الفصل الثاني والعشرون

جاءت الحرب العالمية الأولى ١٩١٤، وكانت أحداثها وقوداً لإلهاب الشعور الوطني، فخلع الخديوي عباس وأعلنت بريطانيا الحماية على مصر، فحز ذلك في نفوسنا، وولي الأمير حسين كامل سلطاًنا على مصر، فأثرت في شعورنا الطريقة التي عين بها، فقد كان والي مصر يعين من قبل سلطان الآستانة بفرمان يحمله مندوب سام من قبل السلطان، فرأينا في هذه المرة أن تعيين سلطان مصر يتم بخطاب وجهه إليه متولي أعمال الوكالة البريطانية، وعانت مصر ويلات الحرب من سوء الحالة الاقتصادية ومن اعتداء الإنجليز على الأهالي، وتشغيل العمال المصريين رغم أنوفهم، وأخذ السلطة الإنجليزية الدواب والمحصولات جبراً، وتحليق الطيارات الألمانية فوق القاهرة وإصابتها بعض الأهالي، وتسفير العمال المصريين إلى فرنسا والعراق، ونزع السلاح من المصريين. كل هذا وأمثاله ربى شعورنا الوطني، وكبت العواطف انتظاراً للهدنة وتنفيذ إنجلترا ما وعدت به مصر، وإن كان وعداً غامضاً، وقد أفسح هذا الأمل عند المصريين تصريحات ولسن والحلفاء بأنهم إنما يحاربون دفاعاً عن الحرية، وأنه إذا انتهت الحرب فلا استعمار ولا استغلال، وإنما تقرر كل أمة مصيرها وتدير أمورها بنفسها، خاب أمل مصر إذ رأت أن الأحكام العرفية لا تزال باقية والحالة الاقتصادية لم تتغير، واحتكرت السلطة البريطانية محصول القطن وحددت ثمنه، ولم تبد أية علامة تدل على أن في نية إنجلترا أن تمنح مصر شيئًا من استقلالها، فاتجهت أفكار بعض الزعماء إلى مطالبة الإنجليز بوفاء ما وعدوا، وتألف الوفد المصري وعلى رأسه سعد باشا زغلول، ثم قبض عليه وعلى بعض صحبه، وقامت المظاهرات وكثر التخريب واشتعلت البلاد ناراً، وعاقب الإنجليز الأهالي عقاباً شديداً بإطلاق الرصاص على المتظاهرين والتنكيل ببعض القرى تنكيلا يذيب القلوب، إلى آخر ما يعرفه القراء من الأحداث السياسية القريبة العهد.

وكانت مدرسة القضاء تغلي من هذه الأحداث كما يغلي غيرها من المدارس العليا، وزاد غليانها أيام تكون الوفد وعلى رأسه سعد باشا زغلول، إذ كانت المدرسة تعد نفسها صنيعة من صنيعاته وعملا من أعماله الجليلة، وأن الوطنية والوفاء معاً يوجبان عليها تأييده ما استطاعت، وعلى رأس المدرسة عاطف بك بركات من أقرباء سعد باشا ومن أقرب المقربين إليه.

لهذا كله ساهمت — وأنا مدرس في مدرسة القضاء — في الناحية السياسة. وظهرت هذه المساهمة من يوم تكون الوفد واعتقل سعد.

فجمعيتنا الثقافية التي سبق أن تحدثت عنها والتي كانت تخرج جريدة السفور كثيراً ما كانت تتحدث في السياسة، وتقلب ما جد من الأمور على وجوهه، فلما بدأ الوفد يتكون قالت هذه الجماعة: لم لا يكون لنا ممثل في الوفد؟ وانتدبت اثنين كنت أحدهما لمقابلة سعد باشا وعرض الفكرة عليه، فذهبنا إليه، ولكن وجدناه مشغولا فأحالنا بعد أن عرف مطلبنا على أستاذنا أحمد لطفي السيد، فحادثناه في الأمر، فسأل: وباسم من تتكلمون؟ قلنا: باسم جماعة العقليين. وناقشنا طويلا ثم عرض الأمر على سعد باشا زغلول بعد أن عرف أسماء الجماعة فاختار منا الشيخ مصطفى عبد الرازق في الوفد المصري، ولكن الشيخ مصطفى اعتذر بعد أن شاور أسرته.

ولما اشتعلت نيران الثورة كنت من المتصلين بعبد الرحمن فهمي سكرتير الوفد، وكان يضم إليه جماعة من الشبان يوزع عليهم الأعمال، فاختارني للإشراف على عملين: الأول إلقاء الخطب السياسية في المساجد عقب صلاة الجمعة، فكنت أجتمع مع بعض الزملاء وأنظم معهم إلقاء هذه الخطب وأوزعهم على المساجد وأعين معهم موضوع ما يقولون. والأمر الثاني كتابة المنشورات نذكر فيها أهم الأحداث، ومن أهم ما أذكره من هذه المنشورات منشور كتبته على أثر مظاهرات السيدات؛ ففي يوم ١٦ مارس سنة ١٩١٩، اجتمع لفيف من الآنسات والسيدات الراقيات وألفن مظاهرة سارت في شوارع العاصمة، وأخذن ينادين بالحرية والاستقلال وبسقوط الحماية والظلم، ويلوحن بأعلام صغيرة، فلما سرن طويلا ووصلن إلى ميدان من ميادين العاصمة ضرب الإنجليز عليهن نطاًقا وصوبوا إليهن البنادق، فلم يرهبهن هذا التهديد، وقالت إحداهن: أطلق بندقيتك في صدري لتجعلوا مني مس كافل أخرى، ثم انصرفن بعد أن وقفن في الشمس نحو ساعتين، فكتبت في ذلك منشورا مطولا في وصف هذه المظاهرة وأثرها والتهيج بها، وطبع ووزع.

وقد كانت في مكتب عبد الرحمن بك فهمي مذكرة بأسماء الذين يشتغلون معه في هذه الأعمال فلما قبض عليه وختم مكتبه بالشمع الأحمر كسر بعضهم الباب وأخذ الأوراق التي يظن أنها توقع الأذى ببعض الأشخاص ومنها هذه المذكرة، ولولا ذلك لسجنت كما سجن غيري من زملائي.

وكنت شديد الصلة بسكرتير سعد باشا زغلول (كامل بك سليم)، فلما أطلق سراح سعد وذهب (كامل بك) مع الوفد إلى باريس كان علي أن أصف الحالة في مصر من حين لآخر، وأرسل بذلك تقريرات إلى سكرتير سعد ليطلعه عليها، وكانت هذه سبباً في معرفة سعد باشا بي، فكثر اتصالي به، بل كان يرسل إلي الشفرة الجديدة إذا غيرت لأوصلها إلى بعض الأعضاء في مصر، إذ كنت شيخاً مدرساً في مدرسة القضاء لا يظن أحد أن أمراً خطيراً كهذا يأتي إلي.

ولما انقسم الوفد واتهم عدلي باشا وصحبه ببعض الاتهامات كنت في صف سعد باشا ومن مؤيديه والداعين له، ومع ذلك لم يضع استقلالي في التفكير، فأذكر مرة أن كان سعد باشا في حجرته في منزله، وتناول عدلي باشا بالتجريح قبل أن يهاجمه علًنا، فسألته الأدلة على هذا التجريح، فأتى بأدلة لم تقنعني، فرددت عليه فغضب مني وقال لي: «إنك اليوم سيئ المنطق».

على كل حال انغمست في السياسة واشتركت في المظاهرات وبخاصة في المظاهرات التي ترمي إلى التقريب بين الأقباط والمسلمين، وكنت أتلمس المظاهرة، فأركب عربة وأنا بعمامتي أصطحب فيها قسيساً بملابسه الكهنوتية ونحمل علماً فيه الصليب والهلال ونحو ذلك من أعمال.

واشتدت الحركة الوطنية في مدرسة القضاء وأفلت زمامها من يد عاطف بك بعد أن كان لا يسمح بمظاهرة ما ولا إضراب، إلى أن جاء يوم انعقد فيه مجلس الإدارة في المدرسة وكانت الوزارة وزارة نسيم باشا الأولى، وهي ليست على وفاق مع سعد، وكان وزير المعارف محمد توفيق رفعت باشا عضواً فيه، فاجتمع بعض الطلبة في جزء من فناء المدرسة تحت شباك الحجرة التي ينعقد فيها المجلس وهتفوا بحياة سعد وسقوط وزارة نسيم، فاتهم رفعت باشا عاطف بك بأنه دبر هذه المؤامرة مع أنه بريء من ذلك فيما أعتقد، ولم يأت المساء حتى أعلن قرار مجلس الوزراء بإحالة عاطف بك على المعاش.

أثر هذا الحادث في نفسي أثرا كبيرا وحزنت له حزنا عميًقا، فقد لازمت عاطف بك نحو خمسة عشر عاماً في مدرسة القضاء، تلميًذا ومدرساً، وأنا أستفيد من روحه ومن خلقه، فلما خرج منها أحسست أن بناء المدرسة قد هدم على رأسي.

وعين للمدرسة ناظر جديد١ لا أعرفه ولا يعرفني ووجد المدرسين في المدرسة يقابلونه مقابلة حسنة ويسيرون معه كما كانوا يسيرون مع عاطف بك فإن حزنوا لخروج عاطف فحزن في نفوسهم من غير أن يكون له مظهر خارجي أما أنا فلسذاجتي لم أستطع أن أكتم عواطفي، فلم أستقبله عند حضوره ولم أسلم عليه إلا إذ قابلته عرضاً، وكانت تأتيه الأخبار أني أذهب كل يوم عصراً إلى عاطف بك في منزله، فكرهني أشد كره، وأعلن ذلك في جمع من الأساتذة، وقال إنه يجب أن يتعاون مع كل المدرسين إلا إياي، وساءت حالتي في المدرسة. وحدث أن قرر مجلس الإدارة يوماً تعيين متخرج من مدرسة القضاء مدرساً بالمدرسة بشرط ألا يدرس الفقه، فرأيت القرار نابياً، وأنه يمس مدرسة القضاء في صميمها، فتحدثت بذلك مع المدرسين والطلبة وترتب على ذلك أن هاج الطلبة لما أن سمعوا كلامي، وبلغ ذلك الناظر الجديد فركب عربة وذهب إلى رئيس الوزراء عدلي باشا يكن وأبان أنه لا يستطيع العمل معي، فأصدر أمره بنقلي إلى القضاء. فعينت قاضياً في محكمة قويسنا الشرعية، وكان هذا آخر العهد بتدريسي في المدرسة.
وانتهت بذلك مرحلة طويلة، هي زهرة العمر تقريباً: خمسة عشر عاماً من سني الشباب بين طالب ومدرس، نلت فيها أكثر ثقافتي، وجربت فيها أكثر تجاربي في الحياة، وتعلمت ما استطعت من العلم ومن الناس، ولقيت فيها أكبر الشخصيات التي أثرت في نفسي، وطبعت فيها بطابع لازمني طول حياتي؛ دخلتها مغمض العينين ليس عندي إلا قليل من التجار، وخرجت منها شيئًا آخر، لذلك بكيت عليها كما أبكي على فقد أب أو أم أو أخ شقيق؛ ومما آلمني أنني تركت التدريس وهو ما أحبه إلى القضاء وهو ما لا أحبه، وظللت أعزي نفسي بالاتصال بعاطف بك وبعض الأساتذة الذين أحبهم اتصال صداقة؛ كما ظللت أساهم في السياسة وأشارك بعض من صاروا من زعماء السياسيين،٢ ولكن لم أندفع اندفاعهم، ولم أظهر في السياسة ظهورهم، لأسباب أهمها أني — على ما يظهر — لم أتشجع شجاعتهم، فكنت أخاف السجن وأخاف العقوبة. ولعل من أهم أسباب خوفي إشفاقي على والدي وقد أصبحت ابنهما الوحيد؛ إذا سمعا بحبسي أو عقابي هد ذلك من كيانهما الذي أشرف على السقوط. وقد علمني أبي الإفراط في التفكير في العواقب ومن فكر في العواقب لم يتشجع. والسبب الثاني أن مزاجي علمي لا سياسي، ولهذا كنت أختلف عن زملائي السياسيين بأنهم كانوا يؤمنون بسعد باشا كل الإيمان، ويعتقدون صحة كل ما ذهب إليه وارتآه، ويئولون ما يصدر عنه من خطأ ويلتمسون الحجج لتبريره، ولم أكن على هذا المذهب، بل كنت أؤيد سعداً وأنقده، وأؤيد عدلي وأنقده؛ وليس هذا هو المزاج السياسي الذي يؤمن بكل ما يصدر عن الحزب ويتحمس له، وإنما هو المزاج العلمي الذي يزن الشيء مجرداً ثم يحكي له أو عليه في أناة.

لهذا لم أظهر في السياسة ظهور غيري، ولم أكتو بنيرانها، وأنعم بجنانها كما فعل غيري.

ظللت في القضاء أربع سنين، سنة في قويسنا، وسنة في طوخ، وسنتين في محكمة الأزبكية، ومع ذلك فلم أستمرئ القضاء ولم أسعد به؛ كل ما أراه أسر قد خربت، أما الأسر السعيدة فلا أراها. زوجة تطلب نفقة من زوجها، وزوج يطلب الطاعة من زوجته، ونحو ثمانين في المائة من القضايا من هذا القبيل فيحكم بالنفقة على الزوج، فإن لم يدفع فيحكم بالحبس، ويحكم بالطاعة على الزوجة، وظللت أحكم بالطاعة وأنا لا أستسيغها ولا أتصورها، كيف تؤخذ المرأة من بيتها بالبوليس وتوضع في بيت الزوج بالبوليس كذلك؟ وكيف تكون هذه حياة زوجية؟ إني أفهم قوة البوليس في تنفيذ الأمور المادية، كرد قطعة أرض إلى صاحبها، ووضع محكوم عليه في السجن، وتنفيذ حكم بالإعدام ونحو ذلك من الأمور المالية والجنائية. أما تنفيذ المعيشة الزوجية بالبوليس فلم أفهمه مطلًقا إلا إذا فهمت حباً بإكراه، أو مودة بالسيف. ولهذا كنت أصدر هذه الأحكام بالتقاليد لا بالضمير، وبما في الكتب والقوانين واللوائح، لا بالقلب. وكنت أشعر شعور من يمضغ حصى أو يتجرع الدواء المر. وباقي القضايا على هذا المنوال أيضاً: امرأة يدعيها زوجان زوج بورقة عرفية وزوج بورقة رسمية، ودعوى زوجة طلاًقا ينكره الزوج، ونحو ذلك من أمور لا تختلف عن الأكثرية كثيراً. فإن استفدت شيئًا من عملي في هذا المنصب فدراسة اجتماعية عملية للأسر المصرية. وقد ظهرت على عهدي هذا ظاهرة جديدة لم تكن معروفة كثيراً قبل هذا العهد، وهي تقاضي الأسر المتوسطة والأسر العالية أمام المحاكم وقد كان هذا فيما مضى يعد عاراً كبيراً، ولا يلجأ إلى المحاكم إلا الأسر الفقيرة وأمثالها.

ومما أفادني أني كثيراً ما كنت أنحي المحامين عن الكلام وتزويقهم للأمور وادعاء بعضهم ما ليس بصحيح، وأطلب حضور المتخاصمين شخصيا في جلسة سرية، وأستمع إلى كل منهما في تؤدة وتقص لمعرفة الأسباب الأساسية التي أدت إلى هذا النزاع مما لا يذكره المحامون عادة. فكنت أعرف سر الخصومة، وذلك شيء ليس في الأوراق، ثم أعالج هذا السر بما أراه ناجحاً — وأكثر ما يكون بالصلح بين المتخاصمين — إما بالفرقة إذا لم يكن أمل في نجاح الأسرة، وإما بالنصح بما يحسم الخلاف، كأن يسكن الزوجان بعيدين عن أهل الزوج أو أهل الزوجة أو نحو ذلك.

ثم استفدت المران على الحكم على الأشياء، فالقضاء لا يكون إلا بعد فهم الدعوى، ولا يكون الفهم حتى يسمع كلام الطرفين، ولا يكون الحكم حتى تدرس القضية من جميع نواحيها، ولا يكون حتى يتكون الرأي بناء على أسباب معقولة: كل هذه دروس منطقية عملية تطبع الشخص بطابع خاص لا يجده في التدريس ولا في غيره من الوظائف فأربع سنين يشغل فيها الذهن ليل نهار بالتفكير في قضايا وتحليل لها وتأمل في أحكام هذه القضايا ووضع أسباب لما وصل إليه من حكم لابد أن تترك في النفس أثراً عميًقا.

ولقد هممت في بعض أيامي في القضاء أن أدرس الأسرة دراسة علمية، فأعددت كتباً كثيرة فيها باللغة الإنجليزية، وأردت تطبيق ذلك على ما أراه من الأسر المصرية، واستخراج الإحصاءات الرسمية في عدد ما يحدث في مصر من زواج ومن طلاق ونسبة الطلاق إلى الزواج ونسبة من يتزوج أكثر من واحدة إلى غير ذلك من إحصاءات، لأستنتج النتائج الاجتماعية التي تدل عليها، ولكني مع الأسف لم أتمم هذا البحث.

وفي سني القضاء نسيت ما كانت توصيني به السيدة الإنجليزية، من قولها تذكر أنك شاب، بل كنت أتذكر دائماً أنني شيخ، فالقضاء الشرعي يتطلب وقاراً وجلالا ومشياً بطيئًا وحركة جامدة وإلا كان أهوج أرعن، والقاضي الشرعي — بجانب ذلك — ينظر إليه على أنه رئيس ديني، فيجب أن يتحرج من الجلوس في قهوة أو أن يكون في ناد تشرب فيه خمر أو يلعب فيه ميسر. وإذا جلس في قوم فلابد أن يتحدث حديًثا دينياً أو أخلاقياً وعلى الأقل أن يكون جاداً لا يمزح ووقوراً لا يضحك، وحدث مرة وأنا قاض في قويسنا حادث مربك، فقد دعاني إلى العشاء طبيب المركز مع كبار الموظفين وبعض كبار الأعيان وأنا أعلم أن بعض المدعوين يشرب خمراً، فتأخرت في الذهاب إلى بيت الطبيب حتى يأخذوا حريتهم قبل حضوري، فلما ذهبت وجدت الباب مفتوحاً والمدعوين في حجرة أمام الباب فانتظرت حتى يأتي الخادم فلم يحضر، فدخلت عليهم في الحجرة وإذا هي معمعة وإذا هي حانة، وإذا الكئوس تملأ، فبهت الحاضرون وبهت وخجلوا وخجلت، وإذا بعضهم يأخذ الزجاجة ويخفيها تحت المائدة، وزاد اضطرابي واضطرابهم، وارتباكي وارتباكهم، فقصدت إلى الطبيب صاحب الدعوة وأفهمته أني حضرت لأعتذر. فقد حدث ما يضطرني أن أكون في بيتي الآن، ففهم ما أريد وألح علي أن أنتظر في حجرة أخرى لحظات قليلة حتى تنظف المائدة، فأصررت وخرجت وكان صائباً ما فعلت، فلو جلست معهم لخرجت الشائعات بأني كنت أشرب مع الشاربين، وألهو مع اللاهين، ولسقط مركزي الديني ومركزي الخلقي ومركزي القضائي معا.

١  هو المرحوم على بك الكيلاني.
٢  مثل المرحوم محمود فهمي النقراشي ويوسف الجندي والمرحوم صبري أبو علم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤