تسجيل لبعض حوادث بلاد النيل في يونية ١٩٣٠

أصبح الجِدُّ شعارَ العامِلِين
ومضَى الهزلُ وعهدُ اللَّاعبِينْ
وحَطَمْنا عُنْوَةً أغلالَنا
بقُوى الحقِّ وسلطانِ اليَقين
دارُ شُورَانا بنا آهِلةٌ
رغمَ أعداءِ البلادِ القَاسطين
وطُفَيْليين مِن أذنابهم
يشتَهُون الحكمَ حِينًا بعد حِين
سُفِّهَتْ أحلامُهم حتى غَدَوْا
ضُحْكَةَ اللَّاهِي وهُزْءَ الساخرين
كلُّ يوم يصطفيها سارِقٌ
هو بالقيدِ وبِالسجنِ قَمِين
صَنَمٌ لا رُوحَ في أَجلادِه
غيرَ أَنَّ البَوَّ همُّ الحالِبِين
أيها الأصنامُ من توْحيدِنا
حَطمُكم في الله رب العالمين

•••

يا ذليلَ الجيشِ يا رِعديدَهُ
يا حليفَ الذُّلِّ والداءِ اللَّعِين
عندما كنتَ صَبِيًّا خُنْتَنَا
واشيًا مُسْتَسْلِمًا للفاسقين
وانبَرَيْتَ اليومَ تشْفِي غيظَهم
من زعيمِ النيلِ تاجِ المُخلصين
فَبِخِزْيٍ بُؤْ وعارٍ خالدٍ
وَتَبَوَّأْ منصبًا في الأَرْذَلِين
سُمْعَةُ السوءِ أمانِي خامل
لم يُنَوَّهْ باسمِهِ في النابِهِين
ويلَهُ، أَحذَرُ نَتْنًا إنْ أَفُهْ
بِاسْمِهِ يُجْشِي نُفوسَ السامعين
أين ذاكَ البأسُ لمَّا نَفَرُوا
نَفْرَةَ العِيرِ رَأْيَ ليثِ العَرِين
أَسْلَمُوا السودانَ جُبْنًا وأَتَوْا
يقتُلُون الأوفياءَ الباسلين

•••

جُرْحُ سَيْنُوتٍ وَقَى فادي الحِمَى
بِحياةٍ كحياة المُرسَلِين
هكذا الإخلاصُ يا سينوتُ ما
بعدَ هذا مَفْخَرٌ لِلفاخرين
فِرْيَةُ التَّفْريقِ هذا حَدُّها
فلْنُقبِّح أوجهَ المستعمرينْ
إنَّ حبَّ النيلِ أضحَى دينَنَا
وقديمًا كان حبُّ النيلِ دِين

•••

إيهِ يا مكرمُ يا ويصَا ويا
كلَّ مَنْ يخلِصُ لِلنيلِ الحزينْ
ما الذي تُنْتِجُهُ أحلامُكُم
من حكيمِ الرأيِ والنُّصْح الثمين
وذَكاءٍ تزْدَهي الدنيا بِهِ
فهو تاجُ الدهرِ بل حَلْيُ القرون
خُلِّدَتْ آثارُهُ في هرمٍ
ينطَحُ الأفلاكَ أو كنزٍ دَفِين

•••

شُهَدَاءُ الحقِّ لاقَوْا ربَّهم
وزَكَتْ أرواحُهُم في الطاهرينْ
قُرِّبوا وازَّيَّنَ الحُورُ لَهُم
وزَهَتْ دارُ الرِّضا بالأكْرَمِين
كم قتيلٍ لَذَّ في مصرَ الردَى
وَدَّ لو نُقْتَلُ فيها أجمَعِين
أو جريحٍ بَرَّحَتْ آلامُه
فاسْتَطَابَ الدمعَ فيها والأنِين
نحن لا نَطلبُ إلَّا حقَّنا
من أَشِدَّاءَ علينا مُعتَدين
جَلَّ هذا الحقُّ أن يُعْطَى لنا
مِنحةً فلْننتزعْهُ غاصبين
ولْيَعِشْ من عاش مِنَّا سيِّدًا
ولْيمُتْ حُرًّا من اسْتَوْفَى السِّنِين

•••

أَيُّهَذَا المُصْطَفَى في قومِهِ
بعدَ سعدٍ والمُفَدَّى والأمينْ
عندما فاوضْتَهُمْ أعجبَنَا
منكَ إخلاصٌ يسوءُ الخائنين
وإباءٌ بُوركَتْ آلاؤُهُ
هو لِلحُرِّ على الضُّرِّ مُعين
مصطفى التُّركِ بناها دولةً
تَفْرَعُ النجمَ وتُعْشِي الناظرين
بِظُبَا كلِّ حُسامٍ مُرْهَفٍ
يَفْلِقُ الهامَ ويمضِي لِلْوَتِين
وابْنِهَا أنتَ لنا سَعدِيَّةً
سيفُها الحقُّ يقُدُّ الدَّارعِين
رُبَّ جيشٍ كُتِبَ الظَّفْرُ لَهُ
أَعزَلٍ إلا من الحقِّ المُبِين

•••

إيهِ يا نحاسُ كُنْ نحسًا على
دولةِ الفرْدِ وحكمِ الجائرينْ
أو نُحَاسًا تَتَشَظَّى فوقَه
مَرْهَفاتٌ في أكُفِّ الغادِرِين
لا تُعَاوِنْهُمْ وقاطِعْهُمْ تَفُزْ
بِثوابِ المُرشِدِين المُهْتَدِين
واتْرُكِ الدنيا لِمَنْ يَرْضَى بِهَا
وابْنِ في التاريخِ صرحَ الخالدين
مُرْ فما في مصرَ إلا طاعَةٌ
لِرئيسِ الوفد فخر الآمرين
كلُّ شَرْعٍ سَنَّهُ الوفدُ لنا
هو دِينُ القِبطِ قبلَ المسلمينْ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤