رعمسيس الثالث

١٢٠٠–١١٦٨ق.م

تولى «رعمسيس الثالث» الحكم بعد موت والده «ستنخت» الذي لم يمكث على عرش الملك أكثر من عامين كافح في خلالهما — على ما يظهر — كفاحًا عنيفًا لطرد الغزاة وتثبيت نظم الحكم في البلاد. والظاهر أنه قد أشرك ابنه «رعمسيس الثالث» في الحكم. فلما انفرد «رعمسيس» بالحكم أثبت للعالم والتاريخ أنه خلف صالح لوالده، كما أثبت أن الدم الملكي الجديد كان له خطره في إنهاض البلاد من كبوتها التي سقطت فيها خلال عهد آخر ملوك الأسرة التاسعة عشر الضعاف.

والواقع أن مثل هذه الأسرة في بدايتها كمثل الأسرة التاسعة عشرة عندما تولى ملوكها زمام الأمور في البلاد؛ إذ ساروا بها قدمًا حتى بلغت في عهدهم مكانة عليَّة. ولسنا مبالغين إذا قلنا إن «رعمسيس الثالث» قد جمع في شخصه تلك القوة الحربية، والقدرة السياسية التي امتاز بها «سيتي الأوَّل» ومن بعده ابنه «رعمسيس الثاني». ولا غرابة في أن نرى «رعمسيس الثالث» ينحو دائمًا في أعماله نحو «رعمسيس الثاني»، وإن لم تكن الأحوال مُهيأة له لتنفيذ مقاصده.

fig17
شكل ١: الملك «رعمسيس الثالث» يُتَوِّجُهُ الإلهان «حور» و«وست».

ووجه الشبه بين أعمال الملوك الأول للأسرتين التاسعة عشرة والعشرين عظيم جدًّا، فالأولى أنقذت البلاد من الفوضى الداخلية التي ورَّطها فيها «إخناتون» وأخلافه كما أعادت للبلاد مجدها المضيع في الخارج بعض الشيء. والثانية خلصت البلاد من أيدي الأجنبي الغاصب الذي استولى عليها، كما دافعت عن حدود البلاد ووقفت زحف اللوبيين من الغرب، وأقوام البحار من الشمال والبحر، وقد كان خطرهم عظيمًا جدًّا، ولولا شجاعة «رعمسيس الثالث» وحسن تدبيره لحلت بالبلاد كارثة أعظم ضررًا وأشد خطرًا من غزو الهكسوس الذين اجتاحوا البلاد في عهد الأسرة الثالثة عشرة. ولكن كان من سوء طالع مصر أن عدد الملوك العظام في كلتا الأسرتين لم يكن كبيرًا، ففي الأولى يتوالى ثلاثة فراعنة عظام، وفي الثانية لم يتوالَ على عرشها إلا ملكان عظيمان، ثم خلف من بعدهما خلف من الملوك الضعاف ساروا بالبلاد نحو الهاوية. ومن ثمَّ أخذ ضوء مصباح الملك يخبو شيئًا فشيئًا حتى انطفأ جملة في عهد «رعمسيس الحادي عشر».

وعهد «رعمسيس الثالث» حافل بالأعمال العظيمة والأحداث الجسيمة؛ فقد ناصره الحظ، ورافقه حسن الطالع طوال مدة حكمه إلا السنين الأخيرة التي كدرت صفوها بعض الأحداث الداخلية المحضة التي لا تخلو منها بلاد في كل زمان ومكان مما سنفصل فيه القول بعد.

ولقد ظل اسمه لامعًا حتى بعد مماته؛ إذ حُفظت لنا أعماله العظيمة إلى الآن بصورة رائعة لم يحظَّ بمثلها ملك من الملوك الذين سبقوه. وقد وصلت إلينا كما دونها هو وكما يريد في كتابين ضخمين: الأول نقش على الحجر على معبده الجنازي الذي يُعد أضخم بناء لملك مصري بقي لنا سليمًا، وهو المعروف باسم مدينة «هابو». ويُعد من أحسن المعابد التي بقيت محفوظة لنا حتى الآن. أما كتابه الثاني فهو وثيقته الكبرى التي دونها مدة حياته عن أعماله السياسية والدينية العظيمة، وهي أكبر وأضخم وثيقة بقيت لنا من عهد الفراعنة، ويبلغ طولها أكثر من أربعين مترًا. وقد دُونت بأحسن خط هيراطيقي عُرف حتى الآن.

ومن هاتين الوثيقتين الفذتين سنحاول أن نضع صورة عن الحياة المصرية في هذا العهد في الداخل، ونصف ما كان للبلاد من علاقات مع الممالك المجاورة من وجوه شتى. والظاهر أن «رعمسيس الثالث» لم يقم بأية حروب في أول حكمه كما جرت العادة عند معظم ملوك مصر، بل وجَّه معظم عنايته إلى إصلاح الأداة الحكومية، وتنظيم الجيش وتقويته، ووضع أسس معابده. وقد كان ذلك من الأمور الضرورية التي تحتمها الأحوال لرجل مثل «رعمسيس الثالث» يريد أن يجعل مصر صاحبة السيادة والسلطان في الشرق كما كانت من قبل. وقد وصف لنا الحالة بنفسه عند توليه العرش، وما عمله للبلاد، وسندعه يحدثنا بنفسه عن ذلك كما جاء في «ورقة هاريس» فاستمع إليه:١
توليته العرش:
وبعد ذلك توَّجني أبي٢ «آمون رع» سيد الآلهة، و«رع آتوم» و«بتاح» جميل الوجه بوصفي سيد الأرضين على عرش من أنجبني، وقد تسلمت وظيفة والدي بسرور، وارتاحت البلاد وابتهجت بنعمة السلام، وكانت مسرورة عندما رأتني حاكمًا (له الحياة والعافية والصحة) للأرضين مثل «حور» عندما دُعي ليحكم الأرضين على عرش «أوزير»، وقد تُوجت بتاج «أنف» الذي يحمل الصل، وقد لبست التاج ذا الريشتين مثل الإله «تاتنن»، وجلست على عرش «حوراختي»، ولبست شعار الملكية مثل «آتوم».

(١) حالة البلاد الداخلية

ونظمت مصر طوائف تحتوي سقاة القصر، والأمراء العظام، ومشاة عديدين، وفرسانًا يُعدون بمئات الألوف، وجنود «شردانا» وجنود «قهق» الذين لا يُحصون، وتابعين يُعدون بعشرات الألوف، وعبيد سخرة لمصر.

حروبه:

وزِدْتُ في حدود مصر، وهزمت الذين غزوها في بلادهم، وذبحت قوم «دنين» الذين يسكنون في الجزر؛ وقوم «ثكل» والفلسطينيين الذين قد صاروا رمادًا، و«شردانا» و«مشوش» سكان البحر أصبحوا كأن لم يغنوا بالأمس، فقد أخذوا أسرى دفعة واحدة، وأحضروا أسارى إلى مصر مثل رمل الشاطئ، ووضعتهم في حصون مكبلين باسمي. وقد كانت طوائفهم عديدة يُعدون بمئات الألوف، وفرضت عليهم كلهم جزية من الملابس والحبوب من المخازن وشون الغلال سنويًّا، وأهلكت قوم «سعر» وقبائل «الشاسو» (البدو) فنهبت خيام قومهم وممتلكاتهم، وكذلك ماشيتهم مما يخطئه العدُّ، وقد كُبلوا وسِيقوا أسرى جزية لمصر، وقدمتهم للآلهة عبيدًا في معابدهم.

تأمل فإني سأخبرك عن أشياء أخرى حدثت في مصر في زمن حكمي. فقد كان «اللوبيون» «والمشوش» يسكنون مصر، ونهبوا مدن الشاطئ الأيمن من «منف» حتى «كربن»٣ (كارابانا)، وقد وصلوا حتى النهر العظيم على شاطئيه، وهم الذين نهبوا «كارابانا» وقد وصلوا حتى النهر العظيم على شاطئيه، وهم الذين نهبوا مدن «جوتوت» (كانوب) خلال سنين عديدة في أثناء إقامتهم بمصر.
تأمل لقد أهلكتهم وذبحتهم في وقت واحد، وأخضعت «المشوش» واللوبيين، و«الاسبت» (أساباتا) و«الكيكش» (كايكاشا) و«الشاي» (شاي) و«الهس» (هاسا) — و«البكن»٤ (باكانا) وقد طُرحوا أرضًا مكدسين مضرجين بدمائهم، وجعلتهم يولون الأدبار دون أن يطئوا تخوم مصر، وحملت منهم أسرى عديدين ممن أُفلتوا من سيفي مُكَتَّفِين كالطيور أمام خيلي، وكانت زوجاتهم وأولادهم يُعدون بعشرات الآلاف، وماشيتهم تُعد بمئات الآلاف، وقد أسكنت قوادهم في حصون باسمي، وأعطيتهم ضباطًا من الرماة، ورؤساء من القبائل، وقد وُسموا وأصبحوا عبيدًا مطبوعًا عليهم اسمي، وأصبحت زوجاتهم وأطفالهم على هذه الحالة، وقيدت ماشيتهم لحساب بيت «آمون»، وقد أصبحت قطعانًا له مدى الدهر.

هذا وصف موجز قدمه لنا «رعمسيس الثالث» عن حالة البلاد عندما تولى عرش الملك وما قام به من أعمال عظيمة في بابي السياسة والحرب لوضع الأمور في نصابها. ونرى منه أن الخطر الأكبر الذي كان يتهدد البلاد هو غزو اللوبيين لها، وقد أشار لنا فيه إلى حروبه الأولى مع هؤلاء القوم.

والواقع أنه ترك لنا تقارير مفصلة، ومناظر حربية شاملة عن حروبه التي شنها عليهم وعلى غيرهم من أقوام البحار الذين انضموا إليهم لاغتيال مصر. وسنتحدث فيما يلي عن حروبه التي اشتبك فيها مع هؤلاء الأعداء على حسب الترتيب التاريخي الذي تركها لنا مصورًا على جدران معبده الجنازي في مدينة «هابو».

(٢) حروب «رعمسيس الثالث»

لقد ترك لنا «رعمسيس الثالث» مناظر ممتعة، ومتونًا ضافية عن حروبه مع الممالك المجاورة لبلاده، والنائية عنها، على جدران معبده الكبير الذي أقامه في «طيبة» الغربية، وهو المعروف الآن بمعبد مدينة «هابو». والظاهر أنه رتبها ترتيبًا تاريخيًّا كما فعل «سيتي الأوَّل» على جدران «معبد الكرنك».

(٢-١) حروبه في النوبة

وتدل المناظر والمتون التي تركها لنا هذا الفرعون على أنه قام بحروب مع بلاد النوبة في أوائل حكمه. غير أن المناظر هنا مهشمة ولا يمكن معرفة كنهها إلا بقرنها بمناظر الحروب الأخرى التي جرت في بلاد النوبة، وصُوِّرت على المعابد الأخرى مثل معبد «بيت الوالي» و«معبد الدر» ومعبد «بوسمبل». وقد دلت الموازنة على أن هذه المناظر كنت في معظم الأحيان تقليدية.٥
ولا ندري هنا أقام «رعمسيس الثالث» بحروب فعلية على بلاد «كوش» لتعدِّيهم على حدود البلاد المصرية كما يقول هو أو لم يقم؟! وقد ساق «رعمسيس الثالث» أقصاهم الذين تعدوا على حدوده.٦
فنشاهد في منظر (PI. 10) «رعمسيس الثالث» في عربته يساعده جنود مصريون وآخرون أجانب يهاجم بلدة نوبية، ثم يذكر لنا المتن أنه كان شجاعًا في قيادة عربته … وجميلًا في ساحة الشجاعة عندما هاجم العدو. وقد كان ينظر للرماة من الأعداء كأنهم نساء، وقد صير بلاد «كوش» كأن لم تغنَ بالأمس، مضرجين بدمائهم أمام خيله، وبعد أن أحرز النصر نجده يقود أمامه (PI. 10) ثلاثة صفوف من الأسرى السود وبصحبته جنود من المصريين، وفي منظر آخر نجده (PI. 11) يقود هؤلاء الأسرى ويقف أمام «آمون» و«موت» في محراب. ويُشاهد بين الملك والإلهين الجزية النوبية مكدسة. ويقول المتن الذي نُقش أمام الفرعون:

تقديم الجزية على يد الملك لوالده «آمون رع» ملك الآلهة بعد أن عاد جلالته وقد أحرز النصر على ممالك «كوش» الخاسئة، ورؤساء هذه الممالك في قبضة يده، وجزيتهم أمام جلالته، وتشمل ذهبًا، ولازوردًا، وفيروزجًا، وكل حجرٍ غالٍ. وإنها قوة والده «آمون» التي رسمت له الشجاعة والنصر على كل مملكة. وأرض «كوش» أصبحت مكبلة، ومذبوحة في قبضته، كما أن الآسيويين وأقوام الأقواس التسعة في وجلٍ منه.

وقد أجابه الإله «آمون» على مقاله هذا بالكلمات التالية:

لقد عدت في سلام بعد أن نهبت الممالك، ووطئت بالأقدام قراهم، وقد سقت الأعداء أسرى — على حسب ما قررت لك من شجاعة ونصر.

وأخيرًا تذكر لنا النقوش أن هؤلاء الأسرى طلبوا إلى الإله «آمون» أن يمنحهم النفس الذي هو منحته:

تأمل، إننا تحت نعليك.

وكذلك يقولون للفرعون:

الثناء لك يا ملك مصر، وشمس الأقواس التسعة، امنحنا النفس الذي هو منحتك حتى نخدم صليك.

ومما سبق نفهم أنه كانت قد حدثت بعض اعتداءات من جانب النوبيين على الحدود المصرية، وأن «رعمسيس الثالث» نفسه قام على رأس جيش من المصريين والجنود المرتزقة، وهزم الأعداء بعد أن خرب قراهم، وأجبرهم على دفع الجزية — هذا إذا صدقنا ما جاء في النقوش، وهو ليس ببعيد؛ لأن البلاد المصرية كانت في هذه الفترة في حالة من الضعف. ويُحتمل جدًّا أن القبائل المتاخمة لمصر قد انتهزت الفرصة، وأغارت على الحدود المصرية، ولذلك قيل عن «رعمسيس»: «إنه ساق أقصاهم الذين تعدوا على الحدود»، يُضاف إلى ذلك أنه كان من عادة كل فرعون أن يبدأ حكمه ببعض الحروب جريًا على نهج أسلافه؛ ليظهر ما له من قوة وبطش.

(٢-٢) الحرب الأولى على اللوبيين

ترك «رعمسيس الثالث» عن حروبه الأولى مع اللوبيين سلسلة مناظر رائعة، ومتنًا مؤرخًا بالسنة الخامسة يمكن الباحث أن يستخلص من مجموعها صورة مفهومة عن هذه الحروب. وهذه المناظر مصورة على الجدارين الغربي والشمالي الخارجين للمعبد الكبير وهي:

(أ) المناظر

المنظر الأوَّل

(Ibid pl. 13) يُشاهَد فيه «رعمسيس الثالث» يتسلم سيفه المعقوف من الإله «آمون» في حضرة الإلهين «تحوت» و«خنسو»، وهذا المنظر يرمز إلى التصريح الإلهي بنشوب الحرب ومنح الفرعون النصر. وبعد ذلك نشاهد «رعمسيس الثالث» يخرج من المعبد بعد أن تسلم العهد بالحرب من الإله «آمون» وفي يده سيف معقوف وقوس، ويتبعه إله الحرب «منتو»، ويسبقه كهنة يحملون أربعة أعلام لأربعة آلهة وهم على التوالي: الإله «وبوات» فاتح الطريق و«خنسو» و«موت» والإله «آمون»،٧ وقد نُقش أمام الملك المتن التالي:

لقد سار جلالته وقلبه قوي في شجاعة وبطولة إلى بلاد «تمحو»، هذه الخاسئة التي تحت سلطان جلالته، وإنه والده الذي سيره في رزانة من قصر «طيبة»، وقد منحه سيفًا ليصد به أعداءه، ويهلك من لم يكن خاضعًا له، وإن الطرق التي لم تكن مطروقة من قبل قد فُتحت أمامه أبديًّا …

نشاهد بعد ذلك كل إله من الآلهة يخاطب الملك ويعده بالمساعدة كل على حسب ما امتاز به؛ فالإله «منتو» «إله الحرب» يذبح له الأعداء، والإله «وبوات» يفتح له كل طريق يؤدِّي إلى النصر، والإله «خنسو» يجعل يديه قويتين على الأقواس التسعة، والإلهة «موت» تكون له حرزًا سحريًّا إلى الأبد. أما الإله «آمون» فإنه سيذهب معه إلى المكان الذي يرغب فيه جاعلًا قلبه مبتهجًا في الأراضي الأجنبية، ولأجل أن ينشر الرعب منه، ويولد الرهبة في كل أرض أجنبية. وهكذا نجد أن الآلهة كانت تلازم الفرعون في حروبه، كل منهم يحمل علمه، ويؤدِّي وظيفته الخاصة به. وهذا دليل على تغلغل نفوذ رجال الدين في كل أمور الدولة — حتى في حروبها. وبعد ذلك نشاهد الفرعون يركب عربته على رأس جيشه يشن أول حرب على «لوبيا».

والمنظر يصوِّر لحظة تمثيلية عند بداية إعلان الحرب؛ إذ عندما ينفخ في البوق إيذانًا بالحرب، ويستعد الجيش يركب الفرعون عربته، وخلفه أتباعه المقرَّبون والأمراء، وأمامه يسير حرسه الخاص.٨ ثم يقول لنا المتن الذي أمام الملك إنه قد حضر إنسان ما ليخبر جلالته أن «التحنو» يتحركون، وهم يتآمرون. وقد تجمعوا واحتشدوا في جمع ما لا يُحصى من «لوبيين» و«سبد» و«مشوش»، وهم أهل بلاد قد احتشدوا ليزحفوا قاصدين أن يجعلوا أنفسهم سادة مصر. وقد وصل جلالته عند أفق الإله المسيطر (أي في معبد «آمون رع») ليصلي من أجل النصر ولأجل أن ينال سيفًا بتارًا من والده «آمون» سيد الآلهة. وقد بعثه بالقوة ويده معه ليقضي على أرض «تمحو» التي تعدَّت على حدوده. فالإلهان «منتو» و«ست» هما حمايته السحرية عن يمينه وعن شماله، والإله «وبوات» يخترق الطرق أمامه، وقد جعلوا سلطانه قويًّا، وقلبه شجاعًا، ليطرح أرضًا البلاد المتفاخرة. وبعد ذلك نجد «رعمسيس» في عربته سائرًا نحو «اللوبيين» ويتبعه جنود من المصريين والأجانب، وأمام الملك عربة تحمل علم الإله «آمون» الذي لم يكن بدٌّ من وجوده مع الفرعون في ساحة القتال، وعندئذ ينفخ في البوق إيذانًا بالمسير. وقد كانت طوائف الجنود الأجنبية تسير على اليسار على حسب جنسيتها٩   (Ibid pl. 17).
بعد ذلك نشاهد «رعمسيس» في عربته يهاجم اللوبيين الفارِّين، يساعده جنود من المصريين والأجانب، ويحدث في صفوفهم الذعر، فينقض «رعمسيس» على اللوبيين الذين فقدوا روحهم المعنوي. ويظهر أنهم كانوا يحاربون في مكان صحراوي قد خُضب بدماء غزيرة، وقد كان يؤازر الفرعون فرسانه المصريون، والمشاة الأجانب (راجع Ibid pl. 19).
وقد وصف الفرعون معمعة الوغى بما يأتي:

الإله الطيب في صورة «منتو»، عظيم البطولة مثل ابن «نوت» (ست) قوي الساعد، عظيم الفزع منه عندما يُرى في المعمعة مثل اللهيب المبتلع أمامه (الصل)، ثابت الذراع الأيمن عندما يشدُّ عنه القوس، وسريع الساعد الأيسر … قابضًا على القوس، وهاجمًا إلى الأمام، وهو عالم بقوَّته في النزال، وأنه يضرب مئات الآلاف، وقد هزم قلب أرض «تمحو»، وأعمارهم وأرواحهم قد انتهت؛ لأن ابن «آمون» قوي الساعد يتابعهم كالشبل عالمًا ببطشه، وهو ثقيل الصوت، تخر الجبال لاسمه عندما ينطلق زئيره، سيد الأرضين «رعمسيس الثالث».

وبعد ذلك نشاهد «رعمسيس الثالث» في شرفة يحتفل بانتصاره على اللوبيين فيُرى واقفًا في الشرفة، وعربته منتظرة خلفه، وهو يخاطب موظفيه الذين يجيبون بكل احترام. ثم نرى الضباط المصريين يقودون الأسرى من اللوبيين، في حين أن الكتبة يُحصون عدد الأيدي. وأعضاء الإكثار التي كانت أمامهم في كومتين. وهذا المنظر قد وقع في حصن من الحصون المصرية، وقد كُتب فوقه متن مهشم … القوي للفرعون «له الحياة والفلاح والصحة» المهزومون من اللوبيين أمام البلدة «وسرماعت رع محبوب آمون طارد التمحو»، وهذه البلدة كان لها شأن في الحروب اللوبية ثانية وسنتكلم عنها فيما بعد.١٠ وقد أخذ الفرعون يخاطب موظفيه ورفاقه الذين كانوا بجانبه إذ يقول:

تأملوا الإنعامات العديدة التي أتمها ملك الآلهة «آمون رع» على الفرعون ابنه، فإنه قد أودى ببلاد «تمحو» و«سبد» و«مشوش» الذين كانوا لصوصًا يعيثون الفساد في مصر يوميًّا، ولكنهم أصبحوا مطروحين أرضًا تحت قدميه، وأقدامهم قد بُترت ولم يبقَ منهم أحد. وقد انقطعت أقدامهم عن أن تطأ مصر أبدًا بالنصيحة الطيبة التي عملها جلالته، وهي أن تحافظ على مصر التي كانت قد خربت، فافرحوا وابتهجوا حتى عنان السماء؛ لأنه قد ظهر كالإله «منتو» مادًّا في حدود مصر، وإن ساعدي لعظيم وقوي، قاهر الأقواس التسعة بما عمله لي والدي سيد الآلهة «آمون» ثور والدته، ومبدع جمالي.

وقد أجابه الموظفون على ذلك بالجواب العادي الذي كله إطراء وتعظيم.

وقد كُتب فوق كومتي أعضاء الإكثار والأيدي ما يأتي:

مجموع أعضاء الإكثار (١٢٫٥٣٥)، مجموع الأيدي (١٢٫٥٣٥).

مجموع أعضاء الإكثار (١٢٫٦٨٠)، مجموع الأيدي ١٢٫١٢٫٥٣٢ + …

مجموع الأيدي (١٢٫٦٦٠).

(وكل هذه الأعداد يجب أن تُقبل بتحفظ؛ لتهشم المتن).

وبعد هذا يأتي منظر نشاهد فيه «رعمسيس الثالث» يحتفل بنصره على اللوبيين — على الجدار الجنوبي للردهة الثانية من المنظر الذي في الشرق الأقصى من الصف الأسفل — فيُرى «رعمسيس» جالسًا بدون تكلف في عربته يُلاحظ إحصاء ثلاث كومات من الأيدي، وكومة من أعضاء الإكثار، كما نشاهد موظفين يقودون إليه أربعة صفوف من الأسرى اللوبيين. وقد استرعى نظرنا هنا في الجزء المحفوظة ألوانه في المنظر أن قزحية العين زرقاء.١١ وكُتب فوق كومات الغنيمة ما يأتي:

تقديم الغنائم في حضرة جلالته و«التحنو» الساقطين من اللوبيين، وقد بلغوا ألف رجل، وثلاثة آلاف يد، وثلاثة آلاف عضو إكثار.

وبعد ذلك يخاطب الفرعون الأمراء، و«تشريفاتي» الملك، والموظفين، والرفاق، وكل قواد المشاة، والفرسان قائلًا:

ابتهجوا حتى عنان السماء؛ لأن ساعدي قد هزم «التحنو» الذين أتوا مسلحين وقلوبهم واثقة من مناهضة مصر، ولقد برزت لهم كالأسد؛ فدستهم وحولتهم إلى أكداس، وقد كنت أتتبعهم كالصقر المقدس عندما يلمح طيرًا صغيرًا في وكر، وكان سيفي … إلى أن يُوضع في غمده (؟) وسهمي لم يطش عن إصابة سيقانهم، وكان قلبي يخور كالثور في ساحة الوغى مثل «ست» عندما يثور، ونجبت مشاتي، وحميت الفرسان، وغطت ذراعاي القوم، وهدمت أرواحهم، وانتزعت أقواسهم، وحرق قلبي قراهم، وإني مثل «منتو» بوصفي ملك مصر، والفزع مني قد هزم الأقواس التسعة، ووالدي «آمون» الفاخر قد خصني بكل البلاد تحت قدمي في حين أني ملك مخلد على عرشه.

بعد ذلك يعود «رعمسيس» إلى أرض الوطن من حملته على بلاد «لوبيا» فيُرى وفي ركابه جنوده، وموظفوه يسوقون الأسرى من اللوبيين أمام عربته مكبلين في السلاسل والأغلال.١٢ وبعد وصوله نراه يقدم هؤلاء الأسرى للإلهين «آمون» و«موت» فنشاهده يقود ثلاثة صفوف من اللوبيين «لآمون» و«موت» الموضوعين في محراب، وبعد ذلك يشكره «آمون» قائلًا:

فلتشكر لأنك قد أسرت هؤلاء الذين هاجموك، وهزمت من اعتدى على حدودك، وإني منحتك هيبتي في شخصك حتى يصبح مقدورك قهر الأقواس التسعة، ويدي درع لصدرك تمنع عنك الشر، وإني قد منحتك ملك «آتوم»، وإنك تظهر على عرش «رع».

أما الإلهة «موت» سيدة السماء فترحب به قائلة:

مرحبًا في سلام يا بني، يا محبوبي «حور» الكثير السنين، الذي يحمل شجاعة ساعد والده «آمون» ونصره عندما تظهر على عرش «رع».

وبعد ذلك يجيبهم الفرعون بأنه هزم بلاد «التحنو» وأفناهم، وحطم قوى «المشوش» الخ.١٣
وفي المتن خمسة وسبعون سطرًا، ولكن لُوحظ عند تحليل محتوياته أنه يشمل سرد حوادث تُؤرَّخ عادة بالعام الثامن.١٤ وقبل أن نضع أمام القارئ نص هذا المتن، ونستخلص منه ومن المناظر التابعة له سير الموقعة؛ يجدر بنا أن نحلله هنا باختصار حتى يتسنى فهم سير الحوادث فيه؛ لما يحتويه من أساليب وجمل كلها فخار وأوصاف تغطي على لب الموضوع الأصلي.
  • (١)

    نقرأ تاريخ الموقعة والإطراء العادي للفرعون (من سطر ١–١٣).

  • (٢)

    إشارة إلى هزيمة حاقت بالآموريين (من سطر ١٣–١٧).

  • (٣)

    كل الأراضي التابعة ﻟ «رعمسيس الثالث» (من سطر ١٧–٢٠).

  • (٤)

    الوصف المحزن لحالة مصر قبل عهد «رعمسيس الثالث» (من سطر ٢٠–٢٢).

  • (٥)

    صفات القائد «رعمسيس الثالث» وشجاعة جيشه (من سطر ٢٢–٢٠).

  • (٦)

    الحروب الأولى اللوبية التي تؤرخ تقليدًا بالسنة الخامسة (من سطر ٢٦–٥١).

    وفي هذه الفقرة نجد خطط اللوبيين وهجومهم (من سطر ٢٦–٢٨).

    ثم فشل خططهم بحكمة «رعمسيس» وقوته، وهذا الجزء يحتوي بعض سياسات غامضة، ثم هزيمة اللوبيين (٣٣–٣٦) وانتصار «رعمسيس» واستعباد الأسرى (٣٦–٣٩) ونصيب اللوبيين الذين بقوا على قيد الحياة، وما أصابهم من عنت (٣٩–٤٢). اللوبيون يندبون سوء حظهم (٤٢–٥١).

  • (٧)

    الحروب الشمالية التي يؤرخها الأثريون بالسنة الثامنة (٥١–٥٩)، وتشمل جزية أهل الشمال برًّا وبحرًا (٥١–٥٤)، تسليم أهل الشمال وأسراهم (٥٤–٥٩).

  • (٨)

    كل بلد أصبح لا حول له ولا قوة أمام بطش «رعمسيس» (٥٩–٦٦).

  • (٩)

    إدارة الملك الحكيمة الماهرة التي ضمنت السلام والسعادة لمصر (٦٦–٧٥).

والواقع أن هذا المتن قد اختصر بعض الحوادث التاريخية اختصارًا مخلًّا، وما على القارئ إلا أن يقرن ما جاء في الجزء الذي يشمل من سطر (٢٥–٧٥) في هذا النقش بما جاء تمثيله في «ورقة هاريس».

وهاك نص المتن كما جاء على جدران المعبد:

(١) السنة الخامسة من عهد جلالة «حور»: الثور القوي، الذي مدَّ حدود مصر، صاحب السيف البتار، القوي الساعد، وذابح «التحنو»، ومحبوب الإلهتين، عظيم الأعياد الثلاثينية مثل والده «بتاح»، (٢) ومحطم «التمحو» في أكوام في أماكنهم، «حور» الذهبي، الشجاع، رب القوَّة، وجاعل الحدود أينما أراد في اقتفاء أعدائه … (٣) والخوف منه والرعب درع لمصر، ملك الوجه القبلي والوجه البحري، السيد الفتى اللامع، والمنير مثل القمر عندما يولد ثانية … (وسرماعت رع-مري آمون) (٤) ابن «رع»: «رعمسيس الثالث»، بداية النصر الذي بدأه «رع» بقوة مصر، وقد عاد حاملًا السلام، والتاسوع جعل … (٥) قويًّا السيد المقدام السباق، ومن منظره مثل ابن «نوت» (الإله «ست») ليجعل الأرض قاطبة كإنسان واحد فرح … (٦) ملك الوجه القبلي والوجه البحري: (وسرماعت رع مري آمون)، ابن «رع»: «رعمسيس الثالث» الحاكم العظيم الحب، وسيد السلام، ومن منظره مثل «رع» عند الفجر، ومن الفزع منه … (٧) لصله، الممكن على عرش «رع» بوصفه ملك الأرضين، والبلاد من أقصاها إلى أقصاها قد نجت، والغني والفقير … (٨) قد جُمعوا واتحدوا معًا في حكمه، ملك الوجه القبلي، والوجه البحري: (وسرماعت رع-مري آمون) ابن «رع»: «رعمسيس الثالث»، الملك الجبار الشجاع الموجد (حبه) وإنه يرى … عندما يثور، الحامي الذي يوثق (٩) فيه، ومن قد ظهر في مصر، صاحب الغايات البعيدة، والسريع الخطا، والضارب كل أرض، والمستشار، صاحب الخطط الممتازة، والمجهز بالقوانين، والجاعل قومه في سرور (١٠)، ومن اسمه قد نفذ في قلوبهم إلى الظلام نفسه (عالم الآخرة)، وفخاره والرعب منه قد وصلا إلى نهاية الأرض، وقد صيرت الأرض إلى _ وخربت في آن واحد (١١) ولا يعرفون أسيادهم. وقد أتوا خاشعين يرجون نفس الملك الذي في مصر من «حور» (الملك): الثور القوي، عظيم الملك، ملك الوجه القبلي والوجه البحري: (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع»: «رعمسيس الثالث» جدار مصر (١٢) العظيم، حامي أجسامهم. وقوته كقوة «منتو» مخضع «الأقواس التسعة»، وهو طفل إلهي عندما يطلع مثل «حوراختي»، وهو يشبه «آتوم»، في أي وقت يظهر فيه ويفتح فمه بالنفس (١٣) للناس؛ لأجل أن يمد الأرضين بطعامه كل يوم، وإنه الابن الشرعي، حامي تاسوع الآلهة الذين يخضعون له الممالك العاتية.

إشارة عامة لهزيمة «الآموريين»

إن رئيس «آمور» قد أصبح رمادًا (١٤) وبذرته لا وجود لها. وكل قومه أخذوا أسرى، وشتتوا وأخضعوا، وكل من بقي على قيد الحياة في بلاده كان يأتي بالثناء (١٥) ليرى شمس مصر العظيمة تطلع عليه، وجمال قرص شمس مصر أمامهم — الرعان١٥ (الشمسان) اللذان يطلعان ويضيئان (١٦) على الأرض: شمس مصر والشمس التي في السماء، ويقولون: الرفعة «لرع»، إن أرضنا قد خربت، ولكنا (١٧) في أرض حياة قد محي فيها الظلام، ملك الوجه القبلي والوجه البحري: (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع»: «رعمسيس الثالث».

كل البلاد تابعة «لرعمسيس»

وقد اجتثت السهول والأقاليم الجبلية (١٨) وحملت إلى مصر عبيدًا، وقدم أهلها كلهم معًا للتاسوع، والرضا، والطعام والمؤن غزيرة في الأرضين (١٩)، والجمهور يبتهج في هذه الأرض، ولا حزن فيها؛ لأن «آمون رع» قد مكن ابنه في مكانه، حتى إن كل ما يحيط به قرص الشمس قد أصبح موحدًا (٢٠) في قبضة يده. والأعداء من الآسيويين واللوبيين قد سيقوا، وهم الذين قد خربوا مصر فيما مضى حتى جعلوا الأرض أصبحت قاحلة في خراب تام منذ بدء الملوك، في حين أنهم اضطهدوا الآلهة، وكذلك كل فرد، ولم يكن هناك بطل (٢٢) يستقبلهم عندما ثاروا.

صفات الفرعون في القيادة، وجسارة جيشه

والآن لقد وُجد شاب مثل المارد المجنح (ست)، وهو قائد داهية مثل «تحوت» كلماته … (٢٣) وإنها تخرج منه كأنها تعويذة من … التي تخرج من فم رب الكل، وجنوده أصواتهم ثقيلة فهم كالثيران (٢٤) على استعداد … في ساحة الواقعة، وخيله كالصقور عندما تلمح طيورًا صغيرة (…) … (٢٥) زائرًا مثل الأسد، وهو مستفز وهائج. وفرسان العربات لهم من القوة ما للإله «رشف» (إله الحرب) فهم ينظرون إلى عشرات الألوف كأنهم نقط، وقوته أمامهم كقوة الإله «منتو» (٢٦)، واسمه والفزع منه يحرقان السهول والأقاليم الجبلية.

(ب) الحرب اللوبية الأولى التي يؤرخها علماء الآثار تقليدًا بالسنة الخامسة

خطط هذه الحرب وهجوم «اللوبيين»

لقد أتى أهل بلاد «التمحو» مجتمعين معًا في مكان واحد، ويشملون «اللوبيين» و«السبد» و«المشوش» … (٢٧) … وقد اعتمد جنودهم في خطتهم، وأتوا بقلوب واثقة: «سنتقدم بأنفسنا»! وخططهم التي كانت في نفوسهم هي: «سنعمل»! وقلوبهم كانت مليئة (٢٨) بالأعمال الخاطئة وبالضلال، غير أن خططهم قد حُطمت وقُلبت جانبًا في قلب الإله. وقد طلبوا رئيسًا بأفواههم، غير أن ذلك لم يكن في قلوبهم. وإنه الإله الواحد الممتاز (٢٩) هو الذي عرف خطة (صائبة)، وهذا الإله الآن سيد الآلهة قد عمل لعظمة مصر بالنصر المخلد، ليجعل أهل الممالك الأجنبية يطلبون بقلوبهم (٣٠) من الملك العظيم أن ينصب رؤساء لهم.

وقد كان جلالته نافذ البصيرة داهية مثل «تحوت»، وقد رُئيت قلوبهم وخطتهم، وحكم عليها في حضرته، وكان جلالته قد ربى ولدًا صغيرًا من أرض «تمحو» وهو طفل، وقد عضده (٣١) بقوة ساعديه، ونصبه عليهم رئيسًا لينظم الأرض. وهذا لم يُسمع به من قبل١٦ منذ أن بدأ الملوك. والآن كان قلب جلالته مريعًا وباطشًا كالأسد المختبئ (٣٢) متحفزًا للوثوب على الماشية الصغيرة، وقد كان حقًّا كالثور القوي الساعدين، والحاد القرنين ليهاجم الجبال نفسها مقتفيًا أثر من هاجمه. وقد سخر الآلهة من (٣٣) خططهم؛ لأنهم جعلوا قوَّته تناهض من تعدَّى حدوده. وقد انقض عليهم جلالته كلهيب النار المنتشر في هشيم كثيف، وكالطيور التي في شبكة (٣٤) فدُرسوا كأنهم حزم القمح وأصبحوا هشيمًا، وأُلقوا على الأرض مخضبين بدمائهم، وكانت هزيمتهم ثقيلة (٣٥) لا حدَّ لها: تأمَّل! لقد كانوا في حالة سيئة بلغت عنان السماء؛ لأن جموعهم الكثيفة قد اجتمعت سويًّا في مكان ذبحهم، وأُقيم منهم هرم في عقر دارهم (٣٦) بقوَّة الملك، الشجاع في شخصه، السيد الأوحد، القوي مثل «منتو» ملك الوجه القبلي والوجه البحري: (وسرماعت رع) «رعمسيس الثالث».
fig18
شكل ٢: أحد رؤساء اللوبيين الذين هزمهم «رعمسيس الثالث».

وقد أُحضر كل من بقي حيًّا أسيرًا إلى مصر. أما الأيدي، (٣٧) وأعضاء الإكثار فكانت لا تُحصى، وسِيقوا أسرى، وكُبلوا تحت شرفة الملك، وقد اجتمع رؤساء الممالك الأجنبية ناظرين إلى بؤسهم. أما محكمة الثلاثين (٣٨) وحاشية الفرعون فقد كانوا باسطين أيديهم على رحبها، وتهليلهم قد ارتفع حتى عنان السماء بقلوب راضية وقالوا: إن «آمون رع» هو الذي قرر الحماية للملك أمام كل أرض والسياح (٣٩) والرسل من كل أرض قد أُزيلت قلوبهم وانتُزعت، ولم تبقَ بعد في أجسامهم، واتجهت وجوههم إلى الملك كما تتجه إلى «آتوم» (الشمس).

وقد كسر العمود الفقري لأهل «التمحو» طوال الأبدية، ولم تعد بعد أقدامهم (٤٠) تطأ حدود مصر. أما قوادُّهم فقد نُظموا وصُفوا زمرًا بالانتصارات، ووُسموا باسم جلالته العظيم، والذين هربوا كانوا تعساء (٤١) يرتعدون، ولم يكن في مقدور أفواههم أن تستذكر طبيعة أرض مصر. وأهل «التمحو» هربوا وجروا، وقوم «المشوش» كانوا في حيرة في أرضهم (٤٢) واجتثت جذورهم، ولم يكونوا في حالة واحدة، وكل جزء من أجسامهم صار ضعيفًا من الفزع، وقالوا: إنها هي التي تقصم ظهورنا — مشيرين إلى مصر — (٤٣) وسيدها هو الذي قد قضى على أرواحنا إلى أبد الآبدين، وكانت حالتهم تسوء عندما يرون ذابحيهم مثل جزاري الإلهة «سخمت» (إلهة الحرب) وهم الذين كانوا يقتفون أثرهم. وإن الإنسان ليصيبه الفزع، ويتملكه الخوف أمامهم (٤٤) «وإذا لم تجد خطواتنا طريقًا للسير فإنا نقطع الأراضي حتى نهايتها.» وإن جنودهم لن يحاربوا في جانبنا في أي موقعة. فهناك تهاجمنا (٤٥) نيراننا برغبة منا، ونحن قانطون! وقلوبنا قد نُزعت، وقوتنا قد نفدت! فسيدهم مثل «ست» محبوب «رع»، ونداؤه للواقعة مسموع (٤٦) مثل نداء المارد المجنح، وإنه يقفو أثرنا مذبحًا، ولا رحمة عنده. ويجعلنا نولي الأدبار عند ذكر مصر أبديًّا. ولقد كان اندفاع أنفسنا نحو (٤٧) الموت سخيفًا، فكنا الموقدين النار التي أدخلنا فيها أنفسنا، وبذرتنا قضى عليها، وبخاصة «دد» و«مشكن» و«مريي»، هذا إلى «ورمر» و«تثمر» (٤٨) وكل رئيس معًا هاجم مصر من «لوبيا» أصبح في النار من أوله إلى آخره. وقد رد الآلهة الجواب بذبحنا؛ لأننا قمنا بهجوم قصدًا على مقاطعاتهم. ونحن نعلم قوة مصر العظيمة! إن «رع» قد وهبها حاميًا جبارًا يظهر مضيئًا مثل … (٥٠) دعنا نقبل الأرض! فسيفه عظيم وبتار … (٥١) ملك الوجه القبلي والوجه البحري «وسرماعت رع مري آمون»: «رعمسيس الثالث».

(ﺟ) الحرب الشمالية التي يؤرخها علماء الآثار تقليدًا بالسنة الثامنة من حكم «رعمسيس»

لقد ارتعد أهل الممالك الشمالية في أجسامهم، وهم الفلسطينيون (بلست) و«الثكر» … (٥٢) وقد قُطعوا عن بلادهم، وأتوا وأنفسهم كسيرة، وقد كانوا محاربين (ثر) على اليابسة، وطائفة أخرى على البحر. أما الذين أتوا على البر فقد هُزموا وذُبحوا … (٥٣)، وكان «آمون رع» خلفهم قاضيًا عليهم، والذين دخلوا في مصبات النيل كانوا مثل الطيور التي وقعت بالأحبولة، وصيروا … (٥٤) أسلحتهم، وقد أُزيلت قلوبهم وانتزعت، ولم تعد بعد في أجسامهم، وقوادهم سِيقوا وذُبحوا وأُلقي بهم على الأرض، وكُتفوا … وصاحوا قائلين (٥٥): يوجد أسد مهاجم، مفترس قوي قابض بمخالبه، وهو السيد الوحيد الذي أتى إلى مصر ولا نظير له، وهو محارب مسدد السهم لا يطيش قط … (٥٦) نهايات المحيط، وكانوا يرتعدون جميعهم (قائلين): إلى أين نذهب؟ ويلتمسون السلام آتين بخضوع خوفًا منه، عارفين أن قوتهم قد نفدت، وأن أجسامهم أصبحت ضعيفة (٥٧)؛ لأن هيبة جلالته أمامهم كل يوم، وهو كالثور الواقف في ساحة القتال، وعينه على قرنيه متأهبًا لمهاجمة منازله برأسه، وهو محارب جبار … (٥٨) نداء الواقعة، العدَّاء، رب القوة، ناهب كل أرض، حتى إنهم يأتون مسلمين بخضوع فزعًا منه، وهو فتًى غض مغوار مثل «بعل» في … (٥٩) الملك الذي ينجز الخطط، ورب النصائح، وما يفعله لا يخيب بل يحدث مباشرة، ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع»: «رعمسيس الثالث».

والويل لها، تلك الأراضي (حتى ما تحيط به الأرض) … (٦٠) التي يتآمر أهلها — في قلوبهم — على مصر. فإنه السيد العظيم المنتصر، ملك الأرضين، والرعب منه والفزع قد طوح بالأقواس التسعة؛ لأنه كالأسد — ضخم (٦١) الزئير على قمم الجبل — والإنسان يخاف من بعيد بسبب هيبته، وهو مارد مجنح، واسع الخطا، ذو جناحين، وهو الذي في نظره ملايين الأميال (إتر)١٧ كأنها (٦٢) مجرد خطوة، وهو فهد عارف بفريسته، قابض على منازله، ويداه تحطم صدر من يتعدى على حدوده، وهو ثائر رافعًا ذراعه اليمنى (٦٣) ومقتحمًا المعمعة، وقاتلًا مائة ألف في أماكنهم أمام خيله؛ لأنه ينظر إلى تكتل الجمع كأنهم جنادب مهزومون منحلون (٦٤) طُحنوا كالدقيق، وإنه قوي القرنين، معتمد على قوته حتى إن الملايين وعشرات الألوف يحتقرون أمامه، وصورته كصورة «منتو» عندما (٦٥) يبرز. وكل بلد تجهد نفسها له عند مجرد ذكر اسمه: وهو حاكم ممتاز الخطط مثل الإله «تاتنن» يمد البلاد قاطبة بكل قانون (٦٦) قوي الساعد، عظيم القوة في السهل والحزن، وكل شيء عمله يحدث مثل أعماله، ساكن «هرموبوليس» (تحوت) ملك الوجه القبلي والوجه البحري «وسرماعت رع مري آمون» ابن «رع»: «رعمسيس الثالث».

وإن قلب مصر لفرح بتمليك بطل مثله، حتى إن الأرض أصبحت على (٦٧) ارتفاع ظهرها (أي مرتاحة) لا تذمر فيها، وهو مرسل ظلًّا للناس يجلسون (في راحة) في زمنه، وقلوبهم واثقة لأن قوته هي حمايتهم (٦٨). وإنهم يعرفون ساعديه، وإنه الصقر الإلهي الذي يضرب ويقبض. وإنه قد أوجد جيوشًا بانتصاراته، وملأ مخازن (٦٩) المعابد بغنائم ساعده جاعلًا الآلهة راضين بإنعاماته، وبذلك كانوا على يمينه وعلى شماله ليطرحوا أرضًا الأقواس التسعة: ليتهم (الآلهة) يجعلون قوته (٧٠) على كل من يهاجمه كالتي أعطاها إياه «آمون» والده الفاخر وهو الذي تجتمع الأرضان تحت قدميه، ملك الوجه القبلي والوجه البحري: (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع»: «رعمسيس الثالث».

أما «حور»: فهو عظيم السنين، وبذرة «رع» الإلهية (٧١) التي خرجت من جسمه، والصورة الفاخرة الحية لابن «إزيس»، الذي خرج من الفرج مُحلًّى بالتاج الأزرق مثل «آتوم»، والعظيم الفيضانات النيلية التي تحمل طعامها لمصر (٧٢)، في حين أن القوم والمواطنين يتمتعون بالأشياء الطيبة، والملك الذي يقيم «العدالة» لرب الكل، ويقربها كل يوم أمامه، ومصر والأرض في سلم في عهده (٧٣)، والأرض كلها كلوح (سهلة منبسطة)؛ لأنه لا يوجد طمع، وفي استطاعة المرأة أن تذهب حيث شاءت بملابسها على رأسها دون أن تعاق خطواتها إلى المكان الذي ترغب فيه. والممالك الأجنبية تأتي منحنية (٧٤) لشهرة جلالته بجزيتهم وأطفالهم على ظهورهم، وأهل الجنوب وأهل الشمال على السواء يمتدحونه، وينظرون إليه كما ينظرون إلى «رع» عند الفجر، وهم خاضعون لخطط وقوانين الملك الجبار، الحاكم صاحب الخطط ذات الأثر (٧٥)، مثل خطط صاحب الوجه الجميل «بتاح» ملك الوجه القبلي والوجه البحري، رب الأرضين صاحب الساعد القوي: «وسرماعت رع مري آمون» ابن «رع»: «رعمسيس الثالث» معطي الحياة مثل «رع» في الخلود.

ولا نزاع في أن القارئ يجد نفسه غارقًا في بحر لجي من الصفات والنعوت، وعبارات المدح والإطراء للفرعون عند قراءة سطور هذا المتن الطويل، وإذا أردنا تصفيته وغربلته وجدنا أن الحقائق التاريخية التي يحتويها ضئيلة جدًّا، ولكن هذا هو الواقع في معظم متون الأسرة التاسعة عشرة بوجه خاص؛ إذ قد نحا الملوك نحو «رعمسيس الثاني» في قصيدته المشهورة التي نقشها على جدران معابده العظيمة.

وعلى أية حال فإنها لا تزال مصدرنا الوحيد عن هذه الحروب.

ومن جهة أخرى إذا فحصنا محتويات هذا المتن، الذي تُنسب حوادثه إلى السنة الخامسة من حكم هذا الفرعون، لوجدنا أنه لا يقتصر على حروب الفرعون لبلاد «لوبيا» كما هو المشهور، بل نجده يشير إلى وقوع حروب أخرى بينه وبين ممالك الشمال أو أقوام البحار، كما يُعرفون بذلك الاسم.

على أنه من المعلوم لدى علماء الآثار أن الحروب التي وقعت بين «رعمسيس الثالث» وهؤلاء الأقوام تؤرخ بالسنة الثامنة كما سنرى بعد. فهل الإشارة في المتن الذي بين أيدينا الآن تشير إلى حرب وقعت قبل السنة الخامسة، وهي السنة التي حارب فيها «اللوبيين»، أو أن هذا المتن عندما نُقش على جدران معبد مدينة «هابو» سبق الحوادث وأشار إلى حروب السنة الثامنة مع أنه مؤرخ بالسنة الخامسة؟ وذلك لأن النقوش في كثير من هذه المعابد تُكتب بعد وقوع الحوادث بسنين عدة، ومع ذلك تؤرخ بالتاريخ الهام الأول كما حدث ذلك في وثيقة الإهداء الكبرى التي نقشها «رعمسيس الثاني» على أحد جدران معبد «العرابة المدفونة» وأرخها بالسنة الأولى من حكمه. ومع ذلك ففيها من الحوادث ما يشير إلى أعمال جرت بعد هذا التاريخ (راجع مصر القديمة الجزء السادس). هذا فضلًا عن أن العبارات التي جاءت في هذا المتن ومتن السنة الثامنة فيها تشابه كبير.

وعلى أية حال فإن كلا الرأيين جائز، ولكن المرجح أن المتن قد كُتب سابقًا لزمنه.

(د) الحملة الأولى اللوبية (حوالي عام ١١٩٤ق.م)

لقد انتهز «اللوبيون» فرصة عدم استقرار الأحوال الداخلية بعد وفاة «مرنبتاح» في مصر، كما فعلوا ذلك من قبل في مدة الفوضى التي حدثت بين عهدي الدولتين القديمة والوسطى، وسعوا فيها ليحصلوا لأنفسهم من جديد على مكان في مصر؛ ولذلك أعلنوا الثورة وصمموا على احتلال البلاد الواقعة على الحدود، والإقامة فيها، والاستيلاء على الوديان العالية، وسلب أماكنها، وقالوا: «إنا نريد أن نستقر في مصر»، وهكذا تكلموا بصوت واحد، وهجموا على حدود مصر. وقد ظلوا سنين عديدة يضطهدون سكان غربي الدلتا حتى قام «رعمسيس الثالث» بحملته الأولى التي نحن بصددها الآن في السنة الخامسة، محاولًا طردهم من الحدود المصرية والقضاء عليهم.

وقد ذكر «مولر»١٨ أن «ستنخت» قام بطردهم في عهد مبكر، غير أنه لم يذكر لنا المصدر الذي استقى منه هذا الخبر. ولكن يجب أن نسلم هنا بأن حماية الحدود وتحصينها قد حال بين هذا العدو وبين استيطانه في الدلتا فعلًا، وتدل الوثائق التي لدينا على أن هؤلاء القوم كانوا على الحدود، وأنهم لم يتعدوها في سكناهم، ويؤكد ذلك الوصف الذي جاء في «ورقة هاريس» الكبرى؛ إذ نعلم منها أن «اللوبيين» و«المشوش» قد هجموا على مصر، ونهبوا المدن الواقعة على إقليم الشاطئ الغربي من «منف» حتى «كاربانا»، وقد وصلوا في زحفهم حتى النهر العظيم على كلا شاطئيه. ولا بد أن اعتداء هؤلاء القوم على البلاد، ووصولهم حتى فرع النيل الكانوبي كان حادثًا فرديًّا. وعلى ذلك تكون الحدود التي وقفت عندها اعتداءات «اللوبيين» تنحصر في مدن إقليم الشاطئ الغربي، والظاهر أنها كانت تمتد في خط من «منف» حتى «كربانا»، وكانت «منف» تُعد أهم مدينة في جنوبي الدلتا قبل تفرع فرع «كانوب». وبلدة «كاربانا» هذه التي جاء ذكرها في «ورقة هاريس» تقع جنوبي بلدة «كانوب» المسماة باسم هذا الفرع من النيل عند مصبه.١٩ وقد علمنا فيما سبق بوساطة الملابس أنه يوجد فرق ظاهر بين الحربين اللتين شنهما «رعمسيس الثالث» على «اللوبيين»، إذ شن إحداهما على قوم «اللوبيين» والأخرى على قوم «المشوش»، ويؤكد لنا ذلك ما جاء في المتن العظيم الذي دوناه فيما سبق، وكذلك المناظر التي تركها لنا «رعمسيس الثالث» عن هذه الحرب، وما يستنبط «فرشنسكي» من متون الحرب اللوبية الأولى؛ إذ نجد اسم «التمحو» قد ذُكر بكثرة بالنسبة لاسمي «اللوبيين» و«المشوش»، وأن أعداء «رعمسيس» في هذه الحرب هم في الأصل أهل «التمحو»، ولكن من جهة أخرى قد رأينا أن كلمة «التمحو» في هذا الوقت لا تعني ما كانت تعنيه في الأزمان السالفة لهذا الوقت، وأن «رعمسيس» قد اكتفى هنا بذكرهم في هذه الحروب الأولى بصفة عامة بدلًا من تعداد أسماء القبائل الأخرى التي كان يتألف منها الشعب اللوبي؛ لأنهم كانوا الجنس السائد. والواقع أنه في حين أننا نجد بنوع خاص كلمة «تمحو» تُستعمل فقط في التعبيرات العامة فإنا نجد النقوش في المواقف المعينة تستعمل الاسمين الآخرين — اللوبيين والمشوش — كما أشرنا إلى ذلك من قبل.
ولدينا فقرات في المتن الكبير تكشف بصفة قاطعة عن الأعداء الذين حاربوا مصر في الموقعة الأولى. ففي سطر (٤٧) من نقوش السنة الخامسة نجد أن قواد الأعداء في هذه الحرب هم «دد» و«مشكن» و«مريي» و«رمر» و«ثتمر» وكل رئيس معاد قد هاجم مصر من «لوبيا». ويُضاف إلى ذلك أننا نجد في الصور التي تمثل تقديم الأسرى صورة المدينة التي وقعت فيها الواقعة ومعها بقايا متن قصير يذكر لنا الانتصار الذي أحرزه الفرعون «رعمسيس الثالث» على الأعداء اللوبيين أمام المدينة، وهاك النص:
… الفرعون (له الحياة والفلاح والصحة) الخاسئين اللوبيين أمام بلدة «وسرماعت رع مري آمون طارد التمحو».٢٠
وهذا البرهان يعززه برهان آخر نجده في نقش كتب في الحرب اللوبية الثانية كما سنرى وهو يتكلم عن انتصار المصريين على «المشوش» الذين كانوا يزحفون على مصر. وهاك النص٢١ الذي كُتب فوق الحصن:
المذبحة التي أوقعها جلالته بين أعداء البلاد من «المشوش» الذين أتوا إلى مصر مبتدئين من بلدة «رعمسيس الثالث» الواقعة على جبال «وب تا» إلى «حوت شع» (قرية الرمل)، وقد وقعت مذبحة بينهم امتدت ثمانية أميال.٢٢

وهذه الموازنة تدل دلالة واضحة على أن أغلبية القوم الذين حضروا الحرب الثانية كانوا من «المشوش»، وهذا لا يحتاج إلى برهان آخر.

وعلى أية حال نجد أن محصول المتن الطويل المفعم بالأوصاف والاستعارات لا يتعدى ما جاء فيه عن الحربين إلا حقائق ضئيلة. وقد قرأنا في المتن الأول ذكر عدد من الأمراء ومن بينهم الأمير «ثتمر»، وقد ذكر كثيرًا بدون سبب بأنه هو القائد للأعداء في الحرب الأولى. وليس لدينا ما يدل على ذلك في المتن، وكذلك لدينا اسمان من بين الأمراء الخمسة الذين ذُكروا في هذا المتن وهما: «دد» و«مريي». ويُلاحَظ أنهما ذُكرا في متون «مرنبتاح». وتدل شواهد الأحوال على أن هذين الأميرين لم يشتركا في حروب «رعمسيس الثالث» بل نُقل اسماهما من نقوش «مرنبتاح» وحُشرا هنا كما أثبت لنا ذلك المؤرخ «بيتس».٢٣ حقًّا كان للأمير «مريي» في حروب «مرنبتاح» ستة أولاد، ولكن ليس من المعقول حسابيًّا أن «دد» كان لا يزال على قيد الحياة وقت نشوب المعركة بين «لوبيا» و«رعمسيس الثالث». هذا فضلًا عن أننا سمعنا عن الأمير «مريي» أنه هرب من ساحة الواقعة، وأن «مرنبتاح» نصب مكانه أخاه. ولذلك يخامرنا الشك في ذكر هذا الاسم في هذه الحروب والتي قبلها، اللهم إلا إذا كانا شخصين مختلفين باسم واحد، وهذا جائز أن يُسمى الابن باسم والده.
وتدل المناظر التي تركها لنا «رعمسيس الثالث» على أنه أبعد عن مصر خطر «التمحو» في موقعة دارت رحاها أمام بلدة «رعمسيس مري آمون طارد التمحو»٢٤ ويُحتمل أنها كانت في السنة الخامسة من حكمه؛ لأنه ليس لدينا تاريخ معين ليوم الموقعة، والسنة التي حدثت فيها.
وبعد الموقعة خاطب الفرعون جنوده قائلًا:

تأملوا النعم الجمة التي أداها «آمون رع» ملك الآلهة للفرعون طفله. فقد قضى على أرض «تمحو» و«سبد» و«مشوش»، فقد كان أهلها لصوصًا ينقضون على مصر يوميًّا، غير أنهم أصبحوا ساجدين تحت قدمي، وقد اجتُثت جذورهم، وليس لهم وجود بأية حالة، وقد انقطعت أقدامهم عن أن تطأ أرض مصر إلى الأبد؛ وذلك بفضل النصائح الغالية التي قدمها جلالته للعناية بمصر التي كانت قد خربت، فافرحوا وهللوا حتى عنان السماء؛ لأني قد ظهرت مثل «منتو» مادًّا حدود مصر، وإن ساعدي عظيم وقوي يهزم الأقواس التسعة بفضل ما فعله لي والدي رب الآلهة «آمون كمفيس» مبدع جمالي.

وقد جاوبه الضباط ورجال البلاط بالإجابة العادية. وبعد ذلك نرى الفرعون يشرف على عد الأسرى وغنائم الحرب وهي تُقدم له. وقد بلغ عدد القتلى (١٢٥٣٥) قتيلًا. والأسرى ألف أسير.٢٥ أما عن أعمال الشجاعة وما فعله الفرعون فتوجد في المتن الكبير التي ذكرناه آنفًا. وكذلك فيما جاء في «ورقة هاريس».

(٢-٣) حروب «رعمسيس الثالث» في آسيا مع أقوام البحر المؤرخة بالسنة الثامنة من حكمه

(أ) المصادر

لم يكد يستقر الأمن في ربوع مصر إلا سنين قلائل جدًّا؛ إذ في السنة الثامنة من حكم «رعمسيس» أخذ أقوام البحر الذين تحدثنا عنهم فيما سبق ينقضون على مصر من البر والبحر. والمصادر التي نستقي منها أخبار هذه الحروب هي:
  • (١)
    المتن الكبير المؤرخ بالسنة الثامنة، وقد نُقش في الردهة الأولى على الجدار الغربي شمالي الباب الكبير في داخل معبد مدينة «هابو».٢٦
  • (٢)
    المناظر التي خلفها «رعمسيس الثالث» على الجدار الشمالي (Ibid, pls. 29–44).
  • (٣)

    ما جاء في «ورقة هاريس»، وقد ذكرناه فيما سلف.

والمتن الذي نُقش على البوابة الثانية خاص كما قلنا بالحروب الشمالية التي شنها «رعمسيس الثالث» على أقوام البحر كما تحدثنا المتون المصرية، ولحسن الحظ نجد أن الجزء الخاص في هذا المتن بالأحداث التاريخية قد أخطأته يد التخريب؛ لأن الجزء المتآكل موجود على اليسار، والثغرة الكبيرة التي على اليمين — على ما يظهر — لا تحتوي إلا عقود مدح نُظمت للفرعون. ولدينا من أمثال هذه المدائح الشيء المكرر الكثير.

وهذا المتن بوجه عام أقرب فهمًا للقارئ الحديث من أي قصيدة أخرى من قصائد «رعمسيس» التي نُظمت في مواقعه الحربية، وتنقسم ثلاثة أقسام كالعادة وهي: (١) مقدمة مديح، (٢) تقرير بليغ عن انتصارات الفرعون، (٣) وأخيرًا أنشودة نصر.

ويُلخَّص المتن فيما يأتي:
  • (١)

    التاريخ، ومديح عام للملك ١–١٢ سطرًا.

  • (٢)
    خطبة للفرعون ١٢–٣٨ وتحتوي:
    • (أ)

      «رعمسيس» بوصفه مختار الإله «آمون» للملك، ومخلص مصر من ويلاتها (١٢–١٦).

    • (ب)

      الحروب الشمالية (١٦–٢٦).

    • (جـ)

      هجوم الشماليين (١٦–١٨).

    • (د)

      «رعمسيس» مستعد لمواجهة الهجوم (١٨–٢٣).

    • (هـ)

      هزيمة الشماليين (٢٣–٢٦).

  • (٣)

    ذكر المنافع التي عادت على مصر في عهد «رعمسيس الثالث» ٢٦–٣٨ وهاك النص:

(١) السنة الثامنة في عهد جلالة «حور»: الثور القوي، والأسد الشديد البأس، الجبار الساعد، وذو الذراع القوي، وآخذ الآسيويين أسرى؛ ومحبوب الإلهتين: الضخم القوة مثل والده «منتو»، مهلك الأقواس التسعة المطرودين من أراضيهم؛ «حور» الذهبي: الإلهي عندما خرج من الفرج، والابن المختار الشرعي (٢) «حوراختي» والملك، ووارث الإلهة المنعم، وصانع صورهم على الأرض، ومضاعف قربانهم، ملك الوجهين القبلي والبحري، سيد الأرضين: «وسرماعت رع مري» ابن «رع»: «رعمسيس الثالث»، الملك والسيد الشجاع، بعيد مرمى الساعد، وسالب النفس (٣) الممالك بحرارة جسمه، عظيم الشهرة، الهاجم عندما يرى الواقعة مثل «سخمت» وهي تهاجم ساعة الغضب، الماهر، الشجاع في الفروسية، والآسر وهو على قدميه، والسريع كالشهب المنقضة التي في السماء، ملك الوجه القبلي والوجه البحري: «وسرماعت رع مري آمون»؛ (٤) ابن «رع» رب التيجان: «رعمسيس» الهاجم في معمعة القتال كالإنسان المبتهج. وإنه ينظر إلى الملايين منهم كأنهم مجرد قطرة، والفزع منه عظيم، وإنه كلهيب ممتد حتى أقاصي الأرض، وجاعل الآسيويين يولون الأدبار — من حربه — في ساحة القتال. أما الثوار الذين لا يعرفون مصر أبدًا فإنهم يسمعون بقوته، (٥) ويأتون مادحين، وأعضاؤهم ترتعد بمجرد ذكره، ومسلمين بقلوبهم خوفًا منه، وإنهم يتحدثون عن ظهوره، ويقولون لقومهم: إن شكله وجسمه هما شكل «بعل» وجسمه تمامًا، وإنه شجاع في الحشد لا مثيل له، وإنه يقتل (٦) الملايين بمفرده، وكل البلاد في نظره حقيرة لا أهمية لها. ويُقال «إنه يظهر تمامًا كالشمس». والسياح والرسل الذين يُشاهدونه في مصر ينحنون وينثنون أمامه. وإنهم يقولون يوميًّا: إن «منتو» في صورته الحقيقية هو الذي في مصر! (٧)، وإنكم لن ترفعوا رءوسكم لأن ساعده قوي! دعنا نذهب، دعنا ننظم له مديحًا سويًّا، دعنا نلتمس منه صلحًا، راجين نفسًا لأنفسنا لأنه في قبضة يده، ملك الوجه القبلي والوجه البحري: (وسرماعت رع محبوب آمون) ابن «رع»: «رعمسيس الثالث». وإنه جميل عندما يظهر ملكًا مثل ابن «إزيس»، (٨) المنتقم، أسن أولاد «آتوم»، والسيد الوحيد عندما يكون مزدانًا بالألوان، مرتديًا التاج الأبيض، ولابسًا التاج المزدوج، جميل الطلعة عندما يتحلى بالريشتين مثل «تاتنن»، وإن حبه وجماله مثل جلالة «رع» عندما يشرق في الفجر، وجميل عندما يجلس على العرش مثل «آتوم» بعد أن تسلم شارة ملك «حور» و«ست»، والإلهتان: إلهة الجنوب، وإلهة الشمال، (٩) يحتلان مكانتهما على رأسه في حين أن يديه تقبضان على الصولجان المعقوف والسوط أيضًا، وإنه محارب شاعر بقوته مثل ابن «نوت» وهيبته في قلوب الأقواس التسعة، والمؤن والذخائر غزيرة في عهده كما كانت في عهد والده صاحب الوجه الجميل، «الفيضان العظيم»، وإنه الواحد المحبوب بوصفه ملكًا مثل «شو» بن «رع»، (١٠) وعندما يطلع على الناس يكون الفرح به كالفرح بالشمس، وإنه قوي مقدام في تنظيم الأراضي، ومصر، ولبه فطن مثل لب «تحوت»؛ وإنه يتكلم ويعمل فتوجد الأمور (ومثله في ذلك مثل) «بتاح» القاطن جنوبي جداره، وقوانينه حاضره ممتازة، وهو منقطع النظير، وهو مثل «رع» في ملكه عندما بدأ العالم، ملك الوجه القبلي والوجه البحري: (وسرماعت رع محبوب «آمون») ابن «رع»: «رعمسيس الثالث» الغني بآثاره، والغزير المخلفات، والعظيم الأعاجيب، وجاعل المعابد في عيد بالطعام والذخيرة (١١) وابن «رع» حقًّا الذي خرج من ظهره، ومن أنجبه أسن الآلهة ووالدهم، ومن عهد إليه وهو صبي ملك الأرضين، والحاكم على كل ما تحيط به الشمس، والدرع العظيم (١٢) حامي مصر في زمنه، وبذلك يجلس الناس تحت ظل ذراعيه الجبارتين، ومن جعل الأراضي تقول: «إن شهرتك — قوية — وُضعت فوق بلادنا.» ملك الوجه القبلي والوجه البحري، رب الأرضين: (وسرماعت «رع» مري «آمون») ابن «رع» رب التيجان: «رعمسيس الثالث».

والملك نفسه يقول:

اصغوا إليَّ (١٣) يا أهل الأرض مجتمعين معًا، يا رجال الحاشية، وأبناء الملك، وحُجَّاب القصر، وكل سكان مصر، وطوائف الجنود، وكل شاب في هذه الأرض! وجهوا التفاتكم إلى أقوالي لتعرفوا طريقة إمدادي لكم (١٤) ولتعرفوا قوة والدي الجليل «آمون كمفيس» خالق جمالي. إن سيفه العظيم البتار هو سيفي بوصفه مددًا ليجعل كل أرض طريحة تحت إخمص قدمي. وإنه كتب لي النصر، ويده معي. كل فرد يتعدى على حدودي يُذبح في قبضتي، وإنه يختار ويجد (١٥) من يختاره من بين مئات الألوف. وعلى ذلك فإني ممكن على عرشه في سلام. ولقد كانت مصر ضالة لا راعي لها في حين أنهم كانوا يحملون أحزانًا بسبب الأقواس التسعة، غير أني أحطتها وثبتها بساعدي الشجاع. ولقد ظهرت مثل «رع» ملكًا في مصر وحميتها (١٦) وأقصيت عنها الأقواس التسعة.

أما أهل الممالك الأجنبية فقد تآمروا في جزرهم. وقد أُزيلت الأراضي وشُتتت في ساحة الوغى في وقت واحد، ولم تكن هناك أرض يمكن أن تقف أمام أسلحتهم من بلاد «خاتي» و«قودي» و«كركميش» و«يرث» (١٧) (إزراوا «كليكيا») و«يرس» (ألاشيا = قبرص) ولكنهم سُحقوا في وقت واحد. وقد نصبوا معسكرات في مكان في «آمور» فأتلفوا أهلها، وأصبحت أرضها كأن لم تغنَ بالأمس. وقد كانوا آتين قُدمًا نحو مصر عندما كان اللهيب مجهزًا أمامهم.

وقد كان حلفهم مؤلفًا (١٨) من (أقوام) «بلست» (فلسطين) و«ثكر» و«شكلش» و«دنين» و«وشش»، وقد استولوا على الأراضي حتى دائرة الأرض وقلوبهم آمنة واثقة قائلين: إن خططنا ستنجح.

وكان قلب هذا الإله رب الآلهة على (١٩) استعداد ليحتبلهم كالطيور، وقد جعل قوتي ثابتة كما جعل خططي تفلح … يخرج متدفقًا كمعجزة. وقد نظمت حدودي في «زاهي»، وجهزت أمامهم الأمراء وقواد الحاميات، وجنود (٢٠) «مريانو» (وهم طائفة الجنود الممتازين في آسيا)، وأمرت بتحصين مصب النيل ليكون بمثابة جدار قوي بالسفن الحربية والسفن المسطحة وسفن السواحل المسلحة؛ لأنها كانت مجهزة تمامًا من مقدمتها حتى مؤخرتها بمحاربين مسلحين. أما رجال الرديف (٢١) فكانوا يتألفون من خيرة رجال مصر، وكانوا كالأسود الزائرة على قلل الجبال، وكذلك كان الفرسان يتألفون من عدَّائين من الرجال المنتخبين من كل فارس طيب كفء، وكانت جيادهم ترتعد فرائصها، مستعدة لسحق (٢٢) الممالك تحت سنابكها. وقد كنت «منتو» المقدام واقفًا ثابتًا على رأسهم حتى يروا ما تأسره يداي، ملك الوجه القبلي والوجه البحري: (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع»: «رعمسيس الثالث». وإني رجل أعمل بدون قيد، شاعر بقوته، وبطل مخلص جيشه (٢٣) في يوم الوغى. وهؤلاء الذين وصلوا إلى حدودي قد أفنيت بذرتهم، وقلبهم وروحهم قد أُفنيا إلى أبد الآبدين. والذين أتوا قدمًا على البحر كان اللهيب الشامل أمامهم عند مصبات النيل، في حين أن سياجًا من الحراب قد أحاط بهم (٢٤) على الشاطئ مقتلين ومكدسين أكوامًا من أولهم إلى آخرهم، وسفنهم وسلعهم قد سقطت في الماء.

ولقد جعلت الممالك ترتد عند ذكر مصر؛ لأنهم ينطقون باسمي في أرضهم فإنهم عندئذ يحرقون (٢٥) ومنذ أن جلست على عرش «حوراختي» و(الصل) ثبت على رأسي مثل «رع»، لم أدع الممالك تشاهد حدود مصر حتى تتفاخر هناك بذلك للأقواس التسعة. ولقد استوليت على أرضهم، وحدودهم أُضيفت إلى حدودي. ورؤساؤهم (٢٦) وأهل قبائلهم أصبحوا ملكي، وهم يمجدونني لأني أسير على هداية خطط «رب الكل» والدي الإلهي الجليل، سيد الآلهة.

ابتهجي يا مصر حتى عنان السماء؛ لأني حاكم الأرضين على عرش «آتوم»، وقد أوجدتني الآلهة لأكون ملكًا (٢٧) في مصر لأقويها، ولأصد عنها (أهل) السهول والممالك الجبلية، وقد خصوني بالملك عندما كنت لا أزال فتيًّا، وفاض زمني بالأرزاق والمؤن. وقد وهبت ساعدًا قويًّا بسبب أنعمي للآلهة والإلهات بقلب رضي، وإني أبدد آلامكم (٢٨) التي في صدوركم، وأجعلكم تجلسون آمنين بلا انقطاع. وإني أهزم الآسيويين … أراضيهم، وإنهم لمرضى؛ لأنهم يتذكرون اسمي يوميًّا. ملك الوجه القبلي والوجه البحري: «وسرماعت رع مري آمون» ابن «رع»: «رعمسيس الثالث». لقد (٢٩) سترت مصر وحميتها بساعدي الشجاع منذ أن بدأت أحكم بوصفي ملك الوجه القبلي والوجه البحري على عرش «آتوم» … بمثابة غنيمة يدي، مثل التي غنمتها رهبتي من الأقواس التسعة. ولم تقف أرض ثابتة عند سماع اسمي، ولكنهم (٣٠) يتركون مساكنهم مبتعدين عن أماكنهم مشتتين … أمامهم. وإني ثور هاجم معتمد على قرنيه، ويدي تصبح مماثلة لقلبي (٣١) على حسب قوتي. وإن قلبي يقول لي: «اعمل» … وظيفتي مثل «رع» ومثل الإله «ست»، ثائرًا في مقدمة سفينة الشمس، وإني آتيكم بالابتهاج في حين يكون البكاء (٣٢) في البلاد الأجنبية، والرعب في كل أرض … الذي عملته. وقلبي يثق في إلهي (رب الآلهة)، «آمون رع» الشجاع، رب السيف؛ لأني علمت أن قوته أعظم (٣٣) من قوة الآلهة الآخرين، والعمر المقدر من السنين هو الذي في يده … شجاع. ولا تمر لحظة واحدة في حضرتك لا يكون فيها خراب بفضل الخطط والنصائح (٣٤) التي في قلبي لخلق مصر من جديد، وهي التي كانت قد دُمرت. أما عن الممالك (الأجنبية) … … … التدمير لمدنهم. خربت في وقت واحد، وأشجارهم وكل قومهم قد أصبحوا هشيمًا (٣٥)، وإنهم يستشيرون قلوبهم: إلى أين سنذهب؟ ورؤساؤهم يأتون … … وجزيتهم وأطفالهم على ظهورهم إلى مصر.

وإني قوي شجاع، وخططي ناجحة، ولن يخيب ما فعلته، وأخلاقي ممتازة لأني (٣٦) تعلقت بهذا الإله، والد الآلهة … (والدي) وإني منتبه لمحرابه، وتزداد رغبتي في مضاعفة قربانه من الطعام بالإضافة (٣٧) لما كان له من قبل، وقلبي يحمل الصدق يوميًّا، وما أمقته هو الغش … … الذي تعلمه الآلهة الراضون به، وأيديهم درع لصدري (٣٨) ليزيلوا الشرور والآلام التي في جسمي. ملك الوجه القبلي والوجه البحري، حاكم الأقواس التسعة، سيد الأرضين: «وسرماعت مري آمون» ابن «رع» من صلبه، محبوبه، رب التيجان: «رعمسيس الثالث» معطي الحياة والثبات والرضا مثل «رع» أبد الآبدين.

هذا هو المتن الذي تركه لنا «رعمسيس» عن هذه الحروب، أما المناظر التي صُوِّرت على جدران المعبد لتمثل سير هذه الحرب فتنحصر في عدة مشاهد طريفة تساعد على فهم المتن.٢٧

ومما تجدر ملاحظته هنا أن المتون المفسرة لهذه المشاهد تكاد تكون منقولة برمتها إلا أشياء ضئيلة من المتن الكبير الذي ذكرناه الآن، ولذلك لم نجد هنا داعيًا لإعادة ترجمتها ثانية. وهاك وصفًا مختصرًا لهذه المشاهد على حسب ترتيبها على جدران المعبد.

(ب) اللوحة «٢٩»

«رعمسيس الثالث» يوزع المهمات لجنوده لمحاربة أقوام البحر — ويُشاهد «رعمسيس» واقفًا على منصة، يشرف على توزيع العدة لجيشه، وفوق هذا المنظر يُرى نافخ بوق ينفخ في نفيره، في حين نرى حاملي الأعلام الموظفين يحيون الفرعون، وأسفل هذا يُشاهد أمير يصدر أوامر يدونها كاتب. وهناك كتبة آخرون يسجلون وحدات الجيش، ويرصدون المهمات التي صُرفت. ويُشاهد الإنسان من بين هذه قبعات وحرابًا، وأقواسًا، وسيوفًا، ودروعًا، وزردًا، وكنانات ودرعًا واحدًا بين الأسلحة، وعدد الحرب التي وُزعت، والأمير الذي مُثل هنا هو ولي العهد.

(ﺟ) اللوحة «٣١»

«رعمسيس الثالث» في طريقه إلى بلاد «زاهي» لمحاربة أقوام البحر في عربته. هذه الصورة مُثلت على الجدار الخارجي الشمالي للمعبد، ويُرى فيها «رعمسيس الثالث» في عربته ذاهبًا لمقابلة أقوام البحر، ويصحبه جنود من المصريين والأجانب، وأمام الملك عربة تحمل علم «آمون». ويُشاهد الجنود الأجانب يمشون في وحدات منفصلة على حسب جنسياتهم.

(د) اللوحات «٣٢–٣٤»

«رعمسيس الثالث» في موقعة برية مع جيوش أقوام البحر البرية، ويُشاهد في المنظر «رعمسيس الثالث» في عربته يهجم في قلب قوات «أقوام البحر» الذين ساد بينهم الارتباك وسوء النظام. وقد كان يساعده مشاة مصريون وفرسان، وجنود أجانب مرتزقة. ويُشاهد أقوام البحر يرخون لسيقانهم العنان، كما يفرون في عرباتهم. وكان نساؤهم وأولادهم يفرون بأمتعتهم المحملة على عربات ثقيلة تجرها الثيران.

(ﻫ) اللوحة «٣٥»

«رعمسيس» يصطاد أسودًا٢٨
في هذا المنظر «رعمسيس الثالث» في عربته يصطاد أسودًا، وعلى قاعدة المنظر فرق من الجنود تسير، ويحتمل أنهم كانوا ينتقلون من الواقعة البرية على اليمين٢٩ إلى الواقعة البحرية على اليسار.٣٠ وهذا المنظر غاية في الاختصار. والظاهر أن «رعمسيس الثالث» أراد أن يروح عن نفسه بين الموقعتين فقام بصيد الأسود، كما فعل سلفاه العظيمان: «تحتمس الثالث» (راجع الجزء الرابع) و«أمنحتب الثالث» (راجع مصر القديمة الجزء الرابع).

(و) اللوحات «٣٧–٣٩»

«رعمسيس الثالث» وأسطوله في ساحة القتال مع أسطول «أقوام البحار».٣١
في هذه المناظر خمس سفن لأقوام البحر تطاردها بشدة أربع سفن مصرية، وقد صُور انحلال أسطول أهل الشمال بصورة بارزة. ويُرى على الشواطئ «رعمسيس الثالث» ورماته يرسلون وابلًا من السهام على العدو المهزوم، وتحت الموقعة صفان من الأسرى يُقادون لينضموا للاستعراض العام.٣٢

(ز) لوحة «٤٢»

«رعمسيس الثالث» يحتفل بانتصاره على أقوام البحر٣٣

يُشاهَد «رعمسيس الثالث» في مكان مشرف أمام حصن، يقدم له موظفوه أسرى أقوام البحار، والكتاب يسجلون إحصاء كومتين من الأيدي المقطوعة. وعلى اليمين في أسفل المنظر يُساق الأسرى إلى موظفين يَسِمُونهم بالنار على الكتف، وبعد ذلك تُقيد أسماؤهم طوائف.

(ﺣ) لوحة «٤٣»

«رعمسيس الثالث» يقدم أسرى من اللوبيين وأقوام البحر لثالوث «طيبة»
يقود «رعمسيس الثالث» صفين من أسرى أقوام البحار واللوبيين لثالوث «طيبة» الذي وضع في محراب.٣٤

(ط) لوحة «٤٤»

«رعمسيس الثالث» يقدم أسرى أقوام البحر للإلهين «آمون» و«موت»

«رعمسيس الثالث» يقود ثلاثة صفوف أسرى من أقوام البحر «لآمون» و«موت»، ويُشاهَد الإله يمد سيفًا نحو الملك.

(ي) نظرة عامة في محتويات هذه المصادر وسير الموقعة

وعلى الرغم مما يحتويه هذا المتن الطويل من حشو في إطراء أعمال الفنان، فإنه — بالإضافة إلى المناظر التي خلفها لنا «رعمسيس الثالث» لتفسير سير القتال وما جرى فيه من أحداث — يُعد من أوضح الوثائق التي وصلت إلينا إلى الآن عن سير الحروب في مصر القديمة.

ففي السنة الثامنة من حكم هذا الفرعون نشاهد الفرعون يقوم بالإشراف على توزيع المهمات لجنوده استعدادًا للواقعة التي كان يُنتظر أن تدور رحاها بينه وبين أقوام البحر الذين تحدثنا عنهم فيما سبق برًّا وبحرًا. والمهم هنا أن نجد الفرعون نفسه — بوصفه القائد الأعلى — يقوم على هذه العملية، يعاونه فيها ولي عهده. وقد وُزعت على الجنود خوذات الحرب، والحراب والأقواس، والسيوف، والدروع، والزرد، والكنانات، ومن ثم عرفنا الآلات التي كانت تُستعمل عند المصريين في شن الحروب وقتئذ. ويُلاحَظ أن الفرعون كان يشرف على تسجيل وحدات الجيش على مختلف أنواعهم وجنسياتهم، وبعد أن تم إعداد الجيش وتنظيمه نرى الفرعون في عربته في طريقه لمقابلة جيش «أقوام البحر» في بلاد «زاهي» التي كانوا قد احتلوها بعد أن استولوا على بلاد «خيتا» و«قودي» و«قرقميش» و«قبرص» و«كليكيا»، وقد كان آخر مطافهم أن وضعوا رحالهم في بلاد «آمور». وقد سار «رعمسيس الثالث» في المقدمة ولم يسبقه إلا عربة نُصب فيها علم الإله «آمون» الذي كان يرجو منه النصر على هؤلاء الأعداء الأقوياء الذين كانوا يجتاحون كل ما في طريقهم. وقد سارت فرق الجيش الذي كان يتألف من مصريين وأجانب وفق المكان الخاص بها، وما أن وصل «رعمسيس الثالث» إلى مكان الأعداء من أقوام «البلست» (الفلسطينيين) و«الثكر» و«الشكلش» و«الدنين» و«قوم وشش» حتى كان على أهبة الاستعداد، إذ كان الفرعون سبقهم في تحصين حدود البلاد وبخاصة «زاهي» فقد أمد قوات الحاميات بالعتاد وجنود «مريانا» الذين امتازوا بشجاعتهم وقوة بطشهم في «آسيا»، هذا فضلًا عن أنه كان قد أعد تحصين مَصابِّ النيل بالسفن الحربية وسفن السواحل وغيرهما من أنواع السفن التي كانت تحمل الزاد والعتاد حتى أصبحت كأنها جدار قوي لا يقوى أحد على اختراقه والاقتراب منه. وقد شدَّ من أزر هذه التحصينات جيش قوي من الرديف من خيرة أبناء مصر الذين كانوا كالأسود الكواسر، يزأرون وينتظرون الاندفاع إلى حومة الوغى، كما ينتظر الأسد فريسته على قلل الجبال، وبجانب هؤلاء جيش من الفرسان المهرة انتخبهم الفرعون من خيرة أبناء مصر وعلية القوم أصحاب الكفاية، وقد جُهزوا بجياد تهتز أعطافها فرحًا للنزول في ساحة الوغى لتدك جثث الأعداء تحت سنابكها. وفوق كل ذلك أحاط «رعمسيس الثالث» الشاطئ الذي كان يُنتظر أن يغزو العدو البلاد منه بسياج غُرست في جوانبه الحراب.

fig19
شكل ٣: عربات الفلسطينيين وحلفائهم.
fig20
شكل ٤: الموقعة البحرية بين «رعمسيس الثالث» وأقوام البحر.

ولم يكد «رعمسيس الثالث» يلتقي بعدوه في «زاهي» على ما يظهر برًّا، حتى انقض على قلب قوات «أقوام البحار» الذين قد ساد بينهم الارتباك، وحل في صفوفهم سوء النظام. وقد اشترك في هذه المعركة المشاة المصريون والفرسان والجنود المرتزقة، وبعد قليل أسفرت الواقعة عن هزيمة ساحقة لأقوام البحر؛ إذ نشاهدهم يولون الأدبار على أقدامهم وفي عرباتهم. أما أولادهم ونساؤهم فكانوا يهربون بأمتعتهم التي حُملت على عربات ثقيلة تجرها الثيران.

والظاهر أن «رعمسيس الثالث» بعد أن أحرز هذا النصر المبين على «أقوام البحر» في هذه الواقعة البرية التي لا نعرف مكان وقوعها بالضبط أراد أن يسري عن نفسه بالصيد والقنص تشبهًا بما كان يفعله الفراعنة العظام في عهد الأسرة الثامنة عشرة من أمثال «تحتمس الثالث»، و«أمنحتب الثاني»، ولذلك نراه يصوب سهامه على الأسود التي كانت تقع صرعى أمامه، ولا يبعد أن يكون ذلك في طريقه إلى مصر للدفاع عن مصب النيل الذي كان يُتوقع أن يدخل منه العدو بسفنه إلى أرض الكنانة.

(ك) الموقعة البحرية

كان «رعمسيس الثالث» كما أسلفنا قد اتخذ العدَّة لحماية مصب النيل من هؤلاء المغيرين الذين أرادوا أن يغزوا مصر برًّا وبحرًا، وقد شاهدنا أنهم أخفقوا كل الإخفاق في الوصول إلى حدود مصر؛ ولذلك يقول «رعمسيس»:
هؤلاء الذين وصلوا إلى حدودي قد فنيت بذرتهم، وقُضي على قلبهم وروحهم إلى أبد الآبدين. أما الذين أتوا قدما بحرًا إلى الشاطئ فإن اللهيب الملهب كان ينتظرهم عند مصبات النيل، في حين أن سياجًا من الحراب قد أحاط بهم على الشاطئ، وانتهى بهم الأمر إلى أن جُروا إلى الشاطئ محاصرين ومطروحين أرضًا على الجسور قتلى مكدسين أكوامًا عن بكرة أبيهم، وأمتعتهم سقطت في الماء. وحقًّا فإنا نشاهد أسطول العدو المؤلف من خمس سفن تطاردها أربع سفن من الأسطول المصري بكل قوة وعنف حتى انحل الأسطول المعادي انحلالًا تامًّا. وقد كان «رعمسيس الثالث» خلال نشوب المعركة يقف على الشاطئ ومعه رماته يرسلون وابلًا من السهام على العدو المنهزم. وقد انتهت المعركة بالنصر المبين للمصريين، وهي أول موقعة حربية بحرية٣٥ مصورة عُرفت في التاريخ العالمي. وقد ظهرت فيها كل الحركات الحربية التي جرت خلال المعركة بشكل رائع. وبعد الواقعة نشاهد صفين من الأسرى سِيقوا لاستعراضهم أمام الفرعون الذين قدمهم بدوره إلى «ثالوث طيبة» الذين كتبوا له الفوز، وأمدوه بنصر من عندهم. وقد ترك معظم الفارِّين البلاد، ولم يتخلف عنهم إلا الفلسطينيون الذين استوطنوا الإقليم الساحلي الذي يمتد بين «غزة» و«جبل الكرمل». وهؤلاء هم الذين سُمِّيَ باسمهم الإقليم الذي سكنوه، وقد بقي كذلك حتى أيامنا. أما قوم «الثكر» — وهم قوم بحارة — فقد كانوا يحترفون القرصنة في البحر الأبيض المتوسط.

(٢-٤) الحرب اللوبية الثانية

قامت الحرب الثانية التي نشبت بين مصر وسكان «لوبيا» في السنة الحادية عشرة من حكم «رعمسيس الثالث». والمصادر التي وصلت إلينا عن هذه الحرب خمسة وهي:
  • (١)
    المتن الكبير المؤرَّخ بالسنة الحادية عشرة، وهو منقوش على الجدار الشرقي داخل الردهة الثانية لمعبد مدينة «هابو» الكبير.٣٦
  • (٢)
    يوجد في منظر الواقعة المصورة على الجدار الشرقي جنوبي البوابة الكبيرة من الردهة الأولى نقشان، وهما بداية النقش الكبير الثالث، ونقش آخر٣٧ لا يحتوي إلا على جمل اصطلاحية في تمجيد الفرعون وذكر نعوته، وبعض إشارات بسيطة عامة عن الحرب.
  • (٣)

    القصيدة التي أُنشئت احتفالًا بحروب السنة الحادية عشرة.

  • (٤)
    المناظر التي تركها لنا «رعمسيس» على جدران المعبد.٣٨
  • (٥)

    ما جاء في «ورقة هاريس» وقد ذكرناه من قبل.

وسنحاول هنا أن نضع ترجمة للمتن الكبير على الرغم مما أصابه من تهشيم وتكسير. هذا فضلًا عما به من صعوبات لغوية لم يمكن التغلب عليها حتى الآن. ومع ذلك يمكن الإنسان أن يتتبع منه سير الحوادث كما قُصت من الوجهة المصرية.

وتسهيلًا لمتابعة المتن نضع التحليل التالي:
  • (١)

    التاريخ والعنوان والمديح العام للملك (من سطر ١–١٤).

  • (٢)

    الحرب اللوبية الثانية (من سطر ١٤–٣٥).

    وتشمل:
    • (أ)

      هجرة قوم «المشوش» لاستيطان مصر (من سطر ١٤-١٥).

    • (ب)

      إحباط خطط «المشوش» واستعداد «رعمسيس الثالث» للوقوف أمامهم عند زحفهم على مصر (من سطر ١٥–١٨).

    • (جـ)

      سير «رعمسيس» لحماية حدوده (من سطر ١٨–١٩).

    • (د)

      الواقعة (من سطر ١٩–٢٣).

    • (هـ)

      هزيمة «المشوش» (من سطر ٢٣–٢٥).

    • (و)

      فرار «المشوش» واختفاء أثرهم (من سطر ٢٦–٣٥).

  • (٣)

    «المشوش» يندبون حظهم (من سطر ٣٥–٤٨).

  • (٤)

    تسليم «المشوش» (من سطر ٤٨–٥٦).

  • (٥)

    فخار «رعمسيس» بأعماله (من سطر ٥٦–٦١).

  • (٦)

    خاتمة ومديح «رعمسيس» (من سطر ٦١-٦٢).

وهاك نص المتن:
(١) السنة الحادية عشرة، الشهر الرابع من الفصل الثالث، اليوم ١٠ + س من عهد ملك الوجه القبلي والوجه البحري، رب الأرضين: (وسرماعت رع) ابن «رع» رب التيجان. «رعمسيس الثالث»: فاتحة نصر مصر (٢) الذي سجله الملك العظيم، الذي يتقبل عرش الابتهاج، ويدبر ملك «رع»، ويوسع ملك مصر، ويصد «الأقواس التسعة». إن الفزع قد حل في كل أرض على يد السيد (٣) الأوحد، الذي خلق السموات والأرض منذ كانت الدنيا «آمون رع» ملك الآلهة، والثور الجبار حاد القرنين، والآن قد خلق قلب هذا الإله الأرض مرة أخرى ليضع بصورة فاصلة (٤) حدود مصر، بفضل الانتصارات العظيمة، وقد انتخب (الإله) سيدًا واحدًا قد خلقه، وهو البذرة (٥) التي خرجت من صلبه، شاب إلهي، وصبي (٦) وجيه، عظيم البطش، قوي الساعد، صاحب الخطة النافذة، رب النصائح، ثابت الجنان، (٧) ماضي الخطط، ومن يعرف الحياة مثل «تحوت»، فطن مثل «شو» بن «رع» (وسرماعت رع مري آمون) (٨) وهو البيضة التي قد خرجت من «رع»: «رعمسيس الثالث» السيد الفتى الشجاع، ومن قد وعد (٩) بالنصر وهو في الفرج، والقوة العظيمة السامية مثل «منتو»، وقد كلف بتحطيم (١٠) الأراضي وهزيمة أهلها، وصدهم عن مصر. والإلهان «منتو» و«ست» معه في (١١) كل واقعة، و«أنات» و«عشتارت» درع له، في حين أن «آمون» يميز (١٢) كلامه (أي يوجه قراراته). وإنه لا يولي الأدبار عندما يحمل بقوة مصر على الآسيويين، ولم تبقَّ أرض يرفع (١٣) أهلها رءوسهم مناهضين مصر؛ لأن الإله قد جعلهم يُسحبون بعيدًا ليُقضى عليهم، وإن السيد الأوحد هو الأسد القوي الشجاع؛ لأن مخلبه على استعداد كأنه أحبولة، وإنهم يمشون بعيدًا ويأتون وأجسامهم ترتعد ليضعوا (١٤) أنفسهم تحت ذراعيه كالفئران، ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع» رب التيجان: «رعمسيس الثالث».٣٩
وقد كان رئيس «المشوش» السابق آتيًا من قبل أن يُرى — أي من قبل أن يعرف المصريون مجيئه — مهاجرًا ومعه أهله، وانقضوا على «التحنو»٤٠ الذين أصبحوا رمادًا، فقد خربت وأقفرت مدنهم، ولم يعد لبذرتهم (١٥) وجود.

وإن وصية هذا الإله الطيب أن يُذبح كل غازٍ لمصر دائمًا ويقول: «الويل له؛ لأنه يسير قدمًا نحو النار.» وقد قالوا بصوت واحد: «سنستوطن مصر»! واستمروا في اختراق حدود الكنانة، وهناك حاصرهم الموت (١٦) وهم في طريقهم، وقد حاق بخططهم السيئة الفشل في أجسامهم، وصُدت تهديداتهم بفضل … الإله واتجهوا نحو السموات والشمس رافعين أكفهم أمامهما، وقد ضيعوا زمنًا طويلًا (١٧) خلفهم ولم يبقَ أمامهم إلا لحظة. وبعد ذلك دخلوا في العهد السيئ؛ لأنهم وجدوا جلالته كأنه الصقر المقدس الذي يستولي عليه الغضب عندما يرى الطيور الصغيرة … راحة … في وجهه. وكان الحامي له «آمون رع»، وقد كانت يده معه لتحوِّل عنه وجوههم، وليهلكهم (١٨) ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع»: «رعمسيس الثالث».

وقد سار جلالته بشجاعة، وساعده قوي، وقلبه معتمد على والده سيد الآلهة، وقد كان كالثور الجبار … مزودًا بقطعان من الماشية البحرية، ومشاته (١٩) وفرسانه ملكت النصر، والرجال الأقوياء الذين دربهم على القتال حاربوا بشجاعة في حين كان هو جدارًا صلبًا، وثابتًا في زمنهم … شادًّا القوس، ملك الوجه القبلي والوجه البحري، رب الأرضين: (وسرماعت رع مري آمون).

وقد كان جلالته مختبئًا ومختفيًا … (٢٠) ليأخذ أسرى، وكان صوته يزأر ويرعد «كبو لهول» المجنح (يعين الإله «ست») … على أعدائه، ولم يُصد … وسهمه يصيب المرمى … وأنفه ومخلبه … (٢١) وكل … أمامه على أعدائه، وقد كان خطرًا وقويًّا كالفهد، جاريًا وواسع الخطا، ومندفعًا إلى … خيل، وحراب، وسهام. وقد (٢٢) ذُبحوا في أماكنهم، وقلبهم قد أُتي عليه، وأرواحهم هُزمت على الأرض، وأُسكتت أفواههم عن الفخار عند ذكر مصر لأنهم قد صاروا إلى … … … وروحهم … … … (٢٣) وأسلحته كانت عليهم كالشبكة، ويده على رأسهم. وهو يقطع إربًا إربًا، وهو يحيط خياشيمهم وأجسامهم. وقد انضم «مششر» بن «كبر» ورئيسهم إلى … … … وانتشروا على الأرض … … … يد … … … (٢٤) وارتمى تحت أقدام جلالته، وأولاده وأهل قبيلته وجيشه قد أصبحوا لا شيء، وعيناه لم تريا وجه الشمس، وجنوده المحاربون قد أُسروا … … … ونساؤهم وأطفالهم … (٢٥) وكُبلت أيديهم ووُضعت الأغلال في أعناقهم بوصفهم أسرى، وأُثقلت ظهورهم بأولادهم وسلعهم، وأُحضرت إلى مصر ماشيتهم وخيلهم، واغتُصبت … … … ولم يُرَ ذلك منذ زمن الإله، وقد أُحضروا …

(٢٦) وقد أخذوا درسًا لمدة ألف ألف جيل، وقد سجدوا على وجوههم، واغتُصبت أرضهم (؟)

وقد انقطعت افتخاراتهم ولم يفلحوا. وقد وضعهم «آمون رع» أمام (البطل) … … … الثور القوي المعتمد على قرنيه، (٢٧) والقادر على الخوار، ومهاجم منازله بقرنيه، رب الأرضين «وسرماعت رع مري آمون بن رع»: «رعمسيس الثالث» الطارد بقوته، والذابح بسيفه، والغاصب … … … وإنسان عينهم قد أصابه الحول فصار غير قادر على النظر. (٢٨) والطرق قد سُدَّت في وجوههم، والأرض كانت كالدوامة خلفهم تبتلع أهليهم. وأسلحتهم سقطت من أيديهم، وذهب عن قلوبهم الثبات … ضالين ومرتعدين، يتصبب منهم العرق، والصل … … … (٢٩) الذي كان رأس شمس مصر عليهم وحرارة «سخمت» (إلهة الحرب) العظيمة قد اختلطت بقلوبهم، حتى إن عظامهم أصبحت محترقة في وسط أجسامهم، والشهاب المنقض كان مريعًا في اقتفاء أثرهم، وكانت البلاد في سرور مبتهجة برؤية أعماله الظافرة، رب الأرضين: «وسرماعت رع مري آمون» ابن «رع»: «رعمسيس الثالث». (٣٠) وكل الباقين على قيد الحياة من يده قد فروا إلى بلادهم، ومستنقعات الدلتا خلفه … … كانت شعلة عظيمة ترمي باللهيب من السماء باحثة عن أرواحهم لتقضي على بذرتهم التي كانت لا تزال في أرضهم. وتعاويذ «تحوت» السحرية قد حولت وجوههم وسقطوا من أولهم إلى آخرهم في أماكنهم، (٣١) ومزقت يده صدر المعتدي على حدوده وسُدَّت حناجرهم وخياشيمهم، وخربت … … … ولا ينفك — عندما يكون غاضبًا — سنه ولا مخلبه عن رأس «المشوش»: ملك الوجه القلي والوجه البحري رب الأرضين: «وسرماعت رع مري آمون» ابن «رع» رب التيجان: «رعمسيس الثالث». (٣٢) والويل «للمشوش» وأرض «تمحو»؛ لأن غالَّ رأسهم هو ملك مصر وملك كل أرض، وقد انحنوا له كما انحنوا «لست» بوجوه منكسة وقد أصبحوا عرجًا. وقد أصبح «المشوش» و«التمحو» في حزن ويأس. وقد نهضوا وفروا إلى أقاصي الأرض (٣٣) وأعينهم كانت على الطرق ناظرة وراءها جادين في الهرب، وفارين في ذعر شامل متقهقرين، والسكين على مرأى منهم … … … والآلهة … … … في وسط مصر، (٣٤) وحرارتهم قد انتُزعت واسمهم قد دُمر على الأرض، وأقدامهم أصبحت خفيفة على الأديم، وقد ذهب الثبات عنهم، وسيد مصر العظيم … … … كان عليهم، قويًّا، تأمل! … … كل لحظة (٣٥) ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب التيجان: «وسرماعت رع مري آمون» ابن «رع»: «رعمسيس الثالث».

ويقول من رأوه لأهل قبيلتهم: إن الذي يقفو أثرنا هو «منتو» في صورة إنسان منقض علينا … … … لدرجة الإعياء (٣٦) وإنه يتبعنا مثل «ست» عندما يرى العدو، وإنه ينظر إلى مئات الآلاف كأنهم أرجال، تأمل! إن الحالة تسوء معنا حتى عنان السماء كالماشية البرية التي تمر بباب أسد … … … يقرض (٣٧) … … … لهم، وإنا كالتبن الذي يُذرى وخلفه الريح، فأسلحتنا أصبحت لا شيء، شُتتت بين أيدينا، وروحهم تعس، وقلبهم قد فني … … … عظيم … … … بين الأقواس (٣٨)، لقد احتبلنا وقد جَرُّونا كأننا في شرك، وقد جعلتنا الآلهة ننعم بنجاح عظيم، وما ذلك إلا لتقربنا لنُهزم على يد مصر. دعنا نعقد هدنة مع … … … ليخربونا، وإن مصر (٣٩) لظافرة منذ زمن الآلهة والأبدية، وإن قوتها هي التي تجري في أجسامنا، وسيدها هو الذي في السماء؛ لأن طبيعته مثله.٤١ ونحن نرى … … … رب التيجان: «رعمسيس الثالث»، (٤٠) وهو يظهر مثل أشعة الشمس، وفخاره ورهبته مثل «منتو»، ونحن مأخوذون بنوبة رعدة … (٤١) مسيطرًا في الواقعة. وإنه يخلق وقت إعياء لهم متزنًا يمينًا وشمالًا دون خطأ حتى إننا أصبحنا مثل غابة كثيفة يقذف بها الهواء، ومقتحمًا … … … وإنه (٤٢) يقفو أثرنا، يذبحنا مثل الصقر الإلهي، ونحزم حزمًا مثل حصيد القمح، وإنه يرسل علينا السهم تلو السهم كالشهب المنقضة … … … (٤٣) يحوطنا، وبذلك نحبل أمامه، والطريق إلى الخلاص قد انعدمت، ولكن النور في مكانه. وإن الإله قد استولى علينا فريسة كالماشية البرية التي احتبلت في وسط غيضة، وقد كان مريعًا … … … (٤٤) هائجًا على مئات الألوف … في قلبه، وقد رفعنا أكف الضراعة أمامه بأيدينا على رءوسنا، غير أنه لم يلتفت، ولم ينظر إلى مديحنا. بل إنه يطيل فقط في إعيائنا. ومن يبقى في الظلام يُجر (٤٥) إلى الخارج.٤٢ ونحن … … … وقد ألقى بنا أمام أنفسنا، وقد هلك قبلنا مثل … … … كالأدغال. وقد سمعنا بذلك من آباء والدنا، وقد قالوا (٤٦) عن مصر: إنها هي التي تقصم ظهورنا، وقد رجونا لأنفسنا حتفها بإرادتنا، وأرجلنا تسوقنا إلى النار. وقد تسبب «اللوبيون» في ارتباكنا وارتباكهم أنفسهم لأننا أصغينا إلى نصائحهم، والآن قد انتُزعت قلوبنا (٤٧) ونحن في طريق الجريمة مثلهم.٤٣ وقد أخذنا درسًا أبديًّا، وإن حالتهم لتسوء عندما يرون حدود مصر؛ لأنه سيطأ بنفسه الأرض المقدسة،٤٤ وإن الذي (٤٨) فيها هو «منتو» قوي الساعد والجبار، و… في الواقعة وإنكم لن تقتربوا منه، ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع» رب التيجان: «رعمسيس الثالث». وقد أبيدت أرض «مشوش» دفعة واحدة. أما «اللوبيون» و«السبد»٤٥ فقد أُهلكوا حتى إن بذرتهم أصبحت لا وجود لها. (٤٩) وأمهاتهم وحظياتهم أصبحن عقيمات في وسطهم، وبذلك لم تُولد لهم أطفالهم من قبل … … في الرعب والخوف محزونين، ومسلمين بقلوبهم بفضل بطش جلالته. (٥٠) وحرارتك تحرق (؟) وأجسامهم مثل نار أتونٍ … وفزع وهيبة (٥١) الثور، الجبار، الهاجم، ناشر الصل،٤٦ ملك الوجه القبلي والوجه البحري، رب الأرضين: (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع» رب التيجان: «رعمسيس الثالث» … … الفزع منك، وهناك يقبض عليهم … (٥٢) … الضعف والخطأ، وسيعقدون اتفاقًا حاملين جزيتهم على ظهورهم … آتين بالمديح ليجعلوه (٥٣) الإله الطيب، رب الأرضين، الذي يجعل حدود بلاده كيف شاء في السهول والممالك الجبلية. ملك الوجه القبلي والوجه البحري … الخ.

وأما «حور» فهو الغني بالسنين، والبيضة التي خرجت من «رع» من صلبه، (٥٤) فقد أمره بأن يكون السيد الوحيد الممكن على عرشه، وأرض «زاهي»، وأرض «نحسي» (النوبة) تحت نعليه، وساعده يمد مصر، وإنه يصنعها بجواره، وإنه يسلب النفس من الممالك وبذلك لا يفلحون، وجلالته (٥٥) مثل «بعل» على قمم الجبال، ملك عظيم الملك مثل «آتوم». وإن قلب مصر لفرح بالنصر؛ لأن «آمون رع» قد ردَّ الجواب في صالحها، في حين أن ابنه يظهر (٥٦) ملكًا على عرش «آتوم»، وكل ما تحيط به الشمس قد أصبح في قبضته، ملك الوجه القبلي والوجه البحري … الخ.

وإنه يخاطب الأمراء الملكيين، وكبار الموظفين وقواد المشاة (٥٧) والفرسان قائلًا: أعيروا التفاتكم لكلماتي وعوها لأني أتحدث إليكم، وأعرفكم بأني ابن «رع» الذي خرج من صلبه، وإني أجلس على (٥٨) عرشه بفرح منذ أن مكنني ملكًا وسيدًا على هذه الأرض، وإن نصائحي لطيبة، وخططي منفذة، وإني أحمي مصر وأدافع عنها، وأجعلها تثوي راضية في (٥٩) زمني؛ لأني أقهر لها كل بلدٍ تغزو حدودها، وإني كثير الفيضانات التي تحمل المؤن، وحكمي قد غُمر بكل الأشياء الطيبة، وإني ملك منعم على من يوثق به (٦٠) ورحيم، ومانح النفس لكل خيشوم، وقد هزمت «المشوش» وأرض «التمحو» بقوة ساعدي، وقد جعلتهم مطروحين أرضًا. انظروا (هنا) إنهم أمامكم. (٦١) ولست مبالغًا؛ لأن قوة «آمون» هي التي استولت عليهم، ليته يمنح ملايين الأعياد الثلاثينية ابنه رب الأرضين: (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع» رب التيجان: «رعمسيس الثالث» معطي الحياة أبديًّا. وإن الملك (٦٢) مثل «رع» الثائر، وقلبه قوي مثل قلب والده «منتو»، وساعده قد استولى على سجناء أسرى، وأهل بلاد «المشوش» و«التمحو» قد كنفوا في حضرته، وأصبحوا هم وجزيتهم من نصيب بيت والده الفاخر «آمون» الذي كتفهم تحت نعليه، رب الأرضين: (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع»: «رعمسيس الثالث».

(١) قصيدة عن الحرب اللوبية التي وقعت في العام الحادي عشر من حكم «رعمسيس الثالث»

هذا المتن الطويل يعالج موضوع الحرب اللوبية الثانية، أو حرب المشوش، غير أنه كُتب بروح شعري مصطنع أكثر من المتن السابق. وقد أصاب المتن تهشيم محزن بفعل الزمن. هذا إلى أن لغته صعبة، وترتيب حوادثه التاريخية غير مؤكد. ومع ذلك يوجد فيه بعض صور حية، مما يجعلنا نأسف جد الأسف على عدم وصول المتن إلينا سليمًا بأكمله، وسنحاول هنا — قبل ترجمة ما بقي منه — تحليل محتويات بكل تحفظ.
  • (١)

    التاريخ والمديح العام الذي يُوجَّه للفرعون (من سطر ١–٧).

  • (٢)

    العلاقات السلمية السابقة مع الممالك الأجنبية (من سطر ٧–١٠).

  • (٣)

    «رعمسيس» حامي مصر (من سطر ١٠–١٤).

  • (٤)

    الفرعون لا يُقهر في ساحة القتال (من سطر ١٤–١٨).

  • (٥)

    هزيمة سابقة للأجانب — ويُحتمل أنه يشير إلى الحرب اللوبية الأولى — (من سطر ١٨–٢٣).

  • (٦)

    الهجوم الجديد الذي قام به «المشوش» يُسحق (من سطر ٢٣–٢٦).

  • (٧)

    «كبر» يحاول عبثًا التدخل من أجل ابنه (من سطر ٢٦–٣٤).

  • (٨)

    قطعة مهشمة تهشيمًا عظيمًا، تشمل خطابًا مشرقًا على لسان المصريين، وبعض لمحات عن حالة «المشوش» السيئة (من سطر ٣٤–٥١).

ويُلاحَظ أن كثيرًا مما جاء في هذه القصيدة قد وضح في المنظر الذي على الجدار الشرقي، في الصف الأسفل من الردهة الأولى بالمعبد الكبير.٤٧ وفي هذه اللوحة نشاهد «مششر» أسيرًا أمام الفرعون، في حين أن والده «كبر» الذي جاء يطلب الصلح ويرجو العفو عن ابنه، ويُشاهَد ويده مرفوعة. وسنشاهد فيما يلي أن غزوة «المشوش» كانت في الواقع بمثابة هجرة الغرض منها استيطان مصر؛ إذ نجد في المتن الإشارة إلى أسر، وقبائل، ونساء. ويدل على ذلك قوائم الأسرى والغنائم.٤٨ وفوق متن القصيدة منظر يُشاهد فيه «رعمسيس الثالث» يضحي بأسرى لوبيين من نوعين أمام الإله «آمون» الذي يقدم له أقاليم مختلفة بأسرى، وأسماء الأسرى مأخوذة من قائمة جغرافية نُقشت على نفس برج هذه البوابة.٤٩ وقد كُتب أمام الملك: «سحق رؤساء كل إقليم.» وكُتب أمام «آمون»: كلمات نطق بها «آمون رع» ملك الآلهة وسيد السماء، وحاكم «طيبة»؛ لقد منحتك كل القوة، تسلم السيف يا أيها الملك الجبار! لقد منحتك السهل والحزن تحت قدميك. وهاك متن القصيدة:

(١) السنة الحادية عشرة، الشهر الثاني من الفصل الثاني، اليوم الثامن، في عهد جلالة «حور» الثور القوي، عظيم الملك، محبوب الإلهتين، العظيم الأعياد الثلاثينية مثل «تاتنن»، «حور» الذهبي: الكثير السنين مثل «آتوم» الملك، حامي مصر، ومكبل الأراضي الأجنبية، (٢) ملك الوجه القبلي والوجه البحري … الخ «آمون رع» ملك الآلهة و«موت» العظيمة سيدة «أشرو» و«خنسو» في — طيبة — «نفرحتب» ليتهم يمنحون مليونًا من الأعياد الثلاثينية (٣) ومئات الألوف من السنين لابنهم، رب التيجان «رعمسيس الثالث» … البذرة الإلهية للشجاعة، القوي … المجيب عن مصر، وصادِّ عدوها (٤) وحاميها، ومنجيها في الحرب … … القوي تحت … المخترق قلوب الآسيويين، القوي … … السيد الذي يعمل … (٥) العامة، والممكَّن الأرض دفعة واحدة دون تراخٍ، الملك الجدير بالابتهاج، سيد الملكية مثل والده «رع» منذ أن بدأ يحكم، جميل الوجه، السيد السار في النصيحة، (٦) جميل الرأس حينما ظهر مرتديًا التاج (اتف) ملك الوجه القبلي والوجه البحري … الخ، والحاكم الذي جعل اسمه مثل جبل من … … (٧) في أعماق الظلام.

ولم تكن هناك ثوار في الأراضي القاصية فيما سبق، ولم يُروا منذ زمن الآلهة، بل كانوا يأتون مسترحمين كلهم، وحاملين (٨) جزيتهم، ومقدمين الخضوع، ومقبلين الأرض له مثلما فعلوا للإله «ست»، وقلبهم وأرجلهم قد غادرت البلاد، وأماكنهم نُقلت، (٩) ولم يستقرُّوا في مكان، وقد أسرعت بهم كل أعضائهم من تلقاء نفسها كأنما كان خلفهم عصا ليطلبوا الصلح، ملك الوجه القبلي والوجه البحري … الخ (١٠).

وهو الملك الذي يغمر مصر بالسرور، ويهزم الشر والغش في قلب الأرضين، وإنه لرحيم حتى إنه يُقال عنه: معطي الحياة غير متعب القلب (١١) دع النفس يزداد في فمه كل يوم، وإنه مسيطر وصاحب خطط جميلة، فطن حتى وهو طفل، ونصائحه مثل نصائح القمر (القمر هو الإله «تحوت» بعد مجدد الشباب) منذ أن خلقت الأرض، وما فعله يحدث (١٢) … ممتاز مثل الذي يخرج من فم رب الإله، ابن «آمون» من صلبه، والذي خرج من جسمه، وجلس على عرشه … … (١٣) ليهزم «الأقواس» ويسحق كل أرض، … وهو الشجاع والظافر … الظافر عليهم مشتتين، ورهبته في كل جزء (١٤) والذعر الذي ينبعث من محياه لكل أرض، ملك الوجه القبلي والوجه البحري، والحاكم الشجاع، رب الأرضين «وسرماعت رع» الخ … … (١٥) المثبت كالثور أمامهم شاعرًا بقوته، وإنه يصوِّب نظره على سحب المختبئين (من الأسرى) وحشدهم … (١٦) كالجدار، طاحنًا عظامهم المنتشرة على الأرض تحت حافره … (١٧) وهو … عند رؤية حشد من المحاربين الأقوياء، عظيم مختبئ … … أعضاؤه ثائرة في جسمه … (١٨) كل بلد يعتدي على حدوده، ملك الوجه القبلي والبحري الخ. الساخطون … … سائرين إلى الأمام ليزحفوا (١٩) على مصر، وقد كانوا متخبطين الثانية عشرة، ويبلغ طوله ٣٫١٧ مترًا، ويزن حوالي ٢٨٠٠ ومحصورين ومقبوضًا عليهم، وقد أصبحوا … … حرارة اﻟ … (٢٠) وقد شُويت، وهذان التمثالان قد عظامهم وأُحرقت في وسط أعضائهم حتى إنهم كانوا يمشون على الأرض مثل من يمشي مقيدًا، (٢١) وقد ذُبحت جنودهم الأشداء في المكان الذي كانوا يمشون فيه. وقد حُرموا النطق أبديًّا، وهُزموا دفعة واحدة، وقُبض على عظمائهم الذين كانوا (٢٢) يرأسونهم، وكُتفوا كالطيور أمام الصقر، وكل من هرب أخفى نفسه في وسط الأدغال، وقد جلس ورأسه على حجره (٢٣) أو منبطحًا يقدم تحيات خاشعة.

وقد وضعوا خطة التآمر بالعصيان مرة ثانية لينهوا حياتهم على حدود مصر. وقد جمعوا أهل السهل والحزن (٢٤) من مراكزهم. وقد جلبوا لأنفسهم الموت بسيرهم إلى مصر آتين على أرجلهم إلى … … التي في حرارة الرائحة وتحت لهيب جبار (٢٥) وقد هاجمتهم حرارة جلالته مثل «بعل» في السماء. وقد كان كل جزء منه موفور الشجاعة والقوة، وقد وُضعت له خطة طيبة ليستولي على جمعهم، وذراعه اليمنى وذراعه اليسرى (٢٦) يمتدان من تلقاء أنفسهما وتنقضان عليهم كالسهم لتذبحهم في حين أن ذراعه كانت عظيمة وقوية مثل ذراع «منتو» والده.

وقد أتى «كبر» (٢٧) يرجو الصلح كالرجل المغمَّى … (؟) وقد ألقى سلاحه على الأرض هو وجيشه وصاح حتى عنان السماء متضرعًا لابنه. وهناك جمدت (٢٨) قدماه ويده ولم يبدِ حراكًا في مكانه ولا يعلم دخائل أفكاره إلا الله. وقد انقض عليهم جلالته (٢٩) كجبل من الجرانيت، حتى إنهم طُحنوا وسُحقوا واختلطوا بالأرض وكانت دماؤهم — في المكان الذي كانوا فيه — كالماء، (٣٠) وجثثهم سُحقت في المكان الذي كانوا يمشون عليه. وقُبض على «كبر» وسِيق إلى حيث ذُبح، وأُسِر رجال جيشه الذين كانت قلوبهم تعتمد عليه (٣١) لحمايتهم، وقد ذُبح وهو مكبل ومكتف كالطير على أديم العربة تحت موطئ جلالته (٣٢) وقد كان مثل «منتو»، وقد كانت قدماه جبارتين على رأسه، وقد ذبح قواده أمامه في قبضته. وقد كانت نصائحه (٣٣) موفقة وخططه لقصره نافذة أمامه في حين كان قلبه قد أُنعش. وكان كالأسد المنتصر المزمجر ممزقًا الماشية البرية بنابه، ملك الوجه القبلي والوجه البحري الخ (٣٤).

أما المصريون فإن قلوبهم كانت تبتهج عند رؤية انتصاره ويفرحون جميعًا في كل جهة ويقولون: (٣٥) مرحبًا بك في سلام … … والأعداء طُرحوا أرضًا أمام خيلك … … (٣٦) … … لنا أعمال شجاعة في قلوبنا … … (٣٧) مادين … وسأخلص أهل قبيلتي و… … (٣٨) … … ولم يفلت منهم واحد ليذهب إلى المدينة … … (٣٩) … … انتهت مدة حياتهم تحت … … (٤٠) ابن «رع» «رعمسيس الثالث» … … طرقهم … … (٤١) … … هزموا على أديمها … (٤٢) … … الآلهة خلفهم طاردين … … (٤٣) … … النصر ليحبلوهم لجلالته مثل الطيور وأسلحته جزرت فيهم (٤٤) … … وخيله هجمت تدوس في وسطهم حتى إنهم انتهوا وقضي عليهم ضحية (٤٥) … … التفتوا نحو الآلهة والإلهات في عيد يُشاهدون ذبحهم. وكل الذين هربوا من تحت أسلحته قد طُرحوا أرضًا وجُدلوا … … مستنشقين النفس لخياشيمهم ومختبئين وقد اقتربوا في ذلة في اﻟ (٤٧) … … وأجسامهم لا تعرف … … (٤٨) … وأهل قبائلهم قد شُتتوا في الجبال (٤٩) وأُلقوا كالهشيم وقد سِيقوا في السلاسل أسرى وكذلك نساؤهم. وإن حرارة جلالته والرعب (٥٠) منه هو الذي جعلهم يطرحون أرضًا، وصيرهم أذلاء لمصر ملك الوجه القبلي والوجه البحري الثور المخيف، حاد القرنين، ذابح «التمحو» و«المشوش» بساعده الشجاع «وسرماعت رع مري آمون بن رع».

(٢) المناظر التي على جدران المعبد الخاص بحرب السنة الحادية عشرة

ترك «رعمسيس الثالث» عدَّة مناظر خاصة بحروبه الثانية التي شنها على اللوبيين غير أنها ليست أحيانًا صريحة واضحة كالتي تركها لنا عن حروبه الأولى.

وهاك أهم المناظر التي قد نفهم منها شيئًا:
  • (١)

    اللوحة ٦٢: «رعمسيس الثالث» واستعراض حاشيته:

    يُشاهد «رعمسيس الثالث» في عربته يصحبه جنود من المصريين والأجانب، ورجال الحاشية يأخذون في السير على صوت البوق. وعلى الرغم من أن هذا المنظر ينذر بإعلان حرب فإن النقوش التي جاءت مفسرة أو تابعة له عامة لم تشعر بحرب خاصة، وهذا المنظر قد مثل على الجدار الغربي في نهايته الشرقية في الردهة الأولى.٥٠
  • (٢)

    اللوحة ٦٨: «رعمسيس الثالث» يشتبك مع «اللوبيين» في موقعة:

    وقد مُثل هذا المنظر على البرج الشمالي للبوابة الأولى على الواجهة الغربية الصف الأسفل.٥١

    ويُشاهد في أسفل هذا المنظر الجنود المصريون ينهون تشتيت شمل اللوبيين، وفي أعلى المنظر نرى «رعمسيس الثالث» وقد نزل من عربته ليربط أسيرين من اللوبيين، ويُلاحَظ أن معظم المتون المكتوبة فوق صورة الفرعون مقتبسة من المتن الكبير.

    وقد كُتب فوق الأسرى ما يأتي:

    الأجانب الذين استولى عليهم جلالته أسرى: ٢٠٥٢ أسيرًا، والذين قُتلوا في أماكنهم ٢١٧٥ قتيلًا.

  • (٣)
    اللوحة ٧٠ «رعمسيس الثالث» يقتفي أثر اللوبيين الفارين:٥٢
    ويُرى فيه «رعمسيس الثالث» في عربته يطارد اللوبيين البائسين، ويساعده في هجومه جنوده المصريون مشاة وخيالة على السواء، وكذلك يُشاهد جنود مصريون في حصنين يفوِّقون سهامهم ويقذفون نشاشيبهم على العدو الهارب، وقد كُتب فوق الحصنين النقش التالي: «المجزرة التي أوقعها جلالته بالأعداء من أرض «المشوش» الذين أتوا إلى أرض مصر مبتدئين من بلدة «رعمسيس الثالث» التي على جبل «وب تا» (قرن الأرض) إلى بلدة «حوت شعت» (قرية الرمل) موقعًا بهم مذبحة تمتد ثمانية إتر (الإتر = ميلًا وربع ميل تقريبًا).» وقد حدد «جاردنر» موقع هاتين البلدتين في الشمال الغربي من الدلتا، والمسافة بينهما هي ثمانية إتر — أي حوالي عشرة أميال تقريبًا.٥٣
  • (٤)

    اللوحة ٧٢: «رعمسيس الثالث» يتابع مطاردة العدو الفار:

    ويُشاهد «رعمسيس الثالث» في هذا المنظر في عربته يصحبه جنود مصريون وأجانب وموظفون مصريون وهو يطارد اللوبيين الفارين، وهذا المنظر يشبه المنظر يشبه المنظر السالف الذكر، غير أن النقوش المفسرة تختلف بعض الشيء؛ فيُلاحَظ أنه قد كُتب فوق الموقعة المجزرة التي أوقعها جلالته بالأعداء من بلاد «المشوش» الذين أتوا إلى مصر مبتدئين من بلدة «حوت شعت» حتى بلدة «وسرماعت رع مري آمون» التي على جبل «وب تا» وهي مذبحة تمتد ثمانية إتر، فيُلاحظ في هذا المتن أن ترتيب ذكر البلدين قد عُكس؛ فقد ذُكرت البلدة هنا باسم «وسرماعت رع مري آمون» بدلًا من اسمها «رعمسيس الثالث» في المتن السابق في اللوحة رقم (٧٠).٥٤
    وقد قال «جاردنر»: إنه لا يمكننا تعليل هذا التغيير،٥٥ غير أن «شادل» قد علل ذلك بقوله: إن اسم هذين البلدين واحد، ولكن غُيِّر من «رعمسيس الثالث» إلى «وسرماعت رع»٥٦ لأسباب سنتحدث عنها عند الكلام على ورقة «هاريس».
  • (٥)
    اللوحة (٧٣): «رعمسيس الثالث» يسوق رؤساء اللوبيين أسرى:٥٧

    يُشاهد في هذا المنظر «رعمسيس الثالث» ينزل من عربته ويجر لوبيين خلفه وهما اللذان كانا مكبلين في المنظر الذي على اللوحة رقم (٦٨).

  • (٦)

    اللوحة (٧٤): «رعمسيس الثالث» يستعرض ثلاثة صفوف من المسجونين الذين يقودهم ضباط مصريون:

    وفي هذا المنظر نجد الفرعون يخاطب ولي عهده بوصفه الكاتب الملكي الأعلى للجيش، ليبلغ عن رأيه في الأعداء المقهورين.

  • (٧)

    اللوحة (٧٥): «رعمسيس الثالث» يستعرض الأسرى اللوبيين والغنائم:

    وهنا نشاهد ولي العهد والوزيرين يقدمون «لرعمسيس الثالث» الأسرى والغنائم التي استولى عليها في الحرب اللوبية الثانية. ويُرى الملك واقفًا على منصته وفي حضرته موظفوه، كما يُرى الكتاب يسجلون عدد كومة من أعضاء الإكثار والأيدي المقطوعة.

    ويُلاحَظ أن الضباط المصريين يقودون الأسرى، ويحمل بعضهم الغنائم التي استُولي عليها منهم. وكُتب فوق هذا المنظر تفصيل للغنائم التي استُولي عليها، ولما كانت من الأهمية بمكان فإنا سنوردها هنا وبخاصة لأنها تدل — على ما يظهر — على أن المهاجمين كانوا يريدون الاستيطان في مصر.

    مجموع الأيدي المقطوعة ٢١٧٥.

    الغنيمة التي استولى عليها سيف الفرعون البتار من المشوش الخاسئين:

    عدد
    فيكون المجموع ١٤٩٤
    رئيس «المشوش» ١
    العظماء من الأعداء ٥ (رجال)؟
    بعض الرؤساء (؟) ٥
    رجال من «المشوش» ١٢٠٠
    الشبان ١٥٢
    أولاد ١٣١
    نساؤهم ٣٤٢ امرأة
    عذارى ٦٥
    بنات ١٥١

    فيكون المجموع الذي استولى عليه سيف جلالته البتار من الأشخاص المختلفين = ٢٠٥٢.

    «المشوش» الذين ذبحهم جلالته في أماكنهم ٢١٧٥ رجلًا وسلعهم وقطعانهم … ١٢٩ + س، وسيوف طول الواحد منها أربع أذرع عددها ١١٦ سيفًا، وسيوف طول الواحد منها ثلاث أذرع وعددها = ١٢٣، وأقواس عددها = ٦٠٣، وعربات عددها = ٩٢ … … وكنانات عددها = ٢٣١٠، وعمد عربات عددها = ٩٢، وأزواج خيل عربات وحمير عددها = ١٨٤.

    وفوق الصف الأسفل من المنظر:

    مجموع أعضاء التكاثر ٢١٧٥.

    الحيوانات التي استولى عليها سيف جلالته البتار من «المشوش» الخاسئين، وهي التي أُضيفت إلى القطعان التي قررها جلالته من جديد لوالد «آمون رع» ملك الآلهة:

    عدد
    ثيران ١٠٥
    ثيران طويلة القرون ١٢٢
    ثيران مخصية ٧٥ (؟)
    عجول عمرها سنة ٩١
    عجول ٦١
    بقرات ٤٢٠
    عجلات بقر ١٢٢
    عجلات سنها سنة ١٥٢
    عجلات بقر ١٦١
    مجموع الماشية ١٣٠٩
    حمير ٤٦٤
    ماعز ٣٤٣٦
    غنم ٢٣١٢٨
    مجموع الحيوانات المختلفة ٢٨٣٣٧
    ماعز ٥٧٠٠
    غنم ٥٨٠٠

    مجموع الحيوانات التي أُحضرت معه:

    مجموع الحيوانات التي استولى عليها سيف الفرعون البتار ٤٢٧٢١
    ماشية ٣٦٠٩
    خيل ١٨٤
    حمير ٨٦٤
    ماعز ٩١٣٦
    غنم ٢٨٩٢٨ (؟)

    وإذا وازنا بين عدد الحيوانات التي استولى عليها الإله «آمون» وما استولى عليه الملك على ما يظهر نجد أن «آمون» استولى على ثلاثة أثمان مجموع الماشية ولم يستولِ على شيء من الخيل، وعلى ثلاثة أثمان الحمير وأربعة أخماس الماعز — لأنها كانت مقدسة له — وعلى ثلثي كل الحيوانات، والباقي على ما يظهر كان يستولي عليه الفرعون.

  • (٨)

    اللوحة (٧٧): «رعمسيس الثالث» يعود حاملًا لواء النصر من حملة لوبيا:

    فيُشاهد هنا «رعمسيس الثالث» يسوق أمام عربته صفين من الأسرى اللوبيين ويحيي الفرعون طائفة من الكهنة يحملون في أيديهم طاقات الأزهار الرسمية، وقد رحب به الكهنة بكلمات مدح وثناء، وهذا المنظر يذكرنا بمنظر «سيتي الأول» عندما عاد من حملته في «سوريا» واستقبله عظماء القوم عند الحدود بطاقات الأزهار في أيديهم (راجع ج٦ مصر القديمة).

  • (٩)
    اللوحة (٧٨): «رعمسيس الثالث» يقدم الأسرى اللوبيين للإلهين «أمون» وزوجه «موت».٥٨

(٣) ملخصي الحرب اللوبية الثانية

لم تكن الهزيمة التي لحقت باللوبيين في العام الخامس على يد «رعمسيس الثالث» في آخر حرب نشبت بين «لوبيا» و«مصر»، بل جاءت على أعقابها حرب أخرى في السنة الحادية عشرة من عهد هذا الفرعون، ولم يكن الموقد لنارها هذه المرة هم اللوبيون وحدهم بل كان العامل الأكبر في إشعالها قوم «المشوش» الذين نزحوا من شمال أفريقيا يطلبون العيش الناعم في أرض مصر التي عرفوا خيراتها منذ زمن طويل يرجع إلى عهد «رعمسيس الثاني».٥٩

وتدل شواهد الأحوال على أن أمير المشوش المسمى «مشاشار» بن «كبر» قد أفلح في عقد حلف مع بعض قبائل من اللوبيين لم يذكر اسمها في المتون وقام بغارة جبارة على الأراضي المصرية، فانقضوا أولًا على أهالي «تحنو» وهم أهالي لوبيا الأصليون القاطنون في صحراء غربي الدلتا مباشرة، وبعد إخضاعهم تمامًا قاموا بحملتهم على الديار المصرية، ولذلك يقول المتن المصري:

وكان رئيس المشوش سابقًا قد أتى مهاجرًا ومعه أهله، وانقضوا على بلاد «تحنو» الذين أصبحوا رمادًا، فقد خربت مدنهم وأصبحت قفرًا، ولم يعد لبذرتهم وجود.

والمقصود «بالتحنو» هنا كما يقول «هولشر»٦٠ هم اللوبيون كما جاء في السطر السادس والأربعين من المتن الكبير:

لقد تسبب اللوبيون في ارتباكنا وارتباكهم؛ لأننا أصغينا إلى نصيحتهم.

وبذلك نسبوا الهزيمة التي حاقت بهم في حروبهم مع مصر إلى هؤلاء القوم من اللوبيين. وقد كان غرضهم الأول هو أن يتخذوا البلاد المصرية وطنًا لهم.

والواقع أن «المشوش» وأنصارهم قد أخذوا يزحفون على البلاد المصرية حتى ضواحي «منف»، وتدل الغنائم التي حصل عليها «رعمسيس الثالث» على أن هؤلاء لم يكونوا من الأقوام الهمج، بل كانوا مسلحين بأحسن الأسلحة ومجهزين بأمتن العدد، فقد كانت سيوفهم عظيمة يبلغ طول الواحد منها أربع أذرع وثلاث أذرع، وكانوا كذلك مسلحين بالأقواس والعربات والكنانات والخيل والحمير لحمل الأثقال، ولذلك نجد أن «رعمسيس الثالث» أخذ يستعد لمنازلتهم، فنشاهده في أحد المناظر يتأهب للمسير مع جنوده من المصريين والأجانب عند سماع بوق إعلان الحرب. ثم سار بجيشه لمقابلة العدو في موقعة دارت رحاها في اليوم … عشر من الشهر الرابع من فصل الحصاد «مري» في المكان الواقع بين الحصن المسمى «حوت شعت» (جبل الرمل) والبلدة المسماة «رعمسيس الثالث»، وقد خلف لنا «رعمسيس الثالث» على جدران معبد مدينة «هابو» القصيدة التي دونها بعد هذه الحرب احتفالًا بالنصر الذي أحرزه على العدو، وقد دُونت بعد نشوب الموقعة بنحو ستة أشهر، وتؤرخ باليوم الثامن من الشهر الثاني من فصل الزرع — الثامن من أمشير.

والظاهر أنها أُرِّخت خطأ بالسنة الحادية عشرة، وبذلك يمكن اعتبارها قصيدة كُتبت بمناسبة الاحتفال بالنصر الذي أحرزه «رعمسيس»،٦١ وليس في استطاعتنا تحديد موقع المكانين اللذين حدثت فيهما — أو بينهما — الحرب على «المشوش» بصفة قاطعة الآن على الأقل.
وقد وصل إلينا وصف مكان هذه الموقعة في متنين صغيرين في النقوش التي على جدران المعبد، جاء في الأول:

المجزرة التي أجراها جلالته بين الأعداء الذين جاءوا من أرض «المشوش» إلى مصر مبتدئين ببلدة «رعمسيس الثالث» التي تقع على جبل «وب تا» (بداية الأرض) إلى قرية «حوت شعت» (قرية الرمل) موقعا مذبحة طولها ثمانية «إتر» (نحو عشرة أميال).

وجاء في المتن الثاني:

المجزرة التي أجراها جلالته بين الأعداء من بلاد «المشوش» الذين هاجموا مصر من قرية «حوت شعت» حتى مدينة «وسرماعت مري آمون» التي تقع على جبل «وب تا» موقعا مذبحة طولها ثمانية «إتر» (نحو عشرة أميال).

وأول ما يُلاحظ في هذين المتنين أنه استعمل في اسم المدينة المسماة باسمه، اسمه في الأولى ولقبه في الثانية. على أنه لا يوجد في التسامح والحرية التي استُعملت في هذه التسمية ما يدعونا إلى توحيد هذه المدينة المزدوجة الاسم بالمدينة المسماة «بروسرماعت رع مري آمون» التي جاء ذكرها في «ورقة هاريس»،٦٢ ويُحتمل أن في تغيير الاسم في هذين المتنين ما يدعو إلى الظن بأن الموقعة لم تقع في أحد البلدين، بل وقعت في البقعة التي بينهما. ولم تحدثنا المتون بشيء عن اقتفاء أثر العدو من أحد الحصنين إلى الآخر. والمحتمل جدًّا٦٣ أن المصريين قد حصروا الغزاة بين هذين البلدين وأصلوهم بسهامهم وابلًا من المقذوفات كلما أرادوا الارتداد من حصنٍ إلى آخر. هذا فضلًا عن قتال الجيش للعدو في البقعة التي تقع بين هذين المكانين، ولا بد أن العدو في نهاية الأمر قد اضطر إلى التسليم. ونرى في الصور التي تركها لنا «رعمسيس الثالث» اقتفاءه أثر العدو في عربته يساعده في هجومه المشاة والخيالة، كما نشاهد الجنود المصريين في الحصنين السالفي الذكر يرسلون وابلًا من السهام على «المشوش». وقد حدد «جاردنر» موقعهما في غربي الدلتا. وقد اشترك «رعمسيس الثالث» في هذه الموقعة على الرغم من أن ابنه كان هو القائد الأعلى للجيش، إذ نشاهده يسوق الأسرى بنفسه، كما نراه ينزل من عربته، ويكبل لوبيين ويجرهما خلفه، وفي نهاية الموقعة يستعرض «رعمسيس» صفوف الأسرى ويخاطب الرئيس الأعلى للجيش ويحدثه عن رأيه في الأعداء المقهورين، كما نشاهده في منظر آخر يستعرض الأسرى والغنائم، معًا يقدمهم له ولي العهد والوزيران. ويُلاحَظ أن القواد المصريين قد أجبروا الأسرى على حمل الغنائم وتقديمها.

وقد كان عدد القتلى نحو ٢١٧٥، وكانوا يُحصون إما بعدد الأيدي المقطوعة أو بعدد أعضاء الإكثار المبتورة، كما كانت العادة في الحروب المصرية. أما عدد الأسرى فقد بلغ ٢٠٥٢ نفسًا من بينهم رئيس «المشوش» نفسه «مشاشار»، ومن بينهم النساء والعذارى والأطفال أيضًا. أما الغنائم فكانت كثيرة، وتشمل أسلحة وعربات كما ذُكر ذلك من قبل.

أما الماشية فكان عددها عظيمًا جدًّا بلغ ٤٢٧٢ رأسًا، وتشمل ثيرانًا، وأبقارًا من مختلف الأنواع والأعمار، وماعزًا وغنمًا. وقد أهدى الفرعون الجزء الأعظم منها للإله «آمون» الذي آزره في ساحة القتال، وقد بلغ ما قدمه له من الحيوان حوالي الثلثين مما يدل على عظم شأن «آمون» وكهنته.

وبعد هذا النصر المبين في ساحة القتال نشاهد الفرعون «رعمسيس الثالث» عائدًا من ساحة المعركة يسوق صفوف الأسرى، وقد استقبله الكهنة يحملون طاقات الأزهار، ويحيون الفرعون بآيات المديح والثناء على ذلك الانتصار الباهر، وبعد ذلك نشاهد الفرعون يقدم الأسرى للإلهين «آمون» و«موت» ليكونوا عبيدًا لهما في معبديهما وضياعهما.

ومما تجدر ملاحظته هنا أن المتون المصرية يُفهم مما جاء فيها من تعداد الأسرى والأطفال والنساء والماشية والحيوانات المنزلية، أن أهل المشوش كانوا يقصدون بغزوتهم هذه هجرة شاملة لسكنى مصر.

ولم يَحِنْ الوقت بعد لأن نحدد القوى الاقتصادية وغيرها، التي كانت تنطوي عليها غزوة «المشوش» لبلاد مصر، غير أنه من المؤكد أنها كانت ذات علاقة بعدم الاستقرار في كل أنحاء البلاد الواقعة في شرق البحر الأبيض المتوسط في هذا الوقت، وبخاصة موجات الغزو التي كان أقوام البحر يقومون بها من جهة، وتحطيم دولة «خيتا» وحصار «طروادة» ومحاولة اللوبيين فيما سبق استيطان مصر من جهة أخرى.

وخلاصة القول أن نتيجة هذه الهجمة العنيفة التي قام بها «كبر» وابنه «مشاشار» الهزيمة الساحقة، وقد أتى «كبر» يرجو الفرعون العفو عن ابنه، وكان الجواب على هذا الرجاء القبض عليه، ثم قتله هو بسيف الفرعون وأسر جيشه. وهكذا كانت نهاية هذه الحرب الضروس في صالح المصريين لوقت ما؛ إذ سنرى بعد أن هؤلاء «المشوش» أنفسهم وسيعودون كرة أخرى لفتح مصر وتكوين دولة فيها.

(٢-٥) الحروب الأخرى التي شنها «رعمسيس الثالث» على الآسيويين

لدينا غير مناظر الحروب التي تمثل لنا انتصارات «رعمسيس الثالث» على «أقوام البحار» مناظر أخرى على جدران معبد مدينة «هابو» عديدة، ليس لها تواريخ معينة. والظاهر أن الغزوات التي توالت من «آسيا الصغرى» قد حطمت أقوام شمال «سوريا»، وقد انتهز «رعمسيس الثالث» هذه الفرصة ليغزوها، فكان أول ما قصد مدينة «أرزاوا Arzawa»؛٦٤ فيُشاهد «رعمسيس الثالث» في عربته يتبعه مشاة من المصريين يهاجم حصنين، وقد أمطرهما الفرعون وابلًا من السهام، ولم يلبث أن أخذ جنود «خيتا» المدافعون يختل ميزانهم، وتسود صفوفهم الفوضى التامة، ويُشاهد الجنود المصريون وقد دخلوا الحصن الأعلى من القلعة، وقد قُذِفت أبوابه من أعلى، وبعد ذلك يُرى أحد رجال «خيتا» يرفع في يده موقدًا رمزًا للخضوع والتسليم، وقد كُتب على الحصن الأسفل: «مدينة أرزاوا».

(أ) «رعمسيس الثالث» يهاجم مدينة «تونب»٦٥

يُشاهد «رعمسيس الثالث» في عربته واقفًا بسيفه مشهرًا يهاجم — بمساعدة رماة من المصريين، ومن مشاة «الشردانا» — مدينة محصنة، ويُلاحَظ أن الفرعون كان يضرب شخصية عظيمة من الأعداء، ويُرى الجنود المصريون وهم يقطعون الأشجار التي حول المدينة، ويحطمون البوابة، ويتسلقون سلالم منصوبة على الجدران، ولكن عندما رفع جندي سوري موقدًا — وهو رمز التسليم — نفخ جندي مصري في البوق علامة على إحراز النصر، وقد كُتب تحت الحصن: «تونب» الخبيثة.٦٦
وفي منظر آخر يُشاهد «رعمسيس» يهاجم حصنًا سوريًّا،٦٧ فينزل من عربته ويهاجم الحصن، في حين أن حرسه وأتباعه ينتظرون خلفه، ولا يمضي طويل زمن حتى نرى السوريين يسلمون. وبعد هذا النصر يُرى «رعمسيس» يستعرض الأسرى السوريين في ثلاثة صفوف، يقدمهم له الضباط المصريون بقيادة ولي العهد،٦٨ ثم يعود «رعمسيس» بعد هذه الحروب حاملًا لواء النصر من «سوريا»، فيُرى في عربته سائقًا أمامه صفين من الأسرى الآسيويين،٦٩ وبعد ذلك نراه في منظر آخر يقدم أسراره وغنائمه للإلهين «آمون» و«خنسو» اللذين كانا في محراب. ومن الغنائم التي يقدمها الفرعون أوان دقيقة الصنع.

(ب) حروب «رعمسيس» في بلاد الآموريين

والظاهر أن «رعمسيس» قام بحملة ثانية لمحاربة «الآموريين» إذ نشاهده في منظر ينزل من عربته ويهاجم حصنًا وهو على قدميه، يساعده في ذلك جنود من المصريين ومن «الشردانا» الأجانب، ثم يُلاحَظ أن السوريين قد نكسوا حرابهم، وفي آن واحد رفع أحدهم الموقد علامة على الاستسلام،٧٠ وقد كُتب على الحصن المتن التالي:

كلام نطق به رئيس بلدة «آمور» الخاسئ وأهل قبيلته في حضرة الحاكم الطيب، مثل «منتو»: «امنحنا النفس الذي تهبه حتى نستطيع تنفسه عند التحدث بشهرتك، لابن ابننا، وذكراك …»

وبعد ذلك نرى «رعمسيس» يحتفل بانتصاره هذا على السوريين.٧١ فنشاهده يقف على منصة يحيط به أتباعه، ثم تُعرض عليه ثلاثة صفوف من الأسرى الآسيويين يقدمهم له ولي العهد وموظفون مصريون، وقد تكلم الفرعون وأجابه الموظفون بالعبارات الاصطلاحية المألوفة. وقد نُقش فوق صورة ولي العهد ألقابه وهي: «ولي العهد، والكاتب الملكي، والقائد الأعلى للجيش».٧٢ وهو الذي أصبح — فيما بعد — «رعمسيس الرابع».
وأخيرًا نجد «رعمسيس الثالث» في نهاية هذه الحروب كلها يقدم لثالوث «طيبة» أسرى يمثلون الحملات التي قام بها في بلاد «لوبيا» و«آسيا»، وعندئذ يخاطبه ثالوث «طيبة» بكلمات طيبة، ثم يرد عليهم الفرعون معترفًا لهم بالجميل، وبأنهم هم الذين ناصروه وأعزوه حتى استولى على كل هذه البلاد؛ ومن أجل ذلك يقدم لهم كل ما غنمه ويقول مخاطبًا «آمون»:
لقد استوليت على أهليهم وكل ممتلكاتهم، وكل حجر غالٍ فاخر في بلادهم أضعه أمامك يا سيد الآلهة، فهب من تحب! ليتك تعطي تاسوعك مثل ذلك، وإنها قوة ساعدك التي استولت عليهم، فالذكور منهم يعملون في مخازنك، ونساؤهم يَكُنَّ إماء لمعبدك، وإنك قد جعلتني أمد حدودي إلى حيث شئت، دون معارضة في أي أرض … الخ.٧٣
وبعد تقديم هؤلاء الأسرى نرى «رعمسيس الثالث» في آخر الأمر يضحي برؤساء كل الممالك التي تغلب عليها أمام الإله «آمون».٧٤
وهنا نشاهده وهو يذبح أسرى من أجناس مختلفة أمام «آمون» الذي يمد له السيف، في حين نرى إلهة مقاطعة «طيبة» تقود له خمسة وعشرين ومائة إقليم أجنبي، يُرمز لكل منها بطغراء فيه اسم الإقليم، كأنه أسير في عنقه الأغلال.٧٥
وإذا صدَّقنا ما جاء في هذه القائمة عن البلاد التي فتحها، أو أخضعها «رعمسيس الثالث»، فإن الجيش المصري يكون قد وصل في فتوحه حتى «نهر الفرات»، غير أننا نشاهد على هذه القائمة أقوامًا قد اختفوا منذ زمن بعيد، مما يدل على أنها نُسخت من قوائم قديمة، وبخاصة قوائم «رعمسيس الثاني» الذي كان يريد سميه «رعمسيس الثالث» أن يقلده في كل شيء، وكذلك من قوائم الفاتح العظيم «تحتمس الثالث»؛ ولذلك يجب أن ننظر إلى ما في هذه القوائم بكثير من الحذر والتدقيق؛ إذ لا نعلم حتى في إقليم «الأرنت» إذا كان المصريون قد أمكنهم المحافظة عليه أم لا، ويُخيل إلينا أن الغرض الأساسي الذي من أجله قام «رعمسيس الثالث» بحملته على بلاد «سوريا» وبلاد «آمور»، هو خوفه من التعدي على أملاكه في بلاد «فلسطين»، التي كانت مرتبطة بمصر ارتباطًا وثيقًا منذ أقدم عهود التاريخ المصري، وحتى بلاد «فلسطين» نفسها كادت تفلت من أيدي المصريين؛ لأن كل الإقليم الساحلي قد احتله الفلسطينيون الذين وفدوا مع «أقوام البحار»، واحتلوا هذا الجزء من ساحل «البحر الأبيض المتوسط»، ولكن يدل ما لدينا من آثار على أنه كان في مقدور مصر أن تستمر في سيطرتها على بلاد «كنعان»، في عهد الملوك الذين خلفوا «رعمسيس الثالث» مدة ما. ولا أدل على ذلك من الكشوف التي عُملت في «مجدو» حديثًا؛ إذ وُجد فيها قاعدة تمثال للفرعون «رعمسيس السادس».٧٦

ومما يلفت النظر في هذه الحروب الأخيرة التي شنها «رعمسيس الثالث» على «آسيا» بعد حربه مع بلاد «لوبيا» في السنة الحادية عشرة من حكمه؛ أننا لم نجد في النقوش ما يؤكد لنا بصفة قاطعة تواريخ تدل على أن هذه الحروب قد وقعت بعد الحرب اللوبية الثانية، غير أن شواهد الأحوال تشعر بذلك، وبخاصة ترتيب المناظر التي تركها «رعمسيس الثالث» على جدران معبد مدينة «هابو»؛ لأنها كانت قد نُقشت — على ما يظهر — على حسب ترتيبها التاريخي، كما فعل من قبله «سيتي الأول» في نقوشه التي على جدران معبد «الكرنك» (راجع الجزء السادس من مصر القديمة)، على أنه من الجائز جدًّا أن «رعمسيس» لم يقم بهذه الحروب إلا بعد القضاء على «أقوام البحار» من جهة الشمال، والقضاء على إغارة «اللوبيين» وأقوامهم في الغرب، وإلا لكان قد عرَّض بلاده نفسها لخطر ساحق من جهة «لوبيا» إذا كان قد قام بحرب للغزو والفتح في «آسيا» مع وجود أهل «لوبيا» شوكة لظهره في الغرب.

وعلى أية حال فإن موضوع تاريخ هذه الحروب لا يزال يكنفه بعض الغموض.

(ﺟ) قصيدة بركات «بتاح»٧٧

لم يقتصر «رعمسيس الثالث» على تقديم الأسرى «لثالوث طيبة»، بل نراه في مكان آخر يقدم أسرى من مختلف البلاد التي استولى عليها، أو يدعي أنه استولى عليها للإله «بتاح» أكبر آلهة «منف» عاصمة البلاد القديمة، وقد قاد هؤلاء الأسرى في مجموعة من الأفراد كل منهم يمثل الإقليم الذي أتى منه؛ ومن أجل ذلك نجد الإله «بتاح تاتنن» يلقي خطابًا طويلًا شعريًّا يقرر له فيه الحياة الطويلة، والحكم المثمر، ثم يرد عليه الملك مجيبًا إياه بوعود عظيمة له. وهذه القصيدة قد دوَّنها «رعمسيس الثاني» لنا بصورة تختلف كثيرًا عن التي نحن بصددها.

والواقع أن الروايتين — على ما يظهر — قد أُخذتا من مصدر ثالث أصلي «منفي» على أية حال (راجع الجزء السادس من مصر القديمة). والقصيدة التي نُقشت على جدران معبد مدينة «هابو» كما هي، تحوي أخطاء كثيرة، ولكنها كُتبت من وجهة نظر «رعمسيس الثالث»؛ ولذلك نجد فيها بعض التغيير، وقد دوَّنها في السنة الثانية عشرة من حكمه، أي بعد فراغه من الحروب التي أخذ على عاتقه القيام بها، وهي التي اضطرته الأحوال العالمية في عصره إلى خوض غمارها. وقبل إثبات نصها هنا نأتي بملخص قصير عنها:
  • (١)

    التاريخ ومقدمة (من سطر ١–٣).

  • (٢)
    خطاب موجه للملك (من سطر ٣–٣٩):
    • (أ)

      الاعتراف بالملك بوصفه ابن الإله (من سطر ٣–٥).

    • (ب)

      الابتهاج بولادة الملك (من سطر ٥–٩).

    • (جـ)

      هدايا «بتاح» للملك المولود حديثًا (من سطر ١٠–١٣).

    • (د)

      «رعمسيس» يمنح الملكية (من سطر ١٣-١٤).

    • (هـ)

      الوعد بسعة الرزق (من سطر ١٤–٢٠).

    • (و)

      الوعد بالكثرة في المباني (من سطر ٢٠–٢٣).

    • (ز)

      العاصمة والوعد بالأعياد الثلاثينية والأعياد والحياة الطويلة (من سطر ٢٣–٢٨).

    • (ﺣ)

      الوعد بالنصر والأسرى (من سطر ٢٨–٣١).

    • (ط)

      الوعد بالإمبراطورية (من سطر ٣١–٣٥).

    • (ي)

      كل الأرض تابعة لرعمسيس (من سطر ٣٥–٣٩).

  • (٣)
    جواب «رعمسيس الثالث»: (من سطر ٤٠–٥٤).
    • (أ)

      الاعتراف بدينه البنوي (من سطر ٤٠–٤٤).

    • (ب)

      مباني معبد مدينة «هابو» وتموينه من أجل الإله «بتاح تاتنن» (من سطر ٤٤–٥٤).

وهاك النص:

السنة الثانية عشرة في عهد جلالة «حور» الثور القوي، عظيم الملك، محبوب الإلهتين، كثير الأعياد الثلاثينية مثل «تاتنن»، «حور» الذهبي، الكثير السنين مثل «آتوم» الملك حامي مصر، وغال الممالك الأجنبية، ملك الوجه القبلي والوجه البحري، رب الأرضين: (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع» رب التيجان: «رعمسيس الثالث».

خطاب وجهه «بتاح تاتنن» والد الآلهة، إلى ابنه ومحبوبه من صلبه، وهو إله مقدس، كثير الحب، كثير في أعياده الثلاثينية مثل «تاتنن» ملك الوجه القبلي والوجه البحري، سيد الأرضين: (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع» رب التيجان: «رعمسيس الثالث».

إني والدك، وقد أنجبتك، فجميع جسمك من الآلهة، لأني قد تقمصت صورة (٤) الكبش، رب «منديس»، وعاشرت والدتك الفاخرة؛ لكي أصور شكلك مثل … … لأني أعرف أنك حامي، ومؤدي النعم لحضرتي، ولقد أنجبتك مشرقًا مثل «رع»، ورفعتك أمام الآلهة لتكون ملك الوجه القبلي والوجه البحري: (وسرماعت رع مري آمون): ابن «رع»: «رعمسيس الثالث». وإن رفاق (؟) «بتاح» مبتهجون، وآلهة والدتك «مسخنت» متمتعة بالسرور، والمبجلات التابعات لبيت «بتاح» و«حتحور» بيت «آتوم» في عيد. وقلوبهن فرحة، وأيديهن تحمل الدفوف مبتهجات عندما يرين طلعتك البهية، وإن حبك مثل حب جلالة «رع» والآلهة والإلهات يتمدحون بجمالك مثنين ومقربين القربان لحضرتك، ويقولون لي: إنك والدنا المبجل، وإنك قد أنجبت لنا إلهًا مثل نفسك، ملك الوجه القبلي والوجه البحري: (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع»: «رعمسيس الثالث».

(١٠) وعندما شاهدتك انشرح قلبي، وطوَّقتك في حضني الذهبي، وأحطتك بالحياة والرضا، وحبوتك بالصحة والسرور، (١١) وأشربتك الغبطة وفرح القلب، والبشر والرفعة، وجعلت محياك قدسيًّا مثلي، لأني اخترتك. (١٢) فطنًا مهيئًا، ولبك مدرك، ونطقك ممتاز، ولا يوجد شيء لا تعرفه؛ لأنك ماهر في نصائح الحياة، وعلى ذلك فإنك تجعل عامة الشعب يعيشون بتدابيرك، ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع» «رعمسيس الثالث».

لقد جعلتك ملك السرمدية، وحاكمًا باقيًا أبدًا، وسويت جسمك من ذهب، وهذه (١٤) الإلهة قد ظهرت مثبتة على رأسك، ومنحتك وظيفتي الإلهية، وبذلك تحكم الأرضين ملكًا على الوجه القبلي والبحري.

ومنحتك فيضانات حاملة الميرة لتغدق على هذه الأرض الثراء والطعام والرزق، وبذلك تغمر المياه هذه الأرض في حضرتك، والصيد يوجد في كل مكان تمشي فيه. ولقد منحتك الحب والحصاد (١٦) لتمير مصر، والحبوب هناك تكون كرمال الشاطئ، ومخازن غلالهم تبلغ عنان السماء ارتفاعًا. وأكوامها كالجبال، والفرح والرضا يعمان (١٦) برؤيتها والطعام والأعياد في جوارك نفسه، وهذه الأرض (١٧) بمناصرتك لها، ومنحتك السماء وموجوداتها. و«جب» (إله الأرض) يقدم لك ما فيها، ومستنقعات الطير تقود لك سكان السموات، و«سخات حور» (البقرة المقدسة أم حور) تحمل رزق أرواح «رع» الأربعة عشرة، وإني وضعتها بجوارك. وإنك تفتح كل فم لتغني من تريد مثل والدك «خنوم» الحي، لتحبو الشجاعة والنصر حكمك مثل (حكم) «رع» عندما حكم الأرضين، ملك الوجه القبلي والوجه البحري: (وسرماعت رع مري آمون) بن «رع»: «رعمسيس الثالث».

وإني أجعل الجبال تخرج لك آثارًا ضخمة قوية، وأن يجلب لك كل حجر ثمين، وكل معدن جميل. وأجعل كل قلب مفيدًا لك بأعمالهم في كل حرفة قيمة، وكل ما يمشي على اثنتين أو على أربع، وكل ما يطير ويرفرف. ولقد جعلت قلب أهل كل أرض يقدمون لك أعمالهم بأنفسهم، والعظيم والصغير على السواء يؤدون منافع لحضرتك، ملك الوجه القبلي والوجه البحري: (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع» (٢٣) «رعمسيس الثالث».

وقد أُقيم لك مقر عظيم شريف لتقوِّي حدود مصر: بيت «رعمسيس الثالث» الكثير الخيرات لمصر (٢٤) وإنه ممكن على الأرض مثل عمد السماء، وجلالتك ثاوٍ في قصره، وأقمت مدنًا مسورة فيها مكان لسكناي؛ لتستطيع الاحتفال بالأعياد الثلاثينية (٢٥) التي احتفلت بها فيها. وإني سأعقد (على رأسي) تيجانك بيدي عندما تظهر على عرشك المزدوج، والآلهة والناس فرحون (٢٦) باسمك عندما تشرق في الأعياد الثلاثينية مثلي. وإنك تسوي الصورة وتبني محاريبها كما فعلت في الزمن الأزلي (٢٧) وإني منحتك سني أعيادي الثلاثينية، وحكمي، وسكني، وعرشي، وإني أمد جسمك بالحياة الطيبة، وحمايتي السحرية تحيطك بمثابة (٢٨) تعويذة وإني أعضدك وبذلك تصبح كل أرض في خوف منك في حين أن مصر مفعمة بجمالك، ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وسرماعت رع مري آمون) ابن الشمس «رعمسيس الثالث».

ومنحتك شجاعة ونصرًا، (٢٩) وقوتك في قلوب «الأقواس»، وإني أرسل الرعب في الأراضي من أجلك، والآسيويون تحت قدميك أبد الآبدين، وإنك تشرف يوميًّا (٣٠) ليقدم لك أسرى يديك. ورؤساء كل الممالك تقدم لك أطفالها أمامك، وإني أسلمهم لك جميعًا (٣١) في قبضتك لتفعل ما تشاء بهم، ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع»: «رعمسيس الثالث».

إني أضع الرهبة منك أمام الأرضين في حين أن حبك يملأ (٣٢) وجوههم، وإني صوت نذير حربك في الممالك الثائرة في حين أن الخوف منك يحيط بالجبال، والرؤساء يرتعدون فرقًا عند مجرد ذكرك، وهناك تسود (٣٣) مقمعتك فوق رءوسهم، وإنهم يأتون إليك بصوت واحد راجين الصلح من حضرتك، وإنك تجعل من تشاء يحيا وتذبح من تريد، تأمل! إن عرش (٣٤) كل أرض تحت سلطانك، وإني أجعل المعجزات العظيمة تحدث لك، وكل حالة طيبة تصيبك، والأراضي في عهدك في حبور، (٣٥) ومصر تفرح عند طلعتك، ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع»: «رعمسيس الثالث». وإني أتحرك٧٨ (؟) وأعدك بالشجاعة والنصر، والرؤساء (٣٦) والأشراف يساعدونك. والسماء والأرض قد اهتزتا بالفرح، ومن فيهما في سرور بما أُوتيت. أما الجبال والمياه والجدران، وما على الأرض من أشياء فإنها تهتز (٣٧) عند اسمك المنتصر، وذلك عندما ترى القرار الذي قررته، فكل أرض عبيد لقصرك، وإني قد عرفتهم أن (٣٨) يقدموا أنفسهم شخصيًّا في خضوع لحضرتك حاملين جزيتهم، وما سلبه رؤساؤهم وسلعهم بمثابة إتاوة لشهرة (٣٩) جلالتك، وأولادهم وبناتهم عبيد لقصرك ليطمئنوا قلبك مثل ما طمأنوا قلب «رع»، ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وسرماعت رع مري آمون) بن «رع»: «رعمسيس الثالث».

(٤٠) كلمات قالها الملك المقدس رب الأرضين، صاحب صورة «خبري» الذي خرج من جسم إله، ومن أنجبه «بتاح تاتنن» سيد الأرضين (وسرماعت رع مري آمون) في حضرة (٤١) والده الذي خرج منه «تنن» والد الآلهة: إني ابنك، ولقد وضعتني على عرشك، في حين أنك أوصيت لي بحكمك، ولقد سويتني (٤٢) في صورة تشبهك؛ في حين أنك منحتني ما خلقت، وجعلتني السيد الأوحد كما كنت لتوطد مصر في (٤٣) حالتها الطبيعية، وإني أسوي الآلهة الذين خرجوا إلى الوجود من جسمك في صورهم وأجسامهم وألوانهم، وقد جهزت لهم (٤٤) مصر على حسب رغبتهم، وبنيتها ﺑ … … والمعابد.

وجعلت معابدك عظيمة على الجبل «سيد الحياة» (اسم لمدينة هابو) وأقمتها بكل عمل ممتاز (٤٥) فأبوابها كانت … من الذهب الجميل، والزخرف من كل حجر شريف غالٍ، وردهتها … مثل أفق «رع» مشرق (٤٦) … عند الفجر … الناس عند طلعتك … يفرحون بوجهك الجميل. وإني قد سويت صورك المقدسة (٤٧) التي تثوي في وسطها، وأمددتها بكهنة وخدم آلهة، وبعبيد وحقول وماشية (٤٨) مزيدًا بذلك القرب الإلهية، ومفعمها بالمؤن. وضاعفت لك الأعياد فضلًا عما كانت عليه من قبل لأجعل محرابك في عيد ثانية (٤٩) … لروحك، أما شحمها فقد وصل إلى عنان السماء، حتى إن الذين في السماء قد تسلموه … (٥٠) … الذي عملته لك … (٥١) … بنبات أخضر نضر … لك كل يوم. وقلبي يقدم (٥٢) … في قوتك أي وإنك في السماء وعلى الأرض، … (٥٣) وإنك تعطيني حكمًا رفيعًا وانتصارات عظيمة لساعدي، وعلى ذلك فإن كل البلاد تحت قدمي، ومصر … (٥٤) ملك الوجه القبلي والوجه البحري، سيد الأرضين، حاكم مصر العظيم، وسيد كل بلد أجنبي: (وسرماعت رع مري آمون) ابن «رع» من جسمه، محبوبه، سيد التيجان: «رعمسيس الثالث» معطي الحياة مثل «رع» أبديًّا.

(٣) أعمال «رعمسيس»

(٣-١) ورقة «هاريس» وقيمتها

خلف «رعمسيس الثالث» للتاريخ العالمي أهم إرث مدون بالقلم على القرطاس تركه ملك في تاريخ الشرق القديم، وهو ورقة «هاريس» الأولى العظيمة التي تحدثنا عن كل حياته من البداية إلى النهاية، وما قام به من أعمال عظيمة في ميادين السياسة والدين والاقتصاد والاجتماع؛ ولذلك آثرنا أن نضع أمام القارئ ترجمة كاملة لكل محتويات هذه الوثيقة الفذة، ثم نتناولها بعد ذلك بالتحليل والإيضاحات التي تكشف عن خبايا محتوياتها، وقد ظلت مغلقة أمام الباحثين الذين فحصوها حتى زمن قريب جدًّا مما أدى إلى فهم حالة البلاد في عصر الفرعون «رعمسيس الثالث» بصورة خاطئة لا يمكن تصورها، ولا أدل على ذلك مما كتبه الأستاذ «جاردنر» عن أهمية هذه الورقة وما أدى إليه سوء فهمها من التورط في أخطاء تاريخية مشينة وقع فيها كل من الأستاذين «برستد» و«إرمان» ولا تزال كتب التاريخ مشحونة٧٩ بها، وهاك نص ما قاله «جاردنر» في هذا الصدد:
ولقد كان الرأي الذي استقر عليه علماء الآثار منذ خمسة أعوام عن ورقة «هاريس الأولى»؛ النتائج التي وصل إليها في وقت واحد تقريبًا كل من الأستاذين «برستد»٨٠ و«إرمان» منذ ثلاثين سنة قبل هذا التاريخ، ولكن في عام ١٩٣٦ ظهر في عالم التأليف مقال عن محتويات هذه الورقة سقط كالقنبلة في وسط آرائنا المتفق عليها وهي التي كوَّناها عن هذه الورقة من قبل؛ وذلك أن كلًّا من «برستد» و«إرمان» قد استمسك برأيه، وهو أنه على الرغم من أن ورقة «هاريس» الأولى تذكر بصراحة الإنعامات والهبات التي أغدقها «رعمسيس الثالث» على معابد العواصم الكبيرة، وعلى معابد الأقاليم، فإن هباته المزعومة كانت تشمل كل ممتلكات المعابد السابقة، وأن الفرعون قد أقرَّ هذه الممتلكات القديمة، وبذلك ثبت دعواه بأنه هو المُنعم بها كلها.
وقد جاء المقال الذي كتبه الأثري «شادل»٨١ على العكس من ذلك مؤكدًا بصراحة من جديد الرأي الأول القائل بأن محتويات الورقة لا يتناول إلا الإضافات التي وهبها «رعمسيس الثالث» لضياع المعابد. وإذا كان هذا الرأي هو الصحيح فإن هذه الوثيقة لا يمكن أن تُستخدم بوجهة النظر التي استخدمها فيها كل من «برستد» و«إرمان» وهي تقدير مجموع ثروة الكهنة. وإني أرغب في أن أضع رأيي كتابة، وهو أن «شادل» قد برهن تمامًا على وجهة نظره، ولو نظرنا إلى الوراء فيما كُتب عن هذه الورقة لوجدنا أنه من الصعب علينا أن نتصور كيف أن الرأي المناقض لما قرره «شادل» قد بقي سائدًا مدة طويلة كهذه.
وعلى الرغم من ذلك نجد أن «شادل» نفسه في بعض تفاصيل هامة لم يكن في مقدوره أن يتخلص من أغلاط بينة شارك فيها سلفيه «برستد» و«إرمان»؛ وذلك أن أقسام الورقة الرئيسية تشمل فصلًا مخصصًا للهبات السنوية التي كانت تُقدم للمعابد من أتباعها خلال الإحدى والثلاثين سنة التي حكمها هذا الفرعون. والجزء الرئيسي من هذه الفصول يحتوي على مواد منفصلة — مثل المعادن والأدوات والحيوانات الخ — مشفوعة بأرقام تدل على المقادير والأعداد. وهذا الجزء الرئيسي مسبوق في أربع حالات من بين خمس بعنوان افتتاحي يختلف قليلًا في الشكل عن كل من هذه الحالات الأربع الأخرى. وهاك ترجمة لأكمل عنوان من بين هذه العناوين، وهو الذي يتصدر المواد في القسم المخصص لمدينة «طيبة»:٨٢
السلع والضرائب وإنتاج الناس، وكل التابعين لقصر الفرعون (وسرماعت رع مري آمون) في ضيعة «آمون»٨٣ في الأقاليم الجنوبية والشمالية التي تحت إدارة «رعمسيس الثالث» المتحد في السرور في ضيعة «آمون»٨٤ التابعة «لإبت» (الأقصر) ولمعبد «رعمسيس» حاكم «هيلوبوليس» في ضيعة «خنسو»٨٥ ولخمسة القطعان من الماشية التي حُفظت لأجل هذا البيت (أي كل ضيعة آمون ملك الآلهة) وهي التي (أي السلع والجزية والمحصول) وضعها الملك «وسرماعت رع» الإله الأكبر بمثابة هبة في خزائنهم ومخازنهم، وشون غلالهم منحة سنوية.٨٦
وإذا نظرنا إلى معالجة «إرمان» لهذا الموضوع وجدناها من الغرابة بمكان، إذ إنه لما فحص الأرقام المتصلة بالمواد المختلفة وجد أنها عالية، فقفز في استنباطه إلى أنها تمثل مجموع المنح التي قُدمت في خلال مدة حكم هذا الفرعون٨٧ كلها، وعلى ذلك قسمها واحدًا وثلاثين جزءًا؛ لكي يثبت متوسط الدخل السنوي.

وعلى أية حال فإن الأرقام التي حصل عليها بهذه الكيفية كانت منخفضة أكثر مما يجب أن يكون بالنسبة لإيرادات كل سنة، ولذلك نجد أن «إرمان» عاد فقال: إنها لم تكن الواردات السنوية الكاملة التي كان يؤتى بها من هذا المصدر، بل إنها ضرائب ثانوية فقط. ويكفي ما لخصناه هنا من هذا الطراز من البحث للكشف عن نقط الضعف التي تشوب البحوث السالفة. والواقع أنه في مقدورنا تقديم البراهين القوية لإظهار أن هذه الأرقام لا تضع أمامنا إلا الواردات السنوية لا وارد كل مدة حكم هذا الفرعون، ومن جهة أخرى نجد أن هذه الأرقام السنوية ليست في ذاتها عالية.

(أ) مقدمة

هذه لمحة عن أهمية هذه الورقة كما قدمها لنا الأستاذ «جاردنر». والآن سنتكلم عن الورقة نفسها، وعن المكان الذي وُجدت فيه، والظروف التي أحاطت بها. وكذلك سنذكر موجزًا بسيطًا عن محتوياتها حتى يتسنى للقارئ تتبع المتن الذي سنورده بعد.

إن الوثيقة التي نطلق عليها في أيامنا «ورقة هاريس» العظيمة، أو «ورقة هاريس» الأولى تُعد من أهم المصادر التاريخية في الأسرة العشرين؛ إذ الواقع أنها تلقي كثيرًا من الضوء على المسائل الاقتصادية والدينية الخاصة بهذا العصر، وكذلك توضح لنا نظام إدارة المعابد، والأحداث التاريخية بصورة جلية، وقد كتب عنها الباحثون على مختلف أنواعهم؛ فتناولوا كل المتن أو بعضه، كلٌّ على حسب ميوله.

وقد كان أهم موضوع فيها قتله الأثريون والمؤرخون فحصًا واستقصاء هو الجزء الخاص بملخص تاريخ هذه الفترة، وقد أظهر الباحثون في بحثه براعة حتى أصبح وليس فيه زيادة لمستزيد.

وقد كُتبت هذه الورقة بخط غاية في الوضوح؛ مما جعلها من هذه الناحية تمتاز على أترابها في جودة الخط وحسن تنسيقه، من بين ما نشاهده في الأوراق المخطوطة بالخط الهيراطيقي في عصر «الرعامسة». وقد ذكر لنا الأستاذ «إرمان» عدد الكتاب الذين اشتركوا في تدوينها، وأظهر أن المتن قد أُلف من عدة أجزاء رُكبت معًا في وثيقة واحدة يبلغ طولها أربعين مترًا وخمسة سنتيمترات، وعرضها اثنين وأربعين سنتيمترًا ونصف سنتيمتر. وقد قطعها مشتريها المستر «هاريس» تسعًا وسبعين صفحة، ونشرها الأثري «برش» الأمين «بالمتحف البريطاني». ومن ثم أصبح يُشار إلى صحائفها بهذه الكيفية.

(ب) المكان الذي وُجدت فيه هذه الورقة

عُثر على هذه الورقة عام ١٨٥٥ ميلادية مع أربع إضمامات أخرى من البردي في مكان ما بالقرب من معبد «الدير البحري». وقد وصلت إلى يد أحد تجار الآثار في نفس الوقت، واشتراها منه في العام نفسه المستر «هاريس» الإنجليزي الأصل، وأول مذكرة وصلتنا عن هذه الورقة كانت عام ١٨٥٨م؛ أي بعد بيعها بثلاث سنوات.

والواقع أنه منذ أن كتب الأستاذ «إرمان» مقاله الممتع عن «ورقة هاريس» نجد أنه ظهرت كتابات عن المكان الذي وُجدت فيه هذه الورقة تدل على سوء فهم، حتى أصبح لا يمكن الأخذ بما جاء فيها؛ ولذلك يجب فحص المكان الذي وُجدت فيه الورقة على ضوء المعلومات التي وصلت إلينا عنه.

والمعلومات المكتوبة التي في متناولنا عن هذه الورقة يظهر أنها تنحصر في المذكرة التي كُتبت عنها عام ١٨٥٨م، أي بعد ثلاث سنين من شرائها. وقد نشر بعضها أو كلها الأثري «برش» عام ١٨٧٦م عندما نشر محتويات الورقة في مجلد ضخم. ومما يؤسف له جد الأسف أن الأثري «استروف» الروسي لم يفهم كنه هذا التقرير الذي كتبه «برش» وهو في مجموعه يتفق مع ما كتبه «أيزنهاور» عام ١٨٧٢؛ وقد كتب الأخير ترجمته بالألمانية فقط، ولما لم يكن في متناولنا أحسن من هذا المختصر فإنا سنضعه أمام القارئ ببعض التصرف كما يقول «بورخارت»:٨٨

يقع المكان الذي وُجدت فيه هذه الورقة خلف معبد مدينة «هابو» في الوادي المؤدي إلى «دير المدينة» على مسافة خمس وعشرين ومائتي خطوة على التل الواقع في الركن الشمالي الشرقي من سور معبد «دير المدينة»، وعند سفح التل الجنوبي للوادي على مسافة عشرين قدمًا من سطح الأرض توجد حفرة في الصخر مملوءة بالموميات، غير أنها لم تكن قد فُتحت للمرة الأولى كما تدل شواهد الأحوال؛ إذ كانت الموميات قد مُزقت في الأزمان القديمة إربًا إربًا. وقد وُجد في هذه الحفرة تحت هذه الموميات الممزقة ثغرة صغيرة في الصخر تشمل إضمامات من البردي موضوعة معًا. وقد كانت هذه الثغرة مغطاة بقطع الخزف المختلطة بالطين والأتربة. ولم يوجد في الحفرة إلا بعض ملابس الموميات وعظامها. وهذا المكان — على ما يظهر — لا بد أنه كانت قد أُقيمت فيه مقابر خشنة الصنع، غير أنها قد هُدِّمت ولم يوجد ما يدل عليها غير لبنة واحدة مختومة.

ويتساءل الإنسان: هل كُتب هذا التقرير في نفس المكان الذي وُجدت فيه هذه البردية وغيرها؟ أم كُتب بعد ثلاثة أعوام في الإسكندرية في مسكن المستر «هاريس» أي عندما اشترى هذه الأوراق؟ ويُخيل للباحث أن المعلومات التي جاءت في هذا التقرير تدل على أن التقرير قد وُجد في نفس المكان الذي وُجدت فيه هذه الأوراق؛ لما جاء فيه من دقة الملاحظة وتحديد المسافات.

ويدل الموقع الطبوغرافي الذي وُصف في التقرير على أن هذا المكان يقع في الجنوب والجنوب الغربي بين المقابر التي في الوادي الذي يقع فيه «دير المدينة»، أو في أحد المنازل التي كانت تُبنى باللبن في «قرية العمال» المعروفة وقتئذ. وهذه المنازل التي كان يسكنها الموظفون أو العمال التي كانت تُستعمل فيما بعد للدفن بالجملة، وقد كانت تُحفظ في مثل هذه البيوت الأوراق التي يملكها السكان الأقدمون كالوثائق الخاصة بسرقة المقابر وغيرها، ومن بين هذه ورقة «رعمسيس الثالث» المعروفة ﺑ «ورقة هاريس». وعلى ذلك فليس هناك ما يدعو إلى عدم إمكان وجود أوراق مثل هذه في هذا المكان.

والسؤال الثاني هو: من الذي أمر بتأليف ورقة «رعمسيس الثالث» الكبيرة المعروفة بورقة «هاريس» الأولى؟

وقد أجاب على هذا السؤال الأستاذ «إرمان» بقوله: إنها كتبت بعد موت «رعمسيس الثالث» وأُرخت بيوم وفاته. أما «استروف» فيقول: إنها كُتبت في عهد «رعمسيس الرابع»٨٩ لمعاضدة الكهنة. ويقول «شرني»: إن هذه الورقة قد كُتبت بخطوط مختلفة؛ مما يدل على أنها لم تُكتب كلها في تاريخ واحد.٩٠ أما «بوخارت» فله رأي مغاير لكل من سبقوه؛ إذ يقول: إن هؤلاء الباحثين — على ما يظهر — قد غاب عنهم شيء صغير يحتاج إلى دقة ملاحظة، وذلك أن تاريخ الورقة قد وُضع بعد الفراغ من كتابة أجزائها المختلفة؛ إذ يُلاحظ في الجزء الأول من الصفحة الأولى بوضوح أن التاريخ الذي كان سيُوضع للورقة عامة لم يكن محددًا؛ ولذلك تُركت له مسافة كبيرة خالية، فكان يُحتمل أن يكون اليوم التاسع والعشرين من الشهر، وعلى ذلك كان من الضروري أن يشغل حيزًا كبيرًا، فتُرك له — على هذا الزعم — مسافة كبيرة. ولكن وجدنا أن التاريخ الذي استقر عليه الرأي نهائيًّا لم يشغل الحيز الذي تُرك لتدوينه فيه، وكان صغيرًا وتُرك الباقي خاليًا (انظر فصل أعمال رعمسيس)، فإذا كانت نسخة الوثيقة النهائية قد بُدئ في كتابتها بعد موت «رعمسيس الثالث» كما يظن البعض فإنه لم يكن هناك داعٍ لترك مسافة أكبر من اللازم لوضع التاريخ فيها.
وتدل شواهد الأحوال على أن النسخة النهائية لهذه الوثيقة قد بُدئ في كتابتها في مرض الفرعون الأخير، وأن هذا التاريخ الذي على الصفحة الأولى هو يوم وفاته، وقد وُضع بعد مماته مباشرة. أما الأجزاء المكتوبة بخط مغاير — وهي التي يُشاهد فيها «رعمسيس الثالث» يدعو الآلهة من أجل خلفه «رعمسيس الرابع» — فمن الجائز أنها تكون قد كُتبت في عيده الثلاثيني عندما كان ابنه يُشاركه فعلًا في حكم البلاد.٩١

(ﺟ) محتويات ورقة «هاريس»

تتألف ورقة «هاريس» من مقدمة، ثم الكلام عن «طيبة» ومعابدها الخاصة بالإله «آمون»، ثم عن «هليوبوليس» ومعابدها الخاصة بالإله «رع»، و«منف» ومعابدها الخاصة بالإله «بتاح». وأخيرًا المعابد الصغيرة المختلفة، ثم ملخص. وتُختم الورقة بالجزء التاريخي الخاص بالأحداث العظيمة التي وقعت في عهد الفرعون «رعمسيس الثالث». وسنتبع في ترجمة هذه الوثيقة الطبعة التي نشرها حديثًا «إركسن».٩٢

صفحة ١

مقدمة

(١) السنة الثانية والثلاثون، الشهر الثالث من فصل الصيف، اليوم السادس في عهد جلالة ملك الوجه القبلي والوجه البحري «وسرماعت رع مري آمون» له الحياة والفلاح والصحة ابن «رع» «رعمسيس حق اون» (حاكم «هليوبوليس») له الحياة والفلاح والصحة — محبوب كل الآلهة والإلهات. (٢) الملك المشرق في التاج الأبيض مثل «أوزير» الحاكم، مضيء العالم السفلي مثل «آتوم» سيد عرش البيت العظيم في قلب الأرض المقدسة (الجبانة)، المخترق الأبدية بوصفه ملك العالم السفلي، ملك الوجه القبلي والوجه البحري «وسرماعت رع مري آمون» ابن «رع» «رعمسيس» حاكم «هيلوبوليس» الإله العظيم يقول (٣) مادحًا ومتعبدًا ومثنيًا على النعم، والأعمال الجليلة العدة التي عملها بوصفه ملكًا على الأرض وهي:
  • آلهة طيبة: بيت والده الفاخر «آمون رع» ملك الآلهة و«موت» (٤) و«خنسو» وكل آلهة «طيبة».
  • آلهة «هليوبوليس»: بيت والده الفاخر «آتوم» رب الأرضين الهليوبوليتي و«رع حوراختي» والإلهة «أوس عاست» سيدة «حتب» وكل آلهة «عين شمس».
  • آلهة «منف»: بيت والده الفاخر «بتاح» (٥) العظيم القاطن جنوبي جداره رب «عنخ تاوي»، و«سخمت» العظيمة محبوبة «بتاح» و«نفرتم» حامي الأرضين، وكل آلهة «منف».
  • كل الآلهة: والآلهة الأجلاء، وكل آلهة وإلهات الجنوب والشمال (٦).
  • الناس: وكذلك كل الإنعامات الجميلة التي عملها لأهل أرض مصر، وكل بلاد ليجمعهم معًا ليخبروا الآباء (٧) كل آلهة وإلهات الجنوب والشمال، وكل القوم من أغنياء وعامة وأهل الشمس (البشر) بالإنعامات العدة والأعمال العظيمة الكثيرة (٨) التي قام بها على الأرض عندما كان حاكمًا عظيمًا على مصر.

هذه المقدمة تشمل رءوس الفقرات الخمس التي تتألف منها هذه الورقة، وبعبارة أخرى تلخص لنا هذه المقدمة الأعمال الجليلة التي أسداها «رعمسيس» لكل من الآلهة الثلاثة العظام وأسرهم الذين كانت عبادتهم سائدة في طول البلاد وعرضها. وقد ذكرهم على حسب مكانتهم، فابتدأ بالإله «آمون» رب «طيبة» وكان أعظم الآلهة شأنًا في مصر وإمبراطوريتها، وذكر معه زوجه «موت» وابنه «خنسو» ومن هؤلاء الثلاثة يتألف ثالوث «طيبة».

ثم ذكر الإله «آتوم» رب «هليوبوليس» وهو أقدم آلهة هذه الجهة، وشفعه بالإله «حوراختي» ثم الإلهة «أوس ساعت» سيدة «حتب» (واللفظة الأخيرة «حتب» تدل على مكان في هليوبوليس) والإلهة «أوس عاست» قد تعني هنا الإلهة «حتحور» ومن هؤلاء الآلهة الثلاثة يتألف ثالوث «عين شمس».

وتذكر لنا المقدمة بعد ذلك بيت الإله «بتاح» العظيم القاطن جنوبي جداره — أي جنوبي معبده القائم في «منف» — ومعه زوجه «سخمت» إلهة القوة والحرب وابنها «نفرتم» ومن هؤلاء يتألف ثالوث «منف» العظيم.

ثم يذكر لنا «رعمسيس» ما قام به من أعمال عظيمة للآلهة الآخرين في شمال البلاد وجنوبها، وكذلك ما أسداه للبلاد الأخرى من إنعامات عديدة، وأعمال جليلة ليكون ذلك بمثابة شاهد عدل على حسن صنيعه وجميل صفاته، عندما كان حاكمًا على الأرض مدة حكمه التي دامت اثنين وثلاثين عامًا.

وهكذا نرى من هذه المقدمة أن «رعمسيس الثالث» كان حريصًا كل الحرص على تخليد حسن الأحدوثة والسمعة الطيبة في الحياة الدنيا والآخرة، فكان يحرص على أن يكون مضيئًا مثل إله الشمس «آتوم» في العالم السفلي عندما كان يخترقه مثله كل يوم عند الغروب ليعود إلى الحياة الدنيا ويشرق عليها، ويرى عن كثب ما تركه من أعمال جليلة للآلهة والناس أجمعين.

القسم الخاص «بطيبة»

  • مقدمة: يجب علينا قبل ترجمة القسم الخاص بمعابد الآلهة الثلاثة وهم: «آمون» و«رع» و«بتاح» في ورقة «هاريس» أن نتحقق من أسماء المعابد التي أضافها «رعمسيس الثالث»، وبذلك يمكن فصل الأملاك المستجدة في عهد هذا الفرعون من الأملاك القديمة التي كانت تملكها الآلهة قبل عهده، وبهذه الكيفية يمكننا أن نصل إلى تكوين صورة واضحة عن الزيادة في الأوقاف والمباني التي أقامها ووهبها هذا الفرعون كهنة كل إله من هذه الآلهة الثلاثة، وسنبدأ بالمعابد التي زادها «رعمسيس الثالث» لآلهة «طيبة» وبخاصة الإله «آمون رع».

    ولا نزاع في أن المواد الأثرية التي كُشفت حتى الآن قد سهلت علينا تحديد المعابد التي أضافها «رعمسيس الثالث» للإله «آمون» وأسرته كما جاءت في ورقة «هاريس» (راجع ورقة هاريس من ص٣–٢٢).

    وقد جاء ذكر المعابد الطيبية وأسمائها في ثلاثة مواضع مختلفة من هذه الورقة وهي:
    • (١) المقدمة: ص٣ سطر٩.
    • (٢) القائمة الأولى: ص١٠ سطر١١.
    • (٣) القائمة الثانية: ص١٢أ، ١٢ب.
    وقد ناقش الأستاذ «برستد» هذا الموضوع،٩٣ وبدأ كلامه بقوله: إن القائمة الأولى والمقدمة يحتوي كل منهما على ممتلكات الإله «آمون»، وأنها ليست مجرد أوقاف جديدة، وعلى هذا الأساس بدأ يفحص محتويات هذا الجزء من الورقة عن أسماء المعابد الكبيرة المعروفة، وقد جمع أسماء المعابد المذكورة فيه،٩٤ وقال: إن معبد «آمون» الكبير هو — «وسرماعت رع» محبوب «آمون» في ضيعة «آمون» — قد جاء ذكره بهذا الاسم (راجع «هاريس» ٥–٧) في حين أن معبد الأقصر الخاص بالإله «آمون» لم يُذكر، ويقول كذلك إنه قد ذُكر في القائمة الأولى معبد الأقصر باسم معبد «رعمسيس الثالث» في ضيعة «آمون» (راجع هاريس ١٠–٥)؛ وعلى ذلك لا يكون لمعبد آمون الكبير — أي معبد الدولة — عبيد كما يعتقد «برستد»،٩٥ وأن عبيده كانوا ضمن عبيد معبد مدينة «هابو» الذي أقامه «رعمسيس الثالث». ولكن لا يكاد يوجد لدينا أي سبب يخول ذكر معبد صغير كالذي جاء ذكره في «هاريس» ص١٠–٦، وينفرد بالذكر مع العلم بأن الرعايا التابعين لخدمته لا يزيدون على تسع وسبعين نسمة. والواقع أن هذا المعبد كما سنرى بعد «لرعمسيس الثالث» وقد أقامه في الأقصر.
    ويدل ما جاء في ورقة «فلبور» على أن معبد الكرنك من عهد الفرعون «رعمسيس الخامس» كانت أملاكه مستقلة تحت إدارة منفردة؛ ولذلك يقول الأستاذ «جاردنر» الذي فحص هذه الورقة: إنه لمن الأمور الهامة جدًّا أن يجد الإنسان معبد «الكرنك» يلعب دورًا بارزًا بوصفه مؤسسة تملك أطيانًا خاصة قائمة بذاتها تمتد شمالًا حتى جوار «أهناسية» المدينة وبخاصة عندما نعرف أن «برستد» قد طلع علينا بالنظرية القائلة إنه في عهد «رعمسيس الثالث» كانت أملاك وإدارة معبد «الكرنك» مختلطة بأملاك وإدارة معبد الفرعون نفسه في مدينة «هابو». وهذا الاستنباط مما جاء في ورقة هاريس قد عارضه «شادل» منذ بضع سنوات مضت، غير أن البراهين التي دلل بها «شادل» ضئيلة، وإنه لمن المهم أن يكون في استطاعتنا أن نعضد رأي «شادل» بمادة جديدة (راجع Gardiner Wilbour Pap. II, p. 11).
    وكذلك نلحظ أن «برستد» لا يفرق بين اسم الملك وبين لقبه عند استعمالهما في أسماء المعابد، فنجده مثلًا يسمي معبد «الكرنك» الصغير مرة باسم «معبد رعمسيس الثالث في ضيعة آمون»،٩٦ ومرة أخرى يسميه «معبد وسرماعت رع محبوب آمون في ضيعة آمون».٩٧

    والواقع أن هذا الاستعمال خاطئ، ولا بد من ملاحظة الفرق بين استعمال اسم «رعمسيس الثالث» واستعمال لقبه في مسميات المعابد، فالمعبد المسمى باسمه لا يدل إلا على اسم المعبد المسمى به، والمعبد المسمى بلقبه لا يدل إلا على اسم المعبد المسمى بلقبه وحسب. وعلى هذا الأساس يمكن تمييز أسماء المعابد بسهولة، وكذلك يمكن استخلاص نتيجة من الأجزاء الثلاثة التي يحتويها القسم الخاص «بطيبة» في ورقة «هاريس» وهي التي ذُكر فيها أسماء معابد «آمون» على مختلف أنواعها، وبهذه الكيفية يمكننا الوصول إلى أن ما استنبطه الأستاذ «برستد» عن أسماء المعابد خاطئ من أساسه.

    ولكن الأستاذ «جاردنر»٩٨ قد ذكر لنا أنه في النقوش الداخلية في معبد مدينة «هابو» يُوجد اسم حصن على الحدود الغربية أقامه «رعمسيس الثالث» للدفاع عن البلاد من هجمات اللوبيين، وقد كُتب اسم هذا الحصن في مكانين مختلفين، فكُتب في إحداهما باسم «رعمسيس الثالث» وفي الآخر بلقبه «وسرماعت رع محبوب آمون»، وهذا يناقض الرأي الذي أدلى به «شادل» لأول وهلة، أي إن كلًّا منهما لا بد أنه يطلق على مكان خاص به، ولا نزاع في أنه يبدو من الصعب وجود حل لهذه الظاهرة، وعلى ذلك لا بد أن يفرض الإنسان في هذه الحالة أن اسم الحصن قد تغير بتغير الظروف كما يحدث في أيامنا هذه.
    والواقع على ما يظهر أن اسم الحصن كان يُسمى في نهاية الانتصار الذي أحرزه «رعمسيس الثالث» في حروبه الأولى مع لوبيا «بلدة «وسرماعت» رع محبوب «آمون» الذي صد اللوبيين». وقد ظن «برستد» بحق أن هذا الحصن قد أُقيم في نهاية هذه الحروب الأولى ليكون حماية للبلاد المصرية،٩٩ ولكن لدينا صورة أخرى عن الحروب الثانية التي شنها هذا الفرعون على اللوبيين في السنة الحادية عشرة من حكمه أيضًا ويظهر فيها هذا الفرعون في ساحة القتال في موقعة وقعت بين حصنين، واحد منهما يُدعى «وسرماعت رع محبوب آمون» وفُسر بأنه هو المكان الذي يقع على قرن تل الأرض.
    هذا ونشاهد أخيرًا اسم نفس هذا المكان مرة أخرى، ويمثل الحروب التي وقعت أمام الحصن، واسمه هو «رعمسيس الثالث» وهو المكان الذي على تل قرن الأرض. وقد كُتب نفس الاسم على نفس الصورة، غير أن النقوش مهشمة بعض الشيء، وقد رسم «شادل» قطاعًا لمعبد مدينة «هابو» وبيَّن عليه الأماكن التي كُتب عليها اسم هذا الحصن مكررًا ثلاث مرات. ولا نزاع في أن الاسم الأصلي لهذا الحصن هو: «وسرماعت رع مري آمون» أي الاسم الذي ذُكر في حروب «رعمسيس الثالث» الأولى مع اللوبيين، وعندما أريد نقش الجانب الداخلي من البوابة الأولى كانت الحامية لا تزال تحمل اسمها القديم، وفيما بعد عندما أُريد نقش الجدار الشمالي الواقع بين البوابتين في مدينة «هابو» كان قد فكر في تغيير اسم هذا الحصن وقد حدث فعلًا. وإذا كان هذا الجزء الأخير من المعبد هو آخر جزء زُين فيه فإن ذلك يؤيد الرأي القائل بأن الحروب السورية التي وقعت بين مصر والآسيويين قد جاءت بعد الحروب التي شنها «رعمسيس الثالث» على اللوبيين في السنة الحادية عشرة من حكمه؛ وذلك لأننا لا نرى في داخل الردهة الأولى من معبد مدينة «هابو» إلا صور الحروب اللوبية الثانية. وقد أدلى الأستاذ «برستد» بهذا الرأي (راجع Br. A. R. IV, § 133)، وهو رأي صائب، ولكن من جهة أخرى يجد المؤرخ صعوبة في تعليل مثل هذه التغيرات في كتابة اسم هذا الحصن. ويقول «شادل» في تعليل ذلك (راجع Schaedel, Ibid p. 19) أنه قد ذكر «ورقة هاريس» (في ﻫ٥١ (أ) سطر ٥) اسم مكان يقع على الشاطئ الغربي للنيل على مقربة من «نقراش» وهو بناء جديد أقامه «رعمسيس الثالث» على ما يظهر بعد السنة العاشرة من حكمه في وقت السلم، وقد سُمي هذا المكان بلقب الفرعون «وسرماعت رع مري آمون» مما جعله يختلط باسم الحصن الواقع على الحدود الغربية السالف الذكر؛ ولذلك فإنه تحاشيًا لذلك غير اسم الحصن وجعله باسمه «رعمسيس الثالث» لا بلقبه كما كان من قبل.
    والواقع الذي لا مراء فيه أن هذا التغيير قد حدث في الوقت الذي كان يُنقش الجانب الداخلي من البوابة الأولى — أي الاسم الثاني — والجدار الخارجي الشمالي؛ وذلك لأنه لا يعقل أن مكانًا واحدًا يمكن أن يكون له اسمان في وقت واحد، ويعتقد «جاردنر» (JEA, v, P. 197) أن اسم المكان المركب من لقب «رعمسيس الثاني»: «وسرماعت رع ستبن رع» يُحتمل أن يكون هو اسم مقر الرعامسة: «بررعمسيس مري آمون» غير أن البراهين المثبتة لذلك ليست مشجعة على استنباط مثل هذه النتيجة لتغير الاسمين في الشكل كما ذكرت من قبل. ففي ورقة «انستاسي» رقم ٨ يوجد اسم مكان مكتوب بالاسم الأول «لرعمسيس الثاني» (Ibid No. 34)، وكذلك كُتب اسم مكان آخر بلقبه (أو اسمه الثاني) (راجع Ibid No. 35)، ولا يمكن أن يكون الاسم في الحالتين واحدًا؛ ولذلك يظن «شادل» أن الاسم الثاني وهو «وسرماعت رع ستبن رع مري آمون» اسم قلعة أقامها «رعمسيس الثاني» بالقرب من العاصمة.
    وفيما يلي سلسلة أسماء المعابد التي ذُكرت في مقدمة «ورقة هاريس» خاصة بالإله «آمون» وأسرته:
    • (١) معبد ملايين السنين السامي: وهو الاسم الذي يُطلق على معبد «رعمسيس الثالث» الجنازي في مدينة «هابو» والقصر التابع له (راجع ﻫ/١١ / ٤ الخ)، وقد كُتب اسم هذا المعبد في مرسوم الأوقاف في مقدمة تقويم الأعياد المنقوش على جدران معبد مدينة «هابو» بصورة مفصلة هكذا:
      معبد ملايين السنين لملك الوجهين القبلي والبحري «وسرماعت رع مري آمون» الموحد مع الأبدية في ضيعة «آمون» (راجع Mdeinet Habu 140, Festkalender 55, 56).

      وهذا ينطبق على الاسم الذي جاء في ورقة «هاريس» (ﻫ/٣ / ١٠) وهو معبد ملك الوجهين القبلي والبحري «وسرماعت رع مري آمون في ضيعة آمون».

      وقد بقي اسم معبد «مدينة هابو» يُذكر حتى نهاية الأسرة العشرين؛ فنجده في ورقة «أبوت» التي دُونت في السنة السادسة عشرة من حكم «رعمسيس التاسع»، ففي هذا المتن نجد رعايا من معبد مدينة «هابو» مذكورين وكانوا تحت سلطان الكاهن الأكبر «لآمون» المسمى «امنحتب» (راجع Abbot, 4, 13, 14)، وإذا قرنا ما جاء في هذه الورقة بما جاء في ورقة «هاريس» (ﻫ/٣ / ١٠) نجد أن الإدارة قد تغيرت؛ وذلك أنه في عهد «رعمسيس الثالث» كان معبده الجنازي ضمن إدارة ممتلكاته تحت سلطان جماعة من كبار الموظفين. ويرى «شادل» أنه بعد وفاة «رعمسيس الثالث» كانت إدارة كل من معبد «رعمسيس الثالث» الجنازي في مدينة «هابو» ومعبد «آمون» العظيم تحت إدارة واحدة عامة (Schaedel Ibid p. 22) كما كان معبد الأقصر الصغير (ﻫ/٦ / ١٠) منذ البداية تحت إدارة الكاهن الأكبر «لآمون». والواقع أن مركز إدارة جبانة «طيبة» كان في نهاية الأسرة العشرين في معبد مدينة «هابو» كما يظهر ذلك من ورقة سرقة المقابر (راجع Peet, The Great Tomb Robberies of the Twentieth Dy. I, p. 37).
      ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن التعبير «ملايين السنين» الذي استُعمل في اسم معبد مدينة «هابو» (ﻫ/١١ / ٣) كان يستعمله المصري صفة لكل المعابد الجنازية الملكية المقامة على الضفة اليمنى للنيل (راجع Schaedel, Ibid p. 22).
    • (٢) معبد «رعمسيس الثالث» في ضيعة «آمون»: وهذا الاسم يُطلق على المعبد الصغير الذي أقامه «رعمسيس الثالث» في الكرنك. وقد اعتقد الأستاذ «برستد» أن اسم المعبدين الكبير والصغير واحد (Br. A. RIV, § 195 Note A)، غير أن هذا الرأي خاطئ؛ لأنه ذُكر في ورقة «هاريس» (ﻫ/٧ / ٥) باسم «وسرماعت رع مري آمون» وليس كما ذُكر هنا باسم «معبد رعمسيس الثالث في ضيعة آمون»، يُضاف إلى ذلك أن ورقة «هاريس» تذكر صراحة (ﻫ/٤ / ٥) أن «معبد رعمسيس الثالث في ضيعة آمون» في مدينتك «طيبة» المقابل لردهتك يا رب الآلهة، أي إن هذا المبنى يقع بالقرب من معبد الكرنك الكبير، وقد ذُكر اسم هذا المعبد في ورقة «هاريس» بهذا الاسم (راجع ﻫ/١٠ / ٥، ١٢ (١) ٢).
    • (٣) معبد «رعمسيس الثالث» الذي يتحد مع السرور في الكرنك (ﻫ/٦/٥ الخ): هذا معبد صغير أقامه «رعمسيس الثالث» في «الأقصر» ويتضح هذا من فحص الفقرة التي ذُكر فيها، فقد جاء بعد هذا الاسم ما يأتي:

      لقد جعلت الأقصر في عيد لك بالآثار العظيمة، فقد أقمت لك هناك معبدًا مثل مقام رب الكل.

      ويتضح من ذلك بطبيعة الحال أن الملك يشير هنا إلى إقامة مبنى جديد للإله «آمون». والجزء الأول من الجملة السابقة يدل على أن لها علاقات بمد أجل عيد الأقصر «أبت». والواقع أنه قد جاء صراحة في ورقة «هاريس» (ﻫ/١٧ (١)/٥) أن «رعمسيس الثالث» قد مد عيد الأقصر إلى سبعة عشر يومًا، وهذا العيد الذي كان يقتصر في عهد «تحتمس الثالث» على أحد عشر يومًا فقط قد زيد في مدة انعقاده عدة مرات (راجع Wolf, Das School Fest Von opet Leipzig (1931) p. 71). هذا ولدينا عن صحة اسم هذا المعبد شاهد آخر؛ إذ قد عُثر على لوحة «لرعمسيس الثالث» في معبد الأقصر الكبير استُعملت في الأزمان المتأخرة سنادًا لتمثال «رعمسيس الثاني» (راجع Rec. Trav. 16 p. 55 f) وكان يُسمى عليها هذا المعبد في متن مهشم:

      (الملك) … الذي ضاعف قربانه في الأقصر … … والذي أقام بيتًا في الأقصر على يمين والده «آمون رع» السامي الذي يسيطر على حريمه لأنه يأوي إليه كل عشرة أيام … (ويسمى هنا العيد) … وهو مكان لذهاب سيد الآلهة لعيد الأقصر الجميل.

      وفي هذا المتن — على ما يظهر — برهان على وجود هذا المعبد في الأقصر. ومن الغريب أن «برستد» قد ذكر لنا هذه اللوحة (Br. A. R. IV. § 176) ويقول: إن «رعمسيس الثالث» قد بنى محرابًا على جانب النهر في معبد الأقصر غير أنه مع ذلك لم يستنبط أن المبنى الذي ذكره في ورقة «هاريس» هو هذا المحراب. ولا نزاع في أنه كان «لرعمسيس الثالث» نشاط هندسي في معبد الأقصر يدل على ذلك نقش تركه لنا يتحدث فيه عن تجديد مبانٍ وقد نقشه على الجدار الخارجي خلف معبد الأقصر وهذا النقش هو:

      تجديد الأثر الذي عمله «رعمسيس الثالث» في معبد والده «آمون رع».

      وتدل شواهد الأحوال على أن المبنى الذي نتحدث عنه هنا يقع بين الردهة الأمامية وبين النيل حيث نجد مكانه في أيامنا بقايا سوق رومانية. ومن المحتمل أن فكرة مد أجل عيد الأقصر على يد «رعمسيس الثالث» كانت بمناسبة إقامة هذا المعبد الصغير. ومن الطريف أن معبد «رعمسيس الثالث» في «الأقصر» له اسم يشبه في تركيبه اسم المعبد الصغير الذي نحن بصدده الآن، وهو «معبد رعمسيس الثالث الذي وحد بالأبدية».١٠٠ ولا غرابة في ذلك فإن «رعمسيس الثالث» كان يقلد سلفه «رعمسيس الثالث» في كل شيء.

      وأمام كل هذه البراهين الواضحة عن موقع هذا المعبد نرى أن إضافة عبارة «إبت أسوت» (الكرنك) (ﻫ/٧ / ٥) إلى اسم المعبد لا تغير شيئًا؛ إذ الواقع أن أولئك الذين بحثوا هذا الموضوع من قبل قد تعثروا في فهم هذه النقطة بدون سبب ظاهر فنجد مثلًا أن الأستاذ «برستد» قد وحد هذا المعبد بالمعبد الذي يليه، وهو الذي أقامه «رعمسيس الثالث» بجوار معبد الإلهة «موت»؛ ولذلك نجده يقول في المقدمة التي كتبها عن ورقة «هاريس»: إن معبد الأقصر لم يُذكر، ومع ذلك نجده في القائمة الأولى (ﻫ/٥ / ١٠)، وأن معبد «رعمسيس الثالث» في ضيعة «آمون» يقصد به معبد الأقصر. وهذا كلام مضلل، فيجب علينا ما دمنا نجد انسجامًا في الموضوع أن نعترف بأن الاسم الذي جاء في المقدمتين الأولى والثانية من ورقة «هاريس» هو لمعبد واحد.

      ولا بد أن نعلن هنا في صراحة أن صورة «آمون» صاحب «الكرنك» هي التي كانت تُحمل سنويًّا إلى «الأقصر» لزيارة المعبد. وعلى ذلك فليس في وضع هذا الاسم بهذه الكيفية أي حرج.

    • (٤) معبد «وسرماعت رع مري آمون» في ضيعة آمون: هذا بلا شك هو اسم المعبد الصغير الذي أقامه «رعمسيس الثالث» في معبد الإلهة «موت» «بالكرنك». وبالجملة الخاصة بهذا المعبد التي ذُكرت في ورقة «هاريس» (ﻫ/٧ / ٥) تدل على ذلك صراحة، وهي:

      لقد جددت مبانيك في طيبة المنتصرة بفخامة، وهي مكان راحتك المحبوب بجانب ابنتك …

      أما قول «برستد» إن اسم هذا المعبد هو اسم معبد الدولة الكبير «بالكرنك»١٠١ فقول مردود؛ إذ في هذه الحالة يكون لمعبد الدولة العظيم من العبيد ٩٧٠ نسمة كما جاء في ورقة «هاريس» (ﻫ/٣ / ١٠) في حين أن معبد «رعمسيس الثالث» الجنازي في مدينة «هابو» يملك ٦٢٦٢٦ نسمة. وقد لاحظ «برستد» نفسه استحالة هذه النسبة، ولذلك يقول إن اسم المعبد الذي ذكر في ورقة «هاريس» (ﻫ/١٠ / ٤، ١٢أ/٢) هو «معبد رعمسيس مري آمون في ضيعة آمون» لا يُطلق على معبد «آمون» الكبير، بل على معبد «آمون» الصغير١٠٢ غير ملاحظ أنه في هذه الحالة يكون للمعبد اسمان مختلفان، وعلى ذلك فهو يرى أن معبد «آمون» الكبير لم يُذكر في قائمة «هاريس» الأولى، وأن عبيده قد أحصوا ضمن عبيد معبد مدينة «هابو».١٠٣
      ومما لا شك فيه أنه كان بجوار معبد مدينة «هابو» وبجوار معبد «الكرنك» الكبير في هذه الأوقات أملاك كبيرة، وبوجه خاص إدارة خاصة لتدبير أمرهما. ويمكن معرفة ذلك من تقويم الأعياد رقم (٥٨) بمدينة «هابو»١٠٤ حيث كان معبد مدينة «هابو» في الأصل يعد مصدرًا للغلال الضرورية وقد تلاشى هذا الاسم فيما بعد، وأصبح يُدعى «ضيعة آمون رع ملك الآلهة».
      وعلى ذلك يكون لدينا إدارتان اقتصاديتان منفصلتان يورد إليهما القمح للأعياد، غير أن ذلك الرأي لا يمكن أن يكون على حسب ما زعمه «برستد» وهو أن عبيد المعبدين في القائمة الأولى كانوا منضمين معًا، في حين أنه كان لكل معبد إدارة خاصة ودخل خاص، كما كانت الحال بالتأكيد في أواخر عهد الأسرة العشرين.١٠٥ ومن المدهش أن الإنسان عندما يلقي نظرة على اسم «معبد رعمسيس» الصغير الواقع في الجنوب لا يجده في مكانه بالنسبة لترتيب متن المقدمة في القوائم (ﻫ/١٠ / ٤ ، ١٢أ/٢) في حين أنه ذُكر في القائمتين الأولى والثانية في المكان الثاني. وإذا ألقينا نظرة فاحصة على القائمة الأولى وجدنا أن المعابد لم تُرتب على حسب ضخامتها، ومن المحتمل جدًّا أن الكاتب قد عمل هذا التغيير على حسب اسم الفرعون ولقبه، فنجد أنه كُتب في رأس القائمة اسم معبد مدينة «هابو» وهو الذي ركبت عناصره باسم الملك «رعمسيس الثالث» ثم دُوِّن في القائمة في المكان الثاني المعابد التي رُكبت عناصرها بلقب هذا الفرعون وهو: «وسرماعت رع مري آمو»، وقد نتج عن ذلك أن المعبدين اللذين كُتبا باسم «رعمسيس الثالث» وهما اللذان يتبعهما القطعان المختلفة لم يُلاحظ في كتابتهما تبادل الاسمين لأسباب غامضة.
      ولن نكون بعيدين عن جادة الصواب إذا قلنا: إن هذا المعبد الذي أقامه «رعمسيس الثالث» في معبد «موت» «بالكرنك» قد أُهدي للإله «آمون» وقد هُشِّم تهشيمًا ذريعًا، ومع ذلك نجد في القطع المنقوشة الباقية ما يشير إلى أصله، فقد جاء على بعضها عن الملك ما يأتي: «الممتاز بالآثار، بالعمل الأبدي في معبد والده سيد الآلهة.»١٠٦
    • (٥) معبد الكرنك الكبير (ﻫ/٥ / ١٠–٧ / ١٢): إن الفقرتين المقتبستين هنا في ورقة «هاريس» قد فصل كل منهما عن الكلام السابق في البردية بمسافة. مما يدل على ابتداء كلام جديد هنا. ونجد مثل هذه المسافة في نهاية السطر الثالث من الصفحة الخامسة من الورقة، أي قبل ذكر المعابد الصغيرة.

      ولم يُذكر لنا — على ذلك — اسم لمعبد الدولة الكبير؛ وذلك لأن «رعمسيس الثالث» لم يُضِفْ إليه مباني جديدة عظيمة، وكل ما فعله في هذا المعبد تحسينات عدة، مثال ذلك إهداء محراب من قطعة واحدة من الجرانيت (ﻫ/١٠)، وألواح تذكارية من المعدن (ﻫ/٥ / ٦ الخ) وما أشبه ذلك. هذا بالإضافة إلى ضم الأوقاف التي ورثها المعبد من الملوك السابقين، وهذه الأوقاف كانت معلومة للكل، وبخاصة أن هذا المعبد كان أكبر المعابد — بقطع النظر عن معبد مدينة «هابو» — الذي كانت تتدفق عليه الأرزاق.

      ولا شك في أن الجملة التالية تشير — بلا نزاع — في ورقة «هاريس» (ﻫ/٦ / ٣) إلى «معبد الكرنك»:

      كل مرة تشرق فيها على عرشك الفاخر في الكرنك … …

      والأعمال التي قام بها «رعمسيس الثالث» في معبد الدولة «بالكرنك» هي:
      • (١) صورة «رعمسيس الثالث»: راكعًا ومعه أرواح مدينتي «ب» (بوتو) و«نخن» على جدران حجرة القربان في معبد «تحتمس الثالث» بالكرنك.١٠٧
      • (٢) وُجد في رقعة هذا المعبد صورة تمثل «رعمسيس الثالث» ومعه أسرى من اللوبيين.١٠٨
      • (٣) يُشاهد على الواجهة الشمالية من البوابة الثامنة بعض مناظر تمثل «رعمسيس الثالث» بصحبة الآلهة؛١٠٩ ففي منظر نشاهد «حور» و«تحوت» يطهرانه، وفي آخر يتوجه الإلهان «آتوم» و«رع»، وفي ثالث يقود الإلهان «خنسو» و«موت» إلى حضرة الإله «آمون رع» وإلهة.١١٠
      • (٤) وجد في ردهة المعبد قطعة من منشور «لآمون رعمسيس الثالث».١١١
      • (٥) وُجد في الردهة التي بين البوابة التاسعة والبوابة العاشرة في الجزء الغربي مسلة صغيرة «لرعمسيس الثالث».
      • (٦) أقام هذا الفرعون مبنًى بالقرب من الركن الشمالي الغربي من البوابة الثالثة.١١٢ وقد أشرنا فيما سبق إلى أنه تُوجد إدارة خاصة، وأملاك خاصة لمعبد الدولة لم تأتِ في ورقة «هاريس»، وأن هذه لم تكن من هبات «رعمسيس الثالث»، ولم يظهر اسمه في القائمة الأولى كذلك، ولا نجد فيها إلا الإنعامات الفعلية التي منحها هذا الفرعون.
    • (٦) معبد خنسو (ﻫ/٧ / ١٣): وقد ذُكر هذا البناء في ورقة «هاريس» كذلك في صفحة (١٠) سطر (١٣) وصفحة (١٢/أ) سطر (٣) باسم: «معبد رعمسيس في ضيعة خنسو».١١٣

      ومن المعلوم أن بناء هذا المعبد قد تم بعد موت «رعمسيس الثالث».

      وقد ذُكر في مقدمة الجزء الخاص «بطيبة»، ثم ذُكر في أملاك «آمون» بالوجه البحري (ﻫ/٨ / ٢، ١٢)؛ ففي السطر الخامس من الصفحة الثانية عشرة ذُكرت له ضيعة النبيذ (غذاء مصر)، وليس من الضروري أن نعترف هنا بأن المتن يشير إلى كرم كان ملكًا «لرعمسيس الثاني» ثم غيره «رعمسيس الثالث» باسمه، بل ينبغي أن نعلم هنا فقط أن «رعمسيس الثالث» قد أعاد ذرع أشجار الكروم من جديد، وجهزها، ونماها. ولا بد أن ذلك كان هو الواقع، وبخاصة عندما نعلم أن عهد الخراب الذي وقع بين الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين كان قد أتى على الأخضر واليابس، وفي هذه الحالة يجب علينا ألا نبحث عن ضيعة النبيذ هذه في قائمة الحدائق والخمائل التي ذُكرت في ورقة «هاريس» (ﻫ/١١ / ٦).

    وأخيرًا ذكرت لنا ورقة «هاريس» (ﻫ/٨ / ١٣، ٩ / ٣) معبدين في بلاد أجنبية أحدهما في «كنعان»، والآخر في «بلاد النوبة»، وقد أقيما للإله «آمون». ولكن يظهر أن «رعمسيس الثالث» قد استولى عليهما باسمه؛ ولذلك لم يظهرا في القائمة الأولى، حيث نجد أن كل ما جاء في الورقة ينحصر في المباني الجديدة التي أقامها هو باسمه، وقد ذكر «رعمسيس الثالث» التماثيل الجديدة التي أقامها في ورقة «هاريس» (ﻫ/٩ / ٤–٧)، والخاتمة (ﻫ/٩ / ٨-٩)، وينتهي هذا الجزء التقديمي، وبذلك أصبح لدينا صورة ظاهرة عن هذه المقدمة وهي:
    • (١) دعاء … هاريس ٣، ١–٣، ١١.
    • (٢) المعابد الطيبية … هاريس ٣، ١١–٨، ١.
    • (٣) ضياع الوجه البحري … هاريس ٨، ٢–٨، ١٢.
    • (٤) الأملاك في البلاد الأجنبية … هاريس ٨، ١٣–٩، ٣.
    • (٥) التماثيل … هاريس ٩، ٤–٩، ٧.
    • (٦) الجمل الختامية … هاريس ٩، ٨–٩.
    وفي القائمة الأولى نجد أن المباني التي قام بها «رعمسيس الثالث» قد ذكرت معًا (ﻫ/١٠، ٣–٦) ومعها القطعان التي أهداها «رعمسيس الثالث» (ﻫ/١٠، ٧–١١)، وكذلك ذُكرت مدينة «رعمسيس» (ﻫ/١٠–١٢)، وفي ختام هذه القائمة ذُكر معبد «خنسو» الذي لم يكن قد تم١١٤ بعد (ﻫ/١٠–١٣).

    أما القائمة الثانية فقد ذُكرت فيها المعابد التي أقامها «رعمسيس الثالث» كما جاء ذكرها بنفس التسلسل في القائمة الأولى.

    وما جاء في القائمة الأولى ينحصر في المباني الجديدة التي أقامها «رعمسيس الثالث» على حسب ما حققته البراهين الأثرية والمصادر اللغوية، وكذلك لم يُذكر في هذه المقدمة إلا المحاصيل الجديدة التي أهداها هذا الفرعون. وسنرى برهانًا أكيدًا عن عدد أتباع المعابد فيما بعد.

    ويمكن استخلاص النتائج الآتية من هذا الفصل:
    • (١) تدل المقدمة على توزيع جغرافي ظاهر لهذه المباني.
    • (٢) لم يُذكر إلا مباني «رعمسيس الثالث» الجديدة التي أقامها حقيقة، وهي التي ظهرت أسماؤها في القائمتين الأولى والثانية.
    • (٣) وقد ذُكرت في الأجزاء الثلاثة كلها المباني التالية «لرعمسيس الثالث» الخاصة «بطيبة» على حسب ترتيب القائمة الأولى، وهي:
      • (أ) معبد مدينة «هابو».
      • (ب) معبد «رعمسيس الثالث» في معبد الإلهة «موت».
      • (جـ) معبد «الكرنك» الصغير.
      • (د) معبد «الأقصر» الصغير — ولم يثبت أثريًا بعد بصفة قاطعة.
      • (هـ) معبد «خنسو».

هذه نظرة عامة في محتويات الجزء الخاص «بطيبة»، وهاك ترجمته حرفيًّا:

صفحة ٢

يُشاهد في مقدمة هذا القسم منظر يمثل «رعمسيس الثالث» واقفًا يتعبد أمام «ثالوث طيبة» (آمون رع – موت – خنسو)، وقد كُتب فوق «آمون»: ««آمون رع» ملك الآلهة، وسيد السماء، وحاكم طيبة.» وكُتب فوق الإلهة «موت»: ««موت» العظيمة سيدة «أشرو».» وكُتب فوق «خنسو»: «خنسو» في طيبة «نفرحتب». (وعبارة «نفرحتب») لقب يُطلق على «خنسو» ومعناه «الراحة الجميلة».

ما قاله الملك:

إني أتحدث بالتضرعات والمدائح والصلوات والثناء، والأعمال الجليلة، والإنعامات التي عملتها لك في حضرتك يا رب الآلهة.

صلاة للآلهة ويتبعها تعداد أهم المباني والهدايا.١١٥

صفحة ٣

  • مقدمة: (١) المدائح والصلوات والأعمال الجليلة، والإنعامات التي عملها لبيت والده الفاخر «آمون رع» ملك الآلهة، وللإلهة «موت» والإله «خنسو» وكل آلهة «طيبة». (٢) قال الملك «وسرماعت رع مري آمون» (له الحياة والفلاح والصحة ابن «رع») «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» (له الحياة والفلاح والصحة) الإله العظيم في مديح هذا الإله والده الفاخر «آمون رع» ملك الآلهة، والإله الأزلي الذي كان في البداية (٣) الإله المقدس خالق نفسه، وصاحب الذراع المرفوعة، ومن تاجه (اتف) رفيع، وصانع كل كائن، وخالق كل موجود، ومن يخفي نفسه عن الناس والآلهة.
  • موت الفرعون: (٤) أعطني أذنيك يا رب الآلهة، وأصغ لصلواتي التي أقدِّمها لك، تأمل! إني آتٍ إليك إلى «طيبة»، بلدك الخفية، وإنك قدسي بين التاسوع الذي صُور بصورتك. وإنك قد غبت في «سيد الحياة» (الجبانة التي (٥) في غرب طيبة) مقرك العالي أمام ردهتك الفاخرة، ولقد انضممت إلى الآلهة أرباب العالم السفلي مثل والدي «أوزير» رب الأرض المقدسة (العالية). فدع روحي ليكون مثل أرواح التاسوع الإلهي الذين يأوون بجوارك (٦) في الأفق الأبدي، وامنح أنفي النفس وروحي الماء، ودعني آكل الخبز والطعام من قربانك المقدس، واجعل جلالتي فاخرًا ممكنًا في حضرتك (٧) مثل الآلهة العظام أسياد العالم السفلي. وليتك تجعلني أغدو في حضرتك وأروح كما يفعلون. ومر أن تكون شهرتي مثل شهرتهم على أعدائي، وثبت قرباني المقدم لحضرتي (٨) ليخلد يوميًّا إلى الأبد. ولقد كنت ملكًا على الأرض حاكمًا على الأحياء، ولقد مكنت التاج على رأسي كما فعلت، وقدتني في سلام إلى القصر الفاخر (٩) وجلست على العرش مسرور القلب، وإنك أنت الذي مكنتني على عرش والدي كما فعلت «لحور» على عرش «أوزير»، وإني لم أظلم، وإني لم أحرم (١٠) آخر مكانه (عرشه)، وإني لم أتعدَّ الأوامر التي كانت أمامي، إنك قد منحتني السلام ورضا القلب بين قومي، وكل البلاد كانت تتضرع أمامي، وإني أعرف الأشياء الممتازة التي فعلتها (١١) بوصفك ملكًا، وقد ضاعفت لك الإنعامات والأعمال الجليلة.
  • معبد مدينة «هابو»١١٦: ولقد أقمت لك البيت الفاخر لملايين السنين، ممكنًا على جبل «رب الحياة» أمامك.

صفحة ٤

(١) قد أُقيم من الحجر الرملي، والحجر الرملي الصلب، والجرانيت الأسود، والباب من السام والنحاس المطروق، وبواباته من الحجر تناطح السماء (٢) مزينة ومنحوتة بآلة الحفار باسم جلالتك العظيم، وأقمت سورًا حوله متقن الصنع، وله منزلقات وأبراج (؟) من الحجر الرملي (٣) وحفرت بحيرة أمامه تفيض بماء «نون» (المحيط الأزلي أو النيل) ومغروسة بالأشجار والخضر مثل الدلتا.

  • هبات المعبد ومعداته: وملأت بيوت المال بسلع أراضي مصر (٤) من ذهب وفضة وكل حجر ثمين بمئات الألوف، ومخازن غلاله كانت تفيض بالغلال والقمح، والحقول والقطعان كانت في كثرتها مثل رمال الشاطئ، وفرضت له الضرائب على (٥) أرض الجنوب كما فرضتها على أرض الشمال، وسعت إليه بلاد النوبة وأرض «زاهي» حاملين إتاواتهم، وقد مُلئ بالأسرى الذين أعطيتني إياهم من بين أهل الأقواس التسعة، هذا بالإضافة إلى الشباب الذين دربتهم بعشرات الآلاف (٦) وصنعت تمثالك الكبير الجالس في وسطه (وسط المعبد) واسمه الفاخر «آمون ممنوح الأبدية»، وكان مزينًا بأحجار ثمينة حقيقية مثل الأفق (أو إله الأفق)، وعندما يظهر يكون السرور في رؤيته، (٧) وقد صنعت له أواني المائدة من الذهب الجميل، وأخرى من الفضة والنحاس مما يخطئه العد، وزدت القرابين الإلهية التي كانت تقدم أمامك من خبز ونبيذ وجعة وأوز سمين، وثيران عدة، (٨) وعجول مخصية، وعجول، وبقرات عدَّة، ووعول، وغزلان مقدمة في مجزرته.

    وجلبت آثارًا عظيمة من المرمر وحجر «بحس» (الصلب) (٩) المنحوت بعناية قد نُصب على يمين وشمال مدخله، ونُقش باسم جلالتك العظيم أبديًّا، وتماثيل أخرى من الجرانيت والحجر الرملي، وجعارين (١٠) من الحجر الأسود قائمة في وسطه، ونُحت تمثال «بتاح سكر» و«نفرتم» وتاسوع السماء والأرض كلهم ثاوون في محرابه المغشي بالذهب اللطيف والفضة (١١) المطروقة، المرصعة بالأحجار الثمينة الحقيقية الممتازة الصنع.

  • قصر الفرعون والمباني المتصلة به: وأقمت لك قصر الملك الفاخر في وسطه مثل قصر «آتوم» العظيم الذي في السماء، وعمده (١٢) وقوائم الأبواب والأبواب مصنوعة من السام، والشرفة العظيمة التي يظهر فيها الفرعون من الذهب الجميل.
  • سفن المعبد: وبنيت له سفنًا تزخر بالشعير والقمح لتصدر (مصعدة في النيل).

صفحة ٥

(١) لمخازن غلاله بدون انقطاع، وبنيت له سفنًا لخزانة المالية، عظيمة على النهر، محملة بسلع عديدة لأجل ماليته الفخمة.

  • أرض المعبد: (٢) وكان محاطًا بالحدائق والأماكن ذات الحجرات الملأى بالفاكهة والأزهار من أجل الصلين اللذين على جبينك، وبنيت قصورها (٣) وزودت منتزهاتها بالنوافذ، وحفرت بحيرة أمامها مغروسة بأزهار البشنين.
  • معبد الكرنك الصغير١١٧: الذي أقامه «رعمسيس الثالث» في معبد «موت». (٤) وأقمت لك أفقًا خفيًّا في بلدتك «طيبة» أمام ردهتك (معبدك) يا سيد الآلهة المسمى: بيت «رعمسيس الثالث» في ضيعة «آمون»١١٨ الثاوي مثل السماء حاملًا «آتون» (الشمس)، وأقمته (٥) وكسوته حجرًا رمليًّا وجعلت له أبوابًا من الذهب الجميل، وملأت خزانته بالسلع التي (٦) جلبتها يداي لأحضرها أمامك يوميًّا.
  • معبد الأقصر الصغير: وزينت لك «ابت الجنوبية» (الأقصر) بالآثار العظيمة، وبنيت لك فيها بيتًا مثل «عرش رب الكل» (اسمه) معبد «رعمسيس»١١٩ حاكم «هليوبوليس» (له الحياة والفلاح والصحة) (٧) الموحد بالسرور في الكرنك.
  • الأعمال التي قام بها «رعمسيس الثالث» في معبد موت: ولقد جددت مبانيك بامتياز في «طيبة» المنتصرة، وهي مكان راحة قلبك، بجانب أختك١٢٠ (أي موت) واسمه: «معبد وسرماعت رع مري آمون في ضيعة آمون» مثل (٨) محراب رب الكل، وهو مبني من الحجر، بمثابة أعجوبة أُسست لتكون عملًا خالدًا ومدخله من حجر الجرانيت، والأبواب (٩) والعوارض من الذهب، وأمددته بالشباب الذين دربتهم حاملين القرابين بمئات الألوف.

    (١٠) وأقمت لك محرابًا سريًّا في قطعة واحدة من الجرانيت الجميل، ومصراعاه من النحاس المطروق منقوشان باسمك الإلهي (١١) وصورتك العظيمة ثاوية فيه مثل «رع» في أفقه ممكنًا على عرشه حتى الأبدية في ردهتك العظيمة الفاخرة.

  • أواني العبادة: وصنعت (١٢) لك مائدة قربان كبيرة من الفضة المطروقة مشغولة بالذهب الجميل، ومرصعة بذهب «كتم» تحمل صور السيد (الملك) (له الحياة والفلاح والصحة) من الذهب المطروق، ومائدة قربان تحمل قربانك المقدس المقرب أمامك.

صفحة ٦

(١) وصنعت لك قاعدة آنية عظيمة لأجل ردهتك المشغولة بالذهب الجميل ومرصعة بالحجر، وأوانيها من الذهب فيها النبيذ والجعة لكي تقرب أمامك كل صباح.

  • عيد الظهور: (٢) وصنعت لك مخزنًا لعيد الظهور١٢١ مجهزًا بالعبيد والإماء، وموَّنتهم بالخبز والجعة، والثيران، والطيور، والخمر، والبخور، والفاكهة، والخضر قربانًا طاهرًا أمامك يوميًّا. وهي إضافة إلى القربات الإلهية التي كانت من قبل.
  • حلي لتمثال العبادة: (٣) وصنعت لك تعويذة فاخرة (عينًا لتدرأ الحسد) من الذهب مطعمة، وقلائد عظيمة وأزرارًا من ذهب «كتم» كاملة لتربطها بجسمك في كل مرة تظهر فيها على عرشك العظيم في الكرنك (٤) وصنعت لك تمثالًا من الذهب المطروق ثاويًا في المكان الذي يعرفه١٢٢ في محرابك السامي.
  • لوحات سجل: (٥) وصنعت لك لوحات عظيمة من الذهب المطروق منقوشة باسم جلالتك العظيم عليها تضرعاتي (٦): وصنعت لك لوحات أخرى من الفضة المطروقة منقوشة باسم جلالتك العظيم بمراسيم المعبد١٢٣ (٧) وصنعت لك لوحات عظيمة من الفضة مطروقة ومنحوتة بالمسحل، وتحمل المراسيم وقوائم البيوت والمعابد التي أقمتها في مصر خلال حكمي على الأرض (٨) لكي أديرها باسمك أبد الآبدين، وإنك الحامي لها المجيب١٢٤ عنها (٩) وقد صنعت لك لوحات أخرى من النحاس المطروق من مخلوط مؤلف من ستة أجزاء١٢٥ من لون الذهب منقوشة ومنحوتة بالمسحل باسم جلالتك العظيم بمراسيم المعبد (١٠) وكذلك المدائح العدة التي عملتها لاسمك، وقلبك كان مسرورًا يا سيد الآلهة.
  • منخل لإقامة الشعائر: (١١) وصنعت لك إناء عظيمًا من الفضة الخالصة، حافته من الذهب، منقوش باسمك، وكان عليه منخل بالشغل المطروق من الفضة، ومصفاة عظيمة من الفضة لها منخل ورجلان.١٢٦
  • تماثيل من ذهب١٢٧: (١٢) وزخرفت تماثيل «موت» و«خنسو» اللذين سُوِّيا وصُنعا من جديد في بيوت الذهب، وقد صُنعا من الذهب الجديد وغُشيا بطبقة جميلة كثيفة من الذهب الجميل، ورُصعا بكل حجر ثمين صنعه «بتاح»، ولهما أطواق من قدام ومن خلف (١٣) ومجهزان بأزرار من ذهب «كتم»، وقد ثُويا بقلب راض، بسبب الأعمال العظيمة التي قمت بها لهما.

صفحة ٧

  • اللوحات: (١) وصنعت لك لوحات عظيمة لمدخل معبدك مرصعة بالذهب الجميل، بأشكال مطعمة بالذهب (كتم) تحملها قواعد كبيرة مشغولة بالفضة، وعليها أشكال مطعمة بالذهب حتى مستوى الأرض.
  • الحب: (٢) وقدمت لك عشرة آلاف حقيبة من الحب لتموين قرابينك الإلهية اليومية، لتحمل إلى «طيبة» كل سنة، لكي تضاعف مخازن غلالك بالشعير والقمح.

    (٣) وأحضرت إليك أسرى أهل «الأقواس التسعة»، وهدايا الأراضي والممالك لردهتك، وجعلت الطريق إلى طيبة كالقدم (ممهدة) لتهدي سبيلك، وتُحمل عليها مؤن كثيرة.

  • القرب الموقوتة: (٤) وأسست لك قربًا في أعياد أوائل الفصول لتكون قربانًا أمامك عند كل ظهور لك، وقد مُوِّنت بالخبز والجعة، والثيران، والدجاج، والنبيذ، والبخور، والفاكهة التي يخطئها العد، وقد فُرضت من جديد على الأمراء والمفتشين بمثابة زيادة للإنعامات التي عملتها لأجل حضرتك (كا).
  • السفينة المقدسة: (٥) وصنعت لك سفينتك الفاخرة المسماة «وسرحات»، وطولها ثلاثون ومائة ذراع؛ على النهر من خشب الأرز العظيم. من الضيعة (الملكية)، وهي ذات حجم عظيم مغشاة بالذهب الجميل، حتى سطح الماء، مثل سفينة الشمس عندما تطلع إلى الشرق، ويحيا كل إنسان عند رؤيتها، وفي وسطها محراب عظيم من الذهب الجميل مطعم بكل حجر ثمين كأنه قصر (مزين) برءوس كباش١٢٨ من الذهب، من قدام ومن خلف، ومجهز بصلال تلبس تاج «أتف».
  • محاصيل «بنت»: (٧) وقد قدت إليك بلاد «بنت» محملة بأشجار المر لكي تحيط بيتك كل صباح (بالعبير)، وغرست لك جميزًا معطرًا في ردهتك (معبدك) وإنهم لم يروها، (أي أشياء «بنت») من قبل منذ زمن الإله (أي منذ زمن «درع») عندما خلق الدنيا.
  • أسطول البحر الأبيض المتوسط: (٨) وصنعت لك سفن نقل، وسفنًا مسطحة وزوارق مزودة برماة مسلحين بأسلحتهم على الأخضر العظيم (البحر الأبيض)، ومنحتها ضباطًا من الرماة، وضباط سفن يديرها نواتي عديدون لا حصر لهم، لنقل محاصيل أرض «زاهي» والممالك التي في نهاية الأرض إلى خزائنك في «طيبة المنتصرة».١٢٩
  • الماشية والدجاج: (٩) وكونت لك قطعانًا في الجنوب والشمال تشمل حيوانات كبيرة، ودجاجًا، وحيوانات صغيرة بمئات الألوف، يقوم عليها مشرفون للماشية، وكتاب، ومشرفون على ماله قرن. ومفتشون ورعاة عديدون يحافظون عليها، ولديهم علف ليقربوا إلى حضرتك في كل أعيادك حتى يرضى قلبك بها يا حاكم التاسوع.
  • الكروم والأشجار: (١٠) وأنشأت لك كرومًا للنبيذ في الواحة الجنوبية، والواحة الشمالية كذلك لا حصر لها، وأخرى في الجنوب دُونت في قوائم عديدة قد تضاعفت في الأرض الشمالية بمئات الألوف، وأمددتها بالبستانيين من أسرى الممالك الأجنبية، ولها بحيرات قد حفرتها ممدودة (١١) بأزهار البشنين و«الشدح»، ونبيذًا كالماء الجاري لتقديمها أمامك في «طيبة المنتصرة»، وغرست مدينتك (١٢) «طيبة» بالأشجار، والخضر، ونبات «إسي» وأزهار «منهت» لخيشوميك.
  • معبد «خنسو»: (١٣) وأقمت معبدًا لابنك «خنسو» في «طيبة» من الحجر الرملي الجميل، والحجر الرملي الأحمر، والحجر الأسود (الجرانيت)، ومَوَّهت عوارض أبوابه بالذهب في أشكال مرصعة بالسام مثل أفق السماء.

صفحة ٨

(١) وطعَّمت تماثيلك في بيوت الذهب بكل حجر فاخر ثمين مما أحضرته يداي.

  • محراب في العاصمة: (٢) وأقمت لك حيًّا في مدينة الأرض الشمالية. وأسسته ملكًا لك أبديًّا، ويُسمى «بيت رعمسيس حاكم هليوبوليس» — له الحياة والفلاح والصحة — عظيم الانتصارات إلى الأبد. (٣) وقد جعلت له مصر وجزيتها، وقد تجمعت في وسطه الناس من كل أرض، ومُد بالحدائق الكبيرة، وأماكن للتنزه، فيها كل خمائل النخل محملة بفاكهتها (٤) وله طريق مقدسة (طريق الكباش المؤدية إلى باب المعبد) يضفي عليه البهجة أزهار كل بلد: نبات «إسي»، والبردي، وأزهار «ددمت» فيه كالرمل.
  • كرومه وشجر زيتونه: (٥) وصنعت له كرمًا يُسمى «كنكمى» (غذاء مصر) مغمورًا مثل الأرضين في أراضي الزيتون العظيمة، يحمل عنبًا يحيط بها جدار حولها يقدر بإتر (مقياس طول = ميلًا وربع ميل تقريبًا)، وغُرس بالأشجار العظيمة (٦) في كل طرقاته المتعددة، وفيه الزيت أكثر من رمل الشاطئ ليؤتى به إلى حضرتك، إلى «طيبة المنتصرة». وكان الخمر كالماء الجاري لا حصر له، ليقدم (٧) أمامك قربانًا يوميًّا. (٨) وبنيت لك معبدك في وسط رقعتها، مثبتًا بالعمل. وأحجاره ممتازة من «عيان»، وبابه وعوارضه من الذهب الموشى بالنحاس، والأشكال المنقوشة كانت من كل حجر غالٍ مثل باب السماء المزدوج.
  • تمثال العبادة: (٩) وسويت تمثالك الفاخر لإقامة أحفال الأزهار به مثل «رع» عندما يضيء الأرض بأشعته، واسمه العظيم الفاخر هو: «آمون رعمسيس حاكم هليوبوليس»، وملأت بيته بالعبيد والإماء الذين جلبتهم من أرض البدو «ستيو» (١٠) وكهنة المعبد المؤقتون كانوا أولادًا لرجال عظماء، قد نشأتهم. وكانت بيوت ماله تفيض بالمحاصيل من الأرض كلها، ومخازن غلاله بلغت عنان السماء، وقطعانه تضاعفت (١١) أكثر من الرمل، وحظائر الماشية تقدم لحضرته قربانًا يوميًّا غزيرة وطاهرة أمامه، وكانت حظائر التسمين تشمل الأوز السمين، وحظائر الدواجن فيها الطيور البرية (١٢) وكانت الحدائق ممدودة بالنبيذ، وممونة بفاكهتها والخضر وكل أنواع الأزهار.
  • معبد «بلاد النوبة»: (١٣) وأقمت لك معبدًا فاخرًا في بلاد النوبة «تا-بدت» منقوشًا باسمك الفاخر، وهو يشبه السماء، واسمه «بيت رعمسيس حاكم هليوبوليس» — له الحياة والفلاح والصحة — عظيم الانتصار، ثابت باسمك أبديًّا.

صفحة ٩

  • معبد «زاهي»: (١) وبنيت لك بيتًا خفيًّا في أرض «زاهي»١٣٠ مثل أفق السماء الذي في القبة الزرقاء، واسمه «بيت رعمسيس حاكم هليوبوليس» — له الحياة والفلاح والصحة — في «باكنعان» بمثابة قربات ملكية (٢) باسمك. وسويت تمثالك العظيم الثاوي في وسطه، واسمه «آمون رعمسيس حاكم هليوبوليس» — له الحياة والفلاح والصحة — وقد حج إليه آسيويو «رتنو» حاملين (٣) جزيتهم أمامه؛ لأنه كان مقدسًا.
    وأحضرت أهل الأرض جميعًا من أجلك، حاملين إتاواتهم لينقلوها إلى «طيبة»١٣١ مدينتك الخفية. (٤) وصنعت لك تماثيل في مراكز مصر، وقد كانت لك وللآلهة الذين يحفظون هذه الأرض، وأقمت لهم معابد؛ وحدائق تشمل خمائل (٥) وأراضي، وماشية صغيرة وماشية كبيرة وعبيدًا عديدين، وهم ملك لك أبد الدهر وعينك عليهم، وأنت حاميهم إلى الأبد (٦) وصنعت تماثيلك العظيمة الكبيرة التي مراكزها في أراضي مصر. وأصلحت معابدها (٧) التي كانت مخربة، وضاعفت قرابينها المقدسة، المقدمة لحضراتها بمثابة زيادة في القربات اليومية التي كانت من قبل.
  • القوائم: (٨) انظر؛ لقد دوَّنت كل ما فعلت أمامك يا والدي الفاخر المقدس، يا رب الآلهة، حتى يعرف الناس والآلهة هباتي التي (٩) عملتها لك بقوة عندما كنت على الأرض.

(د) ثروة المعابد

صفحة ١٠

ضيعة «آمون»

(١) قائمة بالسلع، والماشية، والحدائق، والحقول، والسفن؛ والمصانع (للسفن) والبلاد التي منحها الفرعون بيت والده الفاخر (٢) «آمون رع» ملك الآلهة، و«موت» و«خنسو» وكل آلهة «طيبة» بوصفها ملكية إلى أبد الآبدين.

  • التابعون للمعابد: معبد مدينة «هابو»: (٣) معبد ملك الوجه القبلي والوجه البحري «وسرماعت رع مري آمون» — له الحياة والفلاح والصحة — في ضيعة «آمون» في الجنوب والشمال تحت إدارة موظفيه، المجهز بكل سلعة: ٦٢٦٢٦ نسمة. (راجع Wilbour, Pap. II, p. 36 Note 4).
  • معبد «رعمسيس الثالث» في ضيعة «آمون»: (٤) معبد الملك «وسرماعت رع مري آمون» — له الحياة والفلاح والصحة — في ضيعة «آمون»، في الجنوب والشمال تحت إدارة موظفي المعابد لهذا البيت المجهز بكل سلعة: ٩٧٠ نسمة.
  • معبد «الأقصر» الصغير الذي أقامه «رعمسيس الثالث»: (٥) بيت «رعمسيس حاكم هليوبوليس» — له الحياة والفلاح والصحة — في ضيعة «آمون» في الجنوب والشمال تحت إدارة موظفين مجهز بكل أشيائه: ٢٦٢٣ نسمة.
  • معبد صغير أقامه «رعمسيس الثالث» بالأقصر: (٦) معبد «رعمسيس حاكم هليوبوليس» — له الحياة والفلاح والصحة — موحد في السرور في ضيعة «آمون» تحت إدارة رئيس الكهنة ومجهز بكل حاجياته: ٤٩ نسمة.
  • خمسة قطعان لمعابد طيبة: (٧) قطيع «وسرماعت رع» في ضيعة «آمون» الذي يُسمى «وسرماعت رع مري آمون» في ضيعة «آمون» ويُسمى «وسرماعت رع مري آمون» آسر الثوار، النيل العظيم:١٣٢ ١١٣ رأسًا.

    (٨) قطيع يُسمى «وسرماعت رع» قاهر «المشوش» عند ماء «رع» تحت إدارة البيت «بياي»: ٩٧١ نسمة (من المشوش).

    (٩) قطيع يُسمى «رعمسيس حاكم هليوبوليس» له الحياة والفلاح والصحة في ضيعة «آمون» — وهو نيل عظيم: ١٨٦٧ نسمة.

    (١٠) قطيع يُسمى «وسرماعت رع مري آمون» في ضيعة «آمون» الذي عمل للناس نيلًا عظيمًا تحت إدارة وزير الجنوب: ٣٤ نسمة.

    (١١) قطيع «رعمسيس حاكم هليوبوليس له الحياة والفلاح والصحة» في ضيعة «آمون» تحت إدارة المشرف على الماشية «كاي»: ٢٧٩ نسمة.

  • مقر الملك (؟)١٣٣: (١٢) بيت «رعمسيس» حاكم هليوبوليس عظيم الانتصارات: المدينة التي أقامها الفرعون لك (آمون) في الشمال في زمام١٣٤ ضيعة «آمون رع» ملك الآلهة قائلًا: «ليتك تصبح منتصرًا لأنك جعلتها تمكن سرمديًّا»: ٧٨٧٢ نسمة.
  • معبد «خنسو»: (١٣) رعمسيس حاكم هليوبوليس (له الحياة والفلاح والصحة) في ضيعة «خنسو»: ٢٩٤ نسمة.
  • الناس الذين أهداهم «رعمسيس الثالث»: (١٤) الناس الذين وهبهم إلى ضيعة «خنسو» في «طيبة» — «نفر حتب» (الراحة الجميلة)، «حور» سيد الفرح: ٢٤٧ نسمة.

    (١٥) سوريون ونوبيون من أسرى جلالته الذين منحهم بيت «آمون رع» ملك الآلهة، وبيت «موت»؛ وبيت «خنسو»: ٢٦٠٧ نسمة.

    (١٦) رماة «وسرماعت رع» (له الحياة والفلاح والصحة)، مؤسس بيته في ضيعة «آمون» المستوطنون الذين وهبهم إلى هذا البيت: ٧٧٠ نسمة.

صفحة ١١

  • تماثيل معبد الكرنك العظيم١٣٥: الصور المحمية في قوارب، والتماثيل ومجاميع التماثيل التي يدفع لها الموظفون، وحاملوا الأعلام، والمراقبون، وأصحاب الأراضي ضرائب وهم الذين نصبهم الفرعون على أملاك بيت «آمون رع» ملك الآلهة من قبله ليحفظوها ويحموها لكل الأبدية وعددها:
    (٣) ٢٧٥٦ إلهًا — وعدد الأشخاص ٥١٦٤ رأسًا
    (٤) والمجموع ٨٦٤٨٦ نسمة
جدول ١: أملاك مختلفة
(٥) ماشية كبيرة، وماشية صغيرة متنوعة ٤٢٣٦٢
(٦) حدائق وخمائل ٤٣٣
(٧) حقول مساحتها ستاتا*
(٨) سفن نقل، وسفن مسطحة ٨٣
(٩) مصانع من خشب الأرز والسنط ٤٦
(١٠) بلاد مصر ٥٦
(١١) بلاد «سوريا» و«كوش» ٩
مجموع (البلاد) ٦٥
ستات يساوي من الفدان الإنجليزي.

صفحة ١٢ (أ)

  • (ب) الضرائب التي تُجبى من الرعايا: «دخل آمون»: (١) السلع، والضرائب، وإنتاج الناس، وكل التابعين لمعبد الملك «وسرماعت رع مري آمون» في ضيعة «آمون» في المدينة (يقصد بالمعبد هنا: معبد «رعمسيس الثالث» الواقع بالقرب من معبد «موت» كما ذكر ذلك «شادل Schaedel») ولمعبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة آمون (يقصد معبد الكرنك الصغير). ولمعبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» المتحد في السرور في ضيعة «آمون» (يقصد معبدًا مهدمًا «لرعمسيس الثالث» في الأقصر) التابع للأقصر، ولمعبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «خنسو» (يقصد معبد خنسو في الكرنك)، ولخمسة القطعان التي حُفظت لهذا المعبد (أي كل ضيعة «آمون رع») ملك الآلهة. وهي (يقصد السلع والضرائب وإنتاج الناس التي ذُكرت في أول الفقرة) التي وضعها الملك «وسرماعت رع» الإله الأعظم هبة في بيوت المال، والمخازن، ومخازن الغلال على أنها جزيتهم السنوية (يقصد ضريبة الناس والتابعين الذين ذُكروا في السطر الأوَّل).
    دبن* قدت
    (٦) ذهب جميل ٢١٧ ٥
    (٧) ذهب من جبل «فقط» ٦١ ٣
    (٨) ذهب «كوش» ٢٩٠ ٨
    (٩) مجموع الذهب اللطيف وذهب الجبل ٥٦٩ ٦
    (١٠) فضة ١٠٩٦٤ ٩
    (١١) مجموع الذهب والفضة ١١٥٤٦ ٨ (هكذا في الأصل)
    (١٢) النحاس ٢٦٣٢٠
    (١٣) الكتان الجنوبي وكتان «مك» وكتَّان الجنوب الجميل، والكتَّان الملون الجنوبي وملابس مختلفة ٣٧٢٢
    (١٤) غزل دبن ٣٧٩٥
    (١٥) بخور وعسل وزيت وأوان مختلفة ١٠٤٧
    يساوي ٩١ جرامًا، والقدت عشر الدبن.

صفحة ١٢ (ب)

دبن قدت
(١) شراب شدح ونبيذ وجرار مختلفة ٢٥٤٠٥
(٢) فضة (وهي من ضرائب الناس وُهبت للقرابين المقدسة) ٣٦٠٦ ١
(٣) شعير، وهو ضريبة فُرضت على الفلاحين بالحقيبة ٣٠٩٩٥٠
(٤) حزم خضر ٢٤٦٥٠
(٥) حزم كتَّان ٦٤٠٠٠
(٦) طيور ماء من إتاوة الصيادين والسماكين ٢٨٩٥٣٠
(٧) ثيران وعجول مخصية، وعجلات وعجول وبقرات وهي ضريبة وماشية ثمنها ٣ قدت وماشية من قطعان مصر ٨٤٧
(٨) ثيران وعجول مخصية وعجلات وعجول وبقرات وهي ضريبة أرض سوريا ١٩
المجموع ٨٦٦
(٩) أوز حيٌّ من الضرائب ٧٤٤
(١٠) خشب الأرز: قوارب للجرِّ وقوارب للعبور ١١
(١١) خشب السنط، قوارب تجر، وقوارب ترع، وقوارب لنقل الماشية، وسفن حربية وسفن «كارا» ٧١
(١٢) مجموع السفن من الأرز والسنط ٨٢
(١٣) محاصيل الواحات (يقصد هنا الواحة الشمالية) في قوائم كثيرة لأجل القربات المقدَّسة

صفحة ١٣ (أ)

  • (ﺟ) منح الفرعون «السنوية»: (١) الذهب، والنحاس، والفضة، واللازورد الحقيقي، والفيروز الحقيقي، وكل حجر ثمين حقيقي، والنحاس، وملابس من الكتان الملكي، والكتان «مك»، (٢) وكتَّان الجنوب الجميل، وكتَّان الجنوب، والملابس الملونة، والأواني، والدجاج، وكل الأشياء التي أعطاها الملك «وسرماعت رع مري آمون» (له الحياة الخ) الإله العظيم. (٣) هدايا الملك لتموين بيت آبائه الفاخرين «آمون رع» ملك الآلهة، والإلهة «موت» والإله «خنسو» من السنة (٤) الأولى من حكمه حتى السنة الواحدة والثلاثين، أي في مدة إحدى وثلاثين سنة.١٣٦
    دبن قدت
    (٥) ذهب «كتم» الجميل ٤٢ خاتمًا ٢١
    (٦) ذهب جميل مشغول بالبارز ٢٢ خاتم أصبع ٣ ٣
    (٧) ذهب جميل مطعم ٩ خواتم ١
    (٨) ذهب جميل مشغول بالبارز وبالتطعيم من كل حجر ثمين حقيقي وعاء عمود «آمون» ٢٢ ٥
    (٩) ذهب جميل مطروق (بوجه واحد) ٩
    (١٠) المجموع ذهب جميل مصنوع حليًّا ٥٧ ٥
    (١١) ذهب من الدرجة الثانية: صناعة بارزة ومطعمة ٤٢ خاتم أصبع ٤
    (١٢) ذهب من الدرجة الثانية: إناءان ٣٠ ٥
    (١٣) المجموع: ذهب من الدرجة الثانية ٣٥
    (١٤) ذهب أبيض ٣١٠ خاتم أصبع ١٦

صفحة ١٣ (ب)

دبن قدت
(١) ذهب أبيض ٢٦٤ خرزة ٤٨٠ ٤
(٢) ذهب أبيض مطروق ١٠٨ خاتم أصبع للإله ١٩ ٨
(٣) ذهب أبيض ١٥٥ تعويذة ٦ ٢
(٤) مجموع الذهب الأبيض ٩٠
(٥) مجموع الذهب الجميل من الدرجة الثانية والذهب الأبيض ١٨٣ ٥
(٦) فضة: إناء حافته من الذهب بصناعة بارزة ١١٢ ٥ (هكذا)
(٧) فضة: منخل للإناء ١٢ ٣
(٨) فضة: مصفاة للإناء ٢٧ ٧
(٩) فضة: أربع أوان ٥٧
(١٠) فضة: ٣١ سلة كبيرة بأغطية ١٠٥ ٤
(١١) فضة: ٣١ علبة بأغطية ٧٤ ٤
(١٢) فضة: ٦ أوان للكيل «عرق» ٣٠ ٣
(١٣) فضة مطروقة لوحة كتابة ١٩
(١٤) فضة مطروقة لوحتان (عنو) ٢٨٧
(١٥) فضة مجزأة ١٠٠
(١٦) المجموع: فضة في صورة أوانٍ وقطع ٨٢٧
والصحيح = ٨٢٦ دبن و قدت

صفحة ١٤ (أ)

دبن قدت
(١) مجموع الذهب والفضة المصنوعين أواني وقطعًا ١٠١٠
(٢) لازورد حقيقي: قطعتان ١٤
(٣) برنز مطروق: ٤ لوحات (عنو) ٨٢٢
(٤) مر ٥١٤٠
(٥) مر ٣ حقت
(٦) مر ٢٠ هنا
(٧) خشب مر قطع ١٥
(٨) ثمار المر بالكيل (إبت) (بالويبة) ١٠٠ كيل
(٩) كتان ملكي: ملابس (دو) ٣٧ رداء
(١٠) كتان ملكي: ملابس فوقانية (دو) ٩٤
(١١) كتان ملكي: ملابس – هاومن ٥٥
(١٢) كتان ملكي: عباءات ١١
(١٣) كتان ملكي: لفائف حور ٢
(١٤) كتان ملكي: ملابس ١
(١٥) كتان ملكي: ملابس (إدجا) ٦٩٠
(١٦) كتان ملكي: قمصان ٤٨٩
(١٧) كتان ملكي لتمثال «آمون» الفاخر ٤

صفحة ١٤ (ب)

دبن
(١) مجموع الملابس من الكتان الملكي المختلف الأنواع ١٣٨٣
(٢) كتان «مك»: ثوب واحد ١
(٣) كتان «مك»: عباءة ١
(٤) كتان «مك» غطاء: إزار لتمثال آمون الفاخر ١
(٥) مجموع كتان «مك»: ملابس منوعة ٣
(٦) كتان جميل من الجنوب: ملابس (دو) ٢
(٧) كتان جميل من الجنوب: ملابس (؟) ٤
(٨) ملابس خارجية (دو) ٥
(٩) كتان جميل من الجنوب: ملابس «إدجا» ٣١
(١٠) كتان جميل من الجنوب: قمصان ٢٩
(١١) كتان جميل من الجنوب: تنورة (سونتيان) ٤
(١٢) مجموع الملابس المختلفة من كتان الجنوب الجميل ٧٥
(١٣) كتان ملون: عباءات ٨٧٦
(١٤) كتان ملون: قمصان ٦٧٧٩
(١٥) مجموع الكتان الملون والملابس المختلفة ٧١٢٥
(المجموع هنا ينقص ٥٣٠)
(١٦) مجموع الكتان الملكي، وكتان «مك» وكتان الجنوب الجميل وكتان الجنوب، والكتان الملون المنوع ٨٥٨٦

صفحة ١٥ (أ)

دبن
(١) بخور أبيض: جرار «من» ٢١٥٩
(٢) بخور أبيض: جرار «من» ١٢
(٣) شهد: جرار «من» ١٠٦٥
(٤) زيت مصر: جرار «من» ٢٧٤٣
(٥) زيت سوريا:* جرار «من» ٥٣
(٦) زيت سوريا: جرار «من» ١٧٥٧
(٧) شحم أبيض: جرار «من» ٩١١
(٨) دهن أوز: جرار «من» ٣٨٥
(٩) زبد: جرار «من» ٢٠
(١٠) مجموع الأواني المملوءة (إعع) ٩١٢٥
(١١) شدح (شراب) في جرار «من» ملونة ١٣٧٧
(١٢) شدح: جرار «كابو» ١١١١
(١٣) نبيذ: جرار «من» ٢٠٠٧٨
(١٤) مجموع جرار الشدح والنبيذ من جرار «من» و«كابو» ٢٢٥٥٦
(١٥) هرست (حجر): تعاويذ العين المقدسة ١٨٥
(١٦) لازورد: تعاويذ العين المقدسة ٢١٧
في «برستد» جرار «سخاي» ولكن هذه اللفظة لا وجود لها في الأصل.
†  المجموع الصحيح هو = ٩١٠٥.
‡  المجموع الصحيح هو = ٢٢٥٦٦.

صفحة ١٥ (ب)

دبن
(١) يشب أحمر: جعارين ٦٢
(٢) فيروزج: جعارين ٢٢٤
(٣) شبه وحجر «مينو»: جعارين ٢٢٤
(٤) لازورد: جعارين ٦٢
(٥) أحجار ثمينة مختلفة: تعاويذ العين المقدَّسة ١٦٥
(٦) أحجار ثمينة مختلفة: أختام بمثابة صدريات ٦٢
(٧) بللور صخري: أختام ١٥٥٠
(٨) بللور صخري: خرزات ١٥٥٠٠
(٩) بللور صخري مقطوع: جرار «هن» ١٥٥
(١٠) خشب مشغول: أختام ٣١
(١١) قطعة مرمر ١
(١٢) خشب أرز «ببا-نني» ٦
(١٣) خشب أرز «تبت» ١
(١٤) خشب «نابيو» ثلاث قطع ٦١٠ دبن
(١٥) خشب سلامكة قطعة واحدة ٨٠٠ دبن
(١٦) بوص: حزم ١٧

صفحة ١٦ (أ)

دبن
(١) قرفة: مكيال (مستي) ٢٤٦
(٢) قرفة: حزم ٨٢
(٣) عنب: مكيال (مستي) ٥٢
(٤) حصا لبان: مكيال (مستي) ١٢٥
(٥) نبات «أيوفيتي»: مكيال (مستي) ١٠١
(٦) فاكهة الدوم (مهاي): مكيال (مستي) ٢٦
(٧) فاكهة: حقت ٤٦
(٨) عنب: أقفاص ١٨٠٩
(٩) عنب: عناقيد ١٨٦٩
(١٠) رمان: أقفاص ٣٧٥
(١١) نبات «باكايا»: مكاييل (إبت) (بالويبة) ١٦٦٨
(١٢) ماشية منوعة ٢٩٧
(١٣) أوز حي ٢٩٤٠
(١٤) أوز «تربو» حي ٥٢٠٠
(١٥) طيور مائية حية ١٢٦٣٠٠

صفحة ١٦ (ب)

دبن
(١) أوز سمين من القطعان ٢٠
(٢) امتست (حجر الجمشت) قوالب ٤٤٠٠٠
(٣) ملح ٤٤٠٠٠
(٤) ليف النخل: حبال ١٨٠
(٥) ليف النخل: أحمال ٥٠
(٦) ليف النخل: مكيال «سرحت»* ٧٧
(٧) ليف النخل: حبال ٢
(٨) حصر (سبخن) ٦٠
(٩) كتان حصر ١٠١٥٠
(١٠) حصر ٦٠
(١١) ثوم: مكاييل (مستي) ٥٠
(١٢) نبات «مترت» نقي: دبن ٧٥٠
راجع ما كُتب عن هذا الحجر مصر القديمة الجزء الثالث.
  • (د) غلة القربان الخاصة بالأعياد: (١٣) حب للقرابين المقدَّسة لأعياد السماء وأعياد أوائل الفصول، وهي التي أسسها الملك «وسرماعت رع مري آمون» الإله العظيم (١٤) لوالده «آمون رع» ملك الآلهة، وللإلهة «موت» وللإله «خنسو» وكل آلهة «طيبة» زيادة في القرابين المقدَّسة، وفي القرابين اليومية لتكثير ما كان من قبل، من السنة الأولى حتى السنة الواحدة والثلاثين (من حكمه) أي في مدَّة إحدى وثلاثين سنة: ٢٩٨١٦٧٤١٣٧ حقيبة.

صفحة ١٧ (أ)

  • (ﻫ) قرابين الأعياد: (١) قرابين الأعياد التي أسسها الملك «وسرماعت رع مري آمون» الإله العظيم لوالده (٢) «آمون رع» ملك الآلهة، و«موت»، و«خنسو»؛ وكل آلهة «طيبة» مدة العشرين يومًا لقرب العيد (المسمى) (٣) «وسرماعت رع مري آمون» (له الحياة الخ) جاعلًا «طيبة» في عيد «لآمون» من الشهر الأول، من الفصل الثالث (الشهر التاسع) اليوم السادس والعشرون، حتى الشهر الثاني من الفصل الثالث (الشهر العاشر) اليوم الخامس عشر (٤) أي عشرين يومًا، ومن السنة الثانية والعشرين إلى السنة الثانية والثلاثين، أي مدة إحدى عشرة سنة، هذا بالإضافة إلى قرابين (٥) عيد «إبت» الجنوبية (الأقصر) من الشهر الثاني، من الفصل الأول، اليوم التاسع عشر — حتى الشهر الثالث من الفصل الأوَّل (الشهر الثالث) اليوم الخامس عشر، أي مدة سبعة وعشرين يومًا من السنة الأولى (٦) — حتى السنة الواحدة والثلاثين، أي واحد وثلاثين عامًا.
    (٧) خبز ناعم: رغفان قربات كبيرة* ١٠٥٧
    (٨) خبز ناعم: رغفان كبيرة «سيد» ١٢٧٧
    (٩) خبز ناعم: رغفان كبيرة «بح» ١٢٧٧
    (١٠) خبز ناعم: رغفان كبيرة «زدمت حرتا» ٤٤٠
    (١١) خبز قربان كبير ٤٣٦٢٠
    (١٢) قلب البردي لبيت البخور ٦٨٥
    (١٣) جعة الدن ٤٤٠١ جرة تُركت فضاء
    (١٤) خبز ناعم، ولحم، وفطائر، سلات (حتب) للزينة ١٦٥
    (١٥) خبز ناعم، ولحم، وفطائر: سلات (حتب) من الذهب ٤٨٥
    وهذا يشبه كل الشبه ما كانت عليه الحال بالنسبة للأوقاف التي كانت تُصرف لرجال الدين بالأزهر إلى عهد قريب.

صفحة ١٧ (ب)

دبن
(١) خبز ناعم، ولحم فطائر (رحس) سلات للأكل* ١١١٢٠
(٢) خبز ناعم وفطائر (رحس) سلات (ثاي) لفم الآكل ٩٨٤٥
(٣) خبز ناعم ولحم وفطائر (رحس): أواني الأمير ٣٧٢٠
(٤) خبز ناعم خاص بالقرابين المقدَّسة: أواني من الذهب مجهزة ٣٧٥
(٥) خبز ناعم خاص بالقرابين المقدَّسة: رغفان (بيات) ٦٢٥٤٠
(٦) خبز ناعم خاص بالقرابين المقدَّسة: رغفان (برسن) ١٠٦٩٩٢
(٧) خبز ناعم خاص بالقرابين المقدَّسة: رغفان بيضاء ١٣٠٢٠
(٨) خبز ناعم: رغفان كبيرة (عق) للأكل ٦٢٠٠
(٩) خبز ناعم: رغفان مسكرة (ساب) ٢٤٨٠٠
(١٠) خبز ناعم: رغفان (عق) النار (أي يخبز على النار) ١٦٦٦٥
(١١) خبز ناعم: رغفان (عق) كبيرة ٩٩٢٧٥٠
(١٢) خبز ناعم: بوسا-عق من الحب ١٧٣٤٠
(١٣) خبز ناعم: رغفان قربان أبيض ٥٧٢٠٠٠
(١٤) خبز ناعم: رغفان هرمية الشكل ٤٦٥٠٠
(١٥) خبز ناعم: رغفان (كرشتي)؟ ٤٤١٨٠٠
هذه الجمل تشير بطبيعة الحال إلى الرغفان (للأكل).
†  يُحتمل أن تدل هذه العبارات على ما كان يؤكل في الأعياد.

صفحة ١٨ (أ)

دبن
(١) خبز ناعم: رغفان (ودنو-نت) ١٢٧٤٠٠
(٢) خبز (كونك): رغفان بيض ١١٦٤٠٠
(٣) خبز ناعم: رغفان (بعت) ٢٦٢٠٠٠
(٤) مجموع الخبز الناعم، وخبز (عق) المنوع ٢٨٤٤٣٥٧*
(٥) فطائر (رحس) سلات ثمثم ٣٤٤
(٦) فطائر: بالويبة ٤٨٤٢٠
(٧) فطائر (رحس): بالويبة ٢٨٢٠٠
(٨) أواني دقيق (ع) ٣١٣٠
(٩) شراب شدح: جرار (من) ٢٢١٠
(١٠) شراب شدح: جرار (كابو) ٣١٠
(١١) نبيذ: جرار (من) ٣٩٥١٠
(١٢) مجموع جرار (من) و(كابو) من شدح، ونبيذ ٤٢٠٣٠
(١٣) جعة: أوانٍ مختلفة ٢١٩٢١٥
(١٤) زيت حلو: جرار (من) ٩٣
(١٥) زيت حلو: هن ١١٠٠
المجموع الحقيقي هو = ٢٨٠٦٤٠٧ ولا يدخل في ذلك ٢٥٧١٠ مكيالًا الخ.

صفحة ١٨ (ب)

دبن
(١) بخور أبيض: جرار (من) ٦٢
(٢) بخور: مكاييل منوعة بالويبة ٣٠٤٠٩٣
(٣) بخور للإحراق: جرار (من) ٧٧٨
(٤) زيت أحمر: جرار (من) ٣١
(٥) زيت (نحح): جرار (من) ٩٣
(٦) زيت (نحح): هن ١١٠٠٠٠
(٧) شهد: جرار (من) ٣١٠
(٨) شحم أبيض: جرار (من) ٩٣
(٩) زيتون: جرار (من) ٦٢
(١٠) كتان الجنوب: ملابس (دو) ١٥٥
(١١) كتان الجنوب: ملابس (ردو) ٣١
(١٢) كتان ملون: ملابس (إفد) ٣١
(١٣) كتان ملون: قمصان ٤٤
المجموع ٢٦١
(١٤) شمع: دبن ٣١٠٠
(١٥) كل أنواع الفاكهة الجميلة: مكاييل (كابوسا) ٦٢٠
(١٦) كل أنواع الفاكهة الجميلة: مكاييل (ثاي) ٦٢٠

صفحة ١٩ (أ)

دبن
(١) فاكهة: سلات (حتب) ٥٥٩٥٠٠
(٢) فاكهة: سلات (دنيت) ٧٨٥٥٠
(٣) تين الإتاوة: بمكيال الويبة ٣١٠
(٤) تين الإتاوة: بمكيال «مخا» ١٤١٠
(٥) تين الإتاوة: سلات (مستي) ٥٥
(٦) تين الإتاوة: بمكيال الويبة ١٥٥٠٠
(٧) تين الإتاوة: بمكيال (ثاي) ٣١٠
(٨) فاكهة (مهيوت): فطائر (ساتا) ٣١٠٠
(٩) قرفة: سلات (حتب) ٢٢٠
(١٠) قرفة: سلات (مستي) ١٥٥
(١١) نبات (سعم): سلات (حتب)* ١٥٥٠
(١٢) كرنب (حقت) ٦٢٠
(١٣) كراث: حقت = ٣١٠
(١٤) كراث: حزم ٦٢٠٠
(١٥) عنب: سلات (مستي) ١١٧
(١٦) عنب: سلات (ثاي) ١٥٥٠
راجع: W. b. IV, p. 45.
†  راجع: W. b. III, p. 354.

صفحة ١٩ (ب)

دبن
(١) فاكهة الجنوب: (حقت) ٨٩٨٥
(٢) نبات عنبو: «حقيبة» ٦٢٠
(٣) نعال من البردي المجهز ١٥١١٠
(٤) ملح: بالحقيبة ١٥١٥
(٥) قوالب ملح (طوب ملح) ٦٩٢٠٠
(٦) قوالب امتست (جمشت) ٧٥٤٠٠
(٧) كتان مغزول غزلًا سميكًا (ملابس دو)* ١٥٠
(٨) كتان: جدائل (؟) ٢٦٥
(٩) أثل: حزم ٣٢٧٠
(١٠) غاب للسلات: حزم ٤٢٠٠
(١١) نعال من الجلد: أزواج ٣٧٢٠
(١٢) فاكهة الدوم بالويبة ٤٤٩٥٠٠
(١٣) رمان: بالويبة ١٥٥٠٠
(١٤) رمان: أقفاص (بدر) ١٢٤٠
(١٥) زيتون: جرار (جاي) ٣١٠
(١٦) جرار وأوانٍ من مصب قناة «هليوبوليس» ٩٦١٠
راجع: W. b. I, p. 307.
†  ربما يشير ذلك إلى المكان الذي صُنعت فيه هذه الأواني، كما يُقال في أيامنا: القلل القناوي.

صفحة ٢٠ (أ)

دبن
(١) لب البردي: بالويبة ٣٧٨٢
(٢) نبدو (؟): بالويبة ٩٣٠
(٣) ثيران ٤١٩
(٤) عجول مخصية ٢٩٠
(٥) ثيران ذات قرون طويلة (نجا) ١٨
(٦) عجلات ٢٨١
(٧) ماشية سنها سنتان (نوع من البقر يختلف عن الأنواع الأخرى) ٣
(٨) عجول ٧٤٠
(٩) عجول مخصية (تبو) ١٩
(١٠) بقرات ١١٢٢
(١١) المجموع ٢٨٩٢
(١٢) ذكر الغزال ١
(١٣) غزال أبيض ٥٤
(١٤) ذكر الظباء (نراو) ١
(١٥) جحش الغزال ٨١
(١٦) المجموع ١٣٧
(١٧) مجموع الماشية المختلفة ٣٠٢٩

صفحة ٢٠ (ب)

دبن
(١) أوز حي (را) ٦٨٢٠
(٢) طيور حية (خت-عا) ١٤١٠
(٣) أوز (تربو) ١٥٣٤
(٤) كراكي حية ١٥٠
(٥) طيور حية للفقس ٤٠٦٠
(٦) طيور ماء حية ٢٥٠٢٠
(٧) حمام ٥٧٨١٠
(٨) طيور (بعرت) حية ٢١٧٠٠
(٩) طيور (سا-عشا) حية ١٢٤٠
(١٠) يمام ٦٥١٠
(١١) مجموع الطيور المنوعة ١٢٦٢٥٠*
(١٢) جرار القناة مملوءة بالسمك ذات أغطية من خشب ٤٤٠
(١٣) سمك أبيض ٢٢٠٠
(١٤) سمك قطع (شنع) ١٥٥٠٠
(١٥) سمك مذبوح ١٥٥٠٠
العدد هنا ينقصه ٤ ليكون صحيحًا.

صفحة ٢١ (أ)

دبن
(١) سمك صحيح ٤٤١٠٠٠
(٢) أزهار من أزهار الإتاوة: مظلات* ١٢٤
(٣) أزهار: طاقات طويلة ٣١٠٠
(٤) أزهار من أزهار الإتاوة: عبير الحديقة (اسم نبات أو طاقة) ١٥٥٠٠
(٥) نبات «إسي»: سلات (إبت) ١٢٤٣٥١٠
(٦) أزهار: أكاليل ٦٠٤٥٠
(٧) أزهار (كارا-حوتي) ٦٢٠
(٨) أزهار زرقاء: حبال ١٢٤٠٠
(٩) أزهار لليد ٤٦٥٠٠
(١٠) أزهار: أكوام ١١٠
(١١) أزهار السوسن: لليد ١٤٤٧٢٠
(١٢) أزهار السوسن: طاقات ٣٤١٠
(١٣) أزهار السوسن: لليد ١١٠٠٠٠
(١٤) زهر البردي: طاقات ٦٨٢٠٠
(١٥) بردي: سيقان ٣٤٩٠٠٠
كانت المظلات تعمل من النبات الأخضر والأزهار.

صفحة ٢١ (ب)

دبن
(١) طاقات كبيرة من أزهار الإتاوة ١٩١٥٠
(٢) بلح: مكيال (مزايو) ٦٥٤٨٠
(٣) بلح: مكيال (حنك) ٣١٠٠
(٤) خضر: سلات ٢١٧٠
(٥) خضر: حزم ٧٧٠٢٠٠
(٦) نبات إسي لليد ١٢٨٦٥٠
(٧) قمح: باقات ١١٠٠٠
(٨) سنابل القمح لليد (أي تحمل في اليد) ٣١٠٠٠
(٩) أزهار: طاقات ١٩٧٥٨٠٠
(١٠) أزهار: سلات ١٩٧٥٨٠٠
  • (ﺟ) صور الآلهة: (١١) الكمية الخاصة بالستة والخمسين والسبعمائة والألفي تمثال وبالصور التي ذُكرت من قبل.١٣٨
    دبن قدت
    (١٢) ذهب جميل وفضة ١٨٢٥٢
    (١٣) أحجار ثمينة حقيقية: قطع منوعة ١٨٢١٤ ٣
    (١٤) نحاس أسود، ونحاس وقصدير (صفيح) ١١٢١٣٢
    (١٥) خشب الأرز: قطع منوعة ٣٢٨
    (١٦) شجر مستكة: قطع منوعة ٤٤١٥

صفحة ٢٢

التضرع الختامي

(١) ما أسعد من يعتمد عليك، يا هذا الإله يا «آمون» يا ثور أمه، ويا حاكم «طيبة»، أقدرني على أن أصل إليك في أمان راسيًا في سكينة، (٢) وثاويًا في الأرض المقدسة مثل التاسوع، وليتني أختلط بأرواح «مانو» (جبل الغرب) الممتازين الذين يُشاهدون ضوءك في الصباح المبكر (٣) اصغ إلى تضرعي يا والدي، ويا سيدي، وإني أنا الوحيد بين التاسوع بجانبك. توج ابني ملكًا على عرش «آتوم»، ومكنه بوصفه (٤) ثورًا قويًّا يا سيد الشاطئين (له الحياة والفلاح والصحة) ملك الوجه القبلي والوجه البحري، رب الأرضين «وسرماعت رع ستبن آمون» — له الحياة والفلاح والصحة — (٥) هو والنطفة التي خرجت من أعضائك، وإنك أنت الواحد الذي نصبته ليكون ملكًا، وعندما كان شابًّا عينته ليكون (له الحياة والفلاح والصحة) حاكم الأرضين على الناس. امنحه حكمًا ملايين السنين (٦) واجعل كل عضو من أعضائه سليمًا في سعادة وصحة. مَكِّن تاجك على رأسه وهو جالس على عرشه، وليت الصل يُوضع على حاجبيه، اجعله قديسًا أكثر (٧) من أي إله، وعظيمًا مثل حضرتك بوصفه سيد أهل «الأقواس التسعة». واجعل اسمه يزدهر فتيًّا يوميًّا في حين أنك تكون درعًا خلفه (٨) كل يوم، وَضَعْ سيفه ومقمعته على رءوس البدو (ستيو)، وليتهم يسقطون خوفًا منه مثل «بعل»، واجعل حدوده تمتد كما يرغب (٩) وليت الأراضي والممالك تخشاه رعبًا منه. هبه مصر فرحة، وأبعد عنه كل شر ومصيبة وهلاك. (١٠) امنحه الفرح ممكَّنًا في قلبه، والانشراح والغناء والرقص أمام وجهه الجميل، وضع الحب له في قلوب الآلهة والإلهات، والإشفاق والخوف منه في قلوب الناس (١١)، وأتمم الأشياء الطيبة التي حدَّثتني عنها على الأرض لأجل ابني الذي على عرشي، فإنك أنت الواحد الذي خلقته، ومكِّن ملكه (١٢) لابن ابنه؛ لأنك حامٍ لهم ومجيب عنهم، وهم لك خدم، وعيونك نحوك، مؤدِّين الإنعامات.

صفحة ٢٣

(١) لحضرتك أبد الآبدين

أما الأشياء التي أمرت بها فقد تم إنجازها ممكنة ثابتة، والأشياء التي تقولها وتدوم مثل الحجر الصلب (٢) لقد قضيت لي بحكم مائتي سنة.١٣٩ فمكنها لابني الذي لا يزال على الأرض، واجعل (٣) حياته أطول من حياة أي ملك حتى يكرر الإنعامات التي أديتها لحضرتك، اجعله ملكًا بأمرك (٤) تَوِّجْه أنت، ولا تدعه ينكس ما فعلته يا رب الآلهة. امنحه فيضانات عظيمة غنية في زمنه (٥) ليمد حكمه بالأرزاق الوفيرة، وامنحه أمراء لم يعرفوا مصر محملة ظهورهم (٦) (بالجزية) لقصره الفاجر، ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين (وسرماعت رع ستبن آمون) — له الحياة والفلاح والصحة — ابن «رع» رب التيجان: «رعمسيس الرابع» حقا ماعت — مري آمون (له الحياة والفلاح والصحة).

هليوبوليس

  • مقدمة: لما كانت المعلومات الأثرية التي لدينا عن معبد «هليوبوليس» ضئيلة جدًّا، فإنا سنكتفي هنا بسرد ما ذُكر منها مما أقامه الفرعون «رعمسيس الثالث» أو عمله — كما حدث ذلك في معابد «طيبة» — وهذا نفس ما سنتبعه في مباني القسم المنفي، وفي المعابد الصغيرة. ومع ذلك فإن للإنسان الحق في أن يحدد مواضع كل المباني التي لم تصل إلينا عنها معلومات كتابية في مكانٍ بعيد عن دائرة «هليوبوليس» كما ذكر ذلك لنا «ركى»١٤٠ إذ يقول: إن في الرقعة التي تمتد في «معبد الكرنك» من البوَّابة الأولى في «معبد آمون» حتى البرج الشرقي للملك «نقطانب» ومن «معبد بتاح» حتى جدار السور الجنوبي «لمعبد موت» يمكن الإنسان أن يقول عنها — بدون أية صعوبة — إنها معابد هليوبوليتية، وقد أُقيمت فيها أماكن ثانوية فيما بعد، غير أنه ليس في استطاعتنا أن نعين مكانًا واحدًا منها على وجه التأكيد — اللهم إلا معبد «آتوم» الرئيسي.١٤١
    وأسماء المعابد التي جاءت في القائمة الأولى هي:
    • (١) «معبد رعمسيس حاكم هليوبوليس في ضيعة رع» (ﻫ/٣١ / ٣)، ولا بد أن هذا المعبد يشير إلى بناء جديد أقامه هذا الملك في «معبد رع» الكبير القائم في «هليوبوليس». وقد وُصف هذا البناء في متن المقدمة (ﻫ/٢٥ / ٢ الخ)، وينبغي للإنسان هنا أن يعد العلاقة التي بين هذا المعبد الصغير الذي أقامه «رعمسيس الثالث» وبين المعبد الرئيسي كالعلاقة التي بين معبد الدولة الكبير للإله «آمون» صاحب «طيبة» وبين المعبد الصغير الذي أقامه «رعمسيس الثالث» في ردهة «بوبسطة» بالكرنك، وقد تحدثنا عنه فيما سبق.
    • (٢) هذه البقعة لمعبد «رعمسيس الثالث» في ضيعة «رع» شمالي «هليوبوليس» (ﻫ/٣١ / ٥). وقد ذهب كل من الأستاذين «برستد» «زيته» إلى أن المقصود هنا بهذا المعبد هو معبد «تل اليهودية»١٤٢ وقد جاء ذكر هذا المعبد في ورقة «هاريس» بالتطويل بإضافة نعت «بيت ملايين السنين» (ﻫ/٢٩ / ٨).
    • (٣) معبد «رعمسيس» حاكم هليوبوليس في ضيعة «رع» (ﻫ/٢٩ / ١٢): تدل ظواهر الأمور على أن هذا المبنى موحد مع الاسم الذي جاء في «هاريس» (٣١ / ٦) «متنزه الفرعون». وهذا المبنى لم يُذكر في القائمة الأولى على وجه عام. ولكن على حسب الجملة الإضافية التابعة لهذا الاسم وهي: «في هذا المكان» فإنه ينبغي لنا أن نبحث عن هذا القصر — أو هذا المنتزه — في «تل اليهودية». وعلى ذلك تكون العلاقة — أو وجه الشبه — بينه وبين المعبد الذي أُقيم في هذه الجهة كوجه الشبه أو العلاقة التي بين قصر مدينة «هابو» وموقعه في المعبد الرئيسي.١٤٣
    • (٤) معبدا «هليوبوليس» الكبيران: أثبت «ركي» في مقاله (Loc. Cit. 13 ff) أنه يوجد معبدان كبيران مختلفان في «هليوبوليس» أحدهما معبد «رع حوراختي» والآخر معبد «آتوم». وهذان الإلهان كما جاء في منظر ورقة «هاريس» ص٢٤ كانا يُعبدان معًا. وقد زاد «رعمسيس الثالث» في عدد خدام كل منهما كما جاء في «هاريس» ص٣١ / ٤:

      الناس الذين وهب ضيعة «آتوم» إياهم، سيد الأرضين الهليوبوليتي، كما قدمهم هبة إلى «رع حوراختي».

    وهذه الجملة تدل — بلا نزاع — على أن الملك — خلافًا لمبانيه الجديدة — قد زاد في أملاك المعبد الكبير في «هليوبوليس».

    والظاهر أن «رعمسيس الثالث» كانت له علاقة خاصة ببلدة «هليوبوليس» كما يدل على ذلك نعته في لقبه «حاكم هليوبوليس». وإنه لمن الصعب أن نعرف على وجه التأكيد الظروف أو الحوادث التي دعت إلى نعته بهذه الصفة. ومع ذلك فإنه يمكن بعد قراءة هذه البردية أن نقترح ما يأتي:

    في مقدمة الجزء الخاص «بهليوبوليس» نجد أنه قد ذُكر عن قصد أن الملك قد طهر «هليوبوليس» أو بحيراتها أو ثيرانها (راجع هاريس ٢٥–١٠، ٢٧–٧، ٣–٣).

    ومن المدهش أن هذا التعبير لم يُذكر في الجزء الخاص «بطيبة» (ﻫ/٤٧–٢).

    والواقع أننا نجد ذلك مذكورًا مرة أخرى في متن آخر، وذلك على لوحة مؤرخة بالسنة العشرين من حكم «رعمسيس الثالث». وقد وُجدت هذه اللوحة في الجدار الموصل بين البوابة الرابعة والبوابة السابعة في الكرنك، وقد جاء عليها ذكر أعمال الملك لآلهته فيقول: (Worterbuch zettel 792):

    إن الفرعون قد طهر «هليوبوليس» لأجل الإله «آتوم» وعمل بيت «رع» في الأفق بما يتبعه من شعائر.

    وكذلك جاء في نفس النقش (Worterbuch zettel 793):

    لقد طهرت «هليوبوليس» من كل قذى.

    ويدل الفعل الذي استعمله هنا للتعبير عن الطهور على أنها قد طُهرت من الدنس؛ لأنها نُظفت أو بُخرت من الأقذاء المادية، وذلك كله يشعر بوقوع حادثة معينة قريبة العهد، وأن «رعمسيس» قد قام بأداء خدمة جليلة مما جعله يضيف إلى اسمه عبارة «حاكم هليوبوليس». والظاهر كما يقول «شادل» أن ذلك ربما يشير إلى أن «هليوبوليس» في عهد اضطراب العرش وهي الفترة التي تقع بين الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين وبخاصة في عهد حكم «إرسو» الأجنبي الذي دنس البلاد، وجعلها نجسة. ولم يقع على عاتق «ستنخت» تجديد «هليوبوليس»، بل كان ذلك الواجب الأول الذي قام بعبئه «رعمسيس الثالث» كما يدل على ذلك تركيب اسمه. وقد قام به بقلب فرح ونفس منشرحة. والخلاصة هي أن المعابد الجديدة التي أقامها «رعمسيس الثالث» في «هليوبوليس» أو بالقرب منها هي ما يأتي:
    • (١) معبد «رع» في هليوبوليس.
    • (٢) معبد تل اليهودية.
    • (٣) قصر في تل اليهودية.
    أما ما ذُكر في «ورقة هاريس» (٣١–٧):

    الأرض الجديدة «لرعمسيس» حاكم «هليوبوليس» «الذي يجعل الأرضين تعيشان».

    فإن هذا اسم ضيعة أهداها الفرعون، وهي على أية حال ليست اسمًا لأي معبد.

هليوبوليس

الصورة الإيضاحية

«رعمسيس الثالث» يقف مصليًا أمام الإلهة «حوراختي» الإله العظيم رب السماء: والإله «آتوم» رب الأرضين الهليوبوليتي، والإلهة «أوس-عاس» سيدة «هليوبوليس»، والإلهة «حتحور» سيدة «حتبت».

كلام الملك: إني أنطق الصلوات، والمديح، والتعبد والثناء، والأعمال الجليلة، والإنعامات التي أديتها لك في حضرتك يا أيها الأمير العظيم.

صلاة للآلهة ويتبعها تعداد أهم المباني والهدايا.

صفحة ٢٥

(١) التضرعات، والثناء، والمدائح، والأعمال الجليلة، والإنعامات التي أدَّاها الملك «وسرماعت رع مري آمون» (له الحياة والفلاح والصحة) الإله العظيم (٢) لوالده «آتوم» رب الأرضين الهليوبوليتي «رع حوراختي»، والإلهة «أوس-عاست» (ساوسس) سيدة «حتبت» (حتحور) وكل آلهة «هليوبوليس».

يقول الملك «وسرماعت رع مري آمون» (له الحياة والفلاح والصحة) الإله العظيم (٣) في مديح والده هذا الإله الفاخر «آتوم» رب الأرضين الهليوبوليتي «رع حوراختي»: الحمد له يا (رع-آتوم) رب الكل وخالق ما هو كائن، المشرق في (٤) السماء، ومضيء هذه الأرض بأشعته، ومن يلفت إليه وجوههم، والمخفيون الساكنون في الغرب (الأموات) يسرون برؤية جمالك، وكل الناس تنشرح عند النظر (٥) إليك، وإنك أنت الذي خلقت السماء والأرض، وإنك أنت الذي نصبتني ملكًا على الأرضين وحاكمًا (بالحياة والفلاح والصحة) على عرشك العظيم وإنك قد وليتني على كل الأراضي إلى نهاية ما يحيط (٦) به «آتون» (قرص الشمس)، وإنهم قد خافوا وسقطوا لاسمي كما فعلوا لاسمك. ولقد كنت مجدًّا في متابعة الإنعامات والأعمال (٧) العظيمة العديدة لبيتك.

  • المباني والمنح للمعابد: لقد زدت في جدارك (سورك) في بيت «رع» وملأت بيت ماله بحاصلات أراضي مصر، وأفعمت مخازن غلاله بالشعير والقمح، وهي التي كانت (٨) قد بدأت تقف مهدمة منذ الملوك (السالفين)، وقمت بتصميمات عظيمة لتماثيلك، وجعلتها تُثوى في محاريب معبدك، ووضعت الأنظمة (٩) للكهنة المطهرين في بيت «رع» وجعلته أكثر قدسية مما كان عليه من قبل (١٠) ونظفت «هليوبوليس» لأجل تاسوعه المقدس، وبنيت معابدهم التي كانت مخرَّبة، وسويت آلهتهم في صورها الخفية من الذهب١٤٤ والفضة وكل حجر (١١) غالٍ لتكون عملًا خالدًا.
  • محراب في معبد «هليوبوليس»: (١٢) وأقمت لك بيتًا فاخرًا في وسط معبدك مثل السماء ممكنًا وفيه صورة «آتون» (الشمس) أمامك مؤسسًا بالحجر الصلب مكسوًّا بالحجر الأبيض الجميل وممكنًا.

صفحة ٢٦

(١) بالعمل الحسن الباقي باسمك وإنه أفق «حوراختي» العظيم الخفي، وعرشه العظيم من الذهب، والمصراعان من ذهب «كتمت»١٤٥ في حين أن أمك تثوى (حتبت) في وسطه (٢) فرحة راضية عند رؤيته، وأعددته بالشبان الذين دربتهم، وبالأملاك الشخصية والأراضي والقطعان التي يخطئها العد.
  • تماثيل ضخمة في معبد «هليوبوليس»: (٣) وأقمت لك آثارًا عظيمة في بيت «رع» من الحجر الصلب الذي سواه «آتوم» في صور عظيمة نُحتت بمجهود، وهي راسخة (٤) في أماكنها أبد الآبدين في بيتك الفاخر، وردهتك الأنيقة منقوشة باسمك المقدس مثل السماء.
  • تعاويذ لتمثال «رع»: (٥) وصنعت لك تعاويذ فاخرة من الذهب الجميل مطعمة باللازورد والفيروزج الحقيقي وعلقتها على جسمك في البيت العظيم لحفظك وبهائك (٦) في مكانك المقدس حتى تحمي أعضاءك الفاخرة بمثابة تعاويذ سنوية لصورتك العظيمة الفخمة الجميلة.
  • محراب من الجرانيت: (٧) وصنعت لك محرابًا سريًّا من الجرانيت وفيه يثوى الإلهان «آتوم» و«تفنوت» ومصراعاه من النحاس مموَّهان (٨) بالذهب ومنقوشان باسم جلالتك العظيم سرمديًّا.
  • لوحات نُقش عليها أنظمة المعبد: (٩) ووضعت لك مراسيم عظيمة لإدارة معابدك مسجلة في قاعة سجلات مصر، وصنعت لوحات خط عليها الأشكال (بالمداد) ثم نحتت بالمسحل.

    (١٠) باقية لك أبدًا فلا تحطم.

  • موازين المعبد: (١١) وصنعت لك موازين فاخرة من السام (ﻫ٣٣ (أ)) لم يُعمل مثلها منذ زمن الإله (يعني هنا الإله «رع»). وقد جلس عليها «تحوت»١٤٦ بوصفه حارسًا للموازين في صورة (١٢) قرد عظيم فاخر من الذهب المطروق، وإنك تزن فيه (المعبد) أمامك يا والدي «رع» عندما تقدر الذهب والفضة بمئات الألوف التي أُحضرت جزية.

صفحة ٢٧

(١) أمامك من خزائنهم (؟)، وأعطيت خزانتك الفاخرة في بيت «آتوم»، وقد أسست له (أي للميزان) قربانًا يوميًّا مقدسًا ليمد مائدته في الصباح المبكر.

  • مخازن للأعياد: (٢) وأقمت لك مخازن لأعياد الظهور مبنية على أرض بكر (طاهرة) في أرض «هليوبوليس» وهي قدسية في صناعتها، وأمددتها بعبيد حسان مختارين، وبحب نظيف بعشرات الآلاف لميرتها.
  • مخازن لدخل المعبد: (٣) وأقمت لك مخزنًا نظيفًا يحتوي على قرابين مقدسة أكثر مما كان قبلي منذ عهد الملوك السابقين، وزودته بكل شيء ولم يعتوره أي نقص لإمداد قربانك في الصباح الباكر.
  • معبد خاص للقرب: (٤) وأقمت لك مخزن قربان لردهتك مفعمًا بالقربات المقدَّسة والطعام الغزير، ويشمل قربات عظيمة من الذهب والفضة لتُقدم إلى حضرتك يا سيد الآلهة وجهزتها (٥) وأتممتها بالشعير والقمح، وقد مُلئت بالغنائم التي جلبتها من أهل الأقواس التسعة وكانت لحضرتك يا أيها السيد الأوحد، يا بارئ السماء والأرض حتى تضاعف أعياد أوائل الفصول أمامك.
  • حظيرة الماشية والدجاج: (٦) وأقمت لك حظائر مواشٍ معدة تحوي ثيرانًا وعجولًا مخصية، وكذلك بيوت تسمين جديدة تحوي أوزًّا مسمنًا.
  • تنظيف البحيرة المقدسة: (٧) وطهرت البحيرة المقدسة الخاصة ببيتك، فأزلت كل الأقذاء التي كانت فيها، وقد كانت حالتها كذلك منذ خلقت الأرض، ولقد كان تاسوعك المقدس راضيًا في قلبه وفرحًا بها.
  • الكروم وحدائق شرح: (٨) وقدمت (شراب) «شدح» ونبيذًا بمثابة قربان يومي ليقدم لأرض «هليوبوليس» في مكانك السامي السري، وخمائل ورياضًا بنباتاتها جديدة، وإن أرباب أرض الحياة راضون بذلك؛ (٩) وغرست لك حدائق عظيمة مجهزة فيها خمائلها التي تحمل شراب «شدح» ونبيذًا في قصر «آتوم» العظيم وتاسوع آلهة هليوبوليس المقدس يبتهج بالأعياد ليرضي جمالك يوميًّا.
  • أرض الزيتون: (١٠) وجعلت لك أراضي زيتون في بلدتك «هليوبوليس»، وأمددتها ببستانين وأناس كثيرين لصنع زيت نقي يكون أحسن ما في مصر لإيقاد المصباح في قصرك الفاخر.
  • خمائل وحدائق الأزهار: (١١) وصنعت لك حدائق أشجار تحتوي نخيلًا وبحيرات مجهزة بأزهار البشنين وأزهار البردي، وأزهار (اسى) وأزهار كل أرض، وأزهار «ردمت» ومرًّا وأخشابًا حلوة عطرة لوجهك الجميل.
  • ضياع جديدة للمعبد: (١٢) وجعلت لك آلافًا من الأرض من جديد من الشعير النقي، وزدت حقولهم التي كانت قد نقصت لأجل أن أزيد بمقدار عظيم القربان لاسمك العظيم السامي المحبوب.

صفحة ٢٨

(١) وجعلت لك أراضي عديدة في الجزر الجديدة في المراكز الجنوبية والشمالية بعشرات الآلاف، وعملت لها لوحات منقوشة باسمك ممكنة لك تحمل مراسيم سرمدية (٢) وصنعت لك حظيرة دجاج تحوي طيورًا برية (راجع عن حظائر الطيور)، وأجريت١٤٧ برك الطيور إلى مدينتك (هليوبوليس) ليقدمها لحضرتك يا والدي، وقد سيقت إليك إلى تاسوعك المقدس الذي يتبعك.
  • الموظفون والخدم والعبيد: (٣) ونصبت لك رماة ونحالين، وحاملي بخور ليقدموا إتاواتهم السنوية إلى بيت مالك الفاخر (٤) ونصبت لك رماة صيادين ليصطادوا غزلانًا بيضا ليقربوها إلى حضرتك في كل أعيادك (٥) وجعلت لك نواتي ومشرفين من الرعايا الذين دربتهم لجمع إتاوة الأرضين، وهي ضرائب الأرضين والإتاوة التي تُحصل لبيت مالك في معبد «رع» لتضاعف قرابينك المقدسة أكثر من ألف ألف مرة (٦) ونصبت عبيدًا حرسًا لمينائك لملاحظة قناة ميناء «هليوبوليس» في المكان الفاخر (المعبد).

    (٧) ونصبت حراس أبواب من العبيد وأمددتهم برجال ليحرسوا ويراقبوا ردهتك (٨) وجعلت عبيدًا حراسًا لإدارة القناة وحراسًا للشعير النقي لأجلك أيضًا.

  • إصلاح مخازن الغلال: (٩) وأقمت لك مخازن غلال مُلئت بالحبوب وهي التي كانت قد بدأت تنضب فأصبحت ملايين.
  • تمثال من ذهب: (١٠) وسويت لك تماثيل من الذهب المطروق راكعة على الأرض أمامك تحمل قرابين مقدسة، وسويت أخرى كذلك من الفضة الخالصة لأرضي صليك في كل وقت.
  • أواني العبادة للمعبد: (١١) وصنعت لك قاعدة آنية كبيرة في ردهتك، زجاجاتها من الذهب والفضة، تحمل أباريق شراب شدح، وممونة بالقربات الإلهية في قوائم عدة، لتقدم إلى حضرتك يا أيها الأمير العظيم (١٢) وصنعت لك أواني مائدة لا حصر لها من الفضة والذهب المطعم منقوشة باسمك، ومبخرة «نمست» (آنية نمست)، وأواني «دنيا» وأواني «عنخي»، وأواني «حسيوت»، وكئوسًا عديدة لحملها إلى (١٣) حضرتك بقربان النبيذ، وكان تاسوعك المقدس راضيًا في قلبه، وفرحًا بها.

صفحة ٢٩

  • سفن المعبد: (١) وبنيت لك سفن نقل، وسفنًا لحمل المتاجر مجهزة بالرجال لتحمل محاصيل أرض الإله (بنت) إلى بيت مالك ومخزنك.
  • إصلاح مقصورة «حور» وخميلتها: (٢) وأصلحت بيت «حور المشرف على المعبد» فأقمت جدرانه التي كانت مخربة. (٣) وجعلت الخميلة التي كانت في وسطه تنمو، وغرستها بالبردي في وسط مستنقعات الدلتا (على الرغم من) أنها كانت قد بدأت تقفر سابقًا.١٤٨
  • خميلة المعبد!: (٤) وجعلت خميلة معبدك الطاهرة تنمو، وجعلتها في حالتها الملائمة عندما بدأت تقفر، وأمددتها ببستانيين لفلاحتها لتثمر قربانًا من شراب شدح في المكان الذي يعرفه (أي التمثال)، (٥) وجعلت لك قرابين أعياد عظيمة لردهتك زيادة عما كانت عليه الحال من قبل، منذ زمن الآلهة، ومؤنتها بالثيران والعجول المخصية وماشية الجبل، والزيت، والبخور، والشهد، وشراب شدح (٦) والنبيذ، والذهب، والفضة، والكتان الملكي، والملابس العديدة، وكل الأزهار لوجهك الجميل.
  • قربان معبد «حعبي» (النيل): (٧) وعملت لك قرابين أعياد عظيمة في بيت «حعبي»، وكل تاسوع «خرعحا» (مصر العتيقة) كانوا في أعياد.
  • معبد «رع» شمالي «هليوبوليس»: (٨) وأقمت لك بيتًا فاخرًا شمالي «هليوبوليس» ممكنًا ليكون عملًا أبديًّا منقوشًا باسمك «بيت ملايين السنين لرعمسيس حاكم هليوبوليس» (بالحياة والفلاح والصحة) في بيت «رع» شمالي «هليوبوليس». وقد أعددته بالناس والمتاع ليحملوا إلى بيتك حدائق تحتوي أزهارًا لردهتك.
  • قطعان المعبد: (٩) وجعلت لك قطيعًا (يُسمى): «صناع الإنعامات»، وأمددته بحيوانات جميلة لا حصر لها، لتقدم إلى حضرتك في كل أعيادك، وضاعفت شبابها (أي التابعين لها) التابعين لاسمك (١٠) وجعلت لك قطيعًا آخر لبيتك الفاخر، لإمداد معبدك بذخيرة غزيرة، (وسميته) «قطيع رعمسيس حاكم هليوبوليس في حياة وفلاح وصحة مضاعفًا القربان في ضيعة رع»، وملأته بالماشية والرعاة أيضًا، على أنهم لن يزولوا قط بوصفهم تابعين لحضرتك.
  • إصلاحات: (١١) وقمت لك بأعمال بواسطة عمال وقاطعي أحجار، لبناء معبدك ولإصلاح بيتك.
  • معبد١٤٩ «رع»: (١٢) وأقمت لك: «بيت رعمسيس حاكم هليوبوليس في ضيعة رع» مجهزًا بالناس والمتاع مثل الرمال.

صفحة ٣٠

  • معبد الآلهة «أوس-عا-س» (ساوس Saosis): (١) وأقمت لك معبدًا فاخرًا غربي قناة «هليوبوليس» لأمك «ساوسس» سيدة «هليوبوليس».
  • مستعمرة الأسرى الأجانب: (٢) وأقمت لك مستعمرة نظيفة من الشبان العديدين الذين أحضرت أولادهم إلى بيتك المسمى: «الاستيلاء على الآخرين» (الأجانب).
  • الثيران المقدسة: (٣) ونميت الماشية السوداء، والثيران العظام مطهرة من كل خبث في حقولها.
  • سفينة «اوس-عا-ست»!: (٤) وبنيت سفينة كبيرة لابنتك العظيمة «أوس-عا-ست» سيدة «حتب» وسميتها «سب١٥٠ في هليوبوليس» من خشب (٥) الأرز (نعر)، وهو أحسن ما في الضيعة الملكية، وكانت مصفحة بالذهب مثل سفينة «ملايين السنين».
  • القوائم: (٦) تأمل قائمتها (أي الأعمال الخيرية التي قام بها «رعمسيس الثالث») فإنها أمامك يا ولدي، ويا سيدي لتحدِّث التاسوع الإلهي بإنعاماتي.

صفحة ٣١: (ب) القوائم

  • ثروة المعابد: (١) قوائم بالأشياء، والماشية، والحدائق، والخمائل، والأراضي الزراعية، والسفن التجارية، ومصانع السفن، والمدن التي منحها الملك «وسرماعت رع مري آمون» (له الحياة والفلاح والصحة) الإله الأعظم (٢) لوالده الفاخر «آتوم» رب الأرضين الهليوبوليتي، وللإله «رع حوراختي» ملكية سرمدية.
  • التابعون للمعابد إلخ: (٣) بيت «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «رع» تحت إشراف «أعظم الرائين» (وعدة) موظفين في كل الفروع (الأشياء): ١٤٨٥ نسمة.
    (٤) الناس الذين١٥١ منحهم لمعبد «آتوم» رب الأرضين «لهليوبوليس»، (ولمعبد) «حوراختي»، وهم الذين في ملكية الضيعة (أي الضيعة الجديدة التي ذُكرت قبل الآن) تحت إدارته: ٤٥٨٣ نسمة.١٥٢
    (٥) وهذه البقعة (؟) لمعبد١٥٣ «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «رع» شمالي «هليوبوليس» تحت إشراف الكاتب، وكبير المفتشين «برحتب» مجهز بأملاكه ٢١٧٧ نسمة.
    (٦) قصر متنزه١٥٤ الفرعون (له الحياة والفلاح والصحة) الذي في هذا المكان، وهو الذي يديره الكاتب الأول «تحتمس» والموظفون ١٧٧٩ نسمة.

    (٧) ضيعة الأراضي الجديدة «لرعمسيس الثالث» (له الحياة والفلاح والصحة) الذي جعل الأرضين تعيشان وهي تحت إدارة الكاتب والمفتش الأول «حوري»: ٢٤٧ نسمة.

    (٨) الضباط، وأولاد الرؤساء، والأشراف (مريانا)، والعبرو، وأهل المستعمرات الذين في هذا المكان: ٢٠٩٣ نسمة.

    (٩) المجموع = (١٢٩٦٣) نسمة (ولكن المجموع الصحيح هو) = ١٢٣٦٤ نسمة.

صفحة ٣٢ (أ): أملاك منوعة

(١) ماشية منوعة ٤٥٥٤٤
(٢) حدائق وخمائل ٦٤
(٣) أراضي استات*
(٤) مصانع سفن من خشب الأرز والسنط
(٥) سفن نقل، وسفن شحن ٣
(٦) مدن مصرية ١٠٣
ستات = ١٠٠٠٠ ذراعًا أو ٢٧٣٥ مترًا مربعًا أي نحو فدانًا مصريًّا.
  • ضريبة رعايا معابد «هليوبوليس»: (٧) السلع والضرائب وإنتاج الناس لمعبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» (له الحياة والفلاح والصحة) في ضيعة «رع» (٨) ولمعبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» (له الحياة والفلاح والصحة) في شمالي «هليوبوليس»، ولمعابد وقطعان هذا البيت (٩) التي تحت إدارة الموظفين بمثابة الجزية المفروضة عليهم سنويًّا:
دبن قدت
(١٠) فضة ٥٨٦ ،

صفحة ٣٢ (ب)

دبن قدت
(١) نحاس ١٢٦٠
(٢) كتان ملكي، وكتان «مك» وكتان الجنوب مضاعف الجودة، وكتان الجنوب الجميل، وكتان ملون، ملابس متنوعة ١٠١٩
(٣) بخور، وشهد، وزيت: أوانٍ مختلفة (إعع) ٤٨٢
(٤) شراب شدح، ونبيذ؛ أوان مختلفة (إعع) ٢٣٨٥
(٥) فضة من سلع الإتاوة المفروضة على الناس للقربان المقدس ٤٥٦
(٦) حبوب نقية من ضرائب الفلاحين بالحقيبة (خار)* ٧٧١٠٠
(٧) خضر باقات ٤٨٠٠
(٨) كتان حزم ٤٠٠٠
(٩) طيور ماء من إتاوة الصيادين والسماكين ٣٧٤٦٥
(١٠) ثيران وعجول مخصية وعجلات وعجول وبقرات وماشية من القطعان ٩٨
(١١) أوز حي من الإتاوة (هكذا؟)
(١٢) خشب الأرز: قارب عبور ١
(١٣) سنط: سفن واسعة وسفن نقل ٧
(١٤) سلع الواحة في قوائم عدة للقرابين الإلهية
خار = حقيبة: والحقيبة تسع أربع ويبات. والويبة تحتوي أربعين «هنا»، وهو مكيال مصري مصنوع من الفخار أو المعدن وعلى ذلك تشمل الحقيبة ١٦٠ هنا. وقد عُثر على بعض مكاييل للهن ووُجد أنه يسع ٠٫٤٦ من اللتر؛ وعلى ذلك تكون الويبة تسع ١٨٫٤ لترًا والحقيبة تسع ٧٣٫٦ لترًا. وقد حسب المستر «لوكاس» حديثًا سعة الهن من مكاييل من عهد البطالمة ووجد أنه يسع ٠٫٥٠٣ من اللتر؛ وعلى ذلك يكون سعة الويبة ٢٠٫١ لترًا وسعة الحقيبة ٨٠٫٤ لترًا.
والآن يتساءل الإنسان كيف يمكن قرن هذه الأرقام بالقيم التي كان ينسبها علماء البردي الإغريقي للإردب وتقسيمه إلى أربعين شوينكس choinix؟ والواقع أن الويبة بقيت مستعملة مكيالًا حتى العهود البيزنطية، غير أن سعتها كانت أقل من عهد الفراعنة. وكلمة إردب من أصل فارسي، وعلى أنه قد وُجد في العهد الإغريقي الروماني أن أحد قيم الإردب المتقلبة وقتئذ كانت ٤٠ شوينكس، وإذا أضفنا إلى ذلك أن معنى كلمة «شوينكس» يقرب جدًّا من معنى «الهن» المصري وهو «إناء» أو «مكيال» يجعل من المعقول لدينا من حيث الحجم أن الإردب كان يُقاس بالويبة، وهو استعمال لا يزال حتى عهدنا الآن؛ إذ إن الإردب يساوي ست ويبات (راجع Wilbour Pap. II, p. 64-5). ويُلاحَظ أن في العهد البيزنطي كان الإردب يحتوي ثلاث ويبات كبيرة وست ويبات صغيرة؛ أي إن الويبة كانت تساوي من الإردب كما هي الحال في عهدنا (راجع Ibid p. 65 note 1).

صفحة ٣٣ (أ): المنح الملكية

(١) الذهب، والفضة، واللازورد الحقيقي، والفيرزوج الحقيقي، وكل حجر فاخر غالٍ، والنحاس الأسود، (٢) والملابس من كتان «مك» ومن الكتان الملكي، وكتان الجنوب الجميل، وكتان الجنوب، والملابس الملونة، والجرار من كل شيء التي أعطاها (٣) الملك «وسرماعت رع مري آمون» (له الحياة والفلاح والصحة) الإله العظيم، هبة من الملك (له الحياة والفلاح والصحة) لتموين بيت والده الفاخر «آتوم» رب الأرضين الهليوبوليتي وﻟ «رع حوراختي» (٤) من السنة الأولى حتى السنة الواحدة والثلاثين، أي مدة واحدة وثلاثين عامًا.

دبن قدت
(٥) ركيزة ذهب جميل، وذهب للموازين* ١٢٧٨
(٦) ركيزة ذهب جميل من الدرجة الثانية، وذهب أبيض في صورة أوانٍ وحلي ١٩٨
١٤٧٩ ٣
(٨) ركيزة فضة للموازين وفضة أوان ١٨٩١
(٩) فضة مطروقة: لوحة واحدة ٣٩٤
(١٠) مجموع الفضة (المجموع هنا ناقص ٣٠) ٢٢٥٥
(١١) مجموع الذهب والفضة ٣٧٣٤
(١٢) لازورد حقيقي قطعة واحدة ١ ١
(١٣) لازورد وزمرد: جعران كبير العدد ٣٦
(١٤) نحاس أسود للموازين ٦٧ ٣
(١٥) نحاس مطروق: لوحتان ٤٠٠ ٣
أي الموازين التي ذُكرت في ورقة «هاريس» ص (٤٦) سطر (١١) وفي ٢٧–١، ويبلغ الذهب الذي خُصص لها حوالي ٣١٣,٧٥ رطلًا.
†  حوالي ٤٦٠ رطلًا.

صفحة ٣٣ (ب)

دبن قدت
(١) نحاس: أوان ١٤١٦ ١
(٢) مجموع النحاس بالدبن ١٨١٩* ٧
(٣) كتان ملكي وكتان مك وكتان الجنوب الجميل وكتان الجنوب وكتان ملون وملابس مختلفة ١٨٧٩٣
(٤) مر (دبن) ١٧٨٧
(٥) مر (حقت) ٢
(٦) خشب مر: كتل (بالقطعة) ٢٠
(٧) ثمرة المر بالمكيال (إبت) ويبة ١٠٠
(٨) بخور، وزيت، وشهد، وشحم أوان منوعة (إعع) ٣٨٤٠
(٩) شراب (شدح) ونبيذ: أوان منوعة (إعع) ١٠٣٥٥٠
(١٠) بخور: قاراروتي (وزن) قاراروتي ٥٣٠
(١١) بخور: مكاييل كبيرة (ويبة) ٦٢
(١٢) أسفلت جميل من «بنت»: دبن ٣٠٠
(١٣) حجر (وبات): أختام مركبة على ذهب ١١
(١٤) حجر (حرست): بالدبن ٥٠
لقد حذف الكاتب العدد، والمجموع الحقيقي هو ١٨٨٣ دبنًا و٧ قدتًا. (رجع فصل الملكة توسرت ملاحظة رقم ١).
†  كان الإردب على حسب ما جاء في العهد البيزنطي يحتوي ثلاث ويبات كبيرة وست ويبات صغيرة.
‡  أسفلت يُجلب من بلاد «بنت» و«قفط» و«زاهي» ويُستعمل في التحنيط، وكذلك يُستعمل جزءًا رئيسيًّا في نوع من المسوح (W. B. II, p. 82).

صفحة ٣٤ (أ)

دبن
(١) حجر أمازون أخضر: بالدبن ٥٠
(٢) حجر يشب أحمر: بالدبن ٢٠٠
(٣) حجر ثمين: مائدة قربان ١
(٤) حجر (وبات): أختام ٢٠٠
(٥) بلور صخري وأحجار ثمينة، صدريات منوعة ٢١٩٥
(٦) بلور صخري مقطع: بالهن ١٠
(٧) بلور صخري: خرز (عدد) ٢٢٤٥٠
(٨) عِصِي من القرفة: سلات (مستي) ١٧
(٩) خشب عطري: دبن ٢٠٠٠
(١٠) شعير سوري: حقت ٥
(١١) كمون: حقت ٥
(١٢) خشب مشغول طُبع عليه خاتم الملك ٣١
(١٣) خشب مرو مطعم بالأبنوس: قضيب ١
(١٤) خشب مشغول: قطعة للموازين ١
(١٥) خشب خروب: قطعة طولها أربع أذرع ١

صفحة ٣٤ (ب)

دبن
(١) شجرة «برسا» مقطوعة: قطعة طولها أربع أذرع ١
(٢) خشب مرا: عمود للميزان طوله ثلاث أذرع وأربعة أشبار ١
(٣) قطعة خشب ملونة ومزخرفة لتكون عصا ١
(٤) أرض زيتون مجهزة: خميلة واحدة مساحتها: ستات
(٥) حدائق من كل نوع من الأشجار مجهزة ٢
  • (د) غلة قربان الأعياد والأيام العادية: (٦) حبوب خاصة بالقربان المقدَّسة لأعياد السماء وأعياد أوائل الفصول وهي التي أسسها الملك (٧) «وسرماعت رع مري آمون» الإله العظيم، لوالده الفاخر «آتوم» سيد الأرضين الهليوبوليتي و«رع حوراختي» زيادة على القرابين اليومية ليضاعف ما كان من قبل (٨) — له الحياة والفلاح والصحة — من السنة (٩) الأولى حتى السنة الحادية والثلاثين أي مدة إحدى وثلاثين سنة: (١٠٩٧٦٢٤ حقيبة).
  • (ﻫ) قربان الأعياد القديمة: (١٠) تقديم قربان الأعياد التي أسسها الملك «وسرماعت رع مري آمون» الخ. الإله العظيم لهذا البيت (١١) زيادة لقربان الأعياد السالفة من سنة لأخرى ابتداء من السنة التاسعة حتى الحادية والثلاثين أي مدة ثلاث وعشرين سنة.
    (١٢) خبز ناعم: رغفان قرابين كبيرة ذهبية ٤٦٠
    (١٣) خبز ناعم: وعاء (باح) أو مكيال (W. b. I, p. 422) ٤٦٠٠

صفحة ٣٥ (أ)

دبن
(١) خبز ناعم: أوعية أو سلات «ودنو» كبيرة ٢٣٠٠٠
(٢) خبز ناعم: سلات «حتب» من خبز «ودن» ٨٠٥٠٠
(٣) خبز ناعم: رغفان «عق» (خُبزت على النار) ٩٢٠
(٤) خبز ناعم: رغفان «عق» كبيرة ٤٦٠٠٠٠
(٥) خبز ناعم: رغفان طويلة بيضاء ٨٠٥٠٠
(٦) خبز ناعم: رغفان قربان بيضاء طويلة ٩٢٠٠٠٠
(٧) خبز ناعم: رغفان بيضاء هرمية الشكل ١٠٣٥٠٠
(٨) خبز ناعم: رغفان (كرشت) ٣٤٥٠٠
(٩) خبز ناعم: رغفان (ودنونت) ٨٠٥٠٠
(١٠) خبز «قونك»: رغفان بيضاء ٨٠٥٠٠
(١١) المجموع: الخبز الناعم: أرغفة «عق» المنوعة ١٧٦٠٤٢٠*
(١٢) فطائر على هيئة البقر ٦٩٠٠٠
(١٣) فطائر: رغفان «بيت» ١١٥٠٠
ويقول الأستاذ «برستد» إن هذا العدد قابل للقسمة على ٢٧؛ وعلى ذلك إذا أجرينا هذه القسمة في كل قائمة فإن خارج القسمة يكون: القربان السنوي في هذا العيد، غير أن هذا الزعم خاطئ؛ إذ تدل الترجمة التي أوردها الأستاذ «جاردنر» للنصوص على أنه قربان لسنة واحدة كما ذكرنا قبلًا. (راجع الفصل السادس أعمال رمسيس).

صفحة ٣٥ (ب)

دبن
(١) فطائر «رحسو»: رغفان مستديرة ٢٨٧٥
(٢) فطائر «رحسو»: مكاييل (ثمثم) ٤٦
(٣) جعة: مكاييل (تتف) ١٩٨٢٦٠
(٤) شراب شدح: جرار ملونة (من) ١٣٨٠
(٥) شراب شدح: جرار (كابو) ٢٩٩٠
(٦) نبيذ: جرار (من) ١٦١٠٠
(٧) مجموع شراب شدح والنبيذ: في جرار «من» و«كابو» ٢٠٤٧٠
(٨) ثيران ٩٦٦
(٩) عجول مخصية ١٨٨٦
(١٠) ثيران (نجا) ٧٠٣
(١١) عجلات ١٢٤٢
(١٢) عجول ١٢٤٢
(١٣) بقرات ٥٩١١
(١٤) مجموع الماشية المنوعة ١١٩٦٠
(١٥) ذكور الوعل الأبيض ٢٣٠

صفحة ٣٦ (أ)

دبن
(١) أوز حي ١١٥٠
(٢) طيور للإفراخ ٢٣٠٠
(٣) طيور ماء حية ٣٨٠٠
(٤) مجموع طيور الماء الحية ١٧٢٥٠
(٥) شهد: جرار (جاي) ٩٢
(٦) بخور: جرار (كا-حركا) ٩٢٠٠
(٧) بخور في أواني «ثابو انكاو» (W. B. V, p. 354) ٤٦٠٠
(٨) بخور: في هيئة رغفان بيضاء طويلة ١١٥٠
(٩) بخور: سلات «حتب» ٣٤٥٠٠
(١٠) بخور: في سلات (دنيت) ١٢٦٥٠٠
(١١) بخور: جرار (إعع بو) ٢٦٥٠٠
(١٢) سلات بردي ملونة من الجزية لأجل البخور بمكيال الويبة المنوع (؟) ٣٤٥٠٠
(١٣) فاكهة: سلات (زدمت) ٦٩٠
(١٤) فاكهة: سلات (ثاي) ٢٣٠٠٠
(١٥) فاكهة: مكاييل (حتب-خرتمتت) ٣٤٥٠٠

صفحة ٣٦ (ب)

دبن
(١) فاكهة: مكاييل مختلفة (حتب) ١١٥٠٠٠٠
(٢) فاكهة: مكاييل (دواير) ٤٦٠٠
(٣) فاكهة: مكاييل (ديني) ٢٣٠٠٠
(٤) ورق بردي: مكاييل منوعة (بالويبة) ٢٣٠٠٠
(٥) فاكهة (أبحقوقو) مكاييل «حتب» ٤٦٠٠
(٦) تين: أكوام هرمية الشكل ٤٦٠٠
(٧) فاكهة «كاثا» وأزهار «كاثا»: حقات ٢٣٠٠٠
(٨) زهور البشنين لليد (w. b. III p. 174) ٤٦٠٠٠
(٩) نبات «إسي»: مكاييل منوعة (ويبة) ٤٨٣٠٠٠
(١٠) نبات «إسي» لليد ٢٣١٥٠٠
(١١) أزهار: أكاليل ٤٦٠٠٠
(١٢) أزهار البردي: طاقات ٤٨٣٠٠٠

صفحة ٣٧ (أ)

دبن
(١) بردي: برك واسعة ٦٩٠٠
(٢) نبات «سنر» مكيال «دد» (w. b. v, p. 501) ٩٢٠٠٠
(٣) نبات «إسي»: مكاييل (دد) ٦٩٠٠٠
(٤) نبات «منح»: بالويبة ٢٦٥٠٠
(٥) بلح: مكيال (مزا) ٢٤١٥٠٠
(٦) لبن: مكيال (جسر) ٨٦٠٠
(٧) فروع من العنب (زينة) في اليد ٩٢٠٠٠
(٨) أزهار: طاقات ١١٥٠٠٠٠
(٩) أزهار سلات: (حتب) ١١٥٠٠٠٠
(١٠) أعشاب باقات ٤٦٠٠
(١١) قرون الخروب ٩٢٠٠٠
(١٢) خشب حريق (قطع) ١١٥٠٠
(١٣) فحم بلدي: مكاييل (جسر) ٢٣٠٠

صفحة ٣٧ (ب): قربان لإله النيل

(١) قربان لكتب١٥٥ إله النيل وهي التي أسسها من جديد في بيت إله النيل، هذا بالإضافة إلى كتب (٢) إله النيل التي تُقدم في بركة «كبح» في بيت «حوراختي» (٣) وكتب إله النيل التي تُقدَّم في بيت «أنوبيس» رب التصميمات في «نرو» وهي — أي القربان — زيادة على عدد قربانهم التي كانت من قبل سنة فسنة (٤) من السنة الحادية والثلاثين — أي لمدَّة إحدى وثلاثين سنة.
  • القرابين التي أسسها «رعمسيس الثالث»: (٥) كتب إله النيل التي أسسها الملك «وسرماعت رع مري آمون» الإله العظيم مدَّة ثمانية وأربعين عامًا في إحدى وثلاثين سنة١٥٦ وهي: اثنان وأربعون ومائة كتاب لإله النيل. والقربان هي:
    (٧) خبز ناعم للقرابين المقدسة: رغفان منوعة (بيات) ٤٧٠٠٠٠
    (٨) خبز ناعم للقرابين المقدسة: رغفان منوعة (برسن) ورغفان بيضاء ورغفان (سشو) ٨٧٩٢٢٤
    (٩) فطائر: بالويبة المنوعة ١٠٦٩١٠
    (١٠) خبز أبيض مستطيل الشكل من دقيق قونك وخبز «ودنوت» ٤٦٥٦٨
    (١١) جعة: جرار منوعة فيكون (نسي الكاتب تسجيل عدد الهنات هنا التي تحتويها هذه الجرار) ٤٩٤٣٢
    (١٢) حب نقي بالحقائب
    (١٣) ثيران ٢٩١
    (١٤) ثيران مخصية ١٧

صفحة ٣٨ (أ)

دبن
(١) عجول ٥١
(٢) بقرات ٢٥٦٤
المجموع ٢٩٣٢
(٣) ماعز ١٠٨٩
(٤) أوز سمين ١٩٢
(٥) أوز حي وطيور (خت عا) ٣٩٣٨
(٦) طيور للتفريخ ٣٦٤
(٧) طير ماء ٢٦٥٣
(٨) حمام ٦٨
(٩) طيور (تا عشا) ١٩٩٢٨
(١٠) مجموع الطيور المنوعة ٢٧١٤٣
(١١) شراب شدح: جرار (كابو) ٢٠٩
(١٢) نبيذ: جرار (من) ٧١٥٤
(١٣) شحم أبيض: ٣٥١٣ جرة، وكل منها تحتوي على ربع هن المجموع *
(١٤) بصل مكيال (ع) ١٢٧١٢
أخطأ الكاتب في الحساب؛ لأن ٣٥١٣ جرة كل منها ربع هن = هنا.

صفحة ٣٨ (ب)

دبن
(١) خضر (سبر): جرار (ع) ١٢٧١٢
(٢) امتست جرار (ع) ١١٨٧٢
(٣) بلح مجفف: جرار (ع) ١١٨٧٢
(٤) مر مجفف: جرار (ع) ١١٨٧٢
(٥) معدن ثمين (وز) ١١٨٧٢
(٦) كحل جرار (ع) ١١٨٧٢
(٧) بخور للمباخر ٨٤٨
(٨) بخور إناء أو مكيال (سبت) ٤٢٤
(٩) بخور ٨٧٣٤٤ جرة (ع) تحتوي بخورًا: دبن ٢٣٠٠٨
(١٠) بخور مكيال (دنيت) ٦٤٢٠
(١١) بخور جرار (ع) ٢٥٦٨
(١٢) بخور جرار (اع بو) ١٣٠٤
(١٣) بخور أبيض: بالهن ٨٥
(١٤) زيت: بالهن ٨٥
(١٥) فاكهة: بوعاء (محتت) ٢٥٤٢٤٠

صفحة ٣٩

دبن
(١) فاكهة: مكاييل (دنيت) ٢٦٧٢
(٢) فاكهة: جرار (ع) ١٥٤٦٧٢
(٣) عنب: جرار (ع) ١١٨٧٢
(٤) زبيب ١١٨٧٢
(٥) أجود فاكهة: جرار (جاي) ٩٦٠٠
(٦) شهد: ٢٨٠٠ جرة (بوجا) كل منها ربع هن ٥٢٠٠
(٧) شهد: ١٠٤٠ جرة (محتت) كل منها هن واحد ١٠٤٠
(٨) شهد للفطائر: هن ،
(٩) شحم أبيض للفطائر: هن ،
(١٠) قرفة: قطع ٣٠٣٦
(١١) أجود زيت: ٨٤٨ جرة (ببا) كل منها نصف هن ٤٢٤
(١٢) أجود زيت: ٣٠٣٦ جرة (ع) كل واحدة منها ربع هن ٧٥٨
(١٣) فول مقشر: جرار (ع) ١١٩٩٨

صفحة ٤٠ (أ)

دبن
(١) زبيب: جرار (ع) ١١٨٧٢
(٢) زبيب: بالويبة ١٠٦٠٠٠
(٣) قرون خروب بالويبة ١٠٦٠٠٠
(٤) أعشاب (أو خضر) باقات (خرش) ١٥٩٠٠٠
(٥) أعشاب (أو خضر) باقات (حتب) ١١٨٧٢
(٦) بردي الشاطئ لليد (؟) ٧١٢٠٠
(٧) ليف: مكاييل (مستي) ٤٣٦٠٠
(٨) فاكهة بيضاء: جرار (جاي) ٤٢٤٠
(٩) عطر حديقة أخضر (اسم نبات) ١٠٦٠٠٠
(١٠) ثمرة سنب: جرار (ع) ١١٨٧٢
(١١) زبدة: جرار (نمست) ١٢٠٤٠
(١٢) لبن: جرار (نمست) ١٢٠٤٠
(١٣) لبن: قعب (مهن) ١٩٨
(١٤) رمان: بالويبة ٩٦٠٠٠٠
(١٥) تفاح (دبحت): سلات (كارا-حوتي) ٨٤٨

صفحة ٤٠ (ب)

دبن
(١) نبات (اسي): مكاييل (زدمت) ٨٤٨
(٢) نبات (اسي): لليد ٨٤٨٠
(٣) أزهار: أكاليل ٤٣٦٤٠
(٤) أغصان عنب لليد ٧٤٠٠٠
(٥) أزهار: فروع طاقات ١١٤٨٠٤
(٦) أزهار: فروع (حتبت) ١١٤٨٠٤
(٧) ذهب: تمثال لإله النيل (نوسا)* ٦٧٨٤
(٨) فضة: تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(٩) لازورد حقيقي: تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(١٠) فيرزوج حقيقي: تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(١١) (حديد): تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(١٢) نحاس: تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(١٣) قصدير: تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(١٤) صفيح: تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(١٥) معدن (منيت-وز) تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
حلية؟

صفحة ٤١ (أ)

دبن
(١) حجر مينو: تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(٢) حجر شزمت: تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(٣) حجر الأمزون أخضر (نشمت): تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(٤) مرمر: تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(٥) يشب أحمر: تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(٦) حجر (حرست): تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(٧) حجر (كنمت): تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(٨) حجر (مسدمت): تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(٩) معدن «سهر»: تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(١٠) معدن* «ثر»: تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(١١) برنز: تمثال لإله النيل (نوسا) ٦٧٨٤
(١٢) أحجار منوعة غالية تماثيل للنيل (نوسا) ١٣٥٦٨
(١٣) بلور صخري: أختام ١٠١٩٦
(١٤) بلور صخري: قلادة ١٠١٩٦
(١٥) بلور صخري: عقد رقبة ١٠١٩٦
مادة معدنية تُستخرج من إلفنتين وتُستعمل لعمل التماثيل الصغيرة (راجع W. b. v, p. 386).

صفحة ٤١ (ب)

دبن
(١) خشب جميز: تماثيل لإله النيل ٥٠٩٦
(٢) خشب جميز: تماثيل لإلهة النيل ٥٠٩٨
(٣) كتان من الجنوب: قمصان ١٠١٩٦
(٤) حجر: (وبا) ٣١٦٥٠
(٥) خشب حريق (قطع) ٥١٠
(٦) فحم بلدي: مكاييل (جسرا) ١٧

صفحة ٤٢

  • الصلاة الختامية: «رعمسيس» يصلي للنيل: (١) أتمم لي أعمالي العظيمة التي أديتها لك يا أيها الوالد، لقد وصلت إلى الغرب (مكان الموتى) مثل (٢) «أوزير». هيئ لي أن أتسلم القربات التي تخرج أمامك، وأن أستنشق عبير المر مثل تاسوعك الإلهي، وهيئ لي أن يغمر ضياؤك رأسي يوميًّا، وأن يعيش روحي ويراك في الصباح المبكر، اعمل (٣) ما يرتاح إليه قلبي يا أيها الوالد الفاخر؛ لأني كنت منعمًا لنفسك عندما كنت على الأرض، اصغ لتضرعي، واعمل ما أقوله، وما يعلنه الآلهة، وكذلك (٤) الناس لك، مَكِّن ابني ليصبح ملكًا بمثابة رب للقطرين، حتى يحكم الأرضين بمثابة ملك (له الحياة والفلاح والصحة) مصر (٥) «وسرماعت رع ستبن آمون»، (بالحياة والفلاح والصحة) الذي اخترته لنفسك ليكون وارثًا ليعظم اسمك، ثبت التاج الأبيض والتاج المزدوج المقدس على رأسه مثل ما توجت (٦) على الأرض مثل «حور» صاحب الإلهتين (أي الصلين). اجعل كل عضو من أعضائه سليمًا، ونمِّ عظامه، واجعل عينيه تقويان عند نظر حب الملايين١٥٧ له، واجعل مكثه (٧) على الأرض مثل النجم القطبي (أي ثابتًا)، واجعله مستعدًّا مثل الثور القوي قابضًا على الأرضين. هبه أهل الأقواس التسعة مجتمعين تحت قدميه، مقدمين لاسمه (٨) التحية عندما يكون سيفه فوقهم.

    وإنك أنت الواحد الذي خلقته طفلًا، وقد وليته أميرًا وراثيًّا على عرش «جب» (الأرض) المزدوج، وإنك تقول: «صيِّره ملكًا على عرش (٩) من أنجبه»، وإن الأشياء التي تأمر بها تحدث ممكنة ثابتة، امنحه حكمًا عظيمًا مديدًا، وأعيادًا ثلاثينية قوية مثل «تاتنن» (١٠) ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «وسرماعت رع ستبن آمون» (له الحياة والفلاح والصحة) ابن «رع» رب التيجان «رعمسيس الرابع» «حقا ماعت مري آمون» (له الحياة والفلاح والصحة).

منف

  • مقدمة: آثار «رعمسيس الثالث» في «منف» لم تحدثنا الآثار التي كُشف عنها حتى الآن عن مبانٍ دينية أقامها «رعمسيس الثالث» في «منف»؛ ولذلك سنكتفي هنا الآن بما ذكرته لنا ورقة «هاريس» عن آثاره، وتنحصر في بناءين جديدين هما:
    • (١) معبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «بتاح» (راجع ﻫ/ص٤٥–٣، ٥١–٣).
    • (٢) بيت «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «بتاح» (راجع ﻫ/٥١–٦): ولما كان عدد الخدم الذين يقومون بالخدمة في هذا البيت لم يتجاوز الستة عشرة فلا بد أنه كان محرابًا صغيرًا.

    وتدل شواهد الأحوال على أن هذين البناءين قد أُقيما في «منف» في النصف الثاني من حكم هذا الفرعون، عندما ساد الأمن البلاد وازدهرت أحوالها، كما تدل على ذلك قصيدة «بركات بتاح» التي نقشها على جدران معبد مدينة «هابو» وهي التي كان يجب أن تتحدث عن مبانيه في «منف»، ولكن في الوقت الذي نجد فيه أن «رعمسيس الثاني» يقول قصيدة «بركات بتاح» القديمة؛ وهي التي نقشها على جدران معبد «بوسمبل» في السنة الخامسة والثلاثين من حكمه: «لقد زدت في معبدك «منف».» نجد أن «رعمسيس الثالث» يقول في القصيدة التي تركها تقليدًا لجده، وهي التي نقشها في معبد مدينة «هابو» في السنة الثانية عشرة من حكمه: «لقد زدت في بيتك في مدينة «هابو».» وهو يشير هنا بذلك إلى محراب «بتاح-سكر» الذي أُقيم في معبد مدينة «هابو» الجنازي وحسب. ومن ذلك نتأكد أنه حتى السنة الثانية عشرة من حكم «رعمسيس الثالث» لم يكن قد أقام بناء لهذا الإله في «منف» نفسها، وإلا لذكره في قصيدته «بركات بتاح»؛ ولذلك فالمعتقد أن البناءين اللذين ذُكرا في ورقة «هاريس» لا بد أنهما كانا قد أُقيما بعد السنة الثانية عشرة من حكمه أي بعد تأليف هذه القصيدة.

    وكذلك نجد أن «رعمسيس» قد وهب ضياع معبد «منف» بعض خدم كما جاء في (هاريس ٥١ (أ)–٧).

صفحة ٤٣

  • المتن الخاص بمنف: منظر: يُشاهد في بداية الجزء الخاص «بمنف» في ورقة «هاريس» صورة تمثل «رعمسيس الثالث» يقف مصليًا أمام الآلهة «بتاح» و«سخمت» و«نفرتم»، ومنهم يتألف ثالوث «منف»، والنقوش التي معهم هي:

    فوق الإله بتاح نقرأ: «بتاح» العظيم جنوبي جداره رب «حياة الأرضين».

    فوق الإلهة «سخمت»: «سخمت» العظيمة محبوبة «بتاح».

    فوق «نفرتم»: «نفرتم» حامي الأرضين.

    أمام الملك: إني أقول لك صلوات ومدائح وتعبدًا وإطراء وأعمالًا عظيمة وإنعامات قمت بها لك في حضرتك يا «ساكن جنوبي جداره».

صفحة ٤٤ (أ)

  • صلاة للآلهة يتبعها تعداد أهم المباني والهبات: (١) الصلوات، والمدائح، والتعبدات، والإطراءات، والأعمال المجيدة، والإنعامات التي عملها ملك الوجه القبلي والوجه البحري «وسرماعت رع مري آمون» الإله العظيم لوالده «بتاح» العظيم القاطن جنوبي جداره سيد حياة الأرضين، و«سخمت» العظيمة محبوبة «بتاح» و«نفرتم» حامي الأرضين، وكل تاسوع «حكبتاح» (منف).
    ما قاله الملك «وسرماعت رع مري آمون» الإله العظيم (٣) لوالده، هذا الإله الفاخر «بتاح» العظيم القاطن جنوبي جداره، سيد «حياة الأرضين» «تاتنن» والد الآلهة، الرفيع الريشتين، الحاد القرنين، الجميل الوجه، الذي على العرش العظيم:١٥٨ مرحبًا بك؛ عظيم أنت، ومبجل أنت يا «تاتنن» يا والد الآلهة، ويا أيها الإله العظيم الأزلي، وأول الناس، وبارئ الآلهة، والبداية التي أصبحت أول كائن أزلي، ومن بعده حدث كل ما قد حدث، ومن برأ السماء على حسب عقله، ومن رفعها برفع الجو («شو» إله الهواء)، ومن أسس الأرض بما فعله هو، وأحاطها بالمحيط الأزلي (نون)، والبحر (الأخضر العظيم)، ومن خلق العالم السفلي، ومن أرضى الموتى، وجعل الشمس تأتي إليهم لينعموا بوصفه حاكم الأبدية، ورب الخلود، ورب الحياة، ومن يملأ الحلق، ويمنح كل خيشوم النفس، ومن يحفظ كل الناس أحياء بأرزاقه، ومن مدى الحياة والقدر والتربية تحت سلطانه، والناس تحيا بما يخرج من فمه، وصانع القربان لكل الآلهة في صورته «نون» العظيم، ورب الأبدية، ومن الخلود تحت سلطانه، وهو نفس الحياة لكل الناس. وقائد الملك إلى عرشه العظيم باسمه ملك الأرضين، وإني ابنك الذي نصبته ملكًا على عرش والده في سلام، وإني أتبعك وتصميماتك أمامي.
  • وفاة الملك: لقد ضاعفت الطيبات لي عندما كنت على الأرض، ولقد قدتني لأستريح بجانبك في السماء الغربية مثل كل آلهة العالم السفلي الخفيين، وإني مصاحب لتاسوعك المقدس في مكانك الخفي مثل العجل «أبيس» ابنك الفاخر الذي بجانبك. هب لي أن آكل طعامًا من قربانك المقدس، من خبز، وبخور، وجعة، وشراب شدح، ونبيذ.

صفحة ٤٥

هب لي أن أعيش ثانية على الأرض المقدَّسة العالية (أي الجبانة)، وأن أراك كل يوم مثل تاسوعك الإلهي.

  • إنعامات الفرعون: وعندما كنت حاكمًا (بالحياة والفلاح والصحة) على الأرض سيدًا لمصر أَلَمْ أَمِلْ إليك بقلبي بشدة لكي أبحث عن كل الإنعامات لبيتك الفاخر حتى أقدمها إليك في مدينتك «منف»؟
  • معبد «بتاح» الجديد: (٣) وأقمت لك معبدًا جديدًا في ردهتك، وهو مكان راحة قلبك عند كل ظهور لك (أي عند كل احتفال لك)، ويسمى معبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «بتاح» في قاعة العرش العظيمة (٤) السرية الخاصة بمن يقطن جنوبي جداره مؤسسة بالجرانيت، ومرصوفة بالحجر الجيري الأبيض (عيان)، وعوارض أبوابه تحمل عتبًا من جرانيت «إلفنتين»، والباب العظيم الذي عليها من النحاس المخلوط بنسبة ستة أجزاء.

    والأبواب العظيمة من الذهب المطعم في الحجر، والمزاليج من النحاس الأسود الموشى بالذهب، عليه صورتان من ذهب «كتم» ومطعم بالذهب، وآثاره كانت منحوتة ومثبتة، وصناعته متقنة، وأبراجه من الحجر تناطح السماء، ومكانها العظيم قد وسع مثل البيت العظيم، وله باب من الذهب مثل باب السماء المزدوج، ونقشت تمثالك الثاوي في محرابه بالذهب والفضة والحجر الغالي الحقيقي مثبتًا بالعمل الحسن.

    وأمددته بالرعايا (العمال) في قوائم عديدة، وجعلت له حقولًا في الجنوب والشمال.

صفحة ٤٦

(١) وكانت بيوت ماله تفيض بالأملاك الكثيرة من رماة بحريين، وجامعي الشهد، وكذلك توريد البخور، وتوريد الفضة (٢) وتجار يخطئهم العد، وضيعات١٥٩ لأجل الغلال تعد بعشرات الآلاف، وحدائق غزيرة من «الشدح» والنبيذ، وكذلك حظائر الماشية والثيران والعجول المخصية، وبيوت التسمين، ومحاصيل مصر، وأرض الإله (بنت) و«سوريا» و«كوش» وجعلتها أكثر عددًا من الرمل في بيت ماله الفاخر، والمخازن التي تحوي قربات مقدسة قد مُدَّت بالطعام دون نقص١٦٠ في أي مكان من أماكنها، وقد كانت ملكًا لحضرتك يا أيها السيد الأوحد الخالق كل كائن يا «بتاح» جنوبي جداره، يا حاكم الأبدية (٥) لقد وهبتك عشرين ألف حقيبة١٦١ من الحب لتحملها إلى بيتك كل سنة لتميز معبدك بالقرابين المقدسة بالإضافة إلى قرابينك اليومية التي كانت من قبل.

(٦) وأصلحت معبد «بتاح» مقرك العظيم، وجعلته مثل الأفق الذي فيه «رع» وملأت بيوت ماله بالسلع العديدة، وأثقلت شونها بالشعير والقمح.

  • تمثال العبادة ومحرابه: وعملت تصميمًا من جديد لتمثال أحفالك (سشم خو) الخاص بمعبدك في بيت الذهب، ونَمَّقته بالذهب والفضة المحلية، والفيروزج، وكل حجر فاخر غالٍ (٨) وجعلت محرابه الفاخر مثل أفق السماء في وسط سفينتك ثاويًا عليها، وثَبَّت انحناءاته الكبيرة، وكان للمحراب سقف على عمودين و«كورنيش» علوي، وكانت من الذهب المشغول بالبارز بالحجر الحقيقي الغالي، ونَمَّقت قضبانه العظيمة (التي يُحمل عليها) — [كان هذا التمثال يُوضع في قارب خاص في محرابه ويُحمل عند الاحتفالات.]

صفحة ٤٧

(١) وكِسْوتها الذهب الجميل منقوشة باسمك، وعندما تظهر بقلب فرح «إنب سبك»١٦٢ في صورتك العظيمة الخفية بوصفك الذي يقطن جنوبي جداره «بتاح»، فإنك تملأ مدينتك «منف» بنور أعضائك، والناس يُسرون لرؤية جمالك.
  • إصلاح «حكبتاح» (معبد منف): وطهرت «حكبتاح» مقرك الفاخر، وبنيت معابدها التي آلت إلى الخراب، وسويت آلهته في صورهم الفاخرة من الذهب والفضة، وكل حجر غالٍ في بيوت الذهب.
  • لوحات من الفضة: (٣) وصنعت لك لوحات عظيمة من الفضة المطروقة والمحفورة والمنقوشة بالمسحل باسم جلالتك العظيم بالتعبدات والصلوات التي قدمتها أمامك، وعليها المنشورات الخاصة بإدارة بيتك سرمديًّا.
  • (٤) لوحات من البرنز: وصنعت لك لوحتين من مزيج بنسبة ستة أجزاء، لونهما مثل لون ذهب الجبل الجميل منقوشتين ومزينتين باسمك، ومحفورتين بالمسحل بالمدائح الممتازة التي قدمتها لحضرتك.
  • (٥) تعويذات: وصنعت لك تعويذات فاخرة لجسمك من ذهب «كتم» الجميل ومن الفضة بشغل مطروق، وبصناعة بارزة مطعمة باللازورد الحقيقي لتضعها على أعضائك في «مقرك العظيم»، وكان كل تاسوع بيت «بتاح» مسرورًا بذلك.
  • محراب من حجر واحد: وصنعت لك محرابًا خفيًّا من جرانيت «إلفنتين» مؤسسًا بعمل أبدي من قطعة واحدة، وله مصراعان من البرنز الممزوج بنسبة ستة أجزاء، ومنقوشًا باسمك الفاخر سرمديًّا يثوي فيه «بتاح» و«سخمت» و«نفرتم» وبينهم تماثيل للملك لتقدم قربانًا أمامهم، وأسست لهم قربانًا إلهيًّا مقدمًا أمامهم باقيًا لك أبد الآبدين أمام وجهك الجميل (يقصد بتاح).
  • نظم المعبد: (٨) ودوَّنت لك منشورات عظيمة بكلمات سرمدية مسجلة في قاعة سجلات مصر في صورة لوحات من الحجر منقوشة بالمسحل لإدارة بيتك الفاخر سرمديًّا، (٩) ولإدارة مستعمراتك الطاهرة الخاصة بالنساء، وأحضرت أطفالها الذين هجروا لأنهم من العبيد العمال الذين كانوا في أيدي آخرين، وقد وضعتهم لك في الوظائف في بيت «بتاح» وعملت لهم منشورات سرمدية.
  • مخازن للأعياد: (١٠) وعملت لك مخازن لأعياد الظهور في بيتك المقدس وقد أُقيمت على رقعة المعبد، وأُسست بجدٍّ، وملأتها بالعبيد الذين أحضرتهم أسرى في خدمة قرابينك المقدَّسة، وهي مفعمة وطاهرة لتمون بيت «بتاح» بالطعام والذخيرة، ولتزيد ما قد كان من قبلك يا «رسى أنيف» (الساكن جنوبي جداره = بتاح)، وكان تاسوعك المقدس فرح القلب ومبتهجًا بهم.

صفحة ٤٨

  • حظائر الماشية والدجاج: (١) وأقمت لك حظائر للماشية مفعمة بالثيران والعجول المخصية، وبيوت تسمين كذلك تحوي أوزًّا سمينًا، وحظائر دجاج ملأى ذات قيمة، وتحوي طيورًا برية لتقرَّب إلى روحك كل يوم.
  • المحصلون: (٢) وجعلت لك رماة، ومحصلي شهد، وموردي بحور، وعينت لك محصلي ضرائب؛ ليرشدوهم ويجمعوا إتاواتهم السنوية لبيت مالك الفاخر ليملئوا مخازن بيتك بسلعٍ كثيرة لتكثير القرابين الإلهية لتقدَّم لحضرتك.
  • مخازن الغلال: (٣) وأقمت لك مخازن غلال مفعمة بالشعير والقمح، وتحوي كومات حب عديدة تناطح السماء لتموين معبدك يوميًّا أمام معبدك المحبوب يا صانع السماء والأرض.
  • تماثيل الملك: (٤) وصنعت لك تماثيل الملك (له الحياة والفلاح والصحة) من الذهب المطروق، وأخرى من الفضة الخالصة المطروقة أيضًا راكعة أمامك، وحاملة أواني، ومائدة قربان تحوي قربات إلهية من خبز وجعة لتقدَّم أمامك يوميًّا.
  • أدوات العبادة: (٥) وصنعت لك — بمجهود — قاعدة آنية عظيمة لردهتك بالذهب الجميل، وكانت أوانيها من ذهب وفضة محفورة باسمك، ومجهزة بالقربات المقدَّسة، وبكل شيء طريف لتقديمها أمامك في كل صباح مبكر.
  • سفن البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط: (٦) وبنيت لك سفن شحن في وسط البحر (الأخضر العظيم) يديرها نواتي في قوائم، لنقل محاصيل أرض الإله، وإتاوة أرض «زاهي» إلى بيوت مالك العظيمة في مدينة «منف».
  • قربات الأعياد: (٧) وعينت لك قرابين أعياد عظيمة بمثابة مؤسسات جديدة لتقديمها إلى حضرتك عند كل ظهور لك، وكانت ممونة بالخبز، والجعة، والثيران، والطيور، والبخور، والفاكهة، والخضر، وشراب شدح، والنبيذ، والكتان الملكي، وكتان «مك» الكثير، وكتان الجنوب الجميل، والزيت (٨) والبخور، والشهد، والمر المجفف، وكل خشب عطر زكي حلو العبير أمام وجهك المحبوب يا سيد الآلهة.
  • عيد أوَّل الفيضان: (٩) وأقمت لك أعياد قربان عظيمة لأوَّل الفيضان لاسمك العظيم الفاخر المحبوب «بتاح نون» والد الآلهة العظيم، وكان الطعام موجودًا مثل الماء في ردهتك العظيمة الفاخرة المسماة (١٠) «إنب سبك» لكل صورك، ولتاسوع المياه السفلية، وقد فرضت لها الإتاوة من بيوت المال، والمخازن، والشون، وحظائر الماشية، وحظائر الدجاج سنويًّا لإرضاء مجلس «نون» العظيم، وبذلك يصبحون راضين مبتهجين في العيد عند رؤيتها.
  • السفينة المقدسة: (١١) وصنعت سفينتك الفاخرة يا سيد الأبدية؛ طولها ثلاثون ومائة ذراع على النهر، من خشب الأرز العظيم، من أجود ما في الضيعة الملكية، وكان «بيتها العظيم»١٦٣ من الذهب، ومن الأحجار الثمينة الحقيقية حتى سطح الماء، ومن الذهب على كل من جانبيها.

صفحة ٤٩

(١) وتحمل مقدمتها صقرين من الذهب الجميل مطعمين بكل حجر غالٍ أكثر جمالًا في الصنعة من سفينة الليل، والمؤخرة من الذهب الجميل. وصور آلهة مجدافي دفتها مشغولة بالذهب الجميل، وقد ظهر «بتاح» جميل الوجه القاطن جنوبي جداره ليثوي في «بيته العظيم» مثل إله الأفق، في حين كان قلبه راضيًا ومرحًا عند رؤيته مؤديًا سياحته الجميلة على الفيضان إلى ابنته سيدة شجرة الجميز «حتحور» (٣) في جنوبي «منف»، والعامة وبنو البشر ينشرحون عند رؤيته، وقد كان الابتهاج أمامه حتى (وصوله) إلى بيته الفاخر.

  • الماشية المقدَّسة: (٤) وحميت بقرها الأسود المقدس الخاصة بالعجل «أبيس» ذكورًا وإناثًا، وهي التي كانت قد أُهملت في قطعان كل بيت، وجعلتها كلها أكثر قدسية من بقرها الأسود المقدس، ومددت في حدودها حتى أماكنها الحقة، وهي التي كانت قد استولى عليها الآخرون لحقولهم، وأقيمت لوحات حدودها منقوشة باسمك، وقد سننت لها مراسيم لإدارتها على الأرضين.
  • إمدادات من البخور: (٦) وأحضرت لك جزية وفيرة من المر لكي تعطر المعبد بعبير (بنت) لخيشوميك الفاخرين في الصباح المبكر، وغرست البخور، وشجر مر الجميز في ردهتك العظيمة الفاخرة في «إنب سبك» وهي التي أحضرتها يداي من بلاد «أرض الإله» لإرضاء الصلين اللذين على جبينك كل صباح.
  • أواني العبادة: وصنعت لك موائد أوانٍ «لمكانك العظيم» وتشمل مباخر وأواني «نمست»، وأواني موائد قربان، وأواني «جن» و«حيوت»، وأواني «عخو» و«عنخيو»، وأواني قربان عظيمة تحمل قربات مقدسة. وقد كانت من الذهب الجميل والفضة بالشغل المطروق ومطعمة بكل حجر ثمين لا حصر له لأجل أن تُقدَّم لحضرتك كل يوم يا «بتاح» يا والد الآلهة وأول الناس.
  • العيد الثلاثيني الأول: واحتفلت لك بأول عيد ثلاثيني من حكمي في عيد عظيم للإله «تاتنن»، وضاعفت لك ما كان قد عُمل في داخل مكان عرشك، وهناك قرب لك قربات عيد تحتوي على أنواع عديدة من خبز، ونبيذ، وجعة، وشراب شدح، وخضر، وثيران، وعجول مخصية، وعجول بمئات الألوف، وبقرات بعشرات الألوف لا حصر لها، وهي محاصيل أراضي مصر التي كرمل الشاطئ، وآلهة الجنوب وآلهة الشمال قد اجتمعوا في وسطها، وأصلحت معبدك، وبيوت الأعياد الثلاثينية.

صفحة ٥٠

(١) التي كانت قد خربت منذ الملوك السالفين،١٦٤ ونمقت (صور) التاسوع الإلهي أرباب الأعياد الثلاثينية بالذهب والفضة والأحجار الغالية كما كانت الحال من قبل (٢) وحكت لهم ملابس من الكتَّان الملكي وكتان «مك»، ومزجت لهم عطورًا للصل الذي على جباههم، وأسست قربانًا مقدسًا لحضرتهم ثابتًا بمثابة قربات يومية لأنفسهم سرمدية.
  • قوائم: (٤) تأمل! لقد دونت (جمعت) الإنعامات التي عملتها لك يا «بتاح» جنوبي جداره (أي الساكن جنوبي جداره = «منف») حتى يعلم تاسوع بيت «بتاح» بإنعاماتي.

صفحة ٥١ (أ)

  • (أ) محتويات القوائم: (١) قائمة بالمحاصيل، والماشية، والحدائق، والأراضي، والسفن، ومصانع السفن، والمدن التي منحها الملك (٢) «وسرماعت رع مري آمون» الإله العظيم لوالده الفاخر «بتاح» جنوبي جداره، رب «حياة الأرضين» بمثابة إرث إلى أبد الآبدين.

    (٣) معبد رعمسيس حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «بتاح» تحت إدارة الموظفين: ٦٠٩ نسمة.

    (٤) قطعان١٦٥ «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» تحت إدارة المشرف على القطعان «حوى»: ١٣٦١ نسمة.

    (٥) بيت «وسرماعت رع مري آمون» المدينة التي على الطريق الغربية، والقناة الغربية تحت إدارة مدير البيت «بن-نستت-تاوي»: ٤٠ نسمة.

    (٦) معبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «بتاح» تحت إدارة «حوى» رئيس البيت: ١٦ نسمة.

    (٧) الناس الذين منحهم بيت «بتاح» العظيم جنوبي جداره، رب «حياة الأرضين»، وهم الذين كانوا لحساب المعبد تحت إدارة الكاهن الأعظم والموظفين: ٨٤١ نسمة.

    (٨) «بتاح رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» الواجد مكانًا في بيت «بتاح» (اسم تمثال) في ضيعة «بتاح» تحت إشراف النائب «بتاح موسى»: ٧ نسمات.

    (٩) السوريون، والنوبيون أسرى جلالته الذين أعطاهم بيت «بتاح»: ٢٠٥ نسمة.

    (١٠) مجموع الرءوس: ٣٠٧٩ نسمة.

    جدول ٢: ثروة منوعة
    (١١) ماشية منوعة ١٠٠٤٧
    (١٢) حدائق وخمائل ٥
    (١٣) سفينة نقل، وسفينة شحن ٢

صفحة ٥١ (ب)

(١) أراضي: ستات (= من الفدان الإنجليزي) ١٠١٥٤
(٢) مدن ١
  • (ب) الضرائب التي تُجبى من الرعايا (دخل بتاح): (٣) السلع، والضرائب، وإنتاج الناس لمعبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «بتاح»، (٤) ولماشية «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «بتاح» ولبيت «وسرماعت رع مري آمون» في المدينة الواقعة (٥) على القناة الغربية، ولبيت «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «بتاح»، ولمعابد هذا البيت، وهي التي — أي الضريبة التي كانت تُجبى من الناس — ووردت إلى بيوت (٦) ماله بوصفها ضريبتهم السنوية (أي ضريبة الناس … الخ).
    دبن قدت
    (٧) فضة ٩٨ ،
    (٨) كتان الجنوب الجميل، والكتان الملون: ملابس منوعة
    (٩) نبيذ: جرار (من) ٣٩٠
    (١٠) فضة بمثابة سلع إتاوة الناس للقربان المقدس ١٤١
    (١١) حَب نقي من ضريبة الفلاحين: حقيبة ٤٠٠ ٣٧
    (١٢) خضر: باقات ٦٠٠
    (١٣) ثيران وعجول، وبقرات، وثيران «قدت» وثيران «رن» للقطعان* (هكذا)
    راجع: Wilbour Pap. II, p. 117.

صفحة ٥٢ (أ)

(١) أوز حي من الإتاوة ١٣٥
(٢) سلع مصر، وسلع أرض الإله، وسلع «سوريا» وسلع «كوش» و«الواحة»* للقرابين المقدسة في قوائم عديدة
أي وللمعابد التابعة لنفس الإنعامات Ibid p. 117.
  • (ﺟ) منح الفرعون للإله «بتاح»: (٤) الذهب والفضة، واللازورد، والزمرد الحقيقي، وكل حجر فاخر غالٍ، والنحاس الأسود، والملابس من كتان الملك، ومن كتان «مك»، ومن كتان الجنوب الجميل، ومن كتان الجنوب والملابس الملونة، والأواني، والثيران والأوز وكل أنواع الأشياء التي أعطاها «وسرماعت رع» هبة لبيت «بتاح» العظيم جنوبي جداره، «سيد حياة الأرضين»، وللمعابد التي يملكها من السنة الأولى حتى السنة الواحدة والثلاثين، أي مدة إحدى وثلاثين سنة.
دبن قدت
(٨) ذهب جميل دفعتين، وذهب أبيض في هيئة أوانٍ وحلي ٢٦٣
(٩) ذهب: حلية الأمير ٢
(١٠) فضة في هيئة أوانٍ وقطع ٣٤٢
(١١) فضة مطروقة: لوحة عظيمة طولها ذراع وستة أشبار في الطول، وعرضها ذراع وشبر وثلاث أصابع، وهي واحدة ١٧٣ ،
(١٢) مجموع الفضة من أوانٍ وحلي ٥١٦ ٦

صفحة ٥٢ (ب)

دبن قدت
(١) مجموع الذهب والفضة من أوانٍ وحلي وقطع ٧٨٠
(٢) اللازورد الحقيقي المركب على ذهب؛ والمربوط بخيطين من الخرز = ١ ٣
(٣) لازورد حقيقي ٣ ٢
(٤) فيروز حقيقي ٢
(٥) حجر الأمزون (نشمت) ١٠
(٦) لازورد فيروز حقيقي: جعارين مركبة ولها محور من ذهب ٣٦
(٧) لازورد: جعارين كبيرة ٤٦
(٨) فيروز: جعارين كبيرة ٤٦
(٩) برنز مطروق مزيج بنسبة ستة أجزاء: لوحة كبيرة ٢٤٥
(١٠) برنز مطروق مزيج بنسبة ستة أجزاء: لوحة كبيرة ٦٥
(١١) برنز أوانٍ وقطع ١٧٠٨
(١٢) مجموع الأواني والقطع من النحاس ٢٠١٨
(١٣) الكتان الملكي، وكتان «مك»، وكتان الجنوب المضاعف الجودة، وكتان الجنوب الجيد، وكتان الجنوب، والكتان الملون: ملابس منوعة. ٧٠٢٦
(١٤) مر: دبن ١٠٣٤
(١٥) بخور أبيض، وشهد، وزيت، وشحم، وزبد: في جرار منوعة ١٠٤٦
(١٦) شراب شدح، ونبيذ: جرار منوعة (إعع) ٢٥٩٧٨

صفحة ٥٣ (أ)

دبن
(١) مجموع الجرار المنوعة (إعع) ٢٧٠٢٤
(٢) عاج: أسنان الفيل ١
(٣) خشب (ننيب) وهو خشب ذكي الرائحة، تُؤخذ عصارته لتحضير العطور (W. b. II, p. 276) ٧٢٥
(٤) خشب سلامكة: دبن ٨٩٤
(٥) خشب قرفة: حزم ٤٥
(٦) عصى خشب قنن الذكي الرائحة وقرفة بمكيال (مستي) (W. b. v, p. 176) ٢٨
(٧) شعير سوري: حقت ٤٠
(٨) حصا لبان: مكاييل (مستي) ٤٠
(٩) نبات (أوفيتي): مكاييل (مستي) ٨٠
(١٠) نبات (سامو): مكاييل (مستي) ١١
(١١) فاكهة: حقت ١٤
(١٢) خشب الأرز: ألواح ٨
(١٣) حجر الكحل: دبن ٥٠
(١٤) أزهار (ددمت): سلات (دماو) ٥٠
(١٥) امتست: دبن ١٤٤٠٠

صفحة ٥٣ (ب)

دبن
(١) بلور صخري: خرز ٣١٠٠٠
(٢) بلور صخري مقطع: (هن) ٤٤١
(٣) بلور صخري أختام ٣٢٠٠
(٤) خشب مشغول: أختام ٣١
(٥) ثيران، وعجول مخصية، وعجلات، وعجول، وحيوانات منوعة ٩٧٩
(٦) أوز حي ٢٦٩
(٧) أوز (تربو) حي ١٥٠
(٨) طيور (أوردو) حية بمناقير ذهبية ١٠٣٥
(٩) طيور (أوردو) حية ٤١٩٨٠
(١٠) طيور ماء حية ٥٧٦
(١١) مجموع الطيور المنوعة ٤٤٠١٠
  • (د) حبوب للأعياد: (١٢) حب نقي خاص بالقرابين المقدسة لأعياد السماء، وأعياد أوائل الفصول، وهي التي أسسها الملك «وسرماعت رع مري آمون» الإله العظيم لوالده «بتاح» العظيم القاطن جنوبي جداره، سيد حياة الأرضين بمثابة زيادة للقرابين المقدسة، زيادة يومية للقربان مضاعفًا ما كان قبلي.

صفحة ٥٤ (أ)

(١) من السنة الأولى حتى السنة الواحدة والثلاثين أي مدة إحدى وثلاثين سنة: ٩٤٧٤٨٨ حقيبة.

(ﻫ) قربان النيل: (٢) كتب إله النيل التي وضعها الملك «وسرماعت رع مري آمون» الإله العظيم لوالده الفاخر «بتاح» (٣) العظيم جنوبي جداره «سيد حياة الأرضين» من السنة التاسعة والعشرين حتى السنة الواحدة والثلاثين (أي مدة إحدى وثلاثين سنة):

(٤) خبز ناعم للقربان المقدَّسة: رغفان (بيات) ٧٣٨٠٠
(٥) خبز ناعم للقربان المقدَّسة: رغفان (برسن) ١٩١١٤٢
(٦) خبز ناعم للقربان المقدَّسة: رغفان هرمية الشكل ٦١٥٠
(٧) فطائر: رغفان هرمية ١٤٧٦٠
(٨) جعة: جرار (دس) ١٣٩٦
(٩) بلح مجفف: جرار (ع) ٢٣٩٦
(١٠) بلح مكاييل (مزا) ٢٣٩٦ فيكون ترك الكاتب المقدار
(١١) حب نقي بالحقيبة ٣٦٣٣
(١٢) ثيران ٤١
(١٣) بقرات ١٦٤
المجموع ٢٠٥

صفحة ٥٤ (ب)

(١) ماعز منوعة ٢٠٥
(٢) أوز حي ٥٧٤
(٣) طيور حية (خت-عا) ٨٤
(٤) دواجن حية للتفريخ ١٦٤
(٥) طيور ماء حية ٢٨٧
(٦) طيور ساعشا ٣٠٢٥
Sic.*
(٧) مجموع الطيور المنوعة ٤٣٣٩
(٨) نبيذ: جرار (من) ٨٢٠
(٩) نبيذ: جرار (ع) ٢٣٦٦
(١٠) بصل: مكاييل (ع) ٢٣٦٦
(١١) فاكهة (؟) (سبر) مكاييل (ع) ٢٣٦٦
(١٢) بخور بمكيال «ستحب» ١٦٤
(١٣) بخور: مكاييل (سبرت) ٨٢
(١٤) بخور: جرار (ع) ١٩٨٩٢
(١٥) بخور: (دبن) ٤٤٦٩
المجموع الصحيح هو ٤١٣٤.

صفحة ٥٥ (أ)

(١) أجود زيت: جرار (ببا) ١٦٤
(٢) أجود زيت: جرار (ع) ٥٧٤
(٣) قرفة: قطع ٥٧٤
(٤) مر: جرار (ع) ٢٣٩٦
(٥) كحل: جرار (ع) ٢٣٩٦
(٦) معدن: (وز): جرار (ع) ٢٣٩٦
(٧) ذهب: تماثيل إله النيل ٦٥٦
(٨) ذهب: نوسا (زينة؟) ٦٥٦
(٩) ذهب: نوسا (ولا بد أن هذا تكرار من الكاتب) ٦٥٦
(١٠) فضة: تماثيل إله النيل ٦٥٦
(١١) فضة: نوسا ٦٥٦
(١٢) كل حجر حقيقي ثمين: تماثيل لإله النيل ١٥٧٤٤
(١٣) كل حجر حقيقي ثمين: نوسا ١٥٧٤٤
(١٤) خشب الجميز: تماثيل لإله النيل ٩٨٤
(١٥) خشب الجميز: تماثيل لآلهة النيل ٩٨٤
(١٦) بلور صخري: أساور ٢٩٦٨
(١٧) بلور صخري: أختام ٢٩٦٨

صفحة ٥٥ (ب)

(١) كتان الجنوب: قمصان ٢٩٦٨
(٢) شهد للفطائر: (هن) ٦٦
(٣) شهد: جرار (محتت) ١٦٤
(٤) شهد: جرار (بوجا) ٣٢٨٠
(٥) شحم أبيض للفطائر: (هن) ٢٠٥
(٦) شحم أبيض: جرار (ع) ٥٧٤
(٧) فول مقشر: جرار (ع) ٢٣٩٦
(٨) امتست: جرار (ع) ٢٣٩٦
(٩) عنب شجرة (سنب) ٢٣٩٦
(١٠) كل فاكهة جميلة: جرار (ع) ٢٢٩٦٠
(١١) لبن: جرار (نمست) ٢٣٩٦
(١٢) زبد: جرار (نمست) ٢٣٩٦
(١٣) أجود فاكهة: جرار (جاي) ٢٣٩٦
(١٤) فاكهة: جرار (جاي) ٢٣٩٦
(١٥) فاكهة: جرار (محتت) ٤٥١٠٠

صفحة ٥٦ (أ)

(١) زبيب (بالويبة) ٢١٠٠٠
(٢) قرون خروب بالويبة ٢١٠٠٠
(٣) أعشاب: حزم (حتبت) ٢٣٩٦
(٤) نبات (جايت) الشاطئ لليد (زكي الرائحة) ١٤٣٥٠
(٥) رمان بالويبة ٢١٠٠٠
(٦) أزهار شجرة (ستي) طاقات ٢١٠٠٠
(٧) نبات (إسي) لليد ١٦٤٠
(٨) أزهار: أكاليل ٢٩٧٠
(٩) براعم: طاقات ٢١٠٠٠
(١٠) براعم: فروع ٢١٠٠٠
(١١) حجر: «وببا» ١٥١٥٠
(١٢) ليف: مكاييل (مستي) ١٥١٥٠

صفحة ٥٦ (ب)

(و) الصلاة الختامية

(١) أعرني عينيك وأذنيك يا أيها السيد «يا بتاح» يا والد الآباء، يا مكون التاسوع، واسمع (٢) رجائي الذي أبسطه أمامك؛ إني ابنك العظيم الإنعامات، (٣) نَصِّب ابني ملكًا، مكنه على عرشك حاكمًا لكل أرض على الناس: «وسرماعت رع ستبن آمون» (له الحياة والفلاح والصحة) (٤) الطفل الذي خرج من أعضائك، هَبْهُ أن يُتوج على الأرض مثل ابن «إزيس» (حور) عندما تسلم التاج «أنف» — «وإرر (؟) (٥)» هبه أن يجلس على العرش ملكًا على الأرضين مثل «حور» الثور القوي محبوب «ماعت» (العدالة) أعطه مملكتي على أن تجعل حياته سعيدة (٦) على الأرض بفرح، اجعل سيفه منتصرًا واجعل الأراضي والممالك تسقط (٧) تحت قدميه أبديًّا، ودعه يستولي على مصر حاكمًا على الأرضين، واجعله إلهيًّا أمامك، متمتعًا بالحظوة سرمديًّا، مدد له حدود الأقواس التسعة، واجعلهم يأتون بسبب قوته مقدمين الخضوع له (٩) وارزقه حياة راضية في أعضائه وصحة في جسمه في كل فصل (١٠) ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «وسرماعت رع ستبن آمون» (له الحياة والفلاح والصحة) ابن الشمس رب التيجان «رعمسيس الرابع» «حقا ماعت مري آمون» له الحياة والفلاح والصحة.

المعابد الصغيرة التي أقامها أو أصلحها «رعمسيس الثالث»

  • مقدمة: لم يقتصر نشاط «رعمسيس الثالث» على إقامة المعابد الكبيرة، بل امتد كذلك إلى إنشاء المعابد الصغيرة في طول البلاد وعرضها، كما أنه أراد في بعض المعابد التي من هذا الصنف أو أصلحها، وقد ذكر لنا نشاطه في هذه الناحية في ورقة «هاريس» (راجع ﻫ/٥٧–٦٦) وقد جاء ذكر هذه المعابد في القائمة الأولى (٦١ (أ)–١، ٦٢ (أ)–٥) على حسب ترتيبها الجغرافي من الجنوب إلى الشمال، ويُلاحَظ أن المقاطعة الثامنة (مقاطعة طينة–العرابة) قد وُضعت قبل المقاطعة الخامسة أي مقاطعة «امبوس»؛ وذلك لأن الأولى كانت تجري فيها أعمال خيرية عظيمة للآلهة.

    أما مدن الوجه البحري التي جاء ذكرها في ورقة «هاريس» بمناسبة المعابد الصغيرة (راجع ﻫ/٦٢ (أ)–١) فلم تُوضع حسب أي ترتيب جغرافي. وكذلك يُلاحظ في هذا القسم فرق ظاهر — كما في الأقسام السابقة — بين المباني الجديدة الحقيقية التي تشمل اسم الملك، والضياع التي لم يعمل لها الملك شيئًا غير منحها زيادة من الخدم، حيث نجد العبارة التالية: «الناس الذين وهبهم الملك لضيعة كذا»؛ ومن ذلك يُفهم أنه في المعابد الكبيرة، وكذلك في المباني الجديدة لم يُذكر فيها إلا عدد الأفراد لكل أملاك الإله؛ فمثلًا في (هاريس ص٦١ (أ)–٤) نجد أنه قد ذُكر ستون ومائة رجل يتبعون ضيعة الإله «أنحور» وهو الإله الذي كان قد أسس له من قبل معبدًا يُدعى: «معبد رعمسيس حاكم هليوبوليس الذي يفصل (قاضي) في ضيعة أنحور» وهذا المثال يظهر بوضوح أولًا أننا نتحدث عن مبانٍ جديدة حقيقية، وثانيًا أن ذلك لا يقدم لنا بأية حال كل ثروة هذا المعبد. والآن نتساءل ما الذي جعل الكاتب يقوم بعمل ذلك الفصل بين المعبد وممتلكاته من الخدم في حين أنه لم يكن هناك مبانٍ جديدة تدعو إلى هذا الفصل؟ ومن جهة أخرى لا يمنع ذلك تدوين كل خدام المعبد سويًّا عند ذكر المعبد الذي رُكب باسم الملك وبذلك تكون لدينا كل ممتلكات المعبد في مكان واحد. وحقيقة الأمر هي ما يأتي: أن الفرعون قد أقام معابد في أماكن خاصة تحمل اسمه (راجع ﻫ/٦١ (أ)–٧) مثل معبد «رعمسيس» في «أمبوس»، ولكن في جهات أخرى نجد أنه بجانب مبناه الجديد قد زاد في ممتلكات المعبد بإضافة بعض خدم، وهذا المعبد لم يكن في الأصل معبدًا بل أعطاه ضيعة المعبد بوساطة مرسوم، وأخيرًا نجد أن الفرعون في كثير من الأماكن لم يؤسس معابد، ولكنه زاد في بيت مال الإله بمنحه خدمًا وحسب.

    وفيما يلي نذكر بدون مناقشة أسماء الجهات التي أقام فيها «رعمسيس الثالث» مباني جديدة على حسب ما جاء في ورقة «هاريس»:
    • (١) طينة (المقاطعة الثامنة): (هاريس ٥٧–١١، ٦١ (أ)–٣).
    • (٢) العرابة (المقاطعة الثامنة): (هاريس ٥٨–٧، ٦١ (أ)–٥).
    • (٣) «أمبوس» (كوم أمبو) (المقاطعة الخامسة): (هاريس ٥٩–٥، ٦١ (أ)–٧).
    • (٤) أخميم (المقاطعة التاسعة): (ﻫ/٦١ (أ)–١٢).
    • (٥) أسيوط (المقاطعة الثالثة عشرة): (ﻫ/٥٨–١٢، ٦١ (ب)–٣، ٤).
    • (٦) مقر الرعامسة «قنتير»: (ﻫ/٦٠–٢، ٦٢(أ)–٣).
  • المعابد التي لم تُذكر في ورقة «هاريس»: لقد ذكر لنا «إرمان» أنه عندما ذُكرت المعابد الصغيرة في ورقة «هاريس» سقط منها بعض المعابد الهامة جدًّا (zur Erklarung des Papyrus Harris. P. 466) منها معابد «إلفنتين» و«إدفو» و«دندرة» و«الكاب» و«إسنا» و«هرمنتس» (إرمنت)، وأن ذلك كان ناتجًا عن سرعة تأليف الورقة وعدم الدقة. ولكن ردَّا على هذه الفكرة التي كانت سائدة عن تأليف هذه الورقة والغرض منها، نؤكد أن ما قاله «إرمان» لا يتفق مع الواقع بأية حال، وإيضاحًا لذلك نقول: إن «رعمسيس الثالث» لم يذكر لنا أية هبة لتلك المعابد التي ذكرها «إرمان» (راجع Schaedel Ibid p. 41) وتعضيدًا لهذا الرأي نضع هنا قائمة بالمعابد — وبخاصة معابد «طيبة» — التي لم تُذكر في ورقة «هاريس». ولكن من جهة أخرى تدل الوثائق المكتوبة على أنها كانت مستعملة في عهد «رعمسيس الثالث».

    وعلى أية حال فمن في استطاعته أن يؤكد أن كاتب ورقة «هاريس» التي كُتبت بعناية قد أغفل أو نسي معبد «منتو» الخاص «بطيبة»؟!

    وليس الغرض هنا أن نضع تقريرًا مفصلًا عن كل هذه المباني، ولكن سنكتفي بذكر بعض الأمثلة، وسأذكر أسماء المعابد التي لا يتطرق الشك في أنها ليست من عهد «رعمسيس الثالث» أو تحمل اسمه، وهي التي كانت عند كتابة هذه الورقة لا تزال قائمة — هذا على زعم أن هذه الورقة كُتبت في عهد «رعمسيس الرابع».)١٦٦ وهاك هذه المباني:
طيبة الشرقية
  • معبد «منتو»: نجد في المحراب المقام في الجدار الجنوبي نقشًا قصيرًا (راجع Porter and Moss. II, p. 5).
  • معبد «موت»: وُجد تمثال للكاهن «باكنخنسو» يرجع تاريخه إلى عهد «رعمسيس الثالث» والمقصود هنا هو «باكنخنسو الثالث» الكاهن الأكبر للإله «آمون» كما يقول «ليفبر»،١٦٧ وكذلك تذكر لنا ورقة «هاريس–(١٠)–١٥» أسرى حرب وقع بعضهم من نصيب ضيعة «آمون».
  • معبد «بتاح»: جدد فيه «رعمسيس الثالث» الباب.١٦٨

طيبة الغربية

  • محراب «حتحور» بالدير البحري: وُجد فيه تمثال «نزم» من عهد «رعمسيس الثالث» (راجع Porter and Moss. II, p. 129).
  • معبد «تحتمس الثالث» ومعبد «مرنبتاح»: ذُكرا في ورقة الإضراب في السنة التاسعة والعشرين من عهد «رعمسيس الثالث» ولكن لا نعلم على وجه التأكيد استعمال هذين المعبدين في الوقت الذي وصف لنا فيه هذا الإضراب.١٦٩
  • معبد مدينة «سيتي الأول» «بالقرنة» (Porter and Moss II, p. 141): يوجد فيه نقش مؤرخ بالسنة السادسة من عهد «سيتي الثالث»، وكذلك يوجد متن إهداء له في القاعة العاشرة من هذا المعبد (Ibid p. 144).
  • معبد الرمسيوم: نجد فيه طغراء «رعمسيس الثالث» على عمود أوزيري الشكل على عتب باب.١٧٠
  • معبد مدينة «هابو» الصغير: عندما رأى «رعمسيس الثالث» أن هذا المعبد الذي يرجع عهده إلى زمن الأسرة الثامنة عشرة قد آل إلى السقوط قام فيه بأعمال بناء جديدة (L. D. Text III, 163).
  • معبد الإله «خنوم»: لدينا قطعة من مرسوم أصدره «رعمسيس الثالث» للمحافظة على معبد أو معابد الإله المحلي «خنوم». وما بقي من هذا المرسوم يشير إلى الأرض الواقعة على حدود بلاد النوبة وهي التي عُرفت فيما بعد بإقليم «دودكاشونوس» (J. E. A. 13 p. 207 f) أو إقليم الاثني عشر ميلًا، وفيه ضمن «رعمسيس الثالث» للمعبد معافاة الموظفين والرعايا من السخرة للحكومة على غرار ما عمل لمعبد «سيتي الأول» على حسب ما جاء في مرسوم «نوري» (راجع مصر القديمة ج٦)؛ ولذلك يشك الإنسان فيما إذا كانت أراضي المعابد معفاة من الضرائب، وفي المعابد التي ذكرناها فيما سبق من عهد «رعمسيس الثالث» — وهي قليل من كثير — نجد أنه كانت تُقام فيها العبادات، وقد كانت لها كهنة وقرابينها كانت تُؤدى وكانت ذات أملاك حتمًا. على أنه ليس في استطاعتنا بأية حال الاعتراف بأن معبد الكرنك قد نسيه كاتب الورقة هنا. وكذلك نجد أن معبد الدولة الكبير قد اختفى من قوائم الورقة، وإن كان له ممتلكات مذكورة. ولكن في معابد «طيبة» الغربية قد يجوز أن تموينها كان من معبد مدينة «هابو»، وكذلك الحال مع معبد مدينة «هابو» الصغير.
    ومما سبق نفهم أنه عندما نجد اسم معبد «خنوم» إله «إلفنتين» قد سقط؛ فإن ذلك يعني هنا أنه من الأملاك القديمة، وأن الفرعون «رعمسيس الثالث» قد أقره فقط ولم يقدم له هبات جديدة كما يشير إلى ذلك «زيتة» حيث يقول: «إن هذا المرسوم قد يكون تجديدًا أو تثبيتًا لهبات قديمة» (Br. A. R. IV, § 178).

    ومن ثم نصل إلى ما يأتي: ليس لدينا أي دليل نرتكز عليه على أن متن «ورقة هاريس» قد ترك ذكر أي بناء ديني دون سبب، وبخاصة أنه لم يحدث أي إهمال من الكاتب من هذه الناحية في القسم الخاص «بطيبة»، وإذا كانت الحال كذلك فإنه من المستحيل أن يُذكر في متن هذه الورقة كل ممتلكات آلهة مصر، بل المفهوم أن تذكر فقط الأوقاف الجديدة التي وهبها الملك «رعمسيس الثالث» للآلهة. وهذا ما يتفق مع نص ما جاء في متن الورقة تمامًا (راجع هاريس ص١٠ سطر ١).

  • متن المعابد الصغيرة: صلاة للآلهة، ويتبعها ذكر المباني والإنعامات التي منحها «رعمسيس الثالث» للمعابد.

صفحة ٥٧

  • مقدمة: (١) المدائح، والصلوات، والتعبدات، والثناء، والأعمال الجليلة، والإنعامات العديدة التي أداها الملك «وسرماعت رع مري آمون» الإله العظيم لآبائه كل الآلهة والإلهات في الجنوب والشمال.
  • (٢) صلاة «رعمسيس الثالث»: قال الملك «وسرماعت رع مري آمون» الإله العظيم في مدح وتعظيم كل آلهة تاسوع الجنوب والشمال:

    (٣) مرحبًا بكم يا أيها الآلهة والإلهات، يا أرباب السماء والأرض والعالم السفلي (نو)، ومن قدمهم عظيمة في سفينة ملايين السنين بجانب والدكم «رع»، وإن قلبه لراضٍ عندما يرى جمالهم ليجعل أرض مصر سعيدة، جالبًا نيلًا يفيض من أفواههم (٤) قائدًا إياه من أفواههم ليأكل أرباب الأبدية والسرمدية. وتحت سلطانهم نفس الحياة، ومدى الحياة تحت خاتمهم، وهو الذي عمله عندما خرج من أفواههم. وإنه يفرح ويفلح عند رؤيتهم العظماء في السماء، (٥) والأقوياء على الأرض، والمعطون النفس للخياشيم التي كانت قد سُدَّت. إني ابنك الذي صوَّرته يداك، وقد توَّجته حاكمًا على كل أرض، وإنك قد عملت لي أشياء طيبة على الأرض لا تسلم بها وظيفتي في سلام.

  • الإنعامات للآلهة: ألم يكن قلبي مثابرًا في البحث عن إنعامات عظيمة (٦) لمعابدك؟! وقد أعددتها بمراسيم عظيمة منقوشة في كل قاعة سجلات بأهلها وأراضيها، وقطعانها، وسفنها التجارية، وسفن النقل على النيل، وقمت بإصلاح معابدهم (٧) التي كانت من قبل خرابًا، وأسست لكم قرابين مقدسة زيادة عما كان من قبل، واشتغلت لكم في بيوت الذهب في الذهب، والفضة، واللازورد، والفيروزج، ووضعت تصميمات لبيوت أموالكم، وأتممتها بأملاك عديدة (٨) فملأت شونكم بالشعير والقمح أكوامًا، وأقمت لكم بيوتًا ومعابد منقوشة بأسمائكم للأبد، وزودتها وملأتها بخلق كثير، ولم أستولِ على أناس بمثابة ضريبة عشر١٧١ (٩) من معابد أي آلهة منذ أولئك الملوك (أي لم يفرض عليَّ رجال المعابد الذين قدمهم لها الملوك السابقون أخذ جنود للجيش) الذين عملوا ذلك ليجندوهم مشاة وفرسانًا. وأصدرت مراسيم لإدارتها على الأرض للملوك الذين سيكونون بعدي. وقد تمت لكم قرابين أماكم (١٠) ممدودة بكل شيء طيب. وجعلت لكم بيوت مال «لعيد الظهور» وملأتها بأرزاق وفيرة، وصنعت لكم أواني موائد من الذهب والفضة والنحاس بمئات الألوف، وبنيت لكم سفنًا على النيل تحمل (١١) بيتًا عظيمًا (محرابًا) مغشي بالذهب.

    معبد «أنحور» «أنوريس» في «طينة». وأقمت بيتًا فخمًا من حجر (عين) (محاجر طرة) في بيت والدي «أنحور-شو» ابن «رع» (يُسمى) بيت «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» القاضي في ضيعة «أنحور»، وملأته بالناس والعبيد المختارين (١٢) وبيت ماله يشمل سلعًا كثيرة، والشون تحوي حبوبًا، وأسست له قربانًا مقدَّسًا يوميًّا ليقرب إلى روحك يا «شو» يا ابن «رع». وحطت بيت «أنحور» بجدار مؤلف من عشرين (مدماكًا) في أرض الأساس، وارتفاعه ثلاثون ذراعًا (١٣) وبه منزلقات، وأبراج وطوارات على كل جانب من جوانبه. وعوارض أبوابه وعتبه من حجر (عين)، وله أبواب من خشب الأرز مغشاة بالنحاس، مبعدة «الآسيويين» و«التحنو» الذين تعدوا الحدود القديمة.

صفحة ٥٨

  • معبد «تحوت» في «الأشمونين»: (١) وعملت إنعامات عدة في (حسرا)١٧٢ لوالدي «آمون» القاطن في «الأشمونين» (هرموبوليس) فأقمت له بيتًا جديدًا في ردهته، وكان محرابًا (٢) خفيًّا للرب المسيطر، وأقمت له بيتًا آخر مسكنًا، فكان أفق السماء أمامه، وعندما كان يظهر يكون راضي القلب ليسكن فيها (٣) وكان فرحًا ومنشرحًا لمشاهدتها،١٧٣ وأمددتها بالأرزاق والذخيرة من محاصيل كل أرض، وبعبيد كثيرين ممن أحضرتهم في الوظائف ليقوموا عليه (٤) وكثرت القرابين المقدسة المقدمة أمامه من بيت المال الخاص بعيد الظهور، وتحوي مؤنًا. وعملت له قرب عيد، وتقدمات لأعياد أوائل الفصول لإرضاء صليه (اللذين على جبينه) (٥) في كل فصل، وأحطت بيت «تحوت» بجدار مقام من عشرين مدماكًا في أرض الأساس، وارتفاعها ثلاثون ذراعًا، وله منزلقات (؟)، وبروج (؟) وطوارات (؟) على كل جانب١٧٤ من جوانبه (٦) وعوارض أبوابه وعتبه كانت من حجر (عين)، وله أبواب من خشب الأرز مصفحة بالنحاس لتقصي «الآسيويين» و«التحنو» الذين داسوا حدودهم من قديم الزمان.
  • معبد «أوزير» في «العرابة»: (٧) وأصلحت العرابة وهي إقليم «أوزير» بإنعامات في «تاور» (مقاطعة العرابة)، فبنيت بيتي (أي قصره، كما فعل في مدينة «هابو») من الحجر في وسط معبده مثل بيت «آتوم» (٨) العظيم في السماء، وعمرته بأناس يحملون وظائف عديدة من الأغنياء والفقراء من كل كائن. وعملت له قرابين مقدسة، وهي هدايا مائدة قربانه يا والدي «أوزير» (٩) رب «تاجسر» (جبانة العرابة)، وعملت له تمثالًا للملك (له الحياة والفلاح والصحة) مقدمًا آثارًا وأواني مائدة كذلك من الذهب والفضة (كان التمثال يحمل في يده أواني قربات). وأحطت بيت «أوزير» (١٠) و«حور» بن «إيزيس» بجدار عظيم مشرف مثل جبل من الحجر الصلب، وله منزلقات وأبراج، ويحمل طوارات، وله عوارض أبواب من الحجر، وأبواب من خشب الأرز (١١) وبنيت سفينة عظيمة «لأوزير» مثل سفينة الليل التي تحمل الشمس.
  • معبد «وبوات» في أسيوط: (١٢) وأصلحت جدران معبد والدي «وبوات» الجنوب رب «سيوط» وقد أقمت بيتي فيه من حجر «عين» منقوشة ومحفورة بالمسحل باسمه الفاخر.

صفحة ٥٩

(١) وأتممته بأشياء طيبة من كل أرض، وخصصت له عبيدًا عمالًا في قوائم عدة، وأقمت محرابًا جديدًا يحوي قربانًا مقدسًا ليُقدَّم لحضرته يوميًّا، وبنيت له سفينة عظيمة (٢) تسمى «أول النهر» مثل سفينة المساء «لرع» التي في السماء، وأحطت بيته بجدار أُسس بمجهود مؤلف من عشرين مدماكًا في أرض الأساس، وارتفاعه ثلاثون ذراعًا، وله منزلقات (٣) (؟)، وأبراج (؟) وطوارات (؟) في محيطه كله، وله عوارض أبواب عظيمة من الحجر، وأبواب من الأرز مثبت فيها صفائح من البرنز الممزوج بنسبة ستة أجزاء منقوشة ومحفورة بالمسحل باسم جلالتك العظيم سرمديًّا.

  • معبد «سوتخ» في «أمبوس» (كوم أمبو): (٤) وأصلحت معبد «سوتخ» سيد «نبتي» (كوم أمبو)؛ فبنيت جدرانه التي كانت قد خربت، وأعددت البيت الذي كان في وسطه باسمه الإلهي، وأقمته بصناعة ممتازة أبدية. (٥) وكان اسمه العظيم «بيت رعمسيس حاكم هليوبوليس في ضيعة سوتخ صاحب أمبوس»، وجهزته بعبيد، وهم الأسرى والناس الذين أوجدتهم. وخصصت له قطيعًا في الشمال (٦) ليقدَّم إلى حضرته يوميًّا، وعملت له قرابين مقدسة جديدة زيادة عن القربات اليومية التي كانت من قبل، ومنحته «أرضًا عالية»١٧٥ وأرضًا بكرًا،١٧٦ وجزرًا في الجنوب (٧) والشمال تحمل الشعير والقمح، وكان بيت ماله يُمار بالأشياء التي أحضرتها يداي لمضاعفة الأعياد أمامه يوميًّا.
  • معبد حور في «أتريب» (بنها): (٨) ومنحت إنعامات عديدة من الماشية المقدسة أمام والدي «حور خنتي ختي»، وأصلحت جدران معبده وبنيتها فجعلتها جديدة (٩) مستوية مصقولة، وضاعفت القرابين الإلهية له فجعلتها قربًا يومية أمام وجهه المحبوب كل صباح، وأحضرت له جزية من العبيد والإماء ومن الذهب والفضة والكتان الملكي، وكتان الجنوب الجميل، وزيت (١٠) وبخور، وشهد، وثيران وعجول مخصية، وجعلت له قطعانًا جديدة تحوي ماشية عديدة، لتقدم لحضرته، الأمير العظيم، ونظمت إدارة بيته الفخم في البحر والبر بمراسيم (١١) عظيمة سُنت باسمه أبدًا، وعينت الكهنة والمفتشين لبيته عليهم ليديروا عمل العبيد، وليقتربوا إلى بيته.
  • خلع الوزير الثائر في «أتريب»: وخلعت الوزير الذي تدخل في (١٢) وسطهم، واستوليت على كل أتباعه الذين كانوا معه، وجعلت المعبد كالمعابد العظيمة في هذه الأرض محميًّا ومحفوظًا سرمديًّا، وأعدت (ثانية) كل أهله الذين كانوا قد طُردوا، فعين كل رجل.

صفحة ٦٠

(١) وكل مفتش ليقوموا بإدارة أعمالهم في بيته الفاخر.

  • معبد «سوتخ» في عاصمة الملك (قنتير): (٢) وعملت معبدًا عظيمًا زِيد فيه بمجهود في بيت «سوتخ رعمسيس مري آمون» مبنيًّا ومكسوًّا ومصقولًا ومنقوشًا بالأشكال، وله عوارض أبواب من الحجر (٣) وأبواب من خشب الأرز، وكان اسمه يُدعى أبدًا: «بيت رعمسيس حاكم هليوبوليس في ضيعة سوتخ». وخصصت به عبيدًا عمالًا من الناس الذين كوَّنتهم، وعبيدًا وإماء من الذين استوليت عليهم أسرى بسيفي (٤) وجعلت له قرابين مقدسة تامة وطاهرة لتُقدَّم لحضرته يوميًّا. وملأت بيت ماله بأشياء لا حصر لها من مخازن حبوب بعشرات الآلاف، وقطعان ماشية مثل الرمل (٥) لتُقرَّب إلى حضرتك يا أيها العظيم في قوته.
  • أعمال طيبة لكل الآلهة والإلهات: (٦) وقمت بأعمال مجيدة، وإنعامات عظيمة العدد لآلهة، وإلهات الجنوب والشمال، وصنعت صورهم التي في بيوت الذهب، وبنيت ما كان قد سقط مخربًا (٧) في معابدهم، وأقمت بيوتًا ومعابد في ردهاتهم، وغرست لهم خمائل، وحفرت لهم بحيرات، وأسست لهم قربًا إلهية من الشعير (٨) والقمح، والنبيذ، والبخور، والفاكهة، والماشية، والطيور، وبنيت «ظلال رع»١٧٧ لأجل الأقاليم ممكنًا بالقرب المقدسة اليومية، ووضعت المراسيم العظيمة لإدارة معابدهم (٩) مسجلة في قاعات السجلات سرمديًّا (١٠) تأمل: إن القائمة أمامكم يا هؤلاء الآلهة والإلهات لتعرفوا الإنعامات التي عملتها لحضراتكم.

صفحة ٦١ (أ)

  • (أ) ثروة المعابد: (١) قائمة بالسلع، والماشية، والحدائق، والأراضي الزراعية، والسفن، ومصانع السفن، والمدن، وكل شيء (٢) منحه الملك «وسرماعت رع مري آمون» الإله العظيم لآبائه الآلهة والإلهات أرباب الجنوب والشمال.
  • الناس التابعون للمعابد: (٣) معبد «رعمسيس» حاكم هليوبوليس القاضي في ضيع أنحور: ٣٥٧ نسمة.

    (٤) الناس الذين منحهم إلى بيت «أنحور» صاحب الريشتين العاليتين، القاطن في «طينة»: ١٦٠ نسمة.

    (٥) معبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «أوزير» رب العرابة: ٦٨٢ نسمة.

    (٦) الناس الذين أهداهم إلى بيت والده الفاخر «أوزير» رب «العرابة»: ١٦٢ نسمة.

    (٧) بيت «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في بيت «سوتخ» رب «إمبوس» (نبتي): ١٠٦ نسمة.

    (٨) الناس الذين منحهم بيت «مين» «حور» و«إزيس» وكل آلهة «قفط»: ٣٩ نسمة.

    (٩) الناس الذين أهداهم إلى بيت «حتحور» سيدة «أفروديد تويوليس»:١٧٨ ١٢ نسمة.
    (١٠) الناس الذين أهداهم إلى بيت «سبك» رب «نشيت»١٧٩ (المنشية): ٢٢ نسمة.

    (١١) الناس الذين أهداهم إلى بيت «مين حور إزيس» آلهة «بانوبوليس»: ٣٨ نسمة.

    (١٢) معبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «مين» سيد «بانوبوليس» (كفر إبو)، (أخميم) تحت إدارة «إنوشفي» قائد الجيش: ٢٠٣ نسمة.

    (١٣) الناس الذين أهداهم إلى بيت «زبتي» رب «ثيو» (أبو تيج الحالية): ٣٨ نسمة.

    (١٤) الناس الذين أهداهم إلى بيت «خنوم» سيد «شطب»: ١٧ نسمة.

    (١٥) الناس الذين أهداهم إلى بيت «وبوات» الجنوب، مرشد الأرضين: ٤ نسمات.

صفحة ٦١ (ب)

(١) معبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» الظاهر في العيد الثلاثيني في ضيعة «وبوات» تحت إدارة «تحوت محب» قائد الجيش: ١٥٧ نسمة.

(٢) معبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» «في هذا المعبد» تحت إدارة «إنوشفنو» قائد الجيش: ١٢٢ نسمة.

(٣) معبد «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في ضيعة «تحوت» سيد «الأشمونين»: ٨٩ نسمة.

(٤) بيت (بر) «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في هذا البيت: ٦٦ نسمة.

(٥) الناس الذين منحهم هذه الضيعة: ٤٨٢ نسمة.

(٦) الناس الذين منحهم بيت «خنوم» «حتورت»:١٨٠ ٣٤ نسمة.

(٧) الناس الذين منحهم بيت «آمون رع» رب «يرد»: ٤٤ نسمة.

(٨) الناس الذين وهبهم بيت «تحوت» في «باوزي»: ٦٥ نسمة.

(٩) الناس الذين وهبهم بيت «آمون» صاحب «موي خانت»:١٨١ ٤٤ نسمة.
(١٠) الناس الذين وهبهم بيت «سبك» رب «آنشا»:١٨٢ ٣٨ نسمة.

(١١) الناس الذين وهبهم بيت «أنوبيس» رب سبدو (؟): ٧٨ نسمة.

(١٢) الناس الذين منحهم بيت «ست» رب «سبرمرو»:١٨٣ ٩٩ نسمة.

(١٣) الناس الذين منحهم بيت «حرشفي» ملك الأرضين: ١٠٣ نسمة.

(١٤) الناس الذين منحهم بيت «سبك» صاحب «شدد حور» قاطن «تا-ش» (الفيوم): ١٤٦ نسمة.

(١٥) الناس الذين منحهم بيت «ست» رب «سو»: ٣٥ نسمة.

(١٦) الناس الذين منحهم بيت «آمون رع» رب تيجان الأرضين للأرض الخلفية: ٦٢ نسمة.

(١٧) الناس الذين منحهم بيت «حتحور» سيد «أطفيح»: ١٢٤ نسمة.

صفحة ٦٢ (أ)

(١) قطيع «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» صانع الإنعامات لأمه «باست» ١٥٣٣ نسمة
(٢) الناس الذين وهبهم بيت «باست» سيدة «برست» على مياه «رع» ١٦٩ نسمة
(٣) بيت (بر) «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» في بيت «سوتخ» في «بررعمسيس الثاني» محبوب «آمون» ١٠٦
(٤) قطيع «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس» المنعم لوالده «حرخني* خاتي» صاحب «أتريب» (بنها) ١٢٤
(٥) الناس الذين وهبهم: «موت» «خنت-عيوي-ن-نترو» ٢٤ نسمة
(٦) المجموع ٥٨١١
هذا المكان — أو المعبد — لم يمكن تحديد موقعه حتى الآن كما ذكر «جاردنر» (J. E. A. Vol 19 (1933) p. 126 and Gauthier, Dic. Geogr. I, p. 140) ويوجد في متحف «ليبزج» لوحة (Inver No 429) من عهد «تحتمس الرابع» يتعبد فيها لإلهة تُسمَّى «موت-خنت-عبوى-نترو» (الإلهة «موت» المشرفة على قرني الآلهة)، وقد نشرها «هلشر» في آية (Das Grabmal des Konig Chephren Leipzig 192 p. 140) وكانت قد وُجدت مع لوحات أخرى عند المدخل الجنوبي الشرقي لبرج معبد «خفرع» الجنازي ليظهر العبادة «لبولهول». ويقترح الأستاذ «ستاندورف» أن معنى عبارة «قرني الآلهة» هو صخرة بالقرب من «بولهول» حُفر فيها محراب لعبادة هذه الإلهة. (Schaedel Ibid p. 41 Note 1).
†  المجموع الحقيقي هو = ٥٦٨٦.
جدول ٣: ثروة منوعة
(٧) حيوانات منوعة ١٣٤٣٣
(٨) حقول مقدرة بمقياس «ستات» ( من الفدان الإنجليزي) ٣٦٠١٢
(٩) حدائق ١١
(١٠) مصانع سفن ٢
جدول ٤: جزية الرعية
(١١) حبوب نقية: حقيبة وتساوي (١٦ حقات = ٤٧٨٥ لترًا)* ٧٣٢٥٠
(١٢) خضر: باقات ٣٣٠٠
(١٣) كتان: ربط (نعخ) تُستعمل بمثاة معيار ٣٠٠٠
وكذلك تساوي أربع ويبات.

ص ٦٢ (ب)

هدايا الملك للآلهة

(١) ذهب، وفضة، ولازورد حقيقي وفيروزج حقيقي، وكل حجر حقيقي غالٍ.

(٢) ونحاس وملابس من الكتان الملكي، وكتان جميل من الجنوب، وكتان الجنوب، وكتان ملون، ومر، وماشية، وطيور، وكل شيء (٣) يقدمه لهم الملك «وسرماعت رع» الإله العظيم هدية ملكية. (٤) من السنة الأولى حتى السنة الواحدة والثلاثين من حكمه.

دبن قدت
(٥) ذهب مصنوع أواني وحليًّا وقطعًا ١٧١٩
(٦) فضة صُنعت أواني وقطعًا ٢٤٢٨
(٧) مجموع الذهب والفضة ٤١٤٨ ٣
(٨) ذهب مع بلور صخري: أطواق ٤
(٩) ذهب مع بلور صخري: حلي ٤
(١٠) أكاليل ذهب للرأس ١
(١١) فضة مغشاة بالذهب: عين مقدسة للإله «تحوت» ١
(١٢) لازورد حقيقي ١٠ ٦
(١٣) زمرد حقيقي (ترك فضاء) ،
(١٤) حجر «تمحي» من «واوات» ٣
(١٥) نحاس أسود مصفح بالذهب: تمثال لأوزير* (؟) ٢
(١٦) نحاس أسود ٢٦٠
راجع: W. b. III, p. 402.

صفحة ٦٣ (أ)

دبن قدت
(١) نحاس: أوان وقطع ١٤١٣٠ ٣
(٢)قصدير ٢١٣٠
(٣) بخور ٧٨٢
(٤) كتان ملكي: ملابس (دو) ١٧
(٥) كتان ملكي: ملابس ظاهرية (دو) ٢٥
(٦) كتان ملكي: لفافات «حور» ٣
(٧) كتان ملكي: عباءات ٥
(٨) كتان ملكي: عباءات «ملابس» ٣٠
(٩) كتان ملكي: عباءات ملابس «خنكي» (w. b. III, 385) ٢
(١٠) كتان ملكي: ملابس «إدج» (w. b. I, p. 155) ١٧٩
(١١) كتان ملكي: قمصان ١٦٨
(١٢) كتان ملكي: ملابس متنوعة ١٠
(١٣) مجموع الكتان الملكي: الملابس المنوعة ٤٣٩
(١٤) كتان الجنوب الجميل: الملابس الظاهرية (دو) ٢
(١٥) كتان الجنوب الجميل: قمصان كبيرة ٢
(١٦) كتان الجنوب الجميل: ملابس (دو) ٢٣٤
(١٧) كتان الجنوب الجميل: ملابس ٢٩

صفحة ٦٣ (ب)

(١) كتان الجنوب الجميل: ملابس (إدج) ٤٢٨
(٢) كتان الجنوب الجميل: (هاومن) ١
(٣) كتان الجنوب الجميل: قمصان ٣٩٩
(٤) كتان الجنوب الجميل: تنانير ٣٧
(٥) كتان الجنوب الجميل: ملابس منوعة ٤٤
(٦) مجموع كتان الجنوب الجميل من الملابس المصنوعة ١٢١٦*
(٧) كتان الجنوب: عباءات ٢٣
(٨) كتان الجنوب: ملابس ١
(٩) كتان الجنوب: ملابس (دو) ٢١٨
(١٠) كتان الجنوب: ملابس (إدج) ١٨١
(١١) كتان الجنوب: قمصان ٤٣
(١٢) كتان الجنوب: ملابس (قزمر) ٤٩
(١٣) كتان الجنوب: تنانير ٢٣
(١٤) كتان الجنوب: ملابس (إفد) ٤٠
(١٥) مجموع كتان الجنوب من ملابس منوعة ٥٥٦
(١٦) كتان ملون: عباءات ٦٠
(١٧) كتان ملون: ملابس ١٢
العدد الحقيقي = ١١٧٦.
†  العدد الحقيقي = ٥٧٨.

صفحة ٦٣(ﺟ)

(١) كتان ملون: ملابس (دو) ١
(٢) كتان ملون: ملابس (إفد) ٤
(٣) كتاب ملون: قمصان ٥٦٧
(٤) كتان ملون: ملابس منوعة ٩٢
(٥) مجموع الكتان الملون: ملابس منوعة ٧٣٦
(٦) مجموع الكتاب الملكي وكتان الجنوب والكتان الملون: ملابس منوعة ٣٠٤٧*
(٧) غزل: بالدبن ٩٠٠
(٨) غزل: ربط منوعة ١٩
(٩) بخور أبيض: جرار (من) ٦٠١
(١٠) شهد: جرار (من) ٥٦٧
(١١) زيت (نحح) مصري: جرار (من) ٥١٣
(١٢) زيت (نحح) سوري: جرار (من) ٥٤٢
(١٣) زيت (بق): جرار (من) ١
(١٤) زيت أحمر (بق) جرار (من) ١
(١٥) شحم أبيض: جرار (من) ٢٧٣
(١٦) دهن أوز: جرار (من) ٤٤
(١٧) زبدة: جرار (من) ٣١
المجموع يزيد هنا عن ١٨٠.

صفحة ٦٤ (أ)

(١) زيت (سفت): جرار (من) وهو أحد الزيوت العطرية السبعة التي تُستعمل في الشعائر الدينية ١
(٢) مجموع الجرار المملوءة ٢٦٨٨*
(٣) شراب شدح: جرار (من) ١٣٤
(٤) شراب شدح: جرار (كابو) ٢٨٧
٥) نبيذ: جرار (ماديدي) ٢
(٦) نبيذ: جرار («مرسو» و«من») ٢٨٦٤
(٧) مجموع الشدح والنبيذ: جرار مختلفة (إعع) ٣٢٤٧
(٨) مجموع: جرار منوعة ٤٩٧٥
(٩) خواتم (بابابا) مركبة على ذهب ١٢٤
(١٠) أحجار ثمينة منوعة: تعويذات أعين مقدسة ٥٦٧٣
(١١) أحجار ثمينة منوعة: جعارين ١٥٦٢
(١٢) أحجار ثمينة منوعة: أختام وصدريات ١٦٤٣
(١٣) أحجار ثمينة منوعة: صور الملك (له الحياة والفلاح والصحة) ٥٥٧
(١٤) أحجار ثمينة منوعة: تماثيل (Naophors) حملة بيت الذراع ٦٢
(١٥) زمرد: خواتم وأصابع ٣٣١
(١٦) حجر (وبات): أختام ٦٢٧٨
المجموع الحقيقي = ٢٥٧٤.
†  المجموع الحقيقي = ٣٢٨٧.
‡  المجموع الحقيقي = ٣٢٨٧.

صفحة ٦٤ (ب)

(١) بلور صخري: أساور ٦٢
(٢) بلور صخري: أختام ٤١٨٥
(٣) بلور صخري: جعارين ٩٣٠
(٤) بلور صخري: تعاويذ العين المقدَّسة ٦٥٨٣
(٥) بلور صخري: خرز ٨٢٥٨٤٠
(٦) بلور صخري: خرز فروع في شكل الزهر ٣١
(٧) بلور صخري: خواتم أصابع ٤٢٤٧
(٨) لازورد لامع ٧٣ ٣
(٩) زمرد لامع ٣٤ ٣
(١٠) يشب أحمر: خواتم أصابع ٣١
(١١) يشب أحمر: جعارين ٩٣
(١٢) يشب أحمر ١٩
(١٣) معدن (واز) ١٧
(١٤) حجر «أرر»: سمدت (خرز) ٣٥
(١٥) بلور صخري: سمدت (خرز) ١٣٦
(١٦) حجر (حرست): سمدت (خرز) ٢٨
(١٧) اليشب الأحمر: سمدت (خرز) ٧

صفحة ٦٤(ﺟ)

(١) حجر (حمقمم):* سمدت (خرز) ١٦٠
(٢) كل الأحجار الغالية: سمدت (خرز) ١٦٠
(٣) خشب (مرو): سلات ومكاييل (ثاي) ٤٩٦
(٤) خشب زكي الرائحة (قتني) بمكيال ٣
(٥) قرفة: بمكاييل (مستي) ٣٠
(٦) قرفة: حزم ٣٧
(٧) نبات (إيوفتي): بمكيال «مستي» ٢
(٨) حصا لبان بمكيال «مستي» ٢
(٩) نبات (سمو): مكاييل (مستي) ٤
(١٠) بخور: «قدرتي» ١٠٠
(١١) حبوب «مهيوت» من خشب الأرز (؟) ١٠٠
(١٢) اسفلت (من بلاد «بنت» تُستعمل للتحنيط بمكيال متى) ٢٢
(١٣) عنب: بمكيال «مستي» ٢٢
(١٤) فاكهة منوعة: (حقت) ٢١٢
(١٥) حجر الشبة: بمكيال (مستي) ٣
حجر ثمين يُتخذ منه خرز العقود وغيرها.

صفحة ٦٥ (أ)

(١) صموغ: حقت ٢
(٢) سليقون: جرار (من) ٣
(٣) ستي (خنتي؟): جرار (شنى) (حجر نوبي يُستخرج منه لون خاص) ٣٨٠
(٤) شسا: مكاييل (مستي) (مادة معدنية من بلاد النوبة تُستعمل للتلوين) ٧٢
(٥) شسا (دبن) ٣٢٥٠٠
(٦) فاكهة الدوم (سباط) ٢٥٤٨
(٧) خوص النخل: جريد ٤٦٠٤٠
(٨) خوص النخل: مكاييل (بسا)* ٣٢٠
(٩) حجر الطاحون وابنه (أي حجر الطحن؛ يعني الحجر الأعلى والأسفل) ٣٥١
(١٠) حب نقي بالحقيبة ٢٢٣١
(١١) فاكهة الجنوب بالحقيبة ٩٥
(١٢) ماشية منوعة ١١٤٢
(١٣) جلود بقر ٣٧
(١٤) خشب أرز: قطع منوعة ٣٣٦
(١٥) خشب مارا: قضبان ٢
(١٦) خشب سلامكة (دبن) ١٠٠
راجع: W. b. II, p. 82.

صفحة ٦٥ (ب)

(١) أمتست: قوالب ٣٨٤٢
(٢) أمتست: حقيبة (= ١٦ حقت) ٦٢
(٣) ملح: قوالب ٤٢٤٢
(٤) ملح: حقيبة ١٦٦
(٥) زيتون: حقت ١٣٥٢
(٦) أزهار (زدمت): مكاييل (تمامو) ٩٧
(٧) نبات (إنبو): مكاييل (تمامو) ٩٩
(٨) عنب: بمكيال «بدر» (قفص؟) ٢٥٣
(٩) عنب: أكاليل ٨٠
(١٠) رمان: بمكيال «بدر» (قفص) ٦٦
(١١) فاكهة: بمكيال إبت = ويبة أي ربع حقيبة ٨٧٫٥*
(١٢) كتان (بسن): بمكيال «سبخن» ٩٣
(١٣) حصير (إدنبو) (؟) (w. b. I, p. 154) ١١٨
(١٤) كتان (بسن): سجاد (بخن) ١٩٨
(١٥) أتل: حزم ٣٩٠
راجع: Wilbour Pap. II, p. 63.

صفحة ٦٥(ﺟ)

(١) كتان الجنوب: سلات (حتب) ٤٦
(٢) حبال من نبات «وز» (w. b. I, p. 399) ٣٧
(٣) دهن أوز من قطيع الأوز ٤
(٤) أوز حي ١٩٠
(٥) طيور مائية حية ١٥٣
(٦) طيور مائية مقطعة ١٩٢٠
(٧) سمك مقطع ٦٥٠٠
(٨) سمك صحيح ١٣١٠٠
(٩) جريد نخل بالمعيار (؟) ٢٣٠٠
(١٠) ليف نخل ٢٣٠٠
(١١) خشب حريق: قطع ٢٠٠
(١٢) فحم بمكيال «جسري» ٥٠
(١٣) كروم ٢
(١٤) حدائق جميز ٢
(١٥) بيت معد بالخشب (ختى) ١
(١٦) أرض زراعية مقدرة بمقياس (ستات) ١٣٦١

صفحة ٦٦ (أ)

قمح لقربان الأعياد

(١) قمح نقي بالحقات لأجل القربات المقدسة (٢) لأعياد السماء، وأعياد أوائل الفصول الذي أعطى إياهم (للآلهة والإلهات) زيادة على (٣) القرابين المقدسة. وكذلك زيادة على القربات اليومية، ليزيد ما قد كان من قبل من السنة الأولى حتى السنة الحادية والثلاثين، أي مدة إحدى وثلاثين سنة، مقدرة بالحقيبة (والحقيبة = أربع ويبات = ٢٥٣٢٦).

صفحة ٦٦ (ب)

صلاة ختامية

(١) اصغوا إليَّ أيها التاسوع المقدَّس العظيم، وأنتم يا أيها الآلهة والإلهات! عوا في قلوبكم الإنعامات التي قمت بها حينما كنت لا أزال ملكًا على الأرض (٢) حاكمًا على الأحياء. هبوا لي أن أكون مقدسًا كواحد من أفراد التاسوع حتى أستطيع الرواح والغدو بينكم في الأرض المقدسة (تاجسر)، (٣) وحتى أستطيع أن أذهب وأنا معكم أمام «رع»؛ وأستطيع أن أرى ضياء قرصه كل صباح. وهبوني أن أستطيع استنشاق الهواء مثلكم (٤)، وأن أتسلم الخبز من القربان التي أمام «أوزير»، ودعوا قلبي فرحًا، واسمعوا ما أقول (٥): مكنوا ابني ملكًا على عرش «حور»، فهو حاكم على الأرض بمثابة رب الأرضين، وضعوا التاج على رأسه مثل «الرب المسيطر» (٦) وضموا إليه الصل مثل «آتوم»، ودعوه يحفل بأعياد ثلاثينية مثل «تاننن» ويحكم طويلًا مثل صاحب الوجه الجميل «بتاح»، وليت (٧) سيفه ينتصر على كل الأراضي، وليتهم يأتون خوفًا منه حاملين جزيتهم. وضعوا (٨) حبه في قلوب الناس، وليت جميع الأرض تصفق له عند رؤيته، وليت مصر تفرح به (٩) بابتهاج متحدة تحت قدميه أبديًّا: ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين: «وسرماعت رع ستبن آمون» (له الحياة والفلاح والصحة) ابن (١٠) رع سيد التيجان مثل «آمون» «رعمسيس الرابع» «حقا ماعت مري آمون» له الحياة والفلاح والصحة.

صفحة ٦٧

ملخص

  • ثروة المعابد: (١) قائمة بأشياء الآلهة والناس: من ذهب وفضة ولازورد حقيقي وفيروزج حقيقي وكل حجر غالٍ (٢) وماشية وحدائق وأرض وسفن ومصانع سفن ومدن، وقرب أعياد وقربان، وكتب إله النيل، وكل السلع التي عملها الملك (٣) «وسرماعت رع مري آمون» (له الحياة والفلاح والصحة) الإله العظيم لوالده الفاخر «آمون رع» ملك الآلهة، وللإله «آتوم» رب الأرضين الهليوبوليتي، «ولرع حوراختي»، وللإله «بتاح» (٤) «العظيم القاطن جنوبي جداره» (منف) سيد «حياة الأرضين» ولكل آلهة وإلهات الجنوب والشمال حينما كان ملكًا على الأرض. (٥) التماثيل المحفوظة في القوارب المقدَّسة، والتماثيل ومجاميع تماثيل «آمون رع» ملك الآلهة وعددها ٢٧٥٦ إلهًا.
نسمة
(٦) عدد الناس ١١٣٤٣٣
(٧) ماشية منوعة ٤٩٠٣٨٦
(٨) أراضٍ مقدرة بالاستات ١٠٧١٣٨٠
(٩) حدائق وخمائل ٥١٤
(١٠) سفن نقل وسفن بسطح واحد منخفضة ٨٨

صفحة ٦٨ (أ)

(١) بلاد مصرية ١٦٠
(٢) بلاد سورية ٩
المجموع ١٦٩

(٣) القيمة الخاصة التي تحتويها التماثيل والمجاميع التي يبلغ عددها ٢٧٥٦ وهي:

دبن قدت
(٤) ذهب جميل ٧٢٠٥ ١
(٥) فضة ١١٠٤٧
(٦) مجموع الذهب والفضة ١٨٢٥٢
(٧) اللازورد الحقيقي ٤٧ ٣
(٨) نحاس أسود ١٠٠٠١ ٨
(٩) نحاس: أوانٍ وقطع ٩٧١٤٨ ٣
(١٠) قصدير ٤٨٩٦
(١١) صفيح ٩٥

صفحة ٦٨ (ب)

(١) أحجار غالية منوعة بالويبة ١٨١٦٨ ١
(٢) خشب أرز: قطع منوعة ٣٢٨
(٣) خشب برسن: قطع منوعة ٤٤١٥

(٤) ضريبة الرعايا: السلع، وإنتاج الناس، وكل العبيد التابعين للبيوت والمعابد والضياع (٥) التي أعطاها إياهم الفرعون دخلًا سنويًّا:

(٦) ذهب الجبل الجميل، وذهب من الدرجة الثانية في صورة أوانٍ وحلي وقطع ٢٢٨٩
(٧) فضة: أوان وقطع ١٤٠٥٠
(٨) مجموع الفضة والذهب التي في هيئة أوانٍ وحلي وقطع ١٦٣٣٩
(٩) ذهب مركب على أحجار ثمينة: أطواق وأزرار وحبال ٩
(١٠) فضة مغشاة بالذهب: تعويذة عين مقدسة للإله «تحوت» ١
(١١) نحاس: دبن ٢٧٥٨٠
(١٢) كتان ملكي وكتان «مك»، وكتان الجنوب الجميل؛ وكتان الجنوب، وكتان ملون، وملابس منوعة ٤٥٧٥

صفحة ٦٩

(١) غزل: دبن ٣٧٧٥
(٢) بخور وشهد وزيت: جرار مملوءة (اعع) ١٥٢٩
(٣) شراب شدح ونبيذ: جرار منوعة (اعع) ٢٨٠٨٠
(٤) فضة من أشياء: ضريبة الناس مقدرة بالدبن ٤٢٠٨ ،
(٥) حب نقي من ضريبة الفلاحين بالحقيبة ٤٦٠٩٠٠
(٦) خضر: باقات ٣٢٧٥٠
(٧) كتان: بالربط (البالات) ٧١٠٠٠
(٨) طيور ماء من ضرائب الصيادين والسماكين ٤٢٦٩٩٥
(٩) ثيران وعجول مخصية، وعجلات وعجول وبقرات وماشية، وماشية من القطيع: ماشية مصر ٩٦١
(١٠) ثيران وعجول مخصية وفحول وعجلات وعجول وبقرات من ضرائب بلاد سوريا ١٩
المجموع ٩٨٠
(١١) أوز حي ذو قيمة ١٩٢٠
(١٢) خشب أرز: قوارب جر، وقوارب عبور ١٢
(١٣) خشب سنط: قوارب جر، وقوارب نزع، وقوارب نقل الماشية ومراكب صغيرة، وقوارب شحن ٧٨

صفحة ٧٠ (أ)

(١) مجموع خشب الأرز وخشب السنط: قوارب ٩٠
(٢) سلع مصر وسلع أرض الإله، وسلع سوريا، وسلع بلاد «كوش» والواحة لأجل القرابين المقدسة في قوائم عديدة.

هدايا الفرعون الخ:

(٣) الذهب والفضة واللازورد الحقيقي، والفيروز الحقيقي، وكل حجر غالٍ، والنحاس والملابس.

(٤) المصنوعة من الكتان الملكي وكتان «مك» وكتان الجنوب الجميل، وكتان الجنوب والملبس، والكتان الملون، والجرار (أي المملوءة خمرًا وزيتًا وبخورًا … الخ) والطيور، وكل شيء أعطاه إياهم.

(٥) هدايا الملك (له الحياة والفلاح والصحة) والقرابين الاحتفالية، والقرب، وكتب إله النيل، حينما كان ملكًا على الأرض.

دبن قدت
(٦) ذهب جميل، وذهب من الدرجة الثانية، وذهب أبيض في أوانٍ، وحلي وقطع (مقدرة) بالدبن ١٦٦٣
(٧) فضة (مصنوعة) أواني وقطعًا (مقدرة) بالدبن ٥٩٨ ٨
(٨) مجموع الذهب والفضة في صورة أوانٍ وقطع مقدرة بالدبن ٥٢٦١ ٨
(٩) لازورد حقيقي، فيروز حقيقي، وحجر فلدسبار أخضر حقيقي ٣٠
(١٠) لازورد حقيقي، فيروز حقيقي: جعارين ٧٢
(١١) حجر تحني من «واوات»: مقدر بالقدت ٣

صفحة ٧٠ (ب)

(١) نحاس أسود مقدر بالدبن ٣٢٧ ٩
(٢) نحاس أسود مصفح بالذهب: تماثيل «أوزير» (؟) ٢
(٣) نحاس مصنوع أواني وقطعًا بالدبن ١٨٧٨٦ ٧
(٤) قصدير: دبن ٢١٣٠
(٥) مر: دبن ٧٠٠٩
(٦) مر: حقت
(٧) خشب شجر المر (قطع) ١٠٥٩
(٨) فاكهة المر: بالويبة ٢٠٠
(٩) كتان ملكي وكتان «مك» وكتان الجنوب الجميل، وكتان الجنوب وكتان ملون: ملابس منوعة ٥٠٨٧٧
(١٠) بخور وشهد وزيت (نحح) وزيت (بق): جرار منوعة (اعع) بالويبة المنوعة ٣٣١٧٠٢
(١١) بخور (قادارتي) بالويبة ٣٥١٣٠
(١٢) بخور بالويبة الكبيرة ٦٢
(١٣) شراب «شدح» ونبيذ: جرار (من) و(كابو) ٢٢٨٣٨٠
(١٤) أسفلت جميل من بلاد «بنت»: دبن ٣٠٠
(١٥) أسفلت مكاييل: (مستي) ١٠
(١٦) كل الأحجار الثمينة: تعاويذ العين المقدَّسة والجعارين والأختام من مقاييس مختلفة ١٠٧٥٦٣٥

صفحة ٧١ (أ)

(١) مرمر: قطعة واحدة ١
(٢) غزل: مقدر بالدبن ٧٠٠
(٣) غزل: ربط ١٩
(٤) خشب مشغول: صناديق وأختام ٩٢
(٥) خشب «مرو»* وخشب أبنوس: عِصِي ٤٩٧
(٦) خشب مشغول: قطعة لكفتي الميزان ١
(٧) خشب خروب: قطعة ١
(٨) خشب برسا: قطعة طولها ذراعان ١
(٩) خشب مرا عمود للميزان ١
(١٠) خشب مرا أقطاب ٢
(١١) خشب أرز: قطع منوعة ٣٥١
(١٢) عصير خشب حلو الرائحة، وخيار شنبر (سلمكة): دبن ٣١٢٩
(١٣) خشب زكي الرائحة: حزم ومكاييل (مستي) ٣٧
(١٤) قرفة: ٨٣٣ مكيالًا (مستي) وحِزم: بالدبن ٢٠٠٠
خشب من سوريا لونه أحمر، وهو خشب جوز يُستعمل لعمل الأشياء الفنية والأثاث.
†  كنتي: خشب زكي الرائحة (W. b. V, p. 54).

صفحة ٧١ (ب)

(١) شعير سوريا: حقت ٤٥
(٢) عاج: أسنان فيل ١
(٣) كحل: دبن ٥٠
(٤) حصى لبان: مكيال (مستي) ١٦٧
(٥) نبات أفيتي: مكيال (مستي) ١٨٣
(٦) مهيوت: فطائر (ساتا) ٣١٠٠
(٧) نبات سامو: مكيال (حتب) ١٧٦٤
(٨) فاكهة الدوم والعنب والتين والرمان والفاكهة المنوعة في أقفاص منوعة: بمكيال: ابت ٢٣٨٢٦٥٠
(٩) ثيران وعجول مخصية وفحول وعجلات، وبقرات وماعز ٢٠٦٠٢
(١٠) ظباء بيض وغزلان ذكور وإناث ٣٦٧
(١١) أوز سمين وأوز حي وطيور ماء منوعة ٣٥٣٩١٩
(١٢) ملح وأمتست بالحقيبة (أربع ويبات) ١٨٤٣
(١٣) ملح وأمتست: قوالب ٣٥٥٠٨٤
(١٤) حبال من نبات «وز» ٣٤٥
(١٥) نبات (سبخي) حصر (بش) وحصر (إدنيو)؟ ١٩٤٤

صفحة ٧٢

(١) أثل ٧٨٦٠
(٢) كتاب الجنوب: مكيال (حتب) ٤٦
(٣) خبز ناعم: في سلات «ودن» الكبيرة وأكوام (سيد) وسلات (باح) تُكال بالويبات المختلفة ١٦١٢٨٧
(٤) خبز ناعم، ولحم، وفطائر (رحسي): في سلات كبيرة (حتب) للمكان المقدس (ما) وسلات (حتب) من الذهب، وسلات (حتب) للأكل، وسلات (ثاي) للأكل ٢٥٣٣٥
(٥) خبز ناعم: رغفان كبيرة (عق) للأكل، ورغفان حلوة (عق) ورغفان من كل حجم ٦٢٧٢٤٢١
(٦) فطائر (رحسي) من كل خبز، ومكيال بالويبة ٢٨٥٣٨٥
(٧) جعة: أواني منوعة (خنسو) ٤٦٨٣٠٣
(٨) زيتون: جرار («من» و«جاي») ١٧٢٦
(٩) شمع: دبن ٣١٠٠
(١٠) كرنب، وفاكهة خيثانا، وفاكهة الجنوب: بالويبة وبالحزم ٣٩٠٢١٥
(١١) نبات «ردمت» بالحزم وبالسلات (تامو) ٨٦٦
(١٢) أحذية من البردي: مقدرة بالزوج ١٥١١٠
(١٣) بردي مجهز ملون بالويبة ٢٦٧٨٢
(١٤) آلة (غربال) بالويبة ٩٣٠
(١٥) نسيج سميك: ملابس (دو) ١٥٠

صفحة ٧٣

(١) أحذية من الجلد: بالزوج ٣٧٢٠
(٢) جرار وأوانٍ من مصب ترعة «هليوبوليس» ٩٦١٠
(٣) سمك منوع ٤٩٤٨٠٠
(٤) جرار القناة مملوءة بالسمك، ولها أغطية من الخشب ٤٤٠
(٥) براعم، وأزهار، ونبات «إسي» وبردي، وأعشاب: مكاييل (زدست)، وطاقات لليد ١٠١٣٠٠٣٢
(٦) أراضي زيتون معدة: قطعة واحدة مساحتها بالستات
(٧) حدائق من كل (أنواع) الأشجار معدة ٦
(٨) بيت مُعد بالخشب ١
(٩) خشب حريق (قطع) ٣٢٦٠
(١٠) خشب حريق بمكيال «جسرا» ٣٣٦٧
(١١) بخور، وشهد، وزيت (نحح)، وأجود زيت، ودهن، وفاكهة وكل حجر غالٍ، وقرفة، وخضر، ولبن: مكاييل (ع) من أحجام منوعة ١٩٣٣٧٦٦
(١٢) ذهب، وفضة، وكل حجر غالٍ حقيقي: تماثيل لإله النيل (نوسا) ٤٨٢٣٦
(١٣) لازورد حقيقي، وفيروزج حقيقي، وكل حجر غالٍ، ونحاس، وقصدير، وأحجار غالية لامعة: تماثيل لإله النيل ١٩٣٣٧٠
(١٤) خشب جميز: تماثيل لإله النيل، وتماثيل لإلهة النيل ١٢١٥٨
(١٥) حجر «وبا» ٣١٦٥٠
(١٦) «الشب مكيال» (مستي) ٦٠

صفحة ٧٤

(١) سيلقون (أوكسيد الرصاص): جرار (منت) ٣
(٢) خنتي (مادة حمراء اللون): جرار (شني) ٣٨٠
(٣) شسا (مادة معدنية من بلاد النوبة): مكاييل (مستي) ٤
(٤) شسا (مادة معدنية من بلاد النوبة): دبن ٣٢٥٠٠
(٥) ثمار شجر (ثاو) بالحزمة ٤٦٠٤٠
(٦) ثمار شجر: بمكيال (بسا) ٣١٠
(٧) حجر الرحى وابنه، (أي الحجران العلوي والسفلي) ٣٥١
(٨) جلود بقر ٣٧
(٩) فلوق نخل (؟) ٢٣٠٠
(١٠) ليف النخيل ٢٣٠٠
(١١) حبوب بالحقاب (مكيال) لأجل القرب المقدسة لأعياد السماء، وأعياد أوائل الفصول (أي الملك) لهؤلاء الآلهة
(١٢) بمثابة زيادة للقرب الإلهية، وزيادة للقرب اليومية لأجل أن يضاعف ما قد كان من قبل: بالحقيبة ٥٢٧٩٥٥٢

صفحة ٧٥

القسم التاريخي

  • مقدمة: (١) قال الملك «وسرماعت رع مري آمون» «رعمسيس الثالث» الإله العظيم للأمراء، وقواد البلاد، والمشاة، والفرسان، وجنود «شردانا»، والرماة العديدين، (٢) وكل موظفي أرض مصر.(راجع الباقي فصل رعمسيس الثالث)

صفحة ٧٧

  • حفر بئر في «عيان»: (٧) وحفرت بئرًا عظيمة جدًّا في إقليم «عيان». وقد كانت محاطة بجدار كالجبل من الحجر الصلب تحتوي عشرين (مدماكًا) في أرض الأساس، وارتفاعه ثلاثون ذراعًا، وله طوارات، وعوارض أبوابه، وأبوابه صُنعت (٨) من خشب الأرز، وأقفالها من النحاس عليه تراكيب.
  • رحلة بلاد «بنت»: وبنيت سفنًا ذات سطح واحد، وزوارق أمامها، يقودها نواتي عديدون، وأتباع كثيرون (٩) وكان ضباطهم البحريون معهم، ويصحبهم مفتشون، وصغار الضباط يعطونهم الأوامر. وقد كانت محملة بمنتجات مصر التي يخطئها العد، إذ كانت تُعد بعشرات الآلاف، وقد أرسلت إلى البحر العظيم ذي الماء المقلوب،١٨٤ (١٠) وقد وصلوا إلى بلاد «بنت» ولم يصبهم أذًى، سالمين، وحاملين الرعب (لكل من يعارضهم)، وقد حملت السفن والزوارق بمحاصيل أرض الإله (١١) من كل الأشياء العجيبة لبلادهم منها مر «بنت» الكثير محملًا بعشرات الآلاف مما يخطئه العد، وأولاد رؤساء أرض الإله، ساروا أمام جزيتهم (١٢) متقدمين نحو مصر. وقد وصلوا في سلام إلى مرتفع أرض «قفط» (صحراء قفط، ويشير هنا إلى أن البحر الأحمر نهاية طريق «قفط» حيث كانت تُفرغ البضاعة من السفن ومن ثم إلى طريق النيل) وقد رسوا في سلام حاملين الأشياء التي أحضروها، وكانت قد نُقلت عن طريق البر على حمير ورجال. وشُحنت في سفن (١٣) على النيل عند ميناء «قفط» وقد أرسلت في منحدر النهر قدما، ووصلوا في وسط الابتهاج، وأحضروا بعض الجزية أمام الحضرة الفرعونية بمثابة أعاجيب، وكان أولاد رؤسائهم.

صفحة ٧٨

في تعبد أمامي (١) مقبلين الأرض، ساجدين أمامي، وقد أعطيتهم لكل آلهة هذه الأرض لإرضاء الصلين كل صباح.

  • الحملة إلى «عتاقة»١٨٥: وأرسلت رسلي (٢) إلى إقليم «عتاقة»، حيث مناجم النحاس العظيمة في هذا المكان، وقد حملتهم (رجال الحملة) سفنهم، وكان غيرهم على الطريق البحري على حميرهم (٣) ولم يُسمع بذلك منذ زمن حكم الملوك. ووُجدت مناجمها مملوءة بالنحاس، وقد شُحن عشرات الآلاف من هذا النحاس في السفن، وقد (٤) أُرسل قدمًا إلى مصر، ووصل في أمان، وحُمل وكُدس تحت الشرفة في هيئة قضبان من النحاس بمئات الآلاف، ولونه كلون الذهب من الدرجة الثالثة (٥) ثلاث مرات، وقد سمحت للناس أن يُشاهدوها لأنها أعاجيب.
  • رحلة إلى «سيناء»: وقد أرسلت سقاة، وموظفين إلى إقليم الفيروزج، إلى والدتي «حتحور» سيدة الفيروزج، وقد أُحضر لها فضة، وذهب، وكتان ملكي، وكتان «مك» وأشياء كثيرة (٧) في حضرتها مثل الرمل. وقد أحضر إلى مدهشات من الزمرد الحقيقي في حقائب عدة أتى بها قدمًا إلى حضرتي، ولم تُرَ من قبل (٨) منذ زمن حكم الملوك (الأول).
  • أعمال «رعمسيس» الطيبة في داخل البلاد: وغرست كل البلاد بالأشجار والخضرة، وجعلت الناس يثوون تحت ظلالها، وجعلت (٩) المرأة في مصر تمشي بخطًى واسعة إلى المكان الذي ترغب فيه، إذ لا يعاكسها غريب، أو أي فرد على الطريق، وجعلت المشاة والخيالة يسكنون (في وطنهم) (١٠) في زمني، فكان «الشردانا» و«القهق» في مدنهم مضطجعين على ظهورهم، ولا يخامرهم خوف؛ لأنه لم يكن هناك عدو من «كوش» (١١)، أو مناهض من «آسيا». وقد ثوت أسلحتهم في مخازنها، وفي حين أنهم كانوا راضين وسكارى في ابتهاج. (١٢) وكانت زوجاتهم معهم، وأولادهم بجانبهم، ولم ينظروا خلفهم (خوفًا). وكانت قلوبهم واثقة؛ لأني كنت معهم بمثابة درعٍ وحماية لأعضائهم (١٣) وقد حفظت أهالي كل البلاد أحياء سواء أكانوا من الأجانب أم من عامة الشعب أم من المدنيين ذكورًا وإناثًا، وخلصت الرجل من مصيبته، ومنحته النفس.

صفحة ٧٩

(١) وخلصته من الغاشم الذي كان أقوى منه، وجعلت كل الناس آمنين في مدنهم، وأبقيت على حياة آخرين في قاعة العالم السفلي (بالغرب) (٨) ومددت الأرض في المكان الذي كان قاحلًا، وكانت البلاد راضية عن حكمي، وعملت الخير للآلهة وللناس (٣) وليس لدي شيء قط خاص بأناس آخرين. وقد بسطت سلطاني على الأرض حاكمًا للأرضين، في حين كنتم أنتم خدمي تحت قدمي دون تقصير. وكنتم سارِّين تمامًا (٤) لقلبي لأنكم عملتم بامتياز، وكنتم غيورين على أوامري ومصالحي.

  • موت «رعمسيس الثالث»: تأمل: لقد ذهبت لأستريح في الجبانة مثل والدي «رع» (٥) واختلطت بالآلهة العظام في السماء والأرض وفي العالم السفلي، وقد مكن «آمون رع» ابني على عرشي، وقد تولى وظيفتي في سلام بوصفه حاكم الأرضين جالسًا على عرش «(٦) حور» بمثابة رب الشاطئين، وأخذ تاج «أتف» مثل الإله «تاتنن» بوصفه «وسرماعت رع مري آمون» (له الحياة والفلاح والصحة)، وبكر «رع» الذي ولد نفسه بنفسه: «رعمسيس الرابع» «حقا ماعت مري آمون» (٧) الطفل ابن «آمون» الذي خرج من أعضائه بمثابة رب الأرضين ولدا حقيقيًّا مدح إكرامًا لوالده.
  • الحث على الإخلاص «لرعمسيس الرابع»: كونوا أنتم — يخاطب الشعب المصري — منضمين إلى نعليه (٨) وقبلوا الأرض في حضرته، وانحنوا له، واتبعوه في كل الأوقات، واعبدوه، وامدحوه، وعظموا جماله كما تفعلون (٩) «لرع» كل صباح، وقدموا له جزيتكم في قصره الفاخر، وأحضروا له هدايا من الأرض والممالك، وكونوا غيورين على بعوثه (١٠) والأوامر التي تُلقى بينكم، وأطيعوا أوامره حتى تسعدوا بشهرته، واعملوا له بجهد كرجل واحد في كل عمل، فجروا له جبالًا، واحفروا له (١١) ترعًا، وأنجزوا له عمل أيديكم حتى تنعموا بحظوته، وتتمتعوا بميرته كل يوم. وقد قرر «آمون» له حكمه على الأرض، وقد ضاعف له مدى حياته (١٢) أكثر من أي ملك أعني ملك الوجه القبلي والوجه البحري «وسرماعت رع ستبن آمون» — له الحياة والفلاح والصحة — ابن «رع» رب التيجان: «رعمسيس الرابع» حقا ماعت مري آمون (له الحياة والفلاح والصحة) معطي الحياة سرمديًّا.
  • أملاك المعابد التي وقفها «رعمسيس الثالث» في «ورقة هاريس»١٨٦: كانت الفكرة السائدة حتى الآن أن قوائم ورقة «هاريس» تقدم لنا مجموع ثروة المعابد في نهاية عهد «رعمسيس الثالث»، وقد تساءل الأستاذ «إرمان» قائلًا: لماذا لم نجد السبعة والتسعين والمائتي ثور (ﻫ/١٦ (أ) ١٣) التي في القائمة الثالثة من قوائم «ورقة هاريس» (وهي هبة ملكية) مذكورة مع الماشية التي يبلغ عددها ٤٢١٣٦٢ في القائمة الأولى (ﻫ/١٢ (أ) ٥)، ولماذا عندما نذكر الهبات القيمة جدًّا من الهبات الملكية كانت تُقدر بالقيمة الذهبية؟ ومن هنا نشاهد أن الورقة تفصل الهبات الملكية؛ ولذلك لا بد من وجود فرق أساسي بين هاتين القائمتين. وخلافًا لما يدلي به «إرمان»١٨٧ من أن القائمة الأولى تذكر لنا مجموع الممتلكات أعتقد أن التفسير التالي أقرب إلى الصواب؛ وذلك أننا إذا لاحظنا كل حالة من هذه الحالات نجد أن المقصود هنا هو الوقف الجديد الذي أوقفه الفرعون على المعبد، وبذلك نجد فاصلًا بين هذا النوع من الهبات الذي أصبح ملكية دائمة للمعبد، وبين الهبة السنوية التي كان يقدمها الفرعون من ثروته الخاصة كل سنة، وهذا الوقف كان ملكًا خاصًّا دائمًا للمعبد، وكان من واجب كل ملك يخلف — على العرش — الملك الذي وهبه أن يرعى حرمته، ولا يمسه بسوء. ومن جهة أخرى كانت الهبات السنوية قاصرة على الملك الحاكم، ولم يكن لزامًا على خلفه أن يقوم بأدائها. وعلى ذلك كان من الواجب على «رعمسيس الرابع» أن يرعى هذه الالتزامات. وبعبارة أخرى كان من الواجب على هذا الملك الشاب أن يترك الماشية التي يبلغ عددها ٤٢١٣٦٢ رأسًا دون أن يمسها؛ لأنها من أملاك المعبد الدائمة. أما القطيع الذي كان يهديه «رعمسيس الثالث» سنويًّا فكان له الحق في أن يحذفه، ومع ذلك فإنه أبقى عليه في تعداد الثيران التي كانت ترصد «لآمون» — هذا إذا فرضنا أن الورقة كتبت في عهده — والفرق الرئيسي بين هذه القائمة والقوائم الأخرى هو أن حق ملكية المعبد الدائمة قد عُبر عنها، في حين أن الهدايا السنوية لم تُمثل. وقد غاب كذلك عن «إرمان» أن الذهب قد ذُكر فقط في القائمة الثانية١٨٨ بوصفه هدية ملكية، وأنه كان يوزع هدايا سنوية على ضياع المعابد للقيام بالمشاريع الاقتصادية، وبذلك يكون تحت تصرف كل معبد. على أن ذلك لا يعني أن هذه كانت هبة دائمة، أو أن توزيعه يكسبه هذه الصفة. وهذا الإيضاح لا يتعارض في أن قوائم الهدايا السنوية الملكية في «هليوبوليس» (ﻫ ٣٤ ب سطر ٤، ٥) وكذلك الهدايا في المعابد الصغيرة (ﻫ/٦٥ﺣ سطر ١٣، ١٤، ١٦) التي كانت تشمل معًا ١٤١٤٢٥ «أرورا» وست حدائق، فكانت أملاكًا دائمة؛ وذلك لأن المعروف في عهد البطالمة أن الملك لم يكن يمنح فقط الأطيان، بل كان من حقه كذلك أن يمنح ريعها؛ إذ يقول في ذلك «برو Preaux»: إن ما كان ينزل عنه ملوك البطالمة للمقرَّبين لديهم، أو لوزرائهم لم يكن دائمًا ضياعًا، بل كان كذلك دخل بعض الضرائب.١٨٩
    ولا بدَّ أن ما كان يحدث في عصر الرعامسة كان مشابهًا لهذه الحالة. وذلك أن الملك كان في الواقع قد أهدى أراضي للمعبد بأكملها هبة دائمة، كما أهدى لمعابد ضياع «هليوبوليس» وللمعابد الصغيرة، هذا خلافًا لتثمير ريع ست حدائق، و١٤١٤٢٥ «أرورا» من الأرض، على أن يكون ذلك الريع لمدة حكمه وحسب. على أنه لا يمكننا الحكم الآن فيما إذا كان «رعمسيس الرابع» قد حذف هذا الريع أو تركه كما كان عليه طوال مدة حكمه. ولذلك فإن الاستنباط القائل بأن ما جاء في القائمة الثالثة١٩٠ هو الهدايا الملكية الحقيقية أمر باطل من أساسه؛ لأن ضياع «آمون» التي لها منزلة ممتازة عند «رعمسيس الثالث» لم يكن لها نصيب من هذه الأرض على وجه عام.

    وأرجو أن أكون قد أوضحت أن ما جاء في الجزء الطيبي الخاص بالمعابد يمكن توحيده بهذه الفكرة؛ أي إنها المعابد التي بناها «رعمسيس الثالث» نفسه. وفيما يلي تقدير لعدد الرعايا التابعين لهذه المعابد:

    معبد مدينة «هابو» ٦٢٦٢٦ نسمة
    معبد مدينة «الكرنك» الصغير ٢٦٢٣ نسمة
    المعبد المقام في معبد الإلهة «موت» ٩٧٠ نسمة
    معبد «خنسو» (ﻫ/١٠–١٣، ١٤) ٥٤١ نسمة
    معبد «الأقصر» الصغير ٤٩ نسمة

    ومما لا جدال فيه هنا أن ما أوردناه عن قرن المعابد فيما يتعلق بعدد أتباع كل منها يتفق مع حجم كل معبد على حسب ما جاء في «ورقة هاريس». ولا بد لنا هنا من تفسير عدد أتباع معبد مدينة «هابو» الذي يفوق حد المألوف؛ إذ إن عدد خدامه يبلغ حوالي ثلاثة أرباع مجموع ما أُهدي للمعابد كلها. هذا ولا نعلم مقدار ما حُبس على معبد الدولة الكبير، أي معبد «آمون» «بالكرنك» ليكون في مقدورنا قرنه بخدام «المعبد الجنازي» الذي أقامه «رعمسيس الثالث» الذي نحن بصدده. وقد أوضحنا أن معبد الدولة لم يكن من الممكن تموينه من مدينة «هابو». ومن جهة أخرى لا يستطيع الإنسان أن يتصور أن المعابد الجنازية التي نعلم بوجودها في عهد «رعمسيس الثالث» كان لكل منها عدد من الخدم كما كان لمعبد مدينة «هابو».

    وأحسن تفسير لذلك هو أن تموين المعابد الجنازية للملوك السابقين كان يؤخذ من مدينة «هابو»، وأن أملاك هذا المعبد قد ضمت إليها خدام المعابد الجنازية الأخرى. ولكن كيف يمكن توافق ذلك مع فكرة الهبة الملكية؟ والعلاقة الصحيحة لذلك يمكن توضيحها بأن ملكية كل معبد جنازي كانت تئول بعد موت الفرعون الذي أقامه إلى التاج الذي كان بدوره يتولى القيام بالعناية والمحافظة على إقامة الشعائر فيه. وهذا له اتصال بما جرت عليه العادة من أن ممتلكات هذه المباني الخاصة بالإله «آمون» كانت بمقتضى الوقف تصبح معبدًا جنازيًّا جديدًا للفرعون الحاكم، وفي معظم الأحيان كان يُزاد فيها.

    هذا ولا يفوتنا هنا أن نذكر المقدار العظيم الذي فقده «آمون» من الأملاك في الجهة الغربية من «طيبة» في وقت الاضطرابات والقلاقل التي حدثت بين عهدي الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين، وقد جاء ذلك بسبب التراخي في موضوع الملكية كما يحدث مثل ذلك عند كل انقلاب. وعلى ذلك فإن إعادة ٦٢٦٢٦ رجلًا إلى ممتلكات «طيبة» الغربية كان عملًا خاصًّا.

    وكان معبد مدينة «هابو» كذلك يورد للمعابد التي أقامها «رعمسيس الثالث» الواقعة على الشاطئ الشرقي. ولا أدل على ذلك من قوائم القربان الخاصة بمعبد «الكرنك» الصغير، فكانت تأخذ حبوبها من معبد مدينة «هابو». وقد جاء صراحة في مرسوم أوقاف دُوِّن في السنة السادسة عشرة من «حكم رعمسيس الثالث»١٩١ أن توريد الغلال كان في شونة معبد مدينة «هابو». والدليل على أن هذا التوريد لم يكن من جهة واحدة ما نشاهده في متن تقويم أعياد مدينة «هابو» حيث نجد أن حدائق المعبد الصغير١٩٢ كان فيها خضر لتورَّد قربانًا يوميًّا إلى مدينة «هابو». وعلى هذا النسق كان معبد «الكرنك الجنوبي» المقام في معبد «موت» وهو الذي أقامه «رعمسيس الثالث» إذ كان يمد المعبد الجنازي بالقرب من قطعانه، وحدائقه، وألبانه، وأوزه، ونبيذه، وخضره،١٩٣ في حين أنه كان يأخذ ما يلزمه من الغلال من شون ضياع غربي «طيبة».

    ونجد مذكورًا بجانب المعابد الفردية في القسم الطبي من «ورقة هاريس» خمسة قطعان (ﻫ/١٠–٧، ١١) يحمل كل منها العلم الخاص به، وهذه القطعان تمثل ملكية معينة ثابتة أهداها «رعمسيس الثالث». ويُلاحَظ أن اسم واحد منها يدل على حادثة تاريخية معينة وقعت في عهده وهو: قطيع «وسرماعت رع مري آمون» الذي ضرب قوم «مشوش»، وهذه القطعان كانت ترعى كما هي الحال في أغلب الأحيان كما يقول المتن في مستنقعات الوجه البحري.

    وأخيرًا يذكر لنا القسم الطبي من الورقة كذلك ٧٨٧٢ نسمة تابعين لبيت «رعمسيس الثالث» العظيم الانتصارات (ﻫ/١٠–١٢) وهذا المكان هو العاصمة على ما أعتقد، وقد أسهبت «ورقة هاريس» في وصفه (ﻫ/٨–١٢).

    ويقول «شادل» بعد بحث قصير: إن هذا المكان المذكور في «القسم الطبي» من «ورقة هاريس» في الوجه البحري وفيه ضيعة «لآمون». ثم يقول: «إنه لا يزعجنا أن نجد في الدلتا أماكن عدة تُسمى بمدينة «رعمسيس» وبخاصة إذا فكر الإنسان في عدد المدن التي سُميت بالإسكندرية في الشرق الأوسط تخليدًا لذكرى الإسكندر الأكبر.»

    وفي النهاية نجد بجانب أسرى الحرب الذين وُزعوا على ضياع المعابد (ﻫ/١٠–١٥) والمعاقل الحربية أن نصيب معبد مدينة «هابو» كان ٥١٦٤ رجلًا يقومون بخدمة التماثيل الخاصة بإقامة العشائر للآلهة العديدين (ﻫ/١١–٣).

    ومن كل ذلك يتألف أمامنا العدد الهائل وهو ٨٦٤٨٦ نسمة حُبسوا على خدمة ضياع المعابد، وكلهم ممن وهبهم الفرعون «رعمسيس الثالث» لآمون. وليس من الضروري هنا أن نشير إلى أن هؤلاء الخدم لم يسكنوا كلهم في «طيبة» بل كانوا موزعين على كل جهات أرض الكنانة — كما يقول المتن — في الوجه القبلي والوجه البحري. أما في المعابد الأخرى فإن عدد رعاياها كان يتضاءل جدًّا أمام عدد رعايا معابد «آمون». وهاك عدد خدَّام معابد «هليوبوليس» و«منف» والمعابد الصغيرة:

    هليوبولس ١٢٣٦٤
    منف ٣٠٧٩
    المعابد الصغيرة ٥٦٨٦*
    الأعداد هنا هي الصحيحة بعد تصحيح أخطاء الكاتب المصري.

    وكذلك نجد توزيع الأراضي المنزرعة على حسب ما يخص كل قسم من المعابد كما يأتي:

    طيبة ٢٣٩٢ كيلومترًا مربعًا
    هليوبوليس ٤٤١ كيلومترًا مربعًا
    منف ٢٨ كيلومترًا مربعًا
    المعابد الصغيرة ٩٩ كيلومترًا مربعًا

    وعلى ذلك يكون لدينا الأعداد التالية: زاد «رعمسيس الثالث» في أملاك المعابد في مملكته ١٠٧٦١٥ رجلًا و٢٩٦١ كيلومترًا من الأرض. وقد وضعت هذين الرقمين متجاورين؛ لأنه من المحتم قيام علاقة بينهما، فمن بين أولئك الرعايا الذين ذكرناهم كان العدد الأكبر تابعًا للأرض لزراعة حقول الإله، وقد كان بطبيعة الحال ضمن أتباع المعبد مستخدمون وعمال ولكن كان معظمهم في الواقع من الفلاحين الدائمين (التملية). وإذا فرضنا أن ١٠٪ من رعايا المعابد ليسوا فلاحين، فإنه يكون عندنا ١٠٠٠٠٠ رجل لفلاحة ما يقرب من ٣٠٠٠ كيلومترًا من الأرض؛ أي إن نصيب كل رجل ٣٠٠٠٠ مترًا، وهذا ما يعادل ملكية تُقدَّر بحوالي سبعة أفدنة لكل فرد. وهذا يمثل بالنسبة لعصرنا الحالي في مصر ملكية محترمة لبيت من الطبقة الوسطى. وإذا علمنا أنه على حسب تعداد مديرية المنوفية عام ١٩٢٧ كان يوجد من بين ٢٧٣٩٤٩ نسمة ٢٠٥٩٣١ فلاحًا يملك الواحد منهم أقل من نصف فدان، فإن ذلك يضع أمامنا صورة واضحة بأن ثروة معابد مصر في عهد الرعامسة كانت مقسمة ملكيات كبيرة موزعة بين مالكي الطبقة الوسطى على ما يظهر، وهي الملكيات التي كان يأكل منها رعايا المعبد، ويؤدون منها الجزية السنوية لمخازن معابد الآلهة.

    وإذا سلمنا بأن مستوى حياة الرعايا لم يكن أعلى من مستوى١٩٤ الفلاح في عصرنا فإنه كان يورد من محصول أرض المعابد. هذا إذا فرضنا أن كل رجل يمكنه أن يعيش على محصول فدان من الأرض.

    وقد ألقى «إرمان» السؤال التالي: ما الذي تفعله المعابد بدخلها الهائل من محصول الحقول؟ وقد حسب «لآمون» «طيبة» فقط محصول سنوي قُدِّر بأربعة ملايين هكتولتر من الغلال. ولا بد أن يبقى الجواب النهائي على ذلك السؤال مجهولًا لقلة المصادر. ومع ذلك فقد فكر «إرمان» في أن هذا الريع كان يُستعمل في تمويل مباني «رعمسيس الثالث» الجديدة، وعلى ذلك كانت هذه المحاصيل تُقدَّم هدية للفرعون، وبذلك كان دخل المعابد يُوفَّر. ولكن ينبغي أن نفرض هنا بحق أن ما كان يُجبى من المحاصيل الضخمة كان — قبل كل شيء — يستعمله كهنة «آمون» للوصول إلى سياسية اقتصادية كان الغرض منها في نهاية الأمر جعل كاهن الإله «آمون» الأكبر يزداد قوة على مر الأيام ليصبح في آخر الأمر قوة سياسية كبيرة في البلاد.

    وتعدد لنا بعد ذلك القوائم حدائق وقرًى وسفنًا ومعامل، وفي كل هذا يعوزنا الرأي الصحيح لتحديد قيمتها بالضبط. ويجب أن نلفت النظر بوجه خاص إلى ما يأتي: يوجد في القسم الخاص «بطيبة» فقط ممتلكات في الأقاليم الأجنبية هدية من الفرعون كما جاء في (هاريس/١١–١١) حيث تقول:

    أماكن سورية ونوبية تسعة.

    ومن هذه الحقيقة نعلم السبب في نقص مقدار الذهب المخصص لهدايا الملك السنوية «لطيبة» بكثير عما كان يُقدَّم لضياع المعابد الأخرى.

    وهاك قائمة بذلك:

    دبن قدت
    طيبة ١٨٣ ٥ من الذهب
    هليوبوليس ١٤٧٩ ٣ من الذهب
    منف ٢٥٦ ٥ من الذهب
    المعابد الصغيرة ١٧١٩ ٨ من الذهب

    ومن ذلك نفهم أن الفرعون بإهدائه هذه الأماكن الأجنبية التسعة لضياع معبد «طيبة» قد ضمن لها دخلًا ثابتًا من المعدن الثمين، ويثبت ذلك ما نشاهده في رسوم مقبرة «بوم رع»؛ حيث نجد صورة تمثل توريد هذا المعدن الثمين من البلاد الأجنبية إلى بيت مال «آمون» (راجع مصر القديمة ج٤)، وكذلك نجد أن معبد «سيتي الأول» في «العرابة» كان له مناجم ذهب خاصة، وكذلك السفن التي تحمل إليه هذا المعدن الثمين من بلاد النوبة، كما فصلنا ذلك عند الكلام على لوحة «نوري» (راجع مصر القديمة ج٦).

    وأخيرًا لا بد أن نشير هنا إلى موضوع غريب في بابه جاء في القسم الخاص «بهليوبوليس» وهو أننا نجد أن مجموع ملكية المعابد فيها يشمل سفنًا أقل من مصانع السفن، فقد كانت تملك خمسة مصانع وثلاث سفن (ﻫ/٣٢ أ–٤، ٥) ولا بد أن هذا المجموع لا يدل على المجموع الكلي لما تنتجه هذه المصانع كما هو المعقول.

    وإذا أجرينا موازنة بين مجموع سكان مصر وحالة أملاكها في ذلك العصر أمكننا أن نصل من الأرقام الناتجة إلى العلاقة الصحيحة بين أملاك المعابد وأملاك الدولة وحالة البلاد بوجه عام.

    والواقع أن حالة مصر منذ بداية القرن السالف تشعر تمامًا بازدياد محس في عدد سكان مصر؛ فقد ذكر لنا «أين بول» في كتابه عن مصر١٩٥ أن البلاد المصرية حوالي عام ١٨٣٠م كان سكانها مليونين ونصف مليون، ولكن على حسب التعدادات التي أُجريت فيما بعد نجد الأرقام التالية:
    سنة نسمة
    ١٨٨٢ ٦٨٠٠٠٠٠
    ١٨٩٧ ٩٧٠٠٠٠٠
    ١٩٢٧ ١٤٢٠٠٠٠٠ (راجع التقويم المصري سنة ١٩٣٥ ص٥٩)
    ١٩٣٧ ١٥٩٠٤٥٠٠ (راجع J. Hall, Contribution to the Geography of Egypt p. 2)
    وإنه لمن الصعب جدًّا أن نصل إلى تقدير الأرقام المقابلة لذلك في عهد الرعامسة، ولكن يظهر أنه في عهد البطالمة كان عدد السكان حوالي سبعة ملايين نسمة (راجع Wilcken: Griechische Ostraka I, p. 489 etc) ويعتقد بعض المؤرخين — وهو ما تشعر به شواهد الأحوال — أن مصر في عهد الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين كانت أكثر سكانًا١٩٦ مما كانت عليه في عهد البطالمة، ولذا يظن أن عدد السكان وقتئذ كان يتراوح بين ثمانية أو تسعة ملايين.

    ويُلاحَظ أن عدد الأنفس التي ذكرناها فيما سبق الخاصة بالمعابد وهو ١٠٧٦١٥ هم الرجال الذين أهداهم «رعمسيس الثالث» للمعابد، وهم من الأفراد الذين في مقدورهم القيام بالأعمال في أملاك الآلهة المختلفين، ومن ذلك نفهم أنه قد أغفل في ورقة «هاريس» ذكر عدد الأسرات التابعة لهؤلاء الرجال العاملين، فلم تذكر لنا إلا عدد الموظفين والعمال، والفلاحين الدائمين في زراعة الأرض، وينبغي علينا إذن لتكون الموازنة صحيحة أن نقدر عدد أفراد الأسرات مما نستنبطه من الإحصاءات الحديثة، فمن تعداد الأنفس الذي أُجري في ٣ مايو سنة ١٨٨٢ نجد أن النسبة في ألف هي ٥٠٧٦٨ من النساء، أي بنسبة النصف تقريبًا، وعلى ذلك يكون عدد الأنفس في ضياع المعابد في عهد «رعمسيس الثالث» هو ٢١٥٢٣٠ نفسًا على حسب ما جاء في ورقة «هاريس»، وإذا فرضنا أن أقل أسرة كانت تتألف من شخصين أو ثلاثة فإن مجموع العدد الكلي في ضياع المعابد يكون حوالي ٥٠٠٠٠٠ نسمة، وهؤلاء هم الذين رصدهم «رعمسيس الثالث» لخدمة الآلهة؛ أي بنسبة ٦٪ من مجموع عدد السكان.

    والواقع أن هذا التقدير تقريبي ولا يعطي فكرة صادقة، وبخاصة إذا علمنا أن الأوقاف العظيمة التي كان يملكها معبد الدولة الكبير «آمون» تعوزنا معرفتها ولم تُذكر في هذه الورقة، هذا فضلًا عن ضياع معابد «إلفنتين» و«إدفو» و«الكاب» و«إسنا» الخ، وحتى في الحالات الأخرى لم يُذكر منها سوى الأوقاف الجديدة التي أهداها «رعمسيس الثالث». ولا نكون بعيدين إذن عن الصواب إذا قدَّرنا أملاك المعابد كلها بثلاثة أضعاف الهبات والهدايا التي قدمها «رعمسيس الثالث» للآلهة، هذا بغض النظر عن الأملاك التي فقدتها المعابد في عهد الانحلال الذي جاء في أعقاب سقوط الأسرة التاسعة عشرة. والنتيجة العامة التي يمكن أن نستخلصها من كل ذلك هي: أن مصر في أواخر حكم «رعمسيس الثالث» كان عدد سكانها يتراوح بين ثمانية إلى تسعة ملايين نسمة تقريبًا، وأن حوالي مليون ونصف مليون منهم، أي بنسبة ١٥–٢٠٪ من السكان كانوا تابعين للمعابد.

    وكذلك إذا قررنا أملاك المعابد المهداة لها بالأراضي الزراعية نجد أن النسبة عالية، فإذا قدرت الأرض الزراعية بحوالي ٢٧٦٨٨كم١٩٧ على حسب «التقويم المصري عام ١٩٣٥م حوالي ٧٦٠٠٠٠٠ من الأفدنة أي ٣٢٠٠٠كم» فإن «رعمسيس الثالث» يكون قد أهدى للمعابد المصرية ما يقرب من ١٠٪ من الأراضي الزراعية، وإذا أردنا هنا أن نعرف مقدار مجموع أملاك المعابد فلا بد من مضاعفة ما منحه «رعمسيس الثالث» ثلاثة أضعاف، وهذا يعادل ٩٠٠٠كم من الأراضي وهي التي كانت في أيدي كهنة الآلهة المختلفين، والمظنون أن هذه الأطيان كانت لا تدفع ضريبة، غير أن ذلك الرأي فيه بعض الشك كما سنوضح ذلك عند الكلام على محتويات ورقة «فلبور» التي تُنسب إلى عهد «رعمسيس الخامس»، وهذا القدر يعادل ٣٠٪ من الأراضي المصرية المثمرة، وهذه النسبة تظهر لأول وهلة عالية بدرجة تجعلها تكاد تكون خارجة عن الصواب، ولكن لدينا ما يقرب منها في عهدنا الحالي، فقد كانت الأرض الموهوبة لمحو الدين المصري نحو ٤٣٠٠كم «وتشمل أرض الدائرة السنية، وتُقدر بنحو ٢٥٠٠ك.كم ١٨٠٠كم»، على حين أن أرض الأوقاف المنوعة كانت نحو ٨٢٠كم «وذلك يشمل الوقف الأهلي والخيري ووقف الحرمين»، وهذه الأراضي التي كانت تبلغ أكثر من نصف ما خُصص لضياع معابد مصر القديمة في عهد «رعمسيس الثالث» كلها معفاة من الضرائب ظاهرًا.

جمع الضرائب

  • القائمة الثانية: (راجع ﻫ/١٢ أ … الخ، و٣٢–٧ الخ، و٥١ ب–٣ الخ).
    تدل الضرائب التي كانت تُجمع من رعايا المعابد على أنها كانت منوعة جدًّا، كما تدل على تنوع الأعمال في هذه الضياع وطرق تثمير أراضيها، ويتضح ذلك جليًّا من القوائم التي وضعناها لإظهار ذلك، ومعظم هذه الضرائب كانت تُورَّد إلى بيوت الأموال وشون الغلال الخاصة بالإله «آمون» في «طيبة» (راجع مقبرة «نفرر نبت» poeter and moss, I, p. 151)، وقد ذكرت لنا الورقة أن الدخل السنوي «لطيبة» هو ٥٦٩ دبنًا و٦ قدات ونصف، لا ثمانية عشر دبنًا وثلاث قدات كما يقول «إرمان» و«برستد» و«شادل» معتبرين أن هذا العدد هو مقدار الدخل في إحدى وثلاثين سنة. وقد عارضهم في ذلك الاستنباط الأستاذ «جاردنر» في مقال له كما أوضحنا ذلك من قبل. ولكن مع ذلك نجد أن بعض المعابد الأخرى لا يرد إليها شيء من الذهب قط، وهذا يتوقف على منابع الذهب التي وقفها «رعمسيس الثالث» على «طيبة» كما تحدثنا عن ذلك من قبل.

    وعلى أية حال نجد أنه عندما قسم هؤلاء الباحثون المحصول من كل نوع على إحدى وثلاثين سنة رأوا أن الدخل ضئيل جدًّا لدرجة أنهم قالوا عنه: إنه مستحيل، وأخذوا يبحثون عن موارد أخرى. وهكذا نجد أن القائمة التي وضعها كل من «برستد» و«إرمان» لمدة إحدى وثلاثين سنة هي في الواقع لمدة سنة واحدة. وبذلك تكون النتيجة معقولة، ولا تحتاج إلى البحث عن موارد أخرى لسد العجز في الدخل.

الهبات الملكية السنوية وأوقاف الأعياد١٩٨(القائمة الثالثة)

ليس ثمة شك في أن محتويات هذه القائمة هي هدايا وقربات أعياد ملكية؛ ولذلك فليس من الضروري هنا أن نفصل القول فيها، ويُلاحظ فقط أن ما تحتويه من دفع هو الهبات الوحيدة التي كان يقدمها الفرعون، على حين أن الملكيات التي تحتويها القائمة لا تُعدُّ بمثابة وقف من الفرعون بل يُعد أنه هو المثبت لها وحسب، وقد برهنا فيما سبق على أن ذلك مستحيل. والواقع أن ما ذُكر من دخل في هذه القائمة الثالثة هو ما منحه الملك سنويًّا عن طيب خاطر دون أن يقيد به من سيخلفه على العرش؛ ففي المتن يُعبَّر عن الهبات (ﻫ/١٣ أ–٣) بأنها «هدايا السيد»، وفي القائمة الرابعة١٩٩ نجد أن الحبوب التي منحها الفرعون للقربان قد جُمعت معًا، أما القوائم الباقية فقد ذكرت قربات أعياد خاصة فنجد:
  • في طيبة: للأعياد التي أطال مدتها «رعمسيس الثالث» وللعيد الذي أسسه في السنة الثانية والعشرين من حكمه (راجع ﻫ/١٧ (أ)–١) وهو عيد تتويج الملك (راجع The Oriental Institute Communications, 18, P. 56, 66).
  • في هليوبوليس: للعيد الذي أسسه الملك في السنة التاسعة وفي عيد قربان النيل٢٠٠ (راجع ﻫ/٣٤ ب–١٠ الخ).
  • وفي طيبة: لعيد قربان النيل من السنة التاسعة والعشرين من حكم هذا الفرعون وما بعدها (راجع ﻫ/٥٤ أ–٢ الخ).

    والقربات والمنح التي ذُكرت في هذه القوائم كانت تُؤخذ من بيت مال الدولة الذي كان للفرعون حق التصرف فيه. وهكذا نجد من الموازنة بين الهبات الملكية (القائمة الثالثة) والجزية التي كان يدفعها رعايا المعابد (القائمة الثانية) — عدا بعض الشواذ قليلة الأهمية — التشابه في العمل؛ مما يدل على أن سير العمل في كليهما كان على نسق واحد، فكما كان للمعابد ضياعها وهي التي كان يسكن فيها أتباعها ويوردون ما فُرض عليهم من جزية سنوية في مخازن غلالها، فكذلك كانت تفرض الحكومة على الملكيات الحرة ضرائب عينية؛ وبذلك كانت المخازن الحكومية في المبدأ تحتوي ما كانت تحتويه مخازن مؤن ضياع المعابد.

    ولدينا مع ذلك ثلاثة أنواع من الواردات كانت تورد كلية — على حسب قوائم ورقة «هاريس» — من قبل حكومة الملك لأملاك المعابد وهي الأحجار٢٠١ نصف الكريمة وبخاصة اللازورد والملح٢٠٢ والأمتست.٢٠٣ وهذا يدل على احتكار الحكومة لهذه السلع (راجع عن المواد الغفل واحتكار ملوك مصر لها Kees KuLtur geschichte P. 104) ويُخيل إليَّ أنه كان للملح بين هذه المواد مكانة خاصة؛ إذ نجد وثيقة عن تجارة الملح فيما كتبه «كيس» أيضًا (راجع Ibid P. 102).
    ولم تكن المعابد بطبيعة الحال تقتصر على ما كان يأتي إليها من هدايا الفرعون من هذه السلعة المحتكرة، بل كانت تشتريها من الحكومة من الأماكن المكلفة ببيع هذه الأصناف،٢٠٤ وقد أشرنا فيما سبق إلى أنه في ضياع المعابد الطيبية في القائمة الثالثة كان لا يرد إليها إلا قليل من المعادن بالنسبة لضياع المعابد الأخرى. وهذا لا يتفق مع طريقة التوزيع، وعلى ذلك كان لا بد من موارد أخرى تأتي إليها منها هذه المعادن المرغوب فيها. كذلك نجد أن «طيبة» كانت في المرتبة الأخيرة بالنسبة للملابس التي كانت ترد إليها، كما توضح ذلك القائمة التالية:
    قطعة وقد صححت هذه الأرقام على حسب الواقع
    فيكون المجموع ٣٧٨٦٤   
    طيبة ٩١١٦ في السنة
    هليوبوليس ١٨٧٩٣ في السنة
    منف ٧٠٢٦ في السنة
    المعابد الصغيرة ٢٩٢٩ في السنة

    وتدل شواهد الأحوال على أن الفرعون كان قد أجرى هذا التوزيع عن قصد تعويضًا لضياع معابد «هليوبوليس» و«منف» بزيادة هباته السنوية؛ لأن نصيبها في الممتلكات الموقوفة كان ضئيلًا بالنسبة لنصيب «طيبة» إذ الواقع أن «قرابين الإله» الخاصة «بآمون» كانت عظيمة جدًّا من الملابس التي يوردها أتباعه أكثر من كل المعابد الأخرى (راجع ﻫ/١٢ (أ) سطر ١٣).

    وهاك ملخص النقط التي بحثناها هنا في «ورقة هاريس»:
    • (١) القائمة الأولى تبحث فقط في مباني «رعمسيس الثالث» التي أقامها هو.
    • (٢) إن المنتجات التي تحتويها القائمة الأولى تمثل الملكيات التي أهداها «رعمسيس الثالث» وهي التي كان واجبًا على خلفه أن يرعى حرمتها ولا يمسها.
    • (٣) إن عدد الرعايا الذين أهداهم «رعمسيس» للمعابد يمثلون ٦٪ من عدد سكان مصر، وأما الأطيان التي وهبها الفرعون فتعادل ١٠٪ من الأراضي الزراعية.
    • (٤) يبلغ مقدار كل ممتلكات المعابد في عهد «رعمسيس الثالث» حوالي ٢٠٪ من سكان البلاد، وحوالي ٣٠٪ من الأراضي الصالحة للزراعة.
    • (٥) القائمة الثانية تذكر لنا الضرائب الخاصة التي فُرضت بوساطة الملك على أتباع المعابد.
    • (٦) يُلاحظ أن ما جاء في القوائم الباقية من الإنتاج الذي وهبه بيت مال الفرعون لا يكفي بأية حال من الأحوال ما تستهلكه المعابد.

(٤) الآثار التي خلفها لنا «رعمسيس الثالث»

حدثنا «رعمسيس الثالث» في «ورقة هاريس» عن الأعمال الجليلة التي قام بها في عهده، وقد وضعنا ترجمة تامة لهذه الوثيقة الهامة. والآن سنعدد بعض الآثار الباقية التي تركها لنا، والتي لا تزال باقية حتى الآن ولم تُذكر أو تُوصف فيما سبق.

(٤-١) سرابة الخادم

ففي «سرابة الخادم» بشبه جزيرة «سينا» عُثر له على عتب باب، ولوحة باسمه.٢٠٥ وكذلك وُجدت باسمه قطعة من إناء.٢٠٦

(٤-٢) تانيس

وُجد له في «تانيس» (صان الحجر) صورتان راكعتان، إحداهما من الحجر الرملي، والثانية من الجرانيت الرمادي.٢٠٧

(٤-٣) القنطرة (فاقوس)

وُجدت لوحة باسمه.٢٠٨

(٤-٤) تل اليهودية

أقام في هذه الجهة قصرًا، وقد تحدثنا عنه،٢٠٩ وكذلك وُجد له في هذه الجهة تمثال،٢١٠ وإناء من المرمر.٢١١

(٤-٥) «هليوبوليس»: العجل «منفيس»٢١٢

وقد كان ضمن الكشوف التي عُملت في منطقة «هليوبوليس» مقصورة للعجل «منفيس»،٢١٣ وكان قبر هذا العجل يبلغ حوالي ١٩×٢٥ قدمًا مزينة جدرانه بالمناظر الدينية، ووُجدت فيه بقايا العجل مهشمة، وكان قبره قد نُهب في الأزمان القديمة، ولم يوجد من محتوياته إلا أواني الأحشاء، وبعض جعارين، وتُحَف صغيرة أخرى. وكذلك وُجد في هذا القبر لوحة لكاتب قربان يُدعى «تي». وقد نقلت مصلحة الآثار هذه المقصورة بأكملها إلى «المتحف المصري».
وكذلك جاء في نقوش «السرابيوم» ذكر دفن أحد عجول «أبيس» في السنة السادسة والعشرين من حكم هذا الفرعون. غير أنه ليس لدينا حقائق عن كنه هذا الأثر. (راجع Mariette Srapeum P. 147).

(٤-٦) ألماظة

وعلى مسافة حوالي أربعة كيلومترات من مطار «ألماظة» قام أحد المفتشين المصريين بعمل حفائر في هذه الجهة من الصحراء على حساب أحد طلاب الكنوز، والواقع أن هذه الجهة لم يكن في منظرها ما يبشر بوجود آثار قيمة، إذ لم يوجد على سطحها إلا بعض بقايا من قطع الخزف المزخرف، والجرانيت المختلف الألوان. وقد أسفرت نتيجة الحفر عن العثور على مجموعة مؤلفة من تمثالين من حجر «الكوارتسيت» الأحمر، غير أن الجزء العلوي منها مهشم، وهي تمثل الفرعون «رعمسيس الثالث» وملكة، أو إلهة،٢١٤ ولا يمكن تحديد شخصيتها؛ لأن اسمها قد مُحي، ولا تدل النقوش الباقية على ما يوضح لنا كنهها. أما اسم الفرعون فهو «رعمسيس الثالث» وقد كتب اسمه على القاعدة، وألقابه مزدوجة. وقد حُفر على قمة شعره جعران كبير، وهو رمز للإله «خبري» الذي وُحد معه هذا الفرعون كما تدل النقول التي على التمثال أنه «خبري». والنقوش الهامة التي وجدت على هذا التمثال قد كتبت على القاعدة. وعلى ظهر العرش الذي يجلس عليه الفرعون. وسنذكر هنا أولًا هذه النقوش لغرابتها، ثم نتحدث عن ماهيتها وأهميتها وأصلها بين الوثائق الدينية المصرية في ذلك العصر وغيره من عصور التاريخ المصري، وعن السبب الذي أُقيم من أجله هذا التمثال في هذه الجهة.

الصيغة الأولى: (على الجهة اليسرى من العرش)

(٢) … … «إنميت» الخارجة من «هليوبوليس» وابنة «نمسيت» (٣) وإني لن أحذف «سبرتوناس-سبرناستو» (اسم أحد زوجات «حور») انطقي بتعويذة لحفظ «حور» الشاب هذا حتى يذهب معافى نحو أمه بدم «تابيثت» = ملكة الشمال. وهي إحدى زوجات «حور» (عندما افترعها «حور» ليلة ما). اطبعي على فم كل زاحفة يا «تابيثت» «تهنهو» و«منيت» يا زوج «حور».

الصيغة الثانية

لقد ولدت «حور» على مياه «وعرت» (إقليم في السماء) أنثيان، وإني أحضر بشنينة طولها سبعة أذرع، وبرعومة طولها ثمانية أذرع لأبرد السم الناقع الخارج من جسم الإله الذي في جسم من لُدغ. إن «حور» قد شُفي وأصبح كما كان بالأمس.

الصيغة الثالثة (على الجهة اليمنى من العرش)
صيغة للتعزيم على الثعبان ذي القرون:

خرج «تحوت» من «هرموبوليس» وجمع الآلهة، وعندئذ غسلت فمي، ثم بلعت النطرون لأكون طاهرًا، واختلطت بتاسوع الآلهة ورقدت في حضن «حور» ليلًا، وسمعت كل ما قاله وهو يقبض بشدة في يده على ثعبان ذي قرون طوله ذراع، وبذلك علمت الكلام المعتاد منذ الأبد، أي منذ الوقت الذي كان لا يزال فيه «أوزير» عائشًا وها أنا ذا قد قضيت على ثعبان ذي قرون طوله ذراع بوصفي «حور» العالم بالقول (أي بالتعاويذ).

الصيغة الرابعة (على الجهة اليمنى)
تعويذة أخرى:

تعالوا تعالوا يا أيها التاسوع. تعالوا على (سماع) صوتي، اقضوا على هذا المسيء عدو «حور» الذي يجبر الجندي على أن يقعد منحلًّا، ويجعل عينيه مبللتين بالدمع، وقلبه خائرًا، تعالى إليَّ يا «إعشيخري» يا زوج «حور». إني الطيب الذي يربح الإله.

الصيغة الخامسة (على الواجهة الخلفية من التمثال من سطر ١–٦)
هذه الصيغة ممزقة، ولم يبقَ منها إلا بعض كلمات أهمها ما يأتي:

… … (٤) مر مر يا «حور» مر مر مثل … … على الرغم من (القبح) الذي في جسم من قد لُدغ … … (إن «حور» قد رُئي) معافًى بوساطة أمه «إزيس».

الصيغة السادسة (الواجهة الخلفية من سطر ٦–١٢)
صيغة لحفظ الجسم من ثعبان لادغ:
… … إن حماية السماء هي حمايته، وحماية الأرض هي حماية … … … (٨) الفخذ إنه طارد الوارث، ومجدد الأحفال الخاصة بي … … …؟ الإلهة (قد يجوز أن يشير هنا إلى «ست» عندما طارد «حور» لإقصائه عن عرش والده «أوزير» وأنه لم ينجب بعد أطفالًا من البلاد)؛ وذلك لأن أرواح «هليوبوليس» لم تتوالد بعد، وإنه يجري بسرعة (؟) … … … … (١٠) وقدماه كانتا قدمي «وبوات» (فاتح الطريق)، وإنه يدخل مثله، ويخرج مثله. وإنه «حور» ملك الوجه البحري،٢١٥ وإن حمايته هي حماية السماء، وإن حمايته هي حماية الأرض من كل أفعوان، ومن كل أفعوانة، ومن كل زاحف ذكر. ومن كل زاحفة أنثى، ومن كل ميت، ومن كل ميتة في الجنوب وفي الشمال، وفي الشرق، وفي الغرب.
الصيغة السابعة (الجهة الأمامية من ١٢–١٧)
(١٢) … … صيغة أخرى لختم فم كل ثعبان ذكر، وكل ثعبان أنثى (١٣) ملك الوجه البحري وملك الوجه القبلي:

«وسرماعت رع مري آمون» السبع الممزق ومن قوته مدهشة، إنه الإله «شزمو» و«ماتي» (إلهة في صورة لبؤة تُعبد في جهة دير الجبراوي) وإنه نثر … … وإن وجهه يقع على وجهه. أنت يا من يأوي في حجره، لا تلدغ ابن «رع» «رعمسيس» حاكم «هليوبوليس»، إنه «رع» لا تلدغه إنه «خبري» لا تحضر … … إن فمك ضده! إنه الإله «حح» وإنه أبدي، والعظيم الذي كل صورة من صوره صورة إله، وإنه الأسد الذي يحمي نفسه. وإنه الإله … … … ونظيره. وإن من يلدغه لن يعيش، وإن من يغضب فرأسه لن يُرفع؛ لأنه الأسد الذي جعل الآلهة والأرواح تفر منه، وإنه قد أهلك كل ثعبان ذكر، وكل ثعبان أنثى بِعَضَّه من فمه. وبلدغة من ذيله في هذا اليوم، وفي هذا الشهر، وفي هذه السنة، وفي مدة حياته.

الصيغة الثامنة (الواجهة الخلفية من ١٨–٢٦)
هذه الصيغة تقابل الفصل الرئيسي من كتاب إقصاء الثعبان «أبو فيس» العدو الأكبر للإله٢١٦ رع.

الترجمة: صيغة أخرى

فلتتقهقرن يا «أبو فيس» يا عدو «رع» (تُكرر أربع مرات) نعم: ابتعد، وابقَ بعيدًا عمن في المحراب، ولتُخذل يا أيها الثائر! خِرَّ على وجهك، وليعم وجهك! (١٩) وإذا هربت من مكانك فإن طرقك ستُسَد، وسبلك ستُغلق، وستبقى في مكانك بالأمس بدون قوة، والقلب حزين، والجسم هامد، وإنك تُجرح دون أن يكون في مقدورك أن تفلت، وستُقدَّم إلى المقصلة للجزارين ذوي المِدَى الحادة، وإنهم يقطعون رقبتك ويفصلون رأسك، ويغلظون في معاملتك أيضًا، ويلقون بك في النار، ويسلمونك للهيب وفي لحظة تأخذك وتأكل جسمك، وتلتهم عظامك وتهلكك، والإله «خنوم» قد انتزع صغارك منذ أبادت النار جسمك، ولم يصر لك بعد وارث على هذه الأرض، يا «أبو فيس» يا عدو «رع». إن «حور» الأكبر قد هزمك، وإنك لن تلد بعد، ولن يُولد لك، ولن تُعقب، ولن يعقب لك أحد، وذكراك قد محقتها النار، ولُعنت روحك، ولن تتنزه على الأرض، ولن تجول في علا «شو» (الفضاء)، ولن تُرى بعد، ولن تبصر بعد، وإنك قد هلكت، ولم يعد لك ظل بعد يا «أبو فيس» يا عدو «رع» (اسجد) على وجهك يا أيها العاصي. إنك لم تُخلد ذكراك، ومن قد طعنك قد بصق على اسمك، وإن «رع» قد صب اللعنات عليك، وإن «إزيس» قد كبلتك، و«نفتيس» قد غَلَّتك، وتعاويذ «تحوت» قد أهلكتك، وروحك لا يوجد بعد بين الأرواح، وجسمك لم يعد بعد بين الأجسام، وإن النار قد أكلتك، واللهيب قد التهمك، والحريق قد فعل مشيئته فيك يا «أبو فيس»، يا عدو «رع»، وإن «رع» جذل، و«آتوم» في سرور، و«حور» الأكبر راضٍ لأن المارد قد هلك ولم يعد له وجود قط، وليس له ظل في السماء ولا على الأرض، يا «أبو فيس» عدو «رع»، لتسقط مغشيًّا عليك، ولتهلك يا «أبو فيس».

الصيغة التاسعة (الجهة الخلفية من ٢٦–٢٨)
(٢٦) … … … صيغة للتعزيم على الثعبان ذي القرون:

لُيغْشَ عليك يا صاحب الوجه الأسود الأعمى، وصاحب العين البيضاء الذي يتقدم ملتويًا.

أنت يا هذا النفس الخارج من بين فخذي «إزيس»، ومن لدغ ابني «حور»، تعالَ على الأرض واسمك معك.

ليت ابني «حور» يذهب نحو والدته.

الصيغة العاشرة (الجهة الخلفية سطر ٢٨)
(٢٨) … … … صيغة أخرى:

لا تدخل بالكتفين، لا تنهشنَّ في الرقبة، ولا تستحوذنَّ على العينين! محط الحراسة لملك الوجه البحري والوجه القبلي «وسرماعت رع مري آمون» (الجملة الأخيرة تشير إلى المحط الذي أُقيم فيه هذا التمثال).

ولا شك في أن هذا المحط كان متعبدًا أُقيم على الطريق الموصل بين «منف» و«هليوبوليس» من جهة، وبين «هليوبوليس» و«قناة السويس» من جهة أخرى، ومن ثم إلى بلاد «آسيا». وهذا المعبد الذي أقامه «رعمسيس الثالث» هو من صنف هذه المعابد التي أُقيمت على هذه الطريق على ما يظهر منذ الأزمان القديمة، وقد تحدثنا عن واحد منها وُجد أنه تمثال الملك «مرنبتاح». ولا نزاع في أن هذه المعابد الصغيرة كانت لازمة لرواد صحراء «السويس» التي كانت ذات شهرة سيئة؛ لما تحويه من ثعابين وحيات مؤذية تزحف في رمالها. وتدل شواهد الأحوال على أن هذا التمثال قد أُقيم في هذه الجهة لاتقاء شر هذه الزواحف بما نُقش من صيغ سحرية قبل كل شيء، مبطلة لسمومها، وقاضية عليها.

ويُلاحَظ أن النقوش التي على هذا التمثال لم تحتوِ عقود ثناء ومدح للفرعون كما جرت العادة، بل نجدها قاصرة على التعاويذ التي كُتبت من أجلها. ويمكن قرن هذا التمثال باللوحة التي نقشها «رعمسيس الثاني» في السنة الثامنة من حكمه، وهي التي عُثر عليها في تلك الجهة، وقد جاءت خلوا من كل عقود المدح، وحدثتنا عن الأغراض التي من أجلها نصبها الفرعون في هذا المكان (راجع مصر القديمة ج٦).

والواقع أن التماثيل الشافية. كما ينعتها رجال الآثار٢١٧ التي من هذا الصنف قد ظهرت في عهد متأخر عن التمثال الذي نحن بصدده الآن. هذا فضلًا عن أن هذه التماثيل كان المهدي لها أفراد من عامة الشعب لا ملكٌ، ونقوشها تكسو كل أجزاء التمثال، ومعظمها يُؤرَّخ ببداية العصر الإغريقي. ولما كانت هذه التماثيل تكثر في المعابد فإنها كانت تُوضع على قاعدة محفورة في حوض الغرض منه تجمع الماء الذي كان يُصب فوقها، وكان يُشرب من هذا الماء الذي جرى فوق الحروف التي تؤلف التعاويذ السحرية لشفاء كل من لدغه ثعبان، أو نهشته حشرة مؤذية. وبما في هذا الماء من قوة سحرية مكتسبة كان يُشفَى الملدوغ. ولدينا حتى الآن مثل هذه المعتقدات في كل أنحاء القطر، فكثيرًا ما نشاهد المشعوذين يكتبون بعض آيات الذكر الحكيم، أو بعض تعاويذ خاصة، ويعطونها المرضى ليُشفوا بها من عللهم، ولكن إذا فحصنا الأحوال التي تحيط بتمثال الملك «رعمسيس الثالث» وجدناه لا يستخدم بالطريقة السالفة؛ وذلك لأن حجم هذا التمثال، وتوزيع متنه الذي كُتب معظمه على ظهره، وعلى جانبي العرش لا يجعل صب الماء على كتابته أمرًا عمليًّا، اللهم إلا إذا كانت له قاعدة قد اختفت، وهذا ما لا تبرره كيفية الكشف عنه. وفضلًا عن ذلك فإن متن هذا التمثال لم يُذكر فيه جملة «هذا الرجل المعذب باللدغ» وهي جملة خاصة بالصيغة الشافية. هذا بالإضافة إلى عدم وجود عبارة «هذا الرجل الذي يشرب هذا الماء» كما جاء على تمثال «متحف اللوفر» على أن ذلك لا يمنع وجود علاقة بين هذه التماثيل وتمثال «رعمسيس الثالث» إذ الواقع أن الكتابة التي عليه لم تكن لتُستعمل للشفاء، بل لمنع لدغة تلك الحشرات المؤذية، وذلك بقراءة التعاويذ التي نُقشت عليه — كما جاء في الصيغ الأولى، والثالثة، والتاسعة. ثم بالطبع على أفواهها — كما جاء في الصيغة السابعة. ويجعلها غير قادرة على الحركة — كما جاء في الصيغة الثامنة. وبضربها — كما تدل على ذلك التعويذة الرابعة. وبحفظ جسم الشخص المهاجم — كما في التعويذة السادسة.

ومن ثم نعلم أن الغرض من التعاويذ التي جاءت على هذا التمثال هو أن تكون واقية. وهذا يدل على أن مجموعة تماثيل «رعمسيس الثالث» وقرابينه كان الغرض منها أن تقدم نوعًا من الوقاية للمسافرين من عامة الشعب، وعلى وجه أخص للجيش الذي كان لزامًا عليه وقتئذ أن يقطع هذه الصحراء في سفره لمحاربة أعداء مصر، كما فصلنا القول في ذلك، وبخاصة إذا علمنا أن «رعمسيس» كان يسير على رأس هذا الجيش بنفسه.

وقد أُشير إلى الجندي بنوع خاص في هذا المتن، فقد جاء فيه:

تعالوا أيها التاسوع عند سماع صوتي، واقضوا على هذا المسيء عدو «حور» الذي يجبر الجندي على أن يقعد منحلًّا، ويجعل عينيه مبللتين بالدمع، وقلبه خائرًا.

ومن ثم نعلم أن «رعمسيس الثالث» كان غرضه الأول هو حماية جنده الذين كانوا يدافعون عن أرض الوطن من حشرات هذه الصحراء المخيفة التي تجعل الجندي يتقاعد عن السير، وتنحل قواه، وتخور عزيمته حتى يذرف الدمع خوفًا من التأخر عن متابعة السير، وعدم اللحاق بإخوانه لمنازلة العدو الأكبر الذي جاء لغزو بلاده.

على أن وضع هذا التمثال الواقي في هذا المحط لم يكن ليقرأه المسافرون، أو جنود الجيش؛ إذ كان السواد الأعظم منهم أميًّا، بل تدل شواهد الأحوال على أن المفعول السحري لهذا التمثال كان يمكن الحصول عليه باللمس، فإذا ما لمسه مسافر حُفظ من خطر زواحف الصحراء. ولا غرابة في ذلك فإن مثل هذه الطريقة لا تزال باقية بين ظهرانينا حتى الآن، فكم من أفراد يذهبون إلى أضرحة أولياء الله ويلمسونها تبركًا وتحرزًا من الأمراض — وهكذا يفعل الحجاج عندما يستلمون «الحجر الأسود» «بمكة» المكرمة في الكعبة.

ومما تجدر ملاحظته هنا أنه من بين مئات التماثيل الملكية التي عُثر عليها قبل هذا التمثال لا يوجد واحد منها يقدم لنا خاصية الوقاية من الشر التي يقدمها تمثال «رعمسيس الثالث»؛ ولذلك فإننا لا نكون مبالغين إذا قررنا هنا أن هذا التمثال يُعد كشفًا جديدًا في تاريخ الأسرة العشرين حتى الآن من حيث إنه في تصميم نقوشه يحقق بكل الطرق حماية الشعب المصري التي كانت تُعتبر من أهم واجبات الفرعون الذي يحكم البلاد بوصفه ابن الإله.

وعلى أية حال فإن العناصر الثلاثة التي يتألف منها هذا التمثال، وهي: المتن، وصورة الملك، والجعران الممثل للإله «خبري» تؤكد لنا قيمتها في تحقيق هذا الغرض الخارق لحد المألوف. فالمتون تحدد لنا قيمتها الخاصة، فتوحد لنا الملك بالإله «خبري» الذي يُعد مظهرًا من مظاهر الإله «رع» رب «هليوبوليس». وصورة الملك تبعث الحياة في هذه المتون، فتسبغ عليها القوة الحقيقية الحية الخاصة بابن الآلهة. أما جعل «خبري» فإنه يضفي عليها الجلال السامي لأنها خارجة من فم الإله نفسه، وهي التي توحده بالملك. وبهذا التنسيق نجد أن شخصية الملك هي التي أضفت على التمثال قوة فعالة. أي إنه يُعد بمثابة كتاب سحر له قوته الدائمة النافذة المفعول، وفي الوقت نفسه له الهيبة.

ولكن نجد الحال مع التماثيل الشافية التي من العهد الإغريقي تخالف ذلك؛ إذ نجد أن القوة الإلهية تتمثل في «عمود Cippe» «حور» الذي يحمله أمامه، والتعاويذ التي تكسوه لدرجة أن حوضًا واحدًا «لحور» بمفرده له نفس قوة الإتيان بالمعجزات. والواقع أن صورة «حور» المنتصبة في وسط الحوض هي التي تجلب مباشرة التأثير الإلهي الفعال كما تفعل التعويذة، وليس لشخصية المهدي أي نصيب في التأليف السحري في مجموعة ما. وإنه لم يُمثل إلا ليحفز أولئك الذين شفوا بالماء المقدس ليعترفوا بالجميل ويقوموا بصلاة شكر له. ومن ثم نفهم أن شخصية صاحب التمثال الشافي ليست إلا عارضة.

والواقع أن أصل استعمال لوحات «حور» التي كان الغرض منها إقامة شعيرة الغسل تُعد أقدم بكثير من موضوع ضمها مع صورة الفرد الذي يقدمها ويهديها باسمه.

وقد دلنا الكشف عن تمثال «رعمسيس الثالث» الواقي في «ألماظة» على أصل هذه اللوحات، وهو أن تقديم الفرد لها جاء تقليدًا للتماثيل الواقية، أو المنعمة الخاصة بالملك، وهي التي كانت تُنصب في بعض محاط العبادة منذ الأسرة العشرين.

ولا نزاع في أن هذه الحقيقة ليس فيها ما يدعو إلى الدهشة في مدينة نجد في خلالها شعائر عدة، وتماثيل أخرى قد أُقيمت في الأصل للفرعون، ثم انتقل استعمالها إلى الأفراد — والناس على دين ملوكهم، والتقليد يأتي من أعلى إلى أسفل، فيصبح ما كان خاصًّا بالملوك مشاعًا عند عامة الشعب.٢١٨

(٤-٧) الخصوص

ووُجد له في «الخصوص» قطعة حجر عليها اسمه.٢١٩

(٤-٨) السورارية

وُجد فيها محراب عليه اسم «رعمسيس الثالث».٢٢٠

(٤-٩) طهنة

عُثر له فيها على لوحة مُثل عليها الإلهان «سبك» و«آمون».٢٢١

(٤-١٠) العرابة

قاعدة تمثال واقف يمثل «رعمسيس الثالث» قابضًا على محراب صغير يحتوي صورة «أوزير».٢٢٢ وفي المعبد الصغير وُجدت قطعة مُثل عليها «رعمسيس الثالث» يقدم النبيذ للإلهين «أوزير» و«حور».٢٢٣

(٤-١١) قفط

وُجدت له لوحة من الجرانيت مؤرخة بالسنة التاسعة والعشرين، ويُشاهد عليها واقفًا أمام الآلهة «مين» و«إزيس» و«حور» ابن «إزيس» وهي محفوظة الآن «بالمتحف المصري».٢٢٤ وكذلك وُجد له في هذه الجهة قطعة أخرى مُثل عليها تروِّح عليه «الكا» (روحه)، وهي الآن في «متحف جامعة لندن».٢٢٥

(٤-١٢) قوص

عُثر له على لوحة من الجرانيت مثل عليها يقود أسرى، والمتن مؤرخ بالسنة السادسة عشرة من حكمه.٢٢٦

(٤-١٣) المدمود

وُجد لهذا الفرعون في معبد «المدمود» لوحتان من الحجر الرملي مؤرختان بالسنة الثانية من حكمه، وُجدتا في مكانهما الأصلي مرتكزتين على السور الشمالي لردهة معبد الإمبراطور «أنتونيوس».٢٢٧

(٤-١٤) معبد «أرمنت»

وُجد اسمه على قطعة من مسلة اغتصبها من «تحتمس الثالث»، ويُحتمل أنها أُحضرت من بلدة «طود».

(٤-١٥) الكاب

بعض قطع عليها اسم هذا الفرعون. وكذلك كُتب اسمه بالهيراطيقي على باب محراب معبد «أمنحتب الثالث» في هذه الجهة.

(٤-١٦) معبد مدينة «هابو»٢٢٨

تحدثنا فيما سبق عن الأعمال الجليلة التي خلفها «رعمسيس الثالث» للتاريخ، وهي التي دوَّنها كتابة على «ورقة هاريس» العظيمة، غير أنه لم يكتفِ بتدوين هذه الأعمال العظيمة في بطون الأوراق وحسب، بل قام بنقشها وتصويرها بتفصيل شائق — كما كان ديدن الفراعنة — على معبده الجنازي العظيم الذي أقامه على الضفة اليسرى للنيل، فجاء هذا البناء المنقطع النظير كأنه كتاب مصور لا لأعمال هذا الفرعون العظيمة وحسب، بل كذلك لحياته الداخلية وملاهيه، مما يندر وجوده في مثل هذه المعابد، حتى إن هذه الأعمال الموضحة لحروبه، وانتصاراته، وأعياده، وأحفاله، وطراده، وملاهيه في ساعات فراغه، ولآلهته، وما قدم لهم من قرابين، وما وقف عليهم من ضياع، وما أهداهم من متاع، وما أسبغ على كهنتها من أرزاق وفيرة أصبحت مضرب الأمثال.

fig21
شكل ٥: معبد مدينة هابو «رعمسيس الثالث».

وهذا المعبد الذي لا تزال مبانيه شامخة الذُّرَا هو المعروف الآن بمدينة «هابو»، ويضم بين جدرانه قصر الفرعون، ومحرابه، وحصنه، ومعبده الجنازي. ويحيط بكل هذه المباني سور لا تزال تُرى حتى الآن بقاياه، وقد قاومت هذه المباني نكبات الدهر وغيره، ويرجع الفضل في ذلك إلى عناية بعض المستعمرين من الأقباط الذين أسسوا لأنفسهم فيما مضى مدينة مسيحية في وسط تربة هذه المباني العزيزة على الآلهة الأقدمين، وقد أقام هؤلاء المستعمرون الجدد كنائسهم، وبِيَعهم في ردهة هذا المعبد، وقاعة عمده.

وتدل شواهد الأحوال على أن هؤلاء المسيحيين المستعمرين قد غَلَّتْ أيديهم عن تخريب هذا المعبد العظيم وتشويهه بعضُ اعتقادات خرافية؛ فاحترموا النقوش والزخارف التي على الجدران، ولم يجسروا على العبث بما فيها من فن ديني. وهكذا نجد أن روح الدين الجديد — وهو روح قوامه المحافظة — قد حمى لنا هذا المكان، فبقي في حالة جيدة، ولا نزاع في أن هذا الأمر يُعد موضع إعجابنا، كما سيبقى موضع إعجاب الأجيال القادمة ما زالت بقاياه في الوجود.

والمعبد بأكمله يمكن تقسيمه قسمين مميزين: أحدهما قديم، ويرجع تاريخه إلى عهد الأسرة الثامنة عشرة. وقد تحدثنا عنه فيما سبق (راجع مصر القديمة الجزء الرابع). والآخر هو المعبد الرئيسي الذي أقامه «رعمسيس الثالث» وكان متصلًا بالقصور الملكية. وقد أحاط «رعمسيس» رقعته بجدار من اللبن يبلغ ارتفاعه حوالي ٥٩ قدمًا — هذا إلى جدار خارجي محزز يبلغ ارتفاعه حوالي ١٣ قدمًا.

يدخل الزائر من الجدار الخارجي إلى المعبد بوساطة بوابة سعتها ثلاث عشرة قدمًا يكنفها حجرتان صغيرتان لسكنى الحارس، وخلف هذا الباب يواجه الزائر برجان عظيمان يشرفان على ردهة عظيمة، وهذان البرجان يشبهان الحصن، ويُسميان البوابة العالية. وهذا البناء كان يُعرف فيما مضى بسرادق «رعمسيس الثالث»، ويُعد المدخل لرقعة المعبد بدلًا من البوابة العادية الضخمة، والمداخل الشامخة المقامة من الحجر التي نشاهدها في المعابد الأخرى. وهذا المبنى يقاطع الجدار العظيم الداخلي المقام من اللبن الذي يضم بين جوانبه كل المعابد داخل مستطيل، وكان متصلًا كذلك بالقصر الملكي الذي سنتحدث عنه فيما بعد. ومن ثم نعلم أن السرادق كان يؤلف جزءًا من القصور الملكية التي أُقيمت على مسافة قريبة منه، وحجرات هذا السرادق كانت أحيانًا تستعمل مأوى يأوي إليه الفرعون، وخدورًا لنسائه. والنقوش التي على جدرانه تدل على هذا الغرض. ويمكن حتى الآن تمييز موقع الحجرات الملكية. وقد صور لنا المثال «رعمسيس الثالث» على الجدران مناظر إنسانية رائعة طبيعية لراحته وهو في مكان خلوته مع نسائه، فنشاهد الملك المؤله، والحاكم المستبد ينقلب إلى رجل رقيق الحاشية حلو الشمائل، يستمتع في هدوء وسلام بملاذ الحياة وأطايبها. وتارة يمثل الفرعون في بيته الخاص في وسط ربات الجمال من نسائه الكواعب؛ فها هو ذا قد ارتسمت على محياه ابتسامة تدل على الحلم ودماثة الأخلاق، مستلقيًا على كرسي بتواضع، يحيط به هالة من رباب الجمال ذوات الحسن الرائع، فنشاهد بعضهن وقد ركعن أمامه مرسلات من أعينهن نظرات وَسَنى، وأخريات قد عملن على تسليته، وإدخال السرور عليه بالعزف على آلات الطرب. وتدل صورة الفرعون هنا على السعادة التي نشاهدها في ملامح أهل الحضر، عندما يجلسون للتمتع بأطايب الحياة؛ فها نحن أولاء نشاهد الفرعون يتأمل سرادقه، ويصغي بشغف إلى الألحان التي يعزفها نساء قصره، وقد استهوته أجسام الغانيات، واجتذبته اجتذابًا، وأوقعته في حبائلهن، فانقلب هذا الإله إلى زير نساء؛ فينزل من عليائه حتى يصبح جليسًا لهن، وصارت حركاته وسكناته لا تدل على الإله الذي يقول: إني آمر، أو أضحي للإلهة. بل يقول الآن: لابد للحب من ثمن، فلا عظمة ولا انكماش، ولا تباعد عن المخلوقات. وها هو ذا السيد المطاع أمامنا يلقي بالرسميات والتقاليد جانبًا، ويصبح حرًّا طليقًا يتمتع بالحياة كما يشاء وكما يرغب فيها. وها نحن أولاء نشاهده هنا يطلق لنفسه عنان حريتها فرحًا يمد يده ليربت على غادة، أو يداعب إحدى هؤلاء الحسان ذوات العيون النجل. فيا له من منظر مسلٍّ قد أفلح ممثله فلاحًا عظيمًا في تصوير الماضي أمامنا، وما أجملها من لوحة فريدة في نوعها؛ إذ الواقع أنها قد فاقت المعتاد من المناظر المصرية في عصر كانت الأمور الحربية والدينية فيه تغطي على كل شيء، وبخاصة لأنها تستعرض أمامنا صورة رائعة للحياة الخاصة في قصر من قصور ملوك الأسرة العشرين.

والنقوش التي على واجهة البرج الأيمن يُشاهد فيها الملك يضرب أعداءه في حضرة الإله «رع حوراختي»، وفي أسفل سبعة أمراء في الأغلال يمثلون الأقوام المهزومة، وهم: «حيتا» و«آمور» و«شكارى» و«شردانا» و«شكلش» أو الصقليون و«تورشا» (الأترسكانيون) و«بلست» (الفلسطينيون). وعلى واجهة البرج الشمالي صورة مماثلة «لرعمسيس الثالث» يضرب أهل النوبة وأهالي لوبيا أمام الإله «آمون رع».

وفي الردهة التي بين المجدلين أو البرجين يُشاهد فيها تمثالان للإلهة «سخمت» وهي إلهة جالسة بجلال على عرش، وتحمل فوق كتفيها رأس لبؤة وتحت ثوبها جسم امرأة، ويعلو رأسها قرص ضخم، وفي ضوء شمس الظهيرة يُشاهد الإنسان هذه الإلهة التي صُوِّرت في صورة لبؤة تمد خطمها المخيف الذي يملأ الجسم خوفًا وهلعًا، ووجهها الوحشي يحدث في النفس لوعة، وعيناها تتقدان شررًا، ويُخيل للإنسان في هذه اللحظة أن شفتيها الطاغيتين تتحفزان للنطق، معترفة بحقيقة أمرها، وأصل وجودها في هذه القلعة، وكأنها تقول: إني «سخمت» وأُدعى إلهة الحرب، وأنت ترى حتى الآن أن محاولات الأمراء ورجال القانون والعدالة لم يفلحوا في إنزالي عن عرشي، وإني أحيا، وإني أستمر، وإني أسيطر، وإن مذابحي لا تزال قائمة على الرغم من المخالفات والمعاهدات، والمواثيق لقيام السلم، وإني أمثل أحد الأشكال السرمدية للحروب، وإني سلاح الفئة المختارة، ومنذ أن قتل «قابيل» «هابيل» سيقتل الأخ أخاه حتى نهاية الأجيال، وسيظل الإنسان محبًّا لسفك دم جاره، ولن يكتب التاريخ حوادثه إلا بظبا السيوف، فقد قتل «ست» أخاه «أوزير»، وتحرش الشرب بالخير، وانقض الظالم على المحق، وسحق القوي الضعيف، وإني امرأة شؤم، فقد جعلت الأمهات والأزواج لا يتحاببن، وإني أنا التي تبذر القحط والمذابح والخراب، وإني صديقة الموت، أحصد الكل في طريقي، وأشعل الحرائق فأبيد، وإني أنعم بتسميد الحقول بأكوام جثث القتلى، عند انطلاق صوت بوقي الجهنمي تنهض الأمم وتظهر كأنما تنهض بدافع مقدس في معمعة القتال، وتخفق الأعلام في الهواء باسمي الذي يعني القتل والخراب، وبعد انتهاء الحرب يعقد بنو البشر فيما بينهم الأيمان المغلظة على صلح لا تنفصم عراه، ولكن لا يمضي طويل زمن حتى يتباغضوا ويتماقتوا فيما بينهم ثانية، فهم اليوم أحباء، وفي الغد أعداء، وهكذا ديدن الأمم، فعلى هذه الأرض تمد الشهوة الإنسانية أحابيلها لتشبع رغباتها، وكذلك نشاهد كلًّا من الكره والحب يغضب ويتحرش ويرتكب أفظع التخريب. والسلام السلام المثالي. واأسفاه عليكم يا بني البشر المساكين أين هو؟ إنه حلم، إنكم ستحققونه فقط في أمسية هذه الحياة في العالم العلوي حيث يسكن أهل النعيم!

ويفصل المعبد الكبير الذي أقامه «رعمسيس الثالث» عن البرجين مساحة شاسعة.

وقد أُقيم هذا المعبد بنفس التصميم الذي أُقيم على مقتضاه معبد «الرمسيوم» وقد أهدى كذلك إلى الإله «آمون». ويجب على الزائر أن يدخله ليرى تلك المجموعة البنائية التي تشمل عمائر مدنية ودينية، وهو في الواقع قد ضم بين دفتيه مدينة حيث كان يأوي إليها رجال الدين والأسرة المالكة والموظفون القائمون بأداء الشعائر الدينية، وحيث كان يرى الجم الغفير من العظماء، ورجال البلاط والخدم ذاهبين آيبين.

والواقع أن هذا المبنى الضخم كان مأوًى يجمع بين ما هو بشري وما هو إلهي، فقد كان المأوى الأخير الذي يسكن فيه قرين الفرعون — روحه — في النعيم المقيم، كما كان فيه قصره. وقد عبر «مسبرو» بحق عن مدينة «هابو» حين قال: «إنها تعبر بأدق صورة عن الآراء التي يكونها الكهنة الطيبيون عن مقر الروح الفرعوني، وعن الطرق التي تضمن بها بقاءها.» ويُلاحَظ أن الفن في هذا المبنى كان يسير في ركاب العقيدة، فكان مهندس العمارة يخضع لمقتضيات المذهب الديني، وكان يصغي للمقترحات الدينية، كما كان يخضع لرغبات الفرعون الذي كان مصيره أن يعيش في صحبة الآلهة على هذه الأرض وفي عالم الآخرة، غير أن المفتن كان له طريقته وسره وهي طريقة صادقة خاصة به، وتلك هي التنسيق والتوفيق، وكان يجمع بين الآراء الدنيوية والأخروية معًا، وبذلك تراه قد جمع في هذا المبنى بين المادية والروحانية، أو بعبارة أخرى مزج الاثنتين معًا، ولا بد أن الأحجار التي أقام منها هذا البناء كانت فخورة بهذا المزيج حيث جمع بين التناسق والعظمة.

fig22
شكل ٦: معبد «رعمسيس الثالث» بمدينة «هابو».

ومن الأمور الهامة أن يكون للآلهة مسكن فسيح الأرجاء يأوون إليه وتُقام شعائرهم، كما كان من الأمور الضرورية أن يكون للملك مثوًى جميل يحيا فيه قرينه — روحه. وكذلك كانت تحوي مدينة «هابو» الهائلة قاعات أعياد، وبيوت كهنة على مقربة من الحجرات الملكية، كما كان فيها مساكن لجماعات الآلهة أُقيمت ملاصقة للمحاريب، حيث كان روح الإله — الفرعون — بعد الموت يذوق طعم الراحة ويتمتع بالاحترام. وهذا البناء الهائل لم يعتوره الارتباك ولا يشبه بأية حال المباني المعقدة التركيب؛ إذ نجد أن ردهاته وأماكنه ودهاليزه وأجزاءه المختلفة قد وُزعت بتناسب في انسجام فخم رائع. فالعين لا تقع فيه إلا على مجموعة مبانٍ لا عيب فيها مؤلفة من سلسلة حجرات ملكية، وقاعات عمد أُقيمت على طراز معلوم، وقصارى القول أنه لا تقع العين إلا على طائفة من المباني يتجلى فيها الروح الفني الذي اقتضاه الحال والزمان، ومع ذلك فإن مدينة «هابو» كما قلنا نسخة تطابق في تصميمها معبد «الرمسيوم» الذي أقامه «رعمسيس الثاني»، ولا فرق بينهما إلا أن الأقدار شاءت أن تحفظ لنا معبد «رعمسيس الثالث» وتقضي على الجزء الأعظم من معبد سلفه، والواقع أن «رعمسيس الثالث» لم يكن روحًا مخترعًا، وكان كتبته ومهندسوه في عصره تنقصهم قوة الخيال والاختراع على ما يظهر، ومما يؤسف له جد الأسف أن العبقرية في هذا العهد كادت تكون معدومة، ولا غرابة فإنه كان عهد خمول وانحطاط، وقد بدأت فيه ساعة خمول العصر الطيبي العظيم تدق دقات الخطر المنذرة بالنهاية العاجلة. ففي عهد الأسرة العشرين بدأت قوة الاختراع تختفي، وأخذ القوم يكتفون بالنقل والتقليد ما شاءوا، فكان المفتنون في ذلك الوقت يُشاهدون الأعمال الممتازة التي أنتجها عصر «رعمسيس الثاني» ويعيدون بناءها على حسب نماذجها، كما كانوا ينقشون من جديد على جدرانها الفخمة الصيغ والصور التي خلفها لهم العصر السابق دون أن تعتبر إلا اسم الملك وحسب.

وإذا استثنينا بعض التحف فإن الفن الذي خلفه لنا عهد مدينة «هابو» لا يمثل في الواقع مكانة تُذكر، ومما يؤسف له أن النسخ نفسه لم يكن يخلو من النقد، إذ نجد أن الشكل العام يعتوره شيء من الثقل والرخاوة الظاهرة، فالدهاليز قد فقدت طابع الرشاقة التي تمتاز بها دهاليز «الأقصر» و«العرابة» والعمد فيها لم ترتفع بعد عن الأرض بتلك الخفة التي تكاد تكون كالهواء، ويرجع السبب في ذلك إلى الضعف الذي اعترى المفتن، فلم يعد يطبع عمله بتلك السمة المتناهية في الكمال، التي كان يتميز بها إنتاج الأسرة الثامنة عشرة، والكثير من إنتاج الأسرة التاسعة عشرة، إذ نجد أن العناية بأعماله كانت قليلة جدًّا، كما نجد أن إهماله كان يكشف غالبًا عن ضعف قوة اختراعه، وقد كانت أخطاؤه شاملة. كما أن الخشونة في العمل قد حلت محل المرونة والقوة، فعهود «تحتمس الثالث» و«سيتي الأول» قد انتهت، والعصر الذهبي للفن قد انقضى. ومع ذلك فإنا نمر في هذا المعبد العظيم بمزيد السرور والارتياح، إذ نجد في أرجائه بعض قطع فنية تسترعي النظر وتدعو إلى الإعجاب.

(١) وصف أجزاء طيبة

ونعود الآن إلى وصف أجزاء المعبد مبتدئين بالبوابة وقد غُطيت بالمناظر والنقوش التي تخلد أعمال الفرعون الحربية، فعلى جدار البرج الأيمن من جهة اليمين نشاهد الملك أمام الإله «آمون رع-حوراختي» قابضًا على طائفة من الأعداء من نواصيهم يضربهم بمقمع، في حين أن الإله الذي مُثل برأس صقر يقدم له سيفًا معقوفًا، ويقود له بحبل الأراضي التي استولى عليها، وقد مُثلت بالطريقة المألوفة وهي صور جدران مستديرة نُقش في وسطها أسماء البلدان المقهورة يعلوها الأعداء المغلولون، وتحت هذا المنظر نشاهد صفين آخرين من أسماء البلاد المغلوبة على أمرها، وفي الجهة اليسرى نرى بين قناتين حُفرتا لعمودي الأعلام منظرًا مشابهًا، ولكنه أصغر منه، وفي أسفله نُقش متن طويل يتحدث عن انتصارات «رعمسيس الثالث» في الحروب التي شنها على «لوبيا» في السنة الحادية عشرة من حكمه، وقد أوردناه فيما سبق. وفي الأسفل نشاهد الإله «آمون» جالسًا على اليسار، والإله «بتاح» واقفًا خلفه يكتب عدد سني حكم الملك على جريدة نخل، والملك راكعًا أمام «آمون» تحت الشجرة المقدسة يتسلم من الإله رموز الحكم الطويل مدلاة من جريدة نخل، وكذلك نشاهد الإله «تحوت» يكتب اسم الفرعون بين أوراق الشجرة، وبجانبه إلهة الكتابة، وبجانب الباب في أسفل لوحة مؤرخة بالسنة الثانية عشرة من حكم هذا الفرعون، تحدثنا عن «بركات بتاح» وهي تقليد للوحة التي أقامها «رعمسيس الثاني» في العام الخامس والثلاثين لنفس هذا الغرض في معبد «بوسمبل» (راجع جزء ٦) ويُلاحَظ أن جدران البرج الأيسر قد نُقش عليها مناظر مشابهة للتي على البرج الأيمن.

وبعد ذلك نصل من الباب الأوسط المزينة جدرانه من الداخل ومن الخارج بنقوش تمثل الفرعون يتعبد للآلهة إلى الردهة الأولى وهي تؤلف مربعًا مساحته ١١٥ قدمًا، وجانب البوابة الداخلي مُحلى بمناظر تمثل حملة «رعمسيس الثالث» على بلاد لوبيا، وإلى الجنوب نشاهد موقعة حربية يساعد فيها جنود الشردانا المصريين وهم مميزون بقبعاتهم المستديرة الشكل، والمزينة بقرون. وإلى الشمال نشاهد أسرى اللوبيين مسوقين أمام الملك، وعليهم نقوش مفسرة، والردهة يكنفها من اليمين ومن الشمال طرقات ذات عمد، وسقف الممر الذي على اليمين محمول على سبعة عمد مضلعة يرتكز عليها تماثيل ضخمة للملك في صورة «أوزير». أما الممر الذي على اليسار فسقفه محمول على ثمانية عمد بردية الشكل، والتيجان على هيئة غلاف الزهرة الخارجي. وهذه العمد الأخيرة خاصة بواجهة القصور الفرعونية التي أُقيمت في الجهة الجنوبية من المعبد، وتتصل بالردهة الأولى بوساطة ثلاث أبواب وشرفة كبيرة على هيئة نافذة، وعلى يمين وشمال هذه النافذة يُشاهد الفرعون واقفًا على طوار مقام من رءوس معادية وهم يقتلهم، وتحت النافذة نشاهد راقصين ومصارعين ومهرجين، وقد مُثلوا يرحبون بالفرعون عند ظهوره في النافذة مطلًّا عليهم، والفرح يغمرهم بدرجة لا حد لها. (راجع مصر القديمة الجزء السادس).

أما المناظر التي على جدران الطرق ذات العمد فقد مُثل عليها حروب «رعمسيس الثالث» وانتصاراته وأسراه، كما فصلنا القول في ذلك عند التحدث على حروبه، وفي نهاية ذلك نشاهد الفرعون في طريقه إلى عيد الإله «مين» يسير في ركابه حاملو المراوح.

والنقوش والمناظر المحفورة على البوابة الثانية أهم من المسابقة؛ فعلى البرج الأيمن نقش طويل سُجل فيه الانتصار الذي أحرزه الفرعون في السنة الثامنة من حكمه على الحلف الذي كونه أهل البحار عليه، وقد هددوا مصر من طريق البحر والبر من جهة «سوريا»، وعلى البرج الشمالي يُرى الفرعون وهو يقود أمام الإلهين «آمون» و«موت» ثلاثة صفوف من الأسرى يمثلون المقهورين في هذه الحملة، وهؤلاء كانوا محلقين رءوسهم ويلبسون قبعات غريبة محلاة بريش، وكانت ثيابهم المدببة محلاة بهدابات مما ميزهم عن المصريين، وتقول عنهم النقوش إنهم من قبائل «دننونا» و«برست» — الفلسطينيون.

ويؤدِّي مدخل البوابة الثانية المصنوع من الجرانيت — ويصل الإنسان إليه بمنحدر — إلى الردهة الثانية، ويبلغ عمقها حوالي ١٢٥ قدمًا وعرضها ١٣٨ قدمًا، وهذه الردهة كما قلنا كانت قد حُوِّلت إلى كنيسة في العهد المسيحي، وقد أزيلت بقاياها في العهد الحديث. وقد كانت بطبيعة الحال صورة مطابقة لردهة معبد «الرمسيوم» وحتى بعض رسوم السقف قد نُقل من هناك، غير أنها أكثر حفظًا في معبد مدينة «هابو». هذا ويُشاهد على كل الجهات الأربع لهذه الردهة طرقات ذات عمد. «والطرقتان» الشمالية والجنوبية محمولتان على عمد تيجانها برعومية الشكل، والشرقية عمدها مربعة، ويرتكز عليها تمثال يبرز الفرعون في صورة «أوزير» وفي الغربية طوار يشمل ثمانية عمد أوزيرية، أُقيمت في الأمام ومثلها في الخلف. وقد مُثل الملك على هذه العمد الأسطوانية والمضلعة وهو يقدم القربان للآلهة. والنقوش التي على الجدران الخلفية للطرقات ذات العمد توضح لنا حوادث في حياة «رعمسيس الثالث»؛ فبعضها يمثل أعيادًا عظيمة اشترك فيها الفرعون، وأخرى تصور لنا أعمال الفرعون الحربية، وما أظهره جنوده من شجاعة.

عيد «مين»

ففي الطرقتين الشمالية، والشمالية الشرقية نشاهد مناظر في الصف الأعلى من العيد الكبير الذي كان يُقام للإله «مين» إله الحصاد، وحامي السياح ورواد الصحراء، فنشاهد في هذا المنظر الفرعون «رعمسيس الثالث» جالسًا على عرشه، تحت مظلة ثمينة يحمله في محفة أمراء أقوياء السواعد على أكتافهم، ثم يخرج من قصره ويعطي الأمر ببدء السير إلى المصريين الذين كان يتألف منهم الموكب، حيث نشاهد كهنة يحملون بعناية صناديق ثمينة ويسيرون في الطليعة، ويخطون بخطوات وئيدة متزنة تدل على الوقار والجلال. ويتبع هؤلاء مرتل الصلوات بصورة تدل على رجل مسيطر على حواسه وأفكاره، وهو يتقدم حملة المباخر التي يتصاعد منها عبير البخور الذي ينتشر ويتألف منه ضباب خفيف، وبعد ذلك يأتي الموسيقيون فينفخ بعضهم في بوق وآخرون يضربون على الطبول أو يحركون الصاجات. أما الجنود فكانوا يؤلفون وحدة متماسكة تسير في نظام عسكري يحلي شعورهم ريش ضخم، وأخيرًا نشاهد جمعًا من الإشراف ورجال البلاط، وبهم يُختم الموكب. وعندئذ يسير الفرعون أمام التمثال الإلهي، وقد ظهر الإله في هيئة جامدة مستقيم الجسم مشدود الأعضاء، ويظهر من تحت لباس رأسه العالي المؤلف من ريشتين محياه النحيل، بعينين براقتين تنظران نظرة مبهمة. ويسير في ركابه حاملو المباخر، وخلف الصورة المقدسة يمشي أتباع يروِّحون بمراوح طويلة من أوراق الشجر، والأعلام ترفرف في الهواء عليه، وعلى المذابح نشاهد أدوات إقامة الشعائر تتلألأ، كما كانت تشرق تماثيل الملك وأجداده. وفي اللحظة التي يصل فيها الفرعون بالضبط أمام وجه الإله «مين» نشاهد جماعة من الشبان في ميعة الصبا يطلقون حمامًا يطير في الحال.

وعند هذه النقطة على ما يظهر ينتهي عيد مين الأصلي، وعلى ذلك فإن المشاهد التي نصفها بعد ذلك — وهي خاصة بعبادة الملك — قد أُلحقت بالاحتفال بالإله «مين» في عهد لا يمكن تحديده على وجه التأكيد، فنشاهد تشريفاتي القصر يقدم للفرعون محشة من النحاس الأسود مموهة بالذهب وحزمة قمح. وعندئذ ترتل مغنية وهي في الواقع الملكة «صيغة» دينية سبع مرات وهي متجهة نحو الفرعون الذي يقطع بدوره باقة القمح بالمحشة، وبعد ذلك تُقدم الباقة للفرعون ثم للإله، وأخيرًا تقدم سنبلة للملك، وفي أثناء هذا الاحتفال يرتل كاهن أنشودة، وفي خلال ذلك تقوم المغنية وهي الملكة برقصة دينية. والأنشودة تشيد بقوة الإله «مين» الخصب وهو الذي يسميه المتن «ثور أمه»، ويُلاحَظ أن الملك في أثناء القيام بهذه الشعيرة قد أُحيط بالثور الأبيض وبتماثيل أجداده، ولكن هؤلاء قد أصبح عددهم الآن كما لاحظ ذلك «جاكوبسون» (راجع Jacobsohn, Dogmatische stellung p. 35) تسعة وهم: «تاسوع» الثور الأبيض. وبعد الاحتفال بقربان السنبلة يبتعد الفرعون عن المعبد بوجهه متجهًا نحو الشمال، وبعد ذلك يلف حوله. وينتهي العيد في الواقع بشعيرة إطلاق أربعة طيور، وهي المفروض أنها تعلن في الأركان الأربعة للأفق تجديد الملكية.

معنى العيد الكبير للإله «مين»

يجد المؤرخ صعابًا كبيرة عندما يريد تفسير هذا العيد. ولا أدل على ذلك من صعوبة تتبع المشاهد التي يشملها الاحتفال به. وعلى أية حال فإنه مما لا جدال فيه أن الاحتفال بعيد «مين» يحتوي على ثلاثة فصول مميزة: أولها يمثل ظهور الإله ممثلًا بعضو التذكير منتشرًا في احتفال إلهي معروف، والثاني يمثل الفرعون وهو يشرف على عيد الحصاد بنفسه، وأخيرًا يظهر في شعيرة إطلاق الطيور الأربعة المعروفة الخاصة بعبادة الفرعون نفسه.

وتبتدئ الصعوبة عندما نشرع في الربط بين هذه المشاهد الثلاثة، فالواقع أن الإله «مين» يظهر في خلال عيده بوصفه «إله حصاد». ويكفي للدلالة على ذلك أنه كان — قبل كل شيء — إله خصب ونماء، وأن في مقدوره بخاصيته هذه أن يُعد إله التناسل والإكثار. غير أن هذا البرهان لم يرضِ جمهرة علماء الآثار الذين درسوا مناظر مدينة «هابو»؛ إذ يعتقدون أن «مين» عندما يشرف على الحصاد يقوم بدور «أوزير» الذي ينسب إليه وحده قوة الخصب.

ولا نزاع في أن وجهة النظر هذه غير بعيدة عن جادة الصواب، فقد رأينا — في غير هذا المكان — أن الإله «مين» قد وُحد بالإله «حور» منذ عهد بعيد، وأنه كان يُعد في «قفط» ابن «إزيس» وزوجها، وأن هذه العلاقة المزدوجة هي التي جعلته يُنعت بلفظة «كاموتف» — أي فحل أمه. وسنرى فيما بعد أن لهذه الملاحظة أهميتها. غير أن دور «أوزير» في هذا الشأن ليس بواضح — كما يزعم أصحاب هذا الرأي. وقد أجاز كثير من المؤلفين — مقتفين رأي الأستاذ «موريه» — أن الثور الأبيض كان يتقمصه «أوزير»، بل أضافوا إلى ذلك أنه يلبس لباس الرأس الذي كان يلبسه «أوزير» كذلك، ولكن هذا لا يطابق الواقع كما يقول «جاكوبسون» Ibid P. 31؛ إذ إن لباس الرأس هذا إنما هو للعجل «بوخيس».
والواقع أن قرص الشمس الذي يكنفه ريشتان لم يكن قط لباس رأس للإله «أوزير»، يُضاف إلى ذلك أن قربان باقة القمح كان يجب أن يكون — على حسب رأي «موريه» (Le mise à mort di Dieu en Egypte P. 23) تمثيلية مقدسة تمثل قتل روح القمح والخصب في صورة باقة القمح والثور. والواقع أنه لا المتون ولا الرسوم في مدينة «هابو» تسمح بقبول مثل هذه النظرية. ومن جهة أخرى ذكر لنا الأستاذ «جاردنر» أن عيد الإله «مين» يتفق إقامته مع عيد إلهة الحصاد «إرنوتت» وهو العيد الذي كان يُحتفل به في أبهة عظيمة في مصر في اليوم الأول من فصل الصيف (J. E. A. II, P. 125) وعلى الرغم من أن لوجه الشبه هذا أهمية كبرى، فإنه لا يدل — مع ذلك — على أن لعيد الإلهة «إرنوتت» تأثيرًا ما على صبغة الإله «مين» البدائية. هذا فضلًا عن أنه كان لهذا الإله تأثير حسن على الحصاد بوصفه إله الإكثار. وقد بقي علينا الآن أن نفسر الدور الذي كان يلعبه الثور الأبيض في عيد الإله «مين»، وكذلك اشتراك الفرعون في هذا العيد، وهذا ما بحثه «چاكوبسون» بوجه خاص (Ibid P. 29–40) فهو يرى أن بسون الثور الأبيض ليس بصورة يتقمصها «أوزير»، بل هو موحد «بكاموتف» (فحل أمه) أي الإله «مين» بوصفه فحل أمه.
والنقطة المهمة في العيد نجدها في اللحظة التي يقدم فيها الملك للإله «مين» القرابين العظيمة التي تكلمنا عنها فيما سبق، وقد رأينا أنه كان يُنشد في هذا الاحتفال أناشيد يجدر بنا أن نقتبس منها الفقرة التالية:

الحمد لك يا «مين»، أنت يا من أتيت والدتك، كم كان خفيًّا ذلك العمل الذي عملته في الظلمة!

ويظن «جاكوبسون» — بحق — أن الإله «مين» قد جدد في هذه اللحظة المحددة — اللحظة التي أتى فيها أمه — السر العظيم الخاص «بكاموتف». وعلى ذلك فإن الإله ذا العضو المنتشر هو ابن «أوزير» بوصفه «حور»، أما بوصفه زوج «إزيس» فإنه والد الملك الحاكم. وهو نفسه موحد «بحور» وعلى ذلك فإن تكرار قصة «كاموتف» ليس في ذاته إلا ولادة للملك من جديد، الملك الذي وُضعت فيه قوة جديدة مخصبة منتصرة. وبتركيز الملك في صفاته المخصبة يصبح أهلًا لأن يقدم للإله باكورة المحصول. وهذا هو السر في أن باقة القمح تأتي مباشرة في مراسيم الاحتفال بهذا العيد بعد مشهد مائدة القربان. وبعد ذلك تطلق أربعة طيور — كما كان يحدث في أيام التتويج — لتعلن أركان الأفق الأربعة خبر تولية «حور» الحي الذي تصابى بالتمثيلية التي مُثلت على النمط السابق. وعلى حسب هذا التفسير الذي يلتئم مع المتن إلى حد بعيد نشاهد أن الدور الذي لعبه «أوزير» يكاد لا يكون شيئًا مذكورًا.

وخلاصة القول أننا نلحظ أن عيد «مين» كان مشفوعًا بعيد للملك، أو بعبارة أدق بعيد روح (كا) الملك. والواقع أن الملك كان يتصل بروحه بأجداده وبالإله نفسه. وقد وجدنا في مشهد من أقدم المشاهد التي تمثل عيد «مين» أنه لا يتبع الملك إلا روحه (كا) التي تحل في الحفل محل الثور الأبيض، وكذلك شارات خدام «حور» وتماثيل الأجداد، وذلك يعني أن فيه قوة الإله وقد مُثلت في مدينة «هابو» في الثور الأبيض، وفي قوة كل شجرة الأجداد الذين كانوا يقومون في هذه الحالة — كما رأينا — بدور الوسطاء. وهذه القوة التي كانت توجد حقيقة في الروح (كا) قد حُددت بصورة ما فيما خفي من أمر «كاموتف» في اللحظة نفسها التي جُددت فيها الطبيعة أيضًا. وهذا التجديد للطبيعة كان قد نُسب — كما نُسب تجديد الملكية — إلى العمل العظيم القوة المنسوب لإله الخصب «مين كاموتف» بغشيانه أمه.

وعلى الجزء الأسفل من الجدارين الشمالي والشمالي الشرقي مناظر ليست على شيء من الأهمية، فعلى اليسار السفن المقدسة لثالوث «طيبة» — «خنسو» و«موت» و«آمون» — والملك يقدم لهم القربان، وعلى اليمين الكهنة يحملون هذه السفن إلى خارج المعبد في حين كان الملك يقترب من خلف سفينة رابعة ليستقبل هذا الثالوث المقدس.

طرقات الأعمدة الواقعة في الجنوب والجنوب الشرقي

على جدران هذه الطرقات ذوات العمد قد مُثل عيد «بتاح سكر»، ويبتدئ الحفل على يسار الباب بموكب مؤلف من كهنة يحملون سفنًا مقدسة وتماثيل الآلهة وأعلامًا وأدوات معبد، وفي الخلف يقف الملك وعظماء بلاده. ثم يُشاهد بعد ذلك — على الجدار الجنوبي — رمز هائل للإله «نفرتم» ابن الإله «بتاح» يحمله ثمانية عشر كاهنًا، ويمسك الفرعون بحبل يجره ستة عشر كاهنًا، كما كان يُطلق البخور كاهنان أمام الملك، ويأتي بعد ذلك ستة عشر كاهنًا آخرون يحملون قارب الإله «سكر» — إله الموتى برأس صقر — يتبعه الفرعون، ثم يضحي الفرعون أمام السفينة المقدسة، وأخيرًا يضحي الفرعون أمام الإله «خنوم» الممثل برأس كبش، وإلهين آخرين، وأمام الإله «سكر-أوزير» الذي مُثل برأس صقر، ويقدم له طبقًا عليه خبز. وفي أسفل هذا المنظر مناظر حربية، فالمنظر الأول منها — وهو على الجدار الجنوبي الشرقي — يُرى فيه الفرعون مهاجمًا اللوبيين بفرسانه راميًا عن قوسه. أما المشاة فكانوا يحاربون في معمعة وحشية، وكان يساعد المصريين جنود «الشردانا» المرتزقة في الصف الأسفل. والمنظر الثاني يمثل عودة الفرعون من حومة الوغى، يسوق عربته، ويتبعه ثلاثة صفوف من أسرى اللوبيين، والأغلال في أعناقهم مسوقين أمامه. وخلفه اثنان من حاملي المراوح. والمنظر الثالث يمثل الفرعون يقود الأسرى من اللوبيين أمام الإله «آمون» وزوجه «موت»، وعلى الجدار الجنوبي منظر يمثل الملك قاعدًا في عرشه، وظهره إلى الخيل مستقبلًا الأسرى اللوبيين — لونهم أحمر خفيف — وقد ساقهم إليه في صفوف أربعة أولاده وأشراف آخرون، وكانت الأيدي وأعضاء الإكثار التي قُطعت من جثث القتلى تُحصى أمامه، والجزء الأعظم من هذا الجدار يشغله متن مؤلف من خمسة وسبعين سطرًا في وصف حوادث الحرب؛ وقد ترجمناها فيما سبق.

والجدار الخلفي للممر الغربي الذي على الطوار مُثل عليه ثلاثة صفوف من المناظر، ففي الصفين العلويين يُرى «رعمسيس الثالث» يتعبد لآلهة منوعة، وفي الصف الأسفل — كما هي الحال في الرمسيوم — مُثل أولاد الملك وبناته، وتدل شواهد الأحوال على أن الأسماء التي وُضعت بجانب هؤلاء قد أُضيفت في عهد «رعمسيس الرابع». والحجرات الباقية التالية لم يبقَ من جدرانها وعمدها إلا الجزء الأسفل فتدخل أولًا قاعة العمد الكبرى، وكان سقفها يُحمل في الأصل على أربعة وعشرين عمودًا نُسقت في أربعة صفوف، كل منها ستة عمد، ويُلاحَظ أن ثمانية العمد التي في الوسط أكثر كثافة من العمد الأخرى. ويُشاهد على الجدران مناظر للفرعون في حضرة آلهة مختلفين. ومن النقوش الهامة التي على الجدار الجنوبي صور أواني الذهب التي يقدمها «رعمسيس الثالث» للآلهة «آمون» و«موت» و«خنسو» الذين يتألف منهم ثالوث «طيبة».

وينتقل الإنسان بعد ذلك إلى ثلاث قاعات صغيرة متتالية، منها اثنتان في كل منهما أربعة عمد اسطوانية، وفي الثالثة أربعة عمد ذات أضلاع. وفي القاعة الثانية من هذه مجموعتان من الجرانيت الأحمر. فالتي على اليسار تمثل «آمون» و«ماعت»، والتي على اليمين تمثل الفرعون والإله «تحوت» في صورة الطائر «أبيس»، أما الحجرات الأخرى التي في الخلف فقد أُهديت لآلهة مختلفين، فالحجرات التي على يسار الحجرة كانت مخصصة للإله «أوزير». ويُلاحَظ أن إحدى الحجرات لها سقف مقبب عليه مناظر فلكية، ومن حجرة خاصة يصعد سلم إلى حجرات أخرى في الدور العلوي، ويتصل بقاعة العمد الكبرى كذلك من جانبيها الشمالي والجنوبي سلسلة حجرات (PL. 1–11) وتؤلف التي في الجهة الجنوبية منها بيت مال المعبد أو خزانته، والمناظر التي على جدران حجرات الخزانة تشير إلى الطرائف التي أُودعت فيها، ففي الحجرة الأولى نشاهد الملك يقدم «لآمون» مقابض بردي أمسك بها أسود تمثل رءوسها رأس الفرعون، أو أشكالًا راكعة للفرعون، وفي الحجرة الثانية يقدم الفرعون للإله «آمون» أواني ثمينة، وصناديق أغطيتها على هيئة كباش أو «بولهول» أو رءوس حباش وصقور، أو ملوك. وفي الحجرة الثالثة يقدم الملك «لآمون» حقائب مملوءة بالأحجار الكريمة. وفي الحجرة الرابعة يهدي الملك «لآمون» أدوات مائدة ثمينة، وحليًّا وأعوادًا من الذهب والفضة والقصدير. وفي الحجرة الخامسة يقدم الملك أكوامًا من الذهب ومعادن أخرى ثمينة. وفي الحجرات السادسة حتى الحادية عشرة نشاهد الملك يقدم قربانًا لآلهة مختلفين. وفي الحجرة السابعة يقدم الأمراء والأميرات هدايا للملك والملكة. وفي الحجرة العاشرة يُرى تمثال ضخم من المرمر للإله «بتاح» فُقد رأسه، ويرجع تاريخه إلى عهد الملك «أمنحتب الثالث» وقد عُثر عليه في الردهة الأولى.
وفي الجهة الجنوبية من المعبد نشاهد بقايا قصرين، وقد كشف عن جزء صغير منهما «هنري برتن Henry Burton» في عام ١٩١٣. وكشف عن بقاياهما تمامًا بعثة «شيكاجو» بقيادة الأستاذ «هلشر»، وقد كان أحد هذين القصرين مبنيًّا فوق الآخر وكلاهما أقامه «رعمسيس الثالث». وحجرة العرش توجد في أحد هذين القصرين، ولا تزال تشتمل على القاعدة المصنوعة من المرمر التي كان يُوضع عليها العرش، ويصل إليها الإنسان بسلم يتألف من ثلاث درجات، وعلى اليسار حجرة نوم الفرعون وبها طوار مرتفع للسرير في كوة. وعلى اليمين حجرة الحمام وحجرة ملابس الفرعون، وفي الجهة الغربية حجرات الحريم الملكي، وبها مكان لعرش الفرعون وحمام. وخلف ذلك من جهة الجنوب ثلاث مجاميع من الحجرات الخاصة بالحريم، كل منهن لها حجرتان خاصتان بالاستقبال وحمام وحجرة للزينة. وفي الجهة الغربية من القصر بئر يصل إليها الإنسان بسلم، ولوحة البئر تمثل آلهة النيل يمنحون المياه، و«رعمسيس الثالث» يصب عليه الماء كل من الإلهين «تحوت» و«حور»، وكذلك الملك في حضرة الإله «خنسو نفر حتب».
fig23
شكل ٧: «منظر صيد» الفرعون يطارد ثيرانًا برية.

والمناظر التي على الجدران الخارجية للمعبد لها أهمية عظمى، إذ قد نُقش معظمها تخليدًا لذكرى الحروب التي شنها «رعمسيس الثالث» على الأقوام الذين أرادوا دخول مصر عنوة واستيطانها. كما تصف لنا مغامرات الفرعون في الصيد والقنص.

ونبتدئ هنا بوصف مناظر الصيد والقنص التي تركها لنا على الجدار الجنوبي للبوابة الأولى. فنشاهد الملك في أعلى الجدار يصطاد في عربته حيوان الصحراء، ونراه يطارد تيوسًا برية، مظهرًا قوَّة ومرونة في تتبع فريسته وإردائها قتيلة، مضرجة بدمائها.

وقد فُسر هذا المنظر بالمتن التالي:
إن الملك لجميل في حظيرة صيده مثل «ست» رفيع السلاح (القوس) شجاع مهلك الماشية البرية، ومقتحم في وسطها كالصقر الذي يترقب الطير الصغير، وبذلك تخر مكدسة أكوامًا في مكانها كأكوام إضمامات القمح، ويداه اليمنى واليسرى تستوليان دون خطأ، ومجلس الثلاثين ورؤساء الممالك الأجنبية يُشاهدون آيات شجاعته. أما أهل الأرض قاطبة فإنهم يفرحون عند انتصاراته، فساعده ضخم قوي يصطاد الأقواس التسعة، ملك الوجه القبلي والوجه البحري، رب الأرضين: الخ (Historical Records Text P. 144).

هذا ونرى الفرعون في منظر آخر راكبًا عربته، ومظهرًا مهارته في طراد ثيران برية، وفي ركابه أمراء يصطادون معه، على حين نجد جنودًا يقومون بالطعان له، فنشاهد المطاردين ينقضون في أنحاء السهل إلى أن يصلوا بالقرب من مكان مستنقع، وهنا يلمحون بعض الحيوانات، فينقضون عليها وهي ترعى في أدغالها، وعندئذ ينتصب الفرعون بجسمه الجبار في عربته، ويصوب سهامه بساعده القوي فيصيب الهدف، ويقتل فريسة ثم يجرح أخرى، فتسقط على الأرض فاغرة خرطومها وقوائمها متصلبة، ونرى ثالثة ترخي لساقيها العنان في وسط مستنقع يسبح فيه السمك وتطير في أعشابه طيور الماء، وقد اشترك رجال الحاشية في هذا الطراد بحرابهم وسيوفهم، وقد أخذوا يهرولون في وسط الأعشاب الملتفة بنشاط وحركة عظيمة، وقد ساعدوا الفرعون بقلب فرح وحرارة في متابعة طراده وإصابتها إصابة قائلة. وعلى الرغم من وجود بعض الأخطاء الفنية في هذه المناظر فإنها مقبولة في جملتها؛ إذ كان مؤلفها حريصًا على جمع عناصرها، كما أنه عرف كيف يعالج هذا النوع، بحيث يجعل الأشخاص تحيا فيه بما أوتي من قوة الإخراج، ومع أن طريقة الإخراج لا تدل على يد مفتن قدير فإنها تشعر بأنه كان قوي الملاحظة، هذا إلى أن الروح الفني لم يكن ينقصه، وإن كان غير ناضج تمامًا. ولا نزاع في أن الإنسان مع ذلك يقدِّر في هذه الصورة هبة المفتن الذي يجيد إخراج المناظر الريفية والحيوانية، ويشعر بأنه يحب الطبيعة بإخلاص مما جعله يترجم بأمانة ما وقع عليه نظره إلى درجة لا يُستهان بها في ذلك العصر.

وقد نُقش تفسيرًا لهذا المنظر المتن التالي (Historical Records ibid 145):

حور القوي، قاهر القوى، وإنه ينظر إلى الثيران والأسود كأنها مجرد أولاد آوى، وهو الواحد القوي المعتمد على ساعده، الشاعر بقوته، والطارد قطعانًا من الثيران البرية كأنه في حرب معها وجهًا لوجه، ممسكًا عن يمينه، وقابضًا عن يساره، وإنه مثل «منتو» ثور جبار عندما يغضب مذبحًا أراضي «الآسيويين» ومبيدًا بذرتهم، وجاعلًا العدو يولي الأدبار.

وعلى الجزء الغربي من الجدار الجنوبي تقويم أعياد «رعمسيس» وهو يحتوي على قائمة طويلة مملوءة بالضحايا المعينة التي يقدمها هذا الفرعون للمدة ما بين السادس والعشرين من شهر بشنس، وهو يوم تتويج «رعمسيس الثالث» واليوم التاسع عشر من شهر طوبة. وفي أسفل هذا التقويم موكب من الكهنة يحملون أطعمة، وعلى اليمين والشمال نافذة شرفة القصر التي يصل إليها الإنسان بدرج سلم، ويظهر الملك فيها وهو يذبح الأسرى، وفي كوة النافذة يُرى الملك وحاشيته ذاهبين إلى الشرفة.

وعلى الجدار الغربي مناظر من الحروب التي شنها الفرعون على السود من أهل السودان. وأول سلسلة من المناظر التي تمثل الحروب على اللوبيين يُشاهد على الجزء الجنوبي من الجدار الفرعون في الواقعة، ويلي ذلك واقعة نصر يُساق فيها أسرى من السود، ثم نرى تقديم الأسرى أمام الإله «آمون».

وعلى النصف الشمالي من الجدار «منظر حرب لوبية»، يُشاهد الملك الذي يقف خلفه الإله «تحوت» أمام «آمون» و«خنسو»، وبعد ذلك يُرى الملك والإله «منتو» ممثلًا برأس صقر وأربعة كهنة يحملون رموز أصنام على رءوس قضبان، وأخيرًا يُرى الفرعون في عربته الحربية يصحبه حرسه.

وعلى الجزء الغربي من الجدار الشمالي عشرة مناظر من مناظر الحروب التي شنها الفرعون على اللوبيين، ومنظر موقعة بحرية انتصر فيها الفرعون على أقوام أمم البحار، وفي الجزء الشرقي من الجدار مُثلت الحروب السورية، وهاك مختصر ما جاء على هذا الجدار:

في النصف الغربي يُشاهد أولًا الجيش المصري يتحرك وبجانب عربة الفرعون يمشي أسد، وفي عربة أخرى أمام عربة «رعمسيس» حُمل علم الإله «آمون» برأس كبش — رمز الإله آمون. والمنظر الثاني يمثل واقعة مع اللوبيين. وفي الثالث يُرى الفرعون يخطب في خمسة صفوف من الجنود الذين يسوقون أسرى من اللوبيين، وكذلك يُحصى أمامه الأيدي وأعضاء الإكثار التي تبلغ ١٢٥٣٥. وفي المنظر الرابع يُرى الفرعون في شرفة قصره يشرف على تجنيد الجيش، فتحضر الأعلام، وتوزع الأسلحة على العساكر. والمنظر الخامس: يُشاهد فيه الفرعون يتحرك نحو سوريا، ويسير أمامه جنود بالحراب والأقواس. وفي أسفل جنود «شردانا» المرتزقون. والمنظر السادس يمثل موقعة مع قبائل البحار الجائلين في فلسطين، ويُشاهد الفرعون وهو في عربته يفوِّق سهامه على الأعداء من أهل «ثكر» الذين يُميَّزون بقبعاتهم الغريبة، وقد كان أطفال العدو ينتظرون نتيجة الموقعة في عرباتهم التي تجرها الثيران. وفي المنظر السابع: الملك في طراد أسود، حيث يُشاهد أحد الأسود مختبئًا في أحد الأدغال، وقد اخترق جسمه حربة الفرعون وسهامه، كما يُشاهد آخر خارًّا على الأرض تحت سنابك جواد الفرعون. وفي أسفل ذلك يسير جيش من الجنود المصريين والمرتزقة. والمنظر الثامن يمثل واقعة بحرية شنها أقوام البحر الأبيض المتوسط الذين قابلهم الأسطول المصري عند مصب النيل، ويُشاهد الفرعون يفوِّق سهامه على أسطول الأعداء.

وتُرى إحدى سفن العدو قد انقلبت في الماء، وتميز سفن الأسطول المصري بصورة الأسد التي على مقدمتها، ويُلاحَظ أن واحدة منها — على الجهة اليمنى من أسفل — فيها عدد عظيم من البحارة، وتحتوي على أسرى من قوم «ثكر» مغلولة أعناقهم، وفي الصف الأسفل نشاهد أسرى آخرين يساقون والملك نفسه يطأ على أسرى الأعداء، وأمامه بعض الرماة، كما نشاهد فوقه إلهة الوجه البحري ترفرف في صورة نسر. وفي المنظر التاسع يُشاهد الفرعون وقد نزل من عربته مستقبلًا من شرفته العظماء الذين يقودون له الأسرى، وفي الصف الأسفل تُرى الأيدي المقطوعة تُحصى. وعلى اليسار تقف العربة الملكية، وفوق ذلك صورة قلعة «رعمسيس»، ومن المحتمل أنها تمثل قصر مدينة «هابو».

وفي المنظر العاشر يقدم الفرعون صفين من الأسرى: الأعلى يمثل قوم «ثكر»، والأسفل من اللوبيين لثالوث «طيبة» «آمون» و«موت» و«خنسو».

أما النصف الشرقي من الجدار الشمالي فيشمل عدة صور طريفة، فعلى الجدران الخارجية للردهة الأولى يُشاهد في الصف الأعلى من الشمال إلى اليمين؛ أولًا: «رعمسيس الثالث» يهاجم قلعة سورية. ثانيًا: يُرى الملك ينزل من عربته بعد النصر ويطعن سوريا بحربته. ثالثًا: يتسلم الفرعون الأسرى. رابعًا: يقدمهم ومعهم أوانٍ فاخرة للإلهين «آمون» و«خنسو».

وفي الصف الأسفل من نفس الجدار من الشمال إلى اليمين يُرى؛ أولًا: «رعمسيس الثالث» يهاجم قلعة لوبية. وثانيًا: نشاهد أسرى لوبيين. وثالثًا: يُقدَّم للفرعون ثلاثة صفوف من الأسرى على يد ضباطه. ورابعًا: منظر يمثل عودة الفرعون بالأسرى وتحية العظماء للفرعون. وخامسًا: منظر تقديم الأسرى من اللوبيين للإلهين «آمون» و«موت».

وعلى البوابة ثلاثة مناظر؛ الأول: وهو في الصف الأعلى يمثل الفرعون يهاجم قلعة يدافع عنها جنود «خيتا». والثاني: منظر تحت السابق يمثل الملك وقد نزل من عربته الحربية، ووضع الأغلال في أعناق اللوبيين.

هذا وصف مختصر لما نشاهده على المعبد الجنازي الذي أقامه بنفسه هذا الفرعون في «طيبة» الغربية على غرار ما كان يفعله أجداده في عهد الدولة الحديثة ليكون مقرًّا لروحه، والآن نتحدث عن المكان الذي أقامه ليكون مثوًى لجثمانه.

fig24
شكل ٨: مومية «رعمسيس الثالث».

(٤-١٧) مقبرة «رعمسيس الثالث»

تدل شواهد الأحوال على أن المقبرة التي حفرها «رعمسيس الثالث» لنفسه، قد بُدئ فيها في عهد والده «ستنخت» وهي المعروفة الآن برقم ثلاثة، غير أنه على ما يظهر قد تركها بعد موت والده، واغتصب المقبرة التي كان والده قد حفرها لنفسه، وأتم جزءًا كبيرًا من نقوشها. ويُقال إن «ستنخت» قد ترك مقبرته هذه لأن سقفها قد تصادم مع مقبرة الملك «أمنمس» وأن «ستنخت» اغتصب مقبرة «توسرت» ليُدفن فيها؛ ولذلك غيَّر كل ما كان عليها من نقوش وجعلها باسمه، كما ذكرنا من قبل، ويُقال إن «ستنخت» بدأ هذه المقبرة، وأكمل النقوش حتى الحجرة الثالثة، ولا تزال طغراءاته في الأماكن التي سقط ملاطها ظاهرة حتى الآن (راجع Baedeker p. 306). وعلى أية حال فقد أتم «رعمسيس الثالث» حفر هذا القبر وتزيينه، وهو في الواقع قبر تظهر عليه سيما العظمة، والظاهر أنه قد فُتح في العهود الإغريقية، ولا تزال بعض النقوش الإغريقية عالقة بجدرانه، وقد أعاد فتحه الرحالة «بروس» حوالي عام ١٧٦٩م ومن أجل ذلك يُعرف بقبر «بروس» كما يُعرف كذلك بقبر الضارب على العود؛ إذ وُجد بين الرسوم التي على جدرانه صورة ضارب على العود يغني للإلهتين «أنحور» و«حوراختي» كما سنذكر ذلك في مكانه.

ولا يفوق هذا القبر في الحجم إلا مقبرتا الملكة «توسرت» والفرعون «سيتي الثاني»، أما من حيث نقوشه الغائرة فإنها لا تُعد من الطراز الأول، غير أن تنوعها جعل للقبر قيمة أخرجته عن حد المألوف من مقابر الفراعنة، ولا تزال ألوانه حافظة لبهجتها حتى الآن.

ويقع هذا القبر في الجهة اليسرى من الطريق الحالية في أبواب الملوك، ويمتاز عن بقية مقابر الملوك باحتوائه على عشر حجرات جانبية، حُفرت في ممريه الأولين وبخاصة ما جاء فيها من نقوش ومناظر لم تؤلف من قبل في قبور ملوك هذا العهد فهي فريدة في بابها. ويصل الإنسان إلى مدخله بالسلم المعتاد المائل في وسطه الذي نراه في المقابر الأخرى، وعلى كلا جانبيه عمودان مربعان مزينان برأسي ثورين، وهنا يُلاحظ الإنسان لأول وهلة التقدم العظيم الذي نشأ في أسلوب زينة المدخل، فهو أكثر فخامة من مقبرة «مرنبتاح» الذي لم ينقضِ على عهده إلا سنون قلائل. ويُرى على عتب الباب منظر مُثلت فيه الإلهتان «إزيس» و«نفتيس» تتعبدان لقرص الشمس الذي يحوي في داخله جعلًا، وإله الشمس برأس كبش.

وفي الدهليز الثاني يُشاهد على اليمين وعلى الشمال من المدخل إلهات راكعات تمثل آلهة العدالة تحمي الداخلين بأجنحتها. وعلى الجدار الأيسر يُشاهد الملك أمام الإله «حوراختي» يتبعه عنوان أنشودة إله الشمس، وكذلك تُرى الشمس وثعبان وتمساح ورأسا غزالين، وبعد ذلك يأتي متن أنشودة الشمس ويستمر على الجدار الأيمن، ثم تقابلنا الحجرات الجانبية العشر التي ذكرناها من قبل؛ فعلى جدران الحجرة الأولى — وتقع على اليسار — بعض مناظر من المطبخ الملكي. وفي الحجرة الثانية على اليمين نشاهد صفين من السفن، ففي الصف الأعلى نرى أشرعة سفن قد طُويت، وفي الصف الأسفل نرى سفنًا نشرت أشرعتها. والحجرة الثالثة على اليسار نشاهد فيها في الصف الأعلى مبتدئين بجدار المدخل من جهة اليسار؛ إله النيل راكعًا، ومانحًا خيراته لسبعة آلهة للخصب، وعلى رأس كل منهم سنبلة قمح، وعلى الجدار المقابل مبتدئين من المدخل على اليمين نشاهد كذلك إلهة الحصاد «نبرت» التي صُوِّرت في هيئة امرأة برأس ثعبان، وخمسة أصلال مرتدية ميدعات «مرايل» وإلهين للخصب. وفي الصف الأسفل المهشم من جهة اليسار نشاهد إله النيل للوجه البحري أمام الإلهة «نبرت» (القمح) وثلاثة أصلال. والحجرة الرابعة يمكن أن يُطلق عليها «مكان تسليح الفرعون»؛ لأن جدرانها مزينة برسوم أسلحة، وأعلام، وزرد. وفي الحجرة الخامسة يُشاهد إله النيل والحقول يجلب قربانًا من الأزهار والفاكهة والطيور. وفي الحجرة السادسة على اليمين وهي بيت مال الفرعون قد صُور على جدرانها أدوات وأثاث منزلي منوع؛ ففيها أوانٍ، وجرار، وزجاجات — ومن بينها الأواني ذوات الرقبة الكاذبة التي كانت تُجلب من جزر بحر إيجه — وأسنان فيلة، وقلادات، وكراسي، ومقاعد وثيرة عليها وسادات، يرقى إليها الإنسان بوساطة درج. والحجرة السابعة — على اليسار — يجد الإنسان فيها على كلا جانبي المدخل الروح الحارس للملك يحمل قضيبًا ينتهي بصورة رأس الملك. وعلى الجدران الأخرى صفان من صور مجاديف مع ثعبانين وحيوانات مقدسة، والصف الأسفل مهشم. وفي الحجرة الثامنة على اليمين نشاهد صور حقول مقدسة يجري فيها الحرث والبذر والحصاد، والملك يسبح في قناة.

وفي الحجرة التاسعة على اليسار نشاهد ضاربًا على العود يغني للإلهين «أنحور» و«حوراختي» الذي مُثل برأس صقر، وعلى اليمين صورة مماثلة للصورة السابقة غير أنها مهشمة، ومتن الأغنيات قد نُقش على جدران المدخل وقد كان حداؤها:

استقبلوا «رعمسيس» المنعم.

الحجرة العاشرة — على اليمين — يُشاهد على جدرانها عشر صور مختلفة للإله «أوزير»، وقد جرت العادة قبل ذلك العهد ألا تُرسم أشياء مادية على جدران المقابر الملكية، غير أن «رعمسيس الثالث» قد ضرب بهذا التقليد عرض الحائط؛ لأنه — كما يظهر — لم يكن يرغب في الاعتماد كلية على إلاهيته في إسعاد روحه بعد الموت، بل أراد أن يفعل ما يفعله أفراد الشعب في مقابرهم، فصور على قبره كل ما يلزمه لذلك. ويؤدي هذا الدهليز الذي يحتوي هذه الحجرات الصغيرة إلى حجرة تقابل في العادة الدهليز الثالث، وعند هذه النقطة كان لا بد للعمال الذين يعملون في المقبرة من الانحراف في سير العمل في حفر المقبرة إلى جهة اليمين تفاديًا للقبر المجاور وهو قبر «أمنمس» كما ذكرنا من قبل. ويُشاهد على الجدار الخلفي لهذه الحجرة إلهة تمثل الجنوب ترفع جرة ماء. ويظهر الفرعون على الجدران الأخرى لهذه الحجرة مقدمًا القربان لآلهة مختلفين.

ننتقل بعد ذلك إلى الدهليز الرابع فنجد ممثلًا على الجدار الأيسر سياحة الشمس في عالم الآخرة في أثناء الساعة الرابعة من الليل، وكذلك سياحتها في الساعة الخامسة على الجدار الأيمن، وذلك من كتاب «ما يوجد في العالم السفلي». وعلى حسب هذا الكتاب قُسم العالم السفلي اثني عشر إقليمًا يقابل كل منها ساعة من ساعات الليل، وقد قُسم الوصف الذي جاء في هذا الكتاب كذلك اثني عشر فصلًا، وفي كل من هذه الأقسام مُثل النهر الذي يحمل سفينة الشمس في الوسط، وفي وسط هذه السفينة نرى إله الشمس ممثلًا في صورة إنسان برأس كبش يحيط به حاشيته، جالبًا معه لمدة قصيرة النور والحياة في الإقليم الذي يخترقه، وقد مُثل من أعلى ومن أسفل شاطئا هذا النهر مزدحمين بكل أنواع الملائكة والشياطين والوحوش التي ترحب بإله الشمس وتقصي عنه أعداءه.

وفي الحجرة الخامسة نشاهد صور آلهة، وهذه الحجرة تؤدي إلى الحجرة السادسة وهي ممر منحدر له أروقة جانبية وترتكز على أربعة عمد ذات أضلاع مُثل عليها الفرعون أمام آلهة مختلفين. وعلى الجدران اليسرى من عند المدخل نشاهد صورة تمثل سياحة الشمس في الساعة الرابعة من الليل في العالم السفلي، وهي تقابل الفصل الرابع من كتاب البوَّابات. وهذا الكتاب كسابقه في الفكرة؛ حيث نجد أن سياحة الشمس في عالم الظلام مخترقة الأقاليم الاثني عشر لعالم الآخرة تمثل ثانية، ويفصل كل إقليم عن الآخر بوَّابات ضخمة يحرس كلًّا منهما ثعابين هائلة، وكل ثعبان من هذه الثعابين يحمل اسمًا معروفًا لإله الشمس. ولا بد للمتوفى أن يعرفه أيضًا. ويحرس كل باب إلهان وأفعوانان ينبعث من أفواههما نيران تحرس إله الشمس، وتُبعد عنه كل من يريد الاقتراب منه.

وفي الصف الأسفل صورة أربعة أشخاص يمثلون أجناس العالم الأربعة؛ فواحد منهم يمثل الجنس الآسيوي بذقن مدببة وقميص ملون، والثاني — وهو أسود اللون — يمثل الجنس الزنجي، والثالث يمثل الجنس اللوبي، ويتميز بالريشة التي على رأسه وجسمه الموشوم، والرابع هو المصري.

وقد مُثلت على الجدران اليمنى سياحة الشمس في الساعة الخامسة من الليل، من كتاب البوَّابات. وعلى الجدار الخلفي من اليسار إلى اليمين مُثل الملك في حضرة «أوزير».

وفي الحجرة السابعة نجد على جدار مدخلها من اليمين الملك يقوده الإلهان: «تحوت» و«حور خنتي خاتي» الذي مُثل برأس صقر وجسم إنسان، وعلى الجدار الأيسر مُثل الملك مقدمًا «لأوزير» صورة العدالة. وعلى المساحات الباقية مُثلت مناظر من كتاب «ما في عالم الآخرة» وآلهة تقطع أشجارًا … الخ.

أما الحجرات الباقية فقد هشم معظمها،٢٢٩ والحجرة العاشِرة منها كانت تحتوي على تابوت هذا الفرعون، وهي ترتكز على ثمانية عمد مضلعة، ولها حجرات جانبية يؤدي بعضها إلى البعض الآخر، وقد نُقش على جدرانها مناظر خرافية وفلكية.
والحجرات٢٣٠ الجانبية رُسم عليها الماشية المقدَّسة، وأشكال «أوزير» ومملكة «أوزير» ومتن هلاك الإنسانية، وبعد هذه الحجرة الكبيرة ثلاث حجرات٢٣١صغيرة مُثل على جدرانها صور حيات، وتابوت هذا الفرعون ليس في مكانه الأصلي، بل يُوجد في «متحف اللوفر». أما الغطاء فيوجد في «متحف فتزوليم» بكمبردج. وحوض التابوت قد صُنع من الجرانيت الوردي على صورة طغراء ملكية، وهو جميل الصنع، وقد كان ضمن مجموعة «صولت» واشتراه «متحف اللوفر» عام ١٨٢٦م. وقد نُقل من مكانه الأصلي، وكان بطبيعة الحال يحتوي على التوابيت الصغيرة الأخرى الخشبية كما نشاهد ذلك في تابوت «توت عنخ آمون». وقد صُوِّرت الإلهة «نفتيس» راكعة عند رأسه، والإلهة «إزيس» راكعة عند قدميه، وقد نشرتا أجنحتهما على التابوت لحماية الفرعون. والنقوش التي على هذا التابوت خاصة بالسياحة التي تقوم بها سفينة الشمس في أثناء الليل في العالم السفلي، وهذه السياحة قد مُثلت بطريقة سهلة بوجه خاص على الجهة الجنوبية التي كانت ظاهرة للمتفرج. وقد مُثلت الحوادث عليه في ثلاثة صفوف عمودية بعضها فوق بعض. ولكن يجب أن نتصورها في أذهاننا بتصميم أفقي — والصف الأعلى هو أبعدها. فالصف الذي في الوسط يمثل النهر السفلي الذي تسبح فيه سفينة الشمس، وقد اتخذ إله الشمس مكانه في هذه السفينة ومعه أتباعه، وبقي واقفًا في شكل إله برأس كبش في محراب يحرسه الثعبان «مجن» بطياته. وكانت السفينة تُجر بالأمراس، ويسبقها العلامة الهيروغليفية «شمس» مكررة تسع مرات. وهذه العلامة لا تمثل على حسب رأي «لوريه» متاع بدوي وهي عبارة عن نسيج خيمة ملفوف، وعصا معقوفة، وسكينة من الظران وتذكرنا بذكرى أقدم الفاتحين لمصر، بل تمثل في الواقع على حسب رأي «زيته» المقصلة المصرية كما سنرى بعد، ويأتي بعد ذلك أربعة كباش تمثل أرواح «أوزير» الأربعة تمشي في مقدمة الموكب. والصفان: الأعلى والأسفل يمثلان شاطئ النهر، وهذان الشاطئان مقسم كل منهما خمسة أقاليم، يقابل كل منها ساعة من ساعات الليل «ويُلاحظ في الصورة بوضوح المصراع الذي يفصل كل باب عن الآخر»، وكل إقليم يسكنه ملائكة مختلفون يظهر أن وظيفتهم هي الترحيب بإله الشمس عند مروره بالأقاليم السفلية، وكذلك القضاء على أعدائه.
والمناظر الممثلة على الجهة اليمنى خاصة بلحظات أخرى للسياحة. وفي الصف الأوسط يُساق للشمس الواقفة دائمًا في وسط السفينة الثعبان «أبو فيس» عدوها مقيدًا، ومطعونًا بخمسة سيوف. أما خمس النسوة اللاتي يتبعنه مسلحات بمدى فإنهن الحارسات الأربع للصناديق الأربعة واللائي دفنَّ جسم الإله تحت كومة من الرمل. وفي الصف الأعلى نشاهد انتصار «أوزير» على أعدائه، وهذا هو رمز انتصار النور على الظلمات. وهذا الانتصار قد مُثل مجموعتين من الناس يتألف كل منهما من ثلاثة رجال قُطعت رءوسهم، وهذا هو السبب في وجود علامة «شمس» التي تستعمل لفصل الرأس.٢٣٢ ويُشاهد هنا في يد الإله «أوزير» ثعبان يندلع من فمه لهيب نار على أحد رجال المجموعة الأولى. وأخيرًا نشاهد في الصف الأسفل موكبين يتألف كل منهما من اثني عشر شخصًا كل منهم يلتفت في جهة مضادة.
والموكب الأوَّل على حسب رأي «مسبرو» يمثل نجومًا متجهة نحو الإله «حور» الذي مُثل برأس صقر. أما الموكب الثاني فيتألف من اثنتي عشرة امرأة وهو موكب الاثنتي عشرة ساعة التي يتألف منها الليل، وتسير نحو التمساح الذي يحرس رأس الإله «أوزير».٢٣٣

(٤-١٨) محاجر السلسلة

وُجد له في «محاجر السلسلة» لوحات مُثل عليها ثالوث طيبة — «آمون» و«موت» و«خنسو»٢٣٤ وكذلك وُجد له لوحات مُثل عليها الإلهان «آمون» و«سبك» وثمانية أعمدة.٢٣٥ وأخرى مُثل عليها الإلهان «بتاح» والإله «سخمت».٢٣٦ وفي «السلسلة» الغربية وُجدت له لوحة مُثل عليها الآلهة «آمون» و«حور» و«حعبي» (النيل) مؤرخة بالسنة السادسة من حكمه.٢٣٧ وكذلك نقش مؤرخ بالسنة الخامسة، وآخر بالسنة الثالثة.٢٣٨

(٤-١٩) سمنة

وُجدت طغراءاته على المعبد يتعبد له موظف.٢٣٩

(٤-٢٠) عمارة غرب

وفي معبد «عمارة غرب» نقش «رعمسيس الثالث» اسمه على بعض عمد قاعة الأعمدة؛ كما وُجدت فيه لوحتان عليهما اسمه، وقد أُرخت الأولى بالسنة الخامسة، والثانية بالسنة الحادية عشرة، وقدمهما للفرعون نائب «كوش» المسمى «حوري». والظاهر أن «حوري» هذا هو «حوري الثاني» كما ذكر ذلك الأستاذ «ريزنر» (J. E. A. 6, p. 48, No. 17). وبهذه المناسبة يقول الأستاذ «فرمان» عن نواب «كوش» في عهد الأسرة العشرين: أما عن نواب الفرعون فإن النتيجة الرئيسية يمكن تلخيصها فيما يأتي:
(١) كان «حوري» بن «كاما» — الذي يسميه «ريزنر» «حوري الأوَّل» — يشغل هذه الوظيفة في عهد «ستنخت». والظاهر أن: (٢) خليفته في هذا المنصب هو «حوري الثاني» كما يسميه «ريزنر» وهو الذي ذكر اسمه على اللوحتين المؤرَّختين بالسنة الخامسة والسنة الحادية عشرة من حكم «رعمسيس الثالث». (٣) ولدينا نائب ملك جديد يُدعى «سا إزيس» كان في عهد «رعمسيس السادس». (٤) أما نائب الملك «نوات» — وهو على ما يظهر— «ونتاوات» الذي ذكره «ريزنر» فيرجع عهده إلى حكم الفرعون «رعمسيس التاسع» وكان أبوه «تاححر» كذلك نائبًا لبلاد «كوش» غير أنه لم يلحظ من قُبل (Ibid 51 No. 20). (٥) وقد ظهر النائب «رعمسيس نخت» على مدخل «معبد عمارة» ومعه طغراءات الفرعون «رعمسيس السادس»، غير أنه قد لا يكون معاصرًا له لأنه قد ظهر ثانية في عهد «رعمسيس الحادي عشر» اللهم إلا إذا كان الأخير نائبًا آخر يحمل نفس الاسم (راجع J. E. A. Vol 25 p. 143).

(٥) نهاية عهد «رعمسيس الثالث»

كانت خاتمة الحروب التي خاض «رعمسيس الثالث» غمارها على الأمم المعادية لبلاده، في السنة الثانية عشرة من حكمه. وتدل كل الظواهر على أنه لم يمتشق الحسام بعدها قط، بل قضى البقية الباقية من سني حكمه في هدوء تام وسلام مستمر، والظاهر أنه كان خلال هذه الفترة التي تلت تلك الحروب الطاحنة يعمل على إسعاد شعبه، كما حدثنا عن ذلك في نقوشه وبخاصة ما جاء في ورقة «هاريس» عن أعماله السلمية، وقد كان عزمه الأكيد وغرضه الوحيد أن يسود النظام الشامل كل أنحاء المملكة، وأن توزع العدالة في أرجائها دون محاباة؛ إذ كان يرى أن أي فرد يحيد عن الحق، أو يُلحِق بالناس أذًى أو ظلمًا لا بد أن يدفع ثمن ظلمه مهما كانت منزلته، فإذا كان من كبار الموظفين حُرم وظيفته، ونُصب مكانه من يعطي العدالة حقها والوظيفة احترامها ومكانتها، ولا أدل على ذلك مما فعله مع وزيره الثائر كما ذُكر من قبل. ولقد يفاخر «رعمسيس الثالث» في ورقة «هاريس» بما فعله مع رعيته من الفقراء والمساكين؛ لراحتهم وإسعادهم في المدن، كما تفعل الحكومات المتمدينة في أيامنا، وقد أنشأ المنتزهات وغرسها بالأشجار الوارفة حتى يستظل بظلالها، ويستمتع بهوائها من ليس لهم حدائق خاصة ولا ضياع مثمرة، وكذلك نراه يطلق شرطته في أنحاء المدن والقرى حتى تأمن النساء شر أولئك الأشرار الذين يتسكعون في الطرقات، ويضايقون ربات الحجال في عدوهن ورواحهن. فأصبحن في عهده لا يجسر أحد على سبهن أو معاكستهن في الطرقات، وقد أصدر الأوامر للجنود المرتزقة من الشردانا واللوبيين وغيرهم من الأجانب الذين كانت تزخر بهم البلاد أن يلزموا داخل حصونهم، وفرض العقوبات الصارمة على كل من يتعدى أوامره منهم حتى آلت الحالة إلى انعدام أية شكوى من هؤلاء الجنود غلاظ القلوب، الذين استوطنوا البلاد منذ زمن يرجع إلى ما قبل عهد «رعمسيس الثاني».

وتدل النقوش على أن هؤلاء الجنود كان لهم مدن خاصة لسكناهم، هذا ويقول لنا «رعمسيس» في هذه المناسبة نفسها:

ولقد حفظت كل سكان البلاد أحياء يُرزقون، سواء أكانوا أجانب أم من عامة الشعب أم من أهل المدن ذكورًا أم إناثًا، وخلصت الرجل من مصيبته، ومنحته الحياة، وخلصته من الغاشم الذي اضطهده، وضمنت لكل الناس سلامة في مدنهم.

(راجع ﻫ/٧٨، ٧٩–١ … الخ).

حقًّا إن هذا الوصف مبالغ فيه، ولكن هذه نغمة نعرفها في ملوك مصر وحكامها عندما يريدون أن يتحدثوا عن أنفسهم، وما فُطروا عليه من حب العدالة والإحسان إلى الناس الذين يقومون عليهم، غير أن شواهد الأحوال في عهد «رعمسيس الثالث» وبخاصة ما كانت عليه البلاد قبله من فوضى وسوء نظام تجعلنا لا نكذب كل ما قاله، وعلى أية حال لم يكن الفرعون على ما يظهر في حالة يُحسد عليها كما سنرى بعد.

(٥-١) الاحتفال بالعيد الثلاثين

وقد كان آخر مظهر من مظاهر الفرح والسرور الذي تمتع به «رعمسيس الثالث» قبل وفاته هو الاحتفال بعيده الثلاثيني، وقد أرسل وزيره «تا» في السنة التاسعة والعشرين من حكمه ليقوم بمهام هذا العيد، وعمل اللازم للاحتفال به، ويُحتمل أنه أقيم في نفس هذا العام، وفي هذه الحالة يكون «رعمسيس» قد نُصب وليًّا للعهد قبل موت والده «ستنخت»، وهذا يتفق مع التاريخ الوحيد الذي نعرفه عن عهد «ستنخت». وإذا كان هذا الزعم صحيحًا فلا بد أن الوزير «تا» قد ترك عاصمة الملك «قنتير»، وذهب جنوبًا ليقوم بالاستعدادات كما يدل على ذلك الفقرة التالية من ورقة «تورين»:٢٤٠

السنة التاسعة والعشرون، الشهر «الأوَّل» من الفصل الثالث، اليوم الثامن والعشرون، أقلع الوزير بعد أن كان قد حضر ليأخذ آلهة الجنوب للعيد الثلاثيني «سد».

وقد ذكر لنا الكاهن الأكبر للإله «نخبت» بمدينة «الكاب» المسمى «ستاو» على جدران قبره زيارة الوزير — بوصفها إحدى الحوادث الهامة في حياته — بمناسبة رحلة الوزير جنوبًا، وزيارته له في أثناء هذه الرحلة.٢٤١
وهاك النص:

السنة التاسعة والعشرون، في عهد جلالة الملك «رعمسيس الثالث» أول احتفال بالعيد الثلاثيني. لقد أمر جلالته بتكليف عمدة المدينة الوزير «تا» ليقوم بتنفيذ التعليمات العادية في بيوت العيد الثلاثيني ليذهب إلى بيت «رعمسيس» محبوب «آمون» (رعمسيس الثاني) الإله الطيب.

استقبال مقدمة السفينة الخاصة باليد المقدسة (كاهنة كبيرة للإله «آمون») عندما كان في المدينة الجنوبية (طيبة). والعبارة الأخيرة مرتبكة وغامضة Br. A. R. IV & 415, Note d.

(٥-٢) المؤامرة التي دُبرت داخل القهر لقتل «رعمسيس الثالث»

وتدل الأحوال على أن آخر عهد «رعمسيس الثالث» بمظاهر السرور كان في عيده الثلاثيني الذي تحدثنا عنه الآن. وتشعر الحوادث التي وقعت وقتئذ أنه لم ينل من السعادة القسط الذي كان يسعى لإغداقه على شعبه؛ لأننا نرى من جهة إضراب العمال يعكر صفو الأمن، كما كانت المؤامرات في قصره تُحاك له من وراء ستار لما كان بين نسائه من تحاسد وتباغض مما عكر صفو شيخوخته الفانية. فانقلبت أيامه الأخيرة المعدودات بؤسًا وجحيمًا، فدفع ثمن تلك الأيام الحلوة التي كان ينعم بها في قصره بين الغيد الحسان في متنزهه الذي أقامه لهن في مدينة «هابو». وتحدثنا وثيقة من الوثائق التي أبقى لنا الدهر منها على صورة مبتورة بعض الشيء أن إحدى هؤلاء النسوة اللائي كن من المتمتعات بعطفه وحبه على ما يظهر — وإن لم تكن زوجه الرسمية — قد أخذت تسعى في أن يكون الملك لابنها وزينت لابنها سوء عملها، فاندفع وراء إغرائها، وقام بالمؤامرة على قتل والده حتى يخلو له الجو ويتربع على عرش الكنانة، وساعده على ذلك نفر قليل، غير أن المؤامرة أُحبطت وانكشف سرها، ونجا الفرعون بعد أن كان على وشك لقاء حتفه على يد ابنه وعصابته.

والوثائق التي لدينا عن هذه المؤامرة — على الرغم من أنها ممزقة — تضع أمامنا لمحة عابرة عن الدسائس والمؤامرات التي كانت تُحاك في قصر الملوك منذ ما يقرب من اثنين وثلاثين قرنًا مضت من الزمان. وهذا أمر من الأهمية بمكان؛ لأنا لم نعتد أن نرى عن هؤلاء الملوك إلا المسرح الذي تمثل فيه حياة الفرعون والاحتفالات الرسمية المملة التي كان يحتفل بها لابن «رع» منذ ولادته حتى يطير إلى السماء، وهناك ينضم إلى والده.

وليس لدينا في التاريخ المصري في الواقع إلا إشارات عابرة عن أمثال هذه المؤامرات وبخاصة تلك التي حِيكت في قصر أحد ملوك الأسرة السادسة، وكان القاضي فيها هو القائد «وني» (راجع مصر القديمة ج١). هذا بالإضافة إلى المؤامرة التي دبرها حرس «امنمحات» لقتله (راجع الأدب المصري القديم ج١) — وقد اعتبرها البعض خرافة.

وقد تضاربت الأقوال في صحة هذه المؤامرة، وجاء هذا التضارب من اختلاف وجهات النظر في ترجمة متن القصة الذي وصل إلينا في قطعتين من البردي، وكانتا إضمامة واحدة — على ما يظهر — وتُدعى الأولى «الورقة القضائية» وهي محفوظة في «متحف تورين»، والثانية تُدعى «ورقة تي» «ورقة رولن».

وقد بقيت الترجمة التي وضعها الأستاذ «برستد» الترجمة المعتبرة حتى عهد قريب (راجع Br. A. R. IV, 423 ff. ثم كتب «ستروف Struve») عن ورقة «هاريس» الكبرى.٢٤٢ وأراد أن يظهر أنها كُتبت في عهد «رعمسيس الرابع» لا في عهد والده «رعمسيس الثالث»، وأنها كُتبت لمصلحة الأول، وأن «رعمسيس الثالث» يخاطب الآلهة والناس من قبله لفائدة ما لا بوصفه واضع هذه الورقة، ولذلك عدَّ «ستروف» أن هذه القصة التي نحن بصددها الآن حديث خرافة، اعتمادًا على ما جاء في ترجمة «برستد»؛ إذ قد لاحظ فعلًا أن وثيقة «لي» التي لها علاقة بهذه المؤامرة نفسها مثلها مثل الورقة المسماة «الورقة القضائية» التي تشير إلى «رعمسيس الثالث» بوصفه ملكًا متوفى، إذ يُدعى فيها «الإله العظيم» وهو نعت لا يُعطاه قط ملك عائش في هذا الوقت، وكذلك رأى «برستد» في الصفحتين الثانية والثالثة من الورقة القضائية تنبؤا بأن الفرعون لم يكن يأمل أن يرى المحاكمة التي كانت تجري مع المتآمرين، فيقول «بستد» في هذا الصدد: يظهر تقريبًا أنه أحس أن أيامه كانت معدودة عندما أعطى التعليمات لمحاكمة المتآمرين … … على أن المؤامرة كادت تفلح في تنفيذها لدرجة أن الفرعون قد لحقه بعض الأذى، وأنه عاش بعد الإصابات التي لحقته إلى أن وجه التحقيق مع القتلة، إلا أن ذلك غير محتمل، بسبب إشارة جاءت في الوثيقة بأن «رع» لم يسمح بنجاح هذه الخطة المعادية، ولكن يمكن أن نفهم بسهولة أنها قد عجلت نهاية الملك المسن حتى لو كان قد نجا سالمًا، ولا نزاع في أن اعتراض «برستد» ليس من القوة بمكان. حقًّا إن هذه العبارة تدل على أن المؤامرة لم تفلح في النهاية، ومع ذلك فلو نجح المتآمرون وجُرح الملك أو قُتل، لما كان تتويج «بنتاور» واستحواذ أنصاره على السلطة أمرًا ممكنًا، وقد خطا «ستروف» في مقاله السالف خطوة أخرى لم يكن «برستد» على استعداد للخوض فيها، إذ أعلن أن الموقف كله الذي تنبأت به هذه الصفحات ما هو إلا من نسج الخيال، إذ يقول: والواقع أن «رعمسيس الرابع» قد أمر بتأليف المحكمة، ولكن كان له في ذلك فكرة ماهرة ليجعل كل الموضوع يصدر عن والده المتوفى. وعلى ذلك تكون سلطة الملك المتوفى هي التي أوحت بذلك مساعدة لابنه العائش، وبهذه الطريقة أفلت «رعمسيس الرابع» من المقت والكراهية التي قد تنجم عن بداية حكمه بمثل هذه القصة الدامية.
وقد قابل المؤرخون رأي «ستروف» باستحسان عظيم، فمثلًا نجد «إدوردمير» يقتبس من مقاله باستحسان٢٤٣ لا حد له، ولا بد من الاعتراف بأن «ستروف» قد كسب القضية بحق على شرط أن تكون ترجمته التي استنبط منها رأيه صحيحة، وهي في الواقع لا تخرج عن ترجمة الأستاذ «برستد».
غير أن الأستاذ «دي بك» قد تناول ترجمة الورقة القضائية من جديد، ووجد أن الترجمة التي اعتمد عليها «ستروف» في استنباطاته خاطئة في كثير من النقط وبخاصة في النقط الهامة في موضوعنا، مما جعله يضع ترجمة جديدة لهذه الورقة، واستنباط الحوادث التاريخية الصحيحة منها.٢٤٤

وقبل أن نبدأ ترجمة هذه الورقة يجدر بنا أن نعطي ملخصًا لها حتى يمكننا أن نتتبع الترجمة على الوضع الصحيح كما وضعها «ديبك».

تآمرت إحدى زوجات الفرعون «رعمسيس الثالث» للقضاء على حياة ذلك الملك المسن لتولي مكانه على عرش الملك ابنها «بنتاور»، وقد كان رئيس الحجرة المسمى «ييبككامن»، وساقي الملك المسمى «مسد-سورع» هما المشتركان الأساسيان معها، وقد استحوذ أولهما من المشرف على ماشية الفرعون المسمى «نبجو ابن» على عدد من التماثيل السحرية التي تمثل صور آلهة ورجال. وكان يعتقد في مفعولها السحري، وأنها تضعف أو تشل أعضاء الناس وقد قدم شخصان آخران تماثيل أخرى مثل السابقة، وهربت إلى داخل الخدور الملكية، وبمثل هذه الأشياء ظن المتآمرون أنه سيكون في يدهم قوة يستطيعون بها أن يشلوا قوة الحرس الملكي أو تفاديهم على الأقل، وقد كان الخوف منهم أن يكشفوا المؤامرة، وبذلك يعرضونهم للموت المحتم.

وقد استطاع كل من «ييبككامن» و«مسد-سورع» أن يحصلوا على معاونة عشرة من موظفي الحريم يشغلون وظائف منوعة، منهم أربعة سقاة ملكيين، ومشرف على الخزانة يُدعى «اب رع» وضابط مرماة نوبي يُدعى «بنموسي» الذي كان قد طُبع على قلبه بتأثير أخت له في الحريم الملكي، هذا إلى «بيبس» وهو قائد جيش، وثلاثة كتبة ملكيين يشغلون وظائف منوعة. ثم مساعد «ييبككامن» وغير هؤلاء من صغار الموظفين. وكما كان معظم هؤلاء في خدمة الفرعون الشخصية فإن المؤامرة كما هو واضح كانت غاية في الخطورة، وقد حصل المتآمرون على مساعدة ست من نساء ضباط بوابة قصر الحريم لضمان توصيل المراسلات. أما خارج القصر فكان للمتآمرين أقرباء مشتركون في المؤامرة لم يُذكروا بالاسم. وقد أرسلت أخت «بنموسي» له خطابًا يحض الأهلين على عصيان الفرعون، وقد كانت كل الخطابات التي خرجت من الحريم ترمي إلى هذا الغرض. ولا نزاع في أن المقصود من ذلك هو أن تقوم ثورة خارج القصر، في نفس الوقت الذي يضربون فيه ضربتهم لقلب العرش في داخل الحريم. والواقع أنه لم يأتِ ذكر القضاء على الفرعون في المخاطبات التي خرجت من القصر، ولكن ذلك كان أمرًا بدهيًّا لا يحتاج إلى ذكر أو إيضاح. وقبل أن تُنفذ المؤامرة تمامًا كشف أمر المتآمرين بطريقة ما وحصل على براهين قاطعة عن الجريمة التي أرادوا تنفيذها. وقد أمر الفرعون بمحاكمتهم غير أنه مات قبل انتهاء المحاكمة، والظاهر أنه كان يشعر بدنو أجله عندما أصدر التعليمات لمحاكمة المتآمرين؛ وذلك لأنه عند الانتهاء من تأليف أعضاء المحكمة الخاصة التي ستحاكم المجرمين استعمل العبارات التالية:

استمروا في محاكمتهم … الخ، في حين أني محمي ومحفوظ سرمديًّا عندما أكون بين الملوك العادلين، الذين أمام «آمون رع» … وأمام «أوزير» حاكم الأبدية (عالم الآخرة) — أي عندما أكون بين آبائي المتوفين.

ولا نزاع في أن المتآمرين قد أفلحوا في مؤامرتهم لدرجة أنهم قد جرحوا الفرعون، وأنه عاش بعد ذلك إلى أن وجه أمر محاكمة الذين أرادوا قتله غيلة.

وقد تلقت المحكمة المكلفة بمقاضاة المتآمرين تعليماتها من الفرعون مباشرة، ولم تكن قد أُعطيت الحرية المطلقة في النطق بالحكم وحسب، بل كان كذلك في يدها القوة النهائية في تنفيذ العقاب الذي يصدره أعضاؤها،٢٤٥ وقد كان ذلك — في غير هذه الحالة — في يد الفرعون وحده بعد انتهاء المحاكمة. وقد حث «رعمسيس الثالث» في الوقت نفسه القضاة على أن يكونوا متأكدين من ارتكاب الجريمة باتباع الطريقة التي يُسار عليها في أية قضية، وألا يعاقبوا قط غير المذنب.
والمحكمة التي أُلفت كان في يدها السلطة المعتادة، وكانت مؤلفة من أربعة عشر موظفًا، وهم: اثنان يحملان لقب «المشرف على الخزانة»، واثنان من حاملي الأعلام للجيش، وسبعة من «سقاة الفرعون»، و«حاجب ملكي»، وكاتبان. وقد كان من بينهم نوبي وآخر من أهالي «ليسيا» وثالث سوري يُسمى «ماهر بعل»، وكذلك كان فيهم أجنبي لا تُعرف جنسيته يُدعى «قد نونا». ومن تأليف أعضاء هذه المحاكمة يظهر لنا سوء الأحوال في بلاط «رعمسيس الثالث»، فقد كان الفرعون لا يعتمد في بلاطه إلا على سقاة ومديرين لبيته من الأجانب الذين اشترى بطبيعة الحال إخلاصهم، غير واثق فيمن حوله من أبناء الكنانة، وقد ظهرت رخاوة أخلاقهم وتذبذبها من جهة، وخطورة شدة مقاومة المتآمرين من جهة أخرى. نلحظ ذلك من أن اثنين من القضاة وهما الساقي «بيبس» والكاتب «ماي» — وذلك بعد تعيينهما — ومعهما ضابطان آخران، كان المجرمون في حراستهما قد استقبلوا في منازلهم بعض النساء المتآمرات والقائد «بيبس» وعاقروا بنت الحان سويًّا، وهذان القاضيان، وكذلك الضابطان ومعهم قاضٍ آخر، وحاملو العلم قد قُبض عليهم للمحاكمة لما ارتكبوه من سوء تصرف، وحُكم على الأربعة الأول بجدع أنوفهم وقطع آذانهم، ولكن عند تنفيذ الحكم انتحر «بيبس» وقد وُجد «حوري» بريئًا. أما مصير الملكة «تي» فلا يُعلم عنه شيء؛ لأن الوثائق المحفوظة لم تحتوِ على موضوع محاكمتها. وقد حفظت لنا سجلات أربعة محاكمات مختلفة، ولم يكن كل القضاة حاضرين في هذه المحاكمات الأربع، وقد قام ستة منهم بالمحاكمة الأولى، وأدانوا واحدًا وعشرين شخصًا، ومن بينهم رؤساء المؤامرة «ييبككامن» و«مسنت-سورع» و«بنموسي Binemwese» ضابط الرماة في بلاد النوبة و«بارع» المشرف على الخزانة، هذا خلافًا لزوجات ضباط بوابة الحريم الست، ولم تُعين العقوبة التي وقعت عليهن غير أنها كانت على وجه التحقيق الموت. أما المحاكمة الثانية التي لم يُسمَّ قضاتها فكانت نتيجتها إدانة ستة أشخاص من بينهم «بيبس» قائد الجيش، وقد سمح لهم أن ينتحروا أمام المحكمة. وقد قام بمحاكمة الطائفة ثلاثة من سقاة الفرعون، وكانت تتألف من أربعة من المتآمرين من بينهم الأمير الصغير المجرم المسمى «بنتاور». وقد وُجد أن الأربعة مدانون، وسُمح لهم أن يقضوا على حياتهم بأنفسهم. وبهذه المحاكمات الثلاث تنتهي القضايا الهامة في هذه المؤامرة، أما المحاكمة الرابعة فكانت خاصة بأولئك القضاة الذين أساءوا استعمال سلطتهم، وكذلك حُوكم معهم صاحباهم.

… هذا هو ملخص هذه المؤامرة. وتدل شواهد الأحوال على أن بعض أسماء الذين اشتركوا في هذه المؤامرة كانت أسماء مخترعة تدل على قبح جريمتهم؛ فمثلًا اسم «مسد-سو-رع» يعني «رع يمقته»، واسم «بنموسي» يعني «الشقي في طيبة». ولكن اسم «بنتاور» ليس اسمًا مستعارًا لابن الملك بل هو اسمه الحقيقي كما يقول «دي بك»، وأن عبارة «الاسم الآخر» التي يُشار إليها في القضية ربما تشير للقلب الملكي الذي كان قد منحه إياه المتآمرون عندما أعلنوه ملكًا على البلاد.

والوثيقتان اللتان سنضع هنا ترجمتهما سنجد في أولاهما وهي «ورقة تورين» أن البراهين حُذفت، وبذلك لا تُعد سجلًّا كاملًا للمحاكمات، بل تكون فقط خلاصة تُوضع في ملفات السجلات الملكية. أما الوثيقة الثانية — وهي التي تتألف من ورقتي «لي» و«رولن» فأقل بكثير من السالفة في منظرها الخارجي إلا أنها أتم منها، ومن المحتمل أنها كانت تؤلف جزءًا من الوثيقة التي دون فيها الكاتب المحاكمة.

(أ) ترجمة ورقة «تورين»

الصفحة الأولى ممزقة، ولم يبقَ منها إلا كلمات متناثرة، ومن المحتمل جدًّا أن الجزء الممزق كان يحتوي على بعض كلمات كالتي نجدها في «ورقة هاريس» الأولى (ص٣ س٢، ٤٤ س٢، ٥٧ س٢، ٧٥ س١). ومن المحتمل جدًّا أن هذا كان هو محتويات الصفحة الأولى من الورقة.

وعلى أية حال فإنه من المستحيل أن يحدس الإنسان — من البقايا الضئيلة — ما كانت تحتويه هذه الصفحة على وجه التأكيد. ومن الجائز أن الملك قد أعطى هنا ملخصًا مختصرًا عن أعماله الخيرية لصالح الآلهة والناس — أي أعطى هنا مضمون ورقة «هاريس» الأولى في كلمة — وذلك بمثابة مقدمة لموضع هذه الورقة، وهو أقل جاذبية من الجزء الثاني منها، إذ يُعد في الواقع الإجراءات الصارمة التي اتخذها ضد الموظفين المنكرين للجميل، الذين تآمروا على حياته.

صفحة ١

(الملك «وسرماعت رع مري» آمون له الحياة والفلاح والصحة ابن «رع»: رعمسيس) حاكم هليوبوليس (له الحياة والفلاح والصحة قال) … … (٢) … … الأرض … … (٣) … … كل الأرض … … (٤) … … ماشيتهم … … (٥) … … ليحضرهم … … (٦) … … كل … … أمامهم … … (٧) … … اﻟ … … (٨) … … الناس قائلين … … (٩) … … وكانوا (صفحة ٢ سطر ١) لعنة الأرض.

صفحة ٢

وقد كلفت المشرف على الخزانة (المسمى) «منتومتاوي»، والمشرف على الخزانة «بفروى Pefrowe»، وحامل العلم «كارا» والساقي «بايبيسي»، والساقي «قدندنَّا»، والساقي «بعل ماهر» (٣) والساقي «بيرسوني»، والساقي «تحوت رخ نفر»، ومساعد الفرعون «بنرنوتي»، والكاتب «ماي»، وكاتب السجلات «برع محاب»، وحامل العلم للمشاة «حوري» (٥) قائلًا: أما عن الأمور التي تآمر عليها الناس — ولا أعلم من هم — فاذهبوا وافحصوها (٦)؛ وقد ذهبوا وفحصوها، وقد جعلوا من أرادوا أن يموتوا أن ينتحروا على الرغم من أني لم أعرف من هم، وكذلك عاقبوا الآخرين على الرغم من أني لم أعرف من هم (٨) ولكني كلفتهم قائلًا بشدة: خذوا حذركم، واعتنوا لئلا تجعلوا بعض الناس يُعاقب خطأ على يد موظف ليس مسيطرًا عليهم، وهكذا تحدثت إليهم المرة بعد المرة.

صفحة ٣

أما عن كل ما قد حدث فإنهم هم الذين اقترفوه (٢) وليت (المسئولية عن) كل ما فعلوه تقع على رءوسهم (٣) في حين أني مقدس ومعافى أبديًّا، وفي حين أكون (٤) بين الملوك العدول الذين أمام «آمون رع» ملك الآلهة، وأمام «أوزير» حاكم السرمدية.

صفحة ٤

قائمة المتهمين الأولى

(١) الأشخاص الذين أُحضروا هنا بسبب الجرائم الكبرى التي ارتكبوها، ووُضعوا في ساحة المحاكمة أمام الموظفين العظام الخاصين بساحة المحاكمة ليُحاكموا على يد المشرف على الخزانة «منتومتاوي»، والمشرف على الخزانة «بفروى» وحامل العلم «كارا» والساقي «بايبيسى» وكاتب السجلات «ماي» وحامل العلم «حوري»، وقد قاضوهم فوجدوا أنهم مذنبون، وجعلوا عقابهم يُوقع عليهم، وقد قبضت عليهم جرائمهم. (٢) والمجرم الأول هو «ييبككامن» الذي كان وقتئذ رئيس الحجرة، وقد أُحضر (أي اتُّهم) لأنه كان متآمرًا مع «تي» ونساء الحريم، وقد تحالف معهن، وقد أخذ في إذاعة كلماتهن لأمهاتهن وإخوتهن اللاتي كن هناك قائلات: هيجوا الشعب، حرضوا على العداء لشبوب فتنة على سيدهن! وقد وُضع أمام الموظفين الخاصين بساحة المحاكمة، وفحصوا جرائمه، ووجدوا أنه قد ارتكبها، وجعلوا عقابه يُوقع عليه.

(٤) والمذنب الكبير «بنوك» الذي كان وقتئذ رئيس الحريم في الحاشية قد أُحضر لأنه تآمر مع «ييبككامن» ليقوم بثورة على سيده، فوُضع أمام الموظفين العظام الخاصين بقاعة المحكمة، وفحصوا جرائمه فوجدوه مذنبًا، وجعلوا عقابه يُوقع عليه.

(٥) والمذنب الكبير «بندوا» الذي كان وقتئذ كاتب الحريم الملكي في الحاشية قد أُحضر لأنه تآمر مع «ييبككامن» و«مسد-سو-رع»، وهذا المجرم الآخر — ربما يقصد «بنوك» — الذي كان وقتئذ مشرفًا على الحريم الملكي، وكذلك مع نسوة الحريم للقيام بمؤامرة معهن لإثارة العصيان على سيدهم. وقد وُضع أمام موظفي قاعة المحاكمة، وقد فحصوا جرائمه فوجدوا أنه مذنب، وجعلوا عقابه يُوقع عليه.

(٦) المجرم الكبير «بتونت آمون» الذي كان وقتئذ مفتش حريم في الحاشية، وقد أُحضر لأنه سمع الأمور التي تآمر عليها الرجال مع نساء الحريم ولم يبلغها، وقد وُضع أمام الموظفين العظام الخاصين بقاعة المحاكمة، وفحصوا جرائمه، ووجدوه مذنبًا، وأمروا بتوقيع عقابه عليه.

(٧) المجرم الكبير «كربس» الذي كان وقتئذ مفتشًا للحريم في الحاشية، وقد أُحضر بسبب الأمور التي سمعها، ولكنه أخفاها، وقد وُضع أمام موظفي قاعة المحاكمة، فوجدوه مذنبًا، وأمروا بتوقيع عقابه عليه.

(٨) المجرم الكبير «خعمؤبي» وقد كان وقتئذ مفتش حريم في الحاشية، وقد أُحضر بسبب الأمور التي سمعها، ولكنه أخفاها، وقد أُحضر أمام موظفي قاعة المحاكمة، وقد وجدوه مذنبًا فأمروا بأن يُوقع العقاب عليه.

(٩) المجرم الكبير «خعممال» الذي كان وقتئذ مفتش الحريم في الحاشية، وقد أُحضر بسبب الأمور التي سمعها وأخفاها، وقد وُضع أمام موظفي قاعة المحكمة ووُجد مذنبًا، وقد أمروا بأن يُوقع عليه العقاب.

(١٠) المجرم الكبير «سيتوي امبرتحوتي» الذي كان وقتئذ مفتش حريم في الحاشية، وقد أُحضر بسبب الأشياء التي كان قد سمعها ولكنه أخفاها، وقد وُضع أمام موظفي قاعة المحاكمة فوجدوه مذنبًا، وأمروا بأن يُوقع عقابه عليه.

(١١) المجرم الكبير «ستيو يمر آمون» الذي كان وقتئذ مفتش حريم في الحاشية وقد أُحضر بسبب الأمور التي كان قد سمعها، ولكنه أخفاها، وقد وُضع أمام موظفي قاعة المحاكمة فوجدوه مذنبًا، وأمروا بأن يُوقع العقاب عليه.

(١٢) المجرم الكبير «ورن» الذي كان وقتئذ ساقيًا، وقد أُحضر بسبب أنه قد سمع أمورًا من رئيس الحجرة الذي كان معه، ولكنه أخفاها، ولم يبلغ عنها.

(١٣) المجرم الكبير «عشا حبسد» الذي كان وقتئذ الساعد «ييبككامن» وقد أُحضر بسبب أنه سمع الوقائع من «ييبككامن» الذي تآمر معه، ولكنه لم يبلغ عنها، وقد وُضع أمام موظفي قاعة المحاكمة فوجدوه مذنبًا، وقد جعلوا عقابه يلحق به.

(١٤) المجرم الكبير «بلوكا» (من بلاد لوكا أي «ليسيا») الذي كان وقتئذ ساقيًا وكاتبًا للخزانة، وقد أُحضر بسبب أنه يتآمر مع «ييبككامن»، وكان قد سمع الوقائع منه ولكنه لم يبلغ عنها، وقد وُضع أمام موظفي قاعة المحاكمة، فوجدوه مذنبًا، وجعلوا عقابه يلحق به.

(١٥) المجرم الكبير «أنيني» الذي كان وقتئذ ساقيًا، وقد أُحضر بسبب تآمره مع «ييبككامن» وكان قد سمع الأمور الجارية منهم ولكنه لم يبلغها، وقد وُضع أمام موظفي قاعة المحاكمة فوجدوه مذنبًا، وجعلوا عقابه يلحق به.

صفحة ٥

(١) نساء رجال بوابة الحريم اللائي اتحدن مع الرجال الذين دبروا المؤامرة وهن اللائي وُضعن أمام موظفي قاعة المحاكمة، وقد وُجدن مذنبات، وجُعل عقابهن يلحق بهن. (٦ نساء).

(٢) المجرم الكبير «باي إري» ابن «روما» الذي كان وقتئذ مشرفًا على الخزانة، وقد أُحضر لأنه كان متآمرًا مع المجرم الكبير «بنحو يبوين»، وقد تحالف معه ليثير العداء، وليقوم بثورة على سيده. وقد وُضع أمام موظفي قاعة المحاكمة فوجدوه مذنبًا وجعلوا عقابه يلحق به.

(٣) المجرم الكبير «بنمواست» الذي كان وقتئذ ضابط رماة بلاد النوبة، وقد أُحضر لأن أخته كانت في الحريم في الحاشية، وقد كتبت له قائلة: حرض الناس، أَثِرْ البغضاء وعُدْ لتقوم بثورة على سيدك. وقد وُضع أمام «قدندنا» و«بعل ماهار» و«برسوني» و«تحوت رخ نفر»، فحققوا معه ووجدوه مذنبًا، وجعلوا عقابه يلحق به.

قائمة المذنبين الثانية

(٤) الأشخاص الذين أُحضروا بسبب جرائمهم؛ لأنهم كانوا متآمرين مع «ييبككامن» و«بايبيسى» و«بنتاور»، وقد وُضعوا أمام موظفي قاعة المحاكمة للتحقيق معهم، فوجدوهم مذنبين، وقد تركوهم لأنفسهم في قاعة التحقيق، فقبضوا على حياة أنفسهم — انتحروا — ولم يُوقع بهم أي ضرر.

(٥) المجرم الكبير «بايس» الذي كان وقتئذ قائدًا للجيش، والمجرم الكبير «مسوى» الذي كان وقتئذ كاتب الجامعة، والمجرم الكبير «برع كامنف» الذي كان وقتئذ ساحرًا، والمجرم الكبير «إروى» الذي كان وقتئذ المشرف على كهنة «سخمت»، والمجرم الكبير «نب زفا» الذي كان وقتئذ ساقيًا، والمجرم الكبير «سعد مازسر» الذي كان وقتئذ كاتب الجامعة. المجموع ستة.

قائمة المتهمين الثالثة

(٦) الأشخاص الذين أُحضروا بسبب جرائمهم إلى قاعة المحاكمة أمام «قدندنا» و«بعل ماهار» و«بييرسوني» و«تحوتي رخ نفر» و«مرتو سيآمون»، وقد حُقق معهم بخصوص جرائمهم، ووجدوهم مذنبين، وتركوهم حيث كانوا، فقبضوا على حياتهم بأنفسهم — انتحروا.

(٧) أما «بنتاور» الذي كان قد أُعطى ذلك الاسم الآخر (أي لقب الملك) فقد أُحضر؛ لأنه كان متآمرًا مع «تي» والدته عندما دبرت المؤامرة مع نساء الحريم بخصوص إثارة فتنة على سيده، وقد وُضع أمام السقاة ليُحقق معه ووجدوه مذنبًا، وتركوه حيث كان فقبض على حياة نفسه — انتحر.

(٨) المذنب الكبير «هنوتن آمون» وقد كان وقتئذ ساقيًا، وقد أُحضر بسبب جرائم نساء الحريم اللائي كان بينهن، وقد سمعهن ولكن لم يبلغ عنهن. وقد وضعوه أمام السقاة للتحقيق معه فوجدوه مذنبًا، وقد تركوه حيث كان، وقد قبض على حياة نفسه — انتحر.

(٩) المجرم الكبير «آمون خعو» الذي كان وقتئذ نائب الحريم في الحاشية، وقد أُحضر بسبب جرائم نساء الحريم اللائي كان بينهن، وهن اللائي كان قد سمعهن ولكن لم يبلغ عنهن، وقد وُضع أمام السقاة للتحقيق معه، وقد وجدوه مذنبًا، فتركوه حيث كان، فقبض على حياته بنفسه — انتحر.

(١٠) المجرم الكبير «بيئري» الذي كان وقتئذ كاتب الحريم الملكي في الحاشية، وقد أُحضر بسبب جرائم نساء الحريم اللائي كان بينهن، وقد سمعهن ولكن لم يبلغ عنهن. وقد وُضع أمام السقاة للتحقيق معه، وقد وجدوه مذنبًا فتركوه حيث كان، وقبض على حياة نفسه — انتحر.

صفحة ٦

القائمة الرابعة بأسماء المتهمين

(١) الأشخاص الذين عُوقبوا بجدع أنوفهم، وقطع آذانهم؛ لأنهم نبذوا التعليمات الطيبة التي أُعطوها، والنساء قد ذهبن، وقد وصلن إليهم عند المكان الذي كانوا فيه، وقد سكروا معهن ومع «باييس» وقد استولت عليهم جريمتهم.

(٢) المجرم الكبير «بايبيسي»٢٤٦ الذي كان وقتئذ ساقيًا، وهذا العقاب قد نُفذ فيه؛ إذ تُرك منفردًا وقبض على حياة نفسه.

(٣) المجرم الكبير «ماي» الذي كان وقتئذ كاتب سجلات.

(٤) المجرم الكبير «تاي نخت» الذي كان وقتئذ ضابطًا في المشاة.

(٥) المجرم الكبير «ناني» الذي كان وقتئذ ضابط الشرطة.

القائمة الخامسة بأسماء المتهمين

(٦) شخص كان متصلًا بهم. لقد وُبخ بشدة بكلمات سيئة، وقد تُرك وحده ولم يلحق به أي أذًى.

(٧) المجرم الكبير «حوري» الذي كان وقتئذ حامل العلم للمشاة.

وقبل أن نترجم الجزء السحري الخاص بهذه القصة يجب أن نقف لحظة وننظر بعين فاحصة إلى محتويات هذه الوثيقة؛ لنصل إلى مقدار التأثير الذي أحدثته هذه الترجمة الجديدة في معنى هذه القصة. فالنقطة الجديدة المستحدثة هي — بطبيعة الحال — أن الاسم المتفق عليه لهذه البردية وهو «الورقة القضائية» يظهر أنه اسم خاطئ؛ إذ ليست هذه الورقة وثيقة قضائية قط، بل قصة، كما تدل الترجمة السابقة. وهي تحدثنا عن قصة واضحة متماسكة الأطراف، ومحتوياتها يمكن تلخيصها في كلمات قليلة وهي:

إن الملك المتوفى يقدم لنا بيانًا عن تصرفاته مع المشتركين في المؤامرة؛ فيخبرنا كيف أنه كلف المحكمة التي ألَّفها للتحقيق معهم، وهو في ذلك يشدد تشديدًا كبيرًا على القضاة بأنه ليس مسئولًا عن العقاب الذي سيوقع؛ إذ إنه قد كلفهم — بكل ما أوتي من قوة — أن يكونوا يقظين ملتفتين في أحكامهم؛ لأنهم سيكونون هم المسئولين — لا هو — عن أي غلطة يرتكبونها في أحكامهم.

والآن يتساءل الإنسان: هل هذه القصة تطابق الواقع، أو أنها من نسج الخيال؟ إن اتجاه محتويات الورقة يوحي بأن «رعمسيس الثالث» قد مات نتيجة مؤامرة، أو أنه كان ينتظر أن يموت في القريب العاجل عندما وقعت الواقعة. ولكن هل عاش مدَّة كافية ليعين المحكمة كما يقول هو إنه قد عين أعضاءها؟ أو أن ذلك مجرد اختراع؟ والواقع أنه ليس هناك ما يدعو لفرض عدم وقوع هذه القصة، وليس هناك شيء مستحيل، أو خارج عن المنطق السليم في الموقف كما تكشف عنه الورقة لأي عقل بعيد عن التحيز، وأنه قد يكون من الصعب، بل ربما من المستحيل إقناع إنسان ما عقد عزمًا على أن يكون متشككًا مهما كلفه ذلك، ولكن رجحان البراهين سيقع على عاتق هؤلاء الذين لا يرون بديلًا من الأخذ بالرأي القائل إنها كلها وهم اخترعه «رعمسيس الرابع». حقًّا قد يكون هذا الملك في شدة الفرح بأن تكون محاكمة المتآمرين قد أمر بها والده، وأن أمر عقابهم لم يكن من أعماله حتى يستطيع أن يبدأ حكمه طاهر اليدين. وعلى ذلك قد يكون من الجائز أنه عنَّ «لرعمسيس الثالث» بعض الأسباب السياسية جعلت من المرغوب فيه ومن الحكمة أيضًا أن يدوِّن سير هذه القضية. وعلى أية حال فإنه من الجائز كذلك ألا يكون للوثيقة غرض سياسي قط، وأنها كُتبت لتكون تبرئة «لرعمسيس الثالث» أمام المجلس الإلهي حتى يمكنه أن يظهر هناك بضمير نقي. وعلى ذلك يكون واثقًا من أنه سيكون أحد الملوك المبرَّئين أمام «آمون رع» و«أوزير» في عالم الآخرة. وفي الحق كان كل من «رعمسيس الثالث» وابنه «رعمسيس الرابع» متدينًا جدًّا، وفهم هذه الورقة على هذه الطريقة يتفق تمامًا مع ما يمكن أن نتصوره عن عقلهما وعن تفكيرهما النفسي.

وأخيرًا يمكن الإنسان أن يتساءل عن الضوء الذي تلقيه هذه النتيجة على مسألة ورقة «هاريس» العظيمة المتصلة بوثيقتنا، وفي الحق يجب أن يغير رأي «ستروف» الذي كُون عن هذه الورقة؛ إذ من المحتمل أن ورقة «هاريس» الكبرى لم تكن خرافة أملاها حب النفس، أو اخترعها «رعمسيس الرابع»؛ لأنه من الجائز أن تكون الصلوات البارزة الجلية التي دُفنت في هذه الورقة لفائدة هذا الملك تعبيرًا حقيقيًّا صدر عن رغبة الوالد وحبه لابنه. هذا إلى أن البيانات الطويلة المفصلة التي ذكرها «رعمسيس الثالث» عن إنعاماته للآلهة يظهر أنها تبرهن على أن هذا الكتاب كان الغرض الأول منه الحصول على حظوة الآلهة وعطفهم عليه، ومساعدتهم لابنه في حكم البلاد، فلم يكن القصد من هذه الصلوات إلا إحراز سعادته في الدار الآخرة، ونجاح والده على الأرض. ولا نزاع في أن من الأمور المعقولة أن يأمر «رعمسيس الثالث» بنفسه بتأليف خطاب المقدمة الطويل لآلهة العالم السفلي في الفترة القصيرة التي بقيت له من عمره، وتنحصر بين اللحظة التي عرف فيها على وجه التأكيد بأنه سيحل به الموت قريبًا ويوم مماته — وهي فترة قد استغلها بكل نشاط لينظم فيها أموره الدنيوية والأخروية.

نعود الآن إلى الجزء الثاني الخاص بهذه القصة، وهو ورقة «رولن»، وهو الجزء الخاص بالأشخاص الذين لعبوا دورًا سحريًّا في هذه المؤامرة، أو بعبارة أخرى سهلوا للمتآمرين مهمتهم. والباقي من الورقة لا يحتوي الجزء الافتتاحي منها، بل يبدأ كما يأتي:
  • حالة السحر الأولى: (١) وقد بدأ يعمل إضمامات سحر لأجل المنع والتخويف، ولعمل بعض آلهة من الشمع، وكذلك بعض الناس لإضعاف أعضاء الناس (٢) وسلمها ليد «ييبككامن» الذي لم يجعله «رع» رئيسًا للحجرة وللمجرمين الآخرين الكبار قائلًا: خذوها إلى الداخل. وقد أخذوها (٣) إلى الداخل، والآن عندما بدأ يقوم بالأعمال الشريرة التي عملها وهي ما لم يسمح «رع» بنجاحها حقق معه.٢٤٧ وقد وجدت الحقيقة في كل جريمة وفي كل عمل سيء قد دبره عقله لتنفيذه. وقد كان صدقًا أنه قد عملها كلها ومعه كل المجرمين الكبار الآخرين، وقد كانت جرائم قتل كبيرة، والأمور التي ارتكبها هي اللعنة العظمى للبلاد. ولما علم بجرائم القتل الكبرى التي ارتكبها (أي لما علم بالجرائم التي كلف بها) انتحر (قبض على حياة نفسه).
  • حالة السحر الثانية (العمود الأول وهو بداية ورقة «لي»): … … (١) الملك (له الحياة والفلاح والصحة) لتموين (… …) … … أي … … لمكان سكني ولأي شخص في الدنيا، والآن عندما قال له «بنحويبين» الذي كان وقتئذ مشرفًا على الماشية: أعطني إضمامة تمنحني القوة والسلطان فإنه أعطاه إضمامة سحر «وسرماعت رع مري آمون» «رعمسيس الثالث» — له الحياة والفلاح والصحة — الإله العظيم سيده (له الحياة والفلاح والصحة)، وأخذ يستعمل قوى إله سحرية على الناس. وقد وصل إلى جانب (٤) الحريم وهو ذلك المكان الآخر العميق — أي وصل إلى مكان منعزل ليعمل سحره — وأخذ يصنع أشخاصًا من الشمع مكتوبًا عليها — أي مكتوب عليها أسماء الأشخاص الذين يريد أن يسحرهم — حتى يمكن حملها إلى المفتش «آريم» فيعوق بذلك جماعة ويسحر الآخرين حتى يمكن توصيل بعض الكلمات إلى الداخل، ويؤتى بأخرى خارجًا — يقصد بذلك سحر الحراس حتى يمكن قيام المخابرات بين داخل القصر وخارجه — وعندما حُقق معه بسببها ظهر الحق في كل جريمة، وفي كل عمل سيء وقد صمم قلبه على إتيانه وقد كان صدقًا أنه عملها كلها بالاشتراك مع المجرمين الكبار الآخرين، وهم لعنة كل إله وكل إلهة جميعًا. وقد نُفذت فيه عقوبات الإعدام الكبيرة، وقد قال عنها الآلهة: نفذوها فيه (أي العقوبات).
  • حالة السحر الثالثة (العمود الثاني من ورقة «لي»): (١) … … في اﻟ … … على المقياس، وقد ذهب بعيدًا … … وضعفت يداه — يشير هنا إلى شخص ممن أجرى عليهم السحر، واسمه ووظيفته في الجزء المهشم … … والآن عندما حُقق معه بخصوصها وُجد أن كل جريمة وكل عمل سيء كان قد صمم في قلبه على إتيانه قد تحقق، وكان حقًّا أنه عملها كلها بالاشتراك مع المجرمين الكبار، وهم لعنة كل إله وكل إلهة جميعًا. وقد كانت جرائم موت كبيرة، وهي الأمور التي أتاها، وهي اللعنات الكبرى للأرض. والآن عندما علم بجرائم الموت الكبرى التي ارتكبها قبض على حياة نفسه — انتحر. ويقصد هنا الاسم المجهول الذي أُشير إليه في بداية العمود الأول من هذه الورقة. ولما عرف الأشراف الذين كانوا يحققون معه أنه انتحر … … (٥) «رع» جميعًا والتي تقول عنها الكتابات المقدسة: نفذوا فيه. وعلى الرغم من … (انتهى المتن).

هذا ما جاء في ورقتي «لي» و«رولن». ومضمون ما فيهما يشير إلى هذه القصة قطعًا، ويؤلف جزءها الهام الذي بُنيت عليه. إذ كان لا بدَّ للمتآمرين في داخل القصر من الاتصال بأعوانهم خارجه حتى تُحبك المؤامرة، وهنا لعب السحرة دورهم بإضعاف الحراس بتعاويذهم السحرية المكتوبة على تماثيل من الشمع، وقد كان مفعولها شديدًا، وبذلك أمكن المتآمرين الذين كانوا داخل القصر وخارجه أن يتصل بعضهم بالبعض الآخر، وقد رأينا فيما سبق أن سر المؤامرة قد كُشف في اللحظة الأخيرة على ما يظهر، أو بعد تنفيذها من غير نجاح حاسم؛ إذ قد عاش الفرعون حتى اقتص بالعدل من الجناة جميعًا، ولكن يظهر مع ذلك أن أفراد عصابة المؤامرة كانوا من القوة بمكان حتى إنهم استطاعوا أن يتصلوا ببعض قضاة المحكمة الذين اختارهم الفرعون بنفسه، وأغروهم بالنساء والخمر، وربما بالمال؛ ومع ذلك قد كُشف أمرهم أيضًا. وهكذا نجد أن الفساد قد بدأ يدب في جميع نواحي الحياة المصرية منحدرًا من أعلى الطبقات إلى أسفلها، وأن هيبة الفرعون وعظمته قد أخذت تتلاشى حتى في أعين عامة الشعب الذين كانوا يؤلهونه، ومع هذا كله نجد أن الفرعون نفسه كان يحافظ على رسالته، وقانونه الذي سنه له والده «رع» عندما بدأ حكم العالم ذلك القانون الذي قوامه العدل والحكم بين الناس بالقسطاس المستقيم، ولعل تربة مصر تجود يومًا بهذه القصة كاملة غير مبتورة، فتقدم لنا مأساة من أروع القصص التي مُثلت في قصور الملوك المؤهلين، وعلى أية حال فإن ما وصل إلينا منها يُعد تمثيلية ممتعة كأحسن التمثيليات التي تُعرض على مسارح الأمم الراقية التي تجذب الأنظار إليها، وتسترعي الأسماع بحوادثها الإنسانية المخصبة، التي تضع أمامنا صورة عن خلق الإنسان وأطماعه وغرائزه التي لن يتخلى عنها أبدًا.

(٦) خاتمة حياته

لم يعمر «رعمسيس الثالث» طويلًا بعد المؤامرة التي دبرتها «تي» زوجه، وابنه «بنتاور» الذي كان يريد أن يكون خلف والده العظيم، وعلى أثر خيبة هذه المؤامرة على ما يظهر جمع «رعمسيس الثالث» في السنة الثانية والثلاثين من حكمه عظماء رجال الجيش والإدارة، وقدَّم لهم كالمعتاد ابنه ووارثه على العرش «رعمسيس» الذي أصبح فيما بعد «رعمسيس الرابع»؛ وذلك خوفًا من وقوع مؤامرة أخرى، ووضع فوق رأسه التاج المزدوج، وأجلسه على عرش «حور»، وقد كانت هذه فرصة «لرعمسيس الثالث» أن يعدد لشعبه الأعمال الجليلة التي قام بها مدة حكمه البلاد، وبخاصة انتصاراته على اللوبيين وأقوام البحار، والإنعامات الغزيرة التي أغدقها على معابد الآلهة في كل أنحاء مملكته، وفي النهاية حض الناس على أن يكونوا مخلصين لابنه الذي اختاره هو، وأن يخدموه كما خدموا والده من قبل.

(٧) موازنة بين موميتي «رعمسيس الثاني والثالث» وحكمهما

وقد وُجدت مومية «رعمسيس الثالث» في خبيئة الدير البحري، وكانت لا تزال سليمة، غير أنها كانت قد وُضعت في تابوت «نفرتاري» المصنوع من الخشب، وقد جُددت لفافاته في عهد الملك «بينزم الأوَّل»، وقد كُتب عليها تاريخ نقلها إلى هذا المخبأ، وهو السنة الثالثة عشرة من حكم هذا الفرعون.

وتدل مومية «رعمسيس الثالث» على أنه لم يكن قد تخطى الستين من عمره بكثير عندما لاقى حتفه، وتدل موميته على أنه كان لا يزال قويًّا مفتول العضلات، غير أنه كان قد أصبح بدينًا ثقيل الجسم، وقد حلل النطرون عند التحنيط شحمه، وقد ترهل جلده مدة حياته حتى تحول إلى تجاعيد رخوة ضخمة وبخاصة عند القفا وتحت الذقن، وعلى الفخذين وعند المفاصل، ويدل رأسه الحليق وخدَّاه على عدم وجود شعر أو لحية. كما تدل جبهته التي ليست بالعريضة ولا بالعالية على أنها أكثر تناسبًا عن جبهة «رعمسيس الثاني»، وكذلك كانت تجاعيد قبة العين أقل ظهورًا، وعظمتا الخدين أقل بروزًا، والأنف أقل احديدابًا، والذقن والفك أقل ضخامة، ويُحتمل أن العينين كانتا أوسع، غير أنه لا يمكن إعطاء حكم على ذلك؛ لأن الجفنين قد أُزيلا وحُشي محجر العينين بخرق، أما الأذنان فلم يكونا منتصبتين ومنفصلتين بعيدًا عن الرأس كأذني «رعمسيس الثاني» غير أنهما كانتا مثقوبتين للأقراط، وكان فمه واسعًا بالطبيعة، وقد زادت عملية التحنيط من اتساعه لعدم مهارة المحنط الذي قطعه حتى الخدين من الجانب. وشفتاه الرقيقتان ساعدتا على رؤية أسنانه البيض الحسنة التنظيم، ويظهر أن «رعمسيس الثالث» على وجه عام صورة مصغرة من «رعمسيس الثاني» مع الفارق بينهما؛ وهي أنها أكثر دقة ورشاقة، ويدل وجهه على أنه كان ألطف قسمات، وأحد ذكاء، ولكن أقل منه نبلًا، على حين نجد أن قوامه لم يكن معتدلًا، وأن منكبيه ليستا عريضتين «كرعمسيس الثاني» كما كانت قوته العضلية أقل.

وكان فيه شبه عابس يشبه صورة الأسد الهزيلة التي مُثل بها الفرعون في ورقة الهجاء.

وما قيل عن شخصيته يمكن أن يقال عن حكمه؛ إذ الواقع أنه كما هو ظاهر للعيان كان مقلدًا لحكم «رعمسيس الثاني» غير أنه كان تقليدًا لم يصل إلى حد الإتقان لعدم كفاية الموارد في الرجال والمال. وإذا لم يكن «رعمسيس الثالث» قد أفلح كل الفلاح في وضع نفسه بين أعاظم الملوك الطيبيين، فإن ذلك لم يكن لنقص في نشاطه أو ضعف في قدرته، بل إن أحوال مصر المحزنة الفاسدة في ذلك الوقت قد حدَّت من نجاح مساعيه، وجعلته يخفق في الوصول إلى مقاصده ومراميه، على أن العمل الذي أنجزه لم يكن لهذا السبب أقل عظمة من غيره من الملوك البارزين، فقد كانت مصر عند توليته عرش البلاد كما ذكرنا من قبل في حالة تعسة؛ فقد عزاها اللوبيون من الغرب، وهددتها أقوام البحار بجيوشها المتوحشة من الشرق، وليس له جيش، ولا أسطول، ولا موارد في خزانته، ولكن لم تمضِ خمس عشرة سنة حتى نجده قد قضى على جيرانه المغيرين، ونظم جيشًا وبنى أسطولًا، وأعاد سلطانه في الخارج، وأقر النظام الإداري في داخل البلاد على أسس متينة، مما جعل البلاد مدينة له بالسلام الذي تمتعت به زمنًا طويلًا في ظل اسمه وقوة نفوذه.

(٨) أسرة «رعمسيس الثالث»

يدل ما لدينا من آثار على أن والدة «رعمسيس الثالث» كانت تُدعى «تي مرن است»، وقد وُجد اسمها على قطعتين اغتصبهما «رعمسيس الثالث» ثانية في معبد «أوزير»، وقد صُوِّرت في الأولى مع «رعمسيس الثالث»، وهي محفوظة الآن بالمتحف المصري.٢٤٨ والأخرى وكانت كذلك مستعملة مثل عليها «رعمسيس الثالث» أمه «تي مرن است»، والرأس مهشمة وهي محفوظة الآن في «متحف بروكسل».٢٤٩ ويظهر أن «رعمسيس الثالث» كان له أكثر من زوجة، غير أننا لا نعرف منهن على وجه التأكيد إلا واحدة وهي الملكة «است أماسرت».٢٥٠ والظاهر أن اسمها مركب من اسم مصري «است» (إزيس)، وآخر سوري «أماسرت». وقد ظهرت مصورة على تمثال من تماثيل زوجها. وقبر هذه الملكة رقم ٥١ مهشم، وليس فيه إلا بعض مناظر عادية، وقد وُجدت بقايا تابوت على رقعة حجرة دفنها وتدل على أنها كانت جميلة الصنع.
ويقول «بتري»: إنه من المحتمل جدًّا أنها الملكة «است» (إزيس) المدفونة في المقبرة رقم ٥١ بأبواب الحريم بوصفها الأم الملكية العظيمة في عهد «رعمسيس السادس»٢٥١ غير أن هذا الرأي خاطئ. وكذلك نجد اسمها على لوحة «أمنمأبت» في «برلين».٢٥٢

(٨-١) الملكة «حومازري Humazery»

ذُكر اسم هذه الملكة في هذا العهد (L. D. T. II, 101) وتدل شواهد الأحوال على أن «رعمسيس الثالث» كان له أكثر من زوجتين، وبخاصة أننا نعرف واحدة منهن قد تآمرت على قتله، غير أنها على ما يظهر لم تكن إلا زوجة ثانوية.

(٨-٢) أولاد «رعمسيس الثالث»

هذا فضلًا عن أن له أولادًا كثيرين؛ مما يدل على أنه قد أنجبهم من أكثر من ملكة واحدة على الأقل، ومما يؤسف له أنه ليس في استطاعتنا نسبتهم إلى أمهاتهم، وقد تولى بعضهم الحكم بعد «رعمسيس الثالث» وتوفي بعضهم وهم لا يزالون حديثي السن على رأي بعض المؤرخين، وقد تضاربت الأقوال في القوائم التي وُجدت على جدران مدينة «هابو» بأسماء أولاده، فهل هم أولاده أم بعضهم أولاده وبعضهم أولاد غيره من ملوك هذه الأسرة؟ وعلى أية حال فقد عُثر على مقابر بعض أولاده على وجه التأكيد وهم:
  • (١)

    الأمير «ست حرخبش»: وقبره في «وادي الملكات»، ويتألف من دهليزين ضيقين يؤديان إلى حجرة أوسع، مجاورة لحجرة صغيرة، والنقوش التي تزين الجدران تمثل الأمير والملك يتعبدان لآلهة مختلفين، ويقومان بأداء شعائر دينية منوَّعة، وعلى الجدار الخلفي لآخر حجرة يُشاهد الإله «أوزير» على اليمين وعلى الشمال، في حين نشاهد على الجدران الجانبية آلهة آخرين مختلفين مصفوفين صفين.

  • (٢)

    الأمير «خعمواست»: وقبره في «وادي الملكات» كذلك (رقم ٤٤)، ونقوشه محفوظة. ويُشاهد في الممر الأوَّل المتوفى ووالده «رعمسيس الثالث» أمام آلهة مختلفين، ويتصل بهذا الممر حجرتان جانبيتان عليهما صور الأمير في حضرة الآلهة، وعلى الجدار الخلفي يُشاهد «أوزير» و«إزيس» و«نفتيس». والنقوش التي على الجدران في الممر الثاني تمثل الملك والأمير أمام بوابات وحرس حقول المنعمين، وبجانب ذلك اقتباسات من كتاب الموتى. وفي الحجرة النهائية يُشاهد الفرعون أمام آلهة مختلفين.

  • (٣)
    الأمير «آمون حرخبشف» (رقم ٥٥): والنقوش التي على جدران هذه المقبرة لا تزال حافظة لرونقها بصورة تلفت الأنظار، ونشاهد في الحجرة الأولى على اليسار الفرعون «رعمسيس الثالث» تضمه الإلهة «إزيس»، وبعد ذلك نرى «رعمسيس الثالث» يرافقه الأمير مقدمًا البخور للإله «بتاح» كما نشاهد الملك ممثلًا أمام آلهة مختلفين: «بتاح تنن»، ثم الإله «دواموتف» برأس كلب، والإله «أمست»، والاثنان الأخيران من حراس أواني الأحشاء في القبر، ثم الإلهة «إزيس» التي تمسكه بيدها. وعلى اليمين صور مماثلة؛ فالملك تضمه «إزيس»، والملك والأمير يحرقان البخور أمام الإله «شو» — إله الجو — كما نشاهد الإلهين «كبح سنوف» و«حابي» — وهما من حراس الأحشاء — و«إزيس» ممسكة بيد الملك. أما الحُجر الجانبية فخالية من الرسوم. والممر الذي يليها مزين بصور من «كباب البوابات» وفي الحجرة النهائية تابوت الأمير المصنوع من الجرانيت.٢٥٣

(أ) الأمير «برع-حروتمف» (رقم ٤٢)

وهو ابن «رعمسيس الثالث» ويُشاهد في الدهليز الأول للمقبرة الفرعون يقدم ابنه للآلهة، ويؤدِّي هذا الدهليز إلى قاعة ترتكز على أربعة عمد، غير أن النقوش مهشمة.٢٥٤
وهؤلاء هم أولاد «رعمسيس الثالث» على وجه التأكيد. وقد وُجدت قائمتان مُثل فيهما أولاد وبنات «رعمسيس الثالث» على معبد مدينة «هابو».٢٥٥ وقد وُجد من بينهم أسماء مماثلة للذين ذكرناهم من قبل، ولذلك اعتقد بعض المؤرخين أن الأسماء الباقية وعددها ستة لأولاد «رعمسيس الثالث» أيضًا،٢٥٦ وأنهم قد تعاقبوا على عرش مصر، وقد تناول الأستاذ «إرك بيت» هذا الموضوع بالبحث، ووجد أن الأسماء التي وُضعت لهؤلاء الأمراء قد أُضيفت فيما بعد، وأن أول من عمل هذه الإضافات هو «رعمسيس السادس»؛ ولذلك يعتقد أنهم أولاده. وهاك الأسماء التي وُجدت في القائمتين اللتين على جدران معبد مدينة «هابو».
  • (١)

    «رعمسيس»: (في طغراء) ولم يوجد أي اسم بعد ذلك.

  • (٢)

    «رعمسيس»: (بدون طغراء) ثم «نب ماعت رع مري آمون» في طغراء.

  • (٣)

    «رعمسيس آمون حرخبشف نترحق إيون»: (في طغراء).

  • (٤)

    «رعمسيس ست حرخبشف»: (بدون طغراء) ملك الوجه القبلي والوجه البحري «وسرماعت رع أختآمون» (في طغراء) وهذا الاسم كما جاء في القائمة الأولى. أما في القائمة الثانية فقد كُتب: «ست حرخبشف» (بدون طغراء) ابن «رع» رب الظهور.

  • (٥)

    «برع-حرونمف».

  • (٦)

    «منتو حرخبشف».

  • (٧)

    «رعمسيس مري آتوم»: (كما جاء في القائمة الأولى) «مري آتوم» (كما جاء في القائمة الثانية).

  • (٨)

    «رعمسيس خعمواست».

  • (٩)

    «رعمسيس آمون حرخبشف».

  • (١٠)

    «رعمسيس مري آمون».

وإذا ألقينا على هذه القائمة نظرة سطحية وجدنا أن بعض الأسماء مكرر مثل ٣، ٩، ويمكن الإجابة على اعتراض من يقول إنهم ليسوا أولاد «رعمسيس الثالث» كلهم بأن «رعمسيس الثاني» كان له ولدان يحملان اسمًا واحدًا، وقد اتضح أن واحدًا منهما قد مات في صغره، وسمى والده بالاسم نفسه بعد مماته. (راجع مصر القديمة الجزء السادس).

وكذلك قد اعترض على أن «برع حرونمف» كان يحمل لقب الابن الأكبر مع أنه قد وُضع ترتيبه هنا الخامس، وهذا الاعتراض يمكن الإجابة عليه بأنه يجوز أن الملك كان متزوجًا بأكثر من امرأة، وأن بكرها بالنسبة لها يُعد الابن الأكبر. غير أن الاعتراض الهام هنا هو أن بعض هؤلاء الأمراء قد وُجدت مقابرهم وقد دُفنوا فيها، وأنهم ماتوا قبل تولي العرش، مع أن أسماءهم تُوجد بين ملوك هذه الأسرة، وقد أجاب على ذلك «إرك بيت» عندما تكلم عن الأمراء الأربعة الذين ذكرناهم بأنهم أولاد «رعمسيس الثالث» على وجه التأكيد.٢٥٧

وهاك ما كتبه في هذا الصدد باختصار ردَّا على رأي «بتري» القائل بأن هذه الأسماء التي جاءت في القائمتين هي لأولاد «رعمسيس الثالث» فيقول: «حقًّا إن هؤلاء الأمراء الأربعة هم أولاد «رعمسيس الثالث».» وبخاصة إذا لاحظنا الدور الهام الذي كان يشغله والدهم «رعمسيس الثالث» في مناظر قبورهم بالإضافة إلى الألقاب التي كان يحملها هؤلاء الأمراء، فقد كان «ست حرخبشف» يُلقب «أسن أولاد الملك ومحبوبه»، و«ابن الملك من صلبه»، يُضاف إلى ذلك أنه كان يحمل لقب «سائس الإصطبل». ولا نعلم بالضبط العلاقة بين لقب «أسن أولاد الملك» وبين لقب «ابن الملك الأول لجلالته» الذي كان يحمله الأمير «برع حرونمف»، ومن المحتمل أن الأخير كان أسن أولاد الملك، وأنه بعد مماته المبكر خلفه «ست حرخبشف» لهذا المركز، ولم يجد الأثري «سكبارلي» كاشف مقبرة «ست حرخبشف» فيها تابوتًا، وليس لديه دليل ما على أن هذا الأمير قد دُفن في هذا القبر؛ ولذلك يظن أنه فيما بعد قد تولى عرش الملك، ودُفن في مقبرة من مقابر «وادي الملوك».

ومقبرة «خعمواست» مماثلة للسالفة، وقد وُجد فيها غطاء تابوت. وكان هذا الأمير يحمل الألقاب التالية: الكاهن «سم» للإله «بتاح»، ويحمل نفس اللقب في قائمة مدينة «هابو»، وابن الملك من صلبه، ومحبوبه، وأسن أولاد الملك.

وقبر «آمون حر خبشف»

قد ذُكر في نقش أنه أُهدي بعطف الملك «رعمسيس الثالث» للأطفال الملكيين العظام؛ مما يدل على أنه كان قد أُعد لأكثر من أمير، ومن المحتمل أن «رعمسيس الثالث» كان وقتئذ قد مل الإنفاق على إقامة مقبرة لكل أمير، وهذا الأمير كان يُلقب «ولي العهد» على رأس الأرضين، و«ابن الملك من صلبه ومحبوبه»، والذي وضعته زوج الإله الأم الملكية، والزوجة الملكية العظيمة. ومما يؤسف له أن اسم الملكة قد فُقد، ولكن لا بد أنها كانت من زوجات «رعمسيس الثالث» المعترف بهن، ويحتمل أنها «إزيس»، وهذا الأمير يحمل فضلًا عن ذلك الألقاب التالية: الرئيس العظيم، والمشرف على خيل جلالته في إدارة خيالة «رعمسيس الثالث».

ويحتوي القبر على تابوت من الجرانيت، غير أن «سكابرلي» لم يكن على استعداد للقول بأن الأمير قد دُفن فيه. والواقع أن هذه الكشوف التي وصل إليها «سكابرلي» من حيث أسماء أولاد الفرعون «رعمسيس الثالث» قد تجعل الكفة راجحة إلى جانب نظرية «بتري»، أي إن هؤلاء الأمراء وهم الذين كُتبت أسماؤهم على جدران معبد مدينة «هابو» كلهم أولاد «رعمسيس الثالث»، ويمكن القول هنا بحق أن «رعمسيس الثالث» كان له أولاد أسماؤهم: «آمون حر خبشف» و«ست حرخبش» و«خعموا ست»، وهؤلاء الثلاثة قد وردت أسماؤهم في قائمة معبد مدينة «هابو». هذا بالإضافة إلى أن الألقاب التي كان يحملها «آمون حر خبشف»: المشرف على الخيل متفقة في كلا الحالين، وكذلك قد وُصف «ست حر خبشف»: المشرف على الخيل، وفي نقوش مدينة «هابو» لُقب «بسائس الإصطبل» في قبره. وأخيرًا قد سُمي «خعموا ست» في كل: الكاهن «سم» للإله «بتاح». ولكن يقول «إرك بيت» إنه على الرغم من هذه الاتفاقات المقنعة فليس من المستحيل أن كلًّا من «رعمسيس الثاني» و«رعمسيس السادس» كان له أولاد يحملون نفس الأسماء. ومن جهة أخرى نجد أن أسماء أولاد «رعمسيس الثالث» الذين كشفت مقابرهم ليست إلا تقليدًا محسًّا لأسرة «رعمسيس الثاني». وقد بولغ في هذا التقليد حتى في الألقاب، كما نجد ذلك في لقب «خعمواست» بن «رعمسيس الثالث»: الكاهن «سم» للإله «بتاح»، وهو نفس اللقب الذي كان يحمله «خعمواست» ابن «رعمسيس الثاني»، فإذا أخذنا بهذا المبدأ فإن التشابه بين الأسماء والألقاب التي على مقابر الأمراء الذين كشف عن قبورهم «سكابارلي» وبين الأمراء المصوَّرين على جدران مدينة «هابو» يصبح لا قيمة له؛ وذلك لأنه إذا كان «لرعمسيس السادس» أولاد فإنه من الطبيعي أن يسير في تسميتهم وألقابهم على نهج تقاليد الأسرة. هذا وتدل مقابر هؤلاء الأمراء الذين مُثلوا في مقابرهم في ريعان الصبا، وبخاصة خصلة الشعر الجانبية التي كان يتحلى بها الشباب على أنهم قد ماتوا وهم صغار ولم يتولوا قط عرش الملك.

أما البراهين الدالة على أن «رعمسيس الخامس» قد جاء بعد «رعمسيس الرابع» الذي نعلم أنه على وجه التأكيد كان ابن «رعمسيس الثالث» فهي كما يأتي: لا بد أن «رعمسيس الخامس» قد سبق «رعمسيس السادس» الذي اغتصب قبره كما سنرى، ولا بد أن «رعمسيس الرابع» كان قبل «رعمسيس السادس» الذي محا أكثر من مرة اسمه من الآثار ووضع اسمه مكانه، وكما قلنا كان «رعمسيس الرابع» على أية حال الخلف المباشر «لرعمسيس الثالث». ولم يبقَ علينا الآن إلا أن نضع «رعمسيس الخامس» بين «رعمسيس الرابع» والسادس. وإذا كان هناك ملك آخر جاء بينهما فليس له حتى الآن أي أثر باقٍ. وعلى هذا الأساس رتب الأستاذ «بيت» الملوك الذين أتوا بعد «رعمسيس الخامس» على أنهم ليسوا من أولاد «رعمسيس الثالث»، وسنتحدث عن كلٍّ في حينه.

(٩) الموظفون والحياة الاجتماعية في عهد «رعمسيس الثالث»

(٩-١) الوزراء في عهده

(أ) الوزير «تا»

كان «تا» وزير الفرعون «رعمسيس الثالث»، غير أننا لا نعرف قبره حتى الآن، وهو الذي أرسله «رعمسيس الثالث» ليحتفل بعيده الثلاثيني في السنة التاسعة والعشرين من حكمه، غير أنه توجد آثار تدل على أنه كان يشغل هذا المنصب في السادسة عشرة٢٥٨ من حكم هذا الفرعون. وقد جاء ذكره على عدة أوراق من البردي، وكذلك على عدد من الاستراكا، وقد جمعها كلها «فييل» في كتابه عن وزراء مصر،٢٥٩ وكان يحمل الألقاب التالية: «عمدة المدينة، والوزير، وحامل المروحة على يمين الفرعون، ومدير الأعمال في أفق الأبدية في ضيعة الأوقاف.»

(ب) حوري

كان يشغل منصب وزير في عهد «رعمسيس الثالث»؛ فقد وُجد اسمه يحمل هذا اللقب على نقش في صخر خلف مدينة «هابو».٢٦٠ ويُلاحَظ أن المصدر الذي أشار إليه «فييل» في ورقة الإضراب٢٦١ وهو أن هذا الوزير كان يشغل وظيفته هذه في السنة التاسعة والعشرين من حكم هذا الفرعون لا تنطبق على الواقع، وهو يحمل الألقاب التالية: «الأمير الوراثي، والسمير الوحيد، وعمدة المدينة، والوزير.»

(٩-٢) كهنة آمون الأول في عهد «رعمسيس الثالث»

(أ) «باكنخنسو»

كان «باكنخنسو الثاني» — على أحدث الأقوال — (راجع مصر القديمة الجزء السادس) أول كاهن أعظم افتُتحت به الأسرة العشرون على ما نعلم. وقد وُجد له حتى الآن أربعة تماثيل محفوظة في «المتحف المصري»، وقد عُثر عليها كلها في خبيئة «الكرنك» ومعبد «موت»؛ واحد منها مؤرخ بعهد الملك «ستنخت» (١٢٠٥-١٢٠٤ق.م) وأُرخ منها اثنان بعهد «رعمسيس الثالث». أما الرابع فليس مؤرخًا، ولا نزاع في أن هذه التماثيل ليست من القطع الفنية الممتازة التي أُخرجت في هذا العهد، وقد وصفها بحق «لجران» بأن أسلوبها رخو وأقل من المتوسط، ويُشتم من صناعتها رائحة الانحطاط الفني.٢٦٢
وعلى أية حال فإن كثرة عدد تماثيل هذا الكاهن تدل على أهميته، وتشعر بأن صاحبها قد عاش قبل عهد الفرعون «رعمسيس الثالث»، حتى إن بعض الأثريين يعتقد أن هذا الاسم قد حمله واحد لا ثلاثة (راجع مصر القديمة الجزء السادس)، وقد ذكرنا من قبل أن «رعمسيس الثالث» قد احتذى في كل أعماله وتصرفاته حذو سلفه «رعمسيس الثاني»؛ ولذلك فلا بد أنه قد وضع الكهنة الأول في عهده في المنزلة التي وضعهم فيها هذا الفرعون العظيم. والواقع أننا لا نرى «باكنخنسو» هذا يحمل أي لقب مدني، اللهم إلا لقب «الأمير الوراثي»، كما أن سلطانه الديني لم يتعدَّ دائرة «طيبة» وقد نشأ وترعرع في «معبد الكرنك» حيث كان والده «أمنمأبت» يشغل وظيفة «رئيس الجنود» و«رئيس المجندين» بضيعة «آمون»، وكانت ألقابه الدينية قليلة وقد نُقشت على تماثيله، فقد جاء عليها:

قربان يقدمه الملك «لآمون رع حوراختي-آتوم سيد الكرنك» ليعطي الخبز والنفس الذي يحيي قرينه، والبخور، والملابس، والنبيذ، واللبن؛ لروح الأمير الوراثي والكاهن الأول «لآمون باكنخنسو».

وجاء على تمثال ثانٍ:
لأجل روح الأمير الوراثي، والد الإله المحبوب، ورئيس كل كهنة الآلهة، والكاهن الأول «لآمون باكنخنسو».٢٦٣
وجاء على تمثال ثالث:
لأجل روح (كا) الأمير الوراثي، رئيس الأسرار في السماء، وعلى الأرض في العالم السفلي، الكاهن الأوَّل للإله «آمون» صاحب «الكرنك» «باكنخنسو».٢٦٤
أما النقوش التي دُوِّنت على تمثال معبد الإلهة «موت»٢٦٥ وهو التمثال الرابع فتسميه كذلك «والد الإله»، صاحب اليدين الطاهرتين، الذي يفتح أبواب السماء (أي قدس الأقداس) لكي يرى الأعجوبة (التي فيه)، والكاهن الأكبر «سم» في طيبة، أي المعبد الرئيسي في «طيبة» التابع لمعبد «بتاح» في «منف».٢٦٦
وكان «لباكنخنسو» هذا ابن سُمي جده «أمنمأبت»، وقد انخرط كذلك في سلك الكهانة، وكان يشغل وظيفة «كاهن والد الإله»، وكاهن «آمون» لمعبد «الأقصر».٢٦٧

(ب) إيو حمكا

ولا نعلم على وجه التأكيد من احتل عرش كهانة «آمون» في المدة الباقية من عهد «رعمسيس الثالث»، وربما كان من الصواب أن نرتب هنا الشخصيات التي ينسبها «فرشنسكي» إلى قائمة كهنة هذا العصر خطأ، وأولهم «إيو حمكا»،٢٦٨ وقد وُجد اسمه على تمثال مجيب صغير من البازلت، ويحمل اللقب التالي: الكاهن الأول «لآمون رع» الذي يوجد بين التاسوع الإلهي.

(ﺟ) سارمن

وكذلك ذكر لنا «فرشنسكي» أن «سارمن» قد خلف «إيو حمكا» بوصفه الكاهن الأوَّل «لآمون»، والواقع أنه لم يشغل هذه الوظيفة. ومومية هذا الكاهن وتوابيته موجودة في «متحف بيزانسون» من أعمال «فرنسا». وقد كان أول من أعطاه هذا اللقب خطأ «شاباس» لسوء ترجمة المتن.٢٦٩ وبعد فحص المتن وُجد في متن التوابيت أن «سارمن» كان يحمل الألقاب التالية: الكاهن المطهر أمام «موت»، والكاهن الأكبر المطهر، والكاهن الداخل في (محراب) «آمون» — كاهن «آمون»، ومدير الأشغال الخاصة بآثار الثالوث الطيبي، والسكرتير الحقيقي للملك، ومحبوبه، ورئيس المجندين — أو الجنود — «لطيبة» «آمون رع» ملك الآلهة؛ ورئيس الماشية المخصصة لمائدة القربان الفاخرة «لآمون». حقًّا إن كثيرًا من الألقاب والوظائف المدنية التي كان يحملها «سارمن» كانت من التي يحملها كثيرًا في هذا العهد رئيس كهنة «طيبة»، غير أننا نجد أنه من حيث الوظائف الدينية لم يرتفع إلى أكثر من درجة كاهن بسيط «لآمون».

(د) آمون حريمشع

وكذلك نجد أن كلًّا من «بركش» و«دفيريا» قبل «فرشنسكي» قد أراد أن يتخذ من هذه الشخصية كاهنًا أكبر للإله «آمون»، غير أنهم قد أخطئوا كذلك في قراءة ألقابه. وقد نقل «لبسيوس» ألقاب هذا الكاهن على الوجه الصحيح،٢٧٠ ومتنه منقوش على صخور «وادي الحمامات»، وكان أعلى لقب حمله هو «الكاهن الثاني للإله آمون»، وكان قد بدأ حياته بوظيفة كاهن رابع، فكاهن ثالث، ثم كاهن ثان. وعلى أية حال فإن سلسلة نسب هذا الكاهن تدل على أنه لم يعش في عهد الأسرة العشرين، بل في أواخر الأسرة الواحدة والعشرين، وعلى ذلك فهذا الكاهن لا محل له في الأسرة العشرين.٢٧١

(ﻫ) أمنمأبت

كاهن «آمون» وقبره في «ذراع أبو النجا»، ويُشاهد المتوفى يقدم قربانًا على جدران مزار قبره.٢٧٢ وفي الصف الثالث من هذا المنظر يُرى أقارب المتوفى في وليمة.٢٧٣

(و) إيي

المشرف على كتبة الخيل، وُجد اسم هذا الموظف في منظر في مقصورة «جبل السلسلة» التي حفرها «حور محب» في الصخور هناك وأصبحت بعده سجلًّا للملوك والعظماء الذين جاءوا بعده ينقشون عليها تذكارات زيارتهم لهذه الجهة. وهذا المنظر قد نُقش على باب المقصورة، وقد مُثل فيه «رعمسيس الثالث» يتبعه «إيي»، ويقدم الملك صورة «ماعت» للآلهة «آمون رع» و«موت» و«خنسو» و«سبك».٢٧٤

(ز) مرسى آتف

وُجد له لوحة في «العرابة» وهو كاهن الملك «ستنخت»، ويُشاهد عليها مع «رعمسيس الثالث» واقفين أمام الآلهة في الصف الأعلى، وكذلك نشاهد «مرسى آتف» نفسه في الجزء الأسفل من اللوحة أمام الملك «ستنخت».٢٧٥

(ﺣ) «وسرحات» الكاهن الأول للإله «ست»

وُجد في معبد الإله «ست» بطوخ (نبت) عتب باب في الركن الشمالي الشرقي من الردهة باسم هذا الكاهن، ويُشاهد عليها واقفًا أمام الإله «ست» مما يدل على انتشار عبادة هذا الإله في تلك الفترة.٢٧٦

(ط) «وسرحات» رئيس كيالي الغلال

وقبره في جبانة «ذراع أبو النجا».٢٧٧ ويشك «بتري» في أنه هو نفس الشخص السالف الذكر هنا، ويشير إلى ما جاء عنه فيما كتبه «نافيل».

(ي) أهوري

قائد حربي وُجدت له لوحة محفوظة «بمتحف القاهرة».٢٧٨

(ك) باحن-نتر

حارس الخيل، وُجد اسمه على عتب باب٢٧٩ محفوظ الآن «بالمتحف المصري».

(ل) ثاي

كاتب القربان٢٨٠

وقد ذكرنا بعض الموظفين في سياق الحديث عن هذا الفرعون، غير أننا لم نجد لهم آثارًا معينة باقية حتى الآن.

(١٠) الحياة الاجتماعية في عهد «رعمسيس الثالث»

يجد المؤرخ صعابًا كبيرة تعترضه عندما يريد أن يكتب شيئًا عن الحياة الاجتماعية في مصر القديمة، وبخاصة عندما نعلم أن كل ما وصل إلينا من هؤلاء القوم جاء عن طريق مقابرهم وما كانت تحتويه من أثاث جنازي، وما تركوه لنا من مناظر، وما دوَّنه الملوك على معابدهم التي شيدوها لأنفسهم ولآلهتهم، ولكن مع ذلك فإن ما عُثر عليه في هذه المقابر والمعابد يسهل علينا أحيانًا معرفة أحوال أولئك وحياتهم وما كانوا عليه من نعيم وشقاء وبخاصة في العهد الذي بدأ فيه عامة الشعب يدونون أعمالهم في الجبانات الملكية على قطع الاستراكا، وتكثر فيه الأوراق البردية التي تحتوي ما كان يجري من أمور في أنحاء البلاد. وقد وصل إلينا عدة أوراق وآلاف من الاستراكا كشفت لنا الغطاء إلى حد لا بأس به عن كثير مما كان يجري في قصور الفراعنة وأكواخ العامة.

لعبت جبانة «طيبة» دورًا هامًّا في الأوراق البردية التي كُشف عنها في عهد الأسرة العشرين، وهي الخاصة بأحوال معيشة الشعب وما كان يرتكبه القوم من جرائم سرقة، ويدبرونه من إضرابات، وعن سير الأعمال والمعتقدات الدينية الشعبية. والواقع أننا إذا تحدثنا عن جبانة «طيبة» في هذا الوقت فإنما نصف أهم ناحية في الحياة المصرية في ذلك العصر لأنها كانت تحتوي قبور الملوك والعظماء، والقرى التي كان يسكن فيها العمال الذين يقومون بالعمل في هذه الجبانة التي تُعد في نظر القوم جزءًا لا يتجزأ من العاصمة، كان يسكن فيها الملوك والكهنة في المعابد الجنازية التي أقاموها هناك، وشيدوا لأنفسهم فيها البيوت الفاخرة، والقصور الشامخة كما يدل على ذلك ما جاء في ورقة «هاريس» الكبرى، وآثارهم الباقية فعلًا.

واسم هذه الجبانة في المتون المصرية هو «الجبانة العظيمة النبيلة لملايين السنين للفرعون في غربي طيبة». وهذا الاسم الذي كانت تُصدَّر به الأوراق الرسمية كان مطوَّلًا؛ لذلك نجده قد اختُصر إلى «جبانة الفرعون». والعبارة الدالة على كلمة جبانة «باخر» في الأوراق البردية الخاصة بهذا العصر كانت تشمل الجبانة الملكية، ومقابر وجهاء القوم الهامة المقامة في غربي «طيبة» وعلى الضفة اليمنى من النيل، وذلك لا يشمل سلسلة المقابر الملكية الخاصة بالأسرتين الحادية عشرة والسابعة عشرة الواقعة عند سفح تلال «ذراع أبو النجا» وحسب، بل يشمل كذلك مقابر «وادي الملوك» ومقابر الملكات والأمراء الواقعة في «وادي الملكات». ولا بد أنه كان لكل من أجزاء هذه الجبانة البعيدة اسم خاص يُميز به. فمثلًا كانت مقابر الملكات تُدعى «مثوى الجمال»، وهو المكان المعروف الآن باسم «وادي الملكات» (Pap. Abott, 4, II ff). ويؤكد صحة هذه التسمية عبارة جاءت في يوميات ورقة «تورين» حيث أُرسلت لجنة لفحص مقبرة الملكة «إزيس» — ويحتمل أنها الملكة التي أُشير إليها في ورقة «آبوت»: «وقد ذهبت إلى «مثوى الجمال».» ويتضح على ما يظهر من ورقة «آبوت» كذلك أن نفس هذا المكان كان يُسمى «الوادي العظيم» (Ibid, 5, 5).
والمستغرب فيما جاء في الأوراق البردية التي وصلت إلينا حتى الآن أنه لم يذكر لنا اسم «وادي الملوك» بالمصرية. والواقع أننا لا نعرف لهذا المكان اسمًا غير اسم «الوادي» وقد وُجد على استراكا عُثر عليها هناك فعلًا، غير أن ذلك لا يعني أنه يدل على اسمه الكامل.٢٨١
ولدينا اسم آخر يدل على جزء خاص من جبانة «طيبة». وهو «مكان الصدق» أو «المكان الحق» وقد قال عنه «مسبرو»: «إنه الجزء الشمالي من الجبانة العامة الواقع حول معبد «القرنة» و«ذراع أبو النجا».» أما «شرني» فإنه يعتقد أن عبارة «خدَّام بيت الصدق» موحدة بأهل الجبانة دون تخصيصها بمكان؛ وذلك لأن العبارة المذكورة لا تكاد توجد إلا على الآثار التي عُثر عليها في جبانة «دير المدينة» حيث دُفن العمال (Ibid P. 160) وقد وجدنا في ورقتين (Br. Museum, 10053 No. 7, 8 aud No. 10052,8, (7) شخصين كل منهما يُدعى صانع مكان الصدق.
ويقول «إرك بيت»: إذا كان هذا الاسم يُطلق على كل الجبانة فإنه من المدهش ألا نجد بين الألقاب التي في هذه الأوراق البردية إلا اسمين خُصصا بمكان الصدق. وفضلًا عن ذلك فإنه وُجد على ظهر ورقة مصور مناجم الذهب المحفوظة الآن بمتحف «تورين» متن مهشم جاء فيه أن الفرعون أرسل الشريف العظيم ليحضر … … من محاجر حمامات … … إلى مصر. وقد وضعوها — أي الأحجار — في مكان الصدق بالقرب من معبد «رعمسيس الثاني».٢٨٢

ولا نعرف على وجه التأكيد في أي تاريخ بالضبط أصبحت هذه الجبانة مؤسسة حكومية. وتدل شواهد الأحوال على أنه منذ أن بدأ ملوك الأسرة الحادية عشرة يدفنون فراعينهم في غربي «طيبة» كانت تكلف طائفة من الناس بحراسة هذه المدافن، والسهر على العناية بها، وما تحتاج إليه من خدمات. وفي عهد الأسرة السابعة عشرة نجد أن الجبانة الملكية أخذت تشغل مساحة عظيمة.

ولا بدَّ أن اختيار «تحتمس الأول» ﻟ «وادي الملوك» ليكون مقرًّا لجثمانه — هذا بالإضافة إلى زيادة حجم المقابر وفخامتها وعظم النفائس التي كانت تُوضع داخلها — قد اضطر الملوك إلى إيجاد نظام دقيق لتجهيز هذه المقابر، والمحافظة عليها بدرجة كبيرة، نظام يحوطه الكتمام أحيانًا، حتى يخيل إلى الإنسان أنه لا يقترب من المقابر إلا نفر خاص.

هذا وقد ذُكر في مكان آخر (راجع مصر القديمة الجزء الرابع) ما كان للملكة «نفرتاري» زوج «أحمس الأوَّل» وابنها «أمنحتب الأول» من مكانة مقدسة خاصة بين عمال الجبانة، وأن تمثاليهما كانا يقومان بالفصل في المخاصمات بين طوائف العمال، وبين العامل وأخيه في كل المنازعات بوساطة الوحي الذي كان يوحيه التمثال. ولا نزاع في أن ذلك يعني أن هذين الشخصين كان لهما فضل كبير في وضع نظم الجبانة على أسس رسمية متينة؛ ولذلك أصبحا إلهين في عين الشعب.

وقد لاحظ «بروبير» في كتاباته عن هذه الجبانة أن كثيرًا من لبناتها التي استعملت في بناء قرية العمال في هذه الجهة كانت تحمل طغراء «تحتمس الأول»، فكل ذلك يؤكد لنا إقامة نظم الجبانة في باكورة الأسرة الثامنة عشرة على أسس متينة، وقد ظلت تسير في سبل التقدم من خلال هذه الأسرة ثم الأسر التي تلتها حتى نهاية الأسرة العشرين. ومنذ ذلك الوقت أخذت المادة الأثرية التي تحدثنا عن سير العمل في هذه الجبانة تتلاشى، ويرجع السبب في ذلك إلى أن الملوك قد أعرضوا عن دفن جثثهم في جبانة «طيبة»، ولا بد أن هذا العمل كان ضربه قاصمة لسلطان «طيبة»، وبخاصة إذا علمنا أنه منذ الأسرة التاسعة عشرة كان قد أخذ سلطانها يضعف من الناحية السياسية بنقل عاصمة الملك السياسية إلى «بررعمسيس» — قنتيرا الحالية، هذا ولا يدل نقل الموميات الفرعونية وغيرها التي لم تهشم — من مقابرها الأصلية إلى مكان خفي بالقرب من «الدير البحري» في أوائل الأسرة الواحدة والعشرين، على أن الغرض من ذلك المحافظة عليها من عبث العابثين بها وحسب، بل يظهر لنا جليًّا تخلي الحكومة كلية عن العمل في المحافظة على صيانة الجبانة العظيمة الفاخرة التي كانت مقرًّا لأعظم الملوك.

وقد أظهر كل من الأستاذين «شرني» و«برويير» في كتاباته في مواضع كثيرة، ومناسبات عدَّة أن المكان الذي كان يسكن فيه عمال الجبانة فعلًا هو القرية التي كُشف عنها في السنين الأخيرة،٢٨٣ وهي التي تقع جبانتها في التلال المشرفة عليها. ولا نزاع في أن هذه القرية كانت تُعد مكانًا مناسبًا وطبيعيًّا للعمال الذين كانوا يشتغلون في جبانة «وادي الملكات» وهي مسافة معقولة من معبد «رعمسيس الثالث» الجنازي الذي كان يُعد مركزًا فعليًّا لإدارة الجبانة في عهد الأسرة العشرين، كما تشير إلى ذلك الوثائق الخاصة بهذه الجبانة، وكما تشير كل المؤسسات الدينية التي أقامها «رعمسيس الثالث» كما أوضحنا ذلك في مكانه، على أن هذه القرية لم تكن كذلك بعيدة بالنسبة للعمال الذين كانوا يعملون في «وادي الملوك»؛ لأن العامل كان لا يقطع إلا نصف ميل على التلال ليصل إلى أبواب الملوك.

(١٠-١) إضراب العمال في عهد «رعمسيس الثالث»

ويمكن الباحث أن يستخلص بعض التفصيلات الجغرافية بالنسبة للجبانة من متون أوراق البردي، وبخاصة من ورقة إضراب العمال، وهو ذلك الإضراب الذي حدث في السنة التاسعة والعشرين من حكم «رعمسيس الثالث».٢٨٤
وكان العمال وقتئذ قد أظهروا سخطهم لقلة الجرايات التي تُصرف لهم، ويُقال إنهم بسبب ذلك كانوا في مناسبات عديدة قد اخترقوا جدران الجبانة الخمسة، واتجهوا نحو المعابد الجنازية الكبيرة احتجاجًا، فذهبوا إلى معبد «تحتمس الثالث»، وإلى معبد «مرنبتاح»، وإلى معبد «رعمسيس الثاني»، وفي مناسبة واحدة ذهبوا إلى معبد «رعمسيس الثالث». وقد أُرخت هذه الورقة التي يُطلق عليها «ورقة الإضراب» بالسنة التاسعة والعشرين من عهد هذا الفرعون. وتدل شواهد الأحوال من هذه الفقرات على أن العمال قد غادروا الجبانة التي كانت محاطة بخمسة جدران ودخلوا هذه المعابد التي كانت خارجها، وكذلك يحق لنا أن نستنبط من بعض ما جاء في هذه الوثيقة(P. and R. XLV, 9) أن حصن الجبانة كان على شاطئ النهر، وعلى ذلك فإن لم يكن هذا الحصن منعزلًا تمامًا عن الجبانة نفسها فلا بد إذن أنها كانت — الجبانة — تمتد حتى النهر، وعلى ذلك يدخل في حيزها المعابد الجنازية، وأن هؤلاء المضربين عندما تخطوا الجدران الخمسة كانوا قد دخلوا الجبانة لا أنهم غادروها. والواقع أننا نقرأ في إحدى فقرات هذه الوثيقة (P. and R. XLIII, 7) ما يأتي:

إن العمال قد تعدوا الجدران وجلسوا في الجبانة.

ولا بد أن هذه الجدران كانت مقامة بالقرب من قرية العمال؛ لأنه جاء في نفس الورقة (P. and R. XLIV, 11):

لقد ذهب العمال ليعبروا الجدران التي خلف القرية.

وعلى أية حال فإن هذا موضوع غامض حتى الآن، وربما تكشف عنه الحفائر القائمة في هذه الجهة. وقد كان العمال يشتغلون لحساب الدولة. ويدل ما لدينا من معلومات حتى الآن على أنهم لم يتسلموا أجورًا، بل كانت الحكومة تمدهم بالجرايات كما لاحظنا ذلك في حالة العمال الذين كان يستعملهم «رعمسيس الثاني» في قطع الأحجار من محاجر الجبل الأحمر، فكان يمدهم بكل ما يلزمهم من طعام وملبس — حتى العطور (راجع مصر القديمة الجزء السادس).٢٨٥ وعلى أية حال فإن هذه المواد كانت في العادة تحتوي على حبوب تُصرف من مخازن الغلال يوزعها الفرعون بوساطة الوزير، وكذلك السمك والخضر والزيت والملابس الخ. وتوزيع هذه المواد كان يجري بطريقة منظمة في الأوقات العادية التي لا يسودها قلق أو اضطراب. ولكن في عهد الأسرة العشرين الذي خرجت فيه البلاد من حروب طاحنة، وسبقها احتلال أجنبي كان توزيع الجرايات فيه مختلًّا؛ إذ كان يُصرف تارة وتارات ينقطع. وقد كان جواب العمال الذين ليس لهم مصدر رزق إلا هذه الجرايات هو التوقف عن العمل والإضراب حتى تأتيهم أرزاقهم، وقالوا:
ليس لدينا ملابس ولا زيت ولا سمك ولا خضر، أرسلوا للفرعون سيدنا العظيم بخصوص هذه الأشياء، وكذلك أرسلوا للوزير رئيسنا حتى يمدنا بما نعيش به.٢٨٦
وقد كانت أمثال هذه الشكاوى تُقابَل في العادة بصرف بعض ما يستحقه العمال، فكان ذلك يهدئ من ثورة العمال لبضعة أيام ثم يعودون إلى الإضراب عن العمل إذا جاعوا. وقد تسبب عن ذلك أن ضاعت على الحكومة عدة أيام بدون عمل بسبب جوع العمال إلى درجة تجعلهم في غاية الضعف عن القيام بأي عمل. وقد زاد في ضياع الوقت والارتباك الداخلي وجود عناصر أجنبية معادية في البلاد، وبخاصة «النوبيين» و«اللوبيين» و«المشوش» الذين كانوا قد بدءوا يعيثون في الأرض فسادًا، ويضطهدون الأهلين، ويستولون على أمتعتهم اغتصابًا.٢٨٧

وقد كان من واجبات كُتاب الجبانة أن يقيدوا في يوميات محفوظة عندهم الحوادث الهامة، وقد وصلت إلينا أجزاء من هذه اليوميات يرجع تاريخها إلى الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين. ومن هذه اليوميات والأوراق الخاصة بالسرقات التي وصلت إلينا نستطيع أن نكوِّن فكرة لا بأس بها عن نظام هذه الجبانة وحياة العمال فيها.

وكانت طائفة العمال على ما يظهر تتألف من عشرين ومائة عامل في العادة، وكانوا يُقسمون قسمين: قسم اليمين، وقسم الشمال. وكان كل قسم تحت سلطة رئيس عمال، وكان لكل كاتب وظيفته وهي حفظ سجل للحسابات، ولا نعرف أصل هذا التقسيم، غير أنه كان شرطًا أساسيًّا، وكانت أمور كل قسم محفوظة على حدة تمامًا. وكان لكل قسم وكيل ربما كان يحل محل الرئيس إذا غاب، وكذلك كان للعمال مفتشون كان لهم على ما يظهر عمل معين؛ إذ نجد في ورقة الإضراب عاملًا يقول لأحد الكتبة ولأحد رؤساء العمال:

إنكم رؤساؤنا، وأنتم مفتشو الجبانة.

وكان بعض العمال يوصفون بالألقاب التي تدل على واجباتهم الخاصة؛ فمثلًا نجد من بينهم من يُميزون بأنهم نحاتون، أو حفارون، أو صناع، أو قاطعو أحجار، أو صُناع جبس وهم الذين يُعتبرون أحيانًا بنائين، أو صانعي فخار.

وكان يقوم بعمل الشرطة في الجبانة جنود المازوي، وكانوا في قديم الزمان من النوبيين، غير أنهم في نهاية الأمر أصبحوا من المصريين كما ذكرنا من قبل (راجع مصر القديمة الجزء الخامس)، وكان على رأسهم ضابطان.

وكانت وظيفة كل من رئيس العمال والكاتب من الأهمية بمكان في الجبانة، ولهما ميزات خاصة؛ فمثلًا نجد في توزيع الجرايات أنه كان للواحد منهما ضعف٢٨٨ ما للعامل العادي أحيانًا. ولدينا ورقة من الأوراق قد سُجل فيها تقسيم زيت، فقد تسلم رئيسان «هنًا» لكل منهما، في حين أن سبعة عشر رجلًا كان نصيب الواحد منهم (٢٫٥ هنًا) من الزيت، وثمانية آخرون كل واحد منهم تسلم هنًا ونصف هن.

وتدل شواهد الأحوال على أن وظيفة الكاتب كانت وراثية؛ إذ في مقدورنا تتبع وراثة هذه الوظيفة في هذه الجبانة الملكية بدون انقطاع في خلال الأسرتين العشرين والواحدة والعشرين.

ويجدر بنا بهذه المناسبة أن نذكر شيئًا عن هذه الأسرة، إذ هي في الحقيقة تمثل لنا صفحة من تاريخ هذا العصر الغامض، وبخاصة في هذه الجبانة وما جرى فيها من أحداث جسام. كان الكاتب «بوتهامون» بن «تحتمس» الموجودة موميته وتابوته في «متحف بروكسل» الآن من أسرة كتبة مكلفين بملاحظة وإدارة العمال الذين كانوا ينحتون في الصخور في «وادي الملوك» مقابر ملوك الدولة الحديثة. ويرجع الفضل في الوقوف على معرفة ستة من أعضاء هذه الأسرة المرتبين ترتيبًا تاريخيًّا إلى «تحتمس» هذا؛ فقد نقش أسماءهم على صخرة، وهؤلاء كانوا على التوالي كتبة للقبر الملكي في عهد الأسرة العشرين. وكل هؤلاء معروفون لنا من الكتابات التي تركوها إما على البردي، وإما على الاستراكا. وهذه الوثائق تمكننا من تتبع تاريخ هذه الأسرة. وعلى الرغم من أنه هزيل في كثير من تفاصيله يلقي ضوءًا على الحوادث الكبيرة والصغيرة التي وقعت في جبانة «طيبة» وتصف لنا ما تقلب فيه عمالها من أحداث.

وأول عضو معروف لنا في هذه الأسرة يحمل لقب كاتب هو «موت نخت» وقد عاصر الفرعون «رعمسيس الثالث» وأخلافه المباشرين. أما والده «إبوي» الذي كان يُذكر غالبًا في المتون فلم يحمل ألقابًا قط. وعلى ذلك لم يكن كاتبًا. ومن المحتمل أنه موحد مع العامل الذي كان يحمل نفس الاسم، وهو الذي صادفنا اسمه بين العمال العاديين للقبر الملكي في نهاية الأسرة التاسعة عشرة وبداية الأسرة العشرين. أما توحيده مع «إبوي» صاحب المقبرة الجميلة التي تقع في «دير المدينة» (رقم ٢١٧) فأمر فيه شك كبير. وقد عُين «آمون نخت» كاتبًا للقبر الملكي في السنة السادسة عشرة من عهد «رعمسيس الثالث» بقرار من الوزير «تا»، وقد أظهر «آمون نخت» اعترافه بالجميل لهذا الوزير دائمًا لهذا التعيين حتى إنه سمى ابنه «تا» عرفانًا وولاء لوزيره. ونعرف من أسرة هذا الكاتب غير ابنه «تا» اسم زوجه «تاورت محب» وابنه «حورشرى» الذي ورث والده في وظيفة كاتب، وكذلك نعرف ابنة نجهل اسمها غير أنها قد عُرفت بأنها سارقة لجلبابين، وقد كشف عن سر هذه السرقة وحي تمثال الإله في السنة الخامسة على ما يُظن من عهد الفرعون «رعمسيس الرابع» خلف «رعمسيس الثالث» على العرش. وقد كان «آمون نخت» يظهر غالبًا بوصفه شاهدًا في الخصومات والمعاملات التجارية التي تجري بين العمال، وقد لعب دورًا هامًّا في الاضطرابات التي حدثت في السنة التاسعة والعشرين من عهد «رعمسيس الثالث» حيث كان العمال يتسلمون جراياتهم التي يعيشون عليها بطريقة مرتبكة غير منظمة كما ذكرنا، مما أدى في نهاية الأمر إلى الإضراب عن العمل، فقد ترك العمال أعمالهم وتجمهروا على مقربة من المعابد الملكية الجنازية. وقد بذل «آمون نخت» كل ما في وسعه لتهدئة خواطرهم مع إظهار عطفه على قضيتهم، كما أظهر ولاءه في الوقت نفسه لرئيسه الوزير. وقد كانت السنين الأولى من حكم «رعمسيس الرابع» يعتورها الاضطراب والقلق بسبب صعوبات داخلية، وعندما ساد السلام وعاد النظام إلى ربوعه وجدنا «آمون نخت» يرحب بهذا العهد الجديد في قصيدة وصلت إلينا منقوشة على قطعة خزف (استراكا) محفوظة الآن في «تورين»، وقد وجدنا أن «آمون نخت» كان لا يزال على قيد الحياة في السنة الثانية من عهد «رعمسيس الخامس»، ويظهر أنه ودع هذه الحياة في السنة السابعة من حكم ملك لم يسمَّ باسمه، ويحتمل أنه «رعمسيس السابع»؛ لأن تركته في هذه السنة قد قُسمت بين المواطنة «تاورت محب» زوجه وبين أولاده. وقد ورث «حورشرى» والده «آمون نخت» في وظيفة كاتب القبر الملكي، وقد كان في حياة والده يعمل رسامًا، وكان عمله الهام رسم وتلوين المناظر والنقوش على جدران القبر الملكي، وكذلك نعلم أنه قد أنجز أعمالًا مختلفة للعمال وغيرهم من سكان جبانة «طيبة» فكان يصنع — ويلون على وجه خاص — التوابيت الخشبية. ولا يزال لدينا عدة قوائم حساب للكاتب «حورشرى» تظهر أن عمله كان مصدر دخل عظيم جدًّا له، وقد وجدنا أنه طلب رشوة في مرة من والد كان يرغب في ترقية ابنه. وفي السنة السادسة عشرة من حكم الفرعون «رعمسيس التاسع» نجد «حورشرى» وزميلًا له يقومان بنشر فضيحة عظمى في «طيبة» وذلك برفع تظلم أمام عمدة «طيبة» الشرقية المسمى «باسر» بخصوص سرقات ارتكبت في المقابر الملكية في غربي «طيبة»، وقد سمع «باسر» لما قالا وألقى المسئولية على عمدة «طيبة» الغربية «باورا» الذي كان يكرهه. وقد استمرت القضية مدة طويلة، والوثائق التي وصلت إلينا تظهر أن الرأي كان يميل إلى إخفائها والتغاضي عنها. وقد تظلم «باورا» من هذين الكاتبين لأنه كان الواجب عليهما أن يقدما تقريرهما لرئيسهما المباشر وهو الوزير لا إلى عمدة «طيبة» الشرقية. ولا نزاع في أن «حورشرى» وزميله كانا مخطئين، غير أن اتهامهما له كان حقًّا؛ ولذلك لم يجسر أحد على إلحاق أي ضرر بهذين الكاتبين. وقد استمر «حورشرى» يشرف في سلام على أمور عمال القبر الملكي في السنة السابعة عشرة من عهد «رعمسيس التاسع» ونرى بجانبه ابنه «خعمحزت»، وقد كان يشرف فعلًا مع رئيسي العمال على فرقة عمال القبر الملكي. وبعد ذلك نجد «خعمحزت» هذا يظهر وحده في السنة الثالثة من عهد «رعمسيس الثالث»، غير أن معلوماتنا عنه ليست وافية؛ لأن ما لدينا عنه من وثائق قليل جدًّا، أما الوثائق التي عن ابنه «تحتمس» فهي على العكس، مهمة نسبيًّا، وكثيرة.

فقد كان «تحتمس» في صباه يشتغل عاملًا عاديًّا في فرقة العمال قبل أن يصبح كاتبًا، وفي السنة الثانية عشرة من عهد «رعمسيس الحادي عشر» نجد أنه قد ارتقى إلى وظيفة كاتب للقبر الملكي، وجباية العشر من الحصول عند الفلاحين في الإقليم الواقع جنوبي «طيبة». وفي السنة الثامنة عشرة من حكم هذا الفرعون نقرأ أنه كان يشرف على النجارين الذين كانوا يشتغلون في قارب الوزير مرات عديدة. وقد دُوِّن اسم بيت «تحتمس» في بردية محفوظة الآن «بالمتحف البريطاني»، وتحتوي هذه القائمة على أسماء بيوت «طيبة» الغربية. وكان هذا البيت واقعًا بجوار معبد مدينة «هابو» حيث كانت قد نقلت وقتئذ قرية عمال القبر الملكي، أما مكانها الأصلي القديم في «دير المدينة» الحالية فلم يكن في مأمن بسبب الغزوات التي قام بها «اللوبيون» في عهد «رعمسيس التاسع». وقد ذكر «تحتمس» هذا مرات عدة في سلسلة وثائق هامة مؤرخة بعهد النهضة — الذي يؤلف جزءًا من عهد «رعمسيس الحادي عشر» — ولها علاقة بالسرقات الجديدة في جبانة «طيبة». وقد كان «تحتمس» هذا وزميله الكاتب الثاني للقبر الملكي المسمى «نسأمنمؤبى» حاضرين عند التحقيق مع اللصوص، وكانا أحيانًا يوجهان أسئلة للمتهمين لتوضيح تفاصيل كان يُخيل إليهما أنها غامضة.

وعلى أثر موت «رعمسيس الحادي عشر» أعلن الكاهن الأكبر «حريحور» نفسه ملكًا على مصر، ونصب ابنه «بيعنخي» وزيرًا؛ وبذلك أصبح «بيعنخي» رئيس «تحتمس» وابنه «بوتهامون» الذي شغل مدة وظيفة كاتب القبر الملكي في وقت واحد مع والده، وقد كان كل منهما على اتصال وثيق مع «بيعنخي» ووالدته الملكة «نزمت»، وكانا غالبًا ما يكلفانهما بمأموريات سرية. وقد استقينا معلوماتنا عن اتصالهما مع «بيعنخي» ووالدته من سلسلة رسائل تتألف منها الرسائل التي كتبها «تحتمس» — الذي كان يُسمى أحيانًا «زروى» — ومن رسائل «بوتهامون». ومن المحتمل أن هذه الرسائل المشتتة الآن في متاحف العالم كانت في الأصل في بيت «بوتهامون» القائم حتى يومنا هذا خلف معبد مدينة «هابو» على مقربة من جدار السور العظيم. وقد ترك لنا كل من «تحتمس» و«بوتهامون»، وبخاصة الأخير منهما عددًا كبيرًا من النقوش على صخور جبل «طيبة». ونجد أن الكاتب عادة كان يكتفي بذكر اسمهما، وأحيانًا يضيف لنا التاريخ وسبب الزيارة أو يحفر لنا صلوات قصيرة.

وقد قام «بوتهامون» بنقل الموميات الملكية إلى الخبيئة التي أمر كهنة «آمون» العظام بنقلها فيها حفظًا لها من اللصوص الذين كانوا لا ينفكون يحفرون قبور الفراعنة طلبًا للكنوز، وإقلاق راحة الأموات.

والسنة الثالثة عشرة كما هو المظنون من عهد الملك «بسونيس الأول»، وقد وُجدت مكتوبة على لفائف الملك «رعمسيس الثالث»، هي آخر تاريخ تصادف فيه اسم الكاتب «بوتهامون». وكان ابنه يُدعى «عنخفنآمون» وهو الذي خلف في وظيفة كاتب للقبر الملكي. ولكن ليس لدينا من الوثائق عنه إلا نقش كتبه على جدار قبر «بدير المدينة» وهذا النقش يحتوي صلاة لوالده المتوفى، والكاتب «عنخفنآمون» هو آخر عضو نعرفه في هذه الأسرة، وقد عاش في النصف الأخير من الأسرة الحادية والعشرين.

وقبل أن نختم كلامنا عن جبانة «طيبة» نجد لدينا سؤالًا واحدًا تجب الإجابة عنه، وهو: من هم الموظفون الخارجون عن دائرة الجبانة الذين نسمع عن علاقتهم بها في ورقة الإضراب؟ والواقع أننا إذا حكمنا عليهم من ناحية الاسم فقط أمكننا أن نقول على وجه الحدس إنهم كانوا أشخاصًا أخذوا بنصيب من العمل في الجبانة أو الحياة فيها، وفي الوقت نفسه قد لا يكونون متصلين أو عائشين في نفس الحي، أو أنهم قد أُتي بهم تحت رياسة موظفي الجبانة لتوزيع الجرايات أو لحفظ النظام. وهذه النظرية تتفق تمامًا مع الحقائق المعروفة عن هؤلاء الأفراد، والكلمة المصرية «سمدت» يظهر أنها تعني هيئة موظفين لمؤسسة. ولا بد أنه كان هناك نظريًّا هيئة داخلية، كما كان هناك هيئة خارجية. والواقع أنه كان هناك هيئة غير أنها لم تكن معروفة بهذا الاسم، بل كانت تُعرف بكلمة تدل على طائفة عمال وحسب. وورقة الإضراب تحتوي يوميات هامة لها علاقة بهذه النقطة، فقد جاء فيها:٢٨٩

السنة التاسعة والعشرون، الشهر الثالث من فصل الفيضان، اليوم الثاني (؟) تفصيل عن تشغيل طائفة عمال الجبانة.

ثم تأتي بعد ذلك اليومية التالية: «طائفة العمال بأكملها.» ويتبع ذلك العنوان حملة الماء ويُذكر معهم ستة أشخاص، ثم «حملة الخضر» ويُذكر ستة أسماء كلهم يُلقبون بستانيين أو نواب بستانيين. وبعد ذلك «جالبو سمك» ويُذكر أربعة أسماء.

ومن ذلك يظهر أن كل هيئة العمال كانت من القرية نفسها وليسوا غرباء وكانوا يقومون بتوريد الماء والخضر والسمك.

هذه نظرة عامة عن الحياة في جبانة «طيبة» الغربية التي كانت تُعد في الواقع بمثابة جزء من مدينة «طيبة» الكبرى. وسنرى في عهد الملوك الذين خلفوا «رعمسيس الثالث» تفاصيل عن بعض الموضوعات التي ذكرناها هنا باختصار على أن الحياة التي كانت تدب في أنحاء هذا البلد الأمين أخذ مصباحها ينطفئ دفعة واحدة وهجرت، ولم يعد الملوك يحفرون مقابرهم فيها، أو يشيدون معابدهم في ربوعها، ومن ثم انتقل عمال القبر الملكي إلى مكان آخر، أو استغنى عنهم، وقد كان من جراء ذلك أن اختفت عن أعيننا أسرة الكتبة، وكذلك العمال الذين أحيوا تاريخ «طيبة» وجبانتها التي كان المصري يسميها «بيت الحياة» مدة قرن ونصف قرن. وقد انتقلت هذه الأبهة، وهذه العظمة إلى الشمال في «تانيس» العاصمة الدينية حيث حفر الفراعنة قبورهم التي كُشف عنها حديثًا.٢٩٠

(١٠-٢) صناعة الكتابة

ولا غرابة في أن نجد صناعة الكتابة من أعلى الصناعات وأحبها إلى المصري في ذلك العهد من التاريخ، ولقد كانت الأحوال تستدعي التمسك بها والمحافظة على تعلمها؛ ففضلًا عن أنها كانت تقف المرء على الحياة الاجتماعية والعادات والتقاليد كما هي وظيفتها اليوم، فقد كانت — إذا ما قيست بغيرها من الصناعات والمهن — أشرفها وأعلاها، وإذا صدَّقنا ولو بعض الشيء الصورة التي كان يصورها لنا الكاتب عن الصناعات الأخرى وبخاصة حرفة الفلاحة وقفنا منها على ما كان يعانيه الفلاح المصري من بؤس وشقاء من ذلك الخطاب النموذجي الذي صُور بصورة تذكرنا بما كان يجري في عهد المماليك عندما أخذوا يعيثون في الأرض فسادًا، ويظلمون الفلاحين، ويستنزفون دماءهم قبل تولية محمد علي. فاستمع لما جاء في هذا الخطاب الذي كتبه والد لابنه عندما سمع أنه ترك تعلم الكتابة لانخراطه في سلك فلاحة الأرض وتثميرها:

لقد نُبئت أنك قد أقلعت عن صناعة الكتابة، وانغمست في اللهو واللعب، ووليت وجهك نحو العمل في الحقول، فهلا تذكر حالة الفلاح وهو يواجه بتسجيل ضرائب المحصول عندما تكون الحية قد قضت على نصف الغلة، والتهم جاموس البحر البقية الباقية؟ والفئران تنتشر في الحقول، ويحط عليها الجراد والماشية فيلتهم محصولها، والطيور تأتي بالمصائب على المزارع، وكل ما يبقى بعد ذلك على رقعة «الجرن» يؤتى عليه؛ إذ يقع غنيمة باردة في يد اللصوص، ويغرم الفلاح بعد ذلك أجرة الماشية التي استأجرها (للحرث والدرس).

وزوج الثيران ينفق وهو يدرس الأرض ويحرثها.

والآن يرسو الكاتب عند شاطئ النهر، ويسجل ضريبة المحصول، وعندئذ يُشاهد البوابون حاملين عصيهم، والنوبيون وبأيديهم جريد النخل قائلين: «سلم الغلة.» في حين أنه لم يبقَ منها شيء. فيضرب الزارع في كل مكان من جسمه، ويشد وثاقه ويلقي به في البئر رأسًا على عقب. أما زوجه فتوثق كذلك أمامه، ويغل أولاده، وإذ ذاك يهجرهم جيرانهم ويولون الأدبار. وهكذا تطير غلتهم.

أما الكاتب فهو فوق كل شيء، فإن من يتخذ الكتابة صناعة له لا تفرض عليه ضريبة ولا يدفع جزية ما، فالتفت إلى ذلك جيدًا.

وهذا الخطاب على الرغم مما فيه من مبالغة يشعرنا بأن الضرائب كانت تُجبى بفظاظة وقسوة، وقد كانت هذه الحال هي السائدة — على ما يظهر — في مصر حتى القرن التاسع عشر الميلادي.

ولدينا خطاب آخر من هذا النوع يصور لنا نفس الحالة مع بعض تفاصيل أخرى:

كن كاتبًا، ضع هذه المهنة في قلبك، ولا تُعرضن عنها، وإلا أجبرتك على أن تكون مزارعًا تُلزم بدفع ثلاثمائة حقيبة غلال، وتُكلف القيام على عدة حقول ثلثاها مملوءان بالأعشاب الضارة، وهذا القدر أكثر من الغلة نفسها، وبذلك يدب اليأس في قلبك، فلا تبذر البذر (في الأرض) فتتركها تسقط على الأرض، وتهز رأسك مستسلمًا قائلًا: سأفعلها (أي سأبذرها)، ثم يأتيك زمن الحصاد فترى ما قمت به، وحينئذ تجد أنها حمراء وعالقة بالأرض، أو قد أُلصقت بالحجر، وكذلك تجد أن زوج الثيران الذي أحضرته للحرث قد سقط في الوحل — يقصد الثورين اللذين قد استأجرهما للحرث — وعندئذ يأتي الراعي ليأخذهما ثانية فتقف مبهوتًا، ثم يأتي المشرف على الماشية في جولته التفتيشية، وعند ذلك يضطرك الموقف للإجابة (بأنهما ليسا هنا)، وعلى ذلك تغرم البقرتين، ويُنتزع منك عجلاهما. افهم ذلك جيدًا.

وهكذا نشاهد أن الفلاح المصري منذ خمسة آلاف سنة لا يزال هو هو بعينه الآن يحمل أعباء الحياة التي يتمتع بها غيره ممن يحترفون المهن الأخرى وبخاصة رجال الدواوين والمصالح الحكومية وأصحاب رءوس الأموال الذين أسعدهم الحظ بتعلم القراءة والكتابة، غير أن بوادر الأحوال وما حدث في العالم من تطور يشعر بقرب تغير هذه الحالة المرذولة إلى ما هو أحسن.

(١٠-٣) الصور الهزلية

والواقع أن شواهد الأحوال تدل على أن الحياة في مصر في ذلك العهد كانت آخذة في التدهور، وبخاصة بعد الحروب الطاحنة التي قاست خلالها البلاد البؤس والشقاء؛ مما دفع أصحاب الأقلام إلى وصفها بأبشع الصور، كما أخذ المفتنون يصورونها لنا في صور هزلية رمزية، ولا غرابة؛ فقد كان المصري ميالًا بطبيعته إلى الرسوم الهزلية، حتى إنه استعملها في كثير من الأحوال لتدل على النقد اللاذع، والتهكم المشين، وأبرز للعالم أفكاره مصورة في هيئة حيوانات دلالة على ما يرمي إليه، وقد تناول في ذلك موضوعات كثيرة تمثل الظلم والعدل على ألسنة الحيوانات؛ مما يعيد إلى أذهاننا قصص كليلة ودمنة، ولم يفلت من يد المفتن المصري أحد حتى الفراعنة أنفسهم؛ فقد أظهرهم في صوره الهزلية التي تدل على السخرية والامتهان، ولا أدل على ذلك من تلك المناظر التي سخر فيها كُتَّاب هذا العصر من رجال الجندية ووظائفهم ومجدوا الكتاب والكتابة شعرًا ونثرًا، فقد أخذ المصورون يمثلون الحروب ومناظرها في عهد «رعمسيس الثالث» وغيره بصور حيوانات بدلًا من الرجال، وقد يكون سبب ذلك ملل الناس من الحروب في هذه الأوقات، فسخروا منها كما سخروا من رجال الجندية، وإنا لنجد في أحد الأوراق المحفوظة الآن في «متحف تورين» صورة هزلية رائعة، مُثل فيها فرعون كل الفئران ممتطيًا عربته التي تقودها الكلاب السلوقية، وهو يهاجم بشجاعة وبطش جيشًا من القطط، على حين تدوس جياده الساقطين من الأعداء تحت أقدامها، وقد كانت فرقته في الوقت نفسه تتقدمه مهاجمة حصنًا يدافع عنه جيش عظيم من القطط، وقد مُثل هؤلاء الفئران وهم يهاجمون هذا الحصن بنفس الحمية والشجاعة والإقدام التي تظهرها الجنود المصرية عندما كانوا يهاجمون حصنًا سوريًّا، وهكذا نرى أن الصور الهزلية التي نقتبسها الآن عن المجلات الإفرنجية ليست إلا اقتباسًا توارثته الأجيال منذ آلاف السنين مما كان عند المصريين. وهكذا نرى أن المصري كان يهاجم حتى الفرعون نفسه عندما تشتد به الحالة، وتعضه الحروب الطاحنة بأنيابها حتى يسأمها؛ فيظهر ما تخفيه نفسه بالصور الهزلية المعبرة التي تعبر عما في ضميره أكثر من الألفاظ.

والواقع أن الحيوانات احتلت مكانة عظيمة في تمثيل المناظر الهزلية أو المسلية العالمية، فكان ينسب إليها كل الانفعالات والهنات الإنسانية، وقد كان القاص يجعل السبع أو الفأر أو ابن آوى ينطق بأحاسيس إنسانية يُستخلص منها عظات عالمية، ولا نزاع في أن «لافونتين» كان له أسلاف على شاطئ النيل لم يعرف عنهم إلا القليل، وقد كان المثال المصري يضع آلته تحت قاص الخرافات بصوره الهزلية التي كان يبرزها؛ مما كان يضفي على سخرية القصة من الروعة والنقد اللاذع أكثر مما تعبر به الألفاظ، فحيث نجد المؤلف قد ذكر باختصار أن ابن آوى والقط قد أجبرا فريستهما من الحيوانات التي يريدان التقامها؛ أن يقوم على خدمتهما ورعاية شئونهما لتكون غذاء شهيًّا في أوقات فراغهما نجد أن المثال قد صور ابن آوى والقط مجهزين بوصفهما فلاحين على ظهر كل منهما حقيبة، وعلى كتف كل منهما عصا، ويمشيان خلف قطيع من الغزلان أو من الأوز المسمن، وإنه لمن السهل أن يتنبأ الإنسان بمصير تلك الفريسة المنكودة الحظ. وفي مكان آخر نجد ثورًا يجلب أمام سيده قطًّا قد غشه، وقد كان نصيبه بما عُرف عنه من البلادة أن يوقع عليه العقاب لسوء فعلته؛ لما ارتكبه من تصرف مشين مع القط إذ اتهمه زورًا وبهتانًا.

وقد كان لألفاظ القط الماكر المعبرة بدقة أمام القاضي الذي مُثل برأس حمار يمسك عصا الحكم، ويرتدي ملابس شريف من عظماء القوم؛ تأثير في القصة على القاضي، وهذه القصة تذكرنا بالمناظر التي تُشاهد في قاعة العدل التي كان يعقدها رب «طيبة».

وفي مكان آخر نجد قصة مُثل فيها حمار وأسد وتمساح وقرد تمثل كلها جوقة موسيقية يضرب كل منها على آلة خاصة، وفي منظر ثالث نشاهد سبعًا وغزالًا يلعبان الضامة معًا، وكذلك نشاهد قطة أنيقة وضعت زهرة في شعرها، وقد حدث بينها وبين إوزة خلاف، فتضاربا معًا، وقد تقهقرت القطة إلى الوراء مذعورة حين خافت على نفسها. وهكذا نرى كثيرًا من الصور والرسوم الرمزية التي وضعها مؤلفوها لتدل على مقاصد معينة أبرزوها في صور خفية في عهدهم كما فُعل في كتاب كليلة ودمنة (راجع Maspero, The Struggle of the Nations p. 499 ff).

(١١) الحياة الدينية

سارت الحياة الدينية في مجراها الطبيعي الذي كانت تسلكه بعد الانقلاب الديني الذي وقع عقب موت الفرعون «إخناتون» وهو الذي به عادت ديانة «آمون» والآلهة الآخرين سيرتها الأولى بعد أن كان «إخناتون» قد قضى عليها جملة، فأصبحت العبادات في ظاهرها وكأن الإصلاح الذي قام به هذا النبي لم يحدث، وقد ذُكر آنفًا ما كان لدين «إخناتون» المنطوي على عبادة إله واحد من أثر عميق في نفوس القوم وبخاصة ظهور الورع الشخصي، ومناجاة الفرد ربه، واتكاله عليه في كل أعماله وتصرفاته، والالتجاء إليه في كل الشدائد التي تنتابه والمصائب التي كانت تنزل به.

ولكن من جهة أخرى نشاهد أنه كان من أثر عودة عبادة «آمون» والآلهة الآخرين إلى ما كانوا عليه من قبل؛ مبالغة القوم وبخاصة رجال الدين يؤازرهم رجال الحكومة في الحفاوة بالآلهة وتقديسهم بإقامة الشعائر اليومية الطويلة بصفة رسمية منظمة أكثر مما كانت تُقام من قبل، هذا بالإضافة للأعياد التي كانت يُحتفل بها في مناسبات عدة فقد زيد في عدد أيامها.

(١١-١) الشعائر اليومية

وقد ترك لنا «سيتي الأول» على جدران المحاريب الست٢٩١ التي أقامها في معبد العرابة للآلهة «أوزير» و«حور» و«إيزيس» و«آمون» و«حرمخيس» و«بتاح» مناظر تمثل الشعائر التي كانت تُقام يوميًّا للإله «آمون». وقد وصل إلينا غير هذه المناظر عن هذه الشعائر اليومية ثلاث برديات دُوِّنت عليها الأحفال التي كانت تُقام يوميًّا للآلهة، وكلها محفوظة «بمتحف برلين»٢٩٢ ويرجع عهدها على ما يظهر إلى الأسرة الثانية والعشرين، وهذه المصادر وغيرها تدل محتوياتها على أنه كانت في مصر وحدة عظيمة منظمة لإقامة الشعائر الإلهية اليومية للإله.
fig25
شكل ٩: صورة هزلية تمثل حربًا بين الفئران والقطط (أي بين مصر وسوريا) في عهد «رعمسيس الثالث».
والواقع أن ما جاء في مناظر معبد «سيتي» وما دُوِّن على الأوراق البردية السالفة الذكر يصف لنا جزءًا من الشعائر التي تُقام للإله يوميًّا، وهذا الجزء خاص بإلباس الإله، أو بعبارة أخرى تمثاله وتزيينه وتضميخه ثم إعادته إلى محرابه. ولدينا شعيرة أخرى كانت تُقام للإله تُعد مكملة للسابقة، وهي خاصة بتقديم الطعام له بعد نهاية الجزء الأول. وقد نشر لنا الأستاذ «جاردنر» جزءًا عظيمًا من هذه الشعائر بعنوان شعائر الفرعون «أمنحتب الأول المؤله» (راجع Gardiner, Hieratic Papyri in the British Museum Third series Vol, I, pp. 78–106 and Vol II, pls. 50–61) وقد أضاف إلى هذا المصدر الأستاذ «نلسون» مصادر جديدة أجرى نُقشت على جدران بعض المعابد، أهمها مناظر «الكرنك» التي تركها لنا «سيتي الأول» على ا لجدار الشرقي لقاعة العمد. ومناظر من عهد «رعمسيس الثالث» في معبد «مدينة هابو» على الجدار الشمالي للردهة الأولى (راجع Journal of Near Eastern Studies July 1949 No. 3 P. 201 ff).

وسنتحدث هنا أولًا عن شعائر العبادة الإلهية اليومية، ثم نورد بعد ذلك ملخصًا مختصرًا لرءوس الموضوعات الخاصة بإطعام الإله.

من المعلوم أن الملك كان في الأصل صاحب الحق الأول في إقامة الشعائر للإله بوصفه الكاهن الأول، غير أنه كان بطبيعة الحال ينيب عنه كاهنًا كبيرًا أو أحد عظماء رجال الدين لأداء تلك الشعيرة وغيرها. وقد كانت الشعائر تُقام لتمثال الإله الذي كان يُوضع عادة في محراب صغير يُصنع في معظم الأحيان من الخشب المموه بالذهب والمزخرف بالألوان والمطعم بالأحجار الثمينة. ولما كان التمثال من الخشب فقد كان سهل الحمل على الكهنة في أيام الاحتفال التي كان يُحمل فيها الإله في المواكب. وكان محراب الإله أو بعبارة أخرى قدس الأقداس في المعبد مغلقًا بباب ذي مصراعين مقفل مزلاجه بإحكام ومختوم. والفريضة التي سنفحصها الآن على حسب ما جاء في ورقة «برلين» قد قسمها المصريون أنفسهم ستة وستين فصلًا، ونختصرها هنا بعض الشيء في فصول قليلة.

ويبتدئ الاحتفال بالعنوان التالي:

بداية فقرات الأحفال الخاصة التي تُقام يوميًّا في معبد الإله «آمون رع» ملك الآلهة بوساطة الكاهن العظيم المطهر الذي يكون في خدمته في يومه.

وتتلخص الشعيرة فيما يأتي:

(أ) (أولًا) الأحفال الافتتاحية

كان على الكاهن قبل أن يقترب من قدس الأقداس أن يطهر نفسه ويرتدي ملابس الكهانة الخاصة بهذا الحفل. ويُلاحَظ أن البردية لا تتحدث عن المراسيم التجهيزية التي تحدث عادة في بيت الصباح، غير أنه لدينا متون أخرى من بينها لوحة «بيعنخي» تشير إلى ذلك. ومن جهة أخرى نشاهد أن المناظر التي على جدران المعابد تمثل غالبًا شعيرة التطهير التي كان يقوم بإنجازها الإلهان «حور» و«ست»، وغالبًا ما نرى بدلًا من «ست» الإله «تحوت»؛ فنرى الإلهين يرفعان فوق رأس الملك إناءين خاصين بهذه الشعيرة ويصبان منهما الماء المطهر على رأسه. ويُفهم من الكلمات التي يوجهانها للملك أنه قد تسلم التقديس الملكي الذي بوساطته يكون له الحق وحده في الاحتفال بالخدمة الإلهية. وبعد أن يتخلص الكاهن بهذه الكيفية من كل أقذائه الجسمية يُبخر بالمبخرة ويتقدم مطهرًا بعبيق البخور الأماكن التي يمر فيها وهو متجه نحو الإله.

(ب) فتح المحراب

تشمل هذه الشعيرة سلسلتين متوازيتين من الأحفال. وعلى الرغم من أن المتون لا تقدم لنا أية تفاصيل عن كنه هذا الموضوع فإنه في استطاعتنا أن نقترح مع الأستاذ موريه (Le rituel du Culte divin Journalier en Egypte p. 30-1) أن هذا التوازي يقابل تقسيم مصر التقليدي مملكتين. وعلى ذلك يكون لدينا على التوالي الشعائر التي تُقام للوجه القبلي والشعائر التي تُقام للوجه البحري. وعلى أية حال فإنه على أثر إنجاز الكاهن الطهور الشعيري يقترب من المحراب ويكسر الخاتم المصنوع من الطين ويشد المزلاج، والصيغ الدينية التي يرتلها خلال هذه الأحفال مستعارة مباشرة من أسطورة «حور»: إن ما يحمله إلى الإله هو «عين حور»، وكذلك فإن المزلاج نفسه موحد بإصبع الإله «ست»؛ لأنه يقوم بمثابة عقبة في سبيل إنجاز الخدمة الإلهية، وإن المزلاج هو الذي يفصل الكاهن من الإله المغلق عليه في محرابه، وعلى ذلك فإن شد المزلاج وفتحه يعني إحراز نصر على العدو الأبدي للإلهين «أوزير» و«حور».

(ﺟ) التعبد للإله

وعلى إثر شد المزلاج يفتح الكاهن «أبواب السماء ويكشف وجه الإله»، ثم يركع أمام التمثال مرتلًا الدعوات الصالحات التي تشبه بعض الشيء صيغ الاعتراف بالبراءة (راجع مصر القديمة الجزء الخامس). ومن جهة أخرى تشير هذه الدعوات الصالحات إلى التمثيلية العظمى التي على وشك الإنجاز لإعادة الحياة للإله ثانية، وبعد ذلك ينهض الكاهن ويرتل أناشيد التعبد وينشر العطور على التمثال، ويجعل عبيق البخور يرتفع أمامه ويغمره.

وعند هذه النقطة يستأنف الشعيرة بعنوان: «فصل دخول المعبد» وهو الأحفال الأولى الخاصة بالعبادة مع تلاوة أسطورة «عين حور» بصورة بارزة، وهذه الأسطورة على حسب أقدم رواية — وقد دخل عليها فيما بعد بعض التحريف والفساد بوساطة أسطورة «أوزير» — مشتقة بلا شك من أصل نجمي جملة. وقد كان لها فيما بعد مقابل شمسي: فقد حُكي أن السيد العالمي كان عند بداية الخليقة قد حُرم عينه لسبب لا نعرفه، وكُلف الإلهان «شو» و«تفنوت» بالبحث عنها وإحضارها له، ولكن طال غياب الإلهين حتى إن «رع» قد اضطر أن يضع بدل تلك العين الجاحدة أخرى. وعندما أُحضرت العين في نهاية الأمر بوساطة الإلهين «شو» و«تفنوت» استشاطت غضبًا لما رأت أن مكانها قد احتل. ولكن «رع» رغبة في إرضائها وتهدئة خاطرها حولها إلى «صل» ووضعه على جبينه رمزًا لقوته. هذا فضلًا عن أنه كلفه بحراسته من الأعداء، فيبعث النار والدمار في وجه كل من يقترب منه، وهو الصل الذي نراه في تاج الملك على جبهته.

(د) تقبيل الإله

وعندما يصل الكاهن إلى مدخل المحراب، يتلو كلمات مهدئة تطمئن خاطر الإله، ويجب أن يعرف الإله تمام المعرفة أن الكاهن الذي يقترب منه ليس عدوًّا له، بل حاميه. ثم يذكر الكاهن أنه قد دخل السماء، أي المحراب، ليُشاهد «آمون» وليقترب منه في ساعة بؤسه، وفي هذا القول إشارة إلى خسوف الشمس الذي كان من جرَّائه الهجمات الشديدة المستمرة التي كان يقوم بها «ست» إله الشر، ولكن عين «حور» يؤتى بها إلى الإله لترد له الحياة. وهذه هي اللحظة الفاصلة في إقامة هذه الشعيرة، والنقطة النهائية في تمثيل هذه الدراما.

(ﻫ) فتح المحراب للمرة الثانية

لم يذكر لنا المتن شيئًا عن كيفية انسحاب الكاهن بعد ختام الجزء الأول من تأدية خدمة الإله. والأحفال التي تصحب فتح المحراب للمرة الثانية لا تختلف عن سابقتها في شيء إلا في نقطة واحدة، وذلك أن الكاهن بدلًا من إحضار عين «حور» للإله، يقدم له تمثالًا صغيرًا يمثل الإلهة «ماعت» إلهة العدل والحق والصدق. ونعلم من المتن الطويل الذي يفصل القول في هذه القربات الموحدة هنا بالإلهة «ماعت» — لا في كنهها المعنوي وهو العدالة — بل في معناها المادي وهو القربان الذي يجعل الإله يسترد حياته الجسمية فيقول المتن:
إن عينك اليمنى هي «ماعت»، وعينك اليسرى هي «ماعت»، وجسمك هو «ماعت»، وأعضاءك هي «ماعت»، وملابسك التي تستر أعضاءك هي «ماعت»، وإنك تتغذى من «ماعت» وتشرب «ماعت»، وخبزك هو «ماعت»، وجعتك هي «ماعت»، والبخور الذي تشمه هو «ماعت»، ونفس أنفك هو «ماعت». (Moret op. cit. p. 141).

ومن ثم نعلم أن «ماعت» كانت تلعب نفس الدور الذي كانت تلعبه عين «حور»، لدرجة أنه — بغض النظر عن المظاهر الخارجية — لا توجد فروق رسمية بين الأحفال الشعائرية التي تتوج عمليتي فتح المحراب المتتابعتين.

(و) ملابس الإله

وبعد أن تدب الحياة ثانية في أعضاء الإله ويصبح حيًّا كان من الواجب أن يبتدئ بإلباسه ملابسه، وكان يقتضي ذلك إخراج التمثال من محرابه وإحضار الصندوق الذي يحتوي على أدوات زينته المقدسة، وبعد ذلك يأخذ الكاهن في تطهير التمثال مرتين بالماء وأخرى بالبخور، ثم يضع على جسمه أربع قطع من النسيج: واحدة بيضاء لتمثل الإلهة «نخبت» وهي الإلهة الحامية للوجه القبلي، وقطعة حمراء وأخرى خضراء لتمثل الإلهة «وازيت» الإلهة الحامية للدلتا، وأخيرًا قطعة نسيج قرمزية اللون عادة وتمثل إلهة النسيج «تايت» (راجع Excavations at Giza Vol. vl, Part II, P. 216)، وعند فراغ الكاهن من لباس الإله يأخذ في تزيينه وتزجيجه وتعطيره بكل أنواع العطور والزيوت المختلفة ذات الأريج الجميل، وبعد ذلك يُوضع التمثال ثانية في محرابه، غير أن المتن الذي في متناولنا لا ينص على ذلك صراحة.

(ز) الأحفال النهائية

وأخيرًا كان ينشر الكاهن الرمل أمام التمثال، وقد قرَّب الأستاذ «موريه» بين هذه الشعيرة وشعيرة إرساء حجر الأساس في الاحتفال بإقامة المعابد العريقة في القدم (راجع Ibid p. 202 No. I). وبعد ذلك كان يُطهر الإله بالنطرون، وهذا الطهور كان الغرض منه فتح فم التمثال وعينه (راجع مصر القديمة الجزء الرابع)، وعلى أثر ذلك تعمل عملية التطهير الأخيرة بالماء والبخور وبذلك ينتهي الاحتفال بهذه الشعيرة. وبعد ذلك يغلق الكاهن باب المحراب ويُحكم بالمزلاج ثم ينسحب، وفي خلال هذا الانسحاب يمحو بمكنسة سحرية أثر قدميه من على الأرض، وكذلك يطرد الشيطان الرجيم وبخاصة إله الشر الذي قتله من المحراب (راجع J E. A Vol. 35 6. 82–86) وفي هذه الحالة كان يقوم الكاهن بدور الإله «تحوت» إله السحر. ويذهب الأستاذ «نلسون» إلى أن الكاهن عندما كان يطرد إله الشر كان يمثله نفسه وهو خارج من المحراب في حالة سرية خفية.

(ﺣ) أهمية هذه الشعائر

لم نحاول في معظم الأحيان ترجمة المتون التي تصحب هذه الشعائر، والواقع أنها من الأهمية بمكان، لأنها تظهر لنا أثر ديانة «أوزير» في الشعائر المقدَّسة؛ فالإشارات فيها لعين «حور» كثيرة جدًّا، وقد رأينا من جهة أخرى مشابهات عدة بين الخدمة الإلهية والخدمة الجنازية، التي تعمل للأفراد الذين كانوا يعتنقون المذهب الأوزيري وشعائره، ومن ذلك يمكننا أن نستخلص بحق أن عبادة «أوزير» تُعد من أقدم العبادات التي أسست في مصر، وأنها هي العبادة التي أثرت بقوة على خيال الشعب المصري، غير أنه من الصعب جدًّا إمكان معالجة مثل هذا الموضوع (Blackman J. E. A. Vol V, p. 148–165). ومع ذلك فإنه كان يوجد في مصر مذهب ديني آخر يضارع في قدمه مذهب «أوزير» وشعائره، وأعني بذلك المذهب الشمسي أو عبادة «رع». ولا يمكننا أن ننكر أن عبادة «رع» كانت تلعب دورًا هامًّا في الأحفال الخاصة بالخدمة الإلهية، غير أن هذا الدور كان ضئيلًا، ومع ذلك يظهر بوجه خاص في الدور الذي تلعبه «ماعت» في القربان. ومن المعلوم أن «ماعت» هي بنت الإله «رع»، وبذلك تدخل ضمن المذهب الشمسي من غير جدال، ونلحظ أنها كانت تذكر في إقامة الشعائر موازية لعين «حور» أو موحدة بها كما ذكرنا من قبل. ويجب إذن أن تمثل التيار الشمسي، كما تمثل عين «حور» التيار الأوزيري. وهذان الرمزان «ماعت» و«عين حور» يلعبان دورًا آخر؛ إذ يحلان محل القربان المادي، وإذا فسرنا المتون الخاصة بذلك حرفيًّا يدهش الإنسان من عدم وجود مثل هذه القربان جملة، والواقع أن الشعيرة لا تقدم لنا بوضوح القائمة المفصلة عن الهبات الطيبة التي عملت للإله، غير أنه ليس هناك أي شك في أن هذه الهبات قد وُجدت فعلًا، وانتشار صيغة القربان العظيم هو البرهان الوحيد الذي في متناولنا، هذا بالإضافة إلى الصور التي لا تُحصى المصورة على جدران المعابد، ويُشاهد فيها الفرعون يذبح الضحايا أمام الإله. ويتساءل الإنسان الآن لماذا حلت الرموز محل هذه القربات؟
ولا شك في أن سبب ذلك يرجع إلى الرغبة في أن يكون هناك وجه شبه محفوظ إلى حد بعيد بين إقامة الشعائر والأساطير الإلهية، فالشعائر كانت تُقام على حسب ما جاء في الأساطير ومن وحيها. فنعلم مثلًا أن «حور» عندما وجد ثانية العين التي انتزعها منه الإله «ست» في أثناء الشجار الذي قام بينهما، أهداها بوصفها رمزًا صالحًا بنويًّا لوالده «أوزير»، وبها استرد الأخير حياته، فعين «حور» أصبحت من ذلك العهد رمزًا للقربان، وبخاصة في الأحوال الدينية الجنازية؛ إذ نجد أنه يُنسب إليها إحياء المتوفى ثانية، ويدل الدور الذي تلعبه العين في العبادات الإلهية على أن الإله الممثل في المحراب في صورة تمثال كان ميتًا، وبعبارة أخرى كان يُعد «أوزير» آخر، وهكذا نجد على حسب الأسطورة أن «إزيس» قد وجدت ثانية جسم «أوزير» مقطعًا أربع عشرة قطعة على يد «ست»، وكان أول ما عنيت به هو جمع أعضاء زوجها، ويقول المتن على حسب ما جاء في هذه الشعيرة:

إن عين «حور» قد رتبت عظام آمون وجمعت أعضاءه.

وفي متون أخرى نجد إشارة إلى إنجاز هذا العمل الصالح نحو الإله الذي ضحى بجسمه. وقد قال «موريه» في هذا الصدد ما يأتي:
إن الشعائر التي يُفرض فيها تضحية الإله «أوزير» قد تُركت جانبًا في بداية العهود التاريخية، وعلى ذلك حل محل تضحية الإله التضحية له، غير أن المضحى به كان مقدسًا أيضًا. وما كان يضحي كان بطبيعة الحال هو عدو الإله الذي تسبب في قتله وهو الإله «أوزير»، أو بتعبير آخر كانت الضحية حيوانًا يتقمصه الإله «ست». راجع (Moret Ibid p. 224).

أما قربان «ماعت» فقد ذكرنا من قبل أنه شعيرة مماثلة لقربان عين «حور». ومن المحتمل أن بين لفظة «ماعت» ومعناها «يقدم» ولفظة «ماعت» ومعناها «العدالة» تورية في الاسم فقط مع اختلاف معناهما، وعلى ذلك تكون كلمة «ماعت» بمعنى «يهدي أو يقدم» قد استُعملت هنا في صيغة اسم المفعول «المهدى». وعلى ذلك لا ندهش من الإشارة الرمزية التي يقوم بها الكاهن، وهي التي تتوج الاحتفال الذي يقوم به عند فتح المحراب في المرة الثانية.

وفي استطاعتنا أن نفرض أن الفعل «ماع» بمعنى «يقدم» مشتق من الفعل «ماع» الذي يعني «عدل أو صدق أو حقق». والقربان ليس في الواقع على هذا الفرض إلا الوسيلة التي بها يرجع الإنسان ثانية إلى الحياة أي إلى الحقيقة (راجع Moret Ibid p. 148–50).

غير أنه ليس في مقدورنا أن نؤكد دقة مثل هذه النظرية التي يترتب عليها — إذا كانت صحيحة — أن قربان «ماعت» أقل انتسابًا إلى المذهب الشمسي منه إلى العقيدة الأوزيرية، أي إن المذهب الأوزيري يميل إلى المادية على حين أن المذهب الشمسي يميل إلى الروحية.

وطعام الإله يمثل في الشعيرة بالرمزين اللذين تكلمنا عنهما، وقد كانا يُقدمان له فعلًا يوميًّا، ويوضعان على أطباق تُحضر بطريقة فنية إذا حكمنا على ذلك بما نشاهده من مناظر على جدران المعابد. ويُلاحَظ أن الكاهن كان يرفع على هذه القربان مقمعة كأنه يريد أن يضحي بها أمام الإله، وهذه الشعيرة ترجع إلى عهد كانت فيه القرابين وبخاصة الحيوانات تُضحى حقيقة أمام الإله.

ونعلم من جهة أخرى أن القرابين التي تُقدم للإله، وهي التي يستفيد منها بعض المقربين من الملك، كان محبوسًا عليها دخل غذائي للمعبد، وبخاصة لأولئك الذين فازوا بإقامة أحد تماثيلهم الجنازية في محراب الإله.

(١١-٢) تقديم وجبة الإله

وتدل شواهد الأحوال على أنه بعد إغلاق باب المحراب وختمه كانت تنتهي هذه الشعيرة ثم تبدأ شعيرة أخرى كانت تُقام على ما يظهر يوميًّا وهي خاصة بتقديم الطعام للإله، فكان يُفتح باب المحراب مرة ثالثة ويُهيأ الطعام على موائد للإله ليتناول منه وجبته، وبعد ذلك يؤخذ نفس الطعام ويُقدم منه للكهنة وخَدَمة المعبد، ولا نزاع في أن هذه الشعيرة بالذات كانت ذات أهمية عظيمة في نظر رجال المعبد لما كان يعود عليهم منها من خير عميم وطعام وفير يوميًّا. ولذلك كانت العناية بإقامتها من الأهمية بمكان، وقد وُجدت الصور الممثلة لها على جدران المعابد وبخاصة في معبدي «الكرنك» ومدينة «هابو» في عهدي كل من «سيتي الأول» و«رعمسيس الثالث» على التوالي، كما وُجدت مدونة على أوراق بردية كما سبقت الإشارة لذلك. وقد كتب الأستاذ «هارولد ولسون» مقالًا رائعًا عن هذه الشعيرة جمع فيه كل المشاهد التي كانت تُؤدَّى والتعاويذ التي كانت تُتلى، وقد حصرها في نحو اثنتين وستين، شعيرة غير أن بعضها وُجد مهشمًا وبخاصة في البداية، والواقع أن شعيرة تقديم الوجبة للإله أو المتوفى على وجه عام يرجع عهدها إلى أقدم العهود، وقد ظهرت بصورة واضحة منذ الأسرة الثالثة، ثم أخذت في النمو شيئًا فشيئًا في عهد الأسرتين الرابعة والخامسة، وبلغت أوجها في عهد الأسرة السادسة كما نشاهد ذلك في قوائم قربان الملوك والأفراد، وقد ورد ذلك في المؤلف الذي وضعته خاصة عن مائدة القربان في عهد الدولة القديمة (Excavations at Giza Vol. IV, part II, The offering list in the Old Kingdom). وتوجد بعض فروق اقتضتها الأحوال وسنن التطور بين وجبة الدولة القديمة ووجبة الدولة الحديثة، وسنكتفي هنا بذكر بعض المشاهد والتعاويذ التي كانت تحتمها إقامة هذه الشعيرة، وقد ذكرنا الجزء الأول منها وهو الخاص بإلباس الإله وتطهيره واستعداده لتناول الوجبة فيما سبق.

(أ) المشاهد من ١–٨

وتدل النقوش على أن المشاهد الثمانية الأولى قد خُصصت لتحضير وتقديم الشواء، وتبتدئ بمتن مهشم يتبعه تجهيز إناء مائدة لإحراق القربان على قاعدة، ثم في خلال اشتعال النار كان يُوضع عليها بخور ودهن، وبعد ذلك تُوضع اللحمة منظومة في سفافيد، ولأجل أن تجعل النار مشتعلة كان يُروح عليها بمروحة وتُتلى لذلك تعويذة خاصة، وينتهي هذا المنظر المؤلف من سبعة مشاهد بمشهد ثامن خاص بتقديم قربان من الجعة، وكان يُقرأ عند تمثيل كل مشهد من هذه المشاهد تعويذة خاصة؛ فمثلًا عند وضع البخور على النار كانت تُقرأ التعويذة التالية — تعويذة لوضع البخور على النار — «لآمون رع» رب عروش الأرضين و«لآمون رع» فحل أمه:

خذ لنفسك «عين حور»، وإن عطورها يأتي إليك هدية من الملك رب الأرضين من «ماعت رع» (سبتي الأول) معطي الحياة.

وعند تقديم الجعة تُقرأ التعويذة التالية:

إن «عين حور» قد أُنعشت من أجله، وإن خصيتي «ست» قد أُنعشت من أجله، وكما أن «حور» منشرح بعينه، و«ست» منشرح بخصيتيه، فإن «آمون رع» المشرف على الكرنك منشرح بقطع اللحم هذه المنتخبة هدية لك من الملك رب الأرضين «سيتي» الخ.

ويُلاحَظ أنه على الرغم من أن عنوان التعويذة خاص بالجعة فإن موضوعها خاص بالشواء.

(ب) المشهد الثاني عشر

ويتلو هذه التعاويذ ثلاث تعاويذ: واحدة لتقديم الخبز الأبيض، وواحدة لتقديم الفطير، وأخرى لتقديم الجعة. ثم يأتي بعد ذلك تعويذة لتقديم الخمر، ويدل متنها على أنها ليست تقديم نبيذ وحسب، بل كان الغرض منها جعل الحدائق تثمر أيضًا، وهاك نص التعويذة: «تعويذة لتقديم نبيذ لتصير الحدائق مثمرة لهذا الإله»، اتل:

إن الحدائق تثمر والإله ينشرح، وتفيض مأكولاته. وإني أملأ «عين حور» بالنبيذ الصافي ومشروبات «بتاح-سكر» القاطن جنوبي جداره صافية. وإن أبواب السماء مفتوحة، وأبواب الأرض مفتوحة بالقربان «لبتاح-سكر» القاطن جنوبي جداره في داخل معبد «سيتي»، وإن الإله «تحوت» على ذراع حعبي (النيل)، والإله «حوراختي» يجعل «بتاح-سكر» القاطن جنوبي جداره يشرب قربانه ونبيذه، وماؤه مثل قوة جب (إله الأرض) في اليوم الذي تملك فيه الأرضين. ليت وجهك يكون نضرًا يا «بتاح-سكر» القاطن جنوبي جداره، وإني آتي أمامك اليوم بعد أن عملت لك هذه الأشياء، التي عملها «حور» لوالده في داخل بيت «سيتي».

(ﺟ) المشهد السادس عشر

ويأتي بعد تقديم النبيذ تعويذة خاصة بتقديم اللبن، (١٤) وثانية خاصة بتطهير القربان بالماء والبخور. ثم يقفو ذلك ثلاثة مشاهد (١٥، ١٦): الأول والثاني خاصين بقربان سائل، (١٧) والأخير خاص بإطلاق البخور. ويُلاحظ في رسوم التعويذة السادسة عشرة الخاصة بتقديم القربان السائل أن الملك يقف أمام الإله ويصب سائلًا في بركتين من إناءين في كل يد إناء. وهاك نص التعويذة التي كُتبت مع هذا المشهد: «ما قاله الفرعون»:

لقد أحضرت لك هذه القربات التي ترفعها تحت «العرش العظيم» وهي القربات التي نبعت من «إلفنتين» حتى ينتعش بها قلبك باسمك الخارج من «كبحو» (المكان الذي يُظن أن النيل يخرج منه في أسوان)، وقلب «آمون رع» رب عروش الأرضين الذي يسر به ما يخرج من نون (المحيط الأزلي)، لقد أحضرت لك قرباتك هذه حتى تسر بها، ولتكون عظيمًا أمام «حعبي» (النيل). ليت يديه تهب الفيضان مطهرًا «آمون» رب عروش الأرضين.

(د) المشهد السابع عشر، تعويذة للتحية بإناء «نمست»

تُمثل هذه الشعيرة في النقوش عادة بصورة الملك يحمل في يديه إناء واحدًا ممتدًّا نحو الإله، وفي غالب الأحيان يمثل الملك راكعًا. ويدل المتن على أن الملك يصب الماء على التمثال لإحيائه بعد التئام أعضاء جسمه. وهاك بعض النص:

يا «آمون»، تسلم رأسك، ضم إليك عينيك، لقد أحضرت لك ما يخرج من «نون» (المحيط الأزلي)، وأحسن ما يخرج من «آتوم» باسمك إناء «نمست». يا «آمون»، تسلم رأسك، ضم لنفسك عظامك، وثبت لنفسك عينك في مكانها، يا «آمون»، تسلم قلبك، ضم لنفسك رأسك حتى يتم ما هو خاص بك. يا «آمون» تسلم «عين حور» التي أكلت منها باسمها هذا إناء «نمست» فيها. يا «آمون»، يا رب عروش الأرضين بكل أسمائه. الحمد لله يا «آمون» يا رب عروش الأرضين الذي يوجد في الأرض الجنوبية، والذي يوجد في الأرض الشمالية، وفي كل مكان ترغبه روحك، التي تعيش أبديًّا. إن الواحد الفاخر يأتي، إن الواحد الفاخر يأتي، إن إناء «نمست» يأتي، إن إناء «نمست» يأتي، إن التاج الأبيض يأتي، إن التاج الأبيض يأتي، إن «عين حور» تأتي وهي التاج الأبيض، إن رائحة الخيشومين تأتي وهي التي في «هليوبوليس» والتي في «منف» نقية، نقية بمثابة هدية الملك رب الأرضين «سيتي» معطى الحياة مثل «رع».

وهذه الشعيرة تختلف عن شعيرة فتح الفم التي تُؤدى بوساطة أربع أواني «نمست» (راجع J. N. E. S. Vol. VIIII 949 No. 3 p. 218 ff).

(ﻫ) المشهد الثامن عشر

تأدية شعيرة التبخير. ويظهر فيها الفرعون يصب قربانًا ولا يحرق بخورًا مما يدل على إهمال المصور الذي نقش المنظر. وهاك نص التعويذة «ما قاله الفرعون»:

إن البخور يأتي، إن عطور الإله تأتي، إن عطوره تأتي إليك، إن عطور «عين حور» لك، وهو عطور الإلهة «نخبت» الذي يأتي من الكاب، إنه يغسلك ويزينك ويتخذ مكانه على يديك، مرحبًا بك يا أيها البخور الإلهي، يا أيها البخور الإلهي. مرحبًا بك يا بخور «منور» الذي في أعضاء «عين حور»، والذي أنشره لك باسمك هذا (كرات من البخور)، يا «آمون رع» إني أعطيك «عين حور» وعطورها يأتي إليك.

(و) المشهد التاسع عشر

ويأتي بعد المنظر الأخير منظر يظهر فيه الفرعون واقفًا أمام الإله «آمون» وبينهما مائدة قربان وحاملان، وعنوان التعويذة هو: «عمل التضميخ بالمر». ويمد الفرعون يديه أمامه، إحداهما تحمل مبخرة، والثانية ممدودة براحتها إلى الأمام في حالة تعبد، وهاك ترجمة إجمالية لهذه التعويذة: عمل التضميخ بالمر في داخل القصر الفاخر. يُتلى:

إن «آمون رع» فحل أمه طاهر في المكان العظيم، وإن روح «آمون» رب عروش الأرضين طاهر بما يعطي رب الأرضين «وسرماعت رع».

يا أيها الواحد الخاص بالمساء، إن ذراعيك للأرض، يا أيها الواحد الخاص بالأرض، إن ذراعيك للسماء؛ إن الملك قوي الحياة، وإنك طاهر ومتيقظ وفتيٌّ ومبجل؛ لما فيك من قناعة، وبما يمنحك ابنك «رعمسيس الثالث»، وإن «تحوت» يعلن عن ذلك. أما عن حعبي (النيل) فإنه يقدم طعامًا مما يتجشؤه، وهي القرابين المقدَّسة للإله «آمون رع» سيد الآلهة على حسب الكتابة التي دونها «تحوت» في بيت الكتابات المقدسة بوصفها طاهرة «لآمون رع» على المكان العظيم، وتحتوي على ألف من الخبز، وألف من الجعة، وألف من الماشية، وألف من الطيور، وألف من النسيج، وألف من الكتاب، وألف من البخور، وألف من العطور، وألف من القرب، وألف من الأغذية، وألف من كل شيء جميل، وألف من كل شيء حلو طاهر، طاهر للملك «أمنحتب الأوَّل» المنتصر في كل مقعد وفي كل مكان توجد فيه روحه.

وهذه التعويذة كما يظهر من ألفاظها خاصة بتقديم القرابين، وقد أعلنها «تحوت» الذي دونها كتابة في بيت السجلات المقدَّسة على حسب إعلان «حعبي» أي الفيضان الذي يجلب الخيرات ويتجشؤها بما ينتج من فيضانه الذي لا بد منه لكثرة محاصيل الحدائق والحقول.

أما الإشارة للواحد الذي في السماء ويده نحو الأرض وبالعكس فقد يجوز أن تكون إلى الإله «جب» إله الأرض الذي ينمو عليه الزرع والضرع، الذي يسببه «حعبي» (النيل).

(ز) المشهد العشرون

عند نهاية تقديم القربان والتبخير على النحو المذكور في المشاهد السالفة كان الكاهن يتقدم بإحدى يديه مرفوعة وممتدة نحو الأمام، والثانية مبسوطة على فخذه، ويتلو قائمة الطعام اليومية (٢٠) وهي القائمة التقليدية التي كانت تُقرأ تقليدًا وتُقدم للإله كل يوم (راجع Excavations at Giza Vol VI, part II). وكان يتبعها بالصيغة التالية قربان يقدمه الملك (٢١) وهذه الصيغة كانت تأتي عادة بعد تلاوة قائمة الطعام، وتدل شواهد الأحوال على أنها كانت جزءًا من هذه القائمة. وبعد ذلك كانت تُرتب القربان على المائدة بوساطة الكاهن. (٢٢) وعلى هذا النمط كانت تُنظم وجبة الإله لتناولها. وعلى أثر إعداد كل شيء كان يُصب قربان (٢٣) ويُحرق عطور المر (٢٤) وعندئذ يطلب الكاهن إلى الإله أن يأتي للوليمة (٢٥)؛ وهذا المشهد الأخير كان يُمثل كثيرًا على جدران المعابد، ويظهر فيه الملك واقفًا، وينادي الإله ليأتي لتناول الوجبة المجهزة والتمتع بها. وهاك المتن:

تعالَ لجسمك يا «آمون رع»، تعالَ عندما تُدعى، تعالَ عندما تُطلب، تعالَ لجلالتي خادمك «وسرماعت رع مري آمون» الذي لا ينسى نصيبه في أعيادك وفي قرباتك. أحضر قوتك، وسحرك وشرفك لخبزك هذا الساخن، ولجعتك هذه الساخنة ولشوائك هذا الساخن وهي قلوب الثائرين.

والظاهر أنه عند هذه النقطة في هذه الشعيرة كان مفروضًا أن يدخل الإله في تمثاله إذ يقول المتن: «تعالَ إلى جسمك» وفي متن آخر يقول: «وأحضر روحك». ومن ثم نفهم أن التمثال أصبح بعد هذه الخدمات الطويلة التي عُملت مستعدًّا ليحتله الإله. والظاهر أن اتصال التمثال المباشر بالإله هو الذي كان يمكنه من أن يشاطر في تناول الطعام اللازم لقوائم الآلهة والأموات والأحياء على السواء، وقد كان الهدف الرئيسي والسبب في القيام بهذه الخدمة اليومية في المعبد.

(ﺣ) المشاهد ٢٦–٣١

بعد دعاء الإله لتناول وجبته والتمتع بها تأتي ستة مشاهد بها تُختم الخدمة اليومية العادية وتنتهي بإغلاق أبواب المحراب، ويُلاحَظ أن أربع الشعائر الأولى منها كان يتلوها الكاهن المرتل أو الكاهن خادم الإله على التوالي؛ فالشعيرة الأولى (٢٦) تعويذة لإحضار الحياة للإله، والثانية (٢٧) لإحضار القلب للإله، والثالثة (٢٨) يُحتمل أنها كانت تُستعمل في عيد خاص من الأعياد الشهرية، والتعويذة الأخيرة (٢٩) كانت تسبق المقدمة التالية: مرحبًا بك عند جانب الباب حيثما يقولون (؟) إن الكاهن في الداخل يتلو … إناء في يده ويرش الماء على الجدار (؟) في جنوبي وشمالي وغربي وشرقي هذا البيت، ثم يتلو ذلك على ما يظهر ما كان يتلوه الكاهن عندما كان يقوم بعملية الرش.

وبعد هذه المشاهد الأربعة يأتي المشهدان ٣٠ و٣١ وهما الخاصان بطرد الشيطان من المحراب وإغلاقه بالمزلاج.

ويُلاحظ في نقوش مدينة «هابو» أنه يوجد منظر خاص بثلاثة شعائر منفصلة غير أنها متصلة بعضها بالبعض الآخر، والأخيرة منها خاصة بإغلاق المحراب عند نهاية الوجبة، وتجد أن جزءًا من النقوش هو التعويذة الخاصة بالمشهد السادس والعشرين أو إعادة تمثال الإله للمحراب، أما ما يقوم به الملك في هذا المنظر فهو المشهد الثلاثون، ويعبر عن تنظيف المعبد من الأرواح الشريرة التي يمكن أن تكون قد تسربت إلى المحراب في الوقت المناسب الذي تُرك فيه مفتوحًا. والجزء الباقي من المتن خاص بالمشهد الواحد والثلاثين وهو الإغلاق النهائي وإقفاله بالمزلاج بعد ذهاب الملك إلى الخارج.

والتعويذة الخاصة بالمشهد السادس والعشرين هي:

إحضار الحياة للإله. ما يتلى: إني «حور» يا والدي «أوزير»، وإني أقبض على ذكر «ست» في يدي، والإله يبقى في قصره (محرابه) كما بقي «حور» في حضن والده «أوزير». وجمالك لك يا «آمون». وإن والدك «أوزير» قد وضعك بين ذراعيه باسمه الأفق الذي يدور حوله «رع»، وإن الحياة قد أعطيتها في حضرة والدك أوزير. وعندما يأتي إليك «تحوت» يحضر لك «عين حور» ليكون لك قوَّة بها ولتكون مسرورًا بها وستكون حيًّا أبديًّا.

إلى هنا يكون الإله قد أتم وجبته. ويُلاحظ في الأحفال التي قد أُقيمت له في الخطوات الأولى أن تمثال الإله قد نُقل من محرابه بالشعيرة التي يُعبر عنها بالعبارة: «وضع اليدين على الإله»، والظاهر أن التمثال كان يبقى خارج المحراب في أثناء تناول الوجبة، وليس لدينا أية شعيرة تعبر عن عودته إلى المحراب إلى أن نصل إلى المشهد السادس والعشرين، والألفاظ التي نقرؤها في هذه التعويذة تدل على ذلك، فالكاهن أو الملك يبتدئ بقوله: إني «حور» يا والدي «أوزير». ومن ثم نعلم منذ بداية التعويذة أصلها، وبواضع التمثال في المحراب، ويقول الكاهن إنه قبض على ذكر «ست»، ويُحتمل أنه يعني بذلك مقبض الباب، كما أن مزلاجَي الباب كان يُعبر عنهما بإصبعي «ست» عندما كان يفتح الباب عند بداية الخدمة. ثم يقول بعد ذلك الكاهن: إن «آمون» يأوي في قصره أي في محرابه كما يرتاح «حور» بين ذراعي والده «أوزير»، ويُحتمل أن هذه العبارة قد تُليت بعد وضع التمثال في المحراب. وبعد ذلك يضيف إلى ما سبق قوله أن ولدك «أوزير» قد وضعك في داخل ذراعيه. والمقصود من الذراعين على ما يُظن هو المحراب الذي يضم التمثال. وعلى ذلك يصبح الإله متأكدًا أنه قد أُنعش من جديد وصار جميلًا في حضرة «أوزير»، وذلك نتيجة لهذه الشعيرة الطويلة التي تشمل الوجبة النهائية التي تناولها التمثال. وفي النهاية يقول الكاهن للإله: إن «تحوت» قد أحضر له «عين حور» التي تسبغ عليه القوة والشرف والحياة السرمدية. ونشاهد في كل هذا الاحتفال الشعائري أن الإله «آمون» قد عُومل كأنه فرد مات، وأنه قد جُهز للحياة في العالم الأوزيري، وليس بوصفه الإله العظيم الذي يظهر في غير هذا المكان في العبادة.

(ط) المشهد الثلاثون

هذا المشهد خاص بشعيرة إحضار القدم وقد تكلمنا عنها فيما سبق.

(ي) المشهد الحادي والثلاثون

بعد طرد كل روح شرير من المحراب حتى يصبح خاليًا من كل شيء خبيث فيه يغلق الكاهن الباب ويقفل المزلاج، وعندما يكون الكاهن قائمًا بهذه العملية يقرأ الكاهن المرتل صيغة هذا مجملها: تأمل! «إني أغلق بابك ﺑ … إن بابك قد أُغلق بوساطة «حور»، وإن بابك قد أُقفل بوساطة «بتاح» و«تحوت» وهما وكيلا «رع».»

(ك) نقل القرابين

المشاهد من ٣٤–٤٠

يأتي بعد التعاويذ الخاصة بالشعائر النهائية للخدمة اليومية التي جاءت في المشهد الحادي والثلاثين مشهدان: الثاني والثلاثون، والثالث والثلاثون، وكل منهما يحتوي على تعويذتين: واحدة للبخور، والأخرى للقربان السائل، ويعقب ذلك سبعة مشاهد خاصة بنقل القربان، وذلك يعني أن تُنقل القربات التي كانت قد وُضعت أمام الإله في أثناء الاحتفال بالمشاهد من ١–٢٥ لتُستعمل لأغراض أخرى بعد أن أكل الإله منها كفايته.

وشعائر نقل القربان تنحصر في المصادر التي في متناولنا فيما يأتي: (١) شعائر يؤديها الملك على مائدة قربانه، وتُعد بمثابة مقدمة لكل سلسلة التعاويذ. (٢) نقل القربان من على مائدة قربان «آمون» وحملها إلى مكان آخر. (٣، ٤) صب القربان وإحراق البخور. (٥، ٦) إشعال الشعلة وإطفاؤها. (٧) احتفال لضمان استمرار القربان.

وليس لدينا ما يؤكد أن هذه كانت كل الشعائر التي تُقام لنقل القربان من مائدة الإله إلى جهات أخرى.

المشهد الرابع والثلاثون

والواقع أن المتن الخاص بهذا المشهد هو وصف لمجموعة الشعائر التي ستأتي بعد. وهاك النص:

ما يؤدى على مائدة قربان الملوك للإله «آمون رع» رب عروش الأرضين ولروحه و«لآمون رع» فحل أمه ولروحه، وللتاسوع الذين في «ابت إسوت» (الكرنك) ولأرواحهم ولروح الملك رب الأرضين صاحب القوة من «ماعت رع بن رع سيد المظاهر سبتي الأول». والشعائر التي نتحدث عنها هنا كانت تؤدى في معابد «طيبة»، ولها صلة بعدد من الملوك السابقين المختلفين، وكانت تؤدى على موائد قربانهم سواء أكان ذلك في معبد الكرنك نفسه أم في محاريبهم الخاصة التي أُقيمت على الشاطئ الغربي. وقد دلت البحوث الحديثة على أن عددًا من هذه المحاريب الخاصة بالملوك السالفين كانت تُقام فيها الشعائر حتى عهد «رعمسيس الخامس».

(راجع Gaardiner, Wibour Pap. II, p. 11–12 ff).

المشهد الخامس والثلاثون

في هذا المشهد يظهر الفرعون رعمسيس الثالث وقفًا أمام الإله «آمون» قابضًا بيده على المكنسة «هدن» مما يوحي بأن نقل القربان قد حدث مباشرة بعد انسحاب الكاهن من المحراب الذي كانت تلعب فيه شعيرة المكنسة «هدن» دورًا بارزًا. وهاك نص التعويذة:

يا «آمون رع» رب عروش الأرضين، إن عدوك ينسحب من أجلك. إن حور يلفت نفسه لعينه، باسمها نقل القربان. وإن عطوركم لكم يا أيها الآلهة، وعرقكم لكم يا أيها الآلهة، وإني الملك «وسرماعت» محبوب «آمون». ولقد أتيت لأنجز ما يُعزى «لرعمسيس الثالث». يا «آمون رع»، لقد لفت نفسك لقرباتك المقدسة. فتسلمها على يدي الملك «وسرماعت رع» محبوب «آمون» آه، ليت «عين حور» تثري لك أمامك.

ولا يمكن أن نفهم من هذا المتن إذا كانت هذه التعويذة قد استُعملت عندما نُقل القربان من مائدة «آمون» أو عندما وضعه على مائدة قربان الملوك السابقين ليأخذوا نصيبهم منه. وعبارة: «إن عدوك ينسحب من أجلك»، التي جاءت في أوائل التعويذة يمكن أن تشير إلى إزالة قرابين اللحم التي كانت على مائدة «آمون» لأنها أحيانًا كانت تُوحد بقلوب الثائرين، أما الآلهة والإلهات الذين خُوطبوا فيُحتمل أنهم — خلافًا لآمون — الذين ذُكروا في المشهد الرابع والثلاثين بما فيهم الملوك السابقون وروح الملك الحاكم.

المشهد السابع والثلاثون

تعويذة لصب القربان بعد نقل القرابين

يا «آمون» تسلم قربانك (السائل) الذي في هذه الأرض، وهي التي تنتج كل الأشياء الحية وكل شيء يأتي منها حقًّا، وهي التي «تعيش عليها وتوجد فيها».

عمل البخور بعد نقل القرابين

إن هذا هو التاج الأبيض «لرع»، وهذا البخور الذي يطهرك. والطعام يضع نفسه على رأسك، وإنه يطهرك، مرحبًا بك يا «بتاح»، مرحبًا بك يا «تحوت» يا وكيلي «رع». والظاهر أن الكاتب الذي نقل هذه التعويذة خلط في نقلها؛ فبعد أن كتب تعويذة القربان السائل نقل من مكان آخر في البردية التي أمامه تعويذة عن البخور كما يُلحظ ذلك من المتن. ويظهر الفرعون في هذا المشهد راكعًا ويصب القربان أمام الإله «آمون» في صورة «مين». وفي المنظر الثاني يُشاهد وهو يحرق البخور أمام الإله «آمون».

المشهد الثامن والثلاثون

يأتي بعد مشهدي صب القربان والتبخير تعويذتان: إحداهما لإيقاد الشعلة اليومية، والأخرى لإطفائها. ويظهر في رسوم الكرنك — رسم شعلة كل يوم — الملك راكعًا أمام «آمون» وقابضًا على شعلتين، وعنوان التعويذة هو: «تعويذة لعمل الشعلة اليومية»؛ أي إيقادها. وهاك نص التعويذة:

إن الشعلة تأتي إلى روحك «يا آمون رع». إن ما يعلن الليل بعد النهار يأتي. وإن عين «رع» تظهر بفخار في «ابت إسوت» (الكرنك)، وإني آتي إليك، وإني أجعلها تأتي، وعين «حور» قد علت فوق جبينك، ومثبتة على حاجبك لأجل روحك يا «آمون رع»، وإن عين حور هي حمايتك السحرية.

ولا نزاع في أن المشاعل كانت تُستعمل يوميًّا في المعابد كما يدل على ذلك متون التعاويذ التي دُونت لاستعمالها، وكذلك بالمواد التي كانت تُقدم لصنعها كما جاء في النصوص التي تركها لنا «تحتمس الثالث» و«رعمسيس الثالث» (راجع Urk Iv. P. 771; Madinet Habu III, p. 146).

المشهد التاسع والثلاثون

تعويذة لإطفاء الشعلة

يُرى في المنظر الذي يمثل هذا المشهد الملك راكعًا أمام «آمون» وبإحدى يديه شعلة منكسة نحو الأرض حتى تكاد تلمسها، وهذا يدل على أنه كان يريد إطفاءها بحكها في الأرض أو بغمسها في سائل خاص كما يُشاهد في صورة أخرى. وهاك نص التعويذة:

تعويذة لإطفائها — أي الشعلة. اتل:

إن هذه هي «عين حور» التي أصبحت عظيمًا بها، وإنك تثري بها، وأصبحت ذا قوة فيها يا «آمون» رب عروش الأرضين، إن هذه هي «عين حور» التي أكلتها، والتي بها أصبح جسمك مسحورًا. وما هي لك — تعويذة قتل الشريط — إن العين «وازيت» (السليمة) قد دخلت «مانو» — أي غابت في الأفق خلف الصخور الغربية — وإن القربان المقدسة ملكها. وإنها تأتي وإنها تأتي: «عين حور» في سلام.

المشهد الأربعون

تعويذة لجعل القربات المقدَّسة تبقى

هذه التعويذة التي تُعد الأخيرة في شعائر نقل الطعام من أمام الإله ليوضع لاستعمال الآخرين، الغرض منها هو ضمان بقاء القربان أبديًّا، أو أنها لا تتلف عند نقلها من مائدة قربان إلى أخرى. ويُشاهد الفرعون راكعًا أمام مائدة قربات موضوعة أمام الإله «آمون» والفرعون يمد يديه على القربات كأنه يباركها. وتوضح التعويذة بشدة أن القربان سيبقى كبقاء اسم هذا الإله أو هذه الإلهة في معبد. وهاك نص التعويذة:

تعويذة لجعل القربات الإلهية تبقى

مرحبًا بك يا «آمون»، مرحبًا بك يا «خيري»، لقد أتيت إلى الوجود على التل الأزلي، وإنك تضيء على الهرم الصغير في «حت بتو» (في هليوبوليس)، وإنك تتفل مثل «شو» و«تفنوت»، وإنك تضع ذراعيك حول الملك «من ماعت رع» معطى الحياة سرمديًّا، وإن اسم «آتوم» رب الأرضين في «هليوبوليس» يبقى كما تبقى القرب الإلهية، وهي منحة ابن رع «سيتي مري آمون» للإله «آمون» والتاسوع، باقية إلى الأبد، وكما يبقى اسم «شو» في «متست العليا» في «هليوبوليس» وباقية سرمديًّا، وكما يبقى اسم «تفنوت» في «متست السفلى» في هليوبوليس باقيًا إلى الأبد، وكما يبقى اسم «جب» في عيد «عزق الأرض» في «هليوبوليس» مخلدًا إلى الأبد، وكما يبقى اسم «توت» (آلهة السماء) في «حث شنيت» في «هليوبوليس» مخلدًا إلى الأبد، وكما يبقى اسم أوزير «خنتي امنتي» في العرابة مخلدًا إلى الأبد، وكما يبقى اسم «إزيس» في «نتيرو» إلى الأبد، وكما يبقى اسم «ست» سيد «مبوس» باقيًا إلى الأبد، وكما يبقى اسم نفتيس في «حت» في هليوبوليس مخلدًا إلى الأبد، وكما يبقى اسم «با»٢٩٣ رب «زددت» (منديس) مخلدًا إلى الأبد؛ وكما يبقى اسم «تحوت» في «هرموبوليس» (الأشمونين) إلى الأبد.

قربان يقرِّبه الملك للإله «جب» (إله الأرض)، وهو قطع مختارة للآلهة وسيكون لديهم أرواحهم، وسيكون لديهم شرفهم، وسيكونون يقظين، وسيعطون قربانًا يقدمه الملك مشتملًا على قربات إلهية بمثابة هدية الملك «من ماعت رع» (سيتي الأوَّل) معطى الحياة سرمديًّا.

المشهد الثاني والأربعون

هذا المشهد يُطلق عليه اسم قائمة المأكولات لأجل عيد «آمون» سيد «أبت» (الأقصر) و«آمون رع» رب عروش الأرضين في بردية «المتحف البريطاني». أما في بردية القاهرة فيُطلق عليه اسم «عيد آمون» وحسب، ويختلف المشهد الذي على جدران معبد الكرنك عن الاثنين السالفين في أنه ليس له عنوان ولا يحتوي إلا على تسعة عشر لونًا، «الأول من ألوان» الطعام بدلًا من التسعة والثلاثين لونًا التي تذكرها أوراق البردي، ومن المحتمل أن المشهد الذي صُور على جدران الكرنك الخاص بهذه الشعيرة هو قائمة ألوان الطعام لعيد «آمون»؛ لأنه يحتوي نفس ألوان الطعام التي نجد مثيلها في القوائم الأخرى. وهاك ما جاء في هذا المشهد خاصًّا بألوان الطعام والشراب:

يا «آمون»، تسلم «عين حورالنى» تفتح بها عينك: آنيتان من الخمر.

يا «آمون»، تسلم لنفسك ماء الثدي الذي في ثدي أمك «إزيس»! آنيتان.

يا «آمون»، تسلم رأسك: آنية واحدة من فطير (شنس).

يا «آمون»، المس لنفسك بفمك خبز (حثا): آنية واحدة.

يا «آمون»، تسلم لنفسك «عين حور»، وامنع أن تصير ضعيفًا بسببها: آنية واحدة من خبز (بسن).

يا «آمون»، تسلم لنفسك عين حور التي ذاقها (دبت): إناء واحد من خبز «دبت».

يا «آمون»، تسلم لنفسك عين حور فإنها لن تفصل (شمس) منك: عشرون آنية من فطير (شعت).

يا «آمون» تسلم لنفسك «عين حور» الحلوة لقلبك: شهد أبيض آنية واحدة.

يا «آمون»، تسلم لنفسك من «حور» السليمة (وزاو) التي جهز بها فمك (حتم) رءوس بصل (حزو): أربع أوانٍ.

يا «آمون»، تسلم لنفسك ثدي حور الذي تذوقه (دب) الإلهة: آنيتان من التين (دب).

يا «آمون»، تسلم لنفسك «عين حور» أي كلماتك (مدو): آنيتان من لحم (ميدا).

يا «آمون»، تسلم لنفسك «عين حور» (؟): آنيتان من العنب (إرت).

يا «آمون»، تسلم لنفسك عين حور التي احتبلت (عج): آنيتان من فاكهة وعح.

يا «آمون»، تسلم لنفسك «عين حور» التي لعقوها (نبس) لأجله: آنيتان من فاكهة نبس (نبق).

يا «آمون»، تسلم لنفسك السائل (حنك) الذي يخرج من (أوزير): إبريقان من الجعة (حنق).

يا «آمون»، تسلم لنفسك عيني الواحد العظيم (ور): آنية من خبز (ور).

يا «آمون»، تسلم لنفسك أولئك الذين يثورون عليك (نزر): جانب من اللحم البقري (زروو)، آنية واحدة.

يا «آمون»، تسلم لنفسك عين حور التي تضمها (سخن): لحم سخن آنية واحدة.

ويُلاحَظ أنه عند تقديم كل لون من هذه الألوان كان على الكاهن المرتل أن يقرأ تعويذة كل لون. ولا يخفى على القارئ بعد قراءة محتويات هذه القائمة أن المصري كان مغرمًا بالتورية في ألفاظه عند تقديم كل لون، فيأتي بفعل يشبه اللون الذي يقدمه في الصوت. وقد فصلت القول في الألوان التي كانت تُقدم للمتوفى على وجه عام في كتاب مائدة القربان. (راجع: Excavations at Giza, Vol VI, Part II, The offering list in the Old Kingdom).

المشهد الرابع والأربعون

تعويذة لحمل القربان (أو لرفعها)

بعد تلاوة قائمة الطعام في المشهد الثاني والأربعين كان على الكاهن المرتل أن ينادي الكاهن «سم» ليتلو صيغة القربان المعروفة: «قربان يقدمه الفرعون «لآمون».» في صورة الثلاث. ثم يضيف ملخصًا للصيغة: «تعالَ إلى خبزك هذا»، ومن ذلك يتألف المشهد الثالث والأربعون، وهذا المتن كان يُقرأ عادة بعد تلاوة قائمة طعام الإله السالفة الذكر.

وبعد ذلك تأتي شعيرة «حمل القرابين لعيد آمون». ويُلاحَظ أنه في نقوش المعبد نجد أن حمل الطعام يُعد من المناظر التي كانت تُرسم كثيرًا جدًّا في العبادة ويُحتمل أنها كانت تؤلف جزءًا من الشعائر التي تصحب تقديم طعام وجبة الإله اليومية أو وليمته التي كانت تُقام في أيام أعياد خاصة.

وهاك نص التعويذة:

تعويذة حمل القربان

تعالَ أيها الملك وارفع القرابين أمام وجه الإله. ارفع القرابين «لآمون رع» رب عروش الأرضين. إن كل الحياة تخرج منه، وكل حظ سعيد ينبعث منه مثل «رع» سرمديًّا.

وكانت المائدة التي يرفعها الفرعون عادة على يديه تحتوي على عينات من كل لون من ألوان الطعام التي كانت تُقدم لمائدة الإله: الخبز واللحم والفطائر والفاكهة والخضر، وأحيانًا نجد أن هذه المائدة في المناظر المفصلة كان يعلوها طاقات أزهار، ومن ذلك نفهم أن الطبق أو المائدة التي كان يرفعها الفرعون بين يديه تمثل ألوان الطعام الموجودة في قائمة الوجبة التي تلاها الكاهن فيما سبق.

المشهد السابع والأربعون

بعد الصيغ التي تصحب رفع القرابين نجد في المتون ثلاثة أناشيد، وتُعد المشاهد الثلاثة التي تتلو المشهد الرابع والأربعين، وهذه الأناشيد موجهة للإله «آمون» في العيد الذي تتحدث عنه المشاهد من ٤٢ إلى ٤٤. ثم يأتي بعد ذلك المشهد السابع والأربعون وعنوانه:

ما يُقال لهذا الإله بعد قراءة المقطوعتين اليوميتين، وهما اللتان تُنشدان عند القيام بخدمة الإله الصباحية.

المشهدان الثامن والأربعون والتاسع والأربعون

يمثل المشهد الثامن والأربعون تقديم طاقة الأزهار الخاصة بُعيد اليوم الأول من الشهر القمري. ويمثل المشهد التاسع والأربعون تقديم طاقات أزهار للملك والأمراء ورجال الحاشية بمناسبة عيد اليوم السادس من الشهر القمري. ومما تجدر ملاحظته هنا أن التعويذتين الخاصتين بهذين المشهدين لا تختلف إحداهما كثيرًا عن الأخرى في الألفاظ.

وهاك النص:

تعويذة لتقديم طاقة عيد اليوم الأوَّل (أو السادس)

قدم طاقة للملك والأمراء ورجال الحاشية في البيت، واجعل «آمون» يُحَلِّق فوقها بمثابة حماية سحرية، وإنك تعيش مثل «رع» كل يوم في الحياة، وليت «آمون» يفعل كما تحب بسبب حبك في «إبت إسوت» يا «من ماعت رع» (سيتي الأوَّل) وليتك تكون صاحب حظوة يا من رعاك «آمون» في كل أعمالك العظيمة، وليته يقربك ويمكنك ويهزم أعداءك سواء أكانوا أحياء أم أمواتًا.

والمفهوم من هذه التعويذة أنها خاصة بالملك لا بالإله، وكلمات المتن تُعد تضرعًا لحماية وحظوة الإله للفرعون، ويُلاحظ هنا أن الكاهن عند تأدية هذه الشعيرة كان يخاطب الملك لا الإله. وبذلك تختلف عن كل الشعائر السابقة. والظاهر أن الطاقات كانت من موائد قربان معبد «آمون»؛ لأننا نعلم أنها كانت تُقدم لأصحاب الخطوة وتُنقل إلى المقابر والمزارات في الجبانة من معبد «آمون» في أعياد خاصة.

المشاهد من ٥١–٥٤

يشتمل المشهد الخمسون على قائمة ألوان الطعام الخاصة بعيد اليوم السادس من الشهر، ومتنه مهشم. أما المشاهد الأربعة الأخرى (٥١–٥٤) فخاصة بعيد رأس السنة العظيم كما كان يُقام في معبد «آمون» بالكرنك. وقد حُفظت لنا ثلاث تعويذات من هذه المشاهد الخاصة بهذا العيد الذي يُعد من أهم الأعياد المصرية.

المشهد الثاني والخمسون

يدل ما تبقى من متن البردية الخاصة بوجبة الإله على أن المشهد الواحد والخمسين كان أنشودة تُنشد في صبيحة يوم رأس السنة.

أما المشهد الثاني والخمسون فهو تعويذة خاصة بالشعلة التي كانت تُستعمل في عيد رأس السنة في الليلة السابقة ليوم أول السنة الجديدة، وكان النور يلعب دورًا هامًّا في هذا الاحتفال. والمتن الخاص بذلك مأخوذ من متون الأهرام ويحتوي بعض جمل نُقشت على جدران المقابر عند التحدث عن «النور اليومي»، ويُلاحَظ أنه في هذه المتون الأخيرة كما هي الحال هنا كانت تُعد الشعلة بمثابة «عين حور» التي تنير طريق الإله أو المتوفى أينما ذهب. وهاك نص التعويذة:

تعويذة لشعلة السنة الجديدة

مرحبًا بك يا هذه الشعلة الجميلة «لآمون رع» رب عروش الأرضين، مرحبًا بك يا «عين حور» التي ترشد في طريق الظلمة، والتي تقود «آمون» رب عروش الأرضين في كل مكان ترغب فيه روحك عائشًا سرمديًّا … شعلة «آمون» رب عروش الأرضين وهي من الشحم الجديد ونسيج الغسال بمثابة هديتك، وإن والدك «جب» وأمك «نوت» و«أوزير» و«إزيس» و«ست» و«نفتيس» يغسلون وجهك ويمسحون دموعك ويفتحون فمك بأصابعهم اللامعة. وإنك قد أعطيت الأرض وحقول «يارو»٢٩٤ ملكك في هذا … … الليلة يا مؤسس الشهر وسيد الشمس، وبذرة الآلهة الفتية … … وبذرة المطهرين الفتية أيضًا والنجوم التي لا تفنى (النجمة القطبية). وإن هذه الشعلة «لآمون» بمثابة هدية الملك من «ماعت رع» (سيتي الأوَّل).

ويُلاحَظ أن علاقة النصف الأخير من تعويذة شعلة عيد السنة الجديدة غامضة، أما أصلها في الأدب الجنازي فظاهر ويفسر كيف أن موقف «آمون» والموتى كان دائمًا مرتبكًا في الشعائر الدينية. وعلى الرغم من أن «آمون» قد عُرف بأنه مؤسس الشهر وسيد الشمس وبذرة الآلهة الفتية، فإنه لا يزال موعودًا بعناية وحفظ الآلهة كما كان يفعل للموتى عندما كانوا يدخلون عالم الذين رحلوا عن هذا العالم.

المشهد الثالث والخمسون

تعويذة لجعل الشعلة تبقى متقدة

يُشاهد في الصورة الفرعون راكعًا أمام «آمون» ورافعًا الشعلة تجاه الإله. وهاك نص التعويذة:

إن هذه الشعلة تبقى مشتعلة «لآمون رع» سيد عروش الأرضين، كما يبقى اسم الإله «آنوم» رب الأرضين في «هليوبوليس»، وكما يبقى اسم الإله «شو» في «منست العليا» في «هليوبوليس»، وكما يبقى اسم الإلهة «تفنوت» في «منست السفلى» في «هليوبوليس»، وكما يبقى اسم «جب» روح الأرضين في «هليوبوليس»، وكما يبقى اسم الإلهة «نوت» في «حت شنيت» في «هليوبوليس»، وكما يبقى اسم «أوزير خنتي أمنتي» في «العرابة»، وكما يبقى اسم الإله «ست» صاحب «نبت» في «امبوس»، وكما يبقى اسم «تفنوت» في «حت» في «هليوبوليس»، وكما يبقى اسم «حور» في بلدة «ب»، وكما يبقى اسم «بوتو» في بلدة «دب» وكما يبقى اسم الإله «با» (الكبش) في «زددت» (منديس)، وكما يبقى اسم «تحوت» في «هرموبوليس» … … في القارب. وإنها لن تفنى (أي لن تُطفأ).

والظاهر أن هذه التعويذة كان الغرض منها أن تضمن عدم إطفاء الشعلة قبل أوانها عندما كانت تُستعمل؛ وذلك لأن مصر في معظم السنة تهب فيها رياح شديدة وبخاصة في الليل، وكانت قاعات المعبد الكبيرة وردهاته عرضة لتيارات هواء. والغرض من التعويذة قد لُخص في الجملة الأخيرة منها: «إنها لن تُطفأ عرضًا.»

المشهد الرابع والخمسون

تعويذة لإثارة البيت

يُرى الفرعون راكعًا أمام «آمون» وقابضًا في كل من يديه على شعلة. وهاك نص التعويذة:

إن هذا البيت قد أُضيء «بآمون» رب عروش الأرضين عندما تفتتح الشعلة سنة طيبة مع «رع» وعندما تحضر الليل مع «تحوت» (القمر)، وهي الشعلة المصنوعة من شحم أبيض ونسيج الغسال. إن هذا البيت قد أُنير «بآمون رع» فحل أمه عندما تفتتح سنة طيبة، وكذلك «ببتاح» رب حياة الأرضين عندما يفتتح سنة طيبة، وكذلك بالإله «تحوت» رب «هرموبوليس» عندما يفتتح سنة طيبة، وكذلك بالإلهة «موت» سيدة «إشرو» وسيدة الآلهة التي في «إبت-إسوت» (الكرنك) عندما تفتتح سنة طيبة، وكذلك بالملاك الحارس «عحع نفر» لبيته عندما يفتتح سنة طيبة، وكذلك بالإلهة «رننوت» (إلهة الحصاد) صاحبة هذا البيت عندما تفتتح سنة طيبة. إن جسم الملك «سيتي الأول» مملوء وغني بطعام عيدك.

ومما يلفت النظر هنا أن هذه العشيرة يقوم بأدائها آلهة مختلفون، فيُلاحَظ أنهم ليسوا مؤلفين من ثالوث طيبة وحسب، بل فضلًا عن «آمون» في صورتيه نجد الآلهة العظام «لهليوبوليس ومنف»، و«تحوت» الذي يلعب دورًا يأتي مباشرة في أهميته للإله «آمون» في خدمة المعبد، هذا إلى الإلهة «موت» زوج «آمون» وثعبانين حارسين للمعبد ولمخزن الغلال.

وعيد السنة الجديدة كان فرصة لإعادة تطهير المعبد وإهدائه من جديد على غرار عيد إهدائه عند إتمام بنائه: «إعطاء البيت لسيدة» وعندئذ كانت شعلة السنة الجديدة تلعب دورًا هامًّا، وإذا قرنا بين هذه الشعلة والشعلة التي جاء ذكرها في شروط الوقف بأسيوط نجد شبهًا كبيرًا (راجع الجزء الثالث). وقد كانت الشعلة بمثابة هدية الفرعون تجلب السنة الجديدة مع «رع» (الشمس)، وفي الليل مع «تحوت» (القمر). فالقمر كان يظهر في الليل عندما كانت الشعلة تضيء الظلمة.

المشهد الخامس والخمسون

تعويذة لتقديم التحيات بوساطة إناء «نمست»

وهذا المشهد يشبه سابقه رقم ١٧، ويجب ألا يُخلط بينه وبين شعيرة التطهير التي كانت تعمل بوساطة أربع أواني نمست وهذه الشعيرة كانت تُقام بمناسبة إحياء التمثال كما تحدثنا عن ذلك من قبل.

المشهد السابع والخمسون

تعويذة لعمل البخور للإلهة «موت»

يُشاهد الفرعون في هذا المنظر راكعًا أمام الإلهة «موت» التي صُوِّرت في صورة إنسان برأس لبؤة، وهي هنا موحدة مع الإلهة «سخمت» ربة القوة ويُقدم البخور بالوضع التقليدي. وقد عُنون هذا المنظر هكذا: عمل البخور لموت سيدة السماء ليصبح (الملك) معطى الحياة مثل «رع» كل يوم.

وهاك نص التعويذة:

أشرقي في فخار يا أيتها «الواحدة الظاهرة» يا «بوتو» التي تسر بالظهور فيه (البخور) عالية. وإن التاسوع الأكبر والتاسوع الأصغر قد سروا بشذى عبيرها وسعدوا بما فعلته «عين حور» اللامعة. وإن الآلهة قد أتوا إلى الوجود من دموعها، والإله «آتوم» قد أُنعش في لحمها، وإن هذا البخور «لموت» بمثابة هدية للملك «من-ماعت-رع» بن «سيتي الأول» معطى الحياة والثبات والحظ السعيد مثل «رع».

ويلفت النظر في هذه التعويذة أنها تنسب إلى هذه الآلهة صيغة سماوية؛ أي إنها توحدها بالشمس. هذا بالإضافة إلى أن المتن يُعد تمجيدًا لهذه الآلهة عندما تظهر في عيدها النهري الذي كان يُحتفل به كل عام في الأقصر.

هذه نظرة عاجلة عن حياة الإله اليومية وما كان يُقام له من أحفال يومية، وقد حاولنا أن نقتصر ها هنا بقدر المستطاع تفاديًا من التفصيلات التي لا تهم إلا الأثري وحسب.

(١١-٣) عبادة الثور

تحدثنا فيما سبق عن الإله الذي كان يُمثل في الخشب والحجر وعن حياته اليومية والشعائر التي كانت تُقام لخدمته يوميًّا لإلباسه وإطعامه، والآن ننتقل إلى الكلام عن عبادة الحيوان في تلك الفترة، وبخاصة الثور في أشكاله المختلفة، ونخص بالذكر أولًا العجل «أبيس» (حب).

والواقع أن عبادة الثور كانت ظاهرة مشتركة في كل تاريخ الجنس البشري (راجع A. b. Cook Zeus Vol, l, Cambridgé). والسبب في وجود هذه العبادة ظاهر، وليس هناك ما يدعو إلى وجود أية علاقة ثقافية بين شعبين يعتنقان هذه الديانة في وقت واحد. فالثور يمثل الخصب من ناحيتين: فهو رمز للقوة الكريمة في نظر العقل البدائي وعلى ذلك أصبح موضوعًا للمنافسة، وهو كذلك من ينابيع الخصب الممتازة في الزراعة بوصفه سيد الماشية التي تنتج اللحم واللبن والزبد والجلد وبوصفه حارثًا للأرض؛ وبهذه الكيفية أصبح رمزًا للرياسة والملكية، ولا أدل على ذلك من أننا نرى الملك في مصر القديمة يوصف بالثور القوي كما تُطلق في اللغة العربية لفظة الثور على سيد القوم. وكذلك نجد أن الرؤساء في إقليم بحيرة «شاد» كانوا يُدفنون ملفوفين في جلد ثور، وأقدم مثال «يلفت النظر من الوجهة الدينية» للثيران عند قدماء المصريين يرجع إلى عصور ما قبل الأسرات في جهة «الحمامية» في المكان الذي حفرته مس «كيتون تمسون»؛ حيث وجدت أكوامًا من عظام الثيران مرتبة بنظام ورءوسها على قمتها، وبجوار هذه الجهة عثر المستر «برنطون» على مدفن حيوان يُحتمل أنه عجل ملفوف في حصيرة من عهد البداري. وتمثيل الملك بمثابة ثور على لوحة الملك «نعرمر» (مينا) العظيمة المصنوعة من الأردواز من الأشياء المعروفة تمامًا، وقد جاء ذكر العجل «أبيس» على حجر «بلرمو» ولذلك فلا بد أنه عُبد في زمن الأسر الأولى، وقد ذكر «مانبتون» أن عبادته ترجع إلى الأسرة الثانية، والواقع أنه قد وُجد فعلًا في عهد الأسرة الأولى (Emery, The Tomb of Hemaka p. 40 & pl. 19 d.) ولدينا وثائق قليلة يرجع عهدها للدولة القديمة تحدثنا أن العجل «أبيس» كان يعيش وقتئذ في «منف» وأنه كان يُحتفل تكريمًا له منذ أقدم العهود بعيد سنوي كان له علاقة من وقت مبكر بالعيد الملكي. ولدينا برهان غير مباشر على أنه كان يُقام منذ الأسرة الأولى ويُفهم ذلك من تركيب اسم هذا العجل في أسماء الأسرة المالكة. والواقع أن اسم «أبيس» (حب) يدخل في تركيب اسم أم الملك «أثوتيس» التي تُدعى «خنت حب» (راجع Untersuchungen XIII, p. 14 Ott) وفي اسم أم الملك «زوسر» المسماة «ني ماعت حب». ولكن من جهة أخرى لا نعرف تفسير اسم «أبيس» على وجه التأكيد. والواقع أنه يوجد نوع من البط مشهور بقوته التناسلية، وقد كان المصريون يسمونه «حب» (راجع Sefhe, pyr 1313) وليس ببعيد أن يكون المصريون قد أطلقوا اسمه على العجل «أبيس» الذي كان يعجب القوم بقوته التناسيلة كما يفسر ذلك الأستاذ «زيته» (راجع Sitzungsber. Preus. Akad. Phil-hist kl 1934, 13). وهذا التفسير يمتاز بأنه يشرح لنا وجود رسم بطة بمثابة «مخصص» تتبع كثيرًا اسم ثور «منف». وقد كان للعجل «أبيس» كهنته الذين كانوا يُسمون في عهد الدولة القديمة عصيًّا أي مربين للعجل «أبيس». وفي عهد الأسرة الخامسة ذهب الملك «نوسر رع» في العيد الثلاثيني إلى محراب العجل «أبيس» مما يدل على وجود عبادة لهذا الحيوان في ذلك العهد، يُضاف إلى ذلك أن لدينا متنًا من بين متون الأهرام (راجع Sefhe, pyr 1998) يوحي بوجود جبانة (في العهود القديمة جدًّا) للعجل «أبيس» في «منف».
هذا كل ما نعلمه تقريبًا عن عبادة العجل «أبيس» في العصور الموغلة في القدم، ولكن منذ بداية الدولة الحديثة أصبحت الوثائق عن عبادة هذا الحيوان كثيرة ودقيقة بدرجة عظيمة. وأقدم مقابر معروفة للعجل «أبيس» يرجع عهدها للفرعون «أمنحتب الثالث» في منتصف الأسرة الثامنة عشرة،٢٩٥ وأحدث مقابر معروفة لدينا من نهاية عصر البطالمة؛ إذ الواقع أن جبانة العجل «أبيس» في العهد الروماني لم يُعثر عليها بعد على الرغم من أن عبادته كانت موجودة في عهد «جوليان» الكافر في عام ٣٦٢ ميلادية. وبين هذين العهدين — أي عهد «أمنحتب الثالث» ونهاية عهد البطالمة — كانت سلسلة مقابر هذا العجل تختفي من وقت لآخر. وقد كان لكل عجل قبره الخاص حتى عهد الأسرة التاسعة عشرة، وكان يعلوها مزاره الخاص. ومنذ عهد «رعمسيس الثاني» أُقيم مدفن عام وهو الذي كشف عنه «مريت» (راجع Prat. Ancient Egypt p. 362) وهو المعروف باسم السرابيوم (مصر القديمة الجزء الخامس)، وهو يحتوي على سلسلة دهاليز طويلة تحت الأرض قد حُفرت في جوانبها كوات لتكون مدافن. وكانت هذه الكوات تُسد بجدران بعد الدفن. وقد ثُبتت على الجدران الخارجية لهذه المدافن لوحات عدة بعضها ملكي وبعضها من وضع الأفراد، وهذه اللوحات تقدم للباحثين تواريخ ثمينة، والقليل منها يقدم معلومات عن عبادة العجل نفسه. ومع ذلك فإن هذا القليل مضافًا إلى قطعة من الشعائر الجنازية «لأبيس»، وكذلك ما رواه لنا المؤرخون الأقدمون ينير لنا الطريق بوجه عام في تتبع مجال حياة الثور المقدس في «منف». ولا يبتدئ تاريخ حياته عند ولادته بل عند بداية أعياد التتويج التي كان يُحتفل بها في «منف»، وكان يرأسها الكاهن الأكبر للإله «بتاح»، وكان العجل يزور أولًا محراب الإله «حعبي» (النيل) في جزيرة الروضة، وبعد ذلك يقلع إلى «منف» في الوقت الذي كان يبتدئ فيه طلوع القمر. أما العيد الحقيقي فكان يُحتفل به في «منف» نفسها عند اكتماله بدرًا. وكان هذا رمزًا لعهد جديد يُفتتح بحكم «أبيس» جديد. وبعد تتويج الثور كان يخرج من الباب الشرقي — أي الجهة التي تشرق منها الشمس — للمعبد ليظهر للناس، وبعد ذلك كان يُقتاد إلى معبده «الأبيون» (راجع Urk II, p, 186) الذي كان لا يخرج منه إلا ليشترك في الأحفال. وفي هذا المكان كان يتقبل تكريمات المخلصين له، وفي هذا المكان كان كذلك يدلي بالوحي عندما يُسأل. وعند موت العجل «أبيس» كان القوم يعتقدون أنه ذهب إلى السماء بروحه، أما جسمه فكان يُدفن على حسب الشعائر الأوزيرية، فكان يبتدئ بوضع اللفائف والمسوح والتضميخ المعتادة عليه ثم يُوضع في تابوته الذي كان في بادئ الأمر يُصنع من الخشب ثم من الجرانيت في عهد «أحمس الثاني» من عهد الأسرة السادسة والعشرين. وبعد ذلك كانت تمر المومية بالباب الغربي — أي في الجهة التي كانت تغرب فيها الشمس — وتُحمل حتى «بحيرة الملوك» تصحبها نائحتان — إزيس ونفتيس — وكهنة إله النيل «حعبي»، وفي أثناء سياحة المومية على البحيرة كانت تُقرأ تسع شعائر أوزيرية الصيغة. وبعد تأدية الشعائر الجنازية التي كانت لا تستمر أقل من سبعين يومًا ينزل التابوت في مخدعه. وكان للعجل «أبيس» المتوفى مثل كل ميت أوزيري المذهب أوانٍ لأحشائه وتماثيله المجيبة وكانت تُمثل غالبًا برأس ثور وجسم إنسان.

وقد كان لكل «أبيس» قطيع من البقرات المقدسة يكرم نتاجها تكريمًا خاصًّا. وتدل شواهد الأحوال على أنه كان من النادر جدًّا أن يولد «أبيس» من «أبيس» آخر، بل في معظم الأحيان لم يكن هذا العجل من أصل منفى، وكان يُمثل حاملًا بين قرنيه قرص شمس محلى بصل. والعلامات التي كانت تميزه بأنه ثور مقدس كانت ظاهرة جدًّا؛ وهي مثلث أبيض على الجبين، وعلامة بيضاء في صورة هلال على كلا جانبيه، وصورة نسر على رقبته. وقد كان الثور «أبيس» في الأصل أسود اللون وفيه علامات بيضاء، وقد فُسرت هذه العلامات فيما بعد بأنها رموز الآلهة الذين كانوا يتقمصون «أبيس».

وكان العجل «أبيس» من الوجهة اللاهوتية يُعد إلهًا منتخبًا، كما كان يمثل القوة والإكثار، وهذه الصفة البدائية كما ذكرنا قد بقيت له على مر الأجيال، ولا أدل على ذلك من علاقته الوثيقة بالفيضان (راجع Otto Untersuchungen XIII, p. 25) من جهة، ومن جهة أخرى علاقته بالإله «أوزير» إله النبات. والواقع أنه يوجد سبب آخر كان يربط العجل «أبيس» ﺑ «أوزير»؛ وذلك أنه كان في الحقيقة مثل البشر عرضة للموت، فكان يُدفن مثلهم أيضًا. وفي ذلك ما يكفي أن يجعله يُعد أوزيرًا. والظاهر أن البعض قد اعتقد في بادئ الأمر بوجود تمييز بين «أبيس-أوزير» أي الثور الحي، و«أوزير-أبيس» أي الثور الميت، غير أن هذا التمييز الذي يشعر بوجود فرق بين الحيوان العائش والحيوان الميت كان قد نشأ عن عقيدة لم تلبث أن تُركت ظهريًّا بسرعة. ومع ذلك فإن الإغريق قد عادوا لوضع فرق بين «سرابيس» (أبيس الميت) «وأبيس» الحي، وبعبارة أخرى قد وضعوا تمييزًا بين «سرابيس» الذي يمثل تعدد الثيران المتوفاة و«أوزور أبيس» الذي يمثل كل فرد ميت من هذا الحيوان. والواقع أن توحيد «أبيس» ﺑ «أوزير أبيس» كان أصلًا لتقدم لاهوتي هام؛ وذلك أن «أبيس» بسبب أنه كان «أوزيرًا» قد أصبح بطبيعة الحال إلهًا جنازيًّا، فكان يحمل لقب «أول أهل الغرب» (خنتي إمنتي) أي الأموات، كما أنه يُوحد أحيانًا بالإله «سكر» — إله الموتى في منف — وكذلك كان يُعد إلهًا قمريًّا، فقد رأينا أن أعياد التتويج للعجل «أبيس» كانت تُقام عند اكتمال القمر، كما أن «أبيس» كان يحمل على جانبيه علامة بيضاء على هيئة هلال، هذا فضلًا عن أن القرص القمري قد حل في العهد الروماني محل القرص الشمسي بين قرني العجل «أبيس». وقد كان كذلك يوحد الثور «أبيس» بالإله «حور»؛ فقد ذكرت الأسطورة أنه عند فرار «إزيس» و«حور» من وجه «ست» كانا قد تحولا إلى البقرة «سخات حور» والثور «أبيس» (راجع Dumichen Oasen der libyschen Wuste pl. 6 and Brugsch A. Z. 17 (1879) p. 19) وكذلك كان الملك المتوفى يُوحد مع «أوزير»، وعلى ذلك فإن الثور «أبيس» الحي كان يصبح «حورًا» مع بقائه «أوزيرًا». وقد كان في مقدور المصري أن يقبل هذه الفكرة التي لا تتمشى مع المنطق السليم. ومن جهة أخرى كان الثور «أبيس» بطبيعة الحال ذا علاقة وثيقة «بحور» وكذلك بالملك كما يُشاهد في أعياد تتويجهما. فلما كان صاحب سلطان هكذا كان لزامًا أن يكون «حورًا»؛ لأن كل سلطان عند المصريين كان منبعه حور.

وإنه من الصعب جدًّا أن يفسر الإنسان العلاقات القديمة التي كانت بين «أبيس» والإله «بتاح». والظاهر أن «أبيس» كانت دائرة نفوذه تتفق مع دائرة نفوذ «بتاح» ولهذا السبب وحده أصبح «أبيس» متصلًا بجاره القوي، على أن هذا الاتصال لا يمكن أن يكون إلا وضعيًّا. ويرجع السبب فيه بلا نزاع إلى كهنة الإله «بتاح» وكهنة أبيس الذين كانوا لا يرون في هذا إلا تحالفًا ينجم عنه فوائد تعود على «بتاح» ببعض ما «لأبيس» من شهرة وعلى «أبيس» الحي بعض ما «لبتاح» من فخار. وأهم لقب كان يحمله هذا العجل المقدس هو: «أبيس الحي» حاجب «بتاح»، والذي يجعل الحق يعلو حتى الإله صاحب الوجه الجميل — أي بتاح — وهذا اللقب قد يكون له علاقة بالدور الذي يلعبه الثور «أبيس» في الوحي. وقد كان يُسمى هذا الثور كذلك «روح بتاح». وعلى وجه خاص «ابن بتاح»، ومما يجدر ذكره هنا أن الثور «أبيس» كان له علاقات وثيقة بعض الشيء بالإله «آتوم» إله الشمس في «هليوبوليس». فهنا كذلك نلاحظ أن تقارب موطني هذين الإلهين وهما «منف» و«هليوبوليس» لا بد كان في الأصل منبع صلة حسنة بينهما، وعلى أية حال فإن الصيغة الجنازية التي يمثلها كل منهما متقاربة، فقد كان العجل «أبيس» مظهرًا «لأوزير» كما كان «آتوم» مظهرًا لإله الشمس عند الغروب، أي إن كليهما كان يمثل إله الحياة في الآخرة. وأخيرًا يمكن أن يُعد القرص الذي كان يحمله «أبيس» بين قرنيه بمثابة شاهد على صنعته الشمسية.

هذه هي الشخصية المركبة للإله الذي يسميه المصريون أحيانًا «أوزير – أبيس – آتوم – حور». وقد كان بلا نزاع يُعد بين الحيوانات المؤهلة في العصر التاريخي ومن أكثرها شهرة وأعظمها انتشارًا.

(أ) العجل «منفيس»

كانت «هليوبوليس» مدينة عبادة الشمس الشهيرة مركزًا لعبادة عجل مقدس آخر غير «أبيس». ولكنه كان مثله إلهًا قديمًا للنبات. والدور الذي لعبه هذا الإله في خلال التاريخ المصري في تقديم القربان برهان كافٍ لإثبات ذلك. وهذا الثور كان يُدعى «مر-ور» (منفيس) وقد ظهر هذا الاسم للمرة الأولى في عهد العمارنة في زمن «إخناتون» غير أن شواهد الأحوال تدل على أن عبادته لا بد كانت أقدم من هذا العهد بكثير، وقد حرف اليونان اسمه إلى «منفيس»، ويُحتمل أن كلمة «مر-ور» كانت تُنطق «منوى» (راجع Sethe. Deutsche Mogenlandische Gesellschaft, 77 (1923) p. 191).
وهذا الثور كان لونه أسود يظهر على كل جسمه وذيله أشكال سنابل، وهذه كانت علاماته المميزة. وهذا الثور له رمز مقدس خاص وهو مقعد يعلوه رأس ثور أسود وهو الذي اختلط من زمن بعمود «هليوبوليس» المقدس لدرجة أن رأس الثور في غالب الأحيان لم يكن محمولًا على مقعد بل على العمود «إيون»، وقد كان العجل «منفيس» مثل العجل «أبيس» له قطيع مقدس، وكانت بقراته وعجوله تُدفن معه. ومما يؤسف له أن جبانة العجل «منفيس» لا يُعلم عنها شيء يُذكر؛ إذ لا نعرف منها إلا قبرين يرجع تاريخهما إلى عهد الرعامسة.٢٩٦

ومما وُجد فيهما نعلم أن الشعائر الدينية التي كانت تُقام له كانت ذات صبغة أوزيرية، وكان العجل «منفيس» من الوجهة اللاهوتية يتصل كلية بالإله العظيم «رع آتوم» رب «هليوبوليس». ويدل على ذلك صراحة لقبه الغالب عليه «حاجب رع»، ومن يجعل الحق يصعد حتى «آتوم»، وعبادته على وجه التقريب كانت مشابهة لعبادة «أبيس».

(ب) العجل «بوخيس»

كانت مدينة «أرمنت» تقدس نوعًا من الثيران منذ أقدم العهود، وسيظل موضوع شك إذا كان الفرعون «نخت حور حب» (نقطانب) قد عمل مجهودًا جديدًا لعبادة عجل «مدمود» باسمه الجديد «بوخيس» أو أن نفس هذا الفرعون قد جهزه بدفن جديد على غرار كل من العجل «أبيس» والعجل «منفيس» السالفين، وإذا كان الفرض الأخير هو الصحيح فما ذلك إلا لأن هذا الفرعون كان يريد أن ينال حظوة أهل الجنوب؛ إذ كان غريبًا عنهم. والواقع أن الفروق بين العجل «بوخيس» من جهة، وبين العجلين «أبيس» و«منفيس» من جهة أخرى دقيقة جدًّا حتى إنه لا يمكن استنباط شيء منها، وسواء كان هناك عجل متقمص في «أرمنت» قبل حكم الفرعون «نخت حور نب» (نقطانب) أو لا فإن التغييرات التي حدثت في تقديسه كانت أساسية، حتى إنه أصبح من المسلم به أن نعدَّ عهد هذا الفرعون بداية تاريخ الثور «بوخيس».

وكان «بوخيس» يُنتخب من بين عجول متوسطة العمر على أن يكون فيه علامات تميزه عن الماشية الأخرى.

وهذا الثور لم يكن له في بادئ الأمر أية علاقة بالإله «منتو» الممثل في صورة صقر ومن أصل نجمي غير أنه كان قد اندمج منذ عهد مبكر في شخصية جاره القوي. فكانت عبادة «منتو» وكذلك عبادة «بوخيس» منتشرتين جنبًا لجنب في بعض جهات مقاطعة «طيبة» وبخاصة في «طود» و«المدمود»، وفي عهد متأخر كذلك في «الكرنك»، هذا إلى أنه كان يوجد محراب للعجل بالقرب من مدينة «هابو». على أن تتويج الثور «بوخيس» لم يُحتفل به منذ بداية «بطليموس السابع» في «طيبة»، غير أن الثور لم ينقطع عن سكنه في «أرمنت» التي لم يكن يتغيب عنها إلا لزيارة سنوية لمحاريبه الثلاثة الرئيسية، وكان يُدفن بعد موته في جبانة العجول العامة في «أرمنت» وهي التي تُسمى عند اليونان «بوخيوم». ولما أراد المصريون أن يظهروا التأثير الذي تركته العبادة «الهليوبوليتية» على عبادة «أرمنت» سموا هذه الجبانة «قصر آتوم»، وقد كُشف عنها حديثًا، وتحتوي على مقابر يتراوح تاريخها بين حكم «نقطانب الثاني» والإمبراطور «دقلديانوس» (راجع Mond. The Bucheum Vol. 3 Vol). أما المقابر التي هي أقدم من هذا العهد فليست معروفة، وقد قدم لنا معبد «البوخيوم» مثل «السرابيوم» عددًا عظيمًا من اللوحات تشمل معلومات تاريخية ثمينة، وكان الثور «بوخيس» يوحي بتكهنات في «المدمود». وقد وُجد فيها كذلك مسارح كانت تقوم فيها منازلات لم تصل إلينا عنها تفاصيل بكل أسف.
وكان الثور «بوخيس» أبيض اللون برأس أسود، ويحمل بين قرنيه قرص شمس يعلوه ريشتان، والواقع أن صبغة عجل «أرمنت» اللاهوتية مركبة جدًّا؛ فقد تأثرت عن طريق الإله «منتو» الذي يتصل صلة وثيقة بالإله «آمون» جاره في «طيبة» وكذلك بالإله «رع»؛ ونحن نعلم من جانبنا أن إله «أرمنت» كان قد تأثر بالمذهب الشمسي منذ زمن مبكر، وكان يُعبد باسم «منتو. رع»؛ وقد ذكرنا من قبل أن «البوخيوم» كانت تُسمى «قصر آتوم»، وكان الثور «بوخيس» نفسه يحمل ألقابًا هليوبوليتية، فكان يُسمى «روح رع»، وحاجبه. ولدينا حقائق كثيرة تؤهل ثور «أرمنت» ليكون بين دائرة آلهة «آمون» وبخاصة علاقات حسن الجوار التي كانت توجد بين «منتو» و«آمون» وكذلك صبغة الإله «آمون» بوصفه إله النبات والتناسل بعد أن وُحد بالإله «مين». وقد حاول رجال «اللاهوت» أن يضعوا علاقات بين «بوخيس» و«آمون» باعتبارهما أعضاء في جماعة ثمانية الآلهة، فأربعة آلهة كان يُسمى كل واحد منهم «منتو» في «أرمنت» و«طود» و«المدمود» و«الكرنك» على التوالي قد وُحدوا بأربعة الآلهة المذكورين في مجموعة الآلهة الثمانية. وقد كان «بوخيس» نفسه يُعد ابن «نون» (المحيط الأزلي). وقد وُحد هذا الإله كذلك بالإله «بتاح تاتنن» في دوره بوصفه ثعبانًا خالقًا للأرض ولكن من جهة أخرى كان يُعد ابنه؛ لأن «بتاح» كان يُعد كذلك والد الآلهة الأزلية. وكان «آمون» الأقصر يأتي كل عشرة أيام إلى «أرمنت» ويحمل لثور «منتو» الموحد بالآلهة الأزليين قربانًا، كما كان يحملها إلى محراب مجموعة ثمانية الآلهة الواقع على مقربة من مدينة «هابو» على أن هذه التخيلات التي لم يكن لها أي أثر على المعتقدات الشعبية تمثل لنا بصورة واضحة الحالة النفسية التي كانت سائدة في هذا العهد في دائرة رجال «اللاهوت» والمغلقة أمام العامة (راجع Otto Untersuchengen XIII, Leipzig 1938).

(ﺟ) عبادة الكبش

ومن أهم الحيوانات المقدسة لدى المصريين التي لا تقل في انتشار عبادتها عن الثور الكبش الذي كان يُعبد في «منديس». ومما تجدر ملاحظته هنا أن اسم هذه البلدة بالمصرية «زدت» كان يشبه على وجه التقريب كتابة اسم بلدة «بوصير = زدو». وتدل شواهد الأحوال على أنه كانت توجد صلة قديمة بين هذين البلدين (راجع Kees Gotterglaube p. 165). وعلى أية حال فإن الإلهين «أوزير» و«الكبش» كانا قد وُحدا منذ الأزمان المبكرة، وهذا ما يؤكد العلاقة الموغلة في القدم بين البلدين اللذين كان يُعبد فيهما هذان الإلهان، والعمود الذي نجده يدخل في كتابة كل من اسم البلدين كان في بادئ الأمر رمزًا شمسيًّا كما يُفهم ذلك من بعض متون الأهرام (Kees Tohenglauban pp. 219, pyr L. 389 b).
وهذه الأحوال المختلفة يُحتمل أنها أصل لاتفاق كان لا بد أن يحتل مكانة ذات حظوة عظيمة في العصر المتأخر؛ فقد حُكي أن روحي «أوزير» و«رع» قد تقابلا في «منديس» وقد اتحدا سويًّا اتحادًا وثيقًا حتى إنهما أصبحا يؤلفان وحدة لا انفصام لها مظهرها «كبش منديس» (راجع Kees Totenglauben p. 220-1 and Gotterglauben p. 165).
وقد ذكر لنا «مانيتون» أن عبادة الكبش كانت معروفة في مصر كعبادة كل من العجلين «أبيس» و«منفيس» منذ بداية الأسرة الثانية، غير أن «مانيتون» على ما يظهر لم يكن لديه معلومات أكيدة عن هذا الموضوع كما ذكرنا ذلك من قبل، وعلى ذلك فإنه من الجائز أن عبادة الكبش ترجع إلى عهد ما قبل الأسرة الثانية بل وإلى ما قبل التاريخ، وعلى أية حال فإن بلدة «منديس» يظهر أنها كانت من أقدم محاريب الدلتا المقدسة، ويمكن عدُّها من بين المدن المقدسة التي كان يحج إليها الموكب الجنازي لملوك «بوتو» في تنقلاتهم الطويلة إلى مدن مصر المقدسة التي كان لزامًا عليهم أن يحجوا إليها قبل الدفن (راجع Junker, Mit. Kairo IX, p. 1–39).

والمعلومات التي لدينا عن كبش «منديس» على الرغم من أنها نادرة فإنها كافية لتوضح لنا أن النظام «اللاهوتي» الذي كانت تسير عليه عبادته كان كذلك مركبًا كنظام عبادة الثيران المقدسة في «منف» و«هليوبوليس» و«أرمنت».

والواقع أن هذه الحيوانات المقدَّسة على ما يظهر كانت تؤلف همزة وصل بين نظامين كل واحد منهما في أصله مختلف عن الآخر.

والاعتقاد الذي لا ريب فيه هو أن كهنة العصر المتأخر — وهم الذين كانوا يُعدون أساتذة في فن التوفيق بين الصفات المقدسة الإلهية لم يترددوا في أن يؤلفوا بكل جرأة على حسب القواعد التي تبيح اتصاف الآلهة بأوصاف واحدة في وقت واحد؛ أن يطبقوها بكل وسيلة تسمح بها عبادة الحيوانات المقدسة التي كانوا يعبدونها؛ فكان لا يوجد لديهم أي مانع في أن يتصف الكبش بكل الصفات التي كان يتصف بها أي ثور مقدس.

(١٢) السحر والحياة المصرية

ذكرنا في سياق الحديث عن المؤامرة التي حِيكت لاغتيال الفرعون «رعمسيس الثالث» أن السحر كان له شأن كبير في الوصول إلى تنفيذ هذه المكيدة التي باءت بالفشل؛ ولذلك آثرنا أن نذكر هنا شيئًا عن السحر في عقائد القوم في هذه الفترة وما قبلها من تاريخ مصر بعد أن تكلمنا عن الحياة الدينية.

والواقع أن الدين والسحر قد اختلطا اختلاطًا كبيرًا في عقائدهم حتى أصبح من الصعب الفصل بينهما في حياة المصري العادية كما سنوضح ذلك فيما يلي.

فنجد أن الإنسان قد اعترف بأنه في كل مكان وزمان كان محوطًا بقوًى خفية خارجة عن نطاق فهمه، ولم يكن في استطاعته أن يقاومها بما في متناوله من وسائل. وقد حاول أن يستميل هذه القوى بالتضرع تارة، وبالفن تارة أخرى. والواقع أن الدين والسحر هما وليدا هذا المجهود الإنساني المزدوج، ولما كانا وليدي ضرورة واحدة بعينها أصبح من الطبيعي إذن أن يتقابلا في نقط عدة، فهما يُستعملان في غرض واحد؛ لأن الإنسان في حال بؤسه يلجأ غالبًا إما إلى السحر أو إلى الدين تضرعًا أو خيفة، رغبة أو رهبة.

وعلى ذلك فإنه من العبث أن نبحث فيما إذا كان السحر وليد الدين، أو الدين وليد السحر. فالاعتقادان قد ظهرا في وقت واحد أملاهما مظهر العالم والطبيعة. وعلى الرغم من أن الآلهة يُعدون أصحاب قوة عظيمة فإنهم كانوا يلجئون أحيانًا إلى الحيلة. وقد عرفنا من قبل أن الأساطير الإلهية كانت مفعمة بمشاهد سحرية، ومن ثم نلحظ كثيرًا ذلك التضامن الوثيق بين الدين والسحر وبخاصة في المعتقدات الجنازية؛ فقد كان مصير المتوفى الهلاك العاجل في عالم الآخرة المخيف الذي كان لزامًا عليه أن يخترقه إذا لم يكن تحت تصرفه الصيغ السحرية الثمينة التي كان يؤلفها له السحرة الماهرون. وإذا كان السحر أمرًا ضروريًّا لعالم الآخرة فإنه لم يكن أقل ضرورة في هذا العالم حيث الأخطار والآلام دائمًا متوفرة.

وهذا الدور الذي يلعبه السحر في الحياة اليومية هو ما سنحاول درسه هنا. فالسحر ينطوي على الاعتقاد في قوة خارقة للطبيعة تكون عادة منتشرة ولكنها قابلة في أحوال خاصة لأن تتركز في أشخاص معينين، أو أشياء خاصة. وقد كان المبدأ — على الأقل — أن دور الساحر هو أن يسيطر على هذه القوة، وبعد ذلك يستعملها لفائدته، أو لفائدة الآخرين. والساحر يصدر الأوامر لقوى الطبيعة، وهو لا يخشى الآلهة كما أنهم لا يخيفونه، فإنه لم يكن يصدر إليهم الأوامر فقط، بل كان في مقدوره تهديدهم. فمن أين أتت هذه الجرأة؟ والمعتقد أنه يشعر في أعماق نفسه أن في حوزته قوة كان لزامًا على الآلهة أنفسهم أن يخضعوا لها. وعلى أية حال فإنها كانت قوة يحافظ عليها جيدًا، وبها كان يكشف للناس عن الطبيعة وأسرارها. وقد كان يكمن في هذه القوة كل السر الخفي الذي كان يحيط به نفسه، ولكن الحقيقة كانت شيئًا آخر بالمرة. فالسر الخفي لم يكن إلا شيئًا ظاهرًا، والسحر — في الواقع — علم تجريبي قد انتظم في عدد معين من الرُّقَى كانت الصدفة فيها هي العامل الأكبر، فقد كان أول ما يجب عمله هو ملاحظة ما يدور في العالم، وتدوين الأحوال الخارجية التي توجه الحادث إلى جانب السعادة، أو إلى جانب النحس. وقد كان يكفي أن يوجد الإنسان بين هذا أو ذاك علاقة السبب الفعال للحصول على عناصر رقية سحرية. والحادث الذي كان يريد الإنسان إثارته؛ يحدث لا محالة إذا أمكن أن يهيئ حوله الجو الذي كان يحيط به في المرة الأولى لحدوثه. والسحر — كما سبق — علم تجريبي ينمو بمضي الزمن عليه، والرقى الموغلة في القدم هي التي كانت تُعد أكثر تأثيرًا، فقد جُربت أكثر من غيرها على وجه عام. وقد كان السحرة كثيرًا ما يتفاخرون بقدم وصفاتهم السحرية التي كانوا يعرضونها على من يقصدهم، وهذه هي ناحية إذاعة السحر.

وكانت الوصفات التي حُصل عليها بهذه الكيفية في خلال القرون المتعاقبة تُجمع في كتاب، وكانت معرفة مثل هذه المجموعة ذات فائدة لا تُحصى، غير أنه ليس لدينا هنا إلا جزء من علم السحر. ولدينا فرع متصل بالدين مباشرة، فنحن نعلم أن الآلهة قد جربوا على الأرض معيشة تشبه كثيرًا معيشة الناس، وأنهم كانوا عرضة لنفس الأخطار التي تصيب بني البشر، غير أنهم تغلبوا على هذه الأخطار. ومن أجل ذلك يلجئون إليهم ليتغلبوا على الصعاب التي كانوا قد قهروها. وفي هذه الحالة كان الساحر يوحد قاصده بالإله الذي تغلب على نفس المشكلة من قبل، ويعمل على إبعاد الشيطان الرجيم عنه، وذلك بالإيحاء إليه بأن ليس أمامه إنسان عادي، بل الإله الجبار الذي أنزل به فيما مضى هزيمة ساحقة. وأخيرًا كان يمكن أن يوحد في مفعول الصيغ السحرية باستعمال أشياء خاصة مثل العصا السحرية والتماثيل الصغيرة المصنوعة من الشمع وبخاصة التعاويذ التي تقدمت تقدمًا عظيمًا في الوصول إلى الغاية المنشودة.

وقد كان المصريون — قبل أن يصبح علم السحر مركبًا ومعقدًا بازدياد الوصفات التي أتت عن طريق التجربة — يلجئون إلى السحرة، ولكن هل كان هؤلاء يُعدون أكثر استعدادًا من غيرهم ليستوعبوا وينقلوا الجاذبية السحرية؟ هذا جائز، غير أنهم كانوا يُعدون علماء على أية حال. فقد كان يمارس صناعة السحر الكاهن المرتل، وكذا الطبيب، أي علماء مدربون على كتب قديمة. والواقع أنهم كانوا ينهلون علمهم من هذه المصادر التي كانت كافية فيما يبدو. ولم يكن من الضروري أن تتوفر لهم تلك القوة الخارقة للعادة التي كان المصريون يعتقدون بوجودها لديهم؛ لأنهم كانوا يعتمدون فيها على العلم إلى حد بعيد. وقد يبدو غريبًا أن يُرجع الإنسان القوة السحرية إلى علم لم يكن بد من أن يولد بدونه. غير أن مثل هذا الموقف الذي يبدو أنه غير منطقي لأول وهلة يمكن تفسيره بسهولة؛ إذ لا يغيب عن الذهن أن أعظم الآلهة قد أوجدوا في آخر الأمر بني البشر في هذا العالم، وأن المصريين ينظرون إليهم على أنهم مجتمع منظم وفق طبقات مختلفة يشتركون إلى جانب الأصل الإلهي وقوة الخلق؛ في تسلطهم على القوى الخارقة للطبيعة التي تحيطهم. وعلى ذلك يجد كل إنسان في نفسه قوة مستوعبة تسهل العمل السحري، وبعبارة أوضح كان الساحر مميزًا عن غيره من الناس، لا بطبيعته فقط بل بعلمه أيضًا، وقد كان الساحر قبل كل شيء عالمًا يعرف التعاويذ، وكان قادرًا بعلمه أن يوجد تيارًا بين قوى الطبيعة الخفية الخارقة في الصيغة السحرية وقوة الاستيعاب الطبيعية التي في الإنسان. وكان الإنسان يستعين بالسحر في مختلف أحوال الحياة؛ فحين يقف أمام صعوبة لا يمكنه التغلب عليها بالطرق الطبيعية كان يلجأ إلى تذليلها بطريقة سحرية. وسنضع أمام القارئ — بدون خوض في التفاصيل — التطبيقات الأكثر شيوعًا في هذا العلم.

(١٢-١) المحافظة على الجسم

من الطبيعي أن يخشى الإنسان المرض، ويسعى من أجل ذلك للمحافظة على نفسه منه، ويستعمل لذلك التعاويذ التي كانت من أهم الصناعات الرائجة في مصر القديمة، وبخاصة في العهد المتأخر من تاريخ البلاد، وقد كانت تُصنع من الخشب والبرنز ومن الفخار المطلي، ومن الهمتيت، ومن الكرنالين، ومن اليشب، ومن حجر الفلدسبات، ومن أحجار أخرى نصف كريمة. وقد كان بعضها خشن الصنع، وفي متناول الفقراء من المصريين، وكان البعض الآخر يُعد من القطع الفنية الدقيقة التي كانت وقفًا على الأغنياء وعِلية القوم. وقد كانت كل هذه التعاويذ — مع ذلك — مفعمة في ظن القوم بقوة سحرية، وكانت كل واحدة منها تقوم بأداء دور معلوم، وبعضها يمثل علامات هيروغليفية تدل على صفات معنوية: كالحياة، والقوة، والسعادة، والبقاء، والثبات، والجمال … الخ. وهذه نعوت كان يستحب التمتع بها بنوع خاص. وبعضها تماثيل إلهية؛ وذلك لأن الآلهة في الواقع تملك قوة سحرية بالغة. وكان من المعتقد أن أشكالها تحتفظ ببعض هذه القوة الخارقة للطبيعة. وقد كان القوم يضعون هذه التعاويذ في القلائد والأساور وغيرها.

وأحيانًا يقوم حبل بسيط معقود سبع مرات — وبه لوحتان صغيرتان مكتوب عليهما صيغ سحرية — مقام قلادة من التعاويذ التي كانت تُوجد حول الجسم سائلًا واقيًا يحفظ المرضى — بدون شك — من الحوادث، بيد أنها لم تكن تمنعها. وعندما يحل بالإنسان الأذى كان الملجأ إلى القضاء عليه هو السحر.

وكثيرًا ما كان يختلط الطب بالسحر لما نلحظه من أن الدواء لم يكن يعدو بعض أوصاف سحرية. وكان «بيت الحياة» — يعني المدرسة — كلية للطب ومدرسة للسحرة في آنٍ واحد، كما كانت كتب الطب — ولا سيما في العهد المتأخر — تكاد تكون مجرد مجموعات ووصفات سحرية، وكان المرض غالبًا ما يُنسب إلى تأثير أشباح مؤذية؛ ولذلك كان المعتقد أن المريض يمكن أن يبرأ ويبتعد عنه شبح المرض بوساطة بعض الصيغ السحرية. وقد وضح هذا الاعتقاد بصورة ظاهرة في كتاب يرجع عهده إلى الدولة الوسطى جُمع فيه صيغ منوعة الغرض؛ منها وقاية الطفل من أخطار تحيط به، وكان الساحر يخاطب الأشباح المؤذية ويعمل على طردها بالرجاء مرة، وبالتهديد أخرى.

وكثيرًا ما كان الإنسان يخاف انتقام الموتى، هذا الخوف الذي كان سببًا في تلك الخطابات الغريبة التي كانت تُكتب للموتى في عهد الدولة الوسطى وتُوضع معهم في القبور. (راجع Gradeier, Letters to the Dead).

وفيما عدا المرض كان يوجد خطر آخر يخشاه المصريون ويخافونه ويتهددهم في كل يوم؛ إذ كان يعرضهم للموت. وأعني بذلك الثعابين والعقارب والتماسيح. وقد كان السحر سلاحًا فعالًا لدرء هذا الخطر على الدوام، فيلجأ المصريون إلى الآلهة — عن طيب خاطر — لمقاومة هذا الخطر، لما كانوا يعتقدون من أن هؤلاء الآلهة حين عاشوا على الأرض كانوا عرضة لمثلها، فينبغي أن تأخذهم الرأفة بهؤلاء التعساء الذين حاق بهم الألم الذي ذاقوا مرارته من قبل.

ويتمثل أمامنا تأثير الأساطير الإلهية في الصيغ السحرية تدريجًا كلما أوغل الإنسان في العصر المتأخر من تاريخ البلاد. ويظهر ذلك التأثير بشكل واضح في متون نقوش اللوحات التي يطلق عليها «لوحات «حور» على التماسيح» (A. Z. 6 1868. P. 99–106).

وهناك فرق كبير بطبيعة الحال بين صيغ الأهرام الدينية القصيرة، وبين المتون الطويلة التي دُونت في العصر المتأخر على هذه اللوحات؛ وهذا دليل على تطور السحر. ففي الأزمان القديمة — كما يقول «موريه» — كانت القوة السحرية في الصيغة نفسها، وهي التي تسبب الشفاء. ولكن لم يعد للصيغة — فيما بعد — قيمة إلا أن تجذب بصورة سحرية حماية بعض الآلهة الذين كانوا يقومون بالدور الأصلي في المعجزة. وعلى ذلك فلم يكن إصدار الأوامر إليهم شيئًا مستساغًا؛ بل كان يحل محله الرجاء والتضرع بدلًا من التهديد. وهذا التطور يماثل ما رأيناه في الديانة الشعبية التي تحدثنا عنها فيما سبق (مصر القديمة ج٦). فقد رأينا أن الورع الشخصي قد سار في تقدم مطرد في عهد الدولة الحديثة؛ إذ نشاهد الإنسان قد أخذ يشعر بالتواكل على الإله باطراد، ونتج عن ذلك أن توجه إليه في ثقة، وتضرع إليه في كل الأحوال.

لقد كان لعواطف القلب دائمًا عند الرجل أهمية بالغة، ولقد برهنت حوادث عاطفية عدة على أن الحب قوة خفية متقلبة لا يمكن السيطرة عليها. والمظنون أن السحرة قد تفاخروا فيما بينهم في هذا المضمار الذي اختفت فيه المجهودات الإنسانية المحضة. والطرق التي استعملوها لم تكن طرقًا مبتكرة؛ فجرعة الساحر الخاصة بالحب، وأحلام العشق، وتماثيل الشمع؛ هي في الواقع جزء من السحر العالمي. وسنتكلم عنها بشيء من الاختصار، فمن الجائز أنه كان يوجد عدد عظيم من جرعات شراب الحب، غير أن كل ساحر قد اعتقد أنه لا بد أن يكون لديه وصفته الخاصة به. ويمكننا أن نؤكد — على حسب بعض المعلومات التي وصلت إلينا حتى الآن — أن الخيال كان يلعب دورًا كبيرًا في تركيب الجرعات التي يتناولها المحب أو المحبوب، فنجد أن مما يصعب فهمه مثلًا: لماذا كان لدم بنصر اليد اليسرى، أو دم القراد المأخوذ من كلب أسود تأثير حسن جدًّا على المرأة التي يريد الإنسان أن يستميل قلبها؟! فإذا كانت هذه المرأة قد أحبت رجلًا آخر تعين على المرء قبل أن يستهويها لنفسه أن ينتزعها ممن تحب أولًا؛ ولهذا كان الساحر يستعمل تماثيل الشمع، فيجري أعمالًا سحرية على تماثيل صغيرة صُورت في شكل المنافس. فإذا حدث من مفعولها الشقاق والانفصال بين العاشقين صنعت — حينئذ — جرعة مزيج للحب، أو كُتبت بعض صيغ سحرية تحدث عند المرأة أحلامًا غرامية يظهر فيها العاشق في صورة خلابة تخضع المحبوبة لسلطانه، وتجعلها تهيم به. على أننا لا نعلم عن مقدار تأثير تلك الحيل سوى أنها كانت عظيمة الانتشار، عريقة في القدم في المتون المعروفة باسم «كتاب الطريقين» الذي تحدثنا عنه طويلًا في الجزء الثالث من مصر القديمة، فقد ذُكر فيه أن مجرد تلاوة صيغة بسيطة كان كافيًا لكي تقع المرأة في هوى قارئها.

وقد استعمل السحر من جهة أخرى لإشباع مطامع الشخص وطموحه، فالواقع أن الإنسان يجد أعمق لذة في حياته في إشباع مطامعه، وأحسن متعة في الوصول إلى مركز مرموق في المجتمع، ويعمل على الحرص عليه عندما يناله، ويجد في هذه الرغبة حافزًا عظيمًا لتنمية نشاطه، وسببًا من الأسباب الهامة للحياة الرغيدة. ولكن من المؤسف له أن ما يتصف به من صفات محمودة قد لا يكون موضع التقدير ممن يحيطون به، على أنه لا يوجد من يوقن بخروجه منتصرًا من معركة الحياة القاسية، فيتغلب على مطامع مناهضيه الذين يكونون أحيانًا أقوياء. وليس الأمر في هذا الصراع خاصًّا بالتغلب على الشياطين الخفية، أو على حيوانات خطيرة، بل على صراع إنسان من البشر يعده — خطأ أو صوابًا —عدوًّا له. وفي مثل هذه الحالة يقدم السحر للرجل الذي يظن نفسه مضطهدًا مساعدة قوية عن طريق عمل تمثال سحري صغير من الشمع يلجأ إليه الإنسان في مثل هذه الأحوال. وهذه الطريقة السحرية تعتمد على القانون الذي يقول بأن بين الصورة وبين الإنسان الذي تمثله نوعًا من الاتصال النفسي Sympathy، وكان على الساحر — لكي يسيطر على العدو — أن يصنع له تمثالًا خشنًا من الشمع أو من الطين، ومن ثم يمكنه أن يتلو عليه بعض تعاويذ تجعله في حالة خضوع تام، وكان يكتب على هذه الصورة كذلك اسم العدو المفروض أنها تمثله، كما يكتب اسمي والديه حتى لا يكون هناك خطأ في الشخص المقصود. كان الاسم حقًّا يلعب دورًا هامًّا في السحر، فقد كان — كما يظن — يشمل شخصية الرجل، وفي مقدوره في حالات خاصة أن يحل بنفسه محل صورة سحرية. وكان الساحر رجلًا عالمًا بأسماء الرجال الذين يريد أن يصل إليهم، كما كان يعرف بخاصة الاسم الحقيقي لكل إله من الآلهة (راجع قصة هلاك الإنسانية في كتاب الأدب المصري القديم ج١) وفي هذا يكمن سر قوته وبطشه. ومهما يكن من أمر فإننا نجد — إذا رجعنا إلى الصور السحرية — أن استعمالها كان شائعًا في مصر القديمة عند جميع طبقات الشعب، ولم يكن الملك نفسه يترفع عن استعانتها على أعدائه، ففي «متحف برلين» كمية من الاستراكا المصنوعة من الفخار الأحمر كُتب عليها صيغ لعنات على كل أعداء ملك لم يُسمَّ، غير أن شواهد الأحوال تدل على أنه عاش في عهد الأسرة الثانية عشرة، وقد ذُكرت أسماء أعدائه الذين لم يكونوا من المصريين فحسب، بل كانوا من الآسيويين واللوبيين أيضًأ (Sethe, Achtung). ولدينا كذلك من عهد الدولة الوسطى صيغ لعنة أخرى كُتبت بالمداد الأحمر على أشكال خشنة تمثل أسرى ركوعًا وأذرعتهم موثقة من خلاف، وتُعد هذه الأشكال أحدث — قليلًا — من استراكا «برلين»، وهي محفوظة بمتحفي «القاهرة» و«بروكسل» «ببلجيكا»، وقد نُقشت كلها على نمط الكتابات التي على استراكا «برلين» وهي تمدنا — كالاستراكا — بمعلومات عن أجناس البشر، وبمعلومات أخرى جغرافية، وتظهر لنا إلى أي حد تطور فن صناعة الأشكال السحرية في هذا العهد.

ويبدو أن الساحر كان يتلو على هذه الأشكال صيغًا تجعل هؤلاء الأعداء عاجزين، لا حول لهم ولا قوة، وتُدفن بعد ذلك وفق شعيرة خاصة.

وقد وُجد بعض هذه الصور أحيانًا في توابيت صغيرة مصنوعة من الخشب. وكان الملك بموت أعدائه السحري يعتقد أنه قد تخلص من الخطر الدائم الذي كان يحيط به بسببهم. وقد بقيت هذه الطريقة مستعملة حتى نهاية التاريخ المصري. وفي العهد المتأخر كذلك كانت تُصنع صور تمثل أعداء الملك، ولكيلا تكون مؤذية كانت تُختم أعضاؤها ثم تُساق إلى العذاب بعد أن يُكتب اسم المعذب بكل عناية على البردية التي يُغطى بها الشكل، ويكتب عليها اسم والديه.

وقد كان المظنون أن المصري — كما يعتقد هو — محاط بقوًى سحرية؛ ولذلك كان ميالًا — بطبيعة الحال — إلى الاعتقاد في الخرافات، وقد حفظ لنا الأدب المصري البرهان على ذلك؛ إذ وصل إلينا تقويمات عن أيام السعد وأيام النحس في حياة القوم، لأن أيام السنة كانت تنقسم ثلاثة أقسام: الأيام السعيدة، وأيام النحس، والأيام المتوسطة بين السعد والنحس. على أن الخبرة في ذلك لم يكن للإرادة دخل فيها، وإنما كانت مبنية على حسب حوادث الأساطير الإلهية الهامة التي وُضعت طبقًا لترتيب تواريخها.

وكان على المصريين أن يرجعوا إلى هذا التقويم كلما أرادوا أن يقوموا بعمل، أو يقدموا على تجارة.

والتقويمات التي وصلت إلينا من العهد الفرعوني من أيام السعد وأيام النحس تنحصر فيما يأتي:
  • (١)
    ورقة من عهد الدولة الوسطى تُعرف «بورقة اللاهون» غير أن التقويم الموجود بها ينحصر في شهر واحد، وليس بها أي تفصيل (راجع Hieratic Papyri from Kahun pl. 25).
  • (٢)
    ورقة «ساليه» الرابعة: وعلى الرغم من أنها تنقص عدة أشهر من الأول ومن الآخر، وأنها محشوة بالأغلاط فإنها كانت — حتى زمن قريب جدًّا — المصدر الهام الذي يُعتمد عليه في هذا النوع من الوثائق (راجع Budge, Hieratic Papyri In the British Museum 2nd series pls. 88–111).
  • (٣)
    عُثر على بعض الاستراكا في «الدير البحري» ذُكر عليها بعض أيام من التقويم الكامل؛ مما يدل على أن للكاتب فائدة خاصة في هذه الأيام (راجع M. Malinine, Nouveaux Fragments du Calendier Egyptien des Jours Fastes et Jours Nefastes In Melanges Maspers 1, p. 879–898).
  • (٤)

    استراكون رقم (٤٦١٥): بمتحف «تورين»: وتذكر أعياد النصف الأول من الشهر الأول من السنة.

وقد بقيت معلوماتنا عن هذا التقويم ناقصة إلى أن كشف عن ورقة جديدة تامة لهذا التقويم يقوم بحلها وشرحها الآن «الدكتور عبد المحسن بكير» وقد كتب عنها ملخصًا نقتبس بعضه فيما يلي (A. S. XLVIII p. 426).

(١٢-٢) محتويات المتن الهامة

تحمل الورقة الجديدة عنوان بداية الخلود — بالنسبة للزمن — حتى نهاية السرمدية — بالنسبة للأبدية — وهي منظمة على غرار «ورقة ساليه الرابعة»؛ مما يدل على وجود طراز من التقويم في ذلك الوقت مستعمل نُسخ منه عدة صور. وقد كان الأساس الذي بُني عليه هذا الطراز من التقويم هو «السحر الجاذبي»؛ لأنه كان يُعتبر أن ما يجري في الحياة اليومية ليس سوى صدًى مباشر لحوادث مماثلة حدثت في حياة الآلهة في نفس هذا اليوم. وبعبارة أخرى: كان لدى المصريين فكرة خيالية بمقتضاها كانت كل الحوادث التي وقعت في ماضي حياة الآلهة هي التي تحدد — في كل زمان ومكان — مستقبل بني البشر. وعلى ذلك فإن الثلاثمائة والستين يومًا قد ذكر كل منها بالإشارة إلى حادثة معينة في تاريخيدل ما لدينا من آثار هؤلاء الآلهة.

والورقة التي نلخص محتوياتها الآن ذات أهمية فريدة، لأنها تقدم تفسيرات مفصلة للحوادث الخرافية التي تحدد طبيعة ذلك اليوم. وهذا الأصل الخرافي يظهر أن للوثائق التي نتحدث عنها صبغة شعبية، وأنها لا تتصل بأية حال بالمعتقدات الدينية الرفيعة الخاصة بالمعابد العظيمة في مصر. وفضلًا عن ذلك فإن هذه الورقة لا تحتوي إلا على حلقة ضيقة من المعتقدات الدينية المصرية التي ترجع في أصلها إلى المذهب المنفى. أو المذهب الهليوبوليتي؛ مما يدل على أن التقاليد القديمة كانت لا تزال راسخة في عقول الشعب.

وما لدينا من المصادر الأخرى الخاصة بهذا الموضوع حتى الآن لا تحتوي على الآلهة إلا على «آمون» و«ثالوث طيبة»؛ مما يدل على أن هذه التقويمات ترجع إلى عهد موغل في القدم. فضلًا عن أن لغة الورقة ليست لغة الدولة الحديثة. وعلى ذلك نعلم أن أقدار أعضاء تاسوع «هليوبوليس» كانت هي العوامل الفاصلة التي تحقق لنا طبيعة كل يوم من أيام السنة. وسنذكر هنا بعض الأمثلة التي لم يكن من المستطاع استنباطها من ورقة «ساليه» الرابعة السالفة الذكر:
  • (١)

    العلاقة الخرافية الوثيقة التي وجدت فيما ذكرته الورقة، وقصة «حور» و«ست» وبخاصة حادثة العراك الذي نشب بين الإلهين، وتدل على أن «إزيس» كانت في جانب «حور» (راجع الأدب المصري القديم ج١).

    والواقع أن تركيب جمل التقويم هو نفس تركيب جمل قصة «حور» و«ست» تقريبًا. كما جاء في ورقة «شستربيتي»؛ مما يدل على أنها كانت معلومة لأولئك الذين كانوا يستعملون التقويم.

  • (٢)

    ومن أوجه الشبه بين الورقة التي نحن بصددها وبين ورقة «شستربيتي» الخاصة بقصة «حور» و«ست» حادثة الإله «عنتي» ومعاملاته مع «إزيس». وهذا يؤكد التحريم الهام لاستعمال الذهب في بلدة «عنتي» في كل من الورقتين.

  • (٣)
    وصيغة المتن السحرية تظهر في العناوين التي صيغت على حسب عناوين صيغ المتون السحرية الأخرى المعروفة لنا في غير هذه الورقة. مثال ذلك (Vs, XVI. 2-3):

    يُتلى هذا على صورة «أوزير» وصورة «حور» وصورة «ست»، وصورة مؤنثة تمثل «إزيس» و«نفتيس» على شريط من الكتان معلق على رجل. وقد وُجدت مفيدة ألف ألف مرة.

    كلمات تُتلى بعدها عندما تنتهي أيام النسيء الخمسة. راجع (Vs. Xl, 2).
  • (٤)
    إن نوع النبوءات، أو التحذيرات التي ذكرت في الوثيقة تتمشى مع عقلية رجل الشارع، وهي من طراز أغرب مما جاء في ورقة «ساليه» الرابعة. مثال ذلك:
    (rt. VI, 9–11) (في يوم كذا) لا تحرق بخورًا للإله في هذا اليوم، ولا تستمع إلى الغناء أو تشاهد الرقص فيه.
وكذلك:
(rt. XIII, 2-3) (في يوم كذا): لا تترك النور يسقط عليك حتى تغيب الشمس في أفقها.
وكذلك:
(rt. IV, 11) … لا تنظر إلى ثور، ولا تنكح فيه — أي في هذا اليوم.
وأحيانًا نصادف نبوءات، مثال ذلك:
(rt. I, 6) … إذا شكا إنسان ألمًا في بطنه فإنه لن يعيش.
وكذلك:
(rt. III; 9) … … أيما إنسان وُلد في هذا اليوم فإنه سيموت بالتمساح.
أو كما جاء عن يوم آخر:

يموت في هذا اليوم بالعمى.

وكانوا يعتقدون كذلك أن الأحلام تطوف بهم لتقدم إليهم إرشادات ثمينة للمستقبل. ولا أدل على ذلك من قصة «يوسف»، وتفسيره للرؤيا معروف لا يحتاج إلى بيان.

ويرجع تاريخ الوثائق المصرية الخاصة بتفسير الأحلام إلى العصر الإغريقي — على وجه التقريب. ويوجد لهذا الفن — مع ذلك — مصادر منذ عهد الدولة الوسطى، وقد نقل عنها تلاميذ الدولة الحديثة، ولدينا من هذا العهد كتاب غريب نشره حديثًا الأستاذ «جاردنر»، وقد ذكر فيه سلسلة أحلام هامة مع تفسيرها. ومن المدهش أن نوع تفسير هذه الأحلام ينطبق على ما جاء في كتاب «تفسير الأحلام» لابن سيرين. ولا تزال هذه التفاسير شائعة في مصر حتى الآن.

ويُلاحَظ أن الأحلام السعيدة كانت تُسمى «أحلام أتباع «حور» إله الخير» والأحلام السيئة «أحلام أتباع «ست».» وقد كُتب هذا العنوان بالمداد الأحمر علامة على الشر (راجع Hieratic Papyrus in the British Museum Vol I, Text p. 9 ff.) أما الأحلام السعيدة فكانت تُكتب بالمداد العادي.
١  راجع: Harris Pap. I, pl. 76-77 Br. A. R. IV §, 40 ff.
٢  يجب أن تكون هنا «آبائي» أو «بحضرة آبائي»؛ لأن «آمون» أعظم الآلهة هو الذي كان يُتوج الملك في حفل رائع في الدولة الحديثة.
٣  بالقرب من «بوقير»؟
٤  هؤلاء قبائل من أهل «لوبيا» لا تُعرف مواطنهم بالضبط.
٥  راجع: Historical Records of Ramses III, Vol I, pl. 9 and Translation p. 1 ff. وسنشير إلى هذا الكتاب في كل حديثنا عن حروب «رعمسيس الثالث»؛ إذ يُعد أحسن وأحدث وثائق جُمعت حتى الآن.
٦  وفي «ورقة هاريس» يشير إلى أنه كان هناك خطر من جهة «بلاد النوبة»، كما كان من جهة آسيا؛ إذ يقول في نهاية حكمه عن جنوده:

ولم يكن بداخلهم الخوف؛ لأنه لم يُوجد عدو من «كوش» ولا من سوريا.

(راجع Harris pl. 78, Br. A. R. IV, § 410).
٧  راجع: Ibid pl. 14.
٨  راجع: Historical Records Ibid pl. 16.
٩  راجع: Ibid pl. 18.
١٠  راجع: Ibid pl. 22.
١١  راجع: Ibid pl. 23.
١٢  راجع: Ibid pl. 24.
١٣  راجع: Ibid pl. 26.
١٤  راجع: Ibid pls. 27-28.
١٥  الرعان: «رع» إله الشمس، و«رع» الملك نفسه.
١٦  كان أول من اتبع هذه الخطة «تحتمس الثالث» (راجع الجزء الرابع من مصر القديمة).
١٧  إتر: مقياس مصري لا يمكن تحديد طوله.
١٨  راجع: Möller, Dic. Aegypter und Ihre Libyschen Nachbarn p. 52.
١٩  راجع: Gauthier Di. Geogr. V, p. 156.
٢٠  راجع: Historical Records I, pls. 22 and Trans p. 13.
٢١  راجع: Ibid, pl. 70 and Trans p. 61.
٢٢  وهي المسافة الواقعة بين البلدين.
٢٣  راجع: Oric Bates, ibid p. 221.
٢٤  راجع: Historical Records ibid p. 13 ff.
٢٥  راجع: Historical Records Trans. p. 23-24.
٢٦  راجع: Ibid, pl. 46 and Trans p. 49.
٢٧  راجع: Historical Records pls. 29–43.
٢٨  على الجدار الشمالي الخارجي للمعبد الكبير.
٢٩  راجع: Ibid, pl. 32.
٣٠  راجع: Ibid, pl. 37.
٣١  على الجدار الخارجي الشمالي في المعبد الكبير.
٣٢  راجع: Ibid, pl. 42.
٣٣  على الجدار الشمالي الخارجي للمعبد الكبير.
٣٤  المنظر على الجدار الخارجي الشمالي في غربي البوابة الثانية.
٣٥  راجع ما كتبه «كابار» (Chronique D’Egypte (1936) p. 416) حيث يقول: إن في المناظر والمتون الخاصة بالموقعة البحرية العظيمة يعترضنا بعض الصعاب في فهمها. فأين كانت مقابلة الجيش الفاصلة؟ فالمتون تحدثنا بأن العدو كان متجهًا نحو مصر، وتحدثنا عن تجمع جيوش في بلاد «آمور». فالجيش المصري يذهب نحو «زاهي»، ولكن من جهة أخرى نجد ذكر مصبات النيل مرات عدة.
ومن السهل نسبيًّا أن نفسر ذلك التضارب الظاهري، وذلك أن الفرعون (Historical Records, pls p. 54) نظم حدوده حتى بلاد «زاهي» في حين أنه حصن مَصابَّ النيل، والعدو الذي كان معظم أسطوله يرافق على الساحل جيش الغزو قد فُصلت عنه بعض قطعه التي كانت تدبر هجومًا مفاجئًا على مَصابِّ النيل لتحدث الذعر خلف الجيش المصري الذي كان يتقدم في «آسيا»، ولكن الفرعون كان قد فطن لكل ذلك.
٣٦  راجع: Historical Records, pls. 80–83.
٣٧  راجع: Ibid pl. 80.
٣٨  راجع: Ibid, pls. 72–79.
٣٩  ويجب أن نذكر القارئ هنا أن «المشوش» قبيلة سكنت غربي «لوبيا»، وقد ظهروا فقط في التاريخ المصري عرضًا حتى الآن، واندفعوا وراء وعود أولاد عمهم اللوبيين، وحاولوا أن يستوطنوا أرض الدلتا الخصبة. ولا نعلم على وجه التأكيد إذا كان لهم حلفاء رسميون في هذا المسعى أم لا، وقد ذُكر معهم في هذه الحروب «التمحو»، وقد تحركوا نحو مصر، وفي ذلك الوقت ضربوا ونهبوا أهالي «التحنو» الذين كانوا يميلون إلى السلام، وهم الذين كانوا يسكنون غربي الدلتا بالضبط على الحدود. وتدل شواهد الأحوال على أن هجوم «المشوش» كان على الحد الغربي للدلتا (راجع Ibid, pl. 70 No. 1. b. cf. pap. Harris I, LXXVI, 11, LXVII, 2) وقد هُزموا وأُسر منهم عدد عظيم، وقد عدَّد المتن المصري هؤلاء الأسرى، ومن بينهم ابن الرئيس، ونساؤهم، وأطفالهم، وأسلحتهم وماشيتهم.
والواقع أن الغرض من هذا الهجوم كان هجرة حقيقية، وقد استُعمل الأسرى عبيدًا لخدمة المصريين. وإنه من المحتمل أن نكون مبكرين جدًّا في تحديد القوى الاقتصادية التي ينطوي عليها هجوم «المشوش» على مصر، ولا نزاع في أنه كان للهجرة علاقة بحركة عدم الاستقرار في شرقي البحر الأبيض المتوسط في هذا الوقت، وهي التي تشمل هجرة «أقوام البحار» وتحطيم دولة «خيتا» وحصار «طروادة» وسعي اللوبيين السابق لاستيطان مصر.
٤٠  «التحنو»: تقع على الطريق بين «مشوش» ومصر.
٤١  أي طبيعة «رعمسيس» مثل طبيعة «رع».
٤٢  أي من يجتهد في التلكؤ في المؤخرة فإنه يُجَر إلى الأمام بدون شفقة.
٤٣  أي نعمل السيئات.
٤٤  أي إن المعتدي على الحدود في طريقه إلى الجبانة.
٤٥  لم يذكر قوم «سبد» في هذا المتن إلا في هذه المرة.
٤٦  كالثور عندما ينطح بقرنيه يتحفز.
٤٧  راجع: Ibid, pl. 75 p. 64 ff.
٤٨  راجع: Ibid pl. 72.
٤٩  راجع: Ibid pl. 102.
٥٠  راجع: Ibid p. 62, Wresz. Atlas II, pl. 132.
٥١  راجع: Ibid p. 68, Wresz. Atlas II, pl. 140.
٥٢  راجع: Ibid p. 70, Wresz. Atlas II, 140–1.
٥٣  راجع: J E A V, P. 134.
٥٤  راجع: Ibid pl. ;72 Ws.rez Atlas 136–8.
٥٥  راجع: J. E. A. Vol V Ibid.
٥٦  راجع: Schaedel, p. 17 ff.
٥٧  راجع: Historical Records pl. 73; Wresz II, 141 a.
٥٨  راجع: Ibid, pl. 78; Wresz II, 143.
٥٩  راجع: Gardiner, Onomastica I, p. 120.
٦٠  راجع: Holscher, Libyer and Aegypter p. 65.
٦١  راجع: Wresz. II, 153 Note 1.
٦٢  راجع: Harris Pap. I, 51 a, 5.
٦٣  راجع ما كتبه «شادل» في هذا الموضوع (Schaedel, Die Listen des Grossen Papyrus Harris pp. 17–20).
٦٤  راجع: Historical Records Ibid pl. 87.
٦٥  راجع: Ibid pl. 88.
٦٦  راجع: Historical Records Trans. p. 95-6.
٦٧  راجع: Ibid pl. 90.
٦٨  راجع: Ibid pl. 91.
٦٩  راجع: Ibid pl. 92.
٧٠  راجع: Ibid, pl. 94.
٧١  راجع: Ibid, pl. 96.
٧٢  راجع: Ibid, pl. 98.
٧٣  راجع: Ibid, pl. 99.
٧٤  راجع: Ibid, pl. 101.
٧٥  راجع: Ibid, pl. 101.
٧٦  راجع: (G. loud, Megiddo II, Seasons of 1935–39 Chicago Oriental Institute Vol. LXII) = Chronique D’Egypte No. 48. Juillet 1949 p. 280.
٧٧  راجع: Ibid pl. 105-106.
٧٨  هل يعني بذلك: إني أتحرك بهزة رأسي بما أوحي به؟
٧٩  راجع: Gardiner, J. E. A. Vol 27 p. 72 f.
٨٠  راجع: Br. A. R. IV,§ § 15–81; Erman, zur Erklarung des Pap. Harris in Sitzungsb. Berlin (1903) p. 456 ff.
٨١  راجع: Herbert, D. Schaedel, Die Listen des grossen Papyrus Harris. Ihre Wirt-schaft-li-chen und Politischen ausdeutung.
٨٢  راجع: Harris I, 12 a, 1–5.
٨٣  اسم المعبد العظيم لمدينة «هابو».
٨٤  اسم المقصورة التي أقامها «رعمسيس الثالث» في الأقصر، وهي مخربة الآن. (Ibid 24, 6).
٨٥  اسم معبد «خنسو» بالكرنك.
٨٦  يشير هنا إلى الناس والتابعين الذين ذُكروا في السطر الأول من هذا النص.
٨٧  وقد أشار الأستاذ «جاردنر» إلى ما جاء في هذه الورقة في أثناء فحصه ورقة «فلبرو» مما سنذكره هنا (راجع Gardiner; Wilbour Papyras Vol II).
٨٨  راجع: A. Z. 73 pp. 114 ff.
٨٩  راجع: Struve, Ort des Herkunft und Zwick des Papyrus Harris iu Aegyptus (1926) p. 3 ff.
٩٠  راجع: A. Z. Vol 72 pp. 109 ff.
٩١  راجع: Borchardt, A. Z. Vol 73. pp. 114 ff.
٩٢  راجع: Erichsen, Papyrus Harris (bib. Aegyptiaca V).
٩٣  راجع: Br. A. R. IV, § 176–180.
٩٤  راجع: Ibid § 176.
٩٥  راجع: Ibid § 177.
٩٦  راجع: Ibid § 195; Harris 1, 5, 4.
٩٧  راجع: Br. A. R IV, § 223, 227, Harris 10, 4; 12 a, 2.
٩٨  راجع: J. E. A. 5, p. 134.
٩٩  راجع: Geschichte. Aegyptens Phaidon Ausgabe 1936 p. 263.
١٠٠  راجع: W. B. III, 379.
١٠١  راجع: Br. A. R. IV §§ 197, 195 Note a.
١٠٢  راجع: Br. Ibid, 223, 227.
١٠٣  راجع: Br. Ibid, 177.
١٠٤  راجع: Medinet Habu, 140.
١٠٥  راجع: Schaedel Ibid, p. 22.
١٠٦  راجع: Schaedel, Ibid, p. 29.
١٠٧  راجع: Porter & Moss, II. P. 45.
١٠٨  راجع: Ibid p. 51.
١٠٩  راجع: Ibid p. 57.
١١٠  راجع: A. S. IV, p. 5.
١١١  راجع: A. S. XXIV, p. 83.
١١٢  راجع: Porter & Moss, II, p. 66.
١١٣  راجع: Ibid II, p. 83.
١١٤  وقد استمر أخلافه في بنائه حتى تولية «حريحور» الكاهن الأكبر عرش مصر (راجع Br. A. R. IV § 214 Note. e).
١١٥  لأن العاصمة كانت في «بررعمسيس» (قنتير الحالية) من أعمال الدلتا الشرقية.
١١٦  اسم لمعبد «رعمسيس الثاني» الجنازي والقصر الذي بناه فيه.
١١٧  وهذا البناء يُعد أحسن نموذج لمعبد بسيط باقٍ حتى الآن بين المعابد المصرية التي بُنيت بطريقة متناسبة ومتناسقة، ويبلغ سبعين ومائة قدم طولًا، وبوابة هذا المعبد ومدخله قد أصاب نهايتهما ضرر بليغ، وقد أُقيم على جانبي البوابة تمثالان للملك. ويُشاهد على خارج جدار البرج الشمالي الفرعون «رعمسيس الثالث» لابسًا التاج المزدوج يضرب طائفة من الأعداء بمقمعته، والإله «آمون» أمامه يقدم له سيف النصر، كما يقدم له ممثلي البلاد المقهورة في صفوف مكبلين بالأغلال، وفي الصفين العلويين من نفس الجدار نشاهد أمم الجنوب المغلوبين، وفي الصف الثالث أمم الشمال، وعلى جدار البرج الأيمن نشاهد منظرًا مماثلًا، غير أن الفرعون هنا يرتدي تاج الوجه البحري. وفي المدخل نرى «رعمسيس الثالث» يتسلم علامة الحياة من الإله «آمون». وبعد البوابة ردهة مكشوفة يكنفها ممرات مسقوفة، وترتكز سقوف كل ممر من هذه الممرات على ثمانية أعمدة يستند على كل منها تمثال «لرعمسيس الثالث» في صورة «أوزير»، وعلى الجدران الخلفية للبوابة في اتجاه الردهة نشاهد صورة «لرعمسيس الثالث» يتسلم من الإله «آمون» الرمز الدال على العيد الثلاثيني مشعرة بأن الفرعون سيحتفل بأعياد ثلاثينية كبيرة. وقاعدة العمد مزينة بنقوش، فعلى جدران الممشى الشرقي نشاهد موكب سفينة «آمون» المقدسة، وعلى جدران الممشى الغربي نشاهد موكبًا لتمثال «آمون» بعضو الإكثار منتشرًا يحمله كهنة، ويتبعه حاملو الأعلام، وعلى الخارجات نقرأ نقوش تقديم المعبد التي يقول فيها «رعمسيس الثالث»: «إنه أقام هذا الأثر تكريمًا لوالده آمون». ويُلاحظ باب في قاعة العمد في الجهة اليسرى يؤدي إلى الرواق البوبسطي، وتتصل ردهة هذا المعبد بدهليزه الذي ترتفع رقعته قليلًا، ويرتكز هذا الدهليز من الأمام على أربعة أعمدة في هيئة «أوزير» ومن الخلف على أربعة أعمدة تاج كل منها في هيئة زهرة لم تتفتح بعد. وهذه العمد متصل بعضها ببعض بواسطة ستائر من الحجر مزينة بالنقوش، وفي نهاية الدهليز باب يؤدي إلى قاعة فيها ثمانية أعمدة تيجانها على هيئة الزهرة المقفلة، ويتصل بها ثلاث مقاصير مهداة إلى «آمون» في الوسط، وعلى يساره «موت» وعلى يمينه «خنسو» وفي كل منها صورة الملك يقرب القربان لسفينة كل إله من هؤلاء الآلهة على التوالي، وبجانب مقصورة «خنسو» حجرة أخرى، وبجانب مقصورة «موت» سلم في حين أنه يوجد خلف مقصورة «آمون» حجرة على كلا جانبي المقصورة (راجع Baedeker’s Egypt p. 283).
١١٨  وقد قال برستد (Ibid IV § 195 Note): إن هذا المعبد يقع أمام معبد الكرنك الكبير، غير أن هذا الرأي خاطئ كما برهن على ذلك «شادل» (راجع Schaedel, Ibid, p. 26. ff).
١١٩  إذا تأملنا معنى الفقرة كلها، وجدنا أن المقصود هنا معبد جديد أقامه «رعمسيس الثالث» في الأقصر (راجع Schaedel, Ibid, p. 24. ff).
١٢٠  لم يفهم «برستد» هذه الجملة؛ ولذلك خلط في تفسير هذا المعبد (راجع Schaedel, Ibid p. 29) إذ يقول في ترجمتها: وقد مكنت ثانية آثارك في طيبة المنتصرة مكان راحة قلبك بجانب وجهك إلخ.
١٢١  عيد يظهر فيه الإله محمولًا في حفل.
١٢٢  كان الملك والكاهن الأكبر «لآمون» هما اللذان يُسمح لهما بالدخول في هذا المكان، وهما اللذان كانا يعرفانه فقط.
١٢٣  يقصد هنا بلفظة المعبد معبد مدينة «هابو» (راجع J E A Vol XXXVI p. 180)).
١٢٤  وعلى ذلك كان معبد الكرنك هو المكان الذي تُودع فيه سجلات المعبد لكل عصر كما كان معبد «آمون» هو العاصمة الدينية.
١٢٥  هذا المخلوط المركب من أجزاء غير واضح في المتن، وهو يشير بطبيعة الحال إلى نسبة السبيكة. ووزن هذه اللوحات قد ذُكر في ﻫ١٤ (١) سطر ٣ بأنه دبنًا؛ وقد كان أربع منها يزن مجموعها معًا ٨٢٢ دبنًا.
١٢٦  وقد ذُكر وزن هذه الأواني الخاصة بالتصفية الخ في ﻫ١٣ (ب) ٦–٨.
١٢٧  الواقع أن عبارة «سشم-خو» معناها الصورة المحمية، وتشير هنا إلى تمثال محفوظ من نظر العامة إليه، وكان يُوضع في محراب داخل قارب يُحمل على الأكتاف، وقد أصبحت هذه العبارة تدل على القارب نفسه الذي كان يُحمل في الأحفال (راجع Wilbour, Pap. II, p. 16 ff). ولا نعلم هنا إذا كانت هذه الزينة خاصة بالتمثالين فقط أو كذلك بالقاربين.
١٢٨  توجد عادة صورة رأس كبش في هذه السفينة عند المقدمة وعند المؤخرة ولكن في هذه الحالة توجد هذه الرءوس في حجرة المحراب.
١٢٩  هذا الاسم يُطلق على القسم الشرقي من طيبة أو على جزء منه ويُحتمل أنه هو الكرنك Br. A. R. Vol. IV, p. 120.
١٣٠  اسم يطلق على جزء من «فلسطين» و«فينقيا» أي فلسطين شمالًا حتى «لبنان».
١٣١  كان «رعمسيس» في عاصمة ملكه في «الدلتا» المسماة «بررعمسيس» (قنتير الحالية).
١٣٢  هذا القطيع كان لا يزال موجودًا في عهد «رعمسيس الرابع».
١٣٣  ويقول «شادل» إنه لا يتفق مع «جاردنر» بأن هذه هي العاصمة بل اسم بلدة في الوجه البحري (Schaedel, p. 50).
١٣٤  ويقول جاردنر (Wilbour, Pap. II, p. 117) إن الموظفين والعمال في مقر الدلتا كانوا يتقاضون أجورهم من الدخل القديم لمعبد الكرنك لا من دخل معبد «رعمسيس الثالث» الجديد في مدينة «هابو» ولا من معابده التي أقامها في داخل الكرنك أو في الجزء الغربي من طيبة.
١٣٥  راجع ترجمة هذه الفقرة وما كتبه عنها جاردنر Wilbour, Pap. II, P. 7..
١٣٦  ويُلاحظ هنا أن القائمة الآتية عن كل سنة فقط، أما الإحدى والثلاثون سنة فهي مدة حكمه فقط التي وُزعت فيها هذه الهبات سنويًّا.
١٣٧  هذه القيمة تساوي ٦٣٦٠٩٠٨ بوشل.
١٣٨  ذُكرت في الملخص النهائي (ﻫ ٦٨ (١) ٣–٦) نسب الذهب والفضة ٧٢٠٥ دبنًا وقدتا واحدًا من الذهب، و١١٠٤٧ دبنًا من الفضة وربع دبن، أي بنسبة جزءين من الذهب وثلاثة من الفضة، وهي نسبة معدن السام المعتادة، ومنها صُنعت التماثيل على ما يُظن.
١٣٩  لا بد أن ذلك على حسب وحي من الإله «آمون»، والآن يرجو «رعمسيس الثالث» تحقيق هذا الوعد لابنه «رعمسيس الرابع».
١٤٠  راجع: A. Z, 71 (1935) p. 111 ff.
١٤١  راجع: Ibid. p. 126.
١٤٢  راجع: Br. A. R. Vol. IV, § 274 Note 2.
١٤٣  راجع: Ibid. 281 Note c.
١٤٤  نوع من الذهب يُجلب من إقليم «ههنت» ببلاد النوبة (راجع W. B. V, p. 145).
١٤٥  نوع من الذهب يجلب من إقليم ههنت ببلاد النوبة (راجع W. B. V, p. 145).
١٤٦  صُوِّرت صورة الإله «تحوت» بوصفه إله الموازين عند لسان الميزان ليزن بالقسطاس المستقيم.
١٤٧  أي وجعلت البرك تُسحب إلى مدينتك، وهذا لا يشير إلى محصول ما بل يقصد أن طيور البرك كانت تُجلب بهذه الكيفية.
١٤٨  هل يشير هنا إلى المكان الذي يُقال إن «حور» قد وُلد فيه في مناقع الدلتا؟
١٤٩  هذا هو المعبد الذي أقامه «رعمسيس الثالث» في «تل اليهودية» لا معبد «رع» في «عين شمس» كما يقول «برستد» (راجع Br. A. R. IV, 278 note: “a’’).
١٥٠  يمكن أن تكون هذه السفينة للإله «سب».
١٥١  ذكر «ركي» أنه يُوجد في «هليوبوليس» معبدان مختلفان عظيمان، أو ضيعتان. واحد منهما للإله «رع حوراختي» والثاني للإله «آتوم»، وهذان الإلهان يُمجدان هناك معًا (Harr. 24)، وقد زاد «رعمسيس الثالث» في هبات كل منهما في الأنفس التابعة لهما، فقد جاء في صفحة (٣١) سطر (٤): الناس الذين أُهدوا لضيعة معبد «آتوم» سيد الأرضين، و«رع حوراختي». وهذا يدل صراحة على أن الملك فضلًا عن مبانيه الجديدة زاد في أملاك المعابد الكبيرة. (راجع Schaedel Ibid pp. 33).
١٥٢  يعتقد جاردنر أن هؤلاء الناس كانوا يعملون في الملكيات القديمة غير أنهم كانوا يتناولون أجورهم من الدخل الذي وضعه «رعمسيس الثالث» تحت تصرف مؤسسته الجديدة (راجع Wilbour. Pap. II, p. 117).
١٥٣  هذا المعبد يقع في «تل اليهودية» كما جاء في ورقة «هاريس» (٢٩ / ٨)، وقد عثر الباحثون عن السماد حوالي عام ١٨٧٠ على بعض مباني «تل اليهودية»، وكذلك كشفت عنها مصلحة الآثار، غير أنها تُركت لأيدي العابثين، ولم يُوضع أي تصميم لهذا المبنى العظيم، وقد بقي نهبة لطالبي أحجار المرمر مدة عشر سنوات، ومنجمًا للباحثين عن القوالب المطعمة تطعيمًا جميل النقش، ولم يبقَ من كل ذلك إلا بعض قطع عليها صور أسرى، ومئات الزهيرات المطعمة، وهي محفوظة الآن بالمتحف البريطاني. هذا إلى أن هذا المكان لم يُوصف إلا وصفًا مختصرًا T. S. B. A. VII, p. 177 وتدل العلامات التي على القوالب الصغيرة على أن الأجانب كانوا يستعملون في صنعها (Petrie Hist. III, p. 160). ويقول «مسبرو» عن هذا المعبد ما يأتي (The Struggle of the Nation p. 476): وقد أقام كذلك في المكان المسمى الآن «تل اليهودية» قصرًا ملكيًّا من الحجر الجيري والجرانيت والمرمر لم يُعرف له طراز قبل ذلك العهد (لم يكن كُشف عن بقايا «قنتير» وقتئذ) إذ كان يُعد فريدًا في بابه بين كل المباني المصرية، فلم تكن جدرانه وعمده مزينة بالحفر العادي في الأحجار، بل كانت زخرفته سواء أكانت نقشًا أم مناظر تتألف من لويحات من الخزف المنمق المثبت في الجص، وكانت صور الرجال، والحيوان، وخطوط النقوش الهيروغليفية تمثل في نحت بارز من رقعة مرصوفة بالخزف الملون، مما جعلها تؤلف قطعة فسيفساء ضخمة ذات ألوان مختلفة، والقطع القليلة الباقية حتى الآن يظهر فيها صفاء التصميم والدقة المتناهية في تناسق الألوان. ولا بد أن كل علم الرسامين المصريين، وكل المهارة الفنية التي أوتيها صناعهم في الخزف قد أُفرغت في إخراج مثل هذه الزينة المتزنة المتناسقة؛ لما يُشاهد فيها من حرية في اختيار الخطوط والألوان، وآلات الزهيرات، والمربعات، والنجوم، والأزرار المصنوعة من عجينات مختلفة ألوانها.
١٥٤  هذا المكان لا بد أنه كان نفس المعبد الذي ذُكر في ورقة «هاريس» ص٣٩ سطر ١٢، وربما كانت العلاقة بينه وبين المعبد الكبير كالعلاقة بين معبد مدينة «هابو» الكبير والقصر الذي فيه.
١٥٥  كتب إله النيل كانت قوائم قربان تقدَّم له مرتين كل عام، وأول تسجيل لهذه القربات في عهد الفرعون «رعمسيس الثاني» الذي أسس عيدًا نصف سنوي لإله النيل في بلدة «السلسلة»، وقد سُجل هذا الحادث في أنشودة لإله النيل على صخور السلسلة (راجع Stern. A. Z. 1873 pp. 129–35) وقد أعاد «مرنبتاح» هذين العيدين، كما احتُفل بهما في عهد «رعمسيس الثالث» وقد نقل كل من هذين الملكين الأخيرين لوحة «رعمسيس الثاني» المنقوشة بجوار لوحتيهما، وكانت الكتب يُلقى بها في النيل وكذلك بالقربات نفسها التي كانت تحتوي هذه الكتب على قوائم منها، وقد أُرخت لوحة «رعمسيس الثالث» بشهر «برمودة» من السنة الثالثة من حكمه، وقد احتفل مثل «رعمسيس الثاني» بالعيدين في الخامس عشر من «توت» والخامس عشر من «أبيب»، ولما كانت هذه القربات تحتوي على بعض تماثيل يُلقى بها في النيل كما يُلاحظ في القوائم فقد نشأت من هنا خرافة «عروس النيل».
١٥٦  هذه العبارة مضطربة في تركيبها، والظاهر أن «رعمسيس الثالث» بعد أن كان قد قرر قربانًا خاصًّا بإله النيل مدَّة حكمه الذي بلغ (٣١ سنة) أضاف في السبعة عشر عامًا الأخيرة قربانًا جديدةً يعادل في كل سنة من هذه السبع عشرة ما كان يدفع كل سنة من سني حكمه؛ وعلى ذلك قدر الزيادة بالسنين لا بالكمية، فجمع ١٧ + ٣١ = ٤٨ سنة. أما عبارة «إحدى وثلاثين سنة» فقد تكون تكرارًا لنفس العبارة التي جاءت في السطر الرابع كتبها الناسخ خطأ.
١٥٧  حرفيًا ملايين حب.
١٥٨  تشير هنا عبارة «الذي على العرش العظيم» إلى صدى احتفال كان يجلس فيه الملك الحاكم على عرش الإله «بتاح» (راجع ما كُتب عن ذلك في ورقة فلبور Wilbour, Pap. Vol II, p. 13).
١٥٩  راجع: Wilbour Pap. p. 111.
١٦٠  أي دون أن يقال «ليت لي» أي دون زيادة لمستزيد.
١٦١  ما يعادل إردبًّا من القمح.
١٦٢  أي جدار الإله «سبك» وهو محراب في «منف» حيث كان يُحمل إليه الإله في المحراب في وسط الشعب المبتهج.
١٦٣  محراب خاص بالإلهة «نخبت» صاحبة «الكاب» وهي في صورة رخمة، وكان محرابها في مدينة «الكاب» الحالية، ويُقصد به هنا المحراب الذي كان يُوضع في السفينة وفيه صورة الإله «بتاح» (راجع J. E. A. Vol 30 p. 27 note 2).
١٦٤  راجع ما كُتب عن الاحتفال بهذا العيد في «منف» في ورقة فلبور (Wilbour Papyrus Vol, II, p. 13).
١٦٥  راجع: Wilboir Pap. II, p. 22 حيث نجد الكلام عن هذه القطعان وقيمتها بالنسبة لهدايا الفرعون الأخرى.
١٦٦  الواقع أن المعابد كانت لا تُستعمل مدة طويلة، ولا أدل على ذلك مما نشاهده فيما قام به «سيتي الأول» من إصلاح معابد كثيرة للفرعون «أمنحتب الثالث» على حين نرى أن «مرنبتاح» وكذلك «رعمسيس الثالث» فيما بعد قد استعملا معبد «كوم الحيطان» وهو معبد «أمنحتب الثالث» الجنازي بمثابة محجر لإقامة معبده هو (Rec. Trav. 20 p. 37 ff & A. Z., 61 (1926) p. 37 f).
١٦٧  راجع: Lefebvre, Histoire des Grands Pretres p. 1163 f.
١٦٨  راجع: A. S. 3 (1902) p. 64.
١٦٩  راجع: Papyrus Turin 1880. p. Tur. P. U. R. af. 42, 3. 46, 15.
١٧٠  راجع عن نشاط «رعمسيس الثالث» فيما يخص المعابد التي لم يكن قد أقام فيها مباني جديدة أو وهبها هبات خيرية. Wiedemann Aegyptische Geschichte Gotha 1884, p. 505 ff.
١٧١  هذه العبارة تدل على أنه كان مفروضًا على العمال التابعين للمعابد أن يؤخذ للجيش منهم واحد عن كل عشرة رجال ويفخر «رعمسيس الثالث» هنا بأنه ألغى هذا الإجراء، وقد كان معمولًا به من قبل (راجع Wilbour, Pap. II, p. 202).
١٧٢  جباية الأشمونين.
١٧٣  أي المباني التي أُقيمت له.
١٧٤  هذه أجزاء من السور لم يُعرف كنهها على وجه التأكيد.
١٧٥  يقول الأستاذ جاردنر عن هذه الأرض إنها حقول زراعية بدرجة جيدة لا بأس بها، ولا أدل على ذلك من أن كلمة «كايت» أي الأرض العالية قد أصبحت في القبطية «كوى» ومعناها الحقل، وفي العهد الإغريقي الروماني كانت الحقول العالية تُطلق على الأرض التي تنتج الغلة وهذا النوع من الأراضي يقابل عندنا الأرض التي تروى سنويًّا بالحياض (Wilbour, II, p. 28).
١٧٦  هذا النوع من الأرض يُسمى «نخب» بالمصرية، ومعناه الأرض البكر أو الجديدة بالنسبة لنوع آخر من الأرض يُسمى «تنى» الأرض المتعبة أو المستعملة، وقد كانت تؤخذ ضريبة عن كل «أرورا» من الأرض من هذه الأنواع الثلاثة كالآتي؛ الأرض الجديدة يؤخذ عن كل أرورا عشرة مكاييل، والأرض المستعملة والمتعبة ميكال، والأرض الزراعية العادية أو العالية يؤخذ منها خمسة مكاييل (راجع Wifbour, II, p. 28 ff).
١٧٧  «شوت-رع»: نوع من المحاريب. تسمى هكذا، وقد جاء ذكرها قبل عهد إخناتون. ومن صور تل العمارنة يظهر أنها محاريب صغيرة ذوات عمد على الدوائر وتقام خارج حدود المعبد المحلي الرئيسي (راجع Wilbour Pap. II, p. 16).
١٧٨  هي بلدة «هو» الحالية بمديرية «قنا» مركز «نجع حمادي».
١٧٩  بلدة في المقاطعة الثامنة من مقاطعات الوجه القبلي، وقد عُربت بلفظة «المنشية». (راجع: Gauthier Dic. Geogr. Tom III, p. 105).
١٨٠  وهي «هور» أو «نصر حور» الحالية في شمال «تونة الجبال». (Gauthier Dic. Geogr. IV, p. 58).
١٨١  ومعناها «الجزيرة الداخلية» وتقع في منطقة «آت ناشا» السالفة الذكر في مصر الوسطى. (Ibid p. 6).
١٨٢  ويقول جاردنر (Wilbour, Pap. II p. 53) إنها لا تبعد كثيرًا عن «طهنة» وينطقها «أنشا» ومعناها جزيرة «نشا».
١٨٣  تقع بين «أهناسية المدينة» و«البهنسا».
١٨٤  الماء المعكوس — أو المقلوب — هو نهر الفرات، وعلى ذلك يكون البحر العظيم ذو الماء المقلوب هو المحيط الهندي الذي يكون الخليج الفارسي جزءًا منه.
١٨٥  إقليم غير مؤكد الموقع يمكن الوصول إليه بالبحر والبر من مصر، ومن المحتمل أنه في «سيناء» إذ كان يحصل منه على نحاس كثير.
١٨٦  راجع طيبة ﻫ ١٠–١، ١١–١١، وهليوبوليس ﻫ ٣١–١، ٣٢ أ سطر ٦، ومنف ﻫ ٥١ أ، ٥١ ب–٢، والمعابد الصغيرة هي ٦١ أ–١، ٦٢ أ–١٠.
١٨٧  راجع: Erman: Erklarung. p. 467 ff.
١٨٨  راجع ﻫ/١٢(أ) ٦ الخ.
١٨٩  راجع: Preaux: Les Ostraca Grecs de la Collection Charles Edwin Wilbour (Brussel 1935) Ostrakon Wilb-Bok p. 18.
١٩٠  راجع ﻫ/١٢(أ) الخ.
١٩١  راجع: Schaedel, Ibid p. 48, (Orientel Institute, Karnak, 108, 8 ff.
١٩٢  راجع: Schaedel Ibid p. 49.
١٩٣  راجع: Schaedel, Ibid.
١٩٤  أقرن ذلك بما ذكره كيس (Kees Koltur geschichte p. 63 ff) حيث نجد معلومات عن سير الحياة في مصر، فيقول إن ثلاثة رغفان وإبريقين من الجعة تكفي لغذاء متواضع في مصر. وقد كان الخبز والبيرة يُعدَّان في القائمة الأولى من الغذاء الشعبي (راجع Ruffer: Food in Egypt Cairo 1919 (Memoires Presentés à l’Institut Bd 1).)
١٩٥  راجع: Lane: An account of the Manners and Customs of the Modern Egyptians (London 1871 Bd 1 p. 26, f).
١٩٦  راجع: Ibid p. 29.
١٩٧  راجع: V. Fircks: Agypten 1894 Berlin 1895 1, p. 50.
١٩٨  راجع طيبة ﻫ/١٣ أ–١ الخ، وهليوبوليس ﻫ/٥٢ أ–٤، ومنف ﻫ/٦٢ ب–١ الخ.
١٩٩  راجع «هاريس» ١٦ ب–١٣ الخ، ﻫ/٣٤ ب–٦ الخ، ﻫ/٥٣ ب–١٢، ﻫ/٦٦ أ–١ … الخ. والملاحظة في المتن: زيادة على قربان الإله وزيادة على جراية القربات اليومية تدل على أن الغلال لم تكن فقط للأعياد، بل كذلك للقربات اليومية، وعبارة القربات الإلهية تعني هنا فقط.
٢٠٠  راجع عن أعياد للنيل أخرى. (Kees, Kultur geschichte. 28 Note 4).
٢٠١  راجع (ﻫ/١٤ أ–٢، ١٥ أ–١٥، ٢١ ب–١٣)، وهذا في الجزء الطبي من الورقة فقط.
٢٠٢  راجع (ﻫ/١٦ ب–٣، ١٩ ب–٤) الخ. ولا وجود له في الجزء الخاص «بهليوبوليس» و«منف».
٢٠٣  راجع (ﻫ/١٦ ب–٢، ١٩ ب–٦).
٢٠٤  كانت كذلك في العهد القبطي في السنة السابعة بعد المسيح تجارة الفلفل محتكرة تبيعه شركات مختلفة في «إدفو». (Crum. A. Z. 60 (1925) p. 103).
٢٠٥  راجع: Well. Rec. Inscrip. 137–9.
٢٠٦  راجع: Br. Museum No 4803 c.
٢٠٧  راجع: Petrie, Tanis II, p. 11.
٢٠٨  راجع: Naville, Goshen IX, f.
٢٠٩  راجع: Soc. Biblical Arch. Proceeding IV, p. 89; Rec. Trav. III, p. 62 & Maspero Guide p. 159 & 338.
٢١٠  راجع: S. B. A. IV, 89.
٢١١  راجع: Br. Museum, No 32071.
٢١٢  ومما تجدر ملاحظته هنا أن الشعائر الدينية التي كانت تُعمل للحيوانات المقدسة كانت كالتي تُعمل للإنسان؛ فقد كان كل من العجل «أبيس» والعجل «منفيس» يُحنط مثل الإنسان، كما كان كل جهازه الجنازي — بما في ذلك التابوت والهدايا الجنازية — لا يختلف كثيرًا عن التي كانت تُعمل للملوك والأشراف، فنعلم في خلال الأسرة الثامنة عشرة أن قطة عُملت لها أواني أحشاء (Rec. Trav. XIV P. 174) وأن العجل «أبيس» في الأسرة التاسعة عشرة كان يُعمل له أواني أحشاء وتماثيل مجيبة ليقوم مكانه بالعمل الشاق في الحياة الآخرة (راجع مصر القديمة الجزء السادس) وكذلك وُجد للعجل «منفيس» جعل قلب كُتب عليه: «قلبك ملكك يا «أوزير».» وكان العجل «منفيس» في هذه الحالة يُدعى «أوزير» خلافًا «لمنفيس» الحي الذي كان يُطعم في محراب «منفيس» في بلدة «هليوبوليس». وعلى ذلك فلا بد أن هذا الجعران كان خاصًّا بمومية العجل «منفيس» الذي كان يحتاج بعد الموت إلى هذا السلاح السحري في عالم «أوزير» كما كان يحتاج إليه بنو. ولا نزاع في أن هذا الجعل قد أُتي به من جبانة «السرابيوم» للعجل «منفيس» القائمة بالقرب من «هليوبوليس».
٢١٣  راجع: J. E. A, Vol XIV, p. 12.
٢١٤  يُحتمل أن تمثال الأنثى التي مُثلت مع الفرعون هو تمثال الإلهة «إزيس» التي تُذكر غالبًا في المتون بوصفها حامية لابنها حور (الملك). Wilbour Pap. II, p. 17 Note 8.
٢١٥  يقصد هنا «حور» الطفل الذي كان يحكم في مستنقعات الدلتا عندما كان «ست» يحتل عرش مصر، و«حور» هذا هو زوج «تابيثت» ملكة الشمال التي ذُكرت من قبل.
٢١٦  راجع: Faulkner, The Payrus Bremner Rhind British Museum No 10188. Passage XXVI, L. 12–20.
٢١٧  راجع: Lacau Statues Guerisseuses dans l’Ancienne Egypte Fondation Eugéne Piot, Monuments et memoires XXV (Paris 1921-22) p. 189–209.
٢١٨  راجع: A. S. XXXIX, p. 57 ff.
٢١٩  راجع: Naville, Tell el yahudiyeh p. 67.
٢٢٠  راجع: السوراريه L. D. III, p. 207 a.
٢٢١  راجع: Murray, Guide to Egypt p. 404.
٢٢٢  راجع: Porter and Moss V, p. 71.
٢٢٣  راجع: Marriette, Alydos p. 4 (2), 5 (5).
٢٢٤  راجع: Petrie Koptos pl. XVIII, (2) cf. p. 16.
٢٢٥  راجع: London University College Ancient Egypt (1924) p. 23 fig. 18.
٢٢٦  راجع: Champ. Notices II, p. 292.
٢٢٧  راجع: Rapport Medamound (1930) fig. 14 p. 27-8, 68 (5413) fig. 45 p. 67 (4741) cf. p. 6.
٢٢٨  كان يُدعى معبد مدينة «هابو» أحيانًا «المعبد» فقط كما تُدعى الآن مدينة الرسول «المدينة» وحسب وكما كانت تُدعى مدينة «طيبة» المدينة فقط. ولا غرابة في ذلك؛ فقد كان هذا المعبد أهم معبد في طيبة الغربية في عهد الأسرة العشرين، إذ كان يُعد حصنًا للجهة الغربية من طيبة، ففي داخل جدرانه المحمية كان يسكن معظم موظفي الجبانة، كما كان يحتوي على كل الإدارات، فكان بمثابة قلعة تحفظهم من غارات اللوبيين الذين اجتاحوا العاصمة في أواخر الأسرة العشرين (J. E. A. 12, 257-8). يُضاف إلى ذلك أنه قد حدث في عهد «رعمسيس العاشر» (راجع: Botti-Peet II, Giornale della Necropole de Tebe pl. 53, 116) أن العمال الذين كانوا يشتغلون في حفر مقبرة الملك في أبواب الملوك قد أضربوا عن العمل؛ لأن صاحب الشرطة المسمى «نسأمون» — وذلك على حسب أمر موظف كبير — أخبرهم: لا تعملوا، وابقوا في المعبد — أي معبد مدينة «هابو». وفي عهد متأخر عن ذلك بلغ كاتب مقبرة الملك وكاتب الجيش لمعبد الملك «وسرماعت رع مري آمون» في ضيعة آمون، موظفًا كبيرًا: إننا هنا ماكثون في المعبد. (راجع: J. E. A Vol 26, p. 130).
٢٢٩  راجع: Baedeker (1928) p. 205 ff; Weigall, Guide p. 206 ff.
٢٣٠  راجع: Petrie. History, Egypte III, p. 159 ff; T. S. B. A. VIII, p. 412.
٢٣١  راجع: Miss. Archeologic Fr. (Cairo) III, p. 87–120.
٢٣٢  راجع: Excavations at Giza VI, Port 1 p.
٢٣٣  راجع: Boreux Guide. Catalogue Vol I pp. 109-110.
٢٣٤  راجع: Champ. Mon. p. 120 & Roselini. Mon. Religious Del culto.
٢٣٥  راجع: Champ. Mon, p. 106.
٢٣٦  راجع: Roselini Ibid p. 33, 2.
٢٣٧  راجع: L. D. III, 218 a and A. Z. XI, p. 12.
٢٣٨  راجع: L. D. IV, 23, 6, 8; Brugsch Hist. II, 144 & L. D. IV, 277.
٢٣٩  راجع: L. D. III, 47 a.
٢٤٠  راجع: Spiegelberg. Rec. Trav, 68, 69. From Pap. Turin 44, 18 f.
٢٤١  راجع: Brugsch, Thesaurus V, 1129. L. D. Text IV, 49, Champ. Notices I, 271.
٢٤٢  راجع: Struve, V: Ort der Herkunft und Zweck des Papyrus Harris in Agyptus 7 (1926) p. 3 ff.
٢٤٣  راجع: Ed. Meyer Gesch. II, 1 p. 600.
٢٤٤  راجع: J. E. A. 23 p. 152 ff.
٢٤٥  راجع: Br. A. R. VI, § 541.
٢٤٦  هؤلاء الرجال الثلاثة كانوا أعضاء في المحاكمة.
٢٤٧  ليس من المؤكد إذا كانت هذه الملاحظة تشير إلى خيبة كل المؤامرة، أو إلى الجزء الذي قام به هذا الرجل، وتدل شواهد الأحوال على أن المراد هنا أن كشف جزء من المؤامرة معناه فضيحتها كلها.
٢٤٨  راجع: Petrie. Abydos II, pl. XXXV, (8) cf. pp. 19, 36.
٢٤٩  راجع: Brussels Musées Royaux du Cinquantenaire. E 584, Capart, Les Antiquitis Egyptiennes p. 58, fig. 8; Cortouches; speleers. Rec. Des Insc. Egyp. 68 (280).
٢٥٠  راجع: L. D. III, 207 G.
٢٥١  راجع: Ibid 224 a.
٢٥٢  راجع: J. E. A. XIV, p. 157.
٢٥٣  راجع: Baedeker, Egypt (1928) p. 343-4.
٢٥٤  راجع: Weigall, Guide p. 288.
٢٥٥  راجع: J. E. A. Vol XIV p. 54.
٢٥٦  راجع: Petrie, Hist. III, p. 145.
٢٥٧  راجع: J. E. A. Vol XIV, p. 52–73.
٢٥٨  راجع: Chronique D’Egypte 21, Jan. 1936 p. 248.
٢٥٩  راجع: Viziere des Pharaone. Reichs (Arthur Weil) p. 112 ff.
٢٦٠  راجع: L. D. III, 206 d.
٢٦١  راجع: Papyrus. Turin, facsimiles par. F. Rossi de Turin et publies par, W. Plyte de Leide 47, 10 (Lyden 1869).
٢٦٢  راجع: Legrains. Cat. gen. No. 42159, 42160, 42161.
٢٦٣  راجع: Ibid No. 42160 texte d.
٢٦٤  راجع: Ibid No. 42161.
٢٦٥  راجع: Benson-Gourlay. The Temple of Mut p. 343.
٢٦٦  راجع: Lefebvre. Hist Grands Pretnes p. 135.
٢٦٧  راجع: Legrains, Ibid No. 42160, texte, e and 42161 texte, b.
٢٦٨  راجع: Lonet. Rec. Trav. IV, 1883 p. 103.
٢٦٩  راجع: Revue Archilologique V, 1862, p. 370.
٢٧٠  راجع: L. D. III, 275 a.
٢٧١  راجع: Lefebvre Ibid p. 173.
٢٧٢  راجع: Wresz I, 350.
٢٧٣  راجع: Ibid I, 349.
٢٧٤  راجع: Porter and Moss V, p. 208.
٢٧٥  راجع: Mariette, Abydos II, pl. 52.
٢٧٦  راجع: Petrie and Quibell, Naqada and Ballas pl. LXXIX, p. 70.
٢٧٧  راجع: Petrie, History III, p. 165.
٢٧٨  راجع: Petrie, Ibid p. 165.
٢٧٩  راجع: Maspero, Guide p, 160.
٢٨٠  راجع: Rec. Trav, XXV, p. 35.
٢٨١  راجع: Cairo Ostracon, No. 25302, and Cerny en Bull Inst. Fr. d’Archeologie, Orientale, XXVII, p. 186.
٢٨٢  راجع: The Great Tomb Robberies of the XXth Dy p. 10.
٢٨٣  راجع: Rapport sur Les Fouilles de Dier el Medineh 1922-3 etc.
٢٨٤  راجع: Gardiner Ramesside Administrative Documents p. XIV–XVII, and pp. 45–58.
٢٨٥  راجع كذلك ما عمله «سيتي» لعماله الذين كانوا يذهبون لقطع الأحجار (مصر القديمة الجزء السادس).
٢٨٦  راجع: P. and R. pl. XLIII.
٢٨٧  راجع: J. E. A. Vol. XII, p. 257.
٢٨٨  راجع مصر القديمة الجزء السادس؛ حيث نجد الفرق بين عصري «سيتي الأوَّل» و«رعمسيس الثالث» من حيث المأكل والملبس ومعاملة العمال ورؤسائهم.
٢٨٩  راجع: P. R, 37, 2 ff.
٢٩٠  راجع: Chronique D’Egypte 21, Jan. 1936 p. 247.
٢٩١  راجع: The Temple of Sethos I, At Abydos Vol, I, and Vol, II, to pl. 27.
٢٩٢  راجع: Moret, Le ritual du culte divin Journalier en Egypte; Hieratisch Papyrus aus den Koniglichen museen zu Berlin, Band I, Rituel fur den Kultus des Amun und fur den Kultus der Mut.
٢٩٣  «با» اسم للكبش الذي كان يُعبد في «منديس» — تل الربع العالية.
٢٩٤  حقول في عالم الآخرة.
٢٩٥  راجع مصر القديمة الجزء الخامس.
٢٩٦  مصر القديمة الجزء السادس.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤