الفصل الثالث

العهد الوندالي

٤٣٠–٥٣٤م

(١) الاستعمار الوندالي للجزائر

أصل الوندال جرماني، توطنوا في سواحل البلطيق حوالي القرن الأول الميلادي، ثم استقروا بشبه الجزيرة الإيبيرية. «يكاد يُجمِع المؤرخون على إقامة الوندال في منطقتي أودر وفيستول.»١ كان الرومان يصفونهم: بالوحشيين Barbares. كان أول عهدهم بشمال إفريقية سنة ٤٢٨م عندما دخلوا عبْر مضيق جبل طارق، وكان تعدادهم يومها ٨٠ ألفًا وجيشًا يضم حوالي ٥٠ ألف مقاتل بقيادة الملك جنسريق Geiséric.٢
خرَّب الوندال كل ما وجدوه قائمًا في زحفهم، ولما طلب بونيفاس من الوندال الرحيل لما لمسه منهم من عنف وغلظة ضد السكان المحليين، رفضوا فأعلن الحرب عليهم، وقد اتَّخذ من عنابة Hippone مقرًّا لقيادته.

(٢) أغستنس: الاستماتة في قتال الوندال

شنَّ الوندال الحرب على بونيفاس وأتباعه وحُوصر حصارًا شديدًا لمدة خمس سنوات، ثم احتلوا عنابة سنة ٤٣١م، واتخذوها عاصمة لمملكتهم. تمكَّن بونيفاس من الفرار إلى إيطاليا وقُتل القسيس أغستنس Augustin في معركة فك الحصار وهو يدافع عن الجزائر.٣

بعد سقوط عنابة، احتلَّ الوندال قرطاجة سنة ٤٣٩م. أحكم المحتلون قبضتهم على شمال إفريقية، فأجهزوا على الأمازيغ وصادروا أراضيهم وممتلكاتهم، واضطهدوا رجال الكنيسة وبالخصوص الدوناتيون. انكمشت الحياة الاقتصادية في نوميديا بسبب الوضع الأمني الذي فرضه الوندال على رقاب الأمازيغ.

(٣) الظلم الوندالي يحرِّك الثورة الأمازيغية

بدأت بوادر الوهن تظهر على الوندال بعد وفاة جنسريق سنة ٤٧٧م، فساءت أحوال السكان جرَّاء الجور والظلم الوندالي، فكان هذا الضعف عاملَ قوةٍ ساعد الأمازيغ على الثورة سنة ٤٨٠م من جبال الأوراس وجبل راشد، فكان النصر حليف أصحاب الحق من الأمازيغ سنة ٤٨٣م.

١  محمد الهادي جارش، «التاريخ المغاربي القديم السياسي والحضاري منذ فجر التاريخ إلى الفتح الإسلامي»، المؤسسة الجزائرية للطباعة، الجزائر، ١٩٩٢م، ص٢٣٤.
٢  محمد الهادي جارش، مرجع سابق، ص٢٣٩.
٣  محمد الهادي جارش، مرجع سابق، ص٢٤٠.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤