الفصل الثاني

الأدب الفرنسي في العصور الوسطى

ونبذة عن الأدب في إسبانيا

كانت فرنسا في العصور الوسطى تنقسِم من حيث اللغة والأدب — كما كانت تنقسِم من حيث طبيعة الأرض والسياسة — قِسمَين يفصلهما خطٌّ يمتدُّ من شرقيها إلى غربيها، وهو يقع بحيث يقسِمُها ثُلثَين إلى الشمال وثلثًا إلى الجنوب؛ فشطرُها الجنوبي أضيَقُ من شطرها الشمالي مساحةً وأضعف أدبًا، وقد سادت أخيرًا لغة الشمال وأدبُه وتدهورت لغة الجنوب، مع أنَّ تلك اللغة الجنوبية ازدهرتْ في العصور الوُسطى ازدهارًا جعل ذلك الإقليم الجنوبي من فرنسا خلال القرن الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر زهرة المدنية الأوروبية ومَوضِع سِحرها.

وشعراء هذا الإقليم الجنوبي — إقليم بروفانس — هم «الشعراء الطوَّافون» أو «التروبادور  Troubadours»، الذين يُعَدُّون طليعة الأدب الرومانتيكي — أدب الخيال والعاطفة — في أوروبا الحديثة. وكان هؤلاء «التروبادور» يُكوِّنون طبقةً ممتازة منها السادة والفرسان والأشراف بل والملوك؛ فملك إنجلترا «رتشارد قلب الأسد» يُعتبَر أحدهم، وقد كتب شعرًا باللُّغتَين الفرنسيَّتَين الشائعتَين إذ ذاك — لغة الشمال ولغة الجنوب — وخلَّف لنا قصيدة ذات جمالٍ فني ممتاز، كتبها حين كان سجين دون المجر الذي زجَّهُ في السجن وهو في طريقِهِ إلى إنجلترا عائدًا من الحروب الصليبية.

فلم تكن تلك الطائفة من الشعراء تُدْخِل في زُمرتها إلَّا مَن ظهرت له موهبة في إنشاد الشعر، لا فرقَ في ذلك بين شاعر تُنجِبه الطبقات الدُّنيا، أو شاعر يظهر بين الأمراء والنبلاء. ولا بدَّ من التمييز بين هؤلاء الشعراء وبين جماعةٍ من «الندماء» كثُروا عندئذٍ في حاشيات القصور، لم يكونوا مُنشِئين مُبدِعين، ولكنهم مهَرُوا في الغناء والإلقاء: يُلقُون القصائد والقصص في توقيعٍ جميل.

وشِعر طائفة «التروبادور» يدور حول الحُب، وهو في وزنِهِ وبنائه من الشعر الغنائي. وإنَّ أغانيهم — التي لا يزال كثيرٌ منها باقيًا — لَتمتاز بالبساطة وتحريك العاطفة وقُربها من الأغاني الشعبية، وإن يكن بعضُها مُزخرَف اللفظ عميق الفكرة. وليست جِدَّة شعر «التروبادور» آتيةً من ناحية موضوعه، ولكنها آتية من ناحية الطريقة التي اتُّبِعت في صَوغ هذا الموضوع، وذلك العشق الخفَّاق الذي كان يُعبِّر عنه هذا الشِّعر تعبيرًا غنيًّا بالصُّوَر الخيالية ممتازًا بالصقل والتجويد. لم يكُن من نوع ذلك العشق الذي كانت تُعبِّر عنه الأغاني الشعبية الساذجة، وإنما كان هذا العشق (التروبادوري) مذهبًا عاطفيًّا أو بدعةً رومانتيكية … ولم يكُن يجِد ذلك العِشق مَثَله الأعلى في الفتاة، وإنما كان يجِده في الزَّوجة. وقد ذهب كثيرٌ من المُستشرقين إلى أنَّ شِعر التروبادور ظهر في الجزء الجنوبي من فرنسا أخْذًا عن الشعر العربي في الأندلس من حيث موضوعِهِ وأوزانه.١
وإذا قِيس ما وعاه التاريخ من أزجالِ ابن قُزْمَان الأندلسي المُتوفَّى سنة ٥٥٥ﻫ بأشعار التروبادور تَبَيَّنَ أنَّ الثانية مأخوذة من الأولى. وكان أحدُ شعرائهم وِليَم دي بواتييه٢ ينظُم أحيانًا في أوزان ابن قزمان، وأحيانًا في أوزان تُقاربها جدًّا؛ بل ردَّ بعض الباحثين كلماتٍ من اصطلاحات هذا الشِّعر إلى كلماتٍ عربية.٣
أما أدب الشمال في فرنسا — شعرًا كان أو نثرًا — فقد أُتيحت له حياة أطول من أدب الجنوب؛ فأدب الشمال هو الأدب الفرنسي الذي كُتِبت له السيادة على أوروبا قرونًا مُتواليات، والذي لا تزال تقاليده باقيةً إلى يومِنا هذا. وقد كان الشاعر في الشمال — وكانت تُطلَق عليه لفظة تروفير  trouvère — تُقابل تروبادور لشاعر الجنوب — يحترِف الشعر على حين كان شاعر الجنوب يتَّخذه هواه، وكذلك كان شاعر الشمال أكثر من زميله في الجنوب ميلًا إلى رواية القصة وانغماسًا في الحياة؛ وكان شاعر الجنوب أَمْيلَ إلى الغناء والنَّغم المُوسيقي؛ فنتج عن ذلك أن أصبح الجنوب أرض الغناء، وأضحى الشمال موطن القصة. وذلك بالطبع لا يَعني أنَّ أدب الشمال لم تُزهِر فيه القصيدة الغنائية، وأنَّ المنشدين في إقليم بروفانس لم يرَوُوا أروعَ القصص، إنما نُريد المَيْلَ الغالِب والاتجاه بوجهٍ عام.
وبواكير الشِّعر الفرنسي يُطلَق عليها اسم أنشودة المُغامرة Chanson de geslè، وكان موضوع الشِّعر عندئذٍ بطولة الفرسان وبسالة الأبطال من الملوك أو بطانتهم؛ وهو من نوع الملاحِم في رُوحه ومادته، وكثيرًا ما ينحو منحًى قوميًّا وطنيًّا مُسرفًا؛ ﻓ (أنشودة المُغامرة) بمعناها الصحيح إنما تُعالج تاريخ فرنسا وما فيه من صفحات مجدٍ وفخار، ولكنك ترى إلى جانب ذلك قصصًا تدور حول عمالِقة الماضي من أمثال إسكندر الأكبر، وقصصًا أخرى تقوم على أبطال الأساطير ممَّن ذكرَهم هومر وفِرجيل، وطائفة ثالثة تروي قصة «أرثر» وفُرسانه. وهذه الأناشيد والقصص الموضوعية في قوالب الشِّعر كانت تَكفي لإشباع الرغبة الطبيعية عند الناس في القصة، وإن يكن هذا القصص الوسيط لا يُصادف عند القارئ الحديث قبولًا، بل إنه ليبعَثُ على المَلَل، ولا يُثير الاهتمام إلا عند العلماء الذين يتعقَّبون كلَّ ما خلَّفَ الأسلاف.
ومهما يكن من أمر هذه الأناشيد — التي يبلُغ ما بقِيَ لنا منها مائة — ففيها عدد قليل من الآيات الروائع، ومن هذه أنشودة رولان Chanson de Roland فقد كان رولان هذا شخصًا حقيقيًّا من أشخاص التاريخ، وهو فارس من فرسان شرلمان، قُتِل وهو يتقهقر مهزومًا في شعاب جبال البرانس المُمتدَّة شمالي إسبانيا أمام جيش المسلمين في الأندلس. وشاعر هذه الأنشودة — وهو مجهول عاش في القرن الحادي عشر — يروي قصة عراكٍ عنيف ينشَب بين المُتقاتلين في ممرٍّ من جبال البرانس، حيث انخدع شرلمان بحِيلة من أعدائه، فتراجَعَ عبر الجبال إلى جنوبي فرنسا، تاركًا رولان يَحمي له المؤخِّرة من هجمات الأعداء، وهناك قُتِلَ البطلُ وفنِيَ مَنْ حولَه من الفرسان. ولم تُستكشَف أنشودة رولان إلا منذ مائة عام، ولكنها طُبِعَت في هذه الفترة مرارًا، وتُرجِمت إلى الفرنسية الحديثة وإلى الإنجليزية. وقد كان لقصة رولان هذه شيوع في إيطاليا إبَّان النهضة واتَّخذ منها أريوستو٤ الشاعر الإيطالي موضوعًا لخير كتُبِه أورلاندو٥ ولكنها فيما يظهر لم تكن لها عندئذٍ مكانةً ملحوظة في إنجلترا، لأنَّ القصص في إنجلترا وفي فرنسا في ذلك الحين لم يدُرْ حول أخبار شرلمان، إنما كان مداره أرثر، وما يُروى عنه من أساطير.
ومن الشعراء الفرنسيين الذين ساهموا بنبوغِهم في إنشاء تلك المجموعة من القصص اثنان جديران بالذكر، وهما ماري دي فرانس٦ وكِرِتْيان دي تروَا.٧
أما ماري دي فرانس، فقد أنفقتِ الشطر الأعظم من حياتها في إنجلترا، وربما كانت هنالك من حاشية البلاط الملكي في عهد هنري الثاني، حيث سادت الثقافة الفرنسية. وكانت الملكة اليانور أميرة من إقليم بروفانس. وماري شاعرة مُجيدة تروي قصصها في تدفُّق وسلاسة في غير تكلُّف أو عناء، وقد تُرجِم وشُرِح كتابها «الأشعار Lais»، ويستطيع القارئ الحديث أن يقرأها في اللغات الحديثة.

وأما كِرِتيان دي تروا فشاعر عظيم له أثَر قوي في بناء قصة أرثر، وقد عاش في النصف الثاني من القرن الثاني عشر. وتُعدُّ قصصه الآتية زهرةَ الشعر القصصي الفرنسي الباكر وأساسًا للقصص النثرية التي ظهرت بعدُ في كتاب مالوري الذي تقدَّم ذِكره، وقصصه هي: فارس الليث، وإِرِكْ وَإِينِدْ، وفارس العربة، وتِرِسْتان، وبِرْسِفال. وسنرى في الفصل التالي أن قد كان لكِرِتْيان أثرٌ عميق في الأدب الألماني.

وهنالك إلى جانب تلك القصص التي تَروي حوادث أرثر وغيره من الأبطال ضروب ثلاثة من الشعر أنشدها المُنشدون في العصور الوسطى، ولا تخلو في بعض أجزائها من روعة خيال. أما أولها فهو الخُرافة التي تُقَصُّ عن الحيوان، وهو ضرب من الخيال تناوَلَه فيما قبلُ إيسوب اليوناني٨ بقصصه الخُرافية المشهورة، فأصبح منذ عهدِه لونًا مطروقًا من ألوان القصص. وممَّا بقِيَ لنا من هذه الخُرافات التي تتحدَّث عن الحيوان مجموعة مُفكَّكة الأجزاء تُسمَّى «قصة الثعلب رينار». وأعظم قصصي للخُرافة في الأدب الفرنسي فيما بعد العصور الوسطى هو لافونتين،٩ الذي لم يستمدَّ خيالَه من أسلافه الفرنسيين في تلك العصور الوسطى — فهؤلاء لم يُستكشَف أدبُهم إلا في القرن التاسع عشر — بل استقاه من منابع كلاسيكية ومن خيالِهِ الحاد الذي طُبِع على السخرية. ولم تكن الخُرافة القديمة سوى قصة ساذجة عن الحيوان لم يُرِدْ بها الراوي أن تكون صورةً للمجتمع، وإن لم تَخْلُ عادةً من لمحاتٍ فكهة تسخَر من الخُلُق الإنساني.
وثاني تلك الضروب الثلاثة من الشِّعر التي ظهرت في العصور الوسطى، هو القصيدة الرمزية التي يُقصَد بها أن تكون درسًا خلقيًّا تهذيبيًّا، والأشخاص في مِثل هذه القصيدة إنما تكون فضائل ورذائل مجرَّدة مثل: «الحب» و«البغض» و«الحسد» وما إلى ذلك. وأشهر مثال للقصيدة الرمزية «قصة الوردة»، وهي قصيدة طويلة موضوعها فنُّ الحب، وهي تعرِض ما في هذا الفن من شهامةٍ ونخوة عَرْضًا تَشيع فيه سُخرية جميلة. ولا شكَّ أنَّ أهل العصور الوسطى على ما بهم من رزانة الفروسية وصرامة الأخلاق لم يَفُتْهم أن يضحكوا من نقائص الإنسان؛ ﻓ «قصة الوردة» في رزانتها ووقارها، ثُم في سخريتها وفُكاهتها تُصوِّر زمانها تصويرًا أمينًا جعلها أثرًا أدبيًّا من الطراز الأول في أهميَّتِه، ولعلَّها أن تكون القصيدة الوحيدة المُتماسِكة التي كتبها شاعران، لا عن طريق التعاون ولكن في تتابُع؛ إذ أتمَّ الثاني منهما ما ترَكَه الأول حتى اكتمل بناء القصيدة. أما الجزء الأول فقد كتبَهُ «وليم لورِس»١٠ في النصف الأول من القرن الثالث عشر، وكتَبَ الجزء الثاني من القصيدة «جان دي مونج»١١ بعد ذلك بنصف قرنٍ تقريبًا. وكان هذا الأخير شاعرًا موهوبًا، ولم تقتصِر مادة القصيدة على «الحب»، إنما لخَّصت الجزء الأكبر من الآراء الاجتماعية التي سادت في العصور الوسطى، فليس ثمَّة مَن يرتاب في قيمتها التاريخية. أما هل تُهيِّئ القصيدة لقارئها مُتعةً أو لا تُهيئ فذلك موضوع آخَر؛ فالقارئ الحديث لا يَستسيغ كسَلَفِه في العصور الوسطى قصيدةً رمزية طويلة تقصِد إلى التهذيب الخُلقي، حتى وإن خفَّف من حِدَّتها فكاهةٌ لطيفة كما في هذه القصيدة، أو سَمَتْ شاعريَّتها كما في قصيدة سبنسر «الملكة الجميلة» التي سيأتي ذِكرها بعدُ في تاريخ الأدب الإنجليزي في عصر النهضة.
والضرب الثالث من شِعر العصور الوسطى هو الشعر الغنائي الذي أينَعَ وازدهر وتكاثرتْ ألوانه، وأصحاب هذا الشعر الغنائي لم تُنجِبهم طبقةٌ في المجتمع دون أُخرى، بل ساهمت في إخراجهم طبقاتُ الناس جميعًا، فمِنهم العالِم الذي مزَج أنغام غنائه بعِلمه، وحاول أن يُكسِب اللغةَ الأدبية وقار العِلم وأسلوبه، ومنهم النبيل الذي شجَّع الفن ومارسه، بل منهم الملوك: فبَين مَنْ أنشد وغَنَّى من أصحاب العروش «تيبولْت الرابع ملك شمبانيا»١٢ و«رتشارد الأول» ملك إنجلترا (وهو رتشارد قلب الأسد بطل الحروب الصليبية)، وجيمس الأول ملك اسكتلنده، وألفونسو العاشر ملك إسبانيا، ولكن القصائد الغنائية التي أنشدَها شعراء من طبقات الشعب الدُّنيا كانت خيرًا ممَّا قاله هؤلاء السادة، وتُسمَّى هذه الأخيرة «الأغاني الشعبية» وهي ألصَقُ من تلك الحياة، كما هي الحال في الأغاني الشعبية عند الأُمَم جميعًا.
وقد ظهر في القرن الرابع عشر كتاب عظيم نستطيع أن نَسلُكه في قصص الفروسية التي سلَفَ ذِكرها، وذلك هو كتاب «أخبار التاريخ Chronicles» ومُؤلِّفه «فرويسار»،١٣ فهذا الكتاب الذي يقصُّ تاريخ فرنسا وإنجلترا واسكتلندة وإسبانيا قرنًا كاملًا تقريبًا يُثير خيال القارئ أكثر ممَّا تفعل القصة الخيالية، وهو صورة عظيمة لعصره؛ فقد كان «فرويسار» رحَّالة لا ينقطع عن الرحلة، وينظر إلى العالم نَظرَ المشغوف الذي لا يملُّ، ويُسجل ما يراه وما يسمعه. وإنَّ لأسلوبه لجِدَّةً وطلاوة وحياة، وفي إثباته للأخبار أمانة ظاهرة لا تَخفى على القارئ، ممَّا وضعه في الصف الأول من المؤرِّخين، حتى ليُطلَق عليه أحيانًا «هيرودوت العصور الوسطى»، وذلك فضلًا عن مكانته في فنِّ القصة. وقد كان «فرويسار» إلى جانب ذلك شاعرًا، وإن لم يكن شاعرًا مُمتازًا، لأنه عاش في قرنٍ سادت فيه كتابة النثر، فقد صمتت قيثارة الشعر خلال القرن الرابع عشر في فرنسا، ولم تَعُد إلى أنغامها الساحرة إلا في القرن الخامس عشر. وكان لكتابة «فرويسار» أثَر بليغ في النثر الفرنسي، فقد اتَّجَهَ به نحو الوضوح الذي لبِثَ قرونًا طوالًا طابع النثر في فرنسا.

•••

ويتَّصِل الأدب الإسباني بالأدب الفرنسي في العصور الوسطى، وبخاصة أدب الإقليم الجنوبي — إقليم بروفانس — اتصالًا شديدًا؛ فالقصيدة الإسبانية التي تُقابل قصيدة «أنشودة رولان» في فرنسا هي «قصيدة السَّيِّد Poem of the Cid»، وقد كان «السيد» رجلًا حقيقيًّا قاتل المُسلمين في الأندلس قتالَ الأبطال، واسمُه «راي دياز دي بيفار»١٤ ويُلقَّب ﺑ «السيِّد»، وقد أصبح «السيد» موضوعًا تُحاك حولَه الأساطير التي تَروي ضروب البسالة والبطولة. ولم تُؤثِّر شخصية «السيِّد» في الأدب الإسباني وحدَه، بل جاوزته إلى سائر الآداب الأوروبية، فاتَّخذها «كورنِي»١٥ الروائي الفرنسي العظيم موضوعًا لإحدى مآسيه، وقد تُرجِمت هذه الأخيرة إلى اللغة العربية.

ومن أدباء إسبانيا في القرن الثالث عشر ملكها «ألفونسو» ويُلقَّب ﺑ «العالِم» الذي أمسك السيف بإحدى يدَيه مُحاربًا وحمَل القلَم بالأخرى كاتبًا؛ فقد أنشد شعرًا وكتَب نثرًا، وأشرف على مؤلَّفاتٍ وُضِعت في مختلف الفنون والعلوم، واستقدَم إلى بلاطه أصحاب الفنِّ ورجال الغناء من فرنسا، وبخاصَّة «التروبادور» الذين كانوا عندئذٍ لا يَطمئنُّون إلى الحياة في إقليم «بروفانس» — وهو وطنهم — لِما شهِدَه من انقلابٍ سياسي في ذلك العهد، ولم يزدهر الشعر الغنائي للتروبادور في إسبانيا ازدهارَه في فرنسا، ولكنَّهم مع ذلك أنتجوا مقدارًا عظيمًا من الأغاني والأناشيد تُعبِّر عن الحالات النفسية على اختلاف ألوانها، وهي تتفاوَتُ في الجودة من النَّظم الركيك إلى الشِّعر الجيِّد المُمتاز.

وسنجد في الأدب الإسباني في عصر النهضة أدبًا زاهيًا زاهرًا موضوعُه فصل آخر.

١  انظُر كتاب تُراث الإسلام.
٢  William de Poitier.
٣  من مقال للدكتور عبد الوهاب عزَّام بمجلة الثقافة عدد ١٩٩.
٤  Ariosto.
٥  Orlando.
٦  Marie de France.
٧  Chrétién de Troyes.
٨  Aesop.
٩  La Fontaine.
١٠  William of Lorris.
١١  Jean de Meung.
١٢  Thibault IV.
١٣  Froissart.
١٤  Ruy Diaz de Bivar.
١٥  Corneille.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤