بهجة الدنيا

يا بهجةَ الدنيا وتاجَ جلالها
أيامُنا بكِ أسعدُ الأعيادِ
فارقتُ مصر ومهجتي لِفراقِها
تدْمى وعُدْتُ لها وقلبيَ صادي
فرجعتُ للفردوس بعد فراقِهِ
وبُعِثْتُ حيًّا قبل يوم مَعادي

•••

أَخَطَرْتَ في تلك المروج عواطرًا
وملأتَ قلبَك من جلال الوادي
والجوُّ رحمانُ الفؤاد كما حَنَتْ
أمٌّ جوانحَها على أولاد
وانظر إلى الهرمين مُعْتَبِرًا تَجِدْ
أَثَرًا يُشيرُ إلى العُلا وينادي
عَصَفَتْ به غِيَرُ القرون فَرَدَّها
مَدْحُورةً طَوْدٌ من الأطواد
ولقد أخذتُ لِكُلِّ مَعْنًى حَقَّه
من لذَّتي وصبابتي وسُهادي
ودخلتُ روض الأزبكية والهوى
يُزْجي لبهجتها كريمَ ودادي
فإذا الخمائِلُ مثل عهديَ نُضْرَةً
أبدًا تراوحُها الصَّبا وتُغَادي
والزهرُ مبتسمُ الثغور تحيَّةً
لأَماثِلِ الزُّوَّارِ والرُّوَّاد
والدَّوْحُ مُلتَفُّ الغصونِ كما التَقَى
إلْفانِ بَعْد تَدَلُّهٍ وبِعَاد
وصَقَلْتُ في مصرَ الجديدة خاطري
بين الرِّياضِ وكلَّ خَدِّ نَادي
مُتَنَقِّلًا بين القصورِ مُغرِّدًا
من ذلكَ النادي لِهذا النادي
وبجيزة الفسطاط روضٌ زُرْتُها
تاهتْ بحِلْيَتِها على الأَنْداد
فالأُسْدُ تزأَرُ والظِّباءُ كوانِسٌ
والطيرُ هاتفةٌ على الأَعوادِ
من كل شاردةٍ مثالٌ رائع
لله قُدرةُ ذلكَ الصيَّاد
وإذا رأيتَ رأيتَ ثمَّ بدائعًا
لا تَنْتَهِي وبلغتَ كلَّ مُرَادِ

•••

يا مصرُ والأحداثُ في غُلوائها
والكارثاتُ وقَفْنَ بالمِرْصاد
لن يفْرَعُوكِ ودونَ خِدْرك أُمَّةٌ
وهبَتْ عزيزَ حياتها لِجِهاد
لن يسلبوكِ العِلمَ فهو شعارُنا
والدهرُ بين مراضِعٍ ومِهادِ
لن يمنعوكِ المجدَ إنَّا أهلُهُ
أبناءُ أُمِّ السادةِ الأمجادِ
من يمنع الغيثَ استَهَلَّ عَمِيمُهُ
بصواعِقِ الإبْرَاقِ والإرْعاد
مَنْ يَدفَعُ السيلَ استَمَدَّ جنونَه
مُتَحَدِّرًا من عالياتِ نِجاد
تَغْلِي على النارِ القدورُ ولاكما
تغلي الصدورُ على لَظَى الأحقادِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤