الفصل الحادي عشر

المخاطرة في ظل وجود بياناتٍ قليلةٍ أو عدم وجود بيانات

نظرًا لأن هذا هو فصلنا الأول عن الشجاعة، فإننا نحتاج إلى أن نكون واضحين للغاية بشأن ما نعنيه — وما لا نعنيه — عندما نستخدم هذا المصطلح. إن التعريف التقليدي لهذا المصطلح، خاصةً عند استخدامه مع قادة الأعمال، يرتبط غالبًا بالصلابة. إنه يصف الرئيس التنفيذي الذي لا تَطرِف له عينٌ عند المفاوضات، والذي ينتهز الفرص دون أن يشك في تقديره، والذي يستحوذ بجسارةٍ على الشركات ويُبِيد المنافسين؛ هذه هي الطريقة التي يصف بها كثيرٌ من الناسِ القادةَ المتصفين بالشجاعة.

لكن هذه ليست الطريقة التي نصفهم بها؛ إن تعريفنا يتضمَّن فعل الصواب اعتمادًا على السياق. وتوجد مواقف تستلزم من الأشخاص فعْلَ ما يعتقدون أنه الصواب — الصواب من منظورهم، ومنظور فريقهم، وعملائهم، ومؤسستهم — حتى لو كانوا يعلمون أن هذا التصرُّف سوف تكون له عواقب مزعجة. على صعيد التعامُل مع الأفراد، قد يعني ذلك اتخاذَ قراراتٍ لها أثر سلبي على الأفراد الذين يعملون معهم ويهتمون لأمرهم. وعلى صعيد الشركة، قد يتضمن اتخاذَ قرارٍ استراتيجيٍّ سوف يغيِّر من طبيعة الشركة نفسها وتكون له تبعات كبيرة الأثر.

وعلى الرغم من ذلك، فإن «فعل الصواب» لا بد أن يكون مفهومًا مَرِنًا؛ فالقادة الشجعان يصبحون متعصبين أيديولوجيًّا عندما يتمسكون بتعريفٍ مطلقٍ لما هو صواب؛ فيُظهِرون السذاجة بدلًا من الشجاعة عندما يعتقدون أنهم — وحدهم — مَن يعرفون الصواب اللازم فعله في كل المواقف. وهؤلاء القادة الذين يرَوْن أنهم دائمًا على صوابٍ يعجزون عن التأقلم مع التغيُّرات في بيئتهم، ويتجاهلون الأفكار أو الآراء الخارجة عن نطاق تعريفهم الضيق «للصواب». وبدلًا من إظهار الشجاعة، فإنهم يُظهِرون العناد.

إن شجاعة القيادة هي مسألةُ رؤيةٍ وقِيَمٍ في أغلب الأحيان؛ أيْ معرفة ما تؤمن به ومتى تتصرف وفقًا لهذه المعتقدات. وهذا يعني اتخاذ قراراتٍ تتضمَّن بعضَ المخاطرة، اعتمادًا على المعتقدات والحَدْس، بدلًا من الاعتماد الحصري على البيانات. إن نموذج اتخاذ القرارات القديم المعتمِد على التخطيط، والذي تقوده الحقائق، لم يَعُدْ مجديًا. دعونا نتأمل أسبابَ ذلك، وكيف يمكن اتخاذ قراراتٍ جيدةٍ دون الاعتماد المفرط على البيانات.

(١) لماذا البيانات وحدها لا تكفي؟

إن المخاطرة في ظل وجود قدرٍ قليلٍ من البيانات أو عدم وجود بياناتٍ، قد تبدو ضربًا من الحماقة، خاصةً في وقتٍ يتبنَّى فيه عددٌ متزايدٌ من الشركات منهجيات اتخاذ القرار المعتمِدة على الحقائق. إننا لا نقترح أن يتجاهل القادةُ الحقائقَ، بل نشير إلى أنهم يجدون أنفسهم على نحوٍ متزايدٍ في مواقفَ لا يمتلكون فيها الوقتَ اللازم لتجميع كل الحقائق، أو مواقف تكون البيانات فيها غامضةً. ونعلم أيضًا أن القادة يجدون أنفسهم في مواقفَ تخبرهم فيها كلُّ البيانات بضرورة فعل أحد الأمور، وفي الوقت نفسه يراودهم شعورٌ قوي يحثُّهم على فعل شيءٍ آخَر. ونتيجةً لسنواتٍ كثيرةٍ من الخبرة، ومن منطلق قِيَمهم وحَدْسهم، فإنهم يعرفون الأمرَ الصائب اللازم فعله، حتى إن كانت الحقائق تشير إلى إجراءٍ آخَرَ مختلفٍ.

إن مثل هذه الأنواع من المواقف تَزايَد شيوعها في وقتنا الحاضر، وكلُّ قائدٍ تقريبًا في كل مستوًى إداريٍّ في جميع الصناعات يجد نفسَه ضحيةَ المعلومات الزائدة؛ فالبيانات الهائلة تنهمر عليه من مصادرَ كثيرةٍ للغاية لدرجةٍ تجعل من المستحيل فرزها كلها. ومعظم المسئولين التنفيذيين الذين نعمل معهم اليومَ يتلقَّوْن، في المتوسط، ما يزيد على مائتَيْ رسالةِ بريدٍ إلكترونيٍّ يوميًّا. واتخاذُ القرار اعتمادًا على هذا القدر المضني من البيانات يصبح أكثرَ صعوبةً بسبب تغيُّر البيانات بسرعة البرق، وتقلُّب الأسواق، وحدوث الكوارث، وتشوُّه العلامات التجارية، والإفصاح عن المعلومات السرية، وتدخُّل الوسطاء، وتغيُّر قواعد الامتثال، وظهور تكنولوجياتٍ جديدة، واتحاد المنافسين، وهكذا؛ وكل هذا العوامل تجعل بيانات اليوم عتيقةً مع حلول الغد. علاوةً على ذلك، فإن الأُطُر الزمنية لاتخاذ القرارات تتضاءل، وتختفي الفرصُ وتتفاقم المشكلاتُ عندما يؤخِّر القادةُ اتخاذَ القرار. إن العالم يتحرك بسرعةٍ كبيرةٍ لدرجة أنَّ مَن يُصِرُّ على بدء المزيد من الدراسات، أو إطلاق فرقة عملٍ للبحث قبل اتخاذ القرار، يرتكب خطأً على الأرجح؛ إذ يهدر وقتَ تسويقٍ كان سيؤهِّله للحصول على ميزة المنافِس الأول.

علاوةً على ذلك، أصبحت البيئة معقدةً للغاية ومتقلِّبة وغامضة ومتناقضة، لدرجة أن القائد قد يميل إلى جمع مزيدٍ من المعلومات كي يفهم الصورةَ المشوشة التي يراها. وفي العادة لا يؤدي المزيد من البيانات إلى توضيح الصورة، على الأقل إلى حد الوضوح الذي يريده القائد. ولا يمكن للبيانات أن تفعل شيئًا حيالَ منافسٍ جديدٍ ظهر بسبب تقليل عقبات دخول السوق؛ أو حيالَ قرارِ تسعيرٍ سوف يجعل المستثمرين ينظرون بالسلب إلى هوامش الأرباح وإمكانية الربحية في المستقبل؛ أو حيالَ الأثر السلبي لخفض عدد العمالة الذي جعل الموظفين المتبقين في الشركة مهمَّشِين عاطفيًّا؛ أو حيالَ التغطية الصحفية السلبية التي ظهرَتْ خلال فترة العناية الواجبة من أجل تقييم عملية استحواذٍ جديدةٍ، والتي يمكن أن تؤثِّر على القيمة المستقبلية. وفي هذه المواقف، لا يمكن إجراء بحثٍ لمعرفة الأمر الصائب اللازم فعله.

جاك مسئول تنفيذي رفيع المستوى في مجال التصنيع في واحدةٍ من أكبر مؤسسات العالم، كان في حيرةٍ من أمره بخصوص تغيير تركيبة المادة الخام لأحد المنتجات؛ وهذا التغيير سيؤثر على خط الإنتاج الأساسي في الشركة؛ إذ أنتجت تكنولوجيا جديدة مادةً خامًا تخليقية يُعتقَد أنها أكثر متانةً من المادة الخام الموجودة حاليًّا، وكانت المتانةُ مسألةً محورية. على صعيدٍ آخر، كانت المادة الخام الجديدة أكثر تكلفةً إلى حدٍّ كبيرٍ من المادة المستخدَمة حاليًّا. وزاد من حيرة جاك أن الشركة كانت تتعرَّض لانتقاداتٍ من قِبَل جماعات حماية البيئة لأنها من أكبر مشتري المادة الخام الحالية في العالم؛ وكان المصنع الذي يصنع تلك المادة موجودًا في إحدى الدول النامية ومتهمًا بعدم الالتزام بمعايير الحد من التلوث. علاوةً على ذلك، وُجِد أن المادة التخليقية الجديدة تعاني من بضع مشكلاتٍ متعلقةٍ بالجودة أثناء اختبارها، وعلى الرغم من أن المورد وعد بإزالة تلك المشكلات خلال الأشهر القليلة التالية، فلم يكن شيئًا مضمونًا.

كلما درس جاك المشكلة، ازداد تشككًا؛ وكلما وجد إحدى الحقائق المؤيدة لأحد القرارَيْن، سرعان ما يجد حقيقةً أخرى مناهضةً لها تؤيد الخيار الآخر. واستخدم هو وفريقه أدوات اتخاذ القرار سيجما ٦، من أجل تحديد الإجراء المحتمل؛ فكانت البيانات غير حاسمةٍ إلى حدٍّ مُربك. وأخيرًا، طالَبَ جاك بوقف جمع البيانات واتخذ قرارًا لصالح المادة التخليقية الجديدة، وفعل ذلك اعتمادًا على البيانات من ناحيةٍ (حيث وجد أن موضوع التلوث يثير المشكلات)، لكنه من ناحيةٍ أخرى اتخذ قراره في المقام الأول اعتمادًا على إحساسه بأن المادة الجديدة هي اتجاه المستقبل. لم تخبره البيانات بذلك بقدر ما أخبرته خبرته وحواراته مع العديد من الخبراء. لقد أحس جاك أن هذا هو القرار الصائب، على الرغم من أنه لم يستطع إثبات ذلك اعتمادًا على البيانات. لقد خاطَرَ جاك اعتمادًا على حَدْسه، لكنْ كما سنرى من الممكن أن يكون الحدس دليلًا يُعتمَد عليه بدرجةٍ أكبر مما قد يبدو عليه للوهلة الأولى.

(٢) الحَدْس الفردي والحَدْس الجمعي

ندرك أن بعض الناس يعتبرون الحدس أمرًا غير ذي أهمية إلى حدٍّ كبير، مع تزايُد تبنِّي الكثير من الشركات منهج سيجما ٦ وغيره من منهجيات اتخاذ القرار المعتمدة على الحقائق، لكن ربما نستطيع محوَ المعاني السلبية المرتبطة بكلمة «الحدس» من خلال بعض الأمثلة. بدايةً، عليك أن تفهم أن التحليق بالطائرة دون أجهزة، أي دون أي بياناتٍ أو فهمٍ لمشكلات الأفراد، سيُسفِر بالتأكيد عن حادثة ارتطام؛ وهذا يعني أن الاعتماد فقط على الشجاعة وتجاهل العقل والقلب أمر خطير. في بعض الأحيان يبدو الرئيس جورج دبليو بوش مثالًا مناسبًا لهذا النموذج؛ فهو قائد حَدْسي إلى حدٍّ كبيرٍ، استخدَمَ حَدْسه في تحقيق النجاح. وعلى الرغم من ذلك، فإنه في بعض المواقف اعتمد بشدةٍ على الحدس وكان غافلًا للغاية عن الحقائق أو عن تأثير القضايا على الشعب، لدرجةٍ جعلته يرتكب أخطاءً جسيمة، ويقول منتقدوه إن الحرب على العراق أحد هذه الأخطاء. ولا شك أن الرئيس بوش مقتنع بأنه يفعل الصواب، ولا يشك في امتلاكه شجاعة التصرف وفقًا لمعتقداته سوى القليل. وفي الوقت نفسه، كان من الممكن أن يصبح رئيسًا أكثر كفاءةً لو وازَنَ حَدْسه ببعض التحليل القوي وبعض التعاطف.

ولهذا السبب لا نوصي القادة بالاعتماد على الحدس «أكثر» من اعتمادهم على البيانات، بل نقترح أن الحدس يمكن أن يُستخدَم على حسب الموقف، ومع أي نوعٍ من البيانات المتاحة، من أجل التوصُّل إلى قراراتٍ أكثر فعاليةً. وَلْنُلقِ نظرة على طريقة استخدام جونسون آند جونسون لما يُطلِقون عليه الحدس الجمعي؛ فبدلًا من تحليل البيانات من أجل اتخاذ قرارٍ أحادي الجانب، شجَّعت الشركة كثيرًا من الأصوات على الاشتراك في المناقشة. ونظرًا لأن كثرة الأصوات تؤدِّي إلى الجلبة، فمن الممكن أن تصبح المناقشة فوضويةً بعض الشيء، لكن وفقًا لبيل ويلدون — رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة جونسون آند جونسون — في بعض الأحيان يجب أن يتمكَّن القائد من تحمُّل الفوضى وتقديرها من أجل اكتشاف القرار الصائب اللازم اتخاذه. وقد ساعَدَ الحدس الجمعي جونسون آند حونسون على البُعد عن منظومة المعرفة التقليدية المتبعة في صناعة الدوائيات. في الماضي كان بعض المحللين يوجِّهون الانتقادات للشركة بسبب عدم بيعها لشركات السلع الاستهلاكية والأجهزة الطبية التابعة لها، التي تحقِّق هامشًا قليلًا من الأرباح، والتركيز بالكامل بعد بيعها على الشركات الدوائية ذات هامش الربح الأعلى. وبدلًا من اتباع تلك النظرة التقليدية، انخرط قادة جونسون آند جونسون في حوارٍ موسعٍ مع عددٍ من القادة على نطاق مؤسستهم اللامركزية إلى حدٍّ كبير، وتوصَّلوا إلى استنتاجٍ يقضي بأن وجود مجموعةٍ واسعةٍ من المنتجات يقدِّم فرصةً أكبر للنمو والحماية من تقلُّبات السوق على حدٍّ سواء. واليوم، في ظل المستقبل الغامض لأسعار الدواء وانخفاض تداول أسهم الشركة الدوائية إلى حدٍّ كبيرٍ مقارَنةً بالوضع قبل خمس سنوات، ثبتَتْ صحةُ وجهة النظر تلك، وأصبحت جونسون آند جونسون تمتلك قيمةً أعلى بسبب مجموعةٍ واسعةٍ من الشركات، لا سيما تلك العاملة في مجال الأجهزة الطبية.

يظهر الحدس الجمعي بعد فترةٍ مطولةٍ من الجدل والنقاش، وعندما يشعر الناس بحرية مشاركةِ وجهات نظرهم، والاختلاف مع منظومة الحكمة التقليدية، والاستماع إلى أفكار غيرهم، وإعادة صياغة أفكارهم الخاصة؛ تظهر الفكرة المشتركة أو المنهج المشترك في نهاية المطاف. ولا تكون تلك الفكرة على قدر «دقة» القرار النابع مباشَرةً من تحليل البيانات، لكن ذلك النوع الأخير من القرارات الدقيقة أصبح نادرًا على نحوٍ متزايد؛ فعندما تتدفق الحقائق بمثل هذا المعدل السريع وبمثل هذه الطرق المشوشة، فإن التحليل البطيء والمتأني لا ينجح دائمًا. والحدس الجمعي هو توليفة من الآراء التي تطوَّرت عبر الوقت؛ إنه عملية تحدث في بعض الأحيان على نحوٍ عشوائي، ومن المستحيل معرفة متى أو كيف سيظهر الحدس الجمعي. على الرغم من ذلك، فقد وجدت شركة جونسون آند جونسون وغيرها من الشركات أنه مع مرور الوقت، ومن خلال الحوار الذي توجِّهه القِيَم، سوف تُكوِّن مجموعةٌ من الأفراد تصورًا للأمر الصائب اللازم فعله؛ ومع ظهور الأفكار ومناقشتها ونبذها، سيجذب مسارٌ أو موقفٌ معين الجميعَ نحوه. واعتمادًا على قِيَم ورؤى القادة، فإنهم سوف ينجذبون نحو قرارٍ معينٍ يناسب معتقداتهم.

ويجب أن ننبه إلى أن انتظار الحدس الجمعي يتطلَّب الصبر، وهو مفهوم يطرح تحديًا كبيرًا على القادة غير الصبورين؛ فالأشخاص الذين قضَوْا سنواتٍ في اتخاذ القرارات اعتمادًا على التحليل المنطقي وجمع البيانات، قد ينظرون إلى الحدس الجمعي بعين الريبة. وإذا جلس هؤلاء في اجتماعاتٍ تُعقَد في شركاتٍ مثل جونسون آند جونسون، فربما يسمعون شتى أنواع الآراء المتعارضة في بداية الاجتماع، ويتساءلون عمَّا إذا كان من الممكن توحيد تلك الآراء، ويَتُوقون إلى قائدٍ مستبِد. إنهم غير مستعدين للانتظار حتى تمتزج تلك الآراء وتتحدث ككيانٍ واحد. إنهم لا يفهمون كيف يتخذون قراراتٍ، ويقومون بمخاطراتٍ دون الاعتماد على قدرٍ أكبر من البيانات المؤكدة.

بالنسبة إلى هؤلاء المتشكِّكين، فإننا نوصيهم بالصبر. كما نقترح أيضًا إمكانية استخدام طرقٍ أخرى، بالإضافة إلى الحدس الجمعي، من أجل جعْل المخاطرات مقبولةً؛ على سبيل المثال: ألَّفَتْ ميج ويتلي كتابًا بعنوان «القيادة والعلم الحديث»، تحدَّثت فيه عن نظرية الفوضى والأنماط الكسرية. وفي جوهر الأمر، تناولتْ أطروحتُها الحاجةَ إلى الارتقاء إلى مستوًى أعلى، كي يستطيع المرء النظر إلى أسفل لرؤية الأنماط التي لا يراها عادةً عندما يكون وسط الأحداث الفوضوية. ومفهوم تغيير المنظور يمكن أن يساعدك في رؤية أحد اتجاهات أو إحدى حركات السوق غير المتأصلة في البيانات. إن رؤية مشكلةٍ قديمةٍ من زاويةٍ جديدةٍ تحفِّز التفكيرَ غير التقليدي؛ ففي بعض الأحيان يسافر القادة إلى دولةٍ أخرى، وينظرون إلى صناعتهم بعين الأجانب، وبهذه الطريقة يكتسبون رؤًى جديدةً فيما يتعلَّق بالمشكلات التي تواجه صناعتهم، وقد يرَوْن فرصًا جديدةً أو أساليبَ جديدةً لحل المشكلات لم تكن مرئيةً في السابق. لا يمتلك هؤلاء القادةُ البياناتِ التي تؤيد ما يتطلَّبه السعي خلف تلك الفرص الجديدة من إجراءاتٍ تنطوي على مخاطرة، لكن وجهة نظرهم التي تغيَّرت تقنعهم بالثقة في حَدْسهم والاستفادة من الاتجاه الناشئ الذي لاحظوه.

وفي كثيرٍ من الأحيان لا يدرك هؤلاء المتشكِّكون أنهم قد اعتمدوا على الحدس لاتخاذ قراراتٍ خطيرةٍ في الماضي لأنهم لم يصفوه وقتَها بالحدس؛ فعلى سبيل المثال: كثير من القادة الذين شاركوا في التخطيط للتعاقب الوظيفي يتحدَّثون عن عملية مراجعة مواصفات الوظيفة، ونتائج اللقاءات الشخصية التي أُجرِيت مع المرشحين، وتوصيات اللجان، وترتيب المرشحين من حيث مدى مطابقة كلٍّ منهم للمواصفات. وفي نهاية المطاف، يختارون شخصًا ما لشغْل الوظيفة، على الرغم من أن جميع الإجراءات والمعلومات تشير إلى كونه ليس أفضل المرشحين من حيث المؤهلات؛ ومع ذلك، فإنهم يختارونه لأن حدسهم يخبرهم أن هذا الشخص مستعِدٌّ وقادر على الاضطلاع بالوظيفة، حتى لو كانت البيانات تشير إلى غير ذلك. وفي أغلب الأحيان يكون حدسهم صحيحًا.

ومن الطرق الأخرى لاستعراض هذا الموضوع، تحديدُ ما إذا كان القادة مستعدين للمخاطرة فيما يتعلَّق بالابتكار؛ فعندما يأتي الموظفون بفكرةٍ جديدةٍ جريئةٍ ردًّا على أحد المواقف، فإن هذه الفكرة تكون عادةً معتمِدةً على الخيال أكثر من اعتمادها على البيانات. ويجب أن يقرِّر القادة ما إذا كانوا سيخاطرون وينفذون ذلك التصوُّرَ الجديد، الذي لا يمكن إثباته من خلال تحليل البيانات. قد يكون ذلك مخيفًا، وإذا لم يقدِّر القائدُ الإبداعَ أو الأشخاص الذين ينظرون إلى الأمور بطريقةٍ مختلفة، فإنه لن يخاطر.

وعلى الرغم من ذلك، فلقد أصبحت المؤسسات في حاجةٍ الآن أكثر من أي وقتٍ مضى إلى قادةٍ يمتلكون تلك القدرة، ومع أنها لا تحتاج قادةً يندفعون إلى مخاطراتٍ حمقاءَ تتعلَّق بخططٍ جديدةٍ عجيبة، فإنها تحتاج من الإدارة العليا أن تعرف متى يلزم المخاطرة، وأن تمتلك شجاعةَ دعمِ المحاولات التي تنطوي على مخاطرةٍ لكنها تحقِّق إنجازات. ما تحتاجه الشركات هو قائد مثل كريس ألبريكت، الرئيس التنفيذي لشبكة هوم بوكس أوفيس، ذلك الرجل الذي اتبع كلًّا من الحدس الشخصي والحدس الجمعي لدى زملائه، وأطلق خريطة برامج جديدة مبتكرة تضمَّنت مسلسلاتٍ مثل «ذا سوبرانوز»، وقد انتهكت هذه المسلسلات الكثير من قواعد خرائط البرامج التليفزيونية، وانطوت على مخاطرَ هائلةٍ بالنسبة إلى تلك الشبكة الناشئة نسبيًّا. ولم يكن ثمة سبيلٌ على الإطلاق لتؤكِّد له البيانات وحدها أن تلك المخاطرة مبرَّرة. وعلى الرغم من ذلك كان يوجد إحساس جمعي لدى إدارة شبكة هوم بوكس أوفيس يثق بأن تلك المخاطرة ستكون مُجْدِيةً.

خاض سيدني هارمان، مؤسس ورئيس مجلس الإدارة التنفيذي لمؤسسة هارمان للصناعات الدولية، مخاطرةً كبيرة متعلِّقة بالابتكار؛ إذ اتخذت المؤسسة — التي تُصنِّع أجهزة ستيريو عالية الجودة وغيرها من الأجهزة الصوتية — قرارًا صعبًا للغاية عام ١٩٩٦؛ فعلى مدار سنوات، اعتمدت الشركة على الأنظمة التناظرية، لكنهم أدركوا إمكانية الاستعانة بالأنظمة الرقمية، وأرادوا الاستفادة من هذه الإمكانية. وعلى الرغم من ذلك، فإن التكلفة الهائلة للتحويل بدت مانعًا.

لكن أثناء أحد الاجتماعات مع كبار المسئولين التنفيذيين، طرح هارمان فكرة تخصيص كل موارد الشركة للأنظمة الرقمية، وعقدوا اجتماعًا استمر لساعات، أعرب المسئولون التنفيذيون خلاله عن قلقهم وخيبة أملهم، لكنهم قدَّموا كذلك تصوراتٍ غاية في الإبداع والحداثة. وفي مقالٍ لمجلة «هارفرد بيزنس ريفيو»، عبَّر هارمان عمَّا حدث قائلًا: «كان يوجد قلق من أننا سنخاطر بالشركة لو تحوَّلنا إلى الأنظمة الرقمية، وأدركتُ أنه من أجل استثارة التفكير الابتكاري اللازم، يجب أن أتخلَّى عن الحرص وأكون مستعدًّا لإحراج نفسي من خلال طرح أفكارٍ غير مكتملة التكوين، بل حتى غير مدعومةٍ بالبيانات الكافية.»

إن ما حدث خلال هذا الاجتماع كان بالضبط ذلك النوعَ من الحدس الجمعي الذي تحدَّثنا عنه في السابق. لقد قرَّروا تخصيصَ موارد الشركة لمجال الأنظمة الرقمية، ليس لأن البيانات دفعتهم على نحوٍ قاطعٍ إلى ذلك الاتجاه، بل لأن المجموعة قرَّرت بإجماعٍ قائمٍ على الحدس خوضَ هذه المخاطرة. وساعَدَ هذا القرار شركة هارمان على تحقيق نموٍّ سريعٍ للغاية ومبيعاتٍ تُقدَّر بنحو ٣ مليارات دولار أمريكي في العام الماضي.

وعلى صعيد التسويق، نرى تحوُّلًا نحو المخاطرة المعتمدة على الحدس؛ فعلى نحوٍ متزايد، نشاهد على شاشة التليفزيون إعلاناتٍ لا تستند إلا إلى قدرٍ ضئيلٍ من الأبحاث؛ انظر على سبيل المثال إلى إعلانات نايكي التي تُبثُّ غالبًا دون إجراء اختباراتٍ مكثفةٍ على مجموعاتٍ مستهدفةٍ أو إجراء بحثٍ سوقي. كثير من تلك الإعلانات يعمل على مستوًى أدنى من مستوى الوعي، ويبدو أنها لا توصل رسالةً عن المنتج، بل هي إعلانات مجردة وتركِّز على الحالة المزاجية. وعلى الرغم من ذلك فإنها ناجحة؛ إذ ميزت شركة نايكي بكونها عصرية وتتوافق مع عقلية الرياضيين الشباب.

وليس من قبيل الصدفة أن شركة نايكي تبذل جهودًا جماعية بهدف تكوين قادةٍ يمتلكون العقل والقلب والشجاعة. كذلك تميل الشركة إلى ترقية الأفراد الذين يمتلكون مزيجًا جيدًا من كل هذه الصفات، وتبذل جهودًا «للتخفيف من صرامة» القادة المعتمدين على الحقائق، من خلال جعلهم يتعاونون مع المصممين وغيرهم من الأشخاص المبدعين. إنهم يبحثون عن قادةٍ يستطيعون فهم روح علامة نايكي التجارية ودعمها بعمليةِ اتخاذ قرارٍ قائمةٍ على التحليل والحقائق، يقوم بها خبراء المجال. وبطبيعة الحال، توجد طرق كثيرة لاكتساب السليقة والحدس اللذين يسمحان للقادة بخوض المخاطرات الضرورية.

(٣) كيفية تشجيع الناس على الاعتماد على الحدس بالإضافة إلى البيانات

ندرك أن هذا العنوان يمثل أحد تحديات التنمية الكبيرة بالنسبة إلى المؤسسات. وبعض قادة المؤسسات يتجنَّبون المخاطرة بطبيعتهم، وسوف يتردَّدون في اتخاذ قرارٍ لا يمكنهم تبريره بالحقائق. وعلى الرغم من ذلك، فإن معظم القادة يستطيعون قطعًا اكتسابَ صفة الشجاعة. وعلى الرغم من ذلك، فما يحتاجونه هو التغلُّب على تحيزاتهم ومعتقداتهم الخاطئة التي تمنعهم من الاعتماد على الحدس الجمعي وعلى حدسهم الشخصي. وإليكم ثلاثة مناهج تنموية سوف تساعد في التخلص من هذه العقبات:
• «التواصل مع الأفراد على الهامش»: كثير من المسئولين التنفيذيين أسرى لتجاربهم الخاصة؛ فهم غير مستعدين للثقة في حدسهم أو معتقداتهم لأنها تبدو غير ذات صلةٍ بخبرات اتخاذ القرارات التي اكتسبوها على مدار حياتهم المهنية. لقد اعتادوا على تحليل البيانات منطقيًّا، وببطء، وبدقة، ثم اتخاذ القرار؛ إنها الطريقة التي يتبعها جميع مَن يعرفونهم. يحتاج هؤلاء المسئولون إلى إدراك أن أشخاصًا آخَرين يقومون بذلك على نحوٍ مختلفٍ كي يسمحوا لأنفسهم بتجاوز البيانات. وفي كتابنا «القيادة غير الطبيعية» وصفنا ظاهرة الوقوع في أسر التجارب الشخصية، واقترحنا على القادة ألَّا يقضوا الوقت فقط برفقة أشخاصٍ يرَوْن العالم بالطريقة نفسها.
في معظم الشركات في وقتنا الحاضر، ستجد أشخاصًا مبدعين موجودين على الهوامش. ونقصد بوجودهم على الهوامش المعنى الحرفيَّ والمجازي؛ فمن الممكن أن يكون هؤلاء شبابًا أو موظفين جددًا أو عاملين مؤقتين، ويمكن أن تجدهم في جميع الوظائف وبمختلِف الأعمار. وفي أغلب الأحيان، يكون سبب تهميشهم هو طريقةَ تجاهلهم للممارسات التقليدية، وسعيَهم وراء الأفكار الغريبة، وإيمانَهم الشديد بأفكارهم.
يحتاج القادة إلى التعرُّف على هؤلاء الأفراد واستكشاف طريقة تعاملهم مع كل شيءٍ، بدايةً من تكوين الفكرة وحتى اتخاذ القرار. ويمكنهم فعل ذلك من خلال طرقٍ كثيرة، مثل الانضمام إلى جماعات المصالح المشتركة، أو العمل ضمن فرقٍ أكثر رسميةً مكونةٍ من أفرادٍ لم يعملوا معهم من قبلُ. وبهذه الطريقة، سوف يوسعون نطاق خبرتهم ويكتشفون وجود طرقٍ أخرى للتعامل مع المشكلات والفرص غير وجهة النظر المعتمدة كليًّا على العقل.
• «كشف الافتراضات المتعلقة بالقرارات التي يتخذونها»: من خلال توجيه صناع القرار الذين يعتمدون على البيانات، وجدنا أن الموظفين يبالغون غالبًا في الاعتماد على البيانات لأنهم يرَوْن أنها مقدسة ومطلقة. وعندما نحرِّرهم من هذه الأفكار — عندما نُظهِر لهم أنهم يخوضون دون قصدٍ مخاطراتٍ أكبر بكثيرٍ عندما يتخذون القرارات اعتمادًا على بياناتٍ زائفةٍ أو متحيزة — فإن توجُّههم نحو الثقة في حدسهم يتغيَّر. ومن خلال التقييم وغيره من الأدوات، يمكن أن يساعد الموجِّهون القادةَ على أن يدركوا أنه على الرغم من اعتقادهم بتوافر جميع البيانات عندما اتخذوا أحد القرارات، فإن قدرًا كبيرًا من المعلومات كان غائبًا في واقع الأمر. ومن الناحية الفكرية، يدرك معظم القادة أن ثورة المعلومات تجعل من المستحيل الحصول على البيانات كافةً أو دراستها كلها. وعلى الرغم من ذلك، فعندما يتعلَّق الأمر بقراراتٍ معينةٍ متعلقةٍ بأمورٍ معينةٍ في العمل، فإنهم يتجاهلون هذه الحقيقة ويستمرون في استخدام البحث والتحليل كمنهجيةٍ وحيدةٍ لاتخاذ القرار. إن مواجهتهم بالدليل على أن هذه المنهجية ليست معصومة من الخطأ، تشجِّعهم على تجربة طرقٍ أخرى.
كذلك من المفيدِ التوضيحُ للقادة أن التحيزات القائمة على خبراتٍ سابقةٍ تُخفِي الحقائق في بعض الأحيان؛ على سبيل المثال: قد يقتنع بعض القادة بأنه من المستحيل مدُّ أحد خطوط الإنتاج إلى الصين، بسبب قيود البيروقراطية المتعلقة بهذا النوع من خطوط الإنتاج، وقد فشلوا في الماضي بسبب الروتين الذي يُعَدُّ جزءًا من العمليات التجارية في الصين؛ ومن ثَمَّ أصبحوا متأكدين من أنهم سيقعون في شَرَك المشكلات إذا حاولوا التوسُّع في هذه المنطقة مرةً أخرى. لكن عندما يساعدهم أحد الموجِّهين على تحديد الخطأ في هذا الافتراض، ويوضح التحيز الكامن وراءه، تنكشف للقادة في بعض الأحيان مشكلةُ اتخاذِ القرارات اعتمادًا على الحقائق وحدها. وعند هذه المرحلة يكونون مستعدين لتجربة الوثوق في حدسهم الشخصي وفي الحدس الجمعي، ويخوضون المخاطرات التي ينطوي عليها اتباع الحدسين.
• «الخروج من المكتب والدخول إلى عالم العملاء والموردين وغيرهم من الغرباء»: إن السليقة والحدس يختنقان في الغالب في البيئات المتشابهة؛ فعندما يقضي الأشخاص كلَّ وقتهم في المكتب في دراسة تقارير الأبحاث والمخططات، فإنهم يميلون إلى الاعتماد تلقائيًّا على البيانات ويستبعدون كلَّ ما سواها. يتطلَّب الحدس محفزاتٍ، وفي كثيرٍ من الأوقات توجد تلك المحفزات في التجارب التي تحدث خارج المكتب. إن الوجود مع العملاء يجعلك تدرك بالسليقة ما يحتاجون إليه، والوجود مع الموردين يجعلك تفهم كيفية تكوين شراكةٍ منصفةٍ لكلٍّ منكم، وقضاء الوقت في دولةٍ أجنبيةٍ يثير حدسك فتعرف الأمور التي سوف تنجح والأمور التي لن تنجح في هذه السوق. إن التعامل الشخصي مع أشخاصٍ مختلفين وأماكنَ مختلفةٍ يحفِّز الحدس. وتشجيع القادة على وضع أنفسهم في مواقفَ متنوعةٍ وغير مألوفةٍ سوف يساعدهم في التطوُّر، وسيجعلهم يتعلَّمون الاعتماد على معتقداتهم وحدسهم.

منذ فترةٍ ليست ببعيدة، كنا نُجري جلسة تنفيذية لمجموعةٍ من كبار المسئولين التنفيذيين في شركة أزياء عالمية. قضينا أيامًا ندقق في بيانات اتجاهات المستهلكين الخاصة بالفتيات المراهقات، وهن يمثلن سوقًا رئيسية تستهدفه الشركة. واعتمادًا على هذه البيانات بدت الاستراتيجية السوقية التي يجب على الشركة مباشرتُها واضحةً، وشملتِ التركيزَ على مظهرٍ محتشمٍ ورسميٍّ لملابس الفتيات المراهقات الصغيرات. وبعد ذلك أخذنا هذه المجموعة التنفيذية إلى إحدى حفلات المطربة بريتني سبيرز، ثم وقفنا في الخارج وشاهدنا فتياتٍ في عمر الثالثة عشرة يرتدين قمصانًا قصيرة تكشف عن البطن ومزودة بحمالة عنق، ويضعن أقراطًا في سرة البطن، وغيرها من الأنماط والسلوكيات الأخرى التي لم يكد يصفها البحث. علاوةً على ذلك، كانت الفتيات بصحبة أمهاتهن اللاتي كن يشجعن مظهر بناتهن ويشجعن شراء تلك الصيحات من الأزياء كذلك. وفي اليوم التالي، أعدنا المناقشة مع هذه المجموعة، وفي هذه المرة شكك الجميع في افتراضات اليوم السابق، بما فيها نظرتهم عن المستهلك النهائي وتطلعات العملاء، وبدءوا في استعراض أفكارٍ ومناهجَ جديدةٍ لم ينظروا إليها من قبلُ بعين الاعتبار، ومن خلال الجدل والنقاش والتواصل غير المتوقَّع مع العملاء، ظهر الحدس الجمعي، وأُعِيدت صياغة الاستراتيجية وانطلقت الشركة لتحقِّق مبيعاتٍ هائلةً في العام التالي.

إن خوض مخاطراتٍ اعتمادًا على الرؤية والقيم والحدس لهو أمر مخيف، لكن المخيف أكثر في وقتنا وعصرنا الحاضر هو الاعتماد فقط على البيانات؛ فالخيار الأخير يُعَدُّ منهجًا أكثر خطورةً إلى حدٍّ كبير؛ لأن الحقائق يمكن أن تكون سريعة الزوال مثل الشهاب المار بالسماء. يجد القادة اتخاذ خياراتٍ جريئةٍ أمرًا أكثر سهولة عندما يعلمون ما يؤمنون به ويثقون في حدسهم عند اتخاذ القرار الصائب.

•••

إن اتخاذ قراراتٍ صعبةٍ في ضوء معلوماتٍ ليست مثاليةً ليس سوى أحد تحديات الجرأة أو الشجاعة المعاصرة. وعند اتخاذ قرارٍ في عالمٍ معقد، يجب أن يوازن القادة أيضًا بين الخطر القصير المدى والأرباح الطويلة المدى، ويحددوا قدر الضغط الذي يستطيعون تحمُّله من الأشخاص الذين يجب أن يتحمَّلوا التضحيات القصيرة المدى. وفي الفصل التالي، سوف نتناول مفارقة الخطر والمكافأة في القيادة في سوقٍ عالميةٍ طموح.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤