الفصل الرابع

الأدبُ والفنُون

(١) الدين والفن

الدين والفن والتدبير والخُطَب
والشعر والنثر والتحرير والكتبُ
كلٌّ يُحيط بمكنون يَضِنُّ به؛
في صدره يتوارى جوهرٌ عَجَب
ومن ضمير سليلِ الطين مطلعُها
لكن لها من وراء الزُّهْر مضطَرب١
إن تحفظ «الذاتَ» هذي فالحياة بها
أو لم تطق ذاك فهي السِّحر والكذِب٢
كم أمةٍ تحت هذي الشمسِ قد خَزِيتْ
إذ جانب الذاتَ فيها الدينُ والأدبُ

(٢) التخليق

جِدَّةُ الدنيا بتجديد الفِكَر
ليست الدنيا بصخر ومَدَرْ
همَّةُ الغائص في «الذات» لها
من غدير الماء بحرٌ قد زَخَر
قاهرُ الأيام مَن أنفاسه
هي أعمارُ خلودٍ في الدهَر
رِيحُ أصحاب من البِيد أتت
لا عجيبٌ إن بدا خِدْن سفَر٣

(٣) جنون

واهنُ البيت شاعرٌ وفقيه
وطوى البيدَ — ويحه — المجنونُ
في طماح الجنون أيُّ كمالٍ
حين تعدو البيداءَ منه فنون٤
فله في الدروس أيضًا مجالٌ
ليس وقفًا على الفيافي الجنون

(٤) إلى شعره …

ليَ من فعلك شكوى:
همتَ في حُبِّ الطلوعْ
شِعْتَ عن قلبيَ فالأسـ
ـرار عن قلبي تَشيع
لا تكن مثلَ شَرار
ندَّ عن نارٍ يضيع
والتمس خلوةَ صدر
فيه من نار ضلوع

(٥) مسجد باريس

يا نظري لا يخدعنَّك فنُّه
للزور هذا الحرَم المغرِّبُ
وليس هذا حرَمًا لكنه
عند الفرنج للغرام ملعب
قد أخفت الإفرنج روحَ مَوثَن
في صورة من حرَم تُكذَّب٥
إن الذي شيَّد هذا موثَنًا
دمشق من عُدوانه تخرَّب

(٦) الأدب٦

بهذا يجمل الشاعر طريقة الأدب الحديث، فهو مزاج من القلب والعقل، وهو يجدد الروح في صور قديمة أو يحرر من التقليد الأرواح العتيقة.

رأيت العشق يقفو اليوم نهجًا
من العقل الإلهيِّ القويم
وليس يُريق ماءَ الوجه ذلًّا
على عَتَبات محبوب غريم
محا التقليدَ في روح قديم
وأحيا الروح في جسد قديم

(٧) البصيرة

الربيع النضيرُ مِلءُ الفضاء
وجيوشُ الشقيقِ في الصحراء
وشبابٌ ومتعة وسُرور
ودلالٌ ونشوة بالفَتاء٧
وعيون النجوم في حَلَك الليل
وسَبْح الأفلاك في الدأماء٨
وعَروس الهلال في هَودج الليل
تَهادى بموكبٍ للقاء
وتبدِّي ذُكاءَ في رَونق الصبح
وصمتُ الأفلاك في ذا الرُّواء
سرِّح العينَ، لا تكلَّفُ أجرًا
لا يباع الجمالُ في ذا الفضاء

(٨) مسجد قوة الإسلام٩

تملأ صدري همومُ مفئودِ
لم يبق إلا ادْكارُ مفقودِ١٠
قد خمدت «لا إله» لا حُرَقٌ
ولا تجلٍّ ثَواءَ ملحود
في الخلق كل العيون تنكرني
أعيا إيازًا مقامُ محمود١١
من صَخرك المسلمونَ في خجَل
لجوهرٍ كالزجاج معدود١٢
فإنما كُفءَ ما تُمثِّلهُ
صلاة حُرٍّ ربيبِ توحيد
جلالُ تكبيره لذي أذُنٍ
فيه وغَى هالكٍ وموجود
وما صلاتي بقلب ذي حُرَق
ولا دُعائي دعاءُ معمود
ولا أذاني جلالُ مقتدر
فكيف ترضى سجودَ رِعديد

(٩) مسرح

تضيء حريمَ وجودك ذاتُك
كِفاحٌ بها وسرورٌ حياتُك
لها فوق أوج الثريا مَقام
جُليتَ بها وتجلَّتْ صِفاتك
أمِن «ذات» غيرك تَعمُر قلبًا
معاذ الإله! تُرَى أين ذاتك؟
فلا تبعثنْ وُثنَها بعد موت
فتحيا مناتُك فيها ولاتُك١٣
كمال المحاكاة أنك تَفنى
فيكفيك همَّ الحياة مماتك١٤

(١٠) شعاع الأمل

لعل الشاعر يمني نفسه بشعاع الأمل. الشمس يئست من إضاءة في الشرق أو الغرب فدعت أشعتها إليها، فجاءت الأشعة إلى صدر أمها معترفة بيأسها إلا شعاعًا جريئًا يقول للشمس: «ذريني أضيء الشرق، ولا تيأسي؛ فكل ليل إلى صباح.» الشاعر يرى في أمله ودعوته في الشرق هذا الشعاع.

١

تنادي أشعتَها في ضجَر
ذكاءُ وتجمع منها النشَرْ١٥
عجبتُ لدنيا نهار وليل
عجبتُ عجبتُ لدنيا الغِيَر
إلام الهُيامُ بهذا الفضاء
وجَورُ الزمان بكنَّ استمر
فلا دعة في اتقادٍ برمل
تَلألأُ ذرَّاتُه كالشرر
ولا دعَة في دوام طواف
طوافَ الصَّبا في رياض الزهَر
تجمَّعْنَ في صدريَ المستنير
ودعْنَ البداةَ ودعن الحضَر

٢

تداعى الأشعةُ من كل صَوب
إلى الشمس تبغي لديها قرارا
وصاحت: تعذَّر في الغرب نورٌ
دُخان المصانع يكسوه قارا
وفي الشرق قلب بصير ولكن
كعالمَ غيبٍ بصمتٍ توارى
أنورَ العوالم! لا تهجُرينا
إلى نور صدرك آوى الحَيارى١٦

٣

شُعاعٌ جريءٌ له نظرة
كنظرة حوراءَ تغزو الضميرْ
ولا يستقر على حالة
ترى زئبقًا في ضياء يمور
يقول: أُضيءُ على الشرق حتى
أرى ذَرَّه كشموس تنير
وأجلو عن الهند هذا الظلام
فأوقظُ نُوَّامها للنشور
ففيها من الشرق آماله
«وإقبالها» بالدموع مَطير
تضيء بها أعين النيِّرين
حصاها يَلوح كدرٍّ منير
وكم عاش في أرضها غائص
يرى كالضحاضح لجَّ البحور
فأعوزَ أعوادَها عازفٌ
وكانت تَهيج الجَوى في الصدور
ينام البَرَهْمَنُ في سُدَّةٍ
لدى مَوْثَن والزمانُ يسير
ومسلمها خِدْنُ محرابه
ينوح ومن قَدَر يستجير
فلا يحزُنَنكِ من الشرق نوم
وفي الغرب لا ترهبِنَّ الشرور١٧
قضت فطرةُ الله أن تُبْدِلي
بليلِ الظلام صباحَ السفور

(١١) أمل١٨

لستُ من أجناد حرب
لا ولا رَبُّ لواء
بيد أني في صروف الـ
ـدهر ثَبْتٌ في اللقاء
عُدَّتي ذكر وفكر
وهُيام وغناء
لست أدري أهو شعر
أم سواه ذا العطاء١٩
إن عبد الحق يُزهَى
في محيَّاه ضياء
من جلال ظلَّ فكرُ
الكون منه في امتلاء
ليس دون الكفر إن لم
يك كفرًا ذا البلاء:
أن يُرى بالحاضر الـ
ـمشهود للحرِّ سِباء٢٠
لا تذب غمًّا فكم في الـ
ـدهر أدوارٌ وِضاء
كم نجومٍ حادثات
سوف تجلوها السماء

(١٢) البصيرة

لم تُخفِ هذي الكائناتُ ضميرَها
شوقُ الظهور يَثور في ذرَّاتها
إن صاحبَ النظَراتِ شوقُ بصيرة
تتبدَّلِ الأيامُ في جَلَواتها٢١
من ذي البصيرة في الليالي قد غدا
أبناءُ من خضعوا لها ساداتها
من ذي البصيرة لي جنون ثائر
عَرفت به الذراتُ طيَّ فلاتها٢٢
هذي البصيرة لا تيسَّر لامرئ
تَخْزَى القلوبُ بنفسه وسِماتها

(١٣) إلى أهل الفن

مذهب الشاعر أن الفن ينبغي أن يحرر من محاكاة الطبيعة، وينبغي أن يصور «ذات» صاحب الفن، فالكواكب لمحات من نور لا ثبات لها، و«الذات» العاشقة خالدة، وضمير الإنسان لا تحده الألوان، والذات تخلو للذكر والفكر، وتظهر للشعر والإنشاد غير خاضعة لهذا العالم، والروح المستعبدة فنها عبد، والروح المقدرة نفسها تسيطر على كل شيء.

رأيت الكواكبَ لَمْحاتِ نور
وذاتُك بالعشق رَهنُ خلودْ
تعالى ضميرك عن كل لون
فعفتَ من اللون كل القيودْ
وغيبةُ ذاتك ذكر وفكر
ومحضرُها شعرُها والنشيدْ
إذا أضنَت الروحَ آلامُ رقٍّ
ففنُّك عبدٌ رهينُ سجودْ
وإن عرفت قدرَها كنتَ حقًّا
على الجن والإنس ربَّ الجنودْ

(١٤) قطعة

ثائِرَ الموج كما لدى البحر درٍّ
وعلى الساحل الصَّموت غُثاءُ٢٣
في شَراري سنا البروقِ ولكن
رَطبة العُود هذه القَصباءُ٢٤
ولك الوقت والتصرُّف فيه
ليس يا غِرُّ! للنجوم غناء
قد رأينا عجيبة من جنون
فيه رَفوٌ لما يشقُّ القضاء٢٥
إنما الكامل الخلاعةِ شهمٌ
دون مَن الكروم فيه انْتِشاء٢٦
وإلى اليوم حانةُ الشرق فيها
خمرةٌ للشعور منها جَلاء٢٧
يئس المبصرون من أمم الغر
ب ففيها بَواطنٌ سَوداء

(١٥) الوجود

أنت تحت الشمس تَمضي كشرار
لستَ تدري ما مَقاماتُ الوجودْ
ليس في فنِّك للذات بناء
ويلُ تصوير وشدوٍ وقصيدْ
ليس في المكتب والحانة إِلا
درس إفناء به الذات تبيدْ
ليت شعري هل تعلمتَ وجودًا
لحياة ودوام وخلودْ

(١٦) الغناء

صاحِ من أين لنايٍ نشوةٌ؟
صَوتُ عُود ذاك أم من قلب حي؟
صاحِ ما القلب؟ ومن أين له
قوةٌ سَكرى تَحدَّتْ كل شي
ولماذا نظرة منه سرت
مثلَ ريح صرصر في تَخت كَي٢٨
ولماذا ذلك السرّ له:
من حياة فيه يحيا كلُّ حي٢٩
ولماذا كلَّ حين مبدلٌ
وارداتٍ زُمرَا تهفو إليّ
ولماذا صاحبُ القلب ازدرى
ملكَ روم ومُنَى شام وريّ
إن وعى للقلب رمزًا مطربٌ
طُوِيَ الفنُّ له أسرعَ طيّ٣٠

(١٧) النسيم والندى

النسيم :
لم أرقَ في فلك النجوم وإنِّني
في شقِّ أثواب الأزاهر أعملُ
وأسيرُ عن وطني غريبًا مجبَرًا
في مسمعي شدوُ البلابل يثقل
قل لي؛ فقد أعطيت سرَّ كليهما
المرجُ أم فلَك الكواكب أجمل
الندى :
لو لم تكن في المرج رهنَ هشيمه
لرأيته سرَّ الكواكب يحمل٣١

(١٨) أهرام مصر

في هذه الأبيات يشيد إقبال بالإنسان وقدرته على الإبداع ويشير إلى ما قال في أبيات أخرى من أن صاحب الفن لا يحاكي الطبيعة بل يسيطر عليها ويؤثر فيها.

شادت الفِطرة كُثبانًا لها
في سُكونٍ من يَباب قد وقَد
روَّع الأفلاكَ فيه هرمٌ
أيُّ كفٍّ صوَّرت هذا الأبد!
من إسار الكون حرِّرْ صنعة
صائدٌ ذو الفن أم صيدًا يعدّ٣٢

(١٩) مخلوقات الفن

قد رأى ذو بصرٍ سرَّ الذات
وجلا الفنُّ لعينٍ جَنَّاتِ٣٣
ما به الذات ولا الكون يُرىَ
فهو من جهد حياة في نجاة٣٤
تعس الكافرُ مَن أصنامه
من حُطام لمناةٍ واللات٣٥
هالكٌ صلَّى عليه فنُّه
في ظلام اللحد يرنو للحياة٣٦

(٢٠) إقبال

جلال الدين الرومي أكبر شعراء الصوفية، ومجد الدين السنائي طليعة شعراء الصوفية الكبار، ومنصور في لغة صوفية الفرس والهند هو الحسين بن منصور الحلاج الصوفي المعروف، والشاعر يتخيل أن السنائي قال في الجنة للرومي: لا يزال الشرق في أسر القديم. فقال الحلاج: قد ظهر مجذوب أفشى للناس سر الذات فهو حري أن يبدل الحياة في الشرق.

قال للروميِّ في الخلد سنائي:
لا يزال الشرق بالتقليد يُؤسَر
قال منصور: ولكن قد سمعنا
أن سرَّ الذات أفشاه قلندر٣٧

(٢١) الفنون الجميلة

نظَرات الآفاق مُتعة عين
سرِّحوا العين يا أولي الأبصار
غير أني أقول: ما نظراتٌ
لا تجلِّي كوامنَ الأسرار٣٨
مقصدُ الفن في الحياة لهيب
أبديٌّ فما وَميضُ الشرار؟٣٩
قطرُ نَيسانَ! ما اللآلئ إن لم
تتلاطم بها قلوبُ البحار٤٠
ما نسيمُ الصباح في الشعر واللحـ
ـن إذا ما أذوَى سنا الأزهار٤١
ليس إلا الإعجاز يحيا ففنٌّ
ليس ضربُ الكليم فيه، عواري٤٢

(٢٢) صبح المرج

خلاصة ما يؤخذ من هذه الأبيات أن الإنسان ينبغي أن يعمل في هذه الأرض غير غافل عن عالم الغيب، كضوء الصبح يغشى السهول والجبال ولكنه موصول بالفلك، وعالم الغيب والشهادة ليسا متباعدين كما قال الندى: إن الطيران يعلم أن الأرض ليست بعيدة من السماء.

الزهرة :
وافدَ الأفلاك! هل خلت بعيدًا
موطني؟ لا إنه غيرُ بعيد
الندى :
من يَطِر ما بين أرض وسماء
يتبينْ أنه غيرُ بعيد
الصبح :
أقبلن في الروض كالصبح رفيقًا
ليس يؤذي وطؤه قطر الندى
واحضِنِ الأجيال والبيد ولكن
من عُرى الأفلاك لا تحلل يدا

(٢٣) الخاقاني

شاعر فارسي كبير، توفي في تبريز سنة ٥٨٢ﻫ، وله من الكتب «تحفة العراقين»، سجل فيها ما رأى في العراقين العربي والعجمي حينما مر بهما في طريق الحج، وله ديوان، ومنظومة اسمها «هفت إقليم» (الأقاليم السبعة).

وهذه الأبيات جاءت في الأصل في القافية المزدوجة وعلى وزن:

مفعول مفاعلن فعولن

وهو ضرب شائع في الشعر الإسلامي الشرقي، وهو مشتق من الأوزان العربية، ولم أجده في الشعر العربي إلا في أبيات لبهاء الدين زهير أولها:

يا من لعبت به شمول
ما ألطف هذه الشمائل

وقد ترجمتها على قافيتها ووزنها لأزيد في شعرنا مثالًا في هذا الوزن إلى أبيات زهير:

ذا صاحبُ تحفةِ العراقَين
ذو القلب يراه قرة العَينْ
تنشقّ لفكره الستور
الحُجْبُ جميعُها تُنير
يجتاز بعالم المعاني
لا يسمع قول: لن تراني٤٣
فاسأله بذلك التراب
والدهرِ يجيشُ في عُباب٤٤
ذا مَحرَمُ عالم الثواب
كم دلَّ بموجَز الخطاب:٤٥
«ناهيك بشرِّ هذا العالم
إبليس ثوى ومات آدم»٤٦

(٢٤) الرومي

هو مولانا جلال الدين الرومي صاحب المثنوي، والشاعر يتخذه إمامًا ويشيد بذكره في شعره.

ما زال طَرفُك في خَلْطٍ وفي سِنةٍ
وعنك ذاتُك في الأسرار لم تَزَلِ
ولم تزل في صلاةٍ لا قيامَ لها
وبالضراعة عزَّ الروح لم تَصلِ٤٧
ومِزهر «الذات» أوتارٌ مقطَّعة
ما زلتَ عن نغمة الروميِّ في شُغُل

(٢٥) الجدَّة

يرى الشاعر أن الإنسان لا ينفذ ببصره إلى حقائق الأشياء، يقول: إنك إن صدقت النظر فيما حولك رأيت دنيا أخرى جديدة غير التي تراها، وتغير إدراكك هذا العالم وتبين أنه مسخر لك.

إن صدقَتْ نفسُك في الدهر النظَر
تُنوِّر الأفلاكُ منك في البُكَرْ
وتستضيء الشمسُ منك بالشَّرر
وينجلي قدرُك في سيما القمر
والبحر يلقى منك موجًا ذا دُرر
وتستحي إعجازَ صُنعك الفِطَر٤٨
تخذت أفكار الورى مرآتَك
فكيف لا تبلغ حتى ذاتك٤٩

(٢٦) مِرزا بيدِل

من شعراء إيران، ذهب إلى الهند أيام السلطان شاه جهان فأكرم السلطان وفادته، وهو شاعر صوفي له ديوان كبير يغلب فيه التعمق وتكثر الدقائق.

وقد أعجب إقبال بفكرة في بيت لبيدل فبنى عليه هذه الأبيات، وهي أن هذا العالم الحسي لا خطر له بل لا وجود له إلا عند من ضاق عن إدراك الحقائق الكبرى التي يختفي معها هذا العالم، كالخمر يظهر لونها كأس الزجاج لضيقها، وترجمة البيت في النثر: «لو اتسع القلب ما ظهر هذا المرج خرج لون الخمر من شدة ضيق الزجاج.»

ذي سماءٌ وجبال وفِجَاجْ
ذاك حقٌّ أم عيونٌ في اعوجاجْ؟
فرَّق الآراء إثباتٌ ونفيٌ
أهي دنيا أم خداع في الحجاج؟
عقدة قد حلَّها بيدلُ حقًّا
أعجزتْ مَن قبله كلَّ علاج:
«ما بدا ذا المرجُ لو في القلب وُسعٌ
بان لونُ الخمر من ضيق الزجاج»

(٢٧) الجلال والجمال

الشاعر من المعجبين بالقوة الداعين إليها، وهو يدعي هنا أن لا جمال بغير جلال، يرى الكمال في شجاعة علي لا في خيال أفلاطون، ويرى سجود السماء للقوة جمالًا — وقد تخيل الشعراء أن انحناء السماء في رأي العين سجود — والنغمة التي لا قوة فيها نفخة ضائعة بل لا يحب أن يُجازى إلا بنار شديدة الالتهاب …

حَسبي كمالًا قوةٌ من حَيدر
وكفاك من أفلاطُنَ الإدراكُ
وأرى جمالًا في بهاءٍ إن تُرى
في سجدةٍ للقوة الأفلاكُ
ولَنغمةٌ من دون نار نفخة
ما الحسن إلا بالجلال يُحاكُ
لا أرتضي نار الجزاء ولم تكن
وهَّاجةً ولهيبها درَّاكُ

(٢٨) المصوِّر

يرى الشاعر أن المصور وكل ذي فن ينبغي أن يظهر ذاته فيما يصور لا أن يحاكي الطبيعة، وأن المحاكاة موت.

قلَّد الغربَ فنُّ عُجْم وهندٍ
عمَّ هذي البلادَ موتُ الخيال
شفَّني الغمُّ أن بِهزادَ عصري
يُفقد الشرقَ بهجةَ الآزال٥٠
يا خبيرًا بفنِّه فيه تمَّت
صنعةُ العصر والعصور الخوالي
كم تَرى من خليقة وتُريها!
أرِنا الذاتَ فوق هذي المجالي

(٢٩) الغناء الحلال

يرى الشاعر أن الغناء وكل لحن، يحل إن كان فيه قوة الذات وحرقة الحياة، ويحرم إن أضعف الذات ولم يقبس من الحياة نارًا. الغناء يفتح القلب فكيف يفتحه إن أماته، وفي الأفلاك ألحان طبيعية تذيب النجوم، وتبرئ الإنسان من الخوف والغم، وترفع النفس من العبودية إلى السيادة إلخ، والنغمة الحية التي يحلها فقهاء الذات لا تزال تنتظر مطربًا يعلنها.

تفتح القلب نغْمةٌ من غناء
أيَّ فتح والقلبُ رهنُ هُمود؟
في صُدور الأفلاك لحنٌ خفيٌّ
صاهرٌ حرُّه نجومَ الوجود
يهجُر الناسَ منه خوفٌ وغمٌّ
وإياز يسمو إلى محمود٥١
تيهُ هذي النجوم يفنَى ولكن
أنت تبقى ونغْمة التوحيد٥٢
قد أحلَّت شريعةُ الذات لحنًا
لم يزل في انتظار شادٍ مُجيد٥٣

(٣٠) الغناء الحرام

ما بذكري من التصوُّف وَجدٌ
أو برأيي ثوابُهم والعذاب
قرَّب الله مذهبي من فقيه
عُرفَت عنه سنَّةٌ وكتاب:
«إن سَرَت في اللحون دعوةُ موت
حَرُم النايُ عندنا والرَّباب»٥٤

(٣١) النافورة

لا يطبّيني مسيرُ النهر مطردًا
مُسايرًا تُربَه جنبًا إلى جنبِ
دع ذاك، وانظر إلى نافورةٍ بَسَقت
تُصَعِّدُ الماءَ منها قوةُ القلبِ٥٥

(٣٢) الشاعر

ينفر إقبال من شعر الرخاوة والذلة ويقول هنا: من ضعفت «ذاتهم» فليحترسوا من ألحان العجم فهي تدعو إلى الرقة والترف.

ولا بد للشعر أن يكون في حدة السيف، ملائمًا لمعركة الحياة مهما تكن صورته، كالخمر في زجاجة أو صراحية، ينبغي أن تكون محرقة، وليس لشوق الشاعر غاية ففي كل حين طور جديد وبرق للتجلي جديد.

في غابة الشرق نايٌ يبتغي نَفَسًا
يا شاعر الشرق هل في صدرك النَّفَسُ؟
من كان في ذاته من رقِّهِ خَورٌ
فقل له من لُحونِ العُجْم يَحترِس
إناؤها من زجاج كان أو خزف
اجعل بخمرك سيفًا لَمعُه قَبَس
لم تبصِر الشمسُ من دنُيا يُخال بها
مَجدٌ بغير الجِلاد المرِّ يُلتمَس
طُورٌ جديد، وبرقٌ كلَّ آونةٍ
لا قرَّب الله للعشاق ما التمسوا

(٣٣) شعر العجم

كم بشعر العُجْم من سِحْر ولكن
منه سيفُ الذات ذو حدٍّ كليلْ
صَمتُ طيرِ الصبح أولى من غِناء
إن سرى باللحن في الرَّوض ذبولْ
ليس ضربًا ما يشقُّ الطود لكنْ
ليس منه عرش بَرويز يميل٥٦
ينحت العصرُ أيا إقبالُ! صخرًا
فاحذَرنْ من كل ما يُبْدِي الوَذيل٥٧

(٣٤) أصحاب الفن في الهند

تخيُّلُهم جَنازةُ كلِّ عشق
وظُلمةُ فكرهم للحيِّ قَبرُ
ومَوثنَهُم به نقش المنايا
وليس لفنهم بالعيش خُبْرُ٥٨
يُنيمُ الروحَ في إيقاظ جسم
ودون المجد يُسدَل منه سِترُ
يُسخِّر للأنوثة كلَّ شيء
لهم قَصصٌ وتصويرٌ وشِعرُ٥٩

(٣٥) الرجل العظيم

هو في الحبِّ عميقٌ
وهو في البُغْض عميقْ
قهره فروق عباد الله
بَرٌّ وشفيق
نشَّأته ظلمةُ التقليد
بالناس تَحيق
غير أن الطبع بالإبـ
ـداع والخَلق خَليق
هو في المجمع خالٍ
ومن الحَشد طليق
مثلُ شمع الحَفل؛ في الـ
ـحفل وحيد ورفيق٦٠
مثلُ شمس الصبح؛ فِكرٌ
فيه نُور وبَريق
لفظه حرٌّ يسير
لكن المعنى دقيق
نظرٌ فيه سديد
عن بنِي العصر سحيق
ليس يدري أيُّ حال
فيه أشياخُ الطريق

(٣٦) عالم جديد

الرجل العظيم يرى في منامه أو خياله عالمًا جديدًا فيعمل عزمه فلا يستعصي عليه أن يحقق في عالم الحقائق ما رأى في الرؤيا أو الخيال.

وهذا العالم الجديد الذي يخلقه ناشئ من نفسه، فهيكله جسمه الصغير، وروحه تكبيره وإيمانه وعزمه.

من كان حيَّ القلب في الدنيا فما
يخفى عليه من القضاء ضميرُهُ
تجلو له رؤياه كونًا مُحدَثًا
بِدعَ المثال يَروقه تصويره
فإذا جَلا صوتُ الأذان منامَه
شادَ الذي في حُلمه تعبيره
ولهَيكلُ الدنيا الجديدةِ طينُه
هذا الضئيلُ، وروحها تكبيره

(٣٧) خلق المعاني

خلقُ المعاني مِن الخلَّاق مَوهِبةٌ
لكنَّ للفنِّ في الفنَّان إجهادا
من حرقةٍ في دَمِ الباني، مشيَّدةٌ
حاناتُ حافظٍ أوْ زُونات بِهزادا٦١
ما جوهرٌ يتجلَّى دون مَجهدةٍ
من ومضة الفأس نارت دارُ فَرهادا

(٣٨) الموسيقى

دلَّ على بردِ دَمِ المُغنِّي
لحنٌ له الوجوهُ لا تُنيرُ٦٢
أنفاسُ زامرٍ سُمومُ لَحن
إن كان لم يَطهُر به ضمير٦٣
بالشرق والمغرب في رياض
من الشقيق شاقني المسير
فما مررتُ بينها بَمرجٍ
شقَّت به جيوبَها الزُّهور٦٤

(٣٩) لذة النظر

أيُّ ذات حَوَى فتى الصينِ مَن قا
لَ لجَلَّاده أمام الحِمامِ:
منظرٌ رائقٌ، تمهَّلْ، تمهَّلْ
لأرى لحظةً وميضَ الحُسامِ٦٥

(٤٠) الشعر

لم أدر سرَّ الشعر إلا نكتةً
سِيَرُ الشعوب تُبِينُها تفصيلا:
الشعر فيه من الحياة رسالةٌ
أبديةٌ لا تَقبلُ التبديلا
إنْ كان من جبريلَ فيه نغمة
أو كان فيه نفخُ إسرافيلا٦٦

(٤١) الرقص والموسيقى

إن للشعر بهجة ضاء منها
روحُ جبريل والرجيُم اللعينْ
ومن الموسيقى ابتهاجٌ وشوق
وكذا الرقص نشوَة وفتون
قد سمعنا في الصين قولَ حكيم
فيه أفشى مخبَّآت الفنون:
إن للموسيقى من الشعر رُوحًا
ومن الرقص جِسمُها في العيون

(٤٢) ضبط النفس

دأبُ أهلِ الزمان شكوى الزمانِ
ليس للحرِّ آهةٌ في طِعانِ
قد أسرَّ النجوى إِليَّ عليمٌ
من شيوخ القلوب والعِرفانِ:
إنَّ كَظم النُّواح شيمةُ ليثٍ
ومن النَّوح شِيمة الثعلبانِ

(٤٣) الرقص

دع لأهل الغرب رقصًا بجسوم
إنَّ رقصَ الروح مِن ضرب الكليمْ
فبهذا الرقص سُلطان وفقر
وبذاك الرقص همٌّ لا يَريمْ

هوامش

(١) سليل الطين: الإنسان.
(٢) الدين وسائر ما ذكره في البيت الأول مقصدها حفظ الذات إلخ.
(٣) يعجب إقبال بالبادية؛ لأن الذات فيها أقوى، ولذكرى الرسول وأصحابه الذين أخرجوا للعالم الحياة والقوة، وهو يجد من البادية ريحًا تبشر بصاحب مسعد له يدعو دعوته ويحقق أمله.
(٤) إن تجاوز البيداء إلى الحضر فنونه، وفيه إشارة إلى مجنون ليلى.
(٥) الموثن: معبد الأوثان.
(٦) كتبت في بهوبال — رياض منزل «دار السيد راس مسعود».
(٧) الفتاء: الشباب.
(٨) الدأماء: البحر.
(٩) مسجد عظيم شامخ في دهلي هدمت بعض جدره.
(١٠) المفئود: حزين الفؤاد.
(١١) السلطان محمود وإياز مولاه، أي لا ينال العبد مقام السيد.
(١٢) لجوهرهم الضعيف كالزجاج.
(١٣) الوُثن جمع وَثن، ومناة واللات صنمان ذكرا في القرآن.
(١٤) كمال التمثيل أن يفنى الممثل فيما يمثله، فعليك أن تفنى فيمن تحاكيه ما دمت مقلدًا فتستريح من عناء الحياة.
(١٥) النشر: المنتشر المتفرق.
(١٦) الخطاب للشمس.
(١٧) الخطاب للشمس.
(١٨) كتب في بهوبال — رياض منزل «دار السيد راس مسعود».
(١٩) هو يدري أنه وهبه الذكر والفكر والهيام والغناء ولا يدري أهذا شعر أم شيء آخر.
(٢٠) ليس أقل من الكفر أن يأسر الحر ما يراه ويشهده فيقيد به فكره وعمله، فالحر لا يقيده ما يسمى «الأمر الواقع».
(٢١) يعني أن نظرة البصيرة تنفذ إلى حقائق الأشياء فترى الدنيا على غير صورتها الظاهرة.
(٢٢) الجنون: هو الحماس والإقدام، ويعني الشاعر أن بهذه البصيرة ثار هذا الجنون في نفسه فهذه الذرات التي تطوي الفلاة تعلمت من جنونه طي الفلاة، والشاعر يقرن الجنون بالفلاة؛ إشارة إلى قصة مجنون ليلى (تراجع المقدمة في معنى الجنون).
(٢٣) الدر في ثورة الموج وليس في سكون الساحل إلا الغثاء فالحياة جد وكد، لا سكون.
(٢٤) شراري يحرق كالبرق، ولكن هذه النفوس كالقصب الرطب لا تشتعل.
(٢٥) بعض الجنون يغير ما يظنه الناس قضاء، فهو يرفو ما يمزقه القضاء، أي يصلح في هذا العالم مذللًا الطبيعة وما يحسبه الناس قضاءً وقدرًا في هذا الكون.
(٢٦) رجل نشوان بفكره وعمله مقدم بنفسه في غنى عمن يؤثر فيه سكران بغير خمر.
(٢٧) الخمر المؤثرة تحجب الشعور ولكن خمرة الشرق لا تؤثر فهي تزيد الشعور جلاء.
(٢٨) كي: كيكاوس أحد ملوك الفرس القدماء، وفي الأساطير أنه كان له تخت يطير به.
(٢٩) لماذا خص القلب بهذا السر، أن بحياته تحيا الأمم.
(٣٠) إن عرف المطرب رمز القلب فأرسل في نغماته خفقات القلوب، طوى مراحل الفن فبلغ غايته دون عناء.
(٣١) يسأل النسيم الندى وقد هبط من السماء إلى المرج: أيهما أجمل؟ فيقول الندى: لو لم تتعلق بالهشيم، وتقف عند المظاهر لرأيت في المرج سر الكواكب وما وجدت فرقًا بين السماء والمرج.
(٣٢) لم يحاكِ باني الهرم كثبان الرمال، بل شاد هذا الأثر الخالد، فحرر الصنعة من أسر الخليقة، فإن صاحب الفن صائد لا صيد، يأسر الخليقة ولا تأسره.
(٣٣) ذات الإنسان أو مركز وجوده «خودي» في فلسفة إقبال.
(٣٤) ليس في هذا الفن الذات ولا فيه عالم الصباح والمساء فهو فرار من جهاد الحياة.
(٣٥) المقلد في هذا الفن يتخذ أصنامًا من بقايا أصنام محطمة كانت في الأعصر الخالية.
(٣٦) في الأصل: أنت ميت وفنك أمام جنازتك.
(٣٧) راجع المقدمة في معنى قلندر.
(٣٨) إن لم تنفذ نظرات صاحب الفن إلى حقائق الأشياء فما هي بمجدية.
(٣٩) الفن يصور لهيب الحياة الأبدي، فلا قيمة للفن الذي يخرج شرارًا لا يلبث أن يطفأ.
(٤٠) قطر المطر في نيسان يخلق منه الدر في الصدف، يقول الشاعر: يا قطر نيسان ما قيمة الدر الذي لا يضطرب له قلب البحر؟ يعني أن بدائع الفن ينبغي أن يجيش لها قلب العالم.
(٤١) إن كان نسيم الصبح المتمثل في إنشاد الشاعر ولحن المغني يذبل الزهر في الروضة ولا ينضره؛ فأي نسيم هو؟!
(٤٢) حياة الأمم بالإعجاز، فالفن الذي لا إعجاز فيه عارية لا دوام لها.
(٤٣) ينكشف له عالم المعاني فلا يسمع منه «لن تراني»، وهذا رمز إلى الآية في قصة موسى: قَالَ لَن تَرَانِي.
(٤٤) اسأله عن هذا العالم الأرضي وعن حوادث الدهر، وفي القرآن الكريم فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا أي اسأل عنه.
(٤٥) المحرم المطلع على السر، واستعملها شعراء الفرس وغيرهم فأقررتها في العربية وليست بعيدة من المعنى الأصلي.
(٤٦) حسبك تعريفًا بهذا العالم أن آدم مات وبقي إبليس أي بقيت نزعات الشر في هذا العالم، فهو عالم محنة وجهاد، وهذا البيت مضمن من شعر الخاقاني.
(٤٧) الصلاة قيام وسجود، يقول الشاعر: إنهما رمز الدلال والضراعة «ناز ونياز»؛ أي الخضوع والسيادة، ولكن بعض الناس صلاتهم سجود بغير قيام … إلخ.
(٤٨) تستحي الخليقة من صنعك المعجز، تراه أحسن منها.
(٤٩) إنك استعرت أفكار الناس فلم تبلغ في هذه الحياة حتى ذاتك؛ فقد أضعتها بالتقليد.
(٥٠) بهزاد مصور فارسي مشهور نبغ أيام الدولة الصفوية، والشاعر يغتم؛ لأن بهزاد عصره يقلد الغرب فيفقد الشرق البهجة القديمة.
(٥١) السلطان محمود بن سبكتكين وخادمه إياز.
(٥٢) يشبه عالم الكواكب بالتيه ويقول: إنه يفنى ويبقى الإنسان ونغمته الموحدة.
(٥٣) اللحن الذي أحلته شريعة الذات وهو الذي يحيي النفوس ويقويها لم يظفر به أحد فلا يزال ينتظر مطربًا.
(٥٤) هذا مذهبه؛ الألحان التي تميت النفوس حرام.
(٥٥) لا يعجب الشاعر بالنهر يساير الأرض، بل يعجب بنافورة قوية تقذف الماء عاليًا في الهواء.
(٥٦) ليس ضربًا ما لا يزلزل عرش برويز وإن شق الجبل، والإشارة إلى قصة فرهاد الذي شق طريقًا في الجبل ولم يظفر بشيرين كما وعده برويز.
(٥٧) الوذيل جمع وذيلة وهي المرآة، والشطر فارسي من شعر العراقي، ومعناه: احذر من كل ما يبين في المرآة «أي هذا عصر حقائق لا خيالات، ينحت الصخور ويحطم كل ضعيف فكل ما بدا في الزجاج فلا تركن إليه.»
(٥٨) الموثن: معبد الأوثان.
(٥٩) الفن الهندي يعنى بالشهوات الجسمية، ويفتَنُّ في تصويرها؛ فهو يوقظ الجسم، وينيم الروح، ويسخر كل شيء للأنوثة.
(٦٠) يكون في جمع من الناس وكأنه وحده، له فكره ونظره، مثل الشمعة في الحفل رفيقة الحاضرين ووحيدة بحرقتها ونورها.
(٦١) حافظ الشيرازي الشاعر الفارسي الكبير وحاناته شعره، وبهزاد مصور فارسي مشهور عاش في أيام الدولة الصفوية، والزونات جمع زونة وهي معرض الأصنام أو الدمى، يضرب به المثل في الجمال والزينة.
(٦٢) اللحن الذي لا تنير له وجوه السامعين دليل على برود نفس المغني وخمود عاطفته.
(٦٣) لا بد للمطرب من طهارة الضمير؛ لتكون ألحانه صدى الضمير الطاهر، وإلا فأنفاسه في اللحن سم للسامعين.
(٦٤) زهور الشرق والغرب لم يهج بها الطرب فتمزق جيوبها كما يفعل من يغلبه الطرب من حزن أو فرح، يعني لم يظهر المطربون أسرار النفس، ويبدو مكنون الضمير الإنساني، ولا تزال «الذات» محجوبة.
(٦٥) رجل صيني قام أمام الجلاد والسيف مصلت فلم يشغله هذا المقام عن الإعجاب بوميض السيف! فقال للجلاد: أمهلني لأمتع نفسي بهذا المنظر! فهذا يعجب به إقبال أي إعجاب ويرى فيه ذاتًا كاملة.
(٦٦) الشعر يحمل رسالة من الحياة أبدية إن كان جميلًا هاديًا كنغمات جبريل (وجبريل رسول الوحي) أو كان فيه صعق وبعث كصوت إسرافيل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤