خاتمة

تشريح أزمة مالية

بدأت الثورة الصناعية في وسط إنجلترا في أواخر القرن الثامن عشر، وسرعان ما برزت مانشستر بمنزلة قلبها الخفَّاق الفوضوي القذر.1 كان للطائفة الصغيرة من الأكاديميين ورجال الأعمال المحليين الذين اتحدوا سنة ١٨٣٣ تحت اسم جمعية مانشستر الإحصائية ما بلغ مبلغ الصدارة في خلق الحداثة الاقتصادية. وبفضل تلك الرؤية الممتازة، كان أعضاء الجمعية الإحصائية من أوائل من محَّصوا بعضًا من المعضلات المحدِّدة لرأسمالية السوق تمحيصًا جادًّا. كان من بينها سؤال يتعلق بما تسبب في دورة الأعمال، وعلى وجه التحديد الانكماشات الحادة الدورية في الأسواق المالية التي صاحبتها.
كان ويليام لانجتون — وهو مصرفي اعتُبر بمنزلة القوة الدافعة للجمعية الإحصائية في عقودها الأولى — أولَ من اقترح أن لهذه الدورة صلة بالتقلبات فيما سمَّاه «صندوق الائتمان». كما أثار لانجتون أيضًا مسألة ما زال صداها يتردد إلى يومنا هذا وهي: «ما إذا كان هذا الهدف — بافتراض أن تحقيق المساواة في الثروة على وجه الأرض هو في النهاية فائدة عظيمة — لا يتحقق على نحو أسرع من خلال هذا الفعل المتقطع منه من خلال التقدم المستمر — وإن كان بطيئًا — لتجارة مشوبة بالحذر.»2

كان عضو أصغر سنًّا بالجمعية — وهو المصرفي، والشاعر السابق، جون ميلز — هو الذي قام بأول محاولة جادة لتفسير ما الذي يتسبَّب في هذا «الفعل المتقطع». ساقَ ميلز — في مقالة قرأها أمام الجمعية سنة ١٨٦٧ بعنوان «حول الدورات الائتمانية وأصل حالات الهلع التجاري» — الحجة على أن «علة الأزمة التجارية في جوهرها ليست مسألة «أموال» بل مسألة «عقل».» كانت على وجه التحديد مسألة ذاكرة.

كتب ميلز: «نحن نعلم ميل العقل البشري إلى أن يستمد من الأوضاع الحالية ألوان المستقبل المتنبأ به.» وفي السنوات الأولى من دورة ما — وأعني «فترة ما بعد الهلع» — يكون التجار «ما زالت لديهم ذكرى واضحة ﻟ «جمعة سوداء» أو ليوم آخر داكن اللون.» ثم تأتي «الفترة الوسطى أو فترة الانتعاش» عندما تكون أنشطة الأعمال قوية ويزداد التفاؤل. وبعد عقد من الزمن أو نحو ذلك من الرخاء، يكون معظم المسنين المغتمين الذين يذكرون آخر انهيار قد ذهبوا و«انحسرت الثقة الصحية … متحولةً إلى مرض ثقة بالغ السطحية.» وهكذا تكون «الفترة المضاربية» قد بدأت:

لا يفكر الحشد الكبير من المستثمرين … في المشروعات المالية والصناعية … في خضم حالتهم المزاجية المثارة في الأسئلة ذات الصلة، المتمحورة حول ما إذا كان رأس مالهم سيثمر بسرعة، وما إذا كان التزامهم غير متناسب مع مواردهم المالية. وهكذا تتعرض الطبقات التجارية والاستثمارية لقدر هائل من الالتزام الذي يتوقف نجاحه على الوضع المتزعزع لاستمرارية سلَّم الأسعار القائم.

ثم يتلو ذلك «الهلعُ»، وهو من وجهة نظر ميلز ليس ظاهرة في حد ذاته بقدر ما هو نتيجة حتمية لما جرى من قبل.3 مضى هذا السرد ليكون بمنزلة النموذج (دون أن ينسب إليه الفضل في العادة) لعدد لا يحصى من التحليلات الرائجة لدورة السوق. لكن أساتذة الاقتصاد واجهوا صعوبة فيه. أفاد ميلز سنة ١٨٧١ أن أستاذًا للاقتصاد كان قد اعترض قائلًا إن تحليله ««دراسة نفسية وليس دراسة في مجال الاقتصاد السياسي»؛ ومن ثم لا يمكن تأسيس أي من مبادئ هذا العلم الأخير عليه.»4
ليس واضحًا مَن كان هذا الاقتصادي، ولا نرجِّح من كلام ميلز أنه صديقه وزميله العضو بالجمعية الإحصائية ويليام ستانلي جيفونز، أستاذ الاقتصاد الرياضي الرائد. لكن بعد ذلك بأربع سنوات، قدم جيفونز تعديله الشهير لرواية ميلز؛ حيث قال: «إن هذه الحالات المزاجية للعقل التجاري — في حين أنها تشكل الجزء الرئيسي من الظواهر — ربما تسيطر عليها أحداث خارجية، ولا سيما حالة المحاصيل.» وافترض جيفونز أن حالة المحاصيل تتقرر بدورها بفعل دورة البقع الشمسية التي تستغرق إحدى عشرة سنة.5

تلك الفرضية السوقية تحديدًا لم تصمد جيدًا، لكن الاقتصاديين ظلوا يبحثون عن تفسيرات لتقلبات الأسواق تستند إلى شيء أكثر متانة من تذبذبات المزاج الجمعي. تجاهلت النظريات النيوكلاسيكية النمطية ببساطة دورة الأعمال. وكان الاقتصاديون الذين يمثلون التيار السائد — مثل إرفينج فيشر وجون مينارد كينز، الذين بحثوا الانكماشات الاقتصادية — يميلون إلى تصويرها كانحرافات مرنة عن العرف الاقتصادي أكثر من كونها ظواهر أصيلة في الرأسمالية.

لا يسع المرء أن يقول إنهم كانوا مخطئين فيما فعلوا. فقد ابتكر فيشر وكينز أدوات مفيدة بحق لمكافحة الكساد. وكل ما كان على ميلز فعله سنة ١٨٦٧ كعلاج للهلع هو «التوعية الخاصة لطبقاتنا التجارية بتلك الحقائق العلمية ذات الصلة بخلق الثروة وتوزيعها.»6 وقد أخفق الاقتصاديون الآخرون الذين ساروا على خطى ميلز — مثل ويسلي كلير ميتشل — في التوصل إلى أي شيء أحسن من ذلك.

لكن من الواضح أن شيئًا ما مهمًّا يُفقد عندما تُحذف ملاحظة ميلز عن المواقف المتذبذبة تجاه المخاطر من تحليل السوق. وقد حاول كينز تضمينها بالحديث عن «أرواح الحيوانات» التي تؤثر على النشاط الاقتصادي، لكن الاقتصاد الكينزي الذي برز في أعقابه شغل نفسه بتوقعات تفسيرات سيكولوجية للانكماشات.

بداية من ستينيات القرن العشرين، بدأ الاقتصادي هايمان مينسكي جهدًا فرديًّا طويلًا لإعادة جانب الأرواح الحيوانية من جوانب الكينزية إلى محور الاهتمام. حصل مينسكي على البكالوريوس من جامعة شيكاجو والدكتوراه من جامعة هارفرد، ودرَّس في أماكن مرموقة كجامعة كاليفورنيا في بيركلي وجامعة واشنطن في سانت لويس. لكنه كان يعمل بعيدًا جدًّا عن التيار السائد. كان بعض مفكري وول ستريت مسحورين بنظرياته، لكن معظم الاقتصاديين الأكاديميين تجاهلوه.7
كان أهم محور من محاور عمل مينسكي يشبه محور عمل جون ميلز، وهو أن الاستقرار يولِّد عدم الاستقرار. فالأوقات الجيدة المستدامة تجلب حتمًا ممارسات مالية غير مستقرة على نحو خطير. كتب مينسكي سنة ١٩٧٨ يقول:
خلال فترة من السكينة على وجه التحديد … سيكون هناك تراجع في قيمة التأمين التي يمنحها الاحتفاظ بالمال، وسيؤدي هذا إلى ارتفاع في سعر الأصول الرأسمالية وحدوث تحول في أفضلية المحافظ على السواء، بحيث يمارس قطاع الأعمال مزيجًا أكبر من التمويل المضاربي، بل وتمويل بونزي، ويقبل المصرفيون هذا المزيج.8

كان تمويل بونزي — حسب تصنيف مينسكي — يشتمل على تقديم قروض لا يمكن سدادها من «دخل» المقترض المتوقع. ولا تنتهي الأمور على ما يرام إلا إذا واصل سعر الأصل الذي مُنح القرض بضمانه ارتفاعه. ومثل المخططات الهرمية لتشارلز بونزي — محتال بوسطن الذي ظهر في مطلع القرن العشرين — فإن هذا الشيء بطبيعته لا بد أن ينتهي نهاية سيئة. في سنة ٢٠٠٣ أو نحو ذلك، صار تمويل بونزي يهيمن على قطاع الإسكان الأمريكي، وانتهى الأمر نهاية سيئة.

•••

بدأت فقاعة الألفية الجديدة في أسعار الإسكان بأساس متين في الواقع الاقتصادي كما هو الحال مع معظم الفقاعات؛ حيث ارتفعت الأسعار خلال معظم فترة تسعينيات القرن العشرين مع نمو الاقتصاد، وكانت أشد سرعة في ارتفاعها في الأماكن التي كان يصعب فيها بناء مساكن جديدة كافية لمواكبة الطلب لأسباب تعود إلى الجغرافيا والسياسة المحلية؛ المناطق الساحلية بكاليفورنيا والمناطق الساحلية بفلوريدا والمناطق الحضرية بنيويورك.

في أعقاب إخفاق سوق الأسهم، أبدى آلان جرينسبان وزملاؤه في لجنة السوق المفتوحة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي قلقهم من احتمال انزلاق الولايات المتحدة في دوامة انكماشية. وكتلاميذ نجباء لإرفينج فيشر، خفضوا أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى ١ في المائة، واحتفظوا بها عند ذلك المستوى من منتصف سنة ٢٠٠٣ حتى منتصف سنة ٢٠٠٤ لتفادي هذا الاحتمال الرهيب. أدى عدم وجود أي تهديد بالتضخم، وارتفاعُ الطلب من الخارج على الأوراق المالية ذات الدخل الثابت، إلى إبقاء أسعار الفائدة على الدين طويل الأجل منخفضة أيضًا. ووصلت أسعار الفائدة على كلٍّ من الرهون العقارية القابلة للتعديل والثابتة إلى مستويات متدنية تاريخية.

كانت هذه هي الأسباب الأساسية لحدوث زيادة أعلى من الاتجاه السائد في أسعار المنازل، لكن أسعار المنازل المتزايدة تلك أصبحت في النهاية نبوءة محققة. فارتفعت ارتفاعًا سريعًا جدًّا على امتداد السواحل لدرجة أنه قلَّ أكثر وأكثر عددُ الأشخاص الذين يطيقون شراء بيت وفق معايير الاكتتاب التقليدية حتى في ظل انخفاض أسعار الفائدة. بدأ المقرضون في خضم محاولاتهم اليائسة للحيلولة دون انخفاض أحجام المعاملات يروجون لقروض غريبة تسمح للمقترضين بعدم سداد شيء سوى الفائدة، أو أغروهم بأسعار فائدة منخفضة للغاية في البداية، أو بطريقة أخرى وضعوا مبالغ مالية كبيرة في أيدي أشخاص ما كان يمكنهم أبدًا من قبل اقتراض مثلها.

لم تكن هذه القروض عالية المخاطر وغير التقليدية جديدة بالكلية، لكنها كانت قبل ذلك مجالًا صغيرًا من مجالات الأعمال تهيمن عليه البنوك وجمعيات الادخار واتحادات التسليف التي كانت تسجل القروض في دفاترها؛ ومن ثَمَّ كان لديها حافز لمراقبة المخاطر بعناية. لم تكن تجزئة الرهون العقارية وطرحها على هيئة سندات دين — التي شاعت لأول مرة في ثمانينيات القرن العشرين ويعود بعض الفضل في هذا إلى النماذج الرياضية المستندة إلى الخيارات التي سهلت تسعيرها — تُستخدم إلا مع الرهون العقارية التقليدية عالية الجودة. كان يهيمن على السوق عملاقان خلقتهما الحكومة، وهما فاني ماي وفريدي ماك.

في أواخر سنة ٢٠٠٣، انسحبت فاني وفريدي بعد أن لحقتهما فضائح محاسبية ومُنعتا من شراء معظم الرهون العقارية عالية المخاطر أو أية قروض أكبر من حد القروض المطابقة للمعايير الموضوع من قبل الأجهزة التنظيمية، وقد كان يبلغ ٣٢٢٧٠٠ دولار سنة ٢٠٠٣. أقبلت شركات وول ستريت بلهفة على ملء هذا الفراغ، فاشترت الرهون العقارية من السماسرة والمقرضين بضمان رهن وطرحتها على هيئة أوراق مالية مدعومة برهون عقارية. في انحراف عن الصواب، سُمح لفاني وفريدي بشراء هذه الأوراق المالية المدعومة برهون عقارية عالية المخاطر، فاشترت الشركتان بعشرات المليارات من الدولارات لتحقيق أهداف الإسكان الميسر التي وضعها الكونجرس. كما أعادت شركات وول ستريت هذه طرح هذه الأوراق المالية على هيئة سندات حيازية ضامنة للدين سمحت لها بتحويل حتى الرهون العقارية عالية المخاطر المشكوك فيها كأشد ما يكون الشكُّ إلى دين من الدرجة الممتازة. بل إن المشتقات الجديدة المسماة مقايضات مخاطر الائتمان — والتي أتاحت لطارحي السندات الحيازية الضامنة للدين ومشتريها التخلص من بعض مخاطرها — سمحت بإنشاء المزيد من الائتمان. كانت تدعم كل هذا الطرح وإعادة الطرح والاشتقاق نماذج مخاطر قائمة على نظرية الخيارات، وكانت جودتها بطبيعة الحال تتوقف على ما تحتوي من معلومات. وفي أحوال كثيرة، ونظرًا لأن توريق هذه الأنواع من القروض كان جديدًا تمامًا، اعتمدت النماذج على سنتين فقط أو ثلاث من البيانات التاريخية.

كان ذلك جنونًا، وكان كثير من الناس يعلمون أنه جنون أثناء حدوثه. قال مارك زاندي — وهو متنبئ اقتصادي تُقرأ توقعاته على نطاق واسع — في نوفمبر ٢٠٠٥: «يدرك المقرضون المخاطر، لكن ليس لديهم خيار سوى مواصلة توسيع حدود الائتمان. إنه قانون جريشام في طور العمل: المقرضون الرديئون يطردون الجيدين. وفي ظل القدرة الكبيرة الحالية للقطاع على إنتاج قروض مضمونة برهون عقارية — وذلك بعد سنوات من النمو المتصاعد — يجب على كل المقرضين إما مواكبة أشدهم جرأة وإما المخاطرة بفقدان حصتهم السوقية بسرعة.»9

فهل يمكن وصف هذا السلوك بالعقلاني؟ بالنسبة لسماسرة الرهون والمصرفيين الاستثماريين الذين كانوا يرتبون هذه الصفقات، ربما كان الأمر كذلك بالتأكيد. فالفئة الأولى كانت تتقاضى أموالًا لإنشاء قروض، والثانية لإعادة تشكيل هذه القروض على هيئة أوراق مالية قابلة للتسويق. كانت التبعات المحتملة للقروض المشكوك في سدادها آجلة، أما شيكات الأجر فكانت عاجلة. كان الأشخاص الذين يديرون بنوك الرهون والبنوك الاستثمارية المنخرطة في هذا النشاط المؤسف سيصبحون في موقف خطير لو أن هذه القروض تحولت إلى مشكوك في سدادها بالجملة، لكن ذلك أيضًا كان احتمالًا افتراضيًّا، في حين أن المعركة على الحصة السوقية كانت حقيقة واقعة. ينطبق الأمر نفسه على متخذي القرار في وكالات التصنيف الذين منحوا إجازتهم لأوراق مالية تقل شفافيتها يومًا بعد يوم.

بالنسبة للمقترضين، كان ذلك أقرب إلى خليط متفاوت. كان تعقيد القروض يحيِّر كثيرين منهم. بعضهم كان يُقْدم على استثمارات محفوفة بالمخاطر، لكنها ليست جنونية، أتاحتها معايير الإقراض المتساهلة في مجال ملكية المنازل. وتعرض آخرون للاحتيال. وهناك آخرون أيضًا كانوا هم أنفسهم محتالين. ربما كان المستثمرون الذين اشتروا الأوراق المالية المدعومة برهون — المصارف وصناديق التحوط وصناديق المعاشات والمؤسسات الوقفية بل والحكومات — الحالة الأشد استرعاءً للاهتمام من كل ما سواها. كانت تحذيرات زاندي وكثيرين آخرين على مرأى ومسمع من الجميع بحلول أواخر سنة ٢٠٠٥، لكن المستثمرين واصلوا الشراء. ساعدتهم العوائد المرتفعة على الأوراق المالية المدعومة برهون والسندات الحيازية الضامنة للدين على الوفاء بمعايير الأداء الموضوعة لهم والاحتفاظ بوظائفهم. وبالنسبة للملاك النهائيين — المساهمين في المصارف، وعملاء صناديق التحوط، وأصحاب المعاشات — هل كان يمكن حقًّا أن نتوقع منهم إدراك طبقات المخاطر المتعددة المتراكمة فوق سوق الرهون؟ على سبيل المقارنة، كانت فقاعة سوق الأسهم التي رأيناها في أواخر تسعينيات القرن العشرين ظاهرة شفافة يسهل إدراكها.

مهما كانت الأسباب، كانت النتيجة التراكمية سوقًا مالية غير عقلانية، سوقًا بنيت لتنهار بمجرد أن تتوقف أسعار المنازل عن الارتفاع. وفي صيف سنة ٢٠٠٦، بلغت الأسعار ذروتها وبدأت تنخفض. بدأ ينهار العملاق الذي كان بحلول ذلك الوقت صرحًا معقدًا على نحو يفوق الوصف لتوريق الرهون. ومنذ ذلك الحين لم يعد النظام المالي العالمي كما كان.

•••

صمدت سوق الأسهم — الموضوع الفعلي لفرضية كفاءة السوق ليوجين فاما — جيدًا خلال فترة الهلع. أخفق المستثمرون في الأسهم في التنبؤ بالمتاعب التي ستنشأ عن فوضى الرهون، لكنهم استوعبوا الأنباء السيئة لدى صدورها بأسلوب عقلاني يستحق الإعجاب. انخفضت أسعار الأسهم، انخفضت كثيرًا، وارتفعت التقلبات ارتفاعًا حادًّا، لكن أسواق الأسهم لم تتعثر ولم تتوقف عن العمل.

لكن بالنسبة لمعظم من كانوا في مجال المالية — إلى جانب جين فاما — كان مفهوم السوق المالية العقلانية يُعنى بما هو أكثر من الأسهم. كان يُعتقد بوجه عام أن أسواق الأوراق المالية تتسم بخواص شبه سحرية هي السرعة والعشوائية والصواب. كانت سوق الرهون قد أصبحت سوق أوراق مالية. ومع ذلك فقد ارتكبت أخطاءً فادحة أثناء ارتفاعها، وتوقفت عن العمل أثناء انخفاضها.

يمكن أن تعزى جزئيًّا هذه الفترة التي ساد فيها الخطأ إلى الأخطار الحتمية التي تحف الابتكار المالي. فكل الفقاعات والانهيارات الكبرى تقريبًا في الأسواق المالية على مر التاريخ اشتملت على منتج مالي جديد أو تكنولوجيا مالية جديدة يسيء المشاركون في السوق — الذين لا خبرة لديهم — تقديرَ مخاطر ذلك المنتج أو تلك التكنولوجيا. بداية من بصيلات الخزامى في هولندا القرن السابع عشر إلى السندات الحيازية الضامنة للدين التي قامت على الرهون عالية المخاطر، كان التجديد دائمًا أمارة خطر. لا شيء جديد هناك، ما عدا أن نمذجة المخاطر الكمية جعلت الناس أشدَّ عمًى من المعتاد عن الجانب السلبي المحتمل.

قال ديفيد فينيار — المدير المالي بجولدمان ساكس — في أغسطس ٢٠٠٧ بعد أن تكبَّد صندوق التحوط القيادي التابع للشركة خسائر باهظة خلال الاضطرابات الأولى في أسواق الائتمان: «كنا نرى أشياء تمثل تحركات بمقدار ٢٥ انحرافًا معياريًّا، ولأيام عديدة على التوالي.»10 بدا أن فينيار يقصد أن ما حدث لم يكن ممكنًا التنبُّؤ به؛ حيث إن أي حدث بمقدار ٢٥ انحرافًا معياريًّا ينبغي ألا يحدث إلا كل مائة ألف سنة. وربما يكون هناك تفسير أفضل، وهو أن نماذج المخاطر التي كانت لديه لم تكن جيدة جدًّا.

في سوق الإسكان، حلت مثل هذه النماذج محل القواعد المستمدة من الخبرة التي هيمنت لعقود. النسب التقليدية للقروض إلى القيمة والمدفوعات الشهرية إلى الدخل أفسحت الطريق للتصنيف الائتماني ولتدرجات التخلف عن السداد التي يزعم دقتها، رغم أنه تبين في حقيقة الأمر أنها عديمة الجدوى تمامًا. في سبعينيات القرن العشرين، جادل عاموس تفرسكي ودانيال كانيمان بأن متخذي القرارات على أرض الواقع لا يتبعون النماذج الإحصائية التي وضعها جون فون نويمان وأوسكار مورجنشتيرن، لكنهم يستخدمون مبادئ إرشادية، أو قواعد مستمدة من الخبرة، بدلًا من ذلك. وآنذاك كان قطاع الإقراض المضمون برهن يتعلم أن المبادئ الإرشادية تعمل أفضل كثيرًا من النماذج الإحصائية المستمدة من عمل فون نويمان ومورجنشتيرن.

لقد تفوَّق البسيط على المعقد. في سنة ٢٠٠٥، نُشرت لروبرت شيلر طبعة ثانية من «الوفرة اللاعقلانية» تضمنت فصلًا جديدًا من عشرين صفحة حول «السوق العقارية من منظور تاريخي». لم يقدم الكتاب معادلات لتحديد ما إذا كانت الأسعار صحيحة أم لا، لكنه تضمَّن دليلًا بأسعار المنازل الأمريكية حتى سنة ١٨٩٠. بيَّن ذلك الدليل — الذي تولى شيلر تجميع الستين سنة الأولى منه لأول مرة من مجموعة متنوعة من المصادر — أن أسعار المنازل المعدلة حسب التضخم تراجعت في الماضي لعقود دون انقطاع. كما بيَّن أن الزيادة في الأسعار منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين كانت أكثر حدة من أي زيادة مسجلة.

في خريف ذلك العام، نشر خبير اقتصادي في مجلس الاحتياطي الفيدرالي واثنان من الأساتذة بكليات إدارة الأعمال مقالة حول أسعار المنازل في دورية «جورنال أوف إيكونوميك بيرسبكتفز». استخدموا بيانات إقليمية حول العلاقة بين أسعار المنازل والإيجارات على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية لبناء نموذج استبيان أن الأسعار كانت — في معظم أنحاء البلد — ضمن حدودها التاريخية تمامًا. وفي إيماءة رافضة موجهة إلى شيلر، عاتب المؤلفون أولئك الذين جادلوا بأن «النمو المرتفع في الأسعار … دليل في حد ذاته على أن المساكن مقدَّرة بأعلى من قيمتها.»11 صحيح أن تاريخ الأسعار الذي جمَّعه شيلر لم يُثبت أي شيء، لكن بدا فعلًا أن بياناته تدل على أن استخدام البيانات الحديثة للحكم على المخاطر — لأنها أفضل البيانات المتاحة وأكثرها موثوقية — يمكن أن يكون مضللًا. وضع هذا شيلر مرة أخرى في موقف أشبه بموقف روجر بابسون حيث جادل بأن ما يرتفع لا بد أن ينخفض، وهو ما حدث.

•••

فيما بدأت أسواق الائتمان تنهار في النصف الأخير من سنة ٢٠٠٧، أصبح هيمان مينسكي — الذي كان مغمورًا ذات يوم والذي كان قد مات سنة ١٩٩٦ — فجأة نجمًا من النجوم؛ حيث استشهد مخططو وول ستريت الاستراتيجيون بكلامه على نحو متواصل، وأعيدت طباعة كتبه. بدأ الاقتصاديون الذين يمثلون التيار السائد يعترفون بأن أفكاره ربما تكون صحيحة.12 حتى قبل ذلك الحين، تحدث آلان جرينسبان بنبرة مميزة يغلب عليها طابع منسكي في واحدة من خطبه الوداعية كرئيس لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في أغسطس ٢٠٠٥ فقال:
الزيادة الهائلة في القيمة السوقية لمطالبات الأصول هي نوعًا ما نتيجة غير مباشرة لقبول المستثمرين تعويضًا أقل عن المخاطر. غالبًا ما ينظر المشاركون في السوق إلى مثل هذه الزيادة في القيمة السوقية باعتبارها هيكلية ودائمة. إلى حد ما، ربما تعكس تلك القيم العليا زيادة مرونة اقتصادنا وقدرته على الصمود. لكنَّ ما يرونه كسيولة توافرت حديثًا يمكن أن يختفي بسهولة. وأي استهلال لدرجة زائدة من حذر المستثمرين يرفع بدلات المخاطر، ونتيجة لذلك يخفض قيم الأصول ويعزِّز تصفية الدين الذي دعم ارتفاع أسعار الأصول. هذا هو السبب في أن التاريخ لم يتعامل برحمة مع آثار الفترات المطولة من بدلات المخاطر المنخفضة.13
كان ذلك وصفًا دقيقًا نوعًا مًا، وإن كانت تنقصه الحيوية لما سيأتي. عرَّف رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي أيضًا أسواق الرهون تعريفًا صحيحًا باعتبارها المكان الذي ستنشأ فيه العواقب البغيضة على الأرجح. ففي كلمة له أمام جمعية المصرفيين الأمريكيين في سبتمبر ٢٠٠٥، أبدى قلقه حيال «فقاعة ظاهرة في أسواق الإسكان» ومن مخاطر تعريض الرهون الغريبة المقترضين والمقرضين ﻟ «خسائر كبيرة … في حالة حدوث فتور واسع في أسعار المنازل».14 كما عمل أيضًا مع خبير اقتصادي في مجلس الاحتياطي الفيدرالي لتوثيق المبالغ الطائلة المتدفقة إلى الاقتصاد من استخلاص حقوق الملكية العقارية؛ حيث أعاد ملاك المنازل التمويل بأسعار فائدة منخفضة وربحوا أكوامًا من النقد.15 وبمجرد أن تتوقف أسعار الفائدة عن الانخفاض أو تتوقف أسعار المنازل عن الارتفاع أو حدوث كليهما، سينضب هذا المصدر من مصادر التمويل وسيتعرَّض الاقتصاد لضربة كبيرة.
لو كان جرينسبان يرى على الأقل بعضًا مما كان آتيًا، فلماذا لم يفعل أي شيء حياله؟ في المقام الأول لأنه تعلم الدرس من خطابه حول «الوفرة اللاعقلانية» سنة ١٩٩٦ بأنه ليس أذكى من السوق. كما كان هناك تقليد عريق في علم الاقتصاد مفاده أنه في حين أن كبح التضخم العام في الأسعار من ضمن مهام وظيفة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، فإن تفريغ فقاعات الأسواق المالية من الهواء لم يكن من ضمنها. كان هذا التقليد يعود على الأقل إلى أوائل سنة ١٩٢٩، وذلك عندما رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة على أمل الضغط على ما كان بعض أعضاء المجلس يظنون أنه مضاربة مفرطة في سوق الأسهم. ضجت قيادات الشركات بالاحتجاج، مثلما فعل فيشر. وطرح جوزيف ستاج لورانس — أستاذ الاقتصاد في برنستون — أفصح استعراض نقدي؛ حيث كتب يقول: «الحكم الإجماعي للملايين الذين تعمل تقييماتهم للأسعار في تلك السوق الرائعة، وأعني سوق الأسهم، هو أن الأسهم بأسعارها الحالية ليست مقدرة بأعلى من قيمتها. أين تلك الطائفة من الرجال الذين يملكون جوامع الحكمة التي ستؤهلهم للاعتراض على حكم هذا الحشد الذكي؟» واختتم لورانس قائلًا: يقينًا هم ليسوا في واشنطن.16
حتى الاقتصاديون الذين لم يكونوا مقتنعين تمامًا بحكمة المستثمرين استهجنوا فكرة محاولة المصارف المركزية وضع حد لهذا النشاط. كتب جون مينارد كينز سنة ١٩٣٦ يقول: «علاج الانتعاش لا يتمثل في رفع سعر الفائدة بل خفض سعر الفائدة! لأن ذلك قد يمكِّن الانتعاش المزعوم من الاستمرار. العلاج الصحيح لما تسمى الدورة التجارية لن تجده في القضاء على الانتعاشات؛ ومن ثَمَّ الإبقاء علينا دائمًا في حالة أشبه بالكساد، بل بالقضاء على حالات الكساد؛ ومن ثَمَّ الإبقاء علينا في انتعاش دائم.»17
كان ذلك هو النهج الذي اختار جرينسبان — وهو رجل لم يكن يوصف عادة بأنه كينزيٌّ — اتِّباعه. ما كان ليحاول تفريغ فقاعة، لكنه كان سيفعل أيًّا ما كان في مقدوره لتخفيف ألم الأزمة التي ستليها. كان ذلك نهجًا لا تماثليًّا مقصودًا. كما كان أيضًا — وفق تعبير أحد مراقبي الاحتياطي الفيدرالي — «وصفة لفقاعات «متتالية» في أسعار الأصول».18 كان مجلس الاحتياطي الفيدرالي — بسماحه للأسواق المالية بالارتفاع الجامح، مع تدخله لتخفيف أثر كل انهيار يتلو ذلك — يشجع السلوك غير المسئول الذي سيزيد الانهيارات اللاحقة سوءًا.
بالنسبة لأقلية صغيرة لكن دائمة الصخب من المتنبِّئين بالسوق، كان العلاج هو ترك الهلع السوقي يأخذ مجراه الطبيعي؛ وذلك لتعليم المصرفيين والمستثمرين وملاك المنازل دروسًا صعبة عن المخاطر التي نسيها كثيرون جدًّا.19 ربما يكون هذا من سوء الاقتصاد أو لا يكون كذلك. فقد صمد قول كينز بأن الحكومة يمكنها ترك الجميع في حالة أفضل بتفادي الكساد التام، صمودًا جيدًا على نحو معقول على مدى السبعين سنة الماضية، وإن كان هذا لا يضمن أنه سيصمد إلى الأبد. ترك الهلع والكساد يأخذان مجراهما هو يقينًا من سوء السياسة؛ لذا فإن ذلك لن يحدث.

فكيف يتركنا هذا؟ يتركنا ولدينا حاجة إلى العثور على طرق لتخفيف الإفراط المضاربي مع الاعتراف بأننا لن نستطيع بالضرورة تمييز الإفراط المضاربي عن انتعاش مستدام بالكلية. وسيكون التنظيم المالي جزءًا من ذلك. كما ستلعب إعادة اكتشاف الأخلاقيات والنزاهة — على نحو ما عرَّفهما مايكل جنسن وفيرنر إيرهارد أو وفق تعريف المعجم — دورًا أيضًا، وهو ما يأمله المرء. كذلك ستلعب الذكرى دورًا كما سيبيِّن ابن مانشستر، جون ميلز، بكل تأكيد.

لعبت الذكرى — أو «ميل العقل البشري إلى أن يستمد من الأوضاع الحالية ألوان المستقبل المتنبأ به» وفق تعبير ميلز — دورًا حاسم الأهمية في القصة التي رويتها في هذا الكتاب. ففرضية كفاءة الأسواق، ونموذج تسعير الأصول الرأسمالية، ونموذج بلاك آند سكولز لتسعير الخيارات، وكل العناصر الرئيسية الأخرى من عناصر المالية العقلانية الحديثة؛ نشأت قرب نهاية حقبة طويلة من استقرار السوق اتسمت بصرامة التنظيم الحكومي والذكريات القديمة لمن نجوا من الكساد الكبير. كان اعتماد هذه النظريات المكثف على الأسواق العقلانية عقلانيةً متروِّيةً هو إلى حد ما نتاج حقبة مالية منظَّمة محافظة نسبيًّا، وقد مهَّد الطريق لتخفيف القيود التنظيمية والوفرة الجامحة، والآن يبدو أننا نسير في الاتجاه المعاكس. ومن يدري ما الذي سيُستلهم من نظرياتٍ ماليةٍ تغيِّر العالم.

•••

وبمنظورٍ آخر، قد لا تكون هذه النظريات على هذا القدر من الاختلاف؛ ففي بداية شهر سبتمبر من عام ٢٠٠٨، وفي قلب الأزمة المالية ولكن قبل أن يتحوَّل إفلاس بنك ليمان براذرز إلى هلعٍ تام، استقللت القطار من نيويورك إلى نيوهيفن في زيارة إلى روبرت شيلر، الذي كان قد نشر للتوِّ كتابًا قصيرًا بعنوان «حل أزمة الرهن العقاري».20

كان مكتب شيلر في الطابق الأرضي من القصرِ المرمَّم حديثًا، الكائنِ في شارع هيلهاوس أفينيو، والذي كان يضم مؤسسة كاولز للبحوث الاقتصادية (كان شيلر زميلًا بحثيًّا في المؤسسة). عندما وصلت، أخذني ونزل بي إلى القبو لاستخدام ماكينة صنع الإسبرسو. بينما كانت الماكينة تُحدث أزيزها، انصرفتْ أبصار كلٍّ منَّا إلى الرجل الملتحي الذي يظهر في صورة كبيرة باللَّونَين الأبيض والأسود كانت معلقة على الجدار المقابل.

قال شيلر: «هذا إرفينج فيشر. هل تعرف من هو؟»

أخبرته بأنني أعرفه. في الواقع، بينما كنت أقرأ كتاب شيلر وأنا في القطار متجهًا إلى نيوهيفن، أدهشني إلى أي مدًى ذكَّرتْني الحلول التي اقترحها للخروج من الأزمة المالية بإرفينج فيشر. العديد من اقتراحات شيلر — كاتخاذ تدابير اقتصادية جديدة وتحسين قواعد البيانات المالية — كان شبه متطابق مع اقتراحاتٍ قدَّمها فيشر قبل ذلك بقرنٍ من الزمان. حتى أفكار شيلر الجديدة (مثل رهن إعادة الجدولة المستمرة، الذي تتغير فيه الشروط كل سنة تبعًا للتطورات في أسعار المنازل المحلية ومعدلات البطالة وما شابه ذلك) كانت تصطبغ بطابع فيشر المميز.

عندما أخبرتُ شيلر بهذا، بدا مرتبكًا بعض الشيء. كان يعرف كل شيء عن نصائح فيشر السوقية التي لم تفلح في عشرينيات القرن العشرين، وعن نظرياته الاقتصادية، لكنه لم يكن يعرف الكثير عن الأعداد الهائلة من ابتكارات فيشر المالية التي خرجت إلى النور بالفعل، وتلك التي لم يُكتب لها النجاح.

عندما عدنا إلى الطابق العلوي حيث مكتب شيلر، واصلْنا المناقشة. إيمان فيشر بتحسين البيانات والأدوات المالية يتوافق تمامًا مع نظرياته الاقتصادية. لكن شيلر ظل لعقودٍ يقول بأنه حتى الأسواق الجيدة التصميم التي يشارك فيها مستثمرون جيدو الاطِّلاع عرضةٌ لحالات الهوس والهلع؛ وهو ما جعل إيمانه بالتقدم من خلال الابتكار المالي ينطوي على شيءٍ من التناقض. على الأقل، هذا ما أخبرته به.

رد قائلًا: «لا أعتقد أن في هذا تناقضًا. هذه اختراعات لا بد أن تكون من تصميم البشر، والاختراعات قد توقع الناس في متاعب؛ فعندما اخترعوا الطائرات لأول مرة، وقعت حوادث كثيرة. أعتقد أن الأمر نفسه ينطبق هنا.»

ذكَّرني ذلك بعنوان رئيسي كنت قد طالعته في صحيفة «ذي أنيون» السنة السابقة كان يقول: «الجمعية الطبية الأمريكية: جراحة التجميل «لا تفصلها إلا بضع سنين» عن تحسين مظهر الإنسان.»21 سخر شيلر من ذلك، وأضاف قائلًا إنه قرأ أن الطب اجتاز تلك العتبة التي بدأ عندها يفيد أكثر مما يضر في وقتٍ ما يقترب من سنة ١٨٦٥.

ماذا عن القطاع المالي؟ قال شيلر: «أرى أن القطاع المالي أحرز تقدمًا فاق ما أحرزه الطب في سنة ١٨٦٥؛ لأن القطاع المالي ذو أثر إيجابي هائل على الاقتصاد؛ فالبلدان التي لديها أسواق مالية متطورة يكون أداؤها أفضل بالفعل.» إذنْ عدم كون الأسواق المالية مثالية لا يعني أنها ليست مفيدة؟ «صحيح. أظن أننا لم نبلغ منتصف الطريق بعدُ في مسيرة تطوُّر الأسواق المالية. وقد لا تكون هناك نهاية لهذه المسيرة.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤