كن لي شفيعًا

أُجِلُّكَ عن مدحي وأُغْليك عن شعري
فإنَّكَ ممدوحٌ من الله في الذِّكْرِ
رَأَى الله عجزَ الناسِ عن شكرِ أحمد
فقام تعالى بالثناء وبالشكر
فأَثْنى عليك الله في سورةِ الضُّحَى
وأثنَى وكم أثنى وفي سورة الحشر
فلو لم يكن فرضًا مديحُك عاقَنِي
قصوري وكان العجزُ في تركِهِ عذري
فَلَبَّيكَ ربي ذا ثنائي ولم يَكُنْ
على قدرِه حمدي ولكنْ على قدري
وعفوَك ربِّي ذاك نظمي وإنني
لَأَبْرَأُ من نظمي إليك ومن نثري
إليك رسولَ الله تسْرِي بيَ المُنَى
على نورِ ظَنٍّ فيك يسطع كالبدر
إلى حَرَمٍ عالي الجَنابِ مُمَنَّعٍ
عن الوصفِ ناءٍ عن مغامرَةِ الفكر
مقامٌ تحاماهُ الملائكُ هَيْبَةً
لِما ضَمَّ من مجدٍ وما حاز من طُهر
عليك صلاة الله لستُ بِبَالغٍ
عُلَاك ولو أني اغترفتُ من البحر
نبِيٌّ بِدينِ الحقِّ جاء وبالهُدَى
وقد ثَقُلَتْ فوق الثرى وطأةُ الكفر
شريعَتُه فيها الشرائعُ أُغْرِقَتْ
كما تغرقُ الأسحارُ في لُجَجِ الفجر
من العُربِ لكنْ زيَّنَ العُربَ بيتُه
كما زان مَرْأى روضةٍ ضاحَكُ الزهر
تلاقتْ بعبدِ الله مُنْجِبهُ الهُدَى
كما يلتقِي عِقدُ المليحةِ بالنحر
فجاءا به خير العبادِ جميعِهِمْ
وأسمحَ خلقِ الله في اليُسْرِ والعُسْر
له العزمة الشَّمَّاءُ في كلِّ عِثْيرٍ
تساوت به شُهْبُ الصَّوافِنِ بالشُّقْر
ولو لم يُتابِعْه الصحابةُ لِلوَغَى
لَقاتلَ أهلَ الأرضِ بالسيفِ والصبر
فليس يبالي من له الله ناظرُ
إذاما رماه الناسُ بالنظرِ الشَّزْر
وليس سواءً صارمان مُضَلَّلٌ
وآخرُ موعودٌ من الله بالنَّصر
ويومَ يناديها اركبي فَتُثِيرُهَا
عَجاجًا وترميهم بِقاصمةِ الظَّهر
عليها من الغُرِّ الميامينِ فِتْيةٌ
مُناهم لِقاءُ الله في موكبِ الظَّفْر
إذا ذُكِرَ الرحمنُ بين صفوفِهِم
رأيتَ سُكارَى في الإلهِ بلا سُكْر
رأيتَ كِرَامًا يبذُلون نفوسَهم
سخاءً ولكنْ يحرصون على الأجْرِ
يسيرون حول المصطفى وكأنَّه
وحاشاه بدرٌ حُفَّ بِالأنجمِ الزُّهْرِ
بِكُلِّ ولِيِّ الله يقطرُ وجهُهُ
لَدَى الموتِ من ماءِ البشاشةِ والبشر
يعاف ثيابَ المُلكِ والتاجُ فوقها
إذا أُدْنِيَتْ منه ولو عاش في طِمْرِ
يدُوسُ بِرِجْليه السيوف كأنما
إلى الموتِ يمشي من ظُباها على جسر
لدى كل صُبحٍ يُلحِقُ البيضَ بالسُّمْرِ
وفي كل ليلٍ يُتْبِعُ الشفعَ بالوِتْرِ
يعيش طَوالَ الدهرِ ليس غذاؤه
سوى الذكرِ والتسبيح في الصوم والفِطْرِ
يمرُّ به حلو الحياة ومُرُّها
كما مَرَّ أعلام الفِجاج على سَفْرِ
يرى جنةَ الفردوسِ خلف عِداتِهِ
فيضرب بالصَّمْصامِ في ذلك الستر
سواءٌ لديه جارُهُ وعشيرُهُ
ومن كان ذا قُرْبى ومن كان ذا صِهْرِ
إذا مرضَتْ كفٌّ وخِيفَ أذاتُها
فليس لها في الطبِّ خَيْرٌ من البَتْرِ

•••

فيا أيها الهادي المُطهَّرُ إنني
عصَيْتُ فلم أحفِلْ بنَهْيٍ ولا أمر
وأرتَعتُ نفسي في رياض شقائها
وحمَّلْتُها ما لا تُطيقُ من الوِزْرِ
فكم من هِناتٍ لي على الله سَتْرُها
وكم من فَعالٍ كاد يُرْبي على الكفر
وهذي يدي إني إلى الله تائبٌ
ومستغفِرٌ حتى أُغَيَّبَ في قبري
فكُنْ لي شفيعًا عند ربي فإنني
ضعيفٌ ولا أقوى لِبردٍ ولا حَرِّ
عليك صلاة الله ما دام غافرًا
حليمًا رحيمًا ذا سماحٍ وذا بِرِّ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤