تمهيد

روابط الوحدة بين مصر والسودان منذ عصر ما قبل التاريخ

إن الموقف المجيد الذي وقفته مصر أخيرًا بجانب بلاد السودان لتحريرها من نير الاستعمار الإنجليزي يعد أمرًا طبعيًّا إذا ما وقف المرء على ما كان ولا يزال بين القطرين من الروابط السلالية والثقافية والدينية والاجتماعية التي تضرب بأعراقها إلى عهود ما قبل التاريخ، أي منذ حوالي خمسة آلاف سنة أو يزيد.

والواقع أن البحوث العلمية والكشوف الأثرية الحديثة قد دلت دلالة واضحة لا لبس فيها ولا إبهام على أن بلاد النوبة حتى الشلال الرابع كانت منذ عصر ما قبل التاريخ أمة واحدة من حيث السلالة والحياة الاجتماعية والمعتقدات الدينية. فقد أثبتت بحوث علماء علم الإنسان الذين فحصوا عن الجماجم البشرية في كلا القطرين أن كلًّا من المصري والسوداني ينسب إلى سلالة واحدة هي السلالة الحامِيَّة. وقد ظلت هذه السلالة نقية حتى عهد الأسرة الثامنة عشرة حوالي ١٥٨٠ق.م. وذلك عندما أخذت السلالة الزنجية الجنوبية تختلط بالسلالة الحامِيَّة في الشمال بعض الشيء. كما دلت أحدث الكشوف التي عملت عندما أقيم الخزان عام ١٩٠٢ وعندما بدأت التعلية الأولى حوالي عام ١٩٠٧ على أن الحياة في كل من بلاد النوبة ومصر كانت موحدة في عصور ما قبل التاريخ، فقد وجد أن محتويات القبور وأشكالها في كلا البلدين من حيث الأواني المنزلية والمأكل والملبس وعادات الدفن واحدة وليس هناك أية فروق قط. وقد ظلت الأحوال على هذا المنوال حتى جاء عهد الملك مينا (حوالي ٣٢٠٠ق.م.) وكان على يده توحيد بلاد القطر المصري وسار بقطره الموحد قدمًا نحو العلا، وهنا يلحظ للمرة الأولى من الآثار أن بلاد النوبة قد تخلفت عن ركب الحضارة المصرية فترة من الزمن، غير أنه لم يمض طويل زمن حتى أخذت مصر تستعيد علاقتها بالقطر الشقيق بلاد النوبة، وقد ظهرت بوادر هذه العلاقة ثانية منذ عهد الأسرة الثانية. فقد وجدت في مقابر بلاد النوبة من هذا العهد أشياء مصنوعة في مصر، كما وجدت في المقابر المصرية أدوات مصنوعة من مواد لا تأتي إلا من بلاد النوبة كالأبنوس والعاج، وهذا يدل على تبادل التجارة بين القطرين. وكان أول ملك مصري سار بحملة منظمة إلى بلاد النوبة هو الفرعون «سنفرو» أول ملوك الأسرة الرابعة وقد عاد منها بمغانم كثيرة. ومنذ ذلك العهد بدأت العلاقة بين القطرين تأخذ مظهرًا جديدًا، إذ بدأ المصريون يرسلون سلعهم دون عائق إلى الجنوب، كما أخذ ملوك مصر يستغلون محاجر الديوريت التي تقع في الصحراء على مسافة ٨٥ كيلو مترًا من بلدة «توشكى» الحالية.

وتدل شواهد الأحوال على أن الحدود الجنوبية في عهد الدولة القديمة (من حوالي عام ٣٢٠٠–٢٤٢٠ق.م.) كانت عند بلدة إلفنتين (أسوان الحالية). وقد عين لها حاكم خاص. والظاهر أن بلاد النوبة في تلك الفترة كان يحكمها عدة أمراء مستقلين، غير أن علاقتهم بمصر كانت على أحسن ما يكون من الود والمصافاة، يدل على ذلك استمرار قيام التجارة بين البلدين بلا انقطاع، فكانت مصر ترسل مقادير عظيمة من الحبوب إلى بلاد النوبة التي تقتصر الزراعة فيها على الأماكن الخصبة، كما كانت بلاد النوبة بدورها ترسل إلى مصر مقابل ذلك البخور والأبنوس والزيوت وسن الفيل والذهب وغير ذلك مما كانت تنتجه هذه البلاد في ذلك العهد. ولا غرابة إذن في أن نرى ملوك الأسرة السادسة المصريين قد أخذوا يهتمون ببلاد النوبة ومنتجاتها فأرسلوا إليها البعوث العدة لارتياد مجاهلها والكشف عن خيراتها، ونخص بالذكر من هذه البعوث تلك التي قام بها الكاشف العظيم «حرخوف» الذي يعد أول كاشف لمجاهل أفريقيا. والظاهر أنه أوغل في الجهات الجنوبية إلى مسافات بعيدة حتى أنه أحضر قزمًا إلى مليكه الفتى الفرعون بيبي الثاني ليرفه عنه وليقوم برقصات دينية خاصة تُؤَدَّى عند تأدية الشعائر. هذا وتدل الوثائق على أن «حرخوف» هذا قد تحالف مع الأمراء الذين كانوا يحكمون الأقاليم التي ارتادها. ويعد هذا أول حلف عقد بين مصر وشقيقتها بلاد النوبة. وتدل الوثائق على أن ملوك الأسرة السادسة قد أرسلوا القائد «وني» لقطع أحجار الجرانيت من المحاجر الواقعة وراء الحدود المصرية ولقطع الأشجار لبناء السفن التي كانت تصنع في بلاد النوبة نفسها وتشحن فيها الأحجار اللازمة. وقد أسهم في ذلك أمراء بلاد النوبة عن طيب خاطر، وحضروا إلى الشلال الأوَّل ليقدموا ولاءهم للفرعون «بيبي» الأوَّل عندما زار هذه المنطقة، وفضلًا عن ذلك تُحَدِّثُنَا النقوش أن جيش القائد «وني» هذا كان يضم بين جنوده فرقة من الجنود النوبيين وقد ناضلوا معه لصدِّ قبائل البدو المجاورة للحدود. ومما يطيب ذكره هنا أن هؤلاء الجنود النوبيين كانوا قد وفدوا إلى مصر وانضموا إلى الجيش المصري من تلقاء أنفسهم طلبًا للرزق، وقد ظلوا منذ ذلك العهد يفِدون إلى مصر ويخدمون في الجيش المصري حتى الآن، وهم الذين يعرفون الآن باسم الهجانة.

وتدل الظواهر على أن الحدود المصرية قد امتدت حتى وصلت إلى الشلال الثاني في عهد الملك «بيبي الثاني» غير أنه في أواخر حكمه أخذ شمل البلاد المصرية يتفوق وتمزقت البلاد وأصبحت إقطاعات مستقلة؛ ومن ثَمَّ انقطعت العلاقات بين مصر وبلاد النوبة فترة وجيزة كانت فيها مصر مسرحًا للفتن والغزو الأسيوي، في حين أخذت بلاد النوبة تفيق من رقدتها وتخطو نحو الرقي، فكانت لها ثقافة خاصة إذ هبط عليها من الجنوب قوم من أهل السودان يقال إنهم وفدوا من جهة النيل الأزرق وعطبرة وتخطَّوْا في زحفهم أسوان وقد كوَّنوا لأنفسهم حضارة خاصة بهم يدل على مقدار نموِّها ما تركوه في مقابرهم من الآثار التي تختلف اختلافا بيِّنًا عن آثار بلاد النوبة في العصور السابقة، وهذه الثقافة رمز لها عند رجال الآثار بحرف «س» (C). وقد ظلت هذه الثقافة مزدهرة منذ العهد المتوسط الأوَّل، أي بعد الأسرة السادسة، حتى أوائل الأسرة الثانية عشرة عندما غزت مصر بلاد النوبة كَرَّةً أخرى.

والواقع أن العلاقات بين مصر وبلاد النوبة كانت غامضة وقتئذٍ ويقال إن قومًا من النوبيين غَزَوْا مصر نفسها، وقد ظلت الحال مبهمة في مصر حتى أخذت تنتعش ثانية من سباتها العميق، وتفيق من الثورات الاجتماعية التي مزقتها كل ممزق والتي أثارتها الحروب بين شمال مصر وجنوبها، وكان يقوم فيها الجنود النوبيون بدور الجنود المرتزقين.

ولما وُحِّدت البلاد ثانية في عهد الأسرة الحادية عشرة حوالي ٢١٤٠ق.م. أخذ ملوكها يعملون على إعادة علاقتهم ببلاد النوبة مرة أخرى.

وفي خلال الأسرة الثانية عشرة بدأت صفحة جديدة بين ملوك مصر وبلاد النوبة التي أصبحت منذ تلك الفترة مقسمة قسمين مميزين: الأول من أسوان حتى الشلال الثاني ويُسَمَّى إقليم واوات، والآخر من الشلال الثاني حتى مشارف الشلال الرابع ويُدْعَى بلاد كوش، أي السودان. وتدل شواهد الأحوال على أن أم «أمنمحات الأول» مؤسس الأسرة الثانية عشرة، وموحد البلاد المصرية، كانت من أصل نوبي، ومن أجل هذا وجه عنايته بصورة خاصة إلى بلاد الجنوب وعمل على ضمها لمصر. والواقع أن الولايات الصغيرة المستقلة التي كانت تتألف منها بلاد النوبة وقتئذٍ أخذ أهلها يهددون الطرق التجارية التي بين مصر وبلاد النوبة بالسلب والنهب، وقد شجع على ذلك عدم اكتراث أمراء هذه البلاد بمصر فرأى أمنمحات الأول لكي يؤمِّن تجارة مصر مع الجنوب أن يفتح هذه البلاد ويضمها لتاج مصر فقام بحملة على بلاد كوش وفتحها وأمَّن طرق المواصلات بعض الشيء، وفي عهد أخلافه أقيمت المعاقل المزودة بالجنود في طول بلاد النوبة وعرضها، كما أُسِّسَ مستودع تجاري في بلدة «كرمة» القريبة من دنقلة وعُيِّنَ فيها حاكم خاص من عظماء رجالات مصر وقتئذٍ وهو «حبزافي» الذي لا يزال قبره قائمًا في جبل أسيوط حتى الآن، ويعد أكبر قبر عرف لأمير في الدولة الوسطى، هذا وقد أرسل ملوك مصر إلى كرمة الصناع وأصحاب الحرف فأنشئوا صناعات وثقافة جديدة تعد خليطًا من الثقافة المصرية والثقافة النوبية لتلائم أحوال البلاد.

وقد ازدهرت هذه الثقافة ونمت في كرمة حتى أصبحت هذه البلدة مركزًا هامًّا للتجارة بين الشمال والجنوب. والواقع أن أهل كوش قد تعلموا من المصريين صناعاتهم وحرفهم ومزجوها بحضارتهم وألفوا منها حضارة عظيمة تُدْعَى ثقافة كرمة. وقد أرسل «سنوسرت الأول» ابن «أمنمحات الأول» بعض الحملات لإخضاع القبائل المغيرة الخارجة عن النظام في تلك البلاد وبذلك وطد أركان ملكه في كل البلاد الجنوبية حتى الشلال الثاني الذي كان يعده الحد الفاصل الطبعي للبلاد المصرية، ومنذ ذلك العهد أخذت مصر تفيد من تجارتها مع بلاد «واوات» وكوش وبخاصة من تثمير مناجم الذهب التي أصبحت منذ ذلك العهد موردًا يفيض بالثروة على ملوك مصر، وقد ظل الأمن مستتبًّا والسلام سائدًا في ربوع بلاد النوبة وكوش حتى عهد الملك سنوسرت الثالث إذ نقض بعض القبائل النوبية العهود في زمنه وهددوا التجارة فسار إليهم بجيش من المصريين وقضى على الفتنة في مكمنها، ولم يلبث أهل كوش أن أخلدوا إلى السكينة وساد السلام بين البلدين وجعل «سنوسرت» الثالث الحد الفاصل بين ممتلكاته الأصلية وبين بلاد كوش الشلال الثاني عند قلعتي «سمنة» «وقمة» اللتين أقامهما لذلك وفي هذه البقعة تقع بلدة «صرص» التي تعد حدًّا فاصلًا بين مصر والسودان، ونصب «سنوسرت» هناك لوحته المشهورة التي يتحدث فيها للمصريين عن الكفاح عن الوطن والمحافظة على حدود البلاد فاستمِعْ إليه وهو يقول: «لقد جعلت تخوم بلادي أبعد مما وصل إليه أجدادي، ولقد زدت في مساحة بلادي على ما ورثته، وإني ملك يقول وينفذ، وما يختلج في صدري تفعله يدي، وإني طموح إلى السيطرة وقوى لأحرز الفوز، ولست بالرجل الذي يرضى لُبُّهُ بالتقاعس عندما يُعْتَدَى عليه، أهاجم من يهاجمني حسبما تقتضيه الأحوال، وإن الرجل الذي يركن إلى الدعة بعد الهجوم عليه يقوي قلب العدو. والشجاعة هي مضاء العزيمة، والجبن هو التخاذل، وإن من يرتد وهو على الحدود جبان حقًّا، ولما كان الأسود يحكم بكلمة تخرج من الفم، فإن الجواب الحاسم يردعه، وعندما يكون الإنسان ماضي العزيمة في وجه العدو فإنه يولي الأدبار، أما إذا تخاذل أمامه فإنه يأخذ في مهاجمته». ثم يقول: «وكل ولد أنجبه ويحافظ على هذه الحدود التي وصل إليها جلالتي يكون ابني وولد جلالتي، أما من يَتَخَلَّى عنها ولا يحارب دفاعًا عن سلامتها فليس ابني ولم يولد من ظهري، والآن تأمل فإن جلالتي قد أمر بإقامة تمثال لي عند هذه الحدود التي وصل إليها جلالتي حتى تنبعث فيكم الشجاعة من أجلها فتحاربوا للمحافظة عليها».

وقد كان لسنوسرت الثالث منزلة عظيمة في نفوس المصريين بعامة، وفي نفوس الكوشيين بخاصة، حتى أنه أصبح مُؤَلَّهًا عند الكوشيين كما صار يعد ضمن آلهتهم في كل أزمان التاريخ القديم، وفضلًا عن ذلك كان موضع تقديس عند الملوك المصريين المحاربين العظماء الذين أتوا بعده أمثال تحتمس الثالث و«تهرقا» الكوشي المنبت. ولا غرابة في ذلك فقد كان مثلهم الأعلى في فنون الحرب.

وبعد سقوط الدولة الوسطى حوالي عام ١٧٣٠ق.م. عادت مصر إلى فترة من الفوضى والانحلال فاحتلها الهكسوس نحو قرن ونصف قرن من الزمان، وتدل الوثائق التي في متناولنا على أن الهكسوس قد مدوا حكمهم إلى بلاد كوش حتى كرمة مدة من الزمن انسحبوا بعدها إلى مصر السفلى وانحصر سلطانهم في بلاد الدلتا. وتدل الكشوف الحديثة على أن بلاد النوبة كانت في عهد الهكسوس الأخير مستقلة، وبعبارة أخرى كان وادي النيل في تلك الفترة مقسمًا ثلاثة أقسام: فكان الملك «كاموسي» آخر ملوك الأسرة السابعة عشرة يحكم مصر الوسطى ومصر العليا، وكان يحكم بلاد النوبة في الجنوب حاكم مستقل، أما الدلتا فكانت في قبضة الهكسوس. والظاهر أن الكوشيين لم يكونوا معادين للمصريين إذ وُجِدَ في جيش التحرير الذي قام على رأسه «كاموسي» لطرد الهكسوس جنود من الكوشيين، ومن ثَمَّ نجد أن الصلات بين البلدين كانت متصلة، والظاهر أن حاكم بلاد النوبة لم يصغ إلى إغراء الهكسوس عندما طلبوا إليه التحالف على «كاموسي» الذي أراد أن يخلص البلاد جملة من حكم الهكسوس الطغاة، بل كان ضالعًا مع ملك طيبة كاموسي.

وقد تم طرد الهكسوس وإجلاؤهم عن البلاد كلية على يد الفاتح العظيم «أحمس الأوَّل» مؤسس الأسرة الثامنة عشرة حوالي عام ١٥٨٠ق.م. وقد حدث في خلال حرب «أحمس» مع الهكسوس أن انتقض عليه بعض الأمراء من بلاد كوش وزحفوا على البلاد المصرية فلحق بهم أحمس وهزمهم وأخذ بعد ذلك في بسط سلطانه على بلادهم، غير أن المناوشات كانت بين ملوك مصر وبعض الأمراء النوبيين قد استمرت حتى عهد الملك تحتمس الأول، وهو الذي هدأ الأحوال تمامًا في بلاد النوبة وقسمها خمسة أقسام على رأس كل قسم منها أمير وطني من النوبيين.

وكانت فتوحاته قد امتدت في الجنوب حتى الشلال الرابع الذي أصبح الحد الفاصل بين مصر والقبائل المجاورة من السود. وقد ظلت هذه الحدود موضع عناية الفراعنة حتى نهاية الأسرة الثانية والعشرين، وقد غمضت الصلات بعدها بين القطرين حتى ظهرت في صورة جديدة في عهد الأسرة الخامسة والعشرين حوالي ٧٥٠ق.م. أي عندما انتهز الكوشيون الفوضى السائدة في البلاد المصرية وغزوها واستولوا عليها ولقبوا أنفسهم فراعنة مصر.

ولا نزاع في أن بلاد كوش (أو السودان) كانت موضع عناية فراعنة مصر ورعايتهم في عهد الدولة الحديثة المصرية (١٥٨٠–١١٠٠ق.م.) فقد كان حاكم بلاد كوش في أول الأمر ابن الملك فعلًا، ثم أخذ هذا اللقب يطلق على كل حاكم يتولى شئون هذه البلاد، فكان يُسَمَّى «ابن الملك صاحب كوش». وقد كان نفوذه يمتد من المقاطعة الثالثة من مقاطعات الوجه القبلي حتى الشلال الرابع، أي من بلدة «إدفو» حتى مدينة «نباتا»، وهذا يدل دلالة واضحة على أنه لم يكن هناك أية فروق بين البلاد المصرية والبلاد الكوشية في نوع الحكم، بل كان المصري والنوبي سواسية في المعاملة، وذلك لأن ملوك مصر كانوا يَعتبرون الحد النهائي للبلاد المصرية من جهة الجنوب هو الشلال الرابع.

وقد كان نائب الملك بوصفه أعلى موظف في بلاد كوش هو المسئول قبل كل فرد عن توريد جزية إقليم بلاد النوبة. وهذه الجزية كان يتوقف عليها عظمة الفرعون وسلطانه ونفوذه، وكانت تعد أكبر مصدر للخزانة المصرية وبخاصة الذهب. ولا نزاع في أن هذه الجزية كانت تتطلب إدارة حازمة من ابن الملك حاكم كوش، وعلى الرغم من ذلك لم نجد من بين أبناء الملك الذين تولوا هذا المنصب الخطير من كان صاحب قدرة ممتازة في الإدارة، إذ كان كثير منهم يشغل وظائف خاصة في القصر الملكي مثل مدير الإصطبل الملكي أو سائق عربة الفرعون، وهذا يدل دلالة واضحة على أن ابن الملك صاحب كوش كان ينتخب من المقربين لدى الفرعون، وذلك ليوثق العلاقة بين بلاد كوش وبين الأسرة المالكة. وتدل الوثائق التي لدينا على أنه كان حرًّا في وظيفته وأنه لم يكن مسئولًا أمام أحد غير الفرعون.

وعندما كانت جزية بلاد النوبة تحمل إلى مصر بوساطة موظف آخر يراقب توريدها للخزانة فلا يعني ذلك بأية حال أن نائب الملك كان تحت إدارة هذا الموظف أو أنه كان مسئولًا أمامه، فقد كان ابن الملك هو المسئول الوحيد أمام الملك وحسب. وتدل النقوش على أن هذه الجزية كانت تقدم للفرعون عادة في حفل عظيم يستعرض فيه كل مواد الجزية.

وكانت حكومة ابن الملك صاحب كوش تشمل طائفة من الموظفين استطاع بمعونتهم تأدية مهامِّ وظيفته وتنفيذ سياسته على الوجه الأكمل. وأهم هؤلاء الموظفين قائد جيش الرماة في كوش، وكان يقود الجنود الذين في خدمة نائب الملك. وكان له كذلك وكيلان يقوم واحد منهما على إدارة بلاد «واوات» أما الآخر فكان يدير بلاد كوش. والمعروف وقتئذٍ أن إقليم واوات كان كما ذكرنا من قبل يمتد من أسوان حتى الشلال الثاني، والإقليم الآخر أي بلاد كوش، يمتد من الشلال الثاني حتى الشلال الرابع عند بلدة «كاراي» القريبة من «نباتا». وهذا آخر ما وصل إليه الفتح المصري على حسب المعلومات التي وصلت إلينا حتى الآن.

وكان يوجد فضلًا عن ثلاثة الموظفين الكبار الذين ذكرناهم هنا عدد عظيم من صغار الموظفين. وتدل الظواهر على إن الإدارة في هذه البلاد كانت تشبه كثيرًا في تأليفها الإدارة المصرية في تلك الفترة.

وعندما يريد الفرعون إنجاز عمل خاص في بلاد السودان يرسل رسولًا مجهزًا بسلطات خاصة منعًا من التصادم مع ولاة الأمور هناك، ومن ثَمَّ كان على الفرعون أن يزوده بخطاب من عنده لنائب كوش ليعاونه في قضاء مأموريته.

هذا وكان معظم رجال الإدارة في حكومة ابن الملك صاحب كوش من المصريين، كما كان من بينهم سودانيون قد تمصروا وتَسَمَّوْا بأسماء مصرية بحتة، ويلفت النظر أن بعض أبناء الملك حكام كوش كانوا من السودانيين أنفسهم، نذكر منهم على سبيل المثال ابن الملك «نحسي» (معنى كلمة نحسي الأسود) الذي كان يشغل هذه الوظيفة في عهد رعمسيس التاسع وهذا دليل على ما كان بين القطرين من حسن تفاهم وتقدير. على أنه من جهة أخرى كان يوجد بجانب نظام الوظائف هذه والإدارة الأمراء الكوشيون الذين كانوا يسكنون في بقاع مختلفة من بلاد كوش، وهؤلاء كانوا يقومون بتمثيل دورهم في حكم البلاد، فمثلًا في عهد الملك توت عنخ آمون شاهدنا كيف أن أمير «معام» (عنيبة الحالية) والأمراء الآخرين من «واوات» قد ظهروا على رأس أتباعهم في بلاط الفرعون يقدمون فروض الطاعة والولاء. والواقع أن الدور الذي كان يلعبه هؤلاء الأمراء لم يعرف بعدُ على وجه التأكيد، غير أن مجرد وجودهم يدل على أن المصري كان يحرص على العلاقة الودية بينه وبين هؤلاء الأمراء. والظاهر أن الأمير الذي كان يدين بالولاء للفرعون يبقى في إمارته على شرط أن يقدم ما عليه من جزية. ولا نزاع في أن هؤلاء الأمراء كانوا بطبيعة الحال تحت سلطان ابن الملك حاكم كوش ونائبيه فيراقبونهم مراقبة حازمة. ولما كان كل أمير منهم يسعى للحصول على استقلاله السياسي بقدر المستطاع، فإنهم من أجل ذلك كانوا يقومون بالثورات في عهد الدولة الحديثة، ولكن ملوك مصر قد استعملوا وقتئذٍ سياسة ماكرة لإخضاع الحكام الثائرين، وذلك أن الفرعون كان يحضر من غزواته أولاد الأمير وإخوته — كما حدث في عهد تحتمس الثالث — ويضعهم في مكان أمين، وعند موت الأمير كان يولي الفرعون ابنه أو أخاه الذي كان في مصر مكانه، وكان الفرعون ينشئ هؤلاء الأولاد أو الإخوة تنشئة مصرية خالصة حتى إذا ما عادوا إلى بلادهم عملوا على ما فيه خير مصر، ولكن هذه السياسية برهنت على فشلها في الأزمان القديمة، كما برهنت على خيبتها في الأزمان الحديثة عندما أراد الإنجليز تطبيقها في بلاد الهند. والواقع أن التعلم في مصر كان يقودهم إلى عكس ما ذهب إليه الفراعنة، ولكن من جهة أخرى نجد أن الفرعون كان يربي أطفال هؤلاء الأمراء مع أمراء البيت المالك، وكان كل واحد منهم يحمل لقب «غلام» (أو مملوك)، وكان هذا اللقب يبقى عالقًا بهم حتى وهم متقدمون في السن ومتقلدون أعظم وظائف الدولة. وقد وجدنا أن أحد أبناء الملك صاحب كوش وهو المسمى «وسرساتت» كان يلقب بالمملوك أو الغلام، وكان على ما يظهر نوبي الأصل، ومع ذلك نجد أنه قد تولى منصبًا من أعظم مناصب الدولة في عهد أمنحتب الثاني أي منصب ابن الملك صاحب كوش. وتدل النقوش التي في متناولنا الآن على أن هذا الحاكم كان صديقًا حميمًا للفرعون أمنحتب الثاني وأنه كان يرغب في محاباة صغار الموظفين من أهل كوش ووضعهم في المناصب العالية، وقد أرسل إليه الفرعون أمنحتب رسالة شخصية تعد إلى الآن الأولى من نوعها يذكره فيها بالحملات التي قاما بها سويًّا في بلاد آسيا وما غنمه «وسرساتت» من غنائم وما جلبه معه من جوارٍ وخادمات، وكذلك حذره أمنحتب في هذا الخطاب أن يستخدم صغار النوبيين في الوظائف الكبيرة إلا عند الضرورة القصوى.

ولا نزاع في أن تنشئة أولاد الأمراء الكوشيين في البلاط المصري مع من سيكونون رؤساءهم تدل على أن المصري لم يسلك مع أهل كوش مسلك سياسة الاستغلال والسلب والنهب بل كانت سياسة مهادنة ووئام. والواقع أن المصري لم يحاول قط أن يقضي على شخصية الكوشي إذ لم نجد أي فرعون أَجْلَى أسرة من أسر الأمراء الوطنيين عن موطنها الأصلي، مع أن ذلك كان من الأمور السهلة الهينة لدى الفراعنة؛ وقد كان من نتائج هذه السياسة المنطوية على التسامح أن وجدنا سكان بلاد كوش قد خطوا خطوات واسعة نحو التمصير، ولذلك كان معظم الموظفين الإداريين في كل مرافق الحكومة من أهل البلاد. والواقع أن المصري كان يكره الاغتراب ومن أجل ذلك كان لا يحب الهجرة إلى بلاد كوش، ومن ثَمَّ كان المصريون حتى كبار الموظفين منهم، لا يرغبون في أن يدفنوا في بلاد غير مصر، فكان الموظف بعد انتهاء مدة حكمه يعود ليدفن في موطنه الأصلي.

وعلى الرغم من يقظة حكام بلاد كوش وما كان بين القطرين من حسن تفاهم أقام الفراعنة بالقرب من النيل عدة حصون في بلاد النوبة في عهد الدولة الحديثة لحماية التجارة من غارات بدو الصحراء الذين حاربهم فراعنة الدولة الحديثة وأخضعوهم في عهد تحتمس الأول وتحتمس الثالث ورعمسيس الثاني وغيرهم.

والديانة التي سادت بلاد كوش في عهد الدولة الحديثة هي الديانة المصرية القديمة، ويدل على ما كان بين القطرين من ارتباط ديني وثيق أن بعض الآلهة الذين كانوا في الأصل آلهة كوشيين قد أصبحوا يعبدون في مصر أيضًا؛ فالإله «ددون» الذي كان معبودًا كوشيًّا أصبح يعبد في مصر كذلك منذ عهد الدولة القديمة، فأصبحت الديانة في كل من مصر وكوش ديانة مشتركة كما هي الحال الآن. والواقع أنه لم يكن هناك إله يعبد في مصر إلا كان يعبد في بلاد كوش، ومن ثَمَّ نرى أن الوحدة بين البلدين كانت تامة من نواحي السلالة والدين واللغة جميعًا.

وقد ساعد على توحيد الديانة في البلدين ما كان بينهما من اختلاط كبير، فقد كان النوبي منذ أقدم العهود ينزح إلى مصر ويعمل كادحًا بطرق مختلفة، على أن هذا النزوح وإن كان محدودًا في بادئ الأمر، غير أنه أخذ يعظم شيئًا فشيئًا حتى بلغ درجة عظيمة في نهاية الدولة الحديثة، إذ كان السودانيون يتدفقون على مصر ويعمل الرجال منهم في زرع الأرض وغسل الذهب، أما النساء فكُنَّ يعملن في الغزل والنسج وغير ذلك من الأمور المنزلية. يضاف إلى ذلك أن الفرعون كان يصطفي من النوبيين أفرادًا لخدمته الخاصة لا يلبثون أن يتقلدوا وظائف عالية في مرافق الدولة. وأكثر ما يستخدم فيه النوبي الجندية والشرطة، ويرجع تاريخ ذلك إلى أواخر عهد الدولة القديمة. فقد كان ينخرط بوجه عام في فرق الرماة، كما كان يستعمل جنديًّا يحمل الدرع ويسوق العربة، ولم يكن بينه وبين المصري في غالب الأحيان في عهد الدولة الحديثة أي فرق في الملبس، وكان رئيس الشرطة من الكوشيين أنفسهم، هذا إلى أنه قد اندمج في الجيش المصري فرقة كوشية كاملة لها من الحقوق ما للفرق المصرية تقريبًا.

وكانت تحتل المرأة النوبية في تلك الفترة أحيانًا مكانة عظيمة عند عظماء القوم، كما تدل على ذلك نقوش بعض المقابر التي وصلت إلينا من عهد الأسرة الثامنة عشرة.

كما تدل النقوش على أن بلاد كوش كانت تلعب دورًا هامًّا في سياسة مصر الداخلية في عهد الدولة الحديثة فقد حدث في عهد الأسرة التاسعة عشرة أنه بعد موت الفرعون مرنبتاح بن رعمسيس الثاني خلفه سلسلة من الملوك الذين اغتصبوا عرش البلاد دون حق شرعي، وقد ظهرت بلاد كوش في ذلك العهد بوصفها عاملًا قويًّا في سياسة البلاد الداخلية بسبب ما حيك فيها من دسائس تدور حول تولى عرش مصر.

فنجد وقتئذ أن الملك «رعمسيس سبتاح» قد قام بنفسه برحلة إلى بلاد النوبة لينصب ابن الملك حاكم كوش بنفسه في وظيفته، غير أنه على ما يظهر لم يذهب في سفره إلى أكثر من «بهين» (وادي حلفة الحالية)، وهذا أمر لم يسبق له مثيل ويدل دلالة واضحة على ما كان لابن الملك نائب كوش، ولبلاد كوش نفسها من أهمة بالغة عند الفراعنة، فضلًا عن ذلك نعرف من جهة أخرى أن أحد أبناء الملك أصحاب كوش قد اعتلى عرش ملك مصر في هذه الفترة مما يدل على قوة بلاد كوش في توجيه سياسة الدولة الداخلية. ولدينا برهان قاطع على صدق هذا الرأي فقد دبرت في أواخر عهد الملك رعمسيس الثالث مؤامرة على قتله، دبرتها إحدى حظيات هذا الملك رغبة منها في أن تجعل ابنها الوارث للعرش بدلًا من ابن رعمسيس الشرعي الذي تولى الحكم فيما بعد باسم رعمسيس الرابع؛ والدور الذي لعبته بلاد كوش في هذه المؤامرة أن قائد الرماة هناك كانت له أخت في خدر رعمسيس الثالث وكانت في جانب المتآمرين على قتل الفرعون وكان المتفق عليه هو أنه إذا نجحت المؤامرة انضمت كوش للمغتصب للعرش وأعلنت الولاء له، غير أن المؤامرة قد كشف أمرها في النهاية على الرغم من أن الفرعون قد توفي بعد الاعتداء عليه بزمن قصير جدًّا.

وقد ظل الفراعنة في عهد الدولة الحديثة يهتمون بأمر السودان وأهله لدرجة أن «بانحسي» النوبي قد عين في عهد الملك رعمسيس الحادي عشر في وظيفة «ابن ملك» إرضاءً لأهل كوش، وقد لعب هذا النائب دورًا عظيمًا في حرب التحرير أو بعبارة أخرى، عصر النهضة التي قامت في مصر في تلك الفترة لإصلاح ما أفسده الفراعنة الضعفاء.

والواقع أن الذي كان يتولى وظيفة ابن الملك حاكم كوش في تلك الفترة الأخيرة من تاريخ الدولة الحديثة كان في يده سلطان عظيم، ولذلك فإن «حريحور» عندما عين كاهنًا أكبر للبلاد وقائدًا للجيش ضم إليه وظيفة ابن الملك صاحب كوش وبذلك أمكنه بعد موت رعمسيس الحادي عشر أن يقفز إلى عرش الملك بيسر وسهولة وقد سلم لابنه بيعنخي هذه الوظيفة بعد إعلان نفسه فرعونًا على مصر، فكان بذلك آخر من قبض على زمام الأمور في بلاد كوش، ولم يتولَّ هذه الوظيفة بعد «بيعنخي» هذا إلا امرأة تُدْعَى «نسخنسو» وهي زوج الفرعون «بينوزم الثاني» أحد ملوك الأسرة الواحدة والعشرين، والظاهر أنه كان لقبًا فخريًّا إشباعًا لرغبة هذه الأميرة، ومنذ الانقلاب السياسي الذي حدث في أواخر الأسرة العشرين اعتنقت سياسة جديدة أصبحت بمقتضاها الإدارات الهامة متجمعة في يد الوارث للعرش بما في ذلك وظيفة ابن الملك صاحب كوش. وقد كان ذلك هو الحل المنطقي الوحيد لمجابهة المصاعب الداخلية التي سببتها دسائس طبقة الموظفين البيروقراطية وطبقة الكهنة الأغنياء في حكومة كل ميولها مع الحكم الديني. وقد كان هذا المبدأ سليمًا لدرجة أن ملوك الأسرة الثانية والعشرين التي أسسها «شيشنق» اللوبي الأصل قد استمروا في نفس السياسة التي أصبحت سياسة تقليدية وهي تهيئة أمراء البيت المالك المصري ليكونوا على رأس الإدارات الحكومية في مصر والسودان. غير أنه قد لوحظ عدم استعمال لقب ابن الملك صاحب كوش، ولكن ذلك لا يعني أن إدارة حكومة كوش لم تكن في يد أكبر أولاد حكام طيبة. ومن البدهي أن لقب ابن الملك صاحب كوش في نظر أي واحد من هؤلاء الملوك الذين كانوا فعلًا أولاد ملوك لم يكن له قيمة في نظره بجانب ولاية العهد وقيادة الجيش والكهانة العظمى التي يشغلها. وهكذا نرى مما سبق أن وظيفة ابن الملك حاكم كوش التي استمرت نحو أربعة قرون ونصف القرن، أي حتى حوالي عام ١١٠٠ ق.م، قد كانت همزة الوصل بين القطرين ولعب حاملوها دورًا هامًّا في توثيق عُرَى الوحدة السياسية والدينية والاجتماعية بين شَمَالِيِّ الوادي وجنوبه.

وأخيرًا يلحظ أن العلاقات بين كوش ومصر منذ عام ١١٠٠ إلى ٧٥٠ق.م. كانت غامضة. وكل ما نعلمه عن هذه الفترة لا يخرج عن الحدس والتخمين؛ ولكن المؤكد هو أنه كان هناك اتصال روحي بين البلدين، ولا أدل على ذلك من أنه عندما تحدثنا الآثار فجأة عن ملك كوشي يُدْعَى «كشتا» قد تولى عرش الملك في طيبة وحكم الوجه القبلي، نلحظ أنه كان يعتنق مذهب ديانة الإله آمون وهي الديانة التي كانت سائدة في مصر في تلك الفترة، وبذلك لم يجد صعوبة في جذب الشعب المصري إليه واستمالته، وقد دلت البحوث الحديثة على أن «كشتا» هذا هو مؤسس الأسرة الخامسة والعشرين في مصر، وأنه قد هبط إلى مصر من «نباتا» عاصمة ملكه الواقعة عند الشلال الرابع. وقد كشفت حديثًا جبَّانة ملوك الأسرة الخامسة والعشرين هذه في «الكورو» القريبة من نباتا، وبذلك ظهرت أمامنا صفحة كانت غامضة عن ملوك هذه الأسرة حتى زمن قريب جدًّا. وهذه الأسرة الكوشية كانت معاصرة للأسرة الثالثة والعشرين المصرية التي كان مقرها في الوجه البحري. وسنترك الكلام عن الأسرة الكوشية وحكمها لمصر جملة إلى الجزء التالي من هذه الموسوعة إن شاء الله.

•••

وإني أتقدم هنا بعظيم شكري لصديقي الأستاذ محمد النجار المفتش بوزارة التربية والتعليم لما قام به من مراجعة أصول هذا الكتاب وقراءة تجاربه بعناية بالغة. كما أتقدم بوافر الشكر إلى السيد محمد زكي خليل مدير مطبعة جامعة القاهرة ومعاونيه لما بذلوه من جهد مشكور وعناية ملحوظة في إخراج هذا الكتاب.

وكذلك أقدم عظيم شكري للسيد أحمد عزت بجامعة إبراهيم لما بذله من مجهود عظيم في قراءة التجارب وعمل فهرس الأعلام والمصادر الإفرنجية بكل دقة وعناية، وفي الختام أشكر السيد الأستاذ الشاطر بصيلي بمعهد السودان كل الشكر على ملاحظاته عن الأسماء النوبية وقراءة بعض التجارب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤