ينشأ تدريجيًّا، ويتأسس أولًا.٢٤٥ وفي العصور الحديثة، سبق المنطق العلوم، ثم قُبلت العلاقة بعد ذلك حتى قدوم الظاهريات،٢٤٦ وقد حافظت الحكمة الشاملة التي تم البحث عنها في بدايات العصور الحديثة على الوحدة الأساسية لكل العلوم،٢٤٧ وسقطت أول محاولة، محاولة الكوجيتو، بسبب الأحكام المسبقة غير المرئية في «التأملات»، والتي استطاعت أخيرًا الظاهريات التخلص منها إلى الأبد.٢٤٨
الظاهريات الترنسندنتالية إذَن توسيع آفاق «للتأملات» في لحظتين؛ الأولى فحص التجربة الترنسندنتالية للأنا في وضوح خاص، والثانية نقد التجربة الترنسندنتالية ذاتها؛٢٤٩ لذلك استُعمل لفظ «الكوجيتو» في معناه الأوسع قدر الإمكان من أجل احتواء كل التأملات المتعددة، والواقع أن نقد التجربة في الكوجيتو انتهى إلى النتيجة الآتية: نقصت البداهة المطلقة من التجربة، ونفي وجود العالم، وتأسيس كل معرفة في الأنا الكوجيتو؛ أي الأنا أفكر،٢٥٠ وقد ثبت الأنا داخل الكوجيتو كجزء من العالم، وثبت العالم استنباطًا من الكوجيتو، ووضع قبلي ساذج بجوار قبلي عالٍ، وبداهة سذاجة بجوار بداهة المرئي، يفقد المعنى الترنسندنتالي الخاص للأنا، وظل هذا النقص في الوضوح حتى قدوم الظاهريات التي استعادت نقطة البداية المطلقة، ولم يمنع هذا الاسترجاع المتأخر للظاهريات لنتائج الكوجيتو ثنائية العصور الحديثة من الاتساع أكثر فأكثر في خطين؛ الأول صاعد والآخر نازل.

(أ-أ) الخط الصاعد: العقلانية٢٥١

بعد فشل الكوجيتو الديكارتي، استأنف الديكارتيون مشروع النهضة بعد أن ورثوا الثنائية التي جعلت الوعي فكًّا مفتوحًا،٢٥٢ استمر الخط الصاعد نظرية العلم القديمة في تحويل الطبيعة إلى رياضة في العصور الحديثة والعقلانية الخارجة من الكوجيتو، يمثله أساسًا الواحدية الميتافيزيقية، والرياضيات الشاملة، وفلسفة المناسبة.٢٥٣
استمرت الواحدية الميتافيزيقية في الخط الصاعد خارجة من الثنائية الديكارتية في تعارض مع الخط النازل؛ فالواقع أن ثنائية البدن والنفس نتج عنها شيئان متضادان؛ الأول رد البدن إلى النفس في الوحدانية الميتافيزيقية، والثاني رد النفس إلى البدن في علم النفس التجريبي، وبدلًا من تقليل المسافة بين خطى الثنائية الخارجة من الكوجيتو، على العكس اتسعت المسافة، وزاد انفتاح الفك الذي يمثل الوعي الأوروبي، وإذا استطاعت الميتافيزيقا السيطرة على الفيزيقا فقد اتبعت النفس الطريق ذاته، وعلى منوال تحويل الطبيعة إلى رياضة تحوَّلت النفس أيضًا إلى رياضة،٢٥٤ وكانت النتائج أكثر ضررًا؛ وقوع الروح في النزعة الصورية، ونسيان المعطى الحي.٢٥٥
وعرضت «الأخلاق» طبقًا للروح الهندسية، واستطاعت أن تبقى بعيدة عن المقتضيات الدينية واللاهوتية، ووصف الوجود غير اللاهوتي كمصادرات دقيقة، والله كماهية رياضية،٢٥٦ ليست «الأخلاق» فقط نظرية وجود أو كونيات أو لاهوتًا عقليًّا أو ميتافيزيقا، بل أيضًا أنطولوجيا، وتمثل على هذا النحو أول محاولة لتأسيس أنطولوجيات شاملة.٢٥٧
وبتحليل البواعث في الظاهريات يمكن التعرف على نماذجها السابقة في نظرية الانفعالات في العصور الحديثة،٢٥٨ وقد استكملت البواعث الوجدانية ببواعث عقلية،٢٥٩ في حين أن الباعث في الظاهريات ليس فقط باعث الذاتية، بل هو أيضًا باعث الذاتية المشتركة، وتوجد فيها غائية التاريخ.
والجوهر في الظاهريات واقع موضوعي، وليس مجرد وجود في ذاته،٢٦٠ ودون الوقوع في «تموضع» علوم الطبيعة أصبحت الذاتية، بدلًا من أن تظل وحدة عقلية، الفردي نفسه «المشار إليه».٢٦١
وبالإضافة إلى الوحدة الميتافيزيقية يستمر الخط الصاعد، ويبلغ الذروة في «الرياضيات الشاملة»؛ فالواقع أن كل علم تجريبي ليس مجرد حادث نفساني بل يقوم على معيار مثالي،٢٦٢ وقد أعطى هذا التأكيد دافعًا لتأسيس العلم كمعيار، ووجد العلم المعياري نموذجه في المنطق، وكان المنطق القديم ناقصًا حتى ظهرت «الرياضيات الشاملة» لوضع منطق صوري شامل، يقابل أنطولوجيا صورية بربط المنطق بالحساب كما ارتبط بالفيزيقا والسياسة،٢٦٣ وقد بدأ إصلاح المنطق الصوري في الفلسفة الحديثة،٢٦٤ وجوهر هذا الإصلاح البحث عن «الرياضيات الشاملة» في نظرية الأشكال القياسية التي أصبحت النظرية العامة للحِجاج الصوري،٢٦٥ وفضلًا عن ذلك أضيفت إلى المنطق نظرية حساب الاحتمالات،٢٦٦ واستأنفت الظاهريات مشروع النهضة في البحث عن علم شامل نموذجه «الرياضيات الشاملة»، ولم تكن فقط تقنية للمنطق ولكن كانت لها أهمية نظرية خالصة، وهي توضح نسق المبادئ الترنسندنتالية.٢٦٧
واستكشفت الظاهريات ميدان المنطق الرياضي كميراث للعصور الحديثة،٢٦٨ وعادت فكرة الشكل التي أبرزها القدماء في منطق القضايا في «الرياضيات الشاملة»،٢٦٩ كتحليل متسع، جامعًا تقنية منهجية القياس القديم مع الرياضيات الصورية،٢٧٠ تستعيد الظاهريات المشروع لتبين أن اهتماماتها ليست فقط منطقية أو رياضية بل أيضًا فلسفية، ولم يؤدِّ هذا المشروع بعد دافع الرياضيات الشاملة إلى نتائجه المرجوة، بسبب الصورة الفارغة الخالصة بسبب سيطرة التراث الحدسي،٢٧١ ومع ذلك لم تستطِع الرياضيات الشاملة الوصول إلى الإشكال الترنسندنتالي؛ إذ إن عصر الظاهريات لم يكن قد أتى بعد.٢٧٢
وما زالت فكرة «منطق الاكتشاف» على المستوى المعرفي العملي دون الوصول إلى المستوى المنطقي الخالص باعتباره علمًا معياريًّا،٢٧٣ وللرياضيات الشاملة، بالرغم من كل مميزاتها مثل الانفصال عن النزعة النفسانية والتأسيس القبلي للمعرفة، رسالة التنظيم العملي للمعرفة.٢٧٤ تريد الظاهريات دفع «الرياضيات الشاملة» كي تصبح أنطولوجيا شاملة، صحيح أن الأنطولوجيا الصورية كعلم شامل كان لها أول صياغة رياضية في الرياضيات الشاملة، ولكنها وجدت صياغة أخرى ميتافيزيقية في «المونادولوجيا»، والتمييز بين الشعور اليقظ والشعور الخامل، وصورة العالم التي تتجاوز التطور الخارجي للوصول إلى النضج الداخلي، والتي تصبح فعلًا أسمى للشعور؛ أي روحًا، هذه الصورة كلها مستعارة من العصور الحديثة،٢٧٥ كل أنا جوهر فرد «موناد»، ويكوِّن مع الآخر عالم الجواهر الفردة «المونادي»، وتكثر العوالم إما إمكانية مشتركة، أو إمكانية مستحيلة، ويحدد وجود الأنا منذ البداية أنماط وجود الجواهر الفردة «المونادات» الأخرى،٢٧٦ وعلى مستوى علم الأنا الخالص، تُعتبر الأنا في ملائها المعياري جوهرًا فردًا «مونادًا»، الجوهر الفرد «الموناد» إذَن هو الأنا-القطب المتطابق مع نفسه، بالنسبة إلى نفسه، وبالنسبة إلى آخر. هو أيضًا أنا-قطب في الحياة القصدية،٢٧٧ وترد نظرية الجواهر الفردة «المونادات» كل وجود إلى الجوهر الفرد «الموناد»؛ أي إلى الأنا،٢٧٨ وهي أهم نظرية كنموذج سابق في التاريخ،٢٧٩ ومع ذلك لم تستطِع نظرية الجواهر الفردة «المونادولوجيا» أن تصبح نظرية ترنسندنتالية؛ لذلك لم تنهزم التجريبية تمامًا،٢٨٠ ولم يكن افتراض «العقل المستقل بذاته» كافيًا.٢٨١
نظرية الجواهر الفردة «المونادولوجيا» هي الدلالة الميتافيزيقية، نظرية لعلم الطبيعة كعلم رياضي في مصالحة مع الحقيقة الدينية واللاهوتية، وهناك نظرية جواهر فردة «مونادولوجيا» أخرى لها أهمية لاهوتية وليست أهمية رياضية، وتظل «المونادولوجيا» الأولى بعيدة عن الفكرة النسقية والعلم المحكم لميدان الشعور الخالص ومعطياته الحالة فيه.٢٨٢
ولم يظل الخط الصاعد للعقلانية ساكنًا تجاه الخط النازل للتجريبية، فقد أتت الرياضيات الشاملة لسد الطريق أمام التجريبية ولتوحيد الهندسة والحساب، وتأسيس أنطولوجيا صورية،٢٨٣ وكان التمييز بين حقيقة العقل وحقيقة الواقعة في العصور الحديثة موجهة ضد النزعة النفسانية التي اختارت الضرورة الذاتية النفسية تاركةً الضرورة الموضوعية المثالية،٢٨٤ وكان التمييز بين الحقيقة المثالية وحقيقة الوقائع مصدر القطيعة بين الخطين المتعارضين في العصور الحديثة،٢٨٥ ويكون «الأنا» غريبًا في الإحساس في حين أنه يكون قريبًا إلى نفسه في الفكر.٢٨٦
وتوضع فلسفة المصادفة أيضًا في الخط العقلاني،٢٨٧ وهي الأقل دراسة في الفلسفة الصادرة من الكوجيتو ربما بسبب غياب الاهتمام النظري فيها، فلسفة المصادفة بصراحة ووضوح لاهوت عقلاني أكثر من الواحدية الميتافيزيقية والرياضيات الشاملة، ولو تطلب كوجيتو علمين، الأول للروح والثاني للطبيعة، فإن فلسفة المصادفة ترتبط بعلم الروح وبالدين تاركة جانبًا علم الطبيعة.٢٨٨

(أ-ب) الخط النازل: التجريبية٢٨٩

والخط الثاني في الوعي الأوروبي في مواجهة بل في معارضة التيار الأول هو التجريبية، وله أسماء عديدة: الموضوعية، التجريبية، النزعة الطبيعية، الاتجاه الطبيعي، النزعة النفسانية … إلخ.٢٩٠ وتشير هذه التسميات إلى نفس التوجه النازل،٢٩١ ويتمثل في ثنائية عصر النهضة خاصة من الكوجيتو، فما هو مصدر هذا الخط؟
أولًا، يوجد المثل الأعلى للعلم في قانون الجاذبية، في بساطته، كمثل لتحويل الطبيعة إلى رياضة، وهو صادق في الميدان التجريبي وكقانون نظري، وهو جزء من عدد لا نهائي من القوانين المماثلة، ويشهد بوجود مثالي للقانون ضد كل نزعة أنثروبولوجية، وما كان للحكم الذي يعبر عن صيغة الجاذبية أن يكون صحيحًا قبل أن يتحول إلى قانون للجاذبية والتحقق من صدقه.٢٩٢
وكان لتحويل الطبيعة إلى رياضة نتيجة معاكسة، أراد الحصول على الموضوعية ولكنه أصبح نظرية في الذاتية الخالصة للصفات الحسية الخاصة، وقد أعيد فهم هذه النظرية فيما بعد كنظرية في الذاتية لمجموع الظواهر العيانية للطبيعة المرئية المحسوسة وللعالم بوجه عام،٢٩٣ وهكذا يتحدد الخط النازل في مقابل الخط الصاعد وبالتفاعل معه، يبحث عن العالم العياني ضد رده إلى قانون، ويجد هذا العالم في ذاتية التمثل الخالصة.
وفي نفس اللحظة، وبالرغم من تحويل الطبيعة إلى رياضة، بدأ المعنى الصوري لعلم الطبيعة يصبح مشكلة، فقد وُجد من قبل في رحم الجبر،٢٩٤ ثم دُفع إلى الحد الأقصى في الرياضيات الشاملة، ثم انتهى إلى تفريغ المعنى من العلم الرياضي للطبيعة في التقنية، وقد زاد هذا التفريغ حتى أصبح نسيان المعطى الحي، وهو المعنى الأساسي لعلم الطبيعة، ونسي العالم الحي واختفى تمامًا المعطى الشعوري، وحدث سوء فهم قاتل لنتائج معنى الرياضة، وتوجد هذه النتيجة العكسية في الذاتية كرابطة بين الصفات الحسية؛ مما أدى فيما بعد إلى النزعة التجريبية،٢٩٥ كانت هذه النزعة التجريبية إذَن رد فعل ضد نسيان العالم الحي في عملية تحويل الطبيعة إلى رياضة،٢٩٦ وأغلق الطريق البعدي الطريق القبلي، وأسس إثبات العالم العياني كعالم مُدرَك.
إن تشبيه النزعة التجريبية بخط نازل له مبررات عديدة؛ إذ ينتهي تطور النزعة التجريبية إلى توازٍ بين التجربة الداخلية والتجربة الخارجية،٢٩٧ وقد تم تجاوز هذه الثنائية بنوع من المثالية الحالَّة التي وقعت هي نفسها في الاتجاه الطبيعي؛ وبالتالي في علم النفس الثنائي وفي الخيال، وتبلغ ذروة النزعة التجريبية في نظرية معرفة ميتافيزيقية خاصة في نظرية «النظرية المزدوجة» التي أعطت بعدًا نظريًّا للتجربة العامة في تجريد مزدوج، ومع ذلك لم تستطِع هذه النظرية تجاوز ثنائية علم النفس التي كانت تهدف إليها، وهكذا ظلت الثنائية الحالة في الكوجيتو عقبة لا يمكن تجاوزها، بل إنها قويت يومًا بعد يوم، وبعد ثنائية النفس والبدن في الكوجيتو، رد البدن إلى النفس في عملية تحويل الطبيعة إلى رياضة، ثم وُضعت النفس في موازاة البدن، ثم رُد إليه في الاتجاه الطبيعي.٢٩٨
والنزعة التجريبية شك،٢٩٩ وأهميتها الكبرى في تحويلها إلى علم نفس ونظرية معرفة، في صورة نقد للذهن، فقد أخذت النزعة التجريبية في تطورها أشكالًا عديدة؛ النزعة الفيزيقية والنزعة الطبيعية، والمثالية الذاتية، وعلم النفس التجريبي.٣٠٠
  • أولًا: أرادت النزعة الفيزيقية أن تثبت نفسها كنسق فيزيقي، وكان لديها العقلانية الفيزيقية كنموذج، واعتبرت النفس كمنطقة مغلقة للطبيعة، تحتوي على الأجساد الحية والأجساد البشرية، وكان نموذج علم الطبيعة ومنهجها هو الذي يتحكم في هذه المنطقة،٣٠١ وتبنى علم النفس منهجًا استقرائيًّا خالصًا، كان علمًا طبيعيًّا للنفس،٣٠٢ وأخذ علم الطبيعة كنموذج كامل لعلم النفس، وإذا فُهم كوجيتو العصور الحديثة كجوهر روحي فإنه قد تحول إلى مجرد مظهر ذاتي يسوده التوازي النفسي، وتجد مادية العصور الحديثة جذورها في علم النفس المادي هذا،٣٠٣ النزعة التجريبية الحديثة هو ميراث الشك والاسمية المادية في العصر القديم.٣٠٤
    وتوحد النزعة الفيزيقية بين الشيء المدرَك مع مادة الإدراك بالرغم من وجود فرق كبير بينهما؛ الأول وصف للشيء كمعطًى كلي في البداهة، بينما الثاني مجرد مركب من انطباعات حية فردية وجماعية؛٣٠٥ فلم يكن للفكرة وجود فعلي، ولا العالم كان له وجود فعلي، كان هناك تدمير مزدوج للعقل والواقع على السواء.
    ومع ذلك تتأسس النزعة التجريبية على مستوى البواعث، وهو القانون الأساسي لعالم الروح، وهو من هذه الناحية قريب من النزعة العقلية،٣٠٦ وفي الإدراك الباطني — التفكير — لمادة الإدراك، يُعتبر كمعطًى أصلي،٣٠٧ يعطي في الاستبطان كرُؤًى في حضور الآخرين، في الذكريات الحالية أو باستدعاء الذكريات القديمة، ومع ذلك النزعة التجريبية هي أول تخطيط لعلم نفسي في العصور الحديثة،٣٠٨ كان ينقصه فقط التوجه النظري كي يصبح فلسفة ترنسندنتالية.
  • ثانيًا: يعتبر الاتجاه الطبيعي النفس صفحةً بيضاء تُنقش عليها المادة الحسية، وتنظم على أي نحو كانت مثل الحوادث الجسدية في الطبيعة، كانت النزعة الحسية الوضعية النتيجة الحتمية لهذه النزعة الفيزيقية ذات التوجه الطبيعي.٣٠٩ كانت النفس أشبه بمكان أو غرفة مظلِمة تتَّضح فيها نواة مادة حسية جديدة،٣١٠ ويُعتبر «مقال في الذهن الإنساني» حتى الآن العمل الرئيسي للنزعة الحسية في العصور الحديثة معتمدة على التجربة الداخلية وعلى نظرية المعرفة النفسية، كان الخطاب الفلسفي نفسه مستحيلًا، وبسبب التوحيد بين التجربة الداخلية والتجربة الخارجية تم رد الثانية إلى الأولى، ووضع التوازي النفسي قانون الإحساس، ودُوِّن تاريخ علم النفس في علم النفس التكويني (النشوئي)، وأُلحق منهج الإيضاح بالمنهج التاريخي النشوئي، وتم تصور علم الأخلاق بالمثل على أنه علم نفس.٣١١
    وهكذا منذ علم النفس التجريبي، يوجد خلط في المادة الحسية بين «المادة الحسية» و«الفكرة الحسية»،٣١٢ الأولى ذات طابع حسي، بينما الثانية صفة للشيء،٣١٣ لم ينشغل علم النفس إلا بسلبية الشعور السلبي،٣١٤ وخلطت نظرية الإحساس في علم النفس التجريبي الصفة الحسية مع المادة الحسية رادَّةً الأولى إلى الثانية،٣١٥ ويخضع كلاهما لقوانين العلم الآلي «الميكانيكا».٣١٦
    اتخذ علم النفس التجريبي نموذجه من علم الطبيعة،٣١٧ ووجد موضوعاته في ذاتية ظاهرية لظواهر الطبيعة، وقد اتسم بالسطحية وبنزعة طبيعية لا منهجية ومختلطة؛ مما أدى في النهاية إلى علم النفس الخيالي، كان لديه تمثل غامض للفيزيقا والرياضة، وتكمن أهميته في العالم الاجتماعي والتاريخي الذي تلعب فيه المعرفة على طريقة علم الطبيعة دورًا ثانويًّا.٣١٨
    وضد الأقنوم النفسي، وبالرغم من رد ظواهر الطبيعة إلى مجرد إحساسات، مثلت نظرية الأفكار المجردة قبسًا من العقلانية، ومع ذلك كانت ترفض الموضوعات العامة، وتخلط في الفكرة بين الإدراك والتمثل والإحساس والمعطى الحي والموضوع، فلم يكن باستطاعة المثلث على وجه العموم أو الصورة النوعية أن تكون موضوعًا مثاليًّا،٣١٩ وبالرغم من التمييز بين الإحساس والتفكير طبقًا للتميز بين البدن والنفس غاب الموضوع المثالي،٣٢٠ وغاب التمييز بين التمثل التصوري المستنبط من التجارب السابقة والتمثلات التصورية التي لها أسسها في التجارب السابقة.٣٢١ وقد أدت نظرية الأفكار المجردة، مثل مجموع النزعة التجريبية، إلى إمكانية قيام علم عقلي إلى درجة جعله نوعًا جديدًا من اللاأدرية. لم يكن الشك عامًّا كما كان الحال في العصر القديم، إنكار إمكانية العلم، بل اقتصر على إقامة العلم الإنساني على التمثل وتكوين التصورات.٣٢٢
    وقد فشل علم نفس المعرفة تمامًا منذ نظرية الأفكار العامة بسبب نزعتها الحسية المتناقضة؛ إذ لم تستطِع التمييز بين البحث النفسي والبحث الترنسندنتالي، وهبطت المسائل الرئيسية على مستوى علم النفس الأنثروبولوجي، وتبنَّت النزعة الحسية مادة بسيطة تختلط فيها الحساسية الداخلية والحساسية الخارجية،٣٢٣ هذا النوع من المثالية ليس أقل تناقضًا من الواقعية المرفوضة،٣٢٤ تأسس علم النفس كنظرية طبيعية للمعرفة على الفيزيقي وعلى النفسي الفيزيقي،٣٢٥ كان نوعًا جديدًا من علم النفس قائمًا على علم الطبيعة نتيجة الثنائية السابقة، اختفى الأنا الخالص تمامًا، وترك البدن في الذاتية الترنسندنتالية في الطبيعة؛ مما سمح للنزعة التجريبية لرد النفس إلى البدن، وأدى التوحيد بين علم النفس ونظرية المعرفة إلى اعتبار النزعة التجريبية نظرية نفسية في المعرفة.٣٢٦
    واستمرَّت النزعة الطبيعية الحالة في الكوجيتو أيضًا في الخط النازل أكثر فأكثر، رفع علم النفس التجريبي القوسين في فلسفة الكوجيتو، وأخذ الأنا فقط وببساطة كنفس مكتفية بذاتها في أفعالها وملكاتها، وكونت الأفكار مضامين النفس، وأصبح العالم الخارجي مغلقًا تمامًا،٣٢٧ وتم تحليل الأفكار في نشأتها وتكوينها بالنسبة لقوى النفس، ولم تكن تشكِّل كل هذه العوالم من المادة الحسية التي تندُّ عن نشأتها وتكوينها، العواطف والأبدان الطبيعية، أيَّ مشكلة. كان كل إدراك في الشعور، دون أن يكون الشعور أولًا، هو الإدراك نفسه، ثم ظهر علم النفس القصدي فيما بعد، «الأفكار من حيث هي أفكار»، ليمثِّل عودة إلى فلسفة الكوجيتو.٣٢٨
    وقد وُصف الجوهر، ميراث الكوجيتو، في علم النفس الحسي باعتباره «لا أدري ما هو»،٣٢٩ فحدث انقطاع في التراث العقلاني ثم الوقوع في أنا وحدية الإحساسات الداخلية،٣٣٠ ووضع الكوجيتو في العالم الموضوعي، وإذا أراد الكوجيتو أيضًا البحث عن الشامل الموضوعي، فعلت النزعة التجريبية أيضًا نفس الشيء، ناقلةً المسألة إلى مستوى الشعور الخالص، ثم انتزعت منه خصائصه: البداهة، الحدس، المعطى، الأصلي … إلخ.٣٣١ ثم تصبح النظرية النفسية للمعرفة فيما بعدُ سبب نشأة الفلسفة النقدية،٣٣٢ وقد أثار علم نفس التجربة الداخلية نوعًا آخر من علم النفس العقلي،٣٣٣ ومع ذلك استمر التوازي بين التجربة الخارجية والتجربة الداخلية، وجعلت الذاتية الفاعلة العالم يدور في دائرة مغلَقة.٣٣٤
    ومع ذلك، تتضمن النزعة التجريبية أول محاولة لنظرية في المعرفة ما زالت مشوبة باللاهوت والميتافيزيقا كما هو الحال في الكوجيتو، ظلت قطعية (دوجماطيقية) ساذجة، تدور في دائرة مفرغة.٣٣٥
  • ثالثًا: للمثالية الذاتية القريبة من النزعة التجريبية الحسية قوتها في إثباتها الصفات الثانية، واعترضت على «الحقيقة الفيزيقية» المدعاة في العلم «بأن الامتداد، وهو البذرة الفكرية للطبيعة الجسمية ولكل الصفات الأولى، لا يمكن التفكير فيها دون الصفات الثانية».٣٣٦ وقد تم رد الأشياء الجسمية التي تظهر في التجربة الطبيعية إلى المادة الحسية المركبة، واعتُبر الاستقراء المنهج القادر على إعطاء نتائج شبيهة بهذه المادة التي تكوَّنت عن طريق تداعي الأفكار؛ ومن ثَم تكوَّنت تصورات العلم العقلي داخل نقد المعرفة الحسية،٣٣٧ ومن منظور المثالية الذاتية، النزعة الحسية تناقض؛٣٣٨ لذلك تم إعادة التوازن لنظرية التجريد بنظرية الرؤية،٣٣٩ ومن ثَم فإن المثالية التي تتأسس على التجربة (الإحساس) أو الإدراك (الرؤية) تنتمي إلى النزعة التجريبية؛٣٤٠ إذ تعتبر التجريبية عالم الأجسام مادة حسية، في حين أن المثالية تعتبر النفس من الانطباعات الحسية، وكانت المثالية النقدية رد فعل على النوعين من المثالية التجريبية،٣٤١ ووجد كل علم النفس الحسي فيما بعدُ أساسه في تأويلات المثالية التجريبية.٣٤٢
    وقد حولت المثالية الذاتية العالم كله إلى خداع حواس ذاتي بالرغم من أن وجود العالم وجود شرعي تمامًا، لا يوجد إلا ﺑ «عطاء المعنى»،٣٤٣ في المثالية الذاتية الوجود مدرك، في حين لا توجد واقعة واحدة كعطاء للمعنى،٣٤٤ المثالية الذاتية نوع من التجريبية القارة في الإحساسات.٣٤٥
    وبُذل جهد كبير للاقتراب من نظرية مثالية، ولكن ضاع الجهد هباءً؛ إذ تنكر نظرية التمثل التمثيلي أيضًا الموضوع المثالي بالخلط بين العلامة والدلالة،٣٤٦ وكان للحجج الهندسية المقدمة طابع تجريبي، ومع أن الموضوع المثالي موضوع مستقل في كل أشكال التجريبية إلا أنه فقد مثاليته،٣٤٧ وكانت للمثالية الذاتية «مونادولوجيا»،٣٤٨ كل شيء ينظم مع الشيء الآخر بقوانين استقرائية ارتباطية، وقد خلق «الله» هذا النظام، وبالتالي فهمت المفارقة على أنها حلول.
    كانت نتائج المثالية الذاتية وعلم النفس التجريبي متشابهة، وهي الفلسفة الحالَّة التي تكوِّن العالم المادي، ورُدَّت العلية في الطبيعة إلى مجرد لحظات انتظار عادية،٣٤٩ وكانت أول صعوبة في النزعة الطبيعية الفيزيقية في علم النفس هي سوء فهم الذاتية الفاعلة،٣٥٠ وظل علم النفس التجريبي كله أقل من علم النفس الوصفي،٣٥١
    تحول علم النفس التجريبي فيما بعد إلى نظرية وظيفية للمعرفة، وأصبح إفلاسًا حقيقيًّا للفلسفة،٣٥٢ وكان تناقض الشك يخفي باعثًا فلسفيًّا صحيحًا للوصول إلى الموضوعية، وزعمت قوانين الارتباط الموازية لقوانين الجاذبية أنها تقدم هذا العالم.٣٥٣
  • رابعًا: علم النفس التجريبي نظرية خيالية في المعرفة، إفلاس للفلسفة والعلم، وكل مقولات الموضوعية خيالية لها أصلها في قانون الارتباط الحال وتداعي الأفكار؛ فالعالم كله في «المقال» مجرد خيال، وبالتالي فإن العقل والمعرفة والقيمة والنموذج الخالص مجرد خيالات،٣٥٤ وهو إفلاس للمعرفة الموضوعية، إنها الأنا وحدية الخالصة، وكل اتجاه لا عقلي أو شك يخرج من التجريبية، ومع ذلك في الاتجاه المناقض للشك يوجد الدافع الخفي لفلسفة أصلية لإدراك الموضوعية.٣٥٥ ترد التجريبية كل موضوعية ترنسندنتالية إلى خيال يوضحه علم النفس، دون أن يتم تبريره عقليًّا. حلول التجريبية هي مفارقة خالصة؛ لأنها تتم بالعادة، بالطبيعة الإنسانية، بالمنبه، وبعُضو الحس، فهبط مستوى الموجودات المفارقة إلى الانطباعات الحسية، وهبط مستوى الأفكار إلى الخيالات.٣٥٦ صحيح توجد بداهة في إثبات المظهر، ولكنه اعتُبر من قبل كمجموع علي من الإحساسات مما يؤدي إلى الشك.٣٥٧
    ونظرية التجريد من بين النظريات المنقوضة في «بحوث منطقية».٣٥٨ وبالرغم من الاختلاف الذي قد يوجد بين الأشكال المتعددة لهذه النظرية فإن الجوهر واحد، يوجد العموم في التمثل التمثيلي، وهي نظرية وضعت في مواجهة الأفكار العامة،٣٥٩ ولم يتجاوز نقد الأفكار المجردة تعميقًا نفسيًّا معينًا قائمًا على الارتباط، وقد حل التحليل النشوئي التكويني للأفكار محل تحليل الدلالة، بل ردها إلى سؤالين؛ وظيفي يُحل بالعادة، وانتقائي يُحل بالارتباط. وباختصار، يضع نفي الموضوع المثالي للمعرفة كل النظريات التجريبية على نفس الخط النازل، والدليل على ذلك التوحيد بين الموضوع والانطباعات الحسية، ثم رد الأول إلى الثاني.٣٦٠
    وتعتبر الظاهريات الارتباط مبدأ التكوين السلبي، والارتباط رئيسي في الظاهريات الترنسندنتالية، والقوانين الارتباطية في التجريبية ليست إلا تشويهًا طبيعيًّا للتصورات القصدية والصحيحة المطابقة، يشير الارتباط إلى منطقة قبلية فطرية بدونها يستحيل وجود الأنا.٣٦١ وتحت شعار مبدأ اقتصاد الفكر المنطقي تتحدث النزعة التجريبية عن مبدأ «الانسجام المسبق بين مسار الطبيعة وتتابع أفكارنا»؛ ولهذا الانسجام أساس نفسي، وينتهي التمييز بين «علاقات الأفكار» و«مواد الوقائع» إلى رد أحدهما إلى الآخر.٣٦٢
    والتجريبية تناقض وخلف في المعنى، وليست شكًّا جذريًّا، ثم تتجه بعد ذلك ضد «رَحِم» العقلانية، وهي الرياضيات والفيزيقا، ومحاولة اتهامها بأنها خيالات؛ ومن ثَم نزع مثال العلم من جذوره إلى الأبد،٣٦٣ ونفي العقل، وهو تناقض لأنه يُقرُّ بتبرير قبلي للمعرفة القائمة مع ذلك على النزعة النفسانية؛ لذلك يمكن اعتباره تجريبية معتدلة، والدليل على ذلك التمييز بين «علاقات الأفكار» و«أمور الوقائع»،٣٦٤ ودليل ثانٍ هو الانسجام المسبق القائم بين مسار الطبيعة وتتابع الأفكار،٣٦٥
    وتضع التجريبية نفسها على مستوى علوم الوقائع،٣٦٦ حتى إذا ما وضعت نفسها على مستوى عالم المعطى الحي، فإنها تنسى الأساس الترنسندنتالي لهذا العالم،٣٦٧ وتدعي أنها تجعل «مادة الوقائع» أكثر فهمًا كتكوينات نفسية،٣٦٨ وتحل علاقات الأفكار محل العلاقات والقوانين المثالية، تقدم التجريبية أيضًا موضوعية تجريبية استقرائية دون أي اعتبار للجانب النظري الضروري لعلم المعرفة،٣٦٩ ويمثل «المقال» ذروة علم النفس الحسي، ميزته أنه بحث له اهتمام نظري خالص في حين أن للبحوث الأخرى اهتمامات سياسية دينية،٣٧٠ وأخيرًا تظهر النفسانية الأكثر جذرية كنزعة طبيعية حالَّة، وتقوم بردٍّ أسمى لكل فرد، وتبقى كانطباع حسي خالص.٣٧١ وينكر المنهج التجريبي الاستقرائي كل أساس نظري ضروري كعلم للمعرفة.
    وترتبط النزعة التجريبية أحيانًا بالمثالية الترنسندنتالية كفهم بديهي لبواعث العصور الحديثة؛٣٧٢ إذ لم تعد المشكلة هي معرفة إمكانية المعرفة الترنسندنتالية، بل كيفية توضيح الأحكام المسبقة، واقتضاء المعرفة توجهًا ترنسندنتاليًّا، وبتعبير آخر المشكلة هي النزعة التجريبية؛٣٧٣ لذلك تتمايز المثالية النفسانية عن المثالية الترنسندنتالية.٣٧٤
    الظاهريات إذَن هي الإلهام الضمني لكل الفلسفة الحديثة، وإذا شق الكوجيتو في العصور الحديثة الطريق فإن النزعة النفسانية كانت على وشك العبور، ولكن عميت عيناها.٣٧٥ احتوى «المقال» لأول مرة أول مشروع نسقي لظاهريات منغلقة للمعرفة، وليست لظاهريات نظرية، وانقلبت الظاهريات الترنسندنتالية في «المقال» إلى نزعة حسية،٣٧٦ واستبعدت المسألة الترنسندنتالية، واعتبرت النفس الخالصة كومة من المواد المتزامنة أو المتتابعة تحكمها قوانين سيكوفيزيقية،٣٧٧ ثم يأتي علم النفس الظاهرياتي كعلم نفس خالص في مواجهة علم النفس التجريبي،٣٧٨ ثم يصبح فيما بعدُ ظاهريات ترنسندنتالية.٣٧٩
    ومع ذلك يعلو صوت بعض المفكرين المحدَثين كأنماط للتعبير بأن «الاعتقادات الحقيقية للبشر إنما تظهر في الأفعال أكثر مما تظهر في الأقوال»، وهو تعبير مستعار للتعبير عن التناقض بين نظريات التجريبيين وتفسيراتهم للوقائع،٣٨٠ ومع ذلك تظل الفلسفة الطبيعية الأكثر تمثيلًا للخط النازل.٣٨١
    كانت النزعة التجريبية الأصل الجذري في نشأة الفلسفة النقدية،٣٨٢ فإذا كانت الأولى فلسفة سلبية، الشك، فإن الثانية فلسفة ترنسندنتالية أصلية باعتبارها علمًا محكمًا.٣٨٣ ألم يُوقظ هذا الشك التجريبي مؤسس الفلسفة النقدية من سباته؟٣٨٤

(أ-ﺟ) وحدة الخطين المتجاورين: المثالية النقدية٣٨٥

بدأت المثالية الألمانية بالمثالية النقدية، وهي ليست فقط استعادة للخط الصاعد للعقلانية ضد الخط النازل للتجريبية أو عقلانية جديدة ضد شكل جديد للتجريبية، بل كانت معارضة للقطعية (الدوجماطيقية) والشك في آن واحد، كانت القطعية نتيجة للعقلانية بعد ديكارت،٣٨٦ وكانت النفسانية أيضًا نتيجة لثنائية النفس والبدن، لم تتجاوز الفلسفة الترنسندنتالية معرفة عملية ونظرية في فن الحياة، وكان المنطق نظرية معيارية ونظرية في فن الحياة في آن واحد، وظل مشروع «الرياضيات الشاملة» و«الأنطولوجيا العامة» بعيد المنال، تمثل المثالية النقدية إذَن أبعد مسافة بين الخطين المتباعدين؛ العقلانية وهي الخط الصاعد، والتجريبية وهي الخط النازل. فكيف أصبحت المثالية النقدية وحدة تجاورية بين الخطين؟
  • أولًا: هناك في العقلانية باعث ترنسندنتالي، هذا ما استطاعت الفلسفة النقدية اكتشافه،٣٨٧ وبعد أن أُوقظ مؤسس الفلسفة النقدية من سباته، قام بجولة كبيرة في تاريخ الفكر خاصةً المثالية الترنسندنتالية، وبالتالي قدمت العقلانية القبلي، وهي مقولة فارغة في الأنا أفكر.
  • ثانيًا: التجريبية هو المقابل للفلسفة النقدية، ويكوِّنان معًا ثنائية سعيدة؛٣٨٨ فقد انتهت المثالية الصورية أو الفلسفة النقدية إلى نوع من علم النفس العقلي في مستوًى أعلى من علم النفس التجريبي،٣٨٩ فقد سار تحليل القوى النفسية كمصدر للمعرفة شوطًا أبعد من علم النفس، وقدمت التجريبية إلى المثالية النقدية الحساسية كمضمون للمعرفة.
أثارت المثالية النقدية مشكلة؛ كيف يمكن إقامة حكم تركيبي قبلي؟ وحاولت توحيد المشروع الأولي للعلم العقلي ورد الفعل عليه في التجريبية،٣٩٠ وبفضله ظهر خطأ نظرية العلم كنظرية موضوعية.٣٩١ وقد لعب غموض معنى الرياضة دورًا كبيرًا في الأحكام التركيبية القبلية وفي التمييز بين الأحكام التركيبية في الرياضيات وتلك التي في علوم الطبيعة.٣٩٢ تجاورت العقلانية والتجريبية، الأولى فوق الثانية دون وحدة حقيقية بينهما.
وهكذا أصبحت العقلانية نقدًا للعقل، وهو ما يمثل انقلابًا تامًّا للمسألة، بدلًا من البداية بالجواهر المتناهية واللامتناهية بُدئ بنقد العقل نفسه؛٣٩٣ فأصبح العالم التجريبي عالم ظواهر، أتت المثالية النقدية لتؤكد مظاهر الأشياء، ولكن من خلال صور قبلية، وشكلت خطوة نحو تكوين علم موضوعي في الذاتية، فقد كانت الموضوعية التي تقوم على الشك موضوعية ساذجة، وبفضل الفلسفة النقدية ظهرت الذاتية الترنسندنتالية للمرة الثانية.٣٩٤
وتمثل الفلسفة النقدية كمشروع محاولة لإعادة صياغة العلم الشامل والموضوعي بعد اكتشاف الذاتية في بدايات العصور الحديثة،٣٩٥ أرادت تقوية المطلب العلمي بعد أن ضعف في الفلسفة.٣٩٦ يرتبط الأنا الخالص والوعي بالفلسفة النقدية، ويضع شعار «أن يحيا الإنسان الذاتي» علاقة الشعور بذاته.٣٩٧ وبفضل الفلسفة النقدية، وأيضًا التجريبية، تم توضيح البواعث الغامضة للعلم.٣٩٨
ومع ذلك، للفلسفة النقدية حدودها؛ فقد سادتها عدة افتراضات مسبقة ضمنية؛ أولًا اعتُبر عالم المعطى الحي واضحًا بذاته،٣٩٩ واعتُبرت الظواهر الخارجية وكأنها هي التي تكوِّن عالم المعطى الحي، ويتم إدراك موضوعيته بالتفكير، وليس عن طريق المقولات القبلية، ولا تستطيع الحساسية ولا الصور القبلية أن تكوِّن عالم المعطى الحي؛ لذلك يمكن تأويل الفلسفة النقدية بسهولة كوضعية من نفس نوع التجريبية،٤٠٠ والواقع أن عالم المعطى الحي ليس مجموع مادة حسية، مملكة مجهولة للظواهر الذاتية، بل هو ميدان مستقل، له علم موضوعي.٤٠١ وضعت الفلسفة الترنسندنتالية نفسها في مواجهة علم النفس في عصره، ولكن سادها الغموض فيما يتعلق بالتمييز بين الذاتية الترنسندنتالية والنفس.٤٠٢ فضلًا عن ذلك، أوقفها علم النفس الحديث خاصةً علم النفس التجريبي، بحيث فقدت الفلسفة الترنسندنتالية الطريق الذي شقته من قبل، وظلت معتمدة على التجريبية في نفس الوقت التي هي رد فعل عليها، وكان ذلك طبيعيًّا؛ لأنها لم تنقد النزعة الحسية نقدًا جذريًّا.٤٠٣ ولم تتم الاستفادة إلى النهاية من التمييز بين علم النفس الخالص والظاهريات الترنسندنتالية، ولم يتم توضيح المشكلة الترنسندنتالية في النزعة النفسانية، ومع ذلك تم تأسيس نظرية مركب القوى الترنسندنتالية من زاوية قصدية دون الحصول على القصدي كعنصر رئيسي أو على منهج جذري للبحث.٤٠٤ وفي داخل الفلسفة الترنسندنتالية كانت هناك إمكانية للعثور على حقيقة ضمنية، بعد جديد ينتج عن التقابل بين الحياة السطحية والحياة العميقة.٤٠٥ ظلت الفلسفة الترنسندنتالية على مستوى الحياة السطحية، مستوى الحساسية وعلم النفس التجريبي، وهكذا سادت التجريبية المثالية النقدية التي أتت من أجل إيقاف انتشارها.٤٠٦
وفي العقلانية في الخط الصاعد، اكتشفت الفلسفة النقدية المشاكل الترنسندنتالية للمنطق الصوري، ولكنها ظلت منغلقة في سياج صورتها النسقية، ووضعت هذه المشاكل على مستوًى عالٍ للغاية بالنسبة للمنطق، وباختصار لم تعرف الفلسفة النقدية المشكلة الترنسندنتالية للمنطق كمشكلة سابقة على هذا المجموع من المشاكل؛٤٠٧ فالواقع أن الفلسفة النقدية رفضت أن تعزو إلى المنطق صفة التقنية، وإذا اعترفت بمنطق تطبيقي فإنها تعتبره كنوع مختلف عن المنطق النظري والقبلي،٤٠٨ وإذا كانت التفرقة بين المنطق الخالص والمنطق التطبيقي صحيحة، فإن قوى النفس مفاهيم أسطورية تقود إلى الضلال؛ أي مفاهيم الذهن والعقل،٤٠٩ وإذا كان المنطق الخالص قصيرًا وجافًّا، فإنه يكون ولا شك تافهًا مثل المنطق المدرسي، بالرغم من تفوق الأول على الثاني بفضل عادة البحث التلقائي والدقيق التي حصل عليها في دائرته الضيقة.٤١٠
في الفلسفة النقدية تتماثل وحدة التجربة مع وحدة القانون الموضوعي؛ ومن ثَم تكون شروط إمكانية التجربة في القانون العقلي،٤١١ وهكذا تأرجحت التجربة بين الحساسية التجريبية والقانون الصوري.
وقد حددت المثالية النقدية ذاتها في مواجهة اتجاهين؛ الشك من ناحية والقطعية من ناحية أخرى، وهما نفس الاتجاهين اللذين تحدد الظاهريات نفسها في مواجهتهما؛٤١٢ فقد وضع الاتجاه الظاهرياتي نفسه في مواجهة الاتجاه القطعي وفي تناقض رئيسي معه،٤١٣ وبهذا المعنى تضع المثالية النقدية الخطين، النازل والصاعد، على نحو متجاور في وحدة اصطناعية ومصطنعة، وكان غياب منهج حدسي ومنتج سبب البناء الأسطوري للفلسفة النقدية.٤١٤ نعم، كان المنهج المستعمل هو المنهج التراجعي الذي يبحث عن إمكانيات المعرفة في قوى النفس، ويأتي البناء الأسطوري من تجميع للكوجيتو من المحاولة الأولى ونتائجه في علم النفس وفي علم النفس الفيزيقي، كانت النفس أسطورة كبيرة عصية على الفهم.٤١٥
والآن، إلى أي حد استطاعت المثالية النقدية الاستمرار في مشروع النهضة؟ كانت الفلسفة النقدية في طريق البحث عن معرفة شاملة وموضوعية في شكل علم قبلي وبرهاني تمامًا، ولم يتم حتى الآن تصور هذا العلم وتحديده لا في مادته ولا في فهمه؛٤١٦ فإذا وضع العلم الموضوعي نفسه في الكوجيتو على مستوى الجوهر، فقد وُضع في الفلسفة النقدية على مستوى العقل،٤١٧ وهو يمثل الذات المفكرة، الفلسفة النقدية مرحلة جديدة بعد عقلانية الذاتية،٤١٨ أخذت النفس كفكرة متميزة عن الشيء في الطبيعة.٤١٩
وقد أُخذت الفكرة في الفلسفة النقدية على أنها نموذج للقانون المثالي الشامل والموضوعي،٤٢٠ ومثلت نموذج العقل الخالص، فهي تقريبًا قيمة، وبالفعل ليس العلم المعياري حكرًا على المنطق، بل يمتد أيضًا إلى الأخلاق، الأمر المطلق نموذج للمعيار، وهو أساس في الأخلاق كعلم معياري.٤٢١
وفي الأخلاق التي خرجت من الفلسفة النقدية، هناك خلط بين التشابه والهوية؛ فالعلاقة بين إرادة الغاية وإرادة الوسائل علاقة هوية وليست علاقة تشابه، علاقة التشابه علاقة تحليلية. تميز بين مستوى المركب الحملي للاعتقاد ومستوى المركب الوجداني والإرادي،٤٢٢ والتشابه أقل توحيدية من الهوية، يحقق التشابه دون أن يحقق الوحدة الوجدانية.
كيف تتمثل الظاهريات المثالية النقدية؟ وفي الظاهريات الترنسندنتالية ذاتية الكوجيتو، والفلسفة النقدية غايتها القصوى.٤٢٣
وقد أخذ «التحليل الترنسندنتالي» بالمعنى الواسع لتحليلاته للزمان والمكان كصور قبلية لمادة الحدس الحسي، توسع الظاهريات هذا القبلي العياني للطبيعة الحدسية، ويضع التحليل الترنسندنتالي سؤال القبلي التكويني، وتضع الظاهريات لنفسها مسألة تجربة الآخر، ليس للتكوين فقط مصدر نفسي كما هو الحال في النقد،٤٢٤ وإذا كان للحساسية الترنسندنتالية في الفلسفة النقدية حدودها الضيقة، فهي موضوعة في الظاهريات كمشكلة أساسية لتكوين عالم التجربة الخالصة.٤٢٥
وقد أعيد تقديم الإدراك الداخلي والإدراك الخارجي في المثالية النقدية في الظاهريات كإدراك حالٍّ وإدراك مفارق من أجل تجنب النزعتين النفسانية من جانب، والحسية من جانب آخر،٤٢٦ في الظاهريات يدخل مركب الحساسية في مستوًى أعلى في تكوين الشيء، وفي الفلسفة النقدية يظل على مستوى الحساسية تحكمها العلية،٤٢٧ ولم يستطِع تمييز الفلسفة النقدية بين الإدراك وأحكام التجربة تخليص النقد من النزعتين النفسانية والأنثروبولوجية، كان ينقصها الرد الظاهرياتي الذي يخرج الأحكام التجريبية خارج دائرة الانتباه، ولا يبقى إلا الأحكام الموضوعية لذات على العموم لها صدق شامل.٤٢٨
الفلسفة النقدية، كمرحلة في الفلسفة الحديثة، أقرب الفلسفات إلى الظاهريات، تطور الاستنباط الترنسندنتالي في «نقد العقل الخالص» على المستوى الظاهرياتي، وفُسر ببساطة على أنه نزعة نفسانية.٤٢٩ كما استُنتج الاستنباط الترنسندنتالي بمنهج تراجعي من المصادرات، في حين أنه في الظاهريات، التصورات العامة ومفاهيم النوع أفكار معطاة حدسًا، يجدها الشعور تدريجيًّا، وأُوِّل التمييز بين الحساسية والتحليل الترنسندنتالي كتمييز بين المادي والصوري؛ الأول لظواهر الطبيعة والثاني للتصورات العامة.٤٣٠ وتميز الظاهريات بين التصور الغامض اللاتحليلي والتصور الواضح الخاص بالأحكام التحليلية في الفلسفة النقدية التي تخلط بين الموضوع المادي للأول والتصور للآخر.٤٣١
وتستأنف الظاهريات تأكيدها أنها تطوير للفلسفة النقدية ومشابهة لها في نفس الوقت، فقد أُوِّلت المعرفة التركيبية القبلية، وهو موضوع رئيسي في الفلسفة النقدية، كمصادرات عامة في الظاهريات،٤٣٢ و«بحوث منطقية» هي ذاتها صورة جديدة لفكرة الأنطولوجيا القبلية سواء في التجريبية أو في الفلسفة النقدية.٤٣٣
وقد غالت الفلسفة النقدية في صفة الاكتمال في المنطق القديم: الجدل، والتحليل، والهندسة.٤٣٤ في حين تريد الظاهريات إكمالها بالاستعانة بالمنطق الحديث، وفائدة هذا الاتجاه للفلسفة النقدية بالنسبة للمنطق الصوري في البواعث التي سدت الطريق أمام الفلسفة الترنسندنتالية الظاهراتية، كان للفلسفة النقدية نصف نجاح، فلا تعتبر المنطق الصوري من بقايا الفلسفة المدرسية، وهو موقف الفلسفة الإنجليزية، بل وضعت مسائل ترنسندنتالية بتوجيه المنطق الصوري، باعتبارها منطقًا قبليًّا نحو الذاتية.٤٣٥ ومع ذلك، لم يتم إدراك السمة الخاصة بمثالية المنطق الصوري، الظاهريات وحدها هي التي أوضحت مثالية التكوينات المنطقية، واستكشاف أسسها الذاتية كمسائل شاملة.٤٣٦
وظهرت المشاكل القديمة للفلسفة النقدية في صور أخرى وبمصطلحات أخرى في الظاهريات، فسؤال: كيف تكون الأحكام التركيبية القبلية ممكنة؟ سؤال رئيسي في الفلسفة النقدية، يعود في الظاهريات كتطبيق للتمييز بين المنطقة والمقولة في الدائرة المادية؛ فالمنطقة تقابل القبلي، والمقولة تقابل البعدي.٤٣٧ وهو المعنى النهائي للتحليلات المنطقية في الماهيات، ومعرفة الماهيات،٤٣٨ وفي الظاهريات، ليست المتضايفات الموضوعية لصور المقولات لحظات واقعية، ومن ثَم فإن قضية الفلسفة النقدية «ليس الوجود محمولًا واقعيًّا» تجد في الظاهريات دلالتها العميقة،٤٣٩ وفي الفلسفة النقدية وفي التجريبية للخيال دوره في ظهور الموضوع، في حين أن الظاهريات تهدف إلى إدراك ماهية الشيء، دون المرور بالصور أو العلامات.٤٤٠ و«الشيء في ذاته» الذي تركته الفلسفة النقدية في الطبيعة ظهر في الظاهريات كماهية،٤٤١ الظاهريات إذَن ليست مثالية نقدية تثبت وجود «الشيء في ذاته» حتى كفكرة محدِّدة بل مثالية ترنسندنتالية أي شرح «الأنا» كذات لمعارف ممكنة.٤٤٢ وتشبه الماهيات في الظاهريات الأفكار في الفلسفة النقدية،٤٤٣ ولا تُدرك وحدة المعطى الحي كمعطى حي فردي، بل كفكرة ترنسندنتالية، وتحويل الواقع إلى مثال حدسي للفكرة في الفلسفة النقدية،٤٤٤ والمعطى المطابق لشيء هو أيضًا فكرة من نفس النوع،٤٤٥ وتم تصور النحو الخالص في الظاهريات قياسًا على العلم الخالص للطبيعة في الفلسفة النقدية،٤٤٦ وقد استعلمت الظاهريات على نحو تراجعي، تأكيد الفلسفة النقدية على القبلي؛ أي أولوية الفكرة على الواقعة من أجل نقد النزعة التاريخية في فلسفة تصورات العالم.٤٤٧
وقد استعيرت اللغة الكانطية في تخليص الأنا الخالص من القوسين؛ إذ يجب على «الأنا أفكر» أن يصاحب كل تمثلاته،٤٤٨ وتستطيع الفلسفة أن تقدم نفسها كعلم للتعبير عن قصد الظاهريات كإعادة صياغة لمشروع العصور الحديثة؛٤٤٩ إذ لم تكن هناك إضافة بل تشويه للعلوم عندما تتداخل حدودها للتعبير عن ضرورة وضع الأسئلة الرئيسية.٤٥٠
الفلسفة مشروع يبدأ دائمًا من جديد،٤٥١ «لا يستطيع الإنسان أن يتعلم الفلسفة بل أن يتفلسف.» وقد ظهرت هذه الحقيقة التي وضعتها الفلسفة النقدية في منهج البداية الجذرية في الظاهريات. ومع أن الفلسفة النقدية تضم مقاصد هامة، فإنها تظل أقل من العلم المحكم فيما يتعلق بتكوين القبلي الشامل،٤٥٢ وحتى في المقدمة العامة للظاهريات الخالصة فإنها تشق طريقها من قبل بين التجريبية باعتبارها شكًّا والمثالية الغامضة.٤٥٣

(أ-د) الوحدة العضوية: المثالية المطلقة٤٥٤

ويمثل تطور المثالية النقدية إلى مثالية مطلقة تقدمًا في غائية التاريخ، ومع ذلك تحتوي المثالية المطلقة في داخلها أسباب فشلها،٤٥٥ كانت ضد كل أشكال التجريبية، ولكن دون أن تنجح في صياغة فلسفة محكمة،٤٥٦ الفلسفة وعي بالإنسانية، وتحقيق ذاتي للعقل،٤٥٧ ونقد العقل اكتشاف عظيم مثل اكتشاف الذاتية في أعقاب العصور الحديثة،٤٥٨ وبعد الكوجيتو سادت النزعات التجريبية (الوضعية والبيولوجية والبرجماتية) نظرية المعرفة، وفي مقابل هذا الخط وُضعت نظرية أخرى محكمة للمعرفة لها أسس نظرية مخالفة.٤٥٩ والواقع أن الفلسفة بعد كانط لم يكن لها حظ أفضل، سادها أسلوب التصورات الأسطوري والتأويل الميتافيزيقي للعالم دون أن تكون محكمة على الإطلاق في التصور أو المنهج،٤٦٠ ومع ذلك لم يكن الفلاسفة شعراء تصورات، ولم تنقصهم الإرادة الجادة لتأسيس النسق كعلم، كان لكل فلسفة تصورها للفلسفة الترنسندنتالية وذاتية الشعور، وظل علم النفس التجريبي قائمًا دون أن يُقهر، بل على العكس، ظهر في صور جديدة، وارتبط كل نسق بذاتية مؤلفه، ولم يكن هناك أي ميل إلى الموضوعية سواء بمنهج الإيضاح أو بالتجربة الذاتية المشتركة، وبعد الفلسفة بعد كانط أصبحت أزمة العلوم الأوروبية أكثر حدة.

وقد وقعت الظاهريات تحت إغراء الفلسفة بعد كانط، وتبين مذكرات محاضرات عام ١٩١٤م الاهتمام الكبير الذي أوْلَته الظاهريات لهذه الفلسفة، ربما لم يكن عند مؤسس الظاهريات الوقت الكافي لدراستها على وجه خاص، وربما أبعدته المثالية المطلقة عنها لطابعها الأسطوري الغامض، ومما يسترعي الانتباه أن تكون مذكرات المحاضرات حول الفلسفة بعد كانط قد دُونت بأسلوب تلغرافي في العصر الحاضر، وتوحي بأن مؤسس الظاهريات لم يكن لديه الوقت الكافي لتعميمها، ومع ذلك توجد بعد الانتقادات المتناثرة داخل بعض العبارات المنفصلة.

لقد حاولت جاهدةً الفلسفة بعد كانط أن تصوغ نظرية في العلم ومنهجًا جدليًّا،٤٦١ وكانت تشارك بكل صورها في نفس الخصائص التي منعت من الوصول إلى نظرية محكمة في العلم.
ارتبطت الفلسفة بالعقيدة، ولم تكن العقيدة في مستوًى أقل من المعرفة، وما يُعتقد لا يحتاج إلى برهان،٤٦٢ كان الاعتقاد وسيلة للمعرفة، يعطي نفس اليقين الذي تعطيه المعرفة، مضمونه عالم المثل،٤٦٣ وكان يُنقل الاعتقاد أحيانًا إلى المستوى الفلسفي كي يصبح معرفة تفُوق الحس،٤٦٤ والعقل نفسه أداة للتساؤل عن عالم ما فوق الحس، هو القدرة على افتراض حقائق «في ذاتها» الخير، الجميل … إلخ، مع التأكيد بأن لها صدقًا موضوعيًّا، لا تساعد في التوضيح، ولكن تكشف عن نفسها موضوعيًّا، وتقرر على نحو غير مشروط، والرؤية العقلية من خلال العقل مرادفة للنبوة، وفي هذه الرؤية لا يعطي الفكر فقط من خلال الذهن بل أيضًا من خلال العاطفة، وقوى العاطفة والعقل شيء واحد، في حين أن الفلسفة كعلم محكم منفصلة تمامًا عن كل اهتمام مغاير للاهتمام النظري الخالص، وهذا لم يكن وضع المثالية المطلقة.
واستُؤنف البحث عن فلسفة جذرية بعد الفلسفة النقدية، ولكن سادتها الأحكام المسبقة، ووقعت في الأساطير الحالة أو في أبنية قوية لغائيات حالة دون أي أساس وضعي،٤٦٥ ومع ذلك تناولت مثالية الأنا المطلق بعض الموضوعات الظاهراتية مثل: الرؤية العقلية، الرؤية الداخلية لمادة الفكرة خاصةً أفعال فكر الذات نفسها، وتأتي هذه الرؤى العقلية من حرية الإرادة، كانت الحرية إيحاءً داخليًّا، لم تكن قدرة إنسانية عامة بل توجد فقط عند بعض الأفراد كقوًى لرؤًى داخلية، وقدمت نظرية المعرفة موضوع حياة وفعل يومي بمعرفة؛ وبالتالي يؤدي إلى فلسفة.٤٦٦
كان للفلسفة الرومانسية طابع شامل، وكانت تدَّعي قدرتها على تصور كل العلوم الخاصة. وطبقًا لمثالية الأنا، كان أساس نظرية العلم هو أساس كل علم، وكل معرفة، وكل مضمون ممكن، المضمون البسيط، والمضمون المطلق حاضر فيها، وكان على الفلسفة الرومانسية أن تغطي تمامًا كل ميادين المعرفة الإنسانية، وكانت أساسًا لفلسفة المضمون الأصلي والصورة الأصلية لكل معرفة.٤٦٧

ولا تضع نظرية العلم كعلم أسئلة حول التجربة ولا تلتفت إليها على الإطلاق؛ فهي حقيقية بعيدة عن كل تجربة، وتصورها ﻟ «الواقعة» هو أنها «ما يجب التفكير فيه ضرورة».

وفي أي مثالية تامة ليس القبلي والبعدي شيئين مختلفين، بل شيء واحد له واجهتان مختلفتان، وترجع هذه الثنائية إلى طريقة رؤية السؤال، فإذا تقدم شيء على أنه قبلي فليس من الضروري أن يكون في نفس الوقت بعديًّا، وإذا تقدم شيء على أنه بعدي فليس من الضروري أن يكون قبليًّا، فإذا نُظر إلى السؤال من زاوية الكشف، فكل شيء بعدي، أما إذا نُظر إليه من زاوية الضرورة، فكل شيء قبلي.

وقد ذكرت هذه الموضوعات المتفرقة في مثالية الأنا دون أي تطوير لها، مثلًا لا يوجد زمان إلا في قوة الخيال، في حين يتساوى كل شيء في العقل الخالص، وأيضًا يتطلب نوع المعرفة الابتعاد كليةً عن قانون العلية وعالمه الذي يوجد فيه،٤٦٨ وهكذا وقعت الظاهريات تحت إغراء نظرية العلم لشمولها، وابتعدت عنها لرومنسيتها، ومن الصعب بمكانٍ تحديد العلاقة بين نظرية المعرفة والظاهريات، ومع ذلك تبين بوضوحٍ هذه الإشارات المتفرقة كيف ترى الظاهريات نظرية المعرفة.
والمثالية تطور لخط الفلسفة الترنسندنتالية ورد فعل عليها،٤٦٩ وتحديدها لرسالة الفلسفة كبناء للمطلق في الوعي، وتحديدها للفلسفة ذاتها كعلم للمطلق، تبرر تسميتها «المثالية المطلقة»،٤٧٠ والواقع أن الخط الصاعد من العقلانية يصب في المثالية المطلقة،٤٧١ وقد حاولت «ظاهريات الروح» أن تعرض كيف سار الروح الإنساني من وجهة النظر الساذجة للعالم وتصور الحياة إلى وجود تناقضات داخلية فيه من وجهة نظر الفلسفة،٤٧٢ وقد دخلت المثالية المطلقة أيضًا في قوة الباعث واستحال عليها التراجع،٤٧٣ وتتسم بالتعبير عن هذا الباعث في نسق شامخ للروح، وهو ما لم يحدث في المثالية التجريبية أو في التجريبية الطبيعية، وأصبحت قوة الباعث قوة النسق.٤٧٤
وقد ارتبطت المثالية المطلقة بالحركة الرومانسية، نقصها نقد العقل؛ ومن ثَم ضعف مطلب إقامة فلسفة محكمة، وبالإضافة إلى ذلك سبَّبت رد فعل عنيفًا على النزعات الطبيعية والشك والتاريخية، وأصبح تصورها للفلسفة كتعبير عن روح العصر، أساس النزعة التاريخية.٤٧٥
وتبدأ المثالية المطلقة من مثالية الأنا، وقد أصيب كلاهما بعدوى المنهج الجدلي الذي يعتبر مهمة العقل توحيد القضايا المتناقضة،٤٧٦ والتناقض هو الذي يدفع العالم نحو الحركة، ومن المضحك القول بأنه لا يمكن التفكير في التناقض أو أنه لا يمكن التعبير عن الحقيقة في قضية واحدة، ومن الضروري قضيتان متناقضتان؛ الأولى تعبر عن الهوية، والثانية عن الاختلاف. والجدل، وهو بناء قبلي لعملية العالم، حركة التصورات في الوعي الفردي، وليست الفلسفة إلا الناظر إلى هذا المسار الموضوعي للعقل، وقد ضل الفكر الفلسفي التحليلي الطريق بمقدار ما يتحد الموضوع، أي الفكرة، مع حركته وتطوره، وفي هذه الحالة يصبح التفلسف فعلًا سلبيًّا خالصًا، لم يكن الجدل فقط الفعل الخارجي لفكر ذاتي بل هو مضمون النفس، فروعها وثمارها، هذا التطور للفكرة كفعل خاص للعقل يعطي للعقل هذه السمة الذاتية دون الوقوع فيها. الجدل أيضًا خالق، هو الفكر الإلهي الرائي دون افتراضات مسبقة، وهو فكر مطلق، هو لحظة جذب، ولا يمكن للعقل تصوره، ويُسميه واضع المثالية المطلقة تصوفًا، يتوقف الوعي في الفعل التأملي، في حين أن التأمل يتطلب في نسقه الشعوري الأسمى إعدام الوعي ذاته.٤٧٧
وهكذا تعرض الظاهريات المنهج الجدلي وكأنه هو المشروع الذي تريد تحقيقه، وبسبب هذا الطابع الجدلي وربما الأسطوري لم تجرؤ أن تواجه المثالية المطلقة كما واجهت الكوجيتو والمثالية النقدية؛ فالواقع أن المثالية المطلقة تنكر قانون التناقض، ومنطقها ليس منطقًا معياريًّا،٤٧٨ هو نسق فلسفي يضم فلسفة الطبيعة، ومع ذلك طُبق المنهج الجدلي للفكر الخالص والمستنبط من المثالية المطلقة في المنطق، ولا يتطلب أكثر من أن يكون آلة جديدة وسامية للمعرفة الإنسانية،٤٧٩ ومن أجل الحصول على شيء من العقل في المثالية المطلقة يجب أن يكون الإنسان مفضلًا عند الله،٤٨٠ ومع ذلك وُصفت «بحوث منطقية» بأنها أقل خصوبة من نسق المنطق الاستقرائي الاستنباطي،٤٨١ والنقد الذي وجَّهه مؤلفه إلى «العلم الشامل» و«الحساب العقلي» نقد سطحي.٤٨٢
وفي المنهج الجدلي، الرؤية التأملية، «الرؤية في النور» ضرورية لإقامة ميتافيزيقا أو أنطولوجيا،٤٨٣ ويقع كل نسق ميتافيزيقي في الاشتباه بين تصور العالم والحكمة الشاملة وخلط المقاصد الحقيقية لنظرية العلم،٤٨٤ وتختلط الفلسفة والرياضيات والعلم الخاص، تصبح الفلسفة دون افتراضات مسبقة بقدر ما يعطي الفكر موضوعه.٤٨٥ المثالية المطلقة إذَن نوع من الأنا وحدية، والرياضيات استنباطية، وضروري أن تحيل فلسفة الطبيعة إمكانية الطبيعة، أي مجموع تجارب العالم، إلى المبادئ. وتتشابه الرياضيات والفلسفة تشابهًا كاملًا في طريقة رؤية نوع المعرفة، والمنهج الحقيقي للفلسفة منهج برهاني،٤٨٦ والعلاقة بين العلم التأملي والعلوم الأخرى علاقة متبادلة بين التمثل والأفكار في العلوم التجريبية وبين الأفكار والتمثل في الفلسفة،٤٨٧ كانت الظاهريات تستطيع أن تنظم هذه العلاقة لو أنها كانت أكثر صبرًا في مواجهتها مع الفلسفة الرومانسية، ويستمر مشروع النهضة مع مساهمة جديدة يظهر فيما بعد في فلسفة الوجود.
وبالإضافة إلى نظرية العلم والمنهج الجدلي، الأول حصيلة مثالية الأنا، والثاني نتاج المثالية المطلقة، تقوم فلسفة الهوية أيضًا على رؤية عقلية؛٤٨٨ إذ تسكن فينا قوًى سِرية رائعة، وكل تغيير في الزمان علاقة خارج ذاتيَّتنا، وكل ما يأتي من الخارج ينكشف ثم يعود من جديد إلى الداخل للحفاظ على الخالد كرؤية فينا، هذه الرؤية هي تجربتنا الداخلية الوحيدة التي يعتمد عليها كل شيء آخر، هي منبع كل معرفة وكل اعتقاد في عالم يفوق الحس،٤٨٩ والحرية افتراض مسبق لها، وتتميز عن كل حدس حسي بقدر ما يتحقق هذا الحدس على العموم بالحرية، وهي معرفة خارج الزمان، فيها يختفي الزمان والديمومة. نحن لسنا في الزمان ولكن الخالد فينا، وهي قوة خالقة. الحدس العقلي معرفة تنتج موضوعًا، قوة نوع من أفعال الروح، ينتج ويدرك إدراكًا حدسيًّا، ومن هذا العرض الموجز تستنتج الظاهريات بطريقتها نظرية في العلم، وتستأنف مشروع النهضة.
ويرجع عدم فهم الفلسفة إلى نقص في آلات فهمها؛ إذ تنشأ الفلسفة من الطبيعة، وتقدم إلى الإنسان على أنها هبة إلهية، وهي تقوم على أساس مطلق كشرط لها؛ كي تصبح فلسفة بلا افتراضات مسبقة، نقطة البداية للمطلق توجد في المثالية الألمانية ولكن المطلق ليس موضوعًا للتفكير، له سمة قبلية، نسق المثالية الألمانية مُساوٍ لنسق مجموع المعرفة،٤٩٠ ويستمر هذا المشروع نفسه في الظاهريات وعلى نحوٍ خفي حول المنبع المطلق، وقد ذكر تحديد الفلسفة كعلم مطلق أو علم المطلق مع تعريفات أخرى تتبنَّاها الظاهريات عن طيب خاطر وترتبط بها.٤٩١
ولا تنتمي المثالية المطلقة للهوية إلى نشاط الفلاسفة بل إلى إنتاج ما يفوق الفرد في الإنسان،٤٩٢ وقد ماتت الميتافيزيقا القبلية إلى الأبد ولن تُبعث من جديد، وهو برهان لا يمكن دحضه من أجل النقد التاريخي للفلسفة، وتجد الظاهريات هذا المصدر للمعرفة المطلقة في الحلول؛ أي في الشعور.
الفلسفة هي التماهي بين فلسفة الطبيعة وفلسفة الروح، والفيزيقا التأملية معرفة بالمعنى الدقيق للكلمة، والمعرفة أساسًا معرفة قبلية، في الطبيعة كل شيء قبلي، تحدده فكرة الطبيعة على وجه العموم، والتجريبي الخالص ليس علمًا، وتصور علم للتجربة لا يمكن التفكير فيه، النظرية الحقيقية هي وحدها القبلية، واتجاه البحوث الفلسفية اتجاه جديد تمامًا في مواجهة العلوم الجزئية، وللفيزيقا والكيمياء لغتهما الخاصة، تنتهي بالضرورة إلى علمٍ أسمى آخر، وتعطي فلسفة الطبيعة رؤية مغايرة تمامًا للطبيعة، ولا يمكن إدراك هذا العلم السامي عن طريق تطور العلوم الجزئية ولكنه نوع آخر من المعرفة، خطاب جديد تمامًا موضوعه العالم، يعطي مرة واحدة، الفلسفة أساس كل علم آخر، وأساس الفلسفة هو صورة كل معرفة أصلية ومضمونها،٤٩٣ ويطور منهج فلسفة الطبيعة بداهة خاصة متميزة عن كلٍّ منهما، وتقفز فوق المقارنة بين الوقائع وفي البحث عن الفردي، وهذه البداهة لا زمانية؛ فالمعرفة تحت نوع الخلود،٤٩٤ وهكذا تستعد فلسفة الطبيعة للالتحاق بفلسفة الروح، وإن لم يكن التمييز بين القضايا القبلية والبعدية موجودًا من قبل في هذه القضايا نفسها، بل في معرفتنا ونوع معرفتنا المكونة من هذه القضايا نفسها تجد فلسفة الطبيعة شريكًا في الروح المطابقة لها.٤٩٥
في الفلسفة الرومانسية، المفاهيم الصورية نوع من الأقنوم، هي تصورات يتكوَّن عليها التجريبي، وبالإضافة إلى ذلك لها وجود واقعي، ويتم التفكير فيها كماهيات وقوًى، ولا تُعطى عن طريق التوضيح العلِّي بين الوقائع أو المحسوسات أو امتداد الواقع لأن الماهيات لها تأويلها المثالي، إنها الفكرة التي تجعل المادة ممكنة كظاهرة، ويقل هذا النشاط في الظاهريات بالرغم من محاولات إقامة ظاهريات حركية.٤٩٦
وأخيرًا لا تذكر مثالية الإرادة إلا نادرًا، وقد أخذ تصورها للأخلاق كعلم معياري كحجة لإثبات المنطق المعياري ضد المنطق كتقنية،٤٩٧ ومع ذلك أخذت قضية «العالم المثالي» كنموذج لمعنًى ثالث للفظ ظاهرة، وهو المكونات الواقعية للظاهرة؛ أي الإحساسات.٤٩٨ ويبين هذا العرض المتناثر للفلسفة بعد كانط بوضوحٍ الصورة التي رسمتها الظاهريات لهذه الفلسفة التي تقرب من المطلق ولكن ضلَّت طريقها بسبب الرومانسية.

(ب) النهاية: الظاهريات٤٩٩

ليس الهدف من هذا التحليل المفصل للمصادر التاريخية للظاهريات نفي أصالتها، بل على العكس تأكيدها مرة أخرى؛ فالظاهريات مرة ثانية بحث في الذاتية التي تم اكتشافها في عصر النهضة، ثم عثر عليها من جديد في الظاهريات. الظاهريات إذَن نهضة ثانية تهدف إلى إقالة النهضة الأولى من عثراتها.٥٠٠ كان المثل الأعلى للنهضة، المشروع الخفي للعصور الحديثة، والرسالة الرئيسية للحضارة الأوروبية، هو العثور على المثالي العياني. وقد تجاور العنصران في الكوجيتو، ومنه خرج الخطان المنفرجان؛ المثالية والواقعية، ثم تجاورا من جديد، واحد فوق الآخر، في المثالية النقدية بطريقة التعشيق للمضمون في الصورة، وبعد ذلك أصبحا نتيجة عملية تاريخية بقوة النفي، وأخيرًا أتت الظاهريات باكتشافها عالم المعطى الحي، ومن ثَم تجد كل المحاولات السابقة منذ بدايات العصور الحديثة تحققها النهائي في الظاهريات.
ومنذ العصور الحديثة، نشأ تعارض بين الموضوعية الفيزيقية والذاتية الترتسنتدنتالية، وأصبح الوعي الأوروبي فكًّا مفتوحًا، فك إلى أعلى وفك إلى أسفل، وشق إلى أفقين؛ المثالية الترنسندنتالية والموضوعية التجريبية.٥٠١ وفي الظاهريات يتقابل الأفقان من جديد في الذاتية الترنسندنتالية،٥٠٢ ثم تظهر مأساة علم النفس الحديث؛٥٠٣ ومن ثَم شقَّت الفلسفة الترنسندنتالية الظاهراتية طريقها بالعودة إلى عالم المعطى الحي سلفًا على النحو الآتي.
بدأ الخطان الناتجان عن ثنائية العصور الحديثة في الالتقاء على أعتاب العصر الحاضر؛ فقد حدث إصلاح نفسي لشرح خالص للشعور من حيث هو كذلك، وبوجه خاص للمسألة الشاملة للقصدية،٥٠٤ ويتكون هذا الإصلاح من العودة إلى الكوجيتو مع تجنب نتائجه الوخيمة مع التخلص من كل الأحكام المسبقة الطبيعية، وقام علم النفس الظاهرياتي بالرد الظاهرياتي ليسمح للقصدية بالظهور للحصول على مستويات للوصف النفسي ولتكوين المشاهد المنصف؛ ومن ثَم كان للتجريد النفسي مشاكله بل وتناقضاته بالتأكيد على وجود موضوعات واقعية للقصدية،٥٠٥ ويوجد خطر آخر هو سوء فهم شمولية علم النفس الظاهرياتي.٥٠٦ ومع ذلك، تؤدي الصلة بين علم النفس الظاهرياتي والظاهريات الترنسندنتالية إلى الدخول مباشرة إلى المعرفة الخالصة للذات؛ وبالتالي استبعاد النموذج الموضوعي لعلم النفس إلى الأبد.٥٠٧
وبتعبير آخر، وبعد الفلسفة النقدية، يتلخص تاريخ الفلسفة في الصراع بين الموضوعية الفيزيقية والباعث الترنسندنتالي اللذين اختلطا دائمًا،٥٠٨ واستمر التطور دائمًا في الذاتية الترنسندنتالية والتجريبية، وكان الفصل بين الفلسفة الترنسندنتالية وعلم النفس قاتلًا. وبالرغم من الاختلاف الجذري بينهما، توجد أيضًا مؤاخاة قوية بينهما، ميدان علم النفس هو القرارات؛ فالواقع أن علم النفس لم ينجح حتى الآن في بلورة مصادرات نظرية،٥٠٩ وتستطيع الفلسفة الترنسندنتالية أن تمد إليه يد العون فيما يتعلق بالتجارب الداخلية، وهذا يتطلب نقل علم النفس إلى مستوى الفلسفة الترنسندنتالية، وبعد الرد الظاهرياتي، يصبح علم النفس علم التيار الحي للشعور.
وأخيرًا فشل علم النفس بسبب الافتراضات المسبقة الثنائية والفيزيقية،٥١٠ وظل منقسمًا بين فكرة علم موضوعي فلسفي وطريق التجريبية الخاطئ،٥١١ وتخاطر كل محاولة للتوحيد بين الاتجاهين بالوقوع في السيكوفيزيقا أو في علم نفس التجربة الباطنية، وكل تسوية في الاتجاه بين النفس والبدن كواقعتين طبيعيتين فإنها تشكك في الاختلاف الجذري فيما يتعلق بالزمانية والعلية والتفرد بين الشيء الطبيعي والنفسي، وتصور التجربة الخارجية والتجربة الداخلية مشكوك فيه، ولم تؤخذ تجربة «البدن الشيء» كتجربة للذاتي الخالص حتى الآن كموضوع لعلم النفس، وعلى أساس هذا التوازي، توجد الثنائية «الديكارتية» واضعة فكرة علم وصفي وحيد ومنير تجد مبرراتها في التعميم الصوري.٥١٢
ويوجد أصل التجريبية في حياة عالم النفس خاصة عالم النفس الذي يسير في طريق خاطئ ومزيَّف،٥١٣ فمثلًا لعالم التجربة العام نمطه في المنطقة وتجريده الشامل الممكن الذي تكون الطبيعة متضايفة معه،٥١٤ وفي التجريد الذي يقوم على التجربة، توجد أيضًا ثنائية بين التجربة الداخلية والتجربة الخارجية، ورد الأولى إلى الثانية،٥١٥ وهكذا فإن الرؤية الثنائية للعالم عند عالم النفس لها ما يقابلها في الرؤية التوحيدية عند الظاهراتي، وقد أدت النزعات الطبيعية والثنائية والسيكوفيزيقية إلى التمييز بين علوم الطبيعة وعلوم الروح.٥١٦ ومن أجل القضاء على هذا الخلط في العلوم الإنسانية، تقدم الظاهريات منهجها الذي يبدأ بتمييزات أساسية.٥١٧
والفيزيقا الحديثة مقاربة جديدة لتحويل الطبيعة إلى مثال،٥١٨ ومع ذلك تترك المكان والزمان كحامل للعالم الحي واضعةً الزمان داخل النسق الفيزيقي، الظاهريات وحدها هي التي تأتي أخيرًا لإكمال مشروع النهضة، واضعةً مشكلة المعطى الحي، والواقع أن المعطى الحي مشكلة جزئية في مشكلة عامة وهي قضية العلم الموضوعي.٥١٩ ومع ذلك، هناك فرق بين العلم الموضوعي بالمعنى الدقيق والمعنى العام، يتعامل الثاني مع ما قبل العلم للأول؛ لذلك للتجربة الذاتية فائدة كبيرة لهذا العلم الموضوعي، لعلم ما قبل العلم.٥٢٠ هذا العالم للمعطى الحي ليس موضوعًا على الإطلاق لعلم النفس، هو عالم حدس رئيسي بالتعارض مع العالم الواقعي موضوع بناء منطقي لا حدسي، وهذا العالم هو الذي يتحول من طبيعة إلى رياضة، هذا العالم الموضوعي هو نفسه تكوين ذاتي كممارسة منطقية نظرية تنتمي إلى عالم المعطى الحي العياني في مجموعه،٥٢١ وتلخص العلاقة بين هذين العالمين كل بواعث الفلسفة الأوروبية في مصدرها وفي بدايتها،٥٢٢ وباختصار، بدلًا من أن تكون مشكلة عالم المعطى الحي مشكلة جزئية تصبح مشكلة فلسفية شاملة.
وللحصول على هذا العالم للمعطى الحي تعرض نظرية «الرد» مرة أخرى كتحليل للتقويس الظاهرياتي.٥٢٣ أولًا هو تقويس العلم الموضوعي؛ فالقبلي المنطقي الموضوعي هو بعدي بالنسبة إلى القبلي ما قبل المنطقي لعالم المعطى الحي، ويصبح الشيء في العالم الطبيعي الشيء في الشعور. هناك إمكانيتان لوجود بناء صوري لعالم المعطى الحي؛ الأولى إمكانية الموقف الطبيعي الساذج، والثانية إمكانية الموقف التأملي بالنسبة للمعطيات الذاتية والموضوعات الحية،٥٢٤ وخاصية التقويس الترنسندنتالي هو التغير الكلي في الاتجاه الطبيعي، وصعوبة تقويس كلي صحيح هو حماية النفس من أي سوء فهم، والتقويس الحقيقي الترنسندنتالي يجعل «الرد» ممكنًا؛ مما يسمح باكتشاف التضايف الترنسندنتالي بين العالم وعالم الشعور، ويرتبط هذا الطريق الجديد بطريق الذاتية الترنسندنتالية.٥٢٥
وعالم المعطى الحي موضوع ذو أهمية نظرية يظهر بعد التقويس الشامل الذي يُطلق على الواقع الطبيعي لهذا المعطى الحي، هو تيار المعطى الحي.٥٢٦ وتفسر الحدوس الحسية الخالصة كما هي عليه، وتوجد بينها علاقات تضايف قبلي وشامل. وبالإضافة إلى ظواهر الإدراك، هناك أيضًا ظواهر الحركة، وتغير التطور، وآفاق الشعور، وجماعة التجربة. وفضلًا عن ذلك، كل وجود حسي وكل منطقة هو مؤشر على نسق ذاتي للتضايف.٥٢٧
والتكوين الترنسندنتالي أول تكوين للمعنى، ويعطي كل عمل للتكوين في ثلاثة موضوعات: الأنا، والأنا أفكر «الكوجيتو»، والأنا موضوع التفكير «الكوجيتاتوم». وتكوِّن هذه الموضوعات المادة الأولى لأنطولوجيا المعطى الحي، ويظهر سوء فهم متناقص وهو الذاتية الإنسانية؛ فالوجود الذاتي للعالم هو في نفس الوقت وجود موضوعي في العالم، ولا يستطيع المنطق كلعبة حِجاج حلَّ هذه المعضلة،٥٢٨ ويوجد حل التناقض في «نحن» الإنساني باعتباره الذات الأخيرة، العامل الفعال، ومن ناحية أخرى في «الأنا» كأنا أصلي يكون أفقيًّا للآخرين الترنسندنتاليين باعتبارهم ذوات مشاركة تكوِّن الخبرة الذاتية المشتركة الترنسندنتالية؛٥٢٩ فالمكسب الرئيسي للتقويس هو الأنا الفعال المطلق.
figure
وتنتهي الظاهريات بالإعلان عن أزمة طاحنة في العصور الحديثة، ويبين العنوان وحده «أزمة العلوم الأوروبية والظاهريات الترنسندنتالية» وبوضوحٍ شيئين؛ الأول وجود أزمة في العلوم الأوروبية، والثاني حل هذه الأزمة في الظاهريات الترنسندنتالية. وبالرغم من أن «الأزمة» تاريخ للفلسفة الأوروبية، فإنها منقسمةٌ مباشرة إلى قسمين؛ الأول تاريخ نقدي للأفكار، والثاني عرض الظاهريات كعلم للمعطى الحي.٥٣٠ وبهذا المعنى تنقسم «الأزمة»، مثل «الفلسفة الأولى» نفسها، بوضوح إلى قسمين؛ الأول تاريخ نقدي للأفكار، والثاني نظرية «الرد» أزمة العلوم الأوروبية منهجية تاريخية أكثر منها تاريخًا للفلسفة، تبين تجارب النجاح والفشل لمشروع واحد هو العلم الشامل،٥٣١ أزمة العلوم تعبير عن أزمة جذرية لحياة الإنسانية الأوروبية،٥٣٢ وهكذا أحيلت العلوم إلى الوعي الأوروبي نفسه،٥٣٣ أزمتها ليس في بنياتها الداخلية، بل في مصادرها في الوعي الأوروبي، العلوم ظواهر شعورية قبل أن تكون ظواهر خارجية.
وتذكِّر ملحمة الوعي الأوروبي كثيرًا بملحمة التطور الخالق؛ فقد انقلب الدافع الحيوي نحو المثل الأعلى إلى ثِقل، ينطلق من جديد ثم يعود إلى الهبوط وهكذا باستمرار. الانقلاب الأول نسيان المعطى الحي بسبب الصوري أو التجريبي، والانقلاب الثاني ثِقل المادة. الشعوب الأوروبية مريضة، أوروبا نفسها في أزمة، ويتجلى أُفول أوروبا في الانحراف عن حياتها العقلية الخاصة، وسقوطها في الموضوعية والنزعة النفسانية،٥٣٤ والظاهريات أملها الوحيد، إلا إذا استمر الوعي الأوروبي في تطوره المحتوم في ثنائيته وخلطه وكأنه يسير بالرغم من كل شيء نحوَ مصيره، مدفوعًا من القدر.
١  Ex. Phéno., pp. 272–349.
٢  الذاتية المشتركة Intersubjectivité، ويضاف أحيانًا لفظ «التجربة» كي يكون المصطلح أوضح. طرف Corrélat. تضايف Corrélation.
٣  تقدمي-تراجعي Progressive-Regressive.
٤  Krisis, pp. 71–4.
٥  ويوجد هذا الجانب، تقدم التاريخ، عند كل فلاسفة التاريخ؛ فموضوع التاريخ هو التقدم، ومن معاصري هوسرل ليون برنشفيج L. Brunschwicg، في «تقدم الوعي» Le Progres de la concience، وأيضًا «مراحل الفلسفة الرياضية» Les Etapes de la Philo: Sophie Mathématique. وعند هوسرل يتحقق هذا التقدم، وثمنه فقدان عالم الحياة، وكما هو الحال عند جاليليو في تحويل الطبيعة إلى رياضة Mathematisierurng der Natur وعند اشبنجلر؛ في حين عند برنشفيج وهوسرل، التقدم إيجابي باستمرار.
٦  وهذه هي حالة عرض هيوم Krisis, BI, XI, p. 433.
٧  العرض المحايد في الفلسفة الأولى Er. Philo., 1 Bl. XXII, pp. 408–12 ، بمناسبة الفلاسفة بعد كانط Post-Kantiens، والعرض التاريخي في مقارنة هيوم مرة مع ديكارت، ومرة أخرى مع كانط.
٨  وقد أمكن سد هذا النقص في «مقدمة في علم الاستغراب» بتخصيص الفصل السابع لبنية الوعي الأوروبي، والفصول الخمسة السابقة لتطور الوعي الأوروبي؛ مما يدل على أولوية التطور على البنية.
٩  وهذا ما حدَّدته أيضًا بعض الآيات مثل سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ، وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ؛ فالتعالي ليس مستقلًّا مما يدل على أولوية التطور على البنية.
١٠  Ex. Phéno., pp. 274–92.
١١  «تأملات ديكارتية» دالة للغاية على هاتين النقطتين الفاصلتين؛ البداية بديكارت، والنهاية بهوسرل.
١٢  انفراج Divergence. ضم Convergence. مركز جذب عام Générativité.
١٣  Er. Philo. II, p. 489.
١٤  Ex. Phéno., pp. 275–88.
١٥  العقل Logos. القانون Legus.
١٦  وقد أعلن هيجل ذلك من قبل في تحقق المطلق في التاريخ.
١٧  ويطلق اسم الحضارة الرومانية على الفترة اللاتينية بموازاة للحضارة اليونانية وقبل نشأة المسيحية.
١٨  Er. Philo., I, pp. 9–11, 206.
١٩  الحوار La Maieutique.
٢٠  Er. Philo., I, p. 206.
٢١  Ideen III, p. 100.
٢٢  Er. Philo., I, p. 206.
٢٣  Ibid., pp. 8, 32, Er. Philo. II, p. 3.
٢٤  Ibid., pp. 12, 16, 148.
٢٥  كان كيركجارد يعتبر نفسه تلميذًا لسقراط، وكان برجسون يعتبره مثال المفكر. وسمى جابريل مارسل فلسفته «السقراطية الجديدة».
٢٦  Ex. Phéno., pp. 276–80.
٢٧  Erstr Philo., I, p. 322.
٢٨  Ideen I, p. 201.
٢٩  Log. For. Trans., pp. 243-5. طبقًا لهوسرل سادت النزعة التجريبية القرن الثامن عشر.
٣٠  Ibid., p. 230.
٣١  Ibid., p. 7.
٣٢  يعيب هوسرل على نظرية العلم عند بولزانو أنها ليست حدسًا للماهيات بالمعنى الأفلاطوني Ideen I, p. 57.
٣٣  وهذه حالة إبراز لوتز Lotze، نظرية المثل عند أفلاطون Ibid., p. 58. . وقد وقع تفسير لوتز في النزعة النفسية Rech. Log. II, p. 159, Er. Philo., I, p. 349.
٣٤  Er. Philo., II, p. 249, 329–5, p. 356–62.
٣٥  Rech. Log., I, p. 124.
٣٦  Er. Philo., I, p. 88.
٣٧  كان العقل أو الفكرة النموذج في القرن السابع عشر، واستُخدمت آلية الأساطير كنماذج للإنسانية في القرن الثامن عشر، وأُخذت النزعة الشكية القديمة كنموذج لعلم النفس التجريبي في القرن التاسع عشر. والسقراطية الآن نموذج فلسفة الظاهريات عند هوسرل في «اعرف نفسك بنفسك»، وفلسفة الوجود عند جابريل مارسل في «السقراطية الجديدة».
٣٨  Log. For. Trans., p. 300 Er. Philo., I, p. 42.
٣٩  Er. Philo., I, p. 12.
٤٠  Ibid., p. 327.
٤١  Ibid., II, p. 322.
٤٢  Ibid., pp. 68-9.
٤٣  Ibid., pp. 134, 322.
٤٤  Ibid., p. 167.
٤٥  Er. Philo., II, pp. 3, 20.
٤٦  لذلك فسر كانط خاصة ليبنتز على أنها عود إلى أفلاطون Er. Philo. I, p. 198-9.
٤٧  لذلك دخلت فلسفة أرسطو في «الفلسفة الأولى» Er. Philo., I, p. 74.
٤٨  Er. Philo. I, p. 127, 129.
٤٩  Phäno. Psycho. p. 3.
٥٠  Ibid., p. 256, 517.
٥١  Ibid., p. 507.
٥٢  Er. Philo, I, p. 37–3.
٥٣  Ibid., p. 16.
٥٤  Ibid., p. 341.
٥٥  Ideen I, p. 72–5.
٥٦  Rech. Log. II, p. 147.
٥٧  Ibid., p. 162. ذُكر اسم أفلاطون في نصٍّ للوك.
٥٨  Log. For. Trans., pp. 112-3.
٥٩  Er. Philo., I, p. 56.
٦٠  Ibid., II, p. 331.
٦١  فكرة العلم لأفلاطون أو بالأحرى لسقراط وأفلاطون Er. Philo., I, pp. 7-8, 296, 374.
٦٢  Ideen III, Nachwort, p. 139.
٦٣  La Philo. Se. Reg., p. 55.
٦٤  Ex. Phéno., pp. 281–4.
٦٥  هو عمل أرسطو Er. Philo., II, p. 3.
٦٦  Ibid., pp. 21–3.
٦٧  Rech. Log. I, p. 167.
٦٨  Log. For … Trans., pp. 69–71, 100, 106, III, p. 203, Er. Philo. I, pp. 24-5, 35, 42.
٦٩  Log. For. Trans., pp. 4348, Er. Philo. I, pp. 317, 328.
٧٠  Er. Philo., II, p. 30-1.
٧١  Ibid., p. 298-9.
٧٢  Rech. Log. I, p. 241.
٧٣  Ibid., p. 202, Rech. Log. II, p. 135.
٧٤  Rech. Log. p. 154, Er. Philo., I, p. 374.
٧٥  Rech. Log. I, p. 233.
٧٦  Ibid., p. 37.
٧٧  Ibid., pp. 39-40.
٧٨  Ibid., p. 237.
٧٩  Er. Philo., II, p. 325.
٨٠  Rech. Log. III, pp. 250–67.
٨١  Ibid., III, p. 205. ممكنة Contingent.
٨٢  Log. For. Trans. p. 128 الفرعي sub-ordoné، المستغرق Sous-ordoné.
٨٣  انظر فيما بعدُ الفصل الثاني: تكوين الظاهريات.
٨٤  Log. For. Trans. pp. 110-1.
٨٥  Ibid., pp. 396-7. تصور مناطقي Concept regional.
٨٦  Er. Philo., II, p. 183.
٨٧  Rech. Log. II, Rech III, pp. 76-7.
٨٨  Ibid., II, Rech. Vi, p. 107. المقولات المتزامنة Syncatégorèmes.
٨٩  Ibid., p. 138.
٩٠  Ibid., I, p. 9.
٩١  Er. Philo., II, pp. 3–7, ١٧. الأول في ذاته Premier en-soi.
٩٢  Ibid., p. 56.
٩٣  Ibid., p. 74.
٩٤  Ideen I, p. 52. لم يذكر أرسطو في «الأفكار» (١)، (٢)، (٣)، إلا في هذه المرة كصيغة، ومرة أخرى في إحالة هامشية إلى كتابه «في النفس» A. 3, De Anima بمناسبة النفس كسبب لحركة الجسد Ideen II, p. 167.
٩٥  Ex. Phéno., pp. 284–88.
٩٦  Er. Philo., II, p. 15.
٩٧  Log. For. Trans., p. 12.
٩٨  Er. Philo., II, p. 296.
٩٩  هذا هو معنى نص عام ١٩٢٢–١٩٢٣م حول فكرة حضارة فلسفية، وبذرتها الأولى في الفلسفة اليونانية Er. Philo., I, pp. 203–7.
١٠٠  أحيانًا يوضع سقراط وأفلاطون معًا كواضعين لنظرية العلم في العصر القديم Er. Philo., II, p. 325, Krisis, pp. 331, 341.
١٠١  كان إقليدس أفلاطونيًّا، تال لأودكس Eudoxe، وثياسطيطس Theastete، Er. Philo, I, p. 328. وتستعمل صفة «إقليدي» للدلالة على تصور معين للمكان ذي الثلاثة أبعاد Ideen I, pp. 59–129, Ideen III, p. 44, Rech. Log. I. pp. 9, 169.
١٠٢  Rech. Log. I, p. 274, Log. For. Trans., pp. 128-9.
١٠٣  Log. For. Trans., pp. 127–30.
١٠٤  Ibid., pp. 186–91.
١٠٥  Er. Philo., II, p. 37.
١٠٦  Ibid., p. 14.
١٠٧  Ibid., II, p. 337.
١٠٨  هذه هي المدرسة الأفلاطونية، Ideen I, p. 37. لم يُذكر اسم أفلاطون على الإطلاق في Ideen I, II, III. استعملت فقط صفات «أفلاطوني» ذات النزعة الأفلاطونية Platonisant (Ideen I, II) أو لقب «أفلاطونية» (Ideen I).
١٠٩  Log. For. Trans., p. 387.
١١٠  هذه فلسفة بارمنيدس Er. Philo., II, pp. 373, 316.
١١١  Er. Philo., II, pp. 256, 517.
١١٢  يُعتبر طاليس أول فلاسفة اليونان الذين شقوا هذا الطريق Er. Philo., I, p. 203, Krisis, p. 332.
١١٣  Er. Philo., I, pp. 33-4. منحنى جاوس La Courbe Gauss.
١١٤  الجدل الإيجابي جدل بارمنيدس، والجدل السلبي جدل جورجياس Er. Philo., I, p. 516.
١١٥  أكبر ممثلين للسوفسطائيين في العصر القديم هما جورجياس وبروتاجوراس Ibid., I, pp. 58-9.
١١٦  المعرفة επίδтεμη. الاعتقاد δόχα.
١١٧  Ibid., pp. 331, 342. الأنا وحدية Solipsisme.
١١٨  Ibid., p. 347.
١١٩  Er. Philo. II, p. 322. والقضية لجورجياس.
١٢٠  Ibid., p. 388.
١٢١  Ibid., p. 8.
١٢٢  Ibid., p. 33.
١٢٣  Ibid., pp. 52, 60.
١٢٤  Ibid., pp. 12, 31, 55. Er. Philo. II, pp. 320, 205, Krisis, p. 78. وقد أخذ جورجياس وبروتاجوراس كممثِّلين لمذهب الشك القديم.
١٢٥  Krisis., p. 322.
١٢٦  Idee der Phäno., p. 47. Méd. Car. p. 42.
١٢٧  Er. Philo., I, pp. 315-6.
١٢٨  Ibid., p. 316. ذاتي Noètique. موضوعي Noêmatique.
١٢٩  Krisis, p. 339.
١٣٠  Er. Philo., I, p. 314.
١٣١  يحال إلى أبيقور في العصر القديم، وإلى هيجل في العصر الحديث Rech. Log. I, p. 153.
١٣٢  Log. For. Trans., pp. 113-4.
١٣٣  Er. Philo., I, pp. 17-8.
١٣٤  Log. For. Trans., p. 3. ومن يسترعي الأنظار رؤية كيف قلب هيدجر الوضع، رفع شأن الفلاسفة قبل سقراط والحط من شأن أفلاطون.
١٣٥  Ex. Phéno., pp. 288–91.
١٣٦  وهم أفلوطين (٢٠٤–٢٧٠م)، القديس أوغسطين (٣٥٤–٤٣٠م)، القديس توما الأكويني (١٢٢٥–١٢٧٤م)، دنزسكوت (١٢٦٦–١٣٠٨م)، نيقولا الكوزي (١٤٠١–١٤٦٤م).
١٣٧  Toulemont: L’Essence de la société selon Husserl., p. 143.
١٣٨  Log. For. Trans., p. 111.
١٣٩  Rech. Log. I, p. 233.
١٤٠  وهي حالة إرجاع تصور الموضوع القصدي والحال عند برنتانز إلى الفلسفة المدرسية Er. Philo., p. 106. وذُكر القديس توما الأكويني مرتين مع أرسطو مع للإشارة إلى وحدة قصد الحضارة اليونانية والفلسفة في العصر الوسيط Krisis, pp. 134, 185.
١٤١  يحيل هوسرل إلى التاسوعات لأفلوطين، الخامس والسادس Enn. V, 4, 1, VI, 8.
١٤٢  اعتبر برجسون أفلوطين نموذجًا.
١٤٣  في Ideen I, II, III لم تذكر الفلسفات المدرسية. ومن أجل التعبير عن المغزى النهائي للظاهريات ذُكرت عبارة للقديس أوغسطين في «تأملات ديكارتية» Noli Foras ire, in te redi, interiore homine habitat veritas, méd. Car. p. 134.
١٤٤  ويرجع اكتشاف «الأنا الكوجيتو» إلى القديس أوغسطين Er. Philo., I, p. 61. الأنا أفكر Ego Cogito.
١٤٥  يرتبط هوسرل بالقديس توما الأكويني من خلال برنتانو. من الناحية الفلسفية القصدية أقرب إلى «القصد» Intentio عند القديس أوغسطين منه إلى «القصد» عند القديس توما الأكويني. عند الأول يظهر «القصد» في الزمان، في حين أنه عند الثاني يتعلق «القصد» بالعقل.
١٤٦  هذه نظرية دنز سكوت Duns Scot في كتابه «أنماط الدلالات» De Modis Significandi. ويحيل هوسرل إلى رسالة هيدجر «المقولات ونظرية الدلالة عند دنز سكوت» Die Kategorien und Bedeutungslehre Des Duns Scotus، كما يحيل إلى جرابمان: تطور منطق اللغة في العصر الوسيط، Grapmann: Die Entwicklung der Mittelalteriches sprachlogik، والذي أعيدت كتابته بعنوان «الحياة الروحية في العصر الوسيط: رسالة في تاريخ الفلسفة المدرسية والتصوف» Mittekalterliches Geistesleben, Abhandlung zur Geschichte der Scholastik und Mystik. كما يذكر «النحو التأملي» Grammatica Speculative لتوماس فون أرفورت Thomas von Erfurt، والذي يُعزى إلى دنز سكوت، وهو ما يكشف عن معرفة هوسرل الواسعة بالفلسفة المدرسية Log. For. Trans. p. 71.
١٤٧  هذه هي المعرفة عند نيقولا الكوزي Nicolas de Cuse طبقًا لنص له مذكور في كتاب مانكه Manke عن ليبنتز Er. Philo. I, pp. 329–30.
١٤٨  Er. Philo., I, pp. 291-2.
١٤٩  Krisis., p. 1.
١٥٠  Ibid., p. 3.
١٥١  Ex. Phéno., pp. 292–349.
١٥٢  ومن ثَم يتشابه ديكارت وهوسرل. مع ديكارت يبدأ الوعي الأوروبي، ومع هوسرل ينتهي.
١٥٣  توجد هذه العلاقة أيضًا عند ماكس شيلر في علاقته بكانط بالنسبة للنزعة الصورية في الأخلاق، وعند هيدجر بالنسبة إلى كانط أيضًا بالنسبة للأنطولوجيا الأساسية، وكان كيركجارد من الرواد الأوائل في مناقضته لهيجل، وأيضًا برجسون في علاقته بكانط فيما يتعلق بالأخلاق. ويمكن التحقق من هاتين اللحظتين في الوعي الأوروبي تقريبًا عند كل الفلاسفة المعاصرين في معارضتهم للفلاسفة السابقين منذ عصر النهضة حتى عصر التنوير.
١٥٤  Krisis, p. 65. تم تدشين العقلانية في العصور الحديثة من ليبنتز وفولف واسبينوزا.
١٥٥  Krisis., p. 424.
١٥٦  Ibid., pp. 18–20. في العصر القديم أفلاطون وإقليدس وأرسطو، وفي العصور الحديثة جاليليو وديكارت.
١٥٧  تحويل الطبيعة إلى رياضة بدأت في العصر القديم من قبل عند فيثاغورس Krisis., p. 36.
١٥٨  وهذا مما سمح لنيوتن بالدقة في العلم الطبيعي.
١٥٩  Krisis, p. 82، تحول الطبيعة إلى رياضة Mathematisation de la Nature.
١٦٠  Ibid., pp. 66–8.
١٦١  Ibid., pp. 279–93 Idéalisation de la Réalité,.
١٦٢  Ibid., p. 124.
١٦٣  تظهر هذه القصدية في كل مرة يتم فيها حصر الفلاسفة الأوروبيين دون أي اعتبار لحضارتهم الخاصة مثلًا: أرسطو، أفلاطون، ديكارت، كانط Krisis, p. 489.
١٦٤  Ibid., p. 72.
١٦٥  Ibid., pp. 12–4. وذلك بفضل ديكارت.
١٦٦  Ex. Phéno., pp. 294–305.
١٦٧  Méd, Car., pp. 20-1, Phäno. Psycho., p. 242.
١٦٨  Phano. Psycho., p. 329.
١٦٩  Krisis., p. 188.
١٧٠  Ibid., pp. 80–2. Mens sive animus sive intellectus.
١٧١  Ibid., pp. 83-4.
١٧٢  Méd. Car., pp. 21, 27-8.
١٧٣  Phäno. Psycho., pp. 309, 350-1.
١٧٤  Krisis., pp. 91-2, 100.
١٧٥  Ibid., p. 118.
١٧٦  Méd. Car., p. 26.
١٧٧  Log. For. Trans., p. 374.
١٧٨  Er. Philo. I, pp. 63–70.
١٧٩  Ibid., pp. 86-7. التأملات Cogitations.
١٨٠  Ibid., p. 105.
١٨١  Ibid., pp. 112, 116.
١٨٢  Ideen I, p. 153.
١٨٣  Idee der Phäno., p. 7.
١٨٤  Ibid., pp. 30–3.
١٨٥  Phäno. Psycho., pp. 266–8.
١٨٦  Er. Philo. II, pp. 264, 293.
١٨٧  Phäno. Psycho., p. 264. الأنا وحدية Solipsisine.
١٨٨  Ideen I, p. 97, Phano. Psycho., p. 330.
١٨٩  Ideen I, pp. 100-1.
١٩٠  Ideen II, p. 103.
١٩١  فيما يتعلق بوظيفة الشك في الإدراك الداخلي وبداهة الموضوع، انظر Rech.Log. II, Rech. V, p. 272, Rech. III, IV, p. 288, Méd. Car. pp. 205, 17-8. ويرى هوسرل أن ديكارت لم يدرك المعنى الصحيح لوضع العالم بين قوسين، وهو اكتشاف الذاتية الترنسندنتالية، ولم يعبر البوابة التي تؤدي إلى الفلسفة الترنسندنتالية Ibid., p. 21.
١٩٢  Idee der Phäno., p. 4. وتظهر أهمية ديكارت في «فكرة الظاهريات»، وهو أكثر الفلاسفة ذكرًا.
١٩٣  Med. Car., p. 22, Phäno. Psycho., p. 249. فإذا أخطأ ديكارت المعنى الحقيقي للوضع بين قوسين فإن الديكارتيين قد أهملوه تمامًا Ibid., p. 70.
١٩٤  Log. For. Trans.
١٩٥  Ideen I, pp. 100-1, Rech. Log. II,, Rech V, p. 270, III, IV, p. 289.
١٩٦  Log. For. Trans., p. 375.
١٩٧  Idee der Phäno., p. 49, Er. Philo., I, p. 131, II, pp. 83-4.
١٩٨  Méd. Car., p. 70.
١٩٩  Idee der Phäno., p. 8.
٢٠٠  Méd. Car., p. 10–2.
٢٠١  Ibid., p. 12–4.
٢٠٢  Ibid., pp. 14-5, Log. For. Trans., p. 336.
٢٠٣  Méd. Car., p. 26.
٢٠٤  Er. Philo., I, pp. 72-3, II, p. 260.
٢٠٥  في الواقع، إن تحليل التجربة الذاتية المشتركة مساهمة إيجابية للظاهريات في تحقيق مشروع العصور الحديثة التي دشنها ديكارت Méd. Car., p. 3.
٢٠٦  Log. For. Trans., pp. 371–2.
٢٠٧  Med. Car., p. 6-7, Phäno. Psycho., p. 248.
٢٠٨  Méd. Car., p. 58-9.
٢٠٩  Idee der Phäno., p. 71. الموضوعية الوضعية Objectivisme.
٢١٠  والأمثلة على ذلك الصدق الإلهي عند ديكارت، وكل ميتافيزيقا ليبنتز. وهذا الصدى لميتافيزيقا ليبنتز قد أراده هوسرل قصدًا Méd. Car., p. 126–8.
٢١١  Méd. Car., p. 7–10. ظاهرة تتعلق بمضمون الشعور Un Phénomène noêmatique.
٢١٢  Ibid., p. 33.
٢١٣  Phäno. Psycho., p. 256. الأشياء المفكر فيها Res cogitans.
٢١٤  Ibid., pp. 118-9, 381-2. الامتداد Res Extensa.
٢١٥  Ibid., p. 526. الحكمة الشاملة Sapientia Universalis.
٢١٦  Méd. Car., p. 3, 61.
٢١٧  تحقق هذا العمل المنهجي في القرن السابع عشر بفضل كبلر Kepler، جاليليو Galilée، وديكارت Phäno. Psycho., p. 3.
٢١٨  ديكارت هو المسئول عن هذا الفصل الجذري بين النفس والبدن Rech. Log. III, Rech. IV, p. 270.
٢١٩  Méd. Car., p. 21. يُعتبر ديكارت أبا الواقعية الترنسندنتالية. جوهر مفكر Substantia Cogitans. عقل بلا نفس Mens sive animus.
٢٢٠  Ibid., p. 3-4, Er. Philo., I, p. 278, II, p. 445, Phäno. Psycho., pp. Phäno. Psycho., p. 330, Krisis., p. 61, 80-1.
٢٢١  Krisis., p. 218, 224, 232, 274, 341.
٢٢٢  Ideen I, p. 29.
٢٢٣  Krisis., p. 59.
٢٢٤  Ibid., p. 70–4.
٢٢٥  أنجب ديكارت مالبرانش واسبينوزا وتلميذه فولف ومدرسته حتى تحول كانط إلى العقلانية، وهوبز ولوك وبركلي وهيوم إلى التجريبية Krisis., p. 85-6.
٢٢٦  المقصود هنا هوبز ولوك Krisis, p. 63. الموضوعية Objectivisme.
٢٢٧  الأول هو جاليليو (١٥٦٤–١٦٤٢م)، والثاني نيوتن (١٦٣٤–١٧٢٧م). ولم يُذكر الاسمان في مجموعة «الأفكار» Ideen، بل ذُكرا فقط في الأعمال الحضارية.
٢٢٨  من الصعب إعطاء اسم للفلسفة التي دشَّنها ديكارت مثل الأسماء التي أعطيت لفلسفة كانط، الفلسفة النقدية، المثالية الترنسندنتالية. أحيانًا تُسمى الذاتية أو الكوجيتو.
٢٢٩  ومن الدال بمكان أن أحد أعمال هوسرل هو إعادة فهم الظاهريات ابتداءً من كوجيتو ديكارت Méd. Car. Ideen III, Nachwert, p. 141.
٢٣٠  Ideen I, p. 91La Philo Sc. Rig., p. 55.
٢٣١  الظاهريات هي نقطة التقاء لتيارات عديدة في الفلسفة الأوروبية: الكوجيتو الديكارتي، المثالية الفرنسية، الذات الترنسندنتالية، المثالية الألمانية، والتجربة الواقعية للتجريبية الأنجلوسكسونية Méd. Car. p. 1.
٢٣٢  إذا أدان هوسرل نظرية الصدق الإلهي كضامن لموضوعية العلم، فالأولى إدانة فلسفة كبار الديكارتيين اسبينوزا وليبنتز ومالبرانش لنفس السبب Méd. Car. p. 70. والصدق الإلهي من بين أخطاء ديكارت وأتباعه المغرية Ibid., p. 5.
٢٣٣  Méd. Car. p. 3–5.
٢٣٤  Krisis., p. 157-8.
٢٣٥  Ibid., p. 193.
٢٣٦  Ibid., pp. 84-5, 236.
٢٣٧  Krisis, p. 6, 12–3.
٢٣٨  Ideen I, p. 157. انظر الفرق بين التخيل والتعقل عند ديكارت، Rech. Log. II, Rech I, p. 76.
٢٣٩  اكتشف ديكارت الذاتية، واكتشف كانط الفلسفة الترنسندنتالية، واكتشفت التجريبية الأنجلوسكسونية التجربة.
٢٤٠  Ideen I, p. 203, Phano. Psycho., pp. 287-8, 34–45, p. 517.
٢٤١  Ibid., p. 18.
٢٤٢  Ibid., pp. 59, 62, 75. وقد فتح جاليليو من قبلُ هذا الطريق Rech. Log.I, p. 278. وهذه هي المرة الوحيدة التي يذكر فيها اسم ديكارت مع ليبنتز لتأسيس علم معياري للطبيعة التجريبية Krisis, p. 202. بدأ ديكارت الفلسفة في العصور الحديثة مثل طاليس في الفلسفة القديمة Ibid., p. 392.
٢٤٣  أخذت الفلسفة دوافعها من ديكار، وبفضل دراسة «التأملات» وُلدت الظاهريات وأصبحت فلسفة ترنسندنتالية؛ لذلك توصف الظاهريات بأنها ديكارتية جديدة Med. Car. p. 1.
٢٤٤  هذه العودة هي أيضًا عودة إلى الحكمة القديمة Er. Philo., I, p. 8, II, pp. 28, 79, 326.
٢٤٥  Méd. Car., pp. 6-7, 130-1.
٢٤٦  Log. For. Trans., p. 5. ويذكر هوسرل كشهادة «مقال في المنهج» وكذلك «التأملات».
٢٤٧  Ibid., p. 7.
٢٤٨  Ibid., p. 11, Er. Philo., I, pp. 4, 21, 275, 302, 305, 328.
٢٤٩  Méd. Car., p. 25, 29-30. الأنا-الكوجيتو Ego-Cogito.
٢٥٠  Log. For. Trans., pp. 305–7.
٢٥١  Ex. Phéno., pp. 305–9.
٢٥٢  هذا هو سبب اسبينوزا (١٦٣٢–١٦٧٧م)، وليبنتز (١٦٤٦–١٧١٦م)، ومالبرانش (١٦٣٨–١٧١٥م).
٢٥٣  وينطبق ذلك على ليبنتز أكثر مما ينطبق على اسبينوزا ومالبرانش.
٢٥٤  يمثل الأول اسبينوزا، والثاني هوبز ولوك Phäno. Psycho., p. 3. وبعد ذلك مثل الأول كانط، والثاني هيوم Ibid., p. 301.
٢٥٥  هذا هو اسبينوزا Er. Philo., II, p. 234.
٢٥٦  Ibid., I, pp. 188-9.
٢٥٧  Ibid., p. 193, Phano. Psycho., p. 139.
٢٥٨  نظرية الانفعالات، النظرية الوجدانية La Théoire Affective.
٢٥٩  في نظرية الانفعالات عند اسبينوزا أو هوبز تُذكر فقط البواعث الحالة Ideen II, pp. 2520–2. ومن الملاحظ أن الديكارتيين مثل ليبنتز واسبينوزا لم يُذكرا في Ideen I.
٢٦٠  الجوهر كوحدة عقلية عند ديكارت واسبينوزا Ideen III, p. 4.
٢٦١  المشار إليه Toδe Ti.
٢٦٢  وهذه هي حصيلة فلسفة ديكارت وليبنتز ضد النزعة النفسانية Rech. Log. I, p. 278.
٢٦٣  Er. Philo., I, pp. 29–405.
٢٦٤  قام بهذا الإصلاح ليبنتز Rech. Log. I, p. 40.
٢٦٥  وينتمي منطق العلاقات Ars Combinoria والأنواع العامة Speciosa Generalis، ونظرية الأشكال المجردة Doctrina de formis abstracta. أيضًا إلى «الرياضيات الشاملة» الحجاج الصوري Arguments en forme.
٢٦٦  Ibid., pp. 238–41. يذكر هوسرل من أعمال ليبنتز «المحاولات الجديدة»، Les Nouveaux Essais, Opp. Philo. Ed. Erdmann، وأيضًا Math. Schriften, Ed. Peretz. وقد استأنف بولزانو عمل ليبنتز دون الاستفادة من كل ثرائه.
٢٦٧  Log. For. Trans., p. 24.
٢٦٨  هذه الدائرة مستقلة عند ليبنتز Ideen III, p. 57.
٢٦٩  Log. For. Trans., p. 70.
٢٧٠  Ibid., pp. 102–5.
٢٧١  Ibid., III, 126.
٢٧٢  Ibid., p. 345.
٢٧٣  فن الاختراع Ars Inventive. فكرة ليبنتز Rech. Log. I, p. 32.
٢٧٤  Ibid., p. 241.
٢٧٥  الصورة مستعارة من ليبنتز Ideen II, p. 108. ويغيب ليبنتز كلية وكذلك اسبينوزا في Ideen I. التطور الخارجي Evolution. النضج الداخلي Involution.
٢٧٦  Méd. Car., pp. 119-20. موناد أو جوهر فرد Monade. إمكانية مشتركة Compossible. إمكانية مستحيلة Uncompossible.
٢٧٧  لفظ «موناد» مستعار من ليبنتز Med. Car., p. 57.
٢٧٨  ومن ثَم أعيد تفسير «مونادولوجيا» ليبنتز من خلال كوجيتو ديكارت Er. Philo., I, p. 75.
٢٧٩  Ibid., p. 196.
٢٨٠  Ibid., p. 226.
٢٨١  Ibid., p. 379.
٢٨٢  الأولى «مونادولوجيا» ليبنتز، والثانية لبركلي Er. Philo., I, p. 154-5.
٢٨٣  Krisis, p. 56.
٢٨٤  التمييز من ليبنتز Rech. Log. I, pp. 146-7. وهو تمييز موجه ضد سيجوارت Sigwart، ثم ضد هيوم Ibid., pp. 203-4.
٢٨٥  يمثل ليبنتز الأولى، ولوك الثانية Er. Philo., I, p. 178.
٢٨٦  هذه الأفكار لليبنتز Ibid., p. 196.
٢٨٧  الإشارة إلى مالبرانش واسبينوزا وليبنتز ومدرسة فولف أيضًا على نفس الخط Krisis, p. 85.
٢٨٨  Er. Philo., I, pp. 188-9.
٢٨٩  Ex. Phéno., pp. 310–22.
٢٩٠  الموضوعية Objectivisme. النزعة الطبيعية Naturalisme.
٢٩١  يمثل هذا الخط النزعة التجريبية الإنجليزية من لوك حتى مل Ideen III Nachwort, p. 155. ومن الناحية الزمانية تم تحليل التجريبية الإنجليزية ابتداءً من هوبز (١٥٨٨–١٦٧٩م)، حتى هيوم (١٧١١–١٧٧٦م)، مرورًا بلوك (١٦٣٢–١٧٠٤م) وبركلي (١٦٨٥–١٧٥٣م). وقد بدأ بيكون (١٥٦١–١٦٢٦م) هذا التوجه، وكان نموذجه نيوتن (١٦٤٣–١٧٢٧م)، وحوَّله مل (١٨٠٦–١٨٧٣م) في العصر الحاضر كمنطق، وحوَّله فوند (١٨٣٢–١٩٢٠م) إلى علم نفس. كما يذكر أوجست كونت (١٧٩٨–١٨٥٧م) ممثلًا للوضعية الفرنسية.
٢٩٢  هذه هي حالة نيوتن Rech. Log. I, pp. 68, 77-8, 138, 235.
٢٩٣  تحويل الطبيعة إلى رياضة من عمل جاليليو، في حين أن تحولها إلى نظرية في الذاتية هو عمل هوبز Krisis, p. 54. وفي موضوع ظهور هذين الخطين الصاعد (اسبينوزا) والنازل (هوبز-لوك) في علم النفس (انظر Phäno. Psycho., p. 3, 52, 309, 350).
٢٩٤  Krisis, p. 42–5. والمقصود هنا هو فيت Viète (1540–1603).
٢٩٥  يُعتبر هوبز أول تجريبي Ibid., p. 54. تفريغ المعنى Vidage de sens, Sinnentleerung.
٢٩٦  Ibid., p. 54.
٢٩٧  هذا التطور من هوبز حتى فوند مرورًا بلوك وبركلي وهيوم Krisis, pp. 23-35. الخيال Fiction. النظرة المزدوجة Deux Points de visage Gesichtpunkt.
٢٩٨  وهذا ما حدث عند بركلي وهيوم.
٢٩٩  والأمر يتعلق بهوبز Krisis, pp. 85-6.
٣٠٠  الأولى عند هوبز، والثانية عند لوك، والثالثة عند بركلي، والرابعة عند هيوم.
٣٠١  هذا هو موقف هوبز Krisis, pp. 63-4.
٣٠٢  Er. Philo., I, p. 88.
٣٠٣  Ibid., pp. 94, 301.
٣٠٤  Ibid., p. 127. إدراك Percéption. انطباع حسي Sensation.
٣٠٥  Ibid., p. 151.
٣٠٦  لذلك وضع هوبز واسبينوزا على نفس المستوى Ideen I, p. 222.
٣٠٧  والإشارة بالنسبة للتفكير إلى لوك Ibid., p. 39.
٣٠٨  وهو موقف لوك Krisis, pp. 64, 91. تخطيط Esquisse.
٣٠٩  هذا هو موقف لوك Krisis, pp. 64, 91. صفحة بيضاء White Paper, Tabula Rasa.
٣١٠  Ibid., p. 355.
٣١١  Er. Philo., I, pp. 75-6, 87-93. علم النفس التكويني (النشوئي) La Psychologie génétique.
٣١٢  المادة الحسية Aistheta xoina. الفكرة الحسية Aistheta Idia.
٣١٣  لوك هو الذي ابتدأ هذا النوع من علم النفس Krisis, pp. 27-8. ملاحظة هامشية Er. Philo., I, pp. 93–111.
٣١٤  Er. Philo., II, p. 141. السلبية Réceptivité. الشعور السلبي La Conseience réceptive.
٣١٥  Krisis, p. 27، والإشارة هنا إلى لوك.
٣١٦  Er. Philo., II, pp. 93–101.
٣١٧  هذه هي العلاقة بين لوك ونيوتن Krisis, p. 119.
٣١٨  كان لوك صديقًا شخصيًّا لنيوتن وبويل Ibid., p. 447. علم النفس الخيالي La Psychologie-Fiction.
٣١٩  الفصل الثاني من المبحث الثاني من «بحوث منطقية» موجَّه كليةً ضد لوك Rech. Log. II, Rech. II, pp. 147–64. الأقنوم L’hypostase.
٣٢٠  Ibid., Rech. III, pp. 270-1.
٣٢١  La Philo. Se. Rig., p. 76.
٣٢٢  هذه هي حالة لوك Krisis, p. 88.
٣٢٣  Log. For. Trans., pp. 21, 284–9, 368. وقد وجدت النزعة الحسية عند لوك صورتها الكاملة عند هيوم ومل.
٣٢٤  Ibid., p. 306.
٣٢٥  يتعلق الأمر هنا بلوك Krisis, pp. 86–8.
٣٢٦  Er. Philo. I, p. 85, Phäno. Psycho., p. 30.
٣٢٧  يتعلق الأمر هنا بلوك بالنسبة لديكارت Krisis, pp. 86-7.
٣٢٨  ملاحظة هامشية Ibid., p. 118، Phäno. Psycho., p. 3. الأفكار Cogitations. النشأة أو التكوين La Génèse. العواطف Les Affections. الأفكار من حيث هي أفكار Cogitata qua Cogitata.
٣٢٩  «لا أدري ما هو» Je ne sais quoi.
٣٣٠  يتعلق الأمر هنا بلوك بالنسبة لديكارت Krisis, p. 448.
٣٣١  Er. Philo., pp. 75-6.
٣٣٢  هذا هو علم النفس عند لوك في علاقته بكانط Krisis, pp. 120, 205.
٣٣٣  Ibid., pp. 211, 235.
٣٣٤  Ibid., p. 265.
٣٣٥  Er. Philo. I, pp. 70–7. ظلت أفلاطونية كمبردج أيضًا في علم النفس اللاهوتي Ibid., p. 86.
٣٣٦  الاعتراض لبركلي Ideen I, pp. 128-9.
٣٣٧  يتعلق الأمر هنا ببركلي ولوك معًا Krisis, p. 89.
٣٣٨  Er. Philo. I, pp. 113–5.
٣٣٩  Ibid., p. 134.
٣٤٠  وُضعت مثالية هيوم ومثالية بركلي على نفس المستوى Krisis, pp. 91–3, 99, 194, 198, 272.
٣٤١  Ibid., pp. 202, 212.
٣٤٢  Ibid., p. 234, Er. Philo. I, pp. 157-8, 173–5, 181.
٣٤٣  يتعلق الأمر دائمًا بمثالية بركلي Ideen I, p. 184, ER. Philo, II, p. 215.
٣٤٤  Krisis, p. 92. صحيح شرعي Valide.
٣٤٥  Ideen I, p. 342, 183–6. خداع حواس Illusion. عطاء المعنى Donnation du sens.
٣٤٦  كل الفصل الخامس من المبحث الثاني موجَّه ضد نظرية بركلي هذه Rech. Log. II, Rech. II, pp. 209–16.
٣٤٧  Rech. Log. II, Rech. III, pp. 17–1 موجَّه ضد لوك وبركلي معًا.
٣٤٨  توحيد هذه المونادولوجيا في «حوار بين هيلاس وفيلونوس» Er. Philo. I, pp. 152–7. كان للمونادولوجيا عند ليبنتز سمات علم الطبيعة والرياضة واللاهوت والدين في نفس الوقت.
٣٤٩  Er. Philo. I, pp. 141, 150–2.
٣٥٠  يتعلق الأمر بسوء فهم بركلي وهيوم Krisis, pp. 68-9.
٣٥١  Phäno. Psycho., pp. 287, 328.
٣٥٢  يتعلق الأمر هنا ببركلي خاصةً هيوم Krisis, pp. 88–91.
٣٥٣  Ibid., pp. 91–3.
٣٥٤  المقال هو كتاب هيوم الشهير «مقال في الفهم الإنساني».
٣٥٥  Krisis, pp. 88–93, 199, 235, 265, Er. Philo. I, pp. 102, 135.
٣٥٦  Idee der Phäno., p. 20.
٣٥٧  Er. Philo. II, pp. 472–78. ولم يذكر إلا هيوم وأرسطو.
٣٥٨  نظرية التجريد لهيوم استعادها بركلي، وهي موضوع كل الفصل الخاص في المبحث الثاني Rech. Log. II, Rech. II, pp. 220–51.
٣٥٩  الأفكار العامة عند لوك، والتمثل التمثيلي Répresentation répresentative عند بركلي، والتجريد عند هيوم.
٣٦٠  La Philo. Sc. Rig., pp. 90–2, Log. For. Trans., p. 229.
٣٦١  Méd. Car. p. 68, Rech. Log. I, pp. 92-3.
٣٦٢  Rech. Log. I, pp. 203, 211. تناقض Paradoxe.
٣٦٣  هذا يتعلق ببركلي وهيوم Krisis, pp. 68-9. خلف في المعنى Contre sens.
٣٦٤  Er. Philo. I, pp. 143–6, II, p. 21. خيالات Fictions.
٣٦٥  Rech. Log. I, pp. 92-3, 203, 211.
٣٦٦  هذه هي تجريبية هيوم Ideen I, p. 6.
٣٦٧  Krisis, Bl. XIV, pp. 449–50.
٣٦٨  Log. For. Trans., pp. 342–53.
٣٦٩  استعمل هيوم هذا المنهج التجريبي مستمِدًّا براهينه من بيكون ولوك Er. Philo. I, pp. 166-7.
٣٧٠  يُوجد هذا الاهتمام النظري عند هيوم، والاهتمام السياسي عند هوبز، والاهتمام الديني عند بركلي Krisis, Bl. XIV, p. 447. «المقال» للوك، Treatise.
٣٧١  Er. Philo. I, p. 155–7.
٣٧٢  لذلك ذكر هيوم وكانط معًا Krisis., p. 9.
٣٧٣  هذا هو طريق هيوم Idee der Phäno., p. 38.
٣٧٤  Log. For. Trans., p. 230.
٣٧٥  هذه إشارة إلى لوك Ideen I, p. 203.
٣٧٦  وبهذا المعنى يُعتبر هيوم وبركلي مثاليين كبيرين للذاتية الترنسندنتالية Ideen III, p. 154.
٣٧٧  Ideen III, p. 156, Phäno. Psycho., pp. 328, 350–5.
٣٧٨  Phäno. Psycho., pp. 246–9, 286-7.
٣٧٩  Ibid., p. 264. وكان إصلاح علم النفس موجهًا أساسًا إلى علم النفس التجريبي Ibid., p. 310.
٣٨٠  هذا هو موقف هيوم Rech. Log. II, Rech. II, p. 110.
٣٨١  La Philo. Sc. Rig., p. 59.
٣٨٢  هذه إشارة إلى العلاقة بين هيوم وكانط Krisis, pp. 96–100, 272–4.
٣٨٣  Ibid., p. 102, 117, 150.
٣٨٤  Ibid., pp. 194–8, 202, 211-2.
٣٨٥  Ex. Phéno., pp. 322–32.
٣٨٦  يمثل فولف القطعية.
٣٨٧  المقصود كانط Krisis, pp. 93–100.
٣٨٨  هذا وضع منطق بين Rech. Log. I, p. 34 Bain.
٣٨٩  هذا وضع منطق لانجه Ibid., p. 101 Lange.
٣٩٠  المقصود هنا كانط في مواجهة هيوم كما كان ليبنتز في مواجهة لوك، وهوبز رد فعل على جاليليو Krisis, p. 56.
٣٩١  Log. For. Trans., p. 21.
٣٩٢  Krisis, p. 56.
٣٩٣  Ibid., p. 83.
٣٩٤  Ibid., p. 100–4.
٣٩٥  La Philo. Sc. Rig., p. 55.
٣٩٦  Ibid., p. 57.
٣٩٧  Rech. Log. II, Rech. V, p. 159 الوعي La Conscience.
٣٩٨  Krisis, p. 9.
٣٩٩  Ibid., pp. 105–13.
٤٠٠  La Philo. Sc. Rig., p. 58-9. ومن هذه الزاوية يتشابه كانط وهيوم.
٤٠١  Krisis, pp. 114–6.
٤٠٢  علم النفس القديم عند لوك معتبرا إياه علم الطبيعة كما هو الحال عند نيوتن، ثم أصبح علم النفس هذا وظيفيا فيما بعد عند هيوم Ibid., pp. 119-20.
٤٠٣  Log. For. Trans., pp. 341–5.
٤٠٤  المقصود هنا النزعة الحسية عند لوك.
٤٠٥  صورة السطحي والعميق مستعارة من هلمولتز Helmodz.
٤٠٦  Krisis, pp. 120–3.
٤٠٧  Log. For. Trans., pp. 352–4.
٤٠٨  Rech. Log. I, pp. 31–3. يحيل هوسرل إلى «نقد العقل الخالص» لكانط، واعتُبر كانط أول مؤسس للمنطق الخالص Ibid., p. 38. كما يحيل هوسرل إلى «محاضرات في المنطق».
٤٠٩  Ibid., pp. 232-3.
٤١٠  Rech. Log. I, pp. 233, 237.
٤١١  Ibid., p. 257.
٤١٢  Ideen I, pp. 67–70, 82–4.
٤١٣  Ibid., pp. 202–4.
٤١٤  Krisis, pp. 116–8.
٤١٥  Ibid., p. 120. المنهج التراجعي La Méthode régressive.
٤١٦  Rech. Log. I, p. 6.
٤١٧  المقصود هنا الخلاف بين ديكارت وكانط Krisis, p. 83.
٤١٨  العقلانية عند مالبرانش واسبينوزا وليبنتز وفولف Krisis, p. 85.
٤١٩  Ideen II, p. 132.
٤٢٠  Rech. Log. I, p. 201, II, Rech. III, p. 28.
٤٢١  Ibid., I, p. 47. تشابه Analogie. هوية Identité.
٤٢٢  يحيل هوسرل إلى كتاب كانط «أسس ميتافيزيقا الأخلاق» مستشهدًا بنص منه. حملي Prédicative. مركب Synthèse. اعتقاد doxa. وجداني Affective. إرادي Volitive.
٤٢٣  Krisis, pp. 101–4.
٤٢٤  Méd. Car., p. 125. مادية Noêmatique. التكويني Constitutive.
٤٢٥  Log. For. Trans., p. 386.
٤٢٦  Ideen I, pp. 121–4.
٤٢٧  Ibid., II, p. 20. ملاحظة هامش، مستوى Couche.
٤٢٨  Idee der Phäno, p. 48.
٤٢٩  Ideen I, p. 204.
٤٣٠  Ibid., III, pp. 25, 30. تراجعي Régressive.
٤٣١  Ibid., p. 101. المادي Noêmatique.
٤٣٢  Ideen I, p. 57.
٤٣٣  Log. For. Trans., p. 118.
٤٣٤  هذا هو تطور المنطق في الحضارة اليونانية: الجدل الأفلاطوني، والتحليل الأرسطي، والهندسة الإقليدية Log. For. Trans., pp. 12.
٤٣٥  Ibid., pp. 345–8.
٤٣٦  تتضمن الفلسفة النقدية كانط والفلاسفة بعد كانط Ibid., p. 354.
٤٣٧  Ideen I, pp. 55–7.
٤٣٨  Ibid., pp. 57–9.
٤٣٩  Rech. Log, III, p. 169.
٤٤٠  Ibid., II, Rech. V, p. 230.
٤٤١  Ideen II, p. 207. فكرة محددة Concept-limite.
٤٤٢  Méd. Lan., p. 72.
٤٤٣  Ideen I, p. 237. يحيل هوسرل إلى «نقد العقل الخالص» خاصة إلى الحجة الخامسة في الزمان. تحويل الواقع إلى مثال Idéation.
٤٤٤  Ibid., pp. 281–1, 501–3.
٤٤٥  Ibid., pp. 479-80.
٤٤٦  Rech. Log. II, Rech. IV, p. 136.
٤٤٧  La Philo. Sc. Rig. P. 103.
٤٤٨  Ideen I, p. 190, Ibid., II, p. 108.
٤٤٩  Ibid, III, Nachwort, p. 159.
٤٥٠  Rech. Log. I, p. 5.
٤٥١  La philo. Sc. Rig., p. 52.
٤٥٢  Log. For. Trans., p. 334.
٤٥٣  Ideen I, pp. 67–72.
٤٥٤  Ex. Phéno., pp. 332–41.
٤٥٥  المقصود هنا الفلسفة ما بعد كانط: فشته (١٧١٢–١٨١٤م)، هيجل (١٧٧٠–١٨٣١م)، شلنج (١٧٧٥–١٨٥٤م)، شوبهور (١٧٨٨–١٨٦٠م).
٤٥٦  هذه حالة جوته Goethe وجدله العنيف ضد نيوتن Er. Philo. I, p. 407.
٤٥٧  تحوَّلت الإنسانية القديمة إلى نقد للعقل عند كانط، ومثالية نفسية عند بركلي وهيوم. ديكارت هو مؤسس الفلسفة الحديثة Krisis., pp. 269–76.
٤٥٨  يمثل كانط وفشته فلسفة نقد الفعل La Philo. Sc. Rig., p. 55.
٤٥٩  Er. Philo. II, p. 326.
٤٦٠  المقصود هنا «نظرية العلم» عند فشته، ومقدمة «ظاهريات الروح» لهيجل Krisis., pp. 204–6.
٤٦١  كان جهد فشته وشلنج في نظرية العلوم، في حين كان جهد هيجل منصبًّا حول المنهج الجدلي. وتذكر عدة فلسفات مرتبطة بهذه الفلسفة أو تلك مثل هامان Hamann (1730–1788)، جاكوبي Jakobi (1773–1819)، فريس Fries (1773–1843)، شتفنس Steffens (1773–1845)، فشته I. H. Fichte (1796–1814)، فيسه Weisse (1801–1866)، ميشيليه Michelet (1801–1893)، ترندلنبرج Trendelenburg (1802–1872)، شتال Stahl (1802–1861)، هارتمان، E. V. Hartmann (1842–1906).
٤٦٢  المقصود هنا هامان، Er. Philo. I, p. 408.
٤٦٣  وهذه هي آراء فريس، Ibid., p. 410.
٤٦٤  وهذه هي حالة جاكوبي، Ibid., p. 408.
٤٦٥  والمقصود هنا هو فشته، وميمون Maimon، وريهنولد Rinhold Er. Philo., p. 376.
٤٦٦  Ibid., I, pp. 409-10.
٤٦٧  Er. Philo. I, p. 412.
٤٦٨  Ibid., pp. 411-2. الواقعة Factum.
٤٦٩  لا يستعمل هوسرل تعبير «المثالية المطلقة» ليدل على فلسفة هيجل Krisis, p. 201, Er. Philo. I, p. 182.
٤٧٠  يحيل هوسرل إلى «الإنسكلوبيديا» Er. Philo. I, p. 310.
٤٧١  يسير هذا الخط من ديكارت واسبينوزا وليبنتز حتى كانط وهيجل Ibid., p. 182.
٤٧٢  Ibid., p. 312.
٤٧٣  المقصود هنا هيجل، ووضع كانط وأرسطو وتوما الأكويني في نفس الباعث Krisis, p. 134.
٤٧٤  الأول عند بركلي، والثاني عند هيوم Krisis, pp. 194, 196.
٤٧٥  المقصود هنا فلسفة هيجل La Philo. Sc. Rig., p. 56.
٤٧٦  دُرست المثالية المطلقة عند هيجل في «بحوث منطقية» من خلال ترندلنبرج Trendelenburg الذي تبنى المنهج الجدلي Er. Philo. I, pp. 409-10.
٤٧٧  Ibid., p. 410.
٤٧٨  المقصود هنا هيجل وأبيقور Rech. Log. I, p. 153.
٤٧٩  المقصود هنا ترندلنبرج Trendelenburg في كتابه «بحوث منطقية» Er. Philo. I, p. 409.
٤٨٠  هو نص اختاره ميشيليه Michelet من مقدمة «فلسفة الطبيعة» Nature Philosophie (1941) لهيجل، Ibid., p. 410.
٤٨١  Rech. Log. I, p. 2. العلم الشامل Scientia Generalis.
٤٨٢  Ibid., p. 240. وهو نقد موجَّه إلى ليبنتز. الحساب العقلي Calculus Ratiocinator.
٤٨٣  وهو رأي فايس Weisse في كتابه «الميتافيزيقا» Metaphysik، وفشته I. H. Fichte في كتابه «أنطولوجيا» Ontologie.
٤٨٤  وهذا هو رأي بولزانو Bolzano المعاصر لهيجل وتحت أثره Rech. Log. I. p. 244.
٤٨٥  Er. Philo. I, p. 410.
٤٨٦  Ibid., p. 411.
٤٨٧  ضرب المثل بقطعة المغناطيس لتوضيح الفرق Ibid., p. 410.
٤٨٨  فلسفة الهوية عند شلنج Schelling.
٤٨٩  Er. Philo. I, p. 409.
٤٩٠  Ibid., p. 409–11.
٤٩١  Ibid., p. 310.
٤٩٢  هذا هو تأويل إدوارد فون هارتمان E. V. Hartmann لفلسفة شلنج Ibid., pp. 408-9.
٤٩٣  Ibid., p. 412. «تحت نوع الخلود» Sub Speci Aetrenitatis.
٤٩٤  وهذه فكرة شتفنس Steffens. Ibid., p. 411.
٤٩٥  Ibid., p. 411.
٤٩٦  انظر الباب الأول، الفصل الأول، ثالثًا: الظاهريات السكونية والظاهريات الحركية.
٤٩٧  هذه هي مثالية شوبنهور Schopenhauer. Rech. Log. I, p. 48.
٤٩٨  المعنى الأول هو المعطى الحي العياني للحدس، والثاني هو موضوع الحدس Ibid., III, Revh. VI, pp. 281-2.
٤٩٩  Ex. Phéno., pp. 341–48. النقطة الأخيرة Point final.
٥٠٠  هذه الحركة للاسترجاع سمةٌ عامة لكل تجليات الحضارة، يسترجع كيركجارد عمل لوثر، ويسترجع أينشتين عمل نيوتن، كما يسترجع هوسرل عمل ديكارت. المثالي العياني L’Idéal concret.
٥٠١  هذا هو عنوان الجزء الثاني من «أزمة العلوم الأوروبية».
٥٠٢  هذه هي دلالة «تأملات ديكارتية»، يبدأ ديكارت ويعيد هوسرل البداية ثم ينهي.
٥٠٣  وقد وجد ديكارت نفسه من قبل في مواجهة معضلة الفلسفة المدرسية والصلة بين الظاهريات وعلم النفس، موضوع الجزء الثالث في «الأزمة».
٥٠٤  المقصود هنا علم النفس الوصفي عند برنتانو F. Brentano. وتنتمي «بحوث منطقية» إلى هذه المدرسة، وهو ما رفضه برنتانو Krisis, pp. 235–7.
٥٠٥  كتب «الأفكار» Ideen بل أيضًا «بحوث منطقية» أساسًا ضد هذا الادعاء، التجريد النفسي، نظرية هيوم Krisis, pp. 244–7.
٥٠٦  المقصود هنا علم النفس عند دلتاي Dilthey، وبرنتانو F. Brentano. Ibid., pp. 247–60.
٥٠٧  المقصود هنا دائمًا علم النفس عند لوك وهيوم Ibid., pp. 261–9.
٥٠٨  الذاتية الترنسندنتالية هي خط ديكارت وكانط وهيجل والفلاسفة بعد كانط (المثالية الألمانية)، والتجريبية هي خط هيوم وبركلي وجون ستيوارت مل وشوب Schupp (التجريبية الإنجليزية) Ibid., pp. 194–201.
٥٠٩  المقصود هنا علم النفس عند هوبز ولوك وبركلي وهيوم Ibid., pp. 207–12.
٥١٠  الثنائية ميراث فلسفة ديكارت فيما يتعلق بالموازاة بين البدن والطبيعية Ibid., pp. 215–7. التيار الحي للشعور Einströmung.
٥١١  الاتجاه الأول مرتبط بديكارت Krisis, pp. 217–9.
٥١٢  وقد قام بهذا الإصلاح لعلم النفس فيما بعدُ برنتانو ودلتاي. Ibid., p. 226. انظر قبل ذلك الباب الأول، الفصل الثاني: الظاهريات النظرية والظاهريات التطبيقية، (٢) البيئة الثقافية.
٥١٣  Ibid., pp. 227–9. مزيف Factice.
٥١٤  نظرية الجوهرين عند ديكارت تعتبر تجريدًا جزئيًّا Ergönzend.
٥١٥  المقصود هنا تطور التجريبية عند هوبز حتى فوند Wundt مرورًا بلوك وبركلي، الخط المقابل للعقلانية عند ديكارت.
٥١٦  Krisis, pp. 233–5.
٥١٧  Ibid., pp. 294–313.
٥١٨  المقصود هنا أينشتين Ibid., p. 343.
٥١٩  Ibid., p. 123–6.
٥٢٠  يعطي هوسرل نموذج فائدة التجربة من ميكلسنز Miehelesons إلى أينشتين، ولكن لا يعطي الأساس النفسي أو النفسي الفيزيقي أي فائدة لنظرية أينشتين Ibid., pp. 128-9.
٥٢١  أخذ الشيء في ذاته عند بولزانو على أنه نموذج لهذا التكوين المنطقي النظري Ibid., pp. 132–4.
٥٢٢  يوجد المصدر عند أرسطو والقديس توما، والبداية عند كانط وهيجل Ibid., p. 134.
٥٢٣  التقويس έпοxη.
٥٢٤  هذه مشكلة كانط وهيوم Krisis, p. 150.
٥٢٥  هذا هو طريق ديكارت. وتفسر «الأفكار» Ideen بالتوازي مع «تأملات ديكارتية» Ibid., pp. 156–8.
٥٢٦  ويشبه ذلك نهر هرقليطس Ibid., pp. 159–81.
٥٢٧  وتلك كانت عظمة فلسفة الطبيعة ما قبل سقراط، ثم اختلطت فيما بعد بالحِجاج السوفسطائي. وهو أيضًا معنى «بحوث منطقية» و«الأفكار» Ibid., pp. 168–70.
٥٢٨  يحيل هوسرل هذه المصطلحات: أنا Ego، أفكر Cogito، موضوع التفكير Cogitata؛ إلى ديكارت Ibid., pp. 173–6, 193. الحس، المعنى Sens.
٥٢٩  يمثِّل هذا النوع من المنطق أرسطو والقديس توما الأكويني Ibid., p. 185. منهجية Méthodologie.
٥٣٠  لم يوضح ديكارت علاقة الأنا Le Je مع العالم Ibid., p. 188.
٥٣١  يوجد التاريخ النقدي للأفكار في Ibid., p. 1–23، والعلم الموضوعي للمعطى الحي في Ibid., pp. 123–94.
٥٣٢  Ibid., pp. 58–60.
٥٣٣  هذا هو عنوان الجزء الأول من «الأزمة» Krisis.
٥٣٤  Ibid., pp. 347-8.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤